سياسات التدين الشعبي: الصوفيون والسلفيون والإخوان المسلمون في حماة القرن العشرين

29 أيار 2017
 
أصبح التصوف في القرن العشرين عرضةً للهجوم وبشكل متزايد في العديد من أجزاء العالم الإسلامي. فقد لعبت الحركات الصوفية دوراً بارزاً في عملية إحياء التقاليد الإسلامية، بالإضافة إلى مقاومتها الفعالة للاستعمار الأوروبي في فترات معينة. (1)
ولكن مع صعود الدولة وانتشار الفكر العقلاني الأوروبي أصبح التصوف متَّهماً بأنه السبب الأساسي لما سمي بانحسار فاعلية الإسلام وعقبة أمام التكيف. وقد ارتبط هذا الميل المعادي للتصوف في العالم العربي بالدعوة السلفية (الإصلاحية)، حيث تدعو السلفية للعودة إلى نموذج السلف الصالح، وتنكر التقاليد المعاصرة التي تصفها بأنها تعزز الخرافات الصوفية بالإضافة للركود العلمي والانحطاط السياسي (2). وتحت هذا الضغط وكاستجابة لاتساع التعليم وانحسار الأمية، اضطر التصوف لاستدخال أفكار جديدة وفسح المجال لأشكال تنظيمية جديدة؛ كالجمعيات الإسلامية الشعبية، وقد توِّجت هذه التطويرات بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين.
أولت الدراسات البحثية انتباهاً كبيراً لبروز الجمعيات الإسلامية في العالم العربي خلال النصف الأول من القرن العشرين، لا سيما في مصر وسوريا، كما لاحظت كيف جذبت هذه الجمعيات بشكل أساسي عامة الناس من المناطق الفقيرة في المدن والبلدات (3). ولكن نظراً لغلبة التصور القائم على وجود تناقض وانقسام بين الصوفية والسلفية، فشِلَ الباحثون في إدراك حقيقة مهمة، وهي أنه بالرغم من النقد الذي توجهه السلفية للتصوف، فإن علماء السلفية أنفسهم يمتلكون جذوراً في المساهمة في إحياء التقاليد الصوفية خلال القرون السابقة. (4) وبالإضافة إلى ذلك، تجاهل الباحثون بشكل خاص الاتصال التنظيمي بين الجمعيات الإسلامية الشعبية والطرق الصوفية، التي شكلت الروافع الرئيسية للتدين العمومي في العصور ما قبل الحديثة. وقد انعكست هذه الثغرات على النزوع نحو التركيز على المراكز الحضرية في القاهرة ودمشق، حيث كان التأثر بنمط الحياة الغربي أكبر، وذلك على حساب المدن الصغيرة على أطرافها، إذ حافظت البنى الاجتماعية والدينية على استمرارها بشكل أطول.
تسعى هذه المقالة لتعميق فهمنا للمسار الاجتماعي الديني لعملية "تعميم" الخطاب والتنظيم الإسلامي الحديث من خلال التركيز على نموذج "طرفي": مدينة حماة في سوريا. وهدفي من دراسة هذا النموذج هو إظهار طبيعة التحدي الذي فرضته السلفية على التوجه الصوفي خلال أواخر العصر العثماني، وتتبع مسار الصراع بين أبرز ممثليها خلال فترة الانتداب الفرنسي وحتى ذوبانه ضمن إطار جماعة الإخوان المسلمين بعد الاستقلال. وبشكل عام، تمت دراسة أفكار ونشاطات هؤلاء الرجال فيما يتعلق بالمراكز الحضرية الأساسية التي يتفاعلون معها، وفيما يخالف الأرضية الداخلية للتطور الاجتماعي للمدنية، والذي اتصف بعمليات إدماج لأعداد كبيرة ومتزايدة من السكان في العملية السياسية. وأجادل في هذه المقالة على أن الأنماط الدينية الجديدة التي انبثقت في حماة بعد عام ١٩٤٥ قد ساهمت بها الطريقة النقشبندية، وهي من أنشط الطرق الصوفية، وأن فشل جماعة الإخوان المسلمين في خلق حلول ملائمة للصراع الطبقي في المدينة وفي سوريا بشكل عام قد عجَّل من صعود نظام البعث الطائفي.
خدمت مدينة حماة، التي تقع في مركز السهول في سوريا، خلال فترة الحكم العثماني كنقطة استراحة على الطريق السلطاني الواصل بين الأناضول والحرمين الشريفين في الحجاز، بالإضافة إلى كونها مستودعاً للمحاصيل الزراعية التي تزود الحبوب لمواكب الحجاج المنطلقة من دمشق.(5) وبحكم اتصالها بمنطقة الشام في ١٧٢٥، كانت المدينة مندمجة بشكل كامل مع الحياة السياسية والثقافية المتركزة في دمشق بعد ١٨٦٥، حيث تتبع التنظيم الإداري الجديد الذي صيغ في أواخر الحكم العثماني (١٨٥٦-٧٦) والذي أعطى الحياة للمناطق المتوسعة في سوريا. كما تحسنت روابطها مع إسطنبول والقاهرة في تلك الفترة بسبب تطور وسائل النقل، والتي كانت جزءاً من عملية دمج الأراضي العثمانية بالسوق العالمية الواقعة الأوروبية.
كما هو الحال في باقي المدن السورية، كانت السلطة السياسية في حماة متركزة بيد أبرز العائلات السورية السنية الأرستقراطية التي تدمج الملكية الخاصة للأراضي الكبيرة مع البيروقراطية والنُظُم الدينية. (6) كانت مجموعة العائلات في حماة قليلة العدد، وتتألف من أربعة عائلات فقط: آل العظم والكيلاني، والتي أصبحت بحلول القرن الثامن عشر عائلات راسخة وبمواقع مؤثرة في دمشق، بالإضافة لعائلتي البرازي وطيفور، والتي التحقت بالعائلتين السابقتين مع بدايات القرن التاسع عشر. (7) في السنوات الأولى من القرن العشرين، استغلت العائلات الأرستقراطية الأدنى الفرص الجديدة للتعليم الحديث التي توفرت في المناطق الحضرية، وركزت بشكل خاص على تخصصات القانون والطب والتعليم، مما أهلها لتشكيل طبقة وسطى مهنية، وهي التي عبَّرت عن نفسها من خلال شعار العروبة. ومع توسع نظام التعليم الرسمي ووصوله لمدينة حماة خلال فترة الانتداب، وما صاحب ذلك من انتشار الصحافة، انتشر الوعي السياسي في الطبقات الحضرية الدنيا. (8) هذا التغير الاجتماعي، الذي تسارع بشكل كبير بعد تحقيق الاستقلال، اكتمل مع اندماج الريفيين من سكان المناطق الواسعة الواقعة على أطراف المدينة، والتي تتوجت بعد عام ١٩٦٣ تحت سيطرة النظام السلطوي الشعبوي لحزب البعث. (9)

التصوف في أواخر الدولة العثمانية
استقلَّ أفراد عائلة الكيلاني من بين العائلات الأرستقراطية الأربعة في أواخر الدولة العثمانية بتولي المواقع الدينية الأساسية في المدينة، حيث يعتبر الكيلاني أنفسهم من أحفاد مؤسس الطريقة القادرية عبد القادر الجيلاني، والذي يعود اسم العائلة إليه بعد تحوير بعض الأحرف، ويعود هذا النسب إلى النبي. وبناء على ذلك، أدار زعماء العائلة الزوايا القادرية المختلفة والمنتشرة في أرجاء مدينة حماة، وبالتالي عملوا كرعاة لسكان المدينة، في حين تولى آخرون مراكز دينية عليا في المدينة مثل القضاء والافتاء على الفقه الحنفي و"نقيب الأشراف". (10) ولأنهم نالوا مواقعهم عن طريق النسب بدلاً من المرتبة العلمية، اعتمد المفتون في عائلة الكيلاني – على الأقل منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر – على الخدمات التي قدمتها عائلة الدباغ، والتي عَمِلَ أعضاؤها كمساعدين لهم (أمين الفتوى) واعتبروا دائماً كأفضل علماء (شيخ العلماء) في المدينة. (11) ولكن مع تقهقر المؤسسة الدينية بعد صعود التعليم الرسمي والمحاكم العلمانية في سوريا بعد عام ١٨٦٠، التحق أفراد عائلة الكيلاني بعائلات العلماء النشطين في البلاد من أجل السعي لمراكز إدارية وسياسية أفضل ضمن الحكومة العثمانية الآخذة بالتوسع في الأرياف. (12)
وقبل نهاية القرن التاسع عشر، مثَّلت الطريقة الرفاعية تحدياً للسيادة الدينية لعائلة الكيلاني في حماة. فبسبب رفض السلطان عبد الحميد الثاني (١٨٧٦-١٩٠٩) للقيود التي فرضها رجال الدولة المتأثرين بالنموذج الغربي على السلطان، سعى السلطان عبد الحميد لتأكيد سلطته من خلال استحضار رمزيته كخليفة وباستخدام المشايخ الصوفية والعلماء المحافظين بشكل عام بغرض حشد المسلمين وراء سلطانه، وقد استطاع هؤلاء الرجال إثبات أهميتهم له داخل المحافظة الناشئة حديثاً في سوريا، حيث بدأت نواة الطبقة الوسطى هناك بتشكيل مشاعر الوطنية. الشخصية الأساسية التي استعملها السلطان في كلا جانبي سياساته الدينية كانت شخصية أبو الهدى الصيادي، أحد مشايخ الطريقة الرفاعية من قرية صغيرة قرب مدينة حماة، حيث جلبه السلطان عبد الحميد إلى إسطنبول وجعله من مقربيه. (13)
النزاع الذي نشب في البيت الصوفي في مدينة حماة كان في الواقع جزءاً من صراع أكبر أثاره أبو الهدى في الثمانينيات من إسطنبول ضد ممثلي الطريق القادرية (من أبناء المدينة) التي كان مركزها في بغداد. (14) خصص الشيخ السلفي (الإصلاحي) محمد رشيد رضا سلسلة من المقالات عن هذا الصراع في مجلته "المنار"، وزعم أن الخلاف اشتعل بعد مصاهرة أبو الهدى لعائلة الكيلاني في حماة، ومن الراجح أنه صاهر أحد الأفرع الفقيرة من العائلة، وهو ما أثار سخط باقي مشايخ الطريقة القادرية. (15) وفي المدينة ذاتها، ارتحل محمد الحريري (١٨٥٦-١٩١٢)، وهو نجل لعائلة محلية تدعي انتماءها لعائلة الرفاعي، إلى إسطنبول، حيث عيَّنه أبو الهدى كخليفة له. ومع عودته إلى حماة، تزعَّم الحريري عائلته وبدأ بالصعود بشكل متسارع في مناصب المؤسسة الدينية، وقد تم تعيينه في البداية كعضو في إدارة الأوقاف المحلية ثم ترأس وفداً متجها لإمام اليمن، وترشَّح الحريري عام ١٨٨٢ كنائب لنقيب الأشراف، وآخرها كان في عام ١٩٠٠. فبعد كتابته لمقال عن طريقة دعم أبو الهدى لحق السلطان عبد الحميد في الخلافة، تم تعينه في أعلى وأهم منصب وهو المفتي على المذهب الحنفي، (16)، ولكن استعاد الكيلاني المنصب عام ١٩٠٨ بعد ثورة تركيا الفتاة وسقوط أبو الهدى. (17)
فشلت الطريقة النقشبندية – وهي ثالث الطرق الصوفية في أواخر الدولة العثمانية في حماة – بتجذير نفسها بين المجتمع المحلي. أحد العناصر الأساسية في إحياء التقاليد الصوفية في القرون السابقة، خاصة من خلال فرعها "المجددي" في الهند، كانت بجهود الشيخ خالد الشهرزوري الذي جدد النقشبندية في الأراضي العثمانية مع بدايات القرن التاسع عشر. وباعتباره زعيم فرع هذه الطريقة، دعم الشيخ خالد خطط السلطان محمود الثاني (١٨٠٨-٣٩) التحديثية بشكل عام، وعلى وجه الخصوص تحركه الذي شنَّه على الجيش الإنكشاري الآيل للسقوط في عام ١٨٢٦. (18) أمضى الشيخ خالد آخر أربع سنين من حياته ١٨٢٣-٢٧ في دمشق، حفز فيها صحوة دينية كبيرة. أدخل نائبه الأساسي في سوريا محمد الخاني هذا الفرع إلى حماة عن طريق مندوبين محليين، آخرهم عاش حتى منتصف الستينات من القرن التاسع عشر. (19) وخلال فترة الحميديين وتركيا الفتاة نجد شيخاً نقشبندياً محلياً آخر هو الشيخ محمود الحامد (١٩١٦) الذي تعود سلسلته الروحية إلى مندوب آخر عن الشيخ خالد وهو الشيخ أحمد ابن سليمان الأروادي الطرابلسي. كان حامد معلماً بسيطاً في الكتَّاب ومسؤولاً عن حلقة صغيرة من الطلاب. ولم يترك بعد وفاته خلال الحرب العالمية الأولى أي وراثة لحفظ أبناءه ولا خليفة ليحفظ طريقته. (20)

صعود السلفية الحديثة
مثل المدن السورية الأخرى، برز الاتجاه السلفي في حماة خلال الفترة الحميدية كرد فعل على تعزيز الشكل الشعبي للصوفية وعلى توظيف المؤسسة الدينية من قبل السلطان لخدمة مصالحه السياسية. (21) كان رواد السلفية في حماة زملاء ينتمون لعائلات من الطبقة الوسطى ممن ولدوا في النصف الأول من سنة 1870. وكان العامل الأساسي الذي وحَّد هؤلاء الثلاثة وحولهم عن النمط الصوفي الشعبي المهيمن هو دعوتهم نحو تنقية الإسلام ليتمكن من الاستجابة لتحدي العقلانية الغربية. ويعد محمد سعيد الجابي (١٨٧٢-١٩٤٨) الأقدم بينهم، وينتمي لعائلة علمية بسيطة كما أنه صهر الشيخ محمد الحامد النقشبندي. (22) تلقى الجابي تعليماً دينياً، ويبدو أنه أخذ تنشئة صوفية، وذلك في مكان نشأته قبل قضاءه بضعة سنوات في إسطنبول حيث اطَّلع على أفكار جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، ثم عمل بعد عودته إلى حماة كخطيب ومعلم ديني. (23)
وفي مقابله يأتي حسن الرزق (٨٧٣-١٩١٢) الذي اعتبر واحداً من رواد النهضة السورية، وكان قد ألحق تعليمه الديني بدراسته للأدب والعلوم في مؤسسات التعليم الرسمية، واشتهر بكونه شاعراً. (24) ويعتبر أحمد الصابوني (١٨٧٥-١٩١٦) أصغر أفراد المجموعة والناطق بلسانهم، وهو ابن لصيدلاني، ويبدو أنه انخرط في دوائر العلماء كي يحصل على إعفاء من التجنيد في الجيش، ولكنه وسع معرفته بقراءاته المتنوعة التي كان يمارسها لوحده. (25)
كان المشروع الأولي لسلفية حماة بحسب ما يذكره أحمد المؤرخين هو "تبديد الظلمة المحيطة بوسط العلماء، والتي تعزلهم عن الناس وتحجبهم عن فهم مشاعرهم ومظالمهم". (26) وقد أصبحوا في تلك الفترة على صلة بنظرائهم في دمشق، وذلك بعد زيارة الشيخ المعروف سالم البخاري لمدينتهم. ومع الدفعة التي قدمتها أفكار البخاري، بدأ أحمد الصابوني وزملاؤه بالتردد إلى الريف والتشارك مع مصلحين هناك. كما اقتربوا من الزعماء المستقبليين للقومية العربية في حماة: توفيق الشيشكلي وصالح قنباز، والذين يعودون إلى عائلات بسيطة من ملَّاك الأراضي، وكانوا قد تشربوا الأيديولوجيا الجديدة أثناء دراستهم في مكتب عنبر، المدرسة الثانوية المعروفة في أواخر العصر العثماني في دمشق، قبل تخرجهم من كلية الطب. (27)
حصل أول اشتباك بين سلفية حماة وخصومهم من المحافظين عام ١٩٠٣، معلوماتنا ضعيفة عن ذاك الحدث، لكن ما حصل هو أن حسن الرزق أثار غضب مؤسسة العلماء، والتي ردت عليه بتحريض الغوغاء ضده، مما أجبر الحكومة على التدخل واحتجاز الرزق ليومين حتى تهدأ الأوضاع في الخارج، ولكن استمر السكان المحليون بنبذه بعد هذا الحدث طويلاً. وفي العام نفسه، كتب الصابوني مقالاً في صحيفة بيروت أثار سخط السلطات عليه واضطر للتخفي عنهم إلى أن توسط له أحد الأصدقاء. وفي الجو الحر الذي ساد الإمبراطورية العثمانية خلال الشهور الأولى من ثورة تركيا الفتاة، أطلق أحمد الصابوني مجلته الخاصة "لسان الشرق" حيث حارب الانحراف الديني، وطالب بتكثيف دراسة اللغة العربية، ودعا الحكومة لتأسيس المدارس والمستشفيات. وبالرغم من معارضته المحافظين، فقد تم ترشيحه في لجان مجال التعليم والأوقاف في المنطقة، (28) فضلاً عن لجنة أنشئت لجمع التبرعات للجيش في البلقان. علقت مجلة "لسان الشرق" عام ١٩١٠ بعد سيطرة جمعية الاتحاد والترقي على السلطة، على الرغم من السماح لمجلة "الإنسانية" الشهرية الأميل للفلسفة والتي أسسها حسن رزق باستكمال منشوراتها إلى حين وفاته في ١٩١٢. كما توفي الصابوني عام ١٩١٦ إثر إصابته بالحمى، ولكنه شهد عمليات إعدام الكثير من أصدقاءه وزملاءه على يد جمال باشاـ القائد العسكري في سوريا خلال الحرب الكبرى. (29)
في العقد الأخير من حياته، عمل أحمد الصابوني على سلسلة كتابات طموحة، غطَّت جوانب مختلفة من مطالب الإصلاح التي كان ينادي بها الاتجاه السلفي في المدن العربية الخاضعة للإمبراطورية العثمانية، (30) واستطاع صياغتها بلغة مبسطة تختلف عن اللغة التقليدية والتقنية للعلماء، فقد استهدفت أعماله – وبشكل واضح - الطبقة المتعلمة من عامة الشعب. بالإضافة لسلسلة مقالاته، فقد تضمَّن إنتاج الصابوني نصين تأريخيين، الأول معني بالعالم الإسلامي بشكل عام، والآخر مخصص عن مسقط رأسه حماة؛ كما كتب نصاً عن "قصص الأنبياء" حاول فيه تنقيتها من المبالغات الخيالية وختمه بنقاش حول المعتقدات اليهودية والمسيحية؛ وذلك بالإضافة إلى خلاصة غير مكتملة في الفقه. (31) سعى الصابوني من خلال أعماله نحو غرس شعور الافتخار عند قرَّاءه بتاريخ المسلمين بشكل عام والشعور بهوية محلية بشكل خاص؛ وإشعار قراءه بالتآلف مع العالم غير الإسلامي؛ وفتح المجال نحو تطبيق أكثر انفتاحاً للشريعة.
أكثر ما يكشف عن مساعينا هي مجموعة الدروس التي قدمها أحمد الصابوني في مساجد حماة في ١٩١٠، التي نُشرت أول مرة في "لسان الشرق"، وتم تحريرها والتعليق عليها من قِبَل تلميذ له بعد عقد من وفاته. (32) تدور مواضيع هذه الدروس بشكل أكبر حول الأسئلة العقدية، والتي يناقش فيها الصابوني – مستهدياً برؤية عبده الإسلامية التحديثية – حقيقة جوهر الأشياء، والمعرفة الإنسانية الجوانية، وسمات المقدس، وأفعال الإنسان، وكيف أنها تشير جميعاً إلى وحدانية وقدرة الله. وبالتزامن مع ذلك، هاجم الصابوني المدارس الإسلامية الوسيطة، والتي اعتقد أنها منحرفة عن النصوص الدينية وسيرة السلف الصالح في تلك القضايا – خاصة الطريقة القادرية وتفرُّعاتها، والمعتزلة أنصار عقيدة حرية الإرادة، والمدرسة المقابلة لها الجبرية التي تؤمن بجبرية القدر. ووصف انحرافاتهم دائماً بأنها من أعمال المتحوِّلين الذين يتظاهرون بإيمانهم بالإسلام بينما يدمرونه من الداخل.
مع إلقاء نظرة دقيقة على "الدروس الجلية"، نرى أن الانهماك في المسائل العقدية لا يُستمد فقط من اهتمامه بهذه المسائل، بل أيضاً من قلقه حيال تفرد الصوفية في هذا المجال. كان موقف الصابوني من التصوف إيجابياً – مثله مثل باقي السلفيين في عصره. (33) فهو يقيم الصالحين في مرتبة أعلى من العلماء باعتبارهم أشخاص تنازلوا عن المتاع الدنيوي وسعوا إلى تزكية نفوسهم، كما أنه يصدِّقُ رؤاهم. (34) يعتبر الصابوني "التصوف الأول" بوصفه الانتماء إلى الأولياء، كما أنه يعد نموذجاً للنوايا الصالحة والنزاهة والالتزام بالسنة، مثل هؤلاء المتصوفة كانوا من صحابة الرسول وتحدر منهم لاحقاً معلمون عظام مثل الجنيد. ولكن بحسب الصابوني، يختلف المتصوفون الأوائل عن أتباعهم المعاصرين من الطرق الصوفية المختلفة والذي يعتبرهم بمثابة المحتالين. ويعود سبب رفضه القاطع لـ "الطريقة" لتّباعهم – في جوانب مختلفة – للمدرستين العقديتين الجبرية والمعتزلة. يشير الصابوني، الى أن هؤلاء الصوفية اعتمدوا على مقولات القضاء والقدر كوسيلة لتجنب العمل من أجل رزقهم وتجاهل الأوامر الشرعية، ولكن ما يقف خلف هذا الاعتقاد هي الرغبة في الجاه والطمع ضمن وسط المشايخ، وجهل العامة. (35)
وبالرغم من رفضهم لعقيدة حرية الإرادة، يعتبر الصابوني أن "الطريقة الصوفية" قد قلَّدت نمط ممارسات المعتزلة في عملها. ومن خلال وصف محنة خلق القرآن التي مارسها المعتزلة مع تحالفهم مع السلطة العباسية من أجل فرض عقيدتهم على العلماء المخالفين لهم مثل ابن حنبل، تمكن الصابوني من توضيح الشرور التي يمارسها التصوف الشعبي بشكل عام، والمحاكمات التي عانى منها السلفيون في الفترة العثمانية المتأخرة على أيدي أبي الهدى الصيادي ومؤيديه المحليين على وجه الخصوص:
بما أنه لم يتمكن أولئك الذين هدموا أسس الدين من إيجاد طريقة لتغطية الانتقادات الموجهة لعقديتهم، فقاموا في المقابل بالدخول من باب القداسة (الصلاح والولاية). لقد ألفوا العديد من الكتب التي في ظاهرها الرحمة لكن في باطنها الضلال. لقد صاغوا تعبيرات منمقة خاطئة، واخترعوا كلمات لتشويش العقول وهو ما لن يفهمه الباحث ولا يقبله العقل والتقاليد، ولم يكتفوا بذلك، بل كتبوا أشياءً يرفضها الفقه وينقدها الإسلام الصحيح. وبالإضافة إلى ذلك، يجد الإنسان الذكي والدقيق كلامهم طافحاً بالأحاديث المكذوبة والحكايات الغربية والمستهجنة التي أخترعها أشخاص اكتسبوا أنصارهم بقوة السلاح واصطفوا بجانب السلاطين والملوك. يبالغون في طرقهم إلى حد كادت تنهار فيه أعمدة هذا الدين . . . وطوال مدة طويلة، استنكر عليهم العلماء وألفوا أعمالاً سرية أو علنية مفيدة للمسلمين، ولكن قوة (هؤلاء الناس) استمرت بالزيادة ونمت جيوشهم بالرغم من انكشاف حقيقتهم . . . في هذا الزمن لا يمكن لنور العقل أن ينقل كلمة الحق، فالظروف لا تساعد في تحقيق رد فعل على هؤلاء الجاهلين وردعهم بسيف الشريعة المطهرة. (36)

إعادة تشكل السلفية في فترة الانتداب
بعد الوفاة المتعاقبة لكل من حسن رزق وأحمد الصابوني قبل وأثناء الحرب العالمية الأولى، يمكن القول أن الاتجاه السلفي في حماة قد فقد محفزاته. تصف إليزابيث تومسون الانحسار العام لـ "النخب السلفية الإصلاحية" رابطت ذلك بسقوط "الحكومات الإسلامية" للعثمانيين وفيصل، على الرغم من أن تراجعهم كان في الواقع ناجم عن اضطهادهم من قِبَل الحميديين وبشكل خاص نظام تركيا الفتاة. وتضيف أن ظروف ما بعد الحرب فتحت الطريق لخصومهم "الإسلاميين الشعبيين" الذين أسسوا حركة اجتماعية للدفاع عن التقاليد الإسلامية التي لا يجب المساس بها بحسب تصورهم. (37) إن تقسيمات تومسون مناسبة تماما لوصف الأشكال الجديدة من النشاطات الدينية التي تبناها الرجال المتدينون في سوريا في أعقاب الحكم الكولونيالي الفرنسي، ولكنها أغفلت، مع ذلك، واقع أن السلفيين كيفوا رسالتهم لدمج العدد المتنامي من الشباب المتعلمين المنبثقين من نظام المدارس الرسمية. ظهر في عشرينيات القرن العشرين في حماة نمط مختلف من السلفية يدمج بين تبني مواقف متشددة من التصوف مع اعتماده على تصورات اجتماعية أكثر محافظة بفضل كتابات وتأثير سعيد الجابي، الزعيم الباقي من فترة العصر العثماني والذي تم نفيه إلى أراضي الأناضول خلال الحرب. (38) عمل الجابي في فترة الانتداب كمدرِّس عام في مساجد حماة وكمشرف ومعلم دين في مدارسها الإعدادية والثانوية، كما درس اللغة العربية في دار العلم والتربية، المرتع الوطني الذي افتتحه الشيشكلي وقنباز مع قرب نهاية فترة الحكم القصيرة لحكومة الملك فيصل العربية عام ١٩٢٠، والتي كانت تحت رعاية الشيخ نورس الكيلاني (٣٩) مفتي المدينة آنذاك.
لا يوجد شيء موثق عن نشاطات سعيد الجابي خلال فترة الاستعمار الفرنسي أو مرحلة الهدنة في سوريا في النصف الأول من عشرينيات القرن العشرين. ولكنه يقول عن نفسه أنه شارك في انتفاضة حماة مع بداية الثورة الكبرى بين ١٩٢٥-٢٧ (40) ربما كان جزءاً من مجموعة حزب الله المكونة من الزعماء الدينيين الساخطين والذي عملوا كصلة وصل بين القائد المتمرد فوزي القاوقجي والوطنيين. (41) كان موقف الجابي بعيداً عن فرادة وسط الزعماء الدينيين في الفترة المبكرة من الانتداب في حماة، حيث اصطف معظمهم إلى جانب الحركة الوطنية وأظهروا عداءهم للفرنسيين، وظهرت وحدتهم في مقابل الحكم الأجنبي-الكافر في أعقاب إلغاء الخلافة في تركيا في آذار ١٩٢٤. أجمع الزعماء الدينيون على دعم تنصيب الشريف الحسين في المنصب الأعلى، وأعلنوا اسمه في خطب الجمعة في المساجد المحلية، وذلك بالرغم من الحظر الذي أقامه الفرنسيون. وقد حصل إجماع قريب من ذلك في مدن مثل حمص واللاذقية، ودعمت مساجد قليلة وفرعية في دمشق، في حين لم يحدث أي شيء من هذا في حلب التي لم تجرؤ على المجازفة في تقديم موقفها. (42) وبعد ذلك بفترة وجيزة، كتب الجابي أول أعماله الجدلية، والذي تضمن هجوماً شرساً على الطريقة الصوفية النقشبندية. (43)
كما حدث مع السلفية، فقد تعرضت النقشبندية في حماة لضربة قوية بعد وفاة زعيمها محمد الحامد خلال الحرب العالمية الأولى. نشطت فاعلية الطريقة في المدينة خلال الفترة المبكرة من الانتداب بفضل جهود زعيمها المؤثر في مدينة حمص الشيخ محمد أبو النصر خلف، وهو ابن عائلة خلف الأرستقراطية (١٨٧٥-١٩٤٩) المتفرعة عن الطريقة الخالدية والتي تعود سلسلتها للشيخ خالد، حيث كان الشيخ أحمد التزكيلي مسؤولها المحلي. وبالرغم من سيره على طريقة أسلافه القائمة على مزج المعرفة العلمية بالتقوى الصوفية، إلا أنه انحرف عنهم من خلال اصطناع عادة التنقل بين مدن شمال سوريا والقرى والسهول، وذلك بغرض الوصول للقطاعات السكانية التي لم تلتحق بطريقته الصوفية بعد. لم يشتمل تأثيره على طبقة العلماء فحسب – والتي كان يجلهم من الداخل ويظهر لهم الاحترام -، ولكن وصل إلى عامة الناس الذين أخذوا يتوافدون على حلقات الذكر التي كان يقيمها حيثما حل. (44) وكان يهدف أيضاً من خلال ذلك تشجيع أتباعه على تقديم طرح مبسَّط عن الطريقة النقشبندية، وكان من أبرز هؤلاء الكتَّاب عيسى البيانوني، مندوبه في حلب (45)، وحسين الخطيب، أحد أتباه والد أبو النصر من حماة. (46)
صاغ الجابي نقده التفصيلي للنقشبندية كاستجابة لنص الخطيب "الدر اللطيف"، وبالرغم. من تأليف الجابي له عام ١٩٢٨، إلا أن فكرته الأساسية كانت واردة مسبقاً في قصيدة ألحقها بنسخة جديدة من الكتاب الذي يضم دروس الشيخ الصابوني عام ١٩٢٥. (47) وباعتماده على أحاديث ضعيفة كمعيار للحكم، يبدو أن الجابي قد اتبع الكتَّاب السلفيين السابقين في تصوير ممارسات الطريقة النقشبندية كبدع وضلالات، كما ظهر في الموقف من الرابطة – التركيز على صورة الشيخ - سواء أكان حاضراً أم غائباً، مثل ما هو موجود في الطريقة الخالدية، والتي أصبحت موضع هجوم السلفية في ثمانينات القرن التاسع عشر. يذكر الجابي في هذا السياق أن النبي لم يقل أن على الفرد "أن يلتحق بالطريقة النقشبندية، واستحضار صورة الشيخ ومن ثم حفظها في خياله ... وتوجيه نفسه نحو شخص الشيخ بدلاً من الله، وإجبار جوهره القلبي لرؤية ما حرَّم الله." (48) الموضوعات الأساسية التي يدور حولها في كتابه - الدور المنزَّه للشيخ مع تلاميذه، والتجاوزات في حلقات الذكر، وفكرة وجود وسائط بين الإنسان وربه – تظهر جميعها هذا الاستنكار لفكرة الرابطة بالدرجة الأولى. (49).
لقد تجاوزت النزعة النقدية الحادة لدى الجابي نزعة السلفيين الأوائل – باستثناء زميل ما قبل الحرب في حمص عبد الحميد الزهراوي (50) – حيث اقترب من تبني موقف الرفض الكامل للنمط الصوفي في الإسلام. يتضح ذلك في تصوير الجابي للعلم الباطن باعتباره معرفة مغلوطة أقحمت ضمن الإسلام من قِبَل متحولين يتآمرون على الإسلام لإفساده من الداخل. وليس أقل من ذلك ما يظهر في هجومه على عقيدة ابن عربي عن وحدة الوجود والتي يصفها بأنها قول واضح بالحلول والاتحاد. (51) ويشير الجابي أيضاً أن مفهوم التصوف نفسه لم يكن موجوداً في زمن الرسول أو في القرون الأولى من الإسلام. (52) سبب هذا الرفض للتصوف، كما يوضح الجابي نفسه في المقدمة، ليس في الشرور الكامنة فيه بل في تشويهه لصورة الإسلام بين الشباب المتعلم. هو يستنكر نفور الطلاب المسلمين خريجي نظام مدارس الانتداب الرسمية من دينهم، على الرغم من أنه لا يرفض بأي حال من الأحوال العلوم والمعارف الغربية على هذا النحو. ويعتبر الجابي أن كتب مثل "الدر اللطيف" هي أشبه بـ "الماء الذي يروي ما خططه الأعداء لملئ قلوب أبنائنا، ومثال على مقدرة زعمائهم على إظهار ما يريدون لمريديهم بغرض تنفيرهم من ديننا." (53) هذه الانحرافات الصوفية حوَّلت الإسلام إلى مادة للسخرية من قِبَل الشباب المسلمين المتعلمين وللمسيحيين واليهود الذين يقلِّدونهم. (54)
يبدو أن الهجوم الحاد الذي شنَّه الجابي على النقشبندية منذ عام ١٩٢٥ كان مدروساً بعناية، فمن خلال نزعته المتشددة ضد التصوف، يمكن أن يؤكد من جديد على العقيدة السلفية بطريقة تجعل الشباب المتدين في مدارس الدولة قادراً على التعرُّف عليها. ولكن بسبب استهدافه لهذه الطريقة الضعيفة في حماة، بدلاً من الطرق الممأسسة كالقادرية والرفاعية، فقد استطاع تخفيف العداء ضد هذه الطرق والعلماء الذين يدعمونها. ففي كل أحوال كان على كل من السلفيين وخصومهم أن ينظروا بحالة من الخوف للأساليب الشعبوية التي تبناها أبو النصر خلف، وهو ما يهدد بتقليص دوائرهم الدينية الآخذة بالتناقص. وباسم الموقف المشترك الرافض للنزعات العلمانية في ذلك العصر، تمكن الجابي من أن يصبح شخصية إسلامية بارزة في حماة خلال النصف الثاني من عشرينيات القرن العشرين، وأن يحظى بمتابعة كبيرة من قِبَل الشباب المتعلم.
يميز الجابي نفسه في مقابل مسألتين أساسيتين تمثلان التهديد الغربي للإسلام بالنسبة للفئة المتدينة: تحرير المرأة والنشاط التبشيري. بنكوص واضح عن مواقف محمد عبده الليبرالية وأكثر انسجاماً مع رشيد رضا، نرى الجابي من أوائل النخب الدينية في سوريا ممن استجاب للنمو المتزايد لحضور النساء، على الرغم من أنه لم يتردد في نقده للاتفاقيات، وكان يقبل بوجودهن في دروسه. (55) غضبه من ظهور "السفور والحجاب" في عام 1928، وهي دراسة لاهوتية- قانونية لـ " نظيرة زين الدين " – شابة درزية من بيروت - أيدت فيها نزع الحجاب (56)، دفع الجابي للرد عليها بمقال طويل بعد عام من نشره، ونفى في بدايته نسبة الكتاب إليها. وعلى نفس الأسس القائمة حول نقد الشباب المتغرِّب، باشر الجابي بالدعوة إلى مطالبة النساء بضرورة ارتداء الحجاب وعدم الاحتكاك بالرجال والبقاء بعيداً عن وظائف الرجال. (57) وفي عام ١٩٣١، عندما بدأت حملة نزع الحجاب في حماة عن طريق مُشرف المدرسة الثانوية في المدينة وزوجته، كان الجابي بالرغم من عمله في ذات المؤسسة هو من استنكر بشدة هذه الحركة الجديدة في المساجد وحصصه الدراسية. (58) ويبدو أنه ألف في تلك الفترة مقالته غير المنشورة "كتاب التبيين في الرد على المبشرين"(59).

استيلاء الشعبويين
مع أن الحركات النسوية والتبشيرية اكتسبت زخماً في حماة خلال ثلاثينيات القرن العشرين، تكثفت معها الحملات التي كان يقودها سعيد الجابي ضدهم. ومع ذلك، ومع بداية العقد، كانت زعامته الدينية تتعرض لتحدى جدي، من قبل حركة إسلامية شعبية أسسها خصومه. يصف فيليب خوري بزوغ عدد كبير من الجمعيات الدينية المستقلة في المدن السورية في ذلك الوقت لتلبي الحاجات الاجتماعية والنفسية لعامة الناس في أفقر المساكن التقليدية. بقيادة زعامات دينية ومعلمين دينيين، جذبت الجمعيات طلاب الشريعة بشكل خاص، بالإضافة للمتدينين من التجار الصغار والحرفيين والمهاجرين القادمين من الأرياف المحيطة بالمدينة، وهي القطاعات الأكثر تأثراً باختلالات فترة ما بين الحرب. (60) تشير ملاحظات خوري إلى أن الجمعيات الدينية التي تأسست في ثلاثينيات القرن عشرين استطاعت أن تشمل شرائح اجتماعية أكثر بكثير مما قامت به السلفية خلال الفترات السابقة في العصر العثماني وبدايات الانتداب. ولكنه لا يستكشف العلاقة بين هذه الجمعيات الطوعية والطرق الصوفية، والتي تعتبر المصدر الأساسي للتقوى الشعبية في تلك الفترة، وكما يبدو أنها حلَّت مكانها. نفتقد توافر تحليلات دقيقة عن عضوية هذه الجمعيات الإسلامية الشعبية في فترة الانتداب في سوريا، ولكن ما هو ثابت في حماة أن هذه الجمعيات كانت على صلة قوية بعائلة الكيلاني الدينية-مالكة الأراضي-، وبشكل خاص للطريقة القادرية المحلية والطريقة الرفاعية الذي تم التآلف بينهما.
ظهرت التوجهات الشعبية في البداية تحت سيطرة الرجال المحافظين والمتدينين في سوريا مع بروز المعارضة للسلطان عبد الحميد الثاني عام ١٩٠٩، حيث تولوا مهمة الدفاع عن المعتقدات والممارسات السائدة من خلال مجلتهم "الحقيقة". (61) وتكاثفت هذه التوجهات بعد احتضار الإمبراطورية العثمانية، ومع التحاق عدد هائل من العلماء باللجان الشعبية العسكرية التي توجهت ضد سياسات التسوية التي أرادها الملك فيصل مع الفرنسيين في ١٩١٩-٢٠. (62) بعد ذلك بخمس سنوات، تأسست أول جمعية إسلامية مستقلة في حماه، وهي جمعية عمل البر الإسلامية، وذلك بعد فترة قليلة من جمعية الغراء في دمشق. (63) هدفت كلا الجمعيتين لمجابهة نظام التعليم الرسمي الفرنسي الناشئ من خلال بناء مدارس دينية، وخاصةً للفتيان والفتيات من خلفيات فقيرة.
كان رئيس جمعية حماة المفتي المعين حديثاً سعيد النعسان، وهو معلم ذو وسائل متواضعة من أتباع أبو الهدى الصيادي. يعكس تعيينه هو بدلاً من شخص من عائلة الكيلاني درجة الانتقاص في هيبة المؤسسة الدينية في سوريا ما بعد العصر العثماني. في كل الأحوال، عمل نعسان تحت مسؤولية نورس الكيلاني الذي كان في هذا المنصب سابقاً، والذي اختار أن يشغل مركزاً أكثر ربحاً كمحاظف لمدينة حماة. (64)
دخل الإسلام الشعبي إلى حماة بحلول العقد الجديد، وذلك مع بداية السياسات البرلمانية في سوريا وتدهور أوضاعها الاقتصادية بعد الانتكاسة العالمية. كانت المجموعة الأساسية هي جمعية الهداية الإسلامية، المتفرعة عن جمعية في دمشق يتضمن جهازها الإداري ملاك أراضي وتجار. (65) جاءت جمعية الهداية – التي تأسست في ١٩٣٠-٣١- إلى حماة على يد عبد القادر الكيلاني، وهو من ملاك الأراضي المتدينين المعارضين للوطنية والذي استقال مؤخراً من منصبه كوزير للزراعة والتجارة. (66) أصبح المجتمع بعد ذلك مرتبطاً بحركة النقابات المحلية، والتي نظَّمها نورس الكيلاني بعد استقالته من منصب المحافظ عام ١٩٢٥. وباستثمار الروابط القوية بين الطرق الصوفية والمؤسسات الحرفية، سعى نورس إلى تحويل هذه الأخيرة إلى جمعية شعبية تطوعية، ليس على خلاف الجمعيات الإسلامية. (67) كان نائب رئيس جمعية الهداية الإسلامية توفيق الصباغ على علاقة قوية مع الكيلاني، وأصبح واعظاً في زواياها الأساسية، (68) بالإضافة لتوليه رئاسة كلية الشريعة في حماة منذ افتتاحها في ١٩٢٤. (69). كانت مساعي الصباغ لافتتاح الصفوف للبالغين مبنياً على نموذج النقابيين. (70)
وكان من أبرز مساعدي نورس الكيلاني في حركة النقابات عبد الحميد قنباز، شقيق الزعيم الوطني في فترة ما بعد الحرب صالح قنباز الذي قُتِل خلال الثورة الكبرى. والمساعد الآخر كان زميل هذا الأخير توفيق الشيشكلي، والذي التحق في عام 1931 إلى الكتلة الوطنية، الائتلاف السائد على المستوى الوطني من السياسيين الذي تم تأسيسه بعد إخماد الثورة لتحقيق مفاوضات التسوية في سوريا. (71) وبالرغم من قرب رؤية الشيشكلي وقنباز – وربما الكيلاني ذات نفسه – للرؤية السلفية في مقابل جمعية الهداية، يبدو أنهم أدركوا أهمية الجمعيات الدينية الشعبية في السياسات التمثيلية الناشئة حديثاً.
كانت النشاطات الأولى لجمعية الهداية الإسلامية في كل من دمشق وحماة مرتبطة بموجة الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد في أعقاب حدة الأخبار التي ارتكبها الإيطاليون في ليبيا. (72) في السنوات اللاحقة، أصبحت المؤسسات المحلية تنشط على نحو متزايد في المؤتمرات المحلية ضد المدارس التبشيرية وحركات تحرير المرأة. ففي كانون الأول من عام ١٩٣٢، تم تنسيق اجتماع مع الصباغ وتحت إشراف المفتي لمحاربة التحاق المسلمين بالمدارس المسيحية. وانتشرت الدعوى من خلال العديد من الخطباء المنتشرين في أرجاء المدينة. (73) شهدت البلاد مظاهرات حاشدة قبل وبعد المؤتمر، والتي شارك بها عبد القادر ونورس الكيلاني، بالإضافة للشكاوى التي أودعتها جمعية الهداية في وزارة الخارجية احتجاجاً على حظر نقد المؤسسات التبشيرية. (74) وفي تموز من عام ١٩٣٤، لعب أعضاء من المجتمع دورهم في الحملات احتجاجاً على تقديم عرض صباحي للنساء في السينما داخل حماة. وبعد معاناة مؤقتة من هذه التقلبات، تمكنوا في ١٩٣٨-٣٩ مرة أخرى بدعم من المفتي النعسان من الحصول على موافقة السلطات بمنع دخول النساء إلى قاعات السينما. (75)
بالرغم من تشابه مستواهم التعليمي وموقفهم المعادي للنسوية، إلا أن سعيد الجابي وأتباعه السلفيين كانوا يتابعون بتخوف هذا الصعود للأوساط الاجتماعية المتدينة الشعبية في المشهد السياسي في حماة. وفي أواخر عام ١٩٣٠، ورد أن الجابي قد تنازع مع النعسان على موضوع دعمه لجمعية الهداية المملوكة للكيلاني. (76) لا تحدد المصادر طبيعة الادعاءات التي اتهم بها الأوساط الاجتماعية الشعبية، ولكن سلسلة الأحداث اللاحقة تكشف أن أكثر ما كان يضايقه هي الركائز الصوفية لهذه الأوساط. وتضاعف الصراع من خلال انخراطه في النضال السياسي الأوسع الذي بدأ في سوريا بعد نهاية الثورة الكبرى بسبب مسألة الاتفاقية مع فرنسا. هذا الصراع الذي نشأ على خلفية الأزمة الاقتصادية، ألقي على عاتق المهنيين والبيروقراطيين من الطبقة الوسطى ذوي التعليم الغربي في الكتلة الوطنية، من خلال رفضهم المساومة على استقلال سوريا ووحدتها، في مقابل التيار الأكثر إذعاناً من ملاك الأراضي والنخب الدينية. في هذه الأوضاع الاستقطابية في حماة، أصبح توفيق الشيشكلي – وهو طبيب أصبح معروفاً ضمن الطبقة الوسطى من المهنيين – القائد والممثل المحلي للكتلة الوطنية في البرلمان عقب فوزه في انتخابات عام ١٩٣١-٣٢. (77) مع ضمور الاتفاقيات حول التسوية وتعيين حكومة جديدة في آذار ١٩٣٤ تحت حكم تاج الدين الحسني الموالي للفرنسيين، تمكن كبار ملاك الأراضي في حماة من فرض مواقعهم تحت قيادة قادتهم الجدد، حسني البرازي وفريد العظم. (78) ضمن هذه الخطوط الجديدة، طلب السلفيون دعم الشيشكلي، بينما تبنى خصومهم المتصوفة – تحت مظلة جمعية الهداية الإسلامية – خيار تأييد كبار ملاك الأراضي.
اندلع الصراع بين كلا التيارين في بدايات شهر نيسان من عام ١٩٣٤، وذلك خلال تحضيرات زيارة رئيس الوزراء الجديد تاج الدين إلى حماة. وقد حدث ذلك بسبب استئناف احتفال الربيع الصوفي في المدينة بناء على توصية فريد العظم الذي كان يسعى لحشد الدعم الشعبي للحكومة الجديدة. كان يترأس الوفد القادم لبيعته الشيخ محمود شُقفة، شيخ الرفاعية وقيادي في جمعية الهداية الإسلامية، ولمواجهة سخط القوميين بسبب اعتمادهم على ملاك الأراضي المطاوعين، أعرب أعضاء الوفد عن خيبة أمل الناس من نورس الكيلاني، رئيس اتحاد النقابات، وتوفيق الشيشكلي، الذين ساعدوهم بالفوز في الانتخابات. (79) وبعد ذلك، عندما قام حسني البرازي زعيم ملاك الأراضي ووزير التعليم في حكومة تاج الدين، بتنسيق حفل استقبال لرئيس الوزراء، فانه لم يستطع أن يتكل على دعم أتباعه فحسب بل أيضا على دعم جمعية الهداية الإسلامية. (80)
تاج الدين الحسني
جاءت ردة فعل سعيد الجابي بعد شهرين من الحدث، وذلك بعد عودة الشيشكلي من السعودية في مهمة للكتلة الوطنية. (81) وبسبب حنقه من التوافق الواضح بين جمعية الهداية والطرق الصوفية، استخدم رفض الوهابية المُعلن للصوفية كرافعة لهجوم مضاد. بمعنى ما، لم يكون هناك شيء جديد من نفور الجابي من الصوفية، والذي ظهر مرة أخرى في منتصف عام 1933 في مقاومته العنيفة لمظاهر الصوفية المولوية في حماة، (82). وكان الهجوم الذي بدأه في تموز / يوليو 1934 ضد التعاليم الصوفية وجمعية الهداية الإسلامية تعبر عن مستوى مختلف. لا تحدد المراجع الفرنسية الممارسات التي قام بها الجابي للتعبير عن احتجاجه، ولكنهم لا يشككون بأنها كانت بالتفاعل مع احتفال الربيع الصوفي. وفي كل الأحوال، وتحت تأثير دعم الشيشكلي، لم يكن احتجاج الجابي الآن مرتبطاً بالطريقة النقشبندية أو المولوية الهامشيتان محلياً، بل موجهة بشكل مباشر ضد الطريقتين القادرية والرفاعية.
أعادت تنشيط حملة الدعاية هذه، التي أيدتها عريضة وقعها 2000 شخص، حالة حنق في أوساط مشايخ الصوفية في حماة، والتي أثبتت خطبهم قلقاً من إظهار أرثوذكسية في المعتقدات والممارسات. لقد تسبب إدراك توفيق الشيشكلي لضرورة تنحية الأوساط الاجتماعية الإسلامية الشعبوية المتزايدة بترجيح كفة الميزان لصالح السلفيين، فلأول مرة، هددت هجمات الجابي من حدوث حالة من الخراب داخل التيار الوطني، وذلك بسبب توظيف نجيب البرازي – ابن عم حسني الذي التحق بالكتلة الوطنية خلال انتخابات 1931-32 – لهذه الفرصة لتعزيز استقلاليته تحت ذريعة المشايخ الذين تمت إهانتهم. تنبَّه الشيشكلي لما يحصل وقام بعمل تسوية مدح فيها مساهمة عموم الطبقة المتدينة بالصراع ضد الفرنسيين. (84) وبشكل ملحوظ أكثر، قام الشعبويون كرد فعل على ذلك بتحريض كبار ملاك الأراضي على ضرب مراكز القوة الخاص بالوطنيين، وهي مدرسة دار العلم والتربية. استغل محافظ مدينة حماة نورس الكيلاني وفاة رئيس الحكومة في أيار 1943 ورفض تعيين الشيشكلي – العضو الأكثر قرباً في مجلسه الإداري - كخليفة له وقرر عقد الانتخابات لمجلس آخر. لم يواجه ملاك الأراضي صعوبة في تجاهل الاحتجاجات على المجلس القائم، وذلك بسبب وجود حسني البرازي كوزير للتعليم، (85) وفازوا بالانتخابات التي عُقِدت في أيلول وأصبح فريد العظم – الذي ساعد على إعادة إحياء احتفال الربيع الصوفي قبل بضعة أشهر - المسؤول الجديد لمدرسة دار العلم. (86)
عوَّض توفيق الشيشكلي عن هذا الانقلاب من خلال إحكام سيطرته على الشبيبة الوطنية في حماة، لقد كان حريصاً على أن لا يتورط مرة أخرى مع المجموعات الدينية وبقي قائداً بازراً على المدينة حتى وفاته عام 1940. (87) كان هذا التحول في الأحداث يعني بالنسبة لسعيد الجابي خسارته لراعيه، وهو ظرف استغله خصومه سريعاً. وحالما أصبحت نتائج انتخابات مدرسة العلم والتربية معروفة، نظموا وفداً آخر، قبل أن يشتكي حسني البرازي على "وهابية" الجابي وممارساته المريبة التي استغلها للحصول على توقيعات عن عريضته. وتضمن الوفد نقيب أشراف حماة وكبار مشايخ الصوفية. وفي وقت لاحق من ذات اليوم، سافر بعضهم لدمشق لتوقيع عريضة مضادة وقعها 300 شخص من الرموز الدينية وكبار ملاك الأراضي والحرفيين، (88) وكان على رأس المجموعة الأولى زعماء جمعية الهداية الإسلامية توفيق الصباغ ومحمود شُقفة، والذين أصبحوا في الأعوام اللاحقة من كبار الزعماء الدينيين في حماة. رشَّحت القادرية الصباغ– التي ينتسب اليها – لتزعم جمعية العلماء – جمعية مهنية محلية من رجال الدين المتخصصين -، في حين ترشح شيخ الرفاعية، الشُقفة، لمجلس الأوقاف (89). وفي المقابل، انصرف سعيد الجابي المهزوم ليعيل نفسه، توثَّقت هذه الأحوال في مقالته التي كتبها في عام 1937 بعنوان "هداية العصريين إلى محاسن الدين"، والتي قصد فيها نجيب البرازي، خصم الشيشكلي في الجبهة الوطنية. استمر سعيد الجابي في هذه المقالة ولآخر لحظة كتابة قناعاته عن الحاجة لتوظيف العلوم الغربية لتكوين نمط إسلامي إصلاحي، وهو الموقف الذي يستند عليه في رفضه المتكرر للتيار الصوفي. (90)

تشكل الإخوان المسلمين في فترة ما بعد الاستقلال
أدت المساعي التربوية عند السلفيين والإسلاميين الشعبويين في مواجهة النظام الفرنسي الرسمي، بالإضافة لنمو الوعي السياسي لدى جيل الشباب بشكل عام، كل ذلك أدى إلى تأسيس مجموعات شبابية متدينة في منتصف ثلاثينيات القرن العشرين، مثل "شباب محمد" و"الشبَّان المسلمين" في العديد من المدن السورية. وكانت الزيارة التي قام بها وفدٍ من جماعة الإخوان المسلمين المصرية في تلك الفترة علامة على بداية اهتمامها وتأثيرها في التنظيمات المشابهة لها في الخارج. توحَّدت الجماعات السورية تحت اسم واحد في ١٩٤٤-٤٥ عن طريق الشيخ مصطفى السباعي، وهو ابن لعائلة من العلماء ذات ميول صوفية من حمص، والذي أطلع على أفكار الجماعة الأم بينما كان يدرس في الأزهر. (91) وفي مدينة حماة المجاورة، تأخر نشوء مجموعة شبابية إسلامية محلية لأسباب تعود لسيطرة توفيق الشيشكلي على الأوساط الشبابية بالإضافة للتصدعات الحادة بين السلفية والصوفية. وعندما تأسست مجموعة في المدينة عام ١٩٣٩، عُرِفت من البداية بالإخوان المسلمين، وهو اسم يعبر عن الدور الذي لعبه الطلاب العائدين من مصر في تشكيلها.
في دراسة ريتشارد ميتشيل الرائدة عن جماعة الإخوان المسلمين، يشير ميتشيل إلى التعريف المركَّب الشهير الذي وصف به حسن البنا جماعة الإخوان، باعتبارها دعوة سلفية وحقيقة صوفية ومنظمة سياسية واتحاد ثقافي تربوي. كانت الجماعة معنية بالتنظيم والبرنامج والعمل، وعملت على تجنب الخلافات والتحزُّبات العقائدية. (92) من خلال البحث في انتماء البنا المبكِّر للتصوف في مدينته الواقعة على الدلتا وعلاقته لاحقاً مع السلفية في القاهرة، يوضح ميتشيل أنه في حين تبنى البنا النقد السلفي لكل من علماء الأزهر والطرق الصوفية، إلا أنه لم يتخلى عن إيمانه بالتصوف "النقي" واختار المباشرة بدعوة الناس بطريقة متناغمة مع تنشئته الصوفية. (93) وبالرغم من استقلالية مؤسس الجماعة، إلا أنه كان هناك تحول نقدي ينتشر بين أتباعه الحضريين من التصوف في مصر، وذلك بسبب انتشار أشكالها الشعبية في البلاد. في سوريا، حيث كان إرث حركة الإحياء الصوفي ما يزال حاضراً، حافظ الإخوان على احترام مظاهرها "الأصيلة". (94) كان هذا واضحاً في الأوساط الريفية في حماة، ولكن التركيب السلفي-الصوفي قد عمل على نحو متناغم في روح البنا الأصلية. يعود هذا الإنجاز بشكل كبير إلى جهود المتصوف النقشبندي الشيخ محمد الحامد (١٩١٠-٦٩)، والذي وقف في وجه التحديات الجديدة للعلمانية ونمو الاحساسي الريفي-الطائفي في مرحلة ما بعد الاستقلال في سوريا. (95)
اشتبكت تنشئة الحامد بشكل كبير مع التاريخ الديني العاصف الذي مرت به حماة خلال فترة الانتداب، (96) فهو أحد الأبناء اليتامى للطريقة النقشبندية، ورباه أخوه الأكبر الشاعر القومي بدر الدين، (97)، كما تأثر بشكل كبير بخاله الزعيم السلفي سعيد الجابي. وبموافقة الأخير التحق بكلية الشريعة في حماة بعد افتتاحها مباشرةً من قِبَل توفيق الصباغ، الزعيم المستقبلي لجمعية الهداية الإسلامية، وذلك قبل انتقاله في عام 1928 إلى كلية الخسراوية العليا في حلب، حيث تأثر بالشيخ أبو النصر خلف، وهو أحد المشايخ النقشبنديين الشعبيين من حمص، والذي هيئه لدخول الطريقة وشجعه على استكمال مساره الديني. وبعد عودته إلى حماة في عام 1935، أدخلت قناعات الحامد الجديدة في صراعات مريرة مع خاله الذي أصيب بخيبة أمل كما ساهمت هذه القناعات باتخاذه قرار السفر إلى مصر بعد ثلاث سنوات ليستكمل دراسته في الأزهر. وخلال دراسته في الأزهر، اتصل الحامد بجماعة الاخوان – كما حصل مع زميله مصطفى السباعي – وبزعيمها حسن البنا، الذي أعجب بقدرته على دمج مزايا الصوفي والعلم الشرعي والخطابة والقيادة السياسية. ويبدو أنه شارك خلال إحدى إجازاته الصيفية بتأسيس فرع جماعة الإخوان في حماة.
ومع تشبُّعه بالوعي السياسي الجديد بعد عودته من دمشق عام 1942، غمر محمد الحامد نفسه في الصراع الوطني من أجل الاستقلال. وبعد اندلاع الحرب الفلسطينية، أراد الحامد الالتحاق بالقوات التطوعية المقاتلة التي أنشأها السباعي، ولكنه رضي أن يستقر وينظِّم المساعدات للاجئين. شعر الحامد بالالتزام بالسير على خطى البنا في المجال الديني أيضاً كما كرَّس جهوده لتعليم ونشر الإسلام، وذلك بسبب قلقه اتجاه اغتراب الشباب السوري عن إيمانهم. كما هجر دائرة تلاميذه ضمن الطريقة النقشبندية ورفض شغر منصب في الإدارة القضائية والتي كانت تؤهله لها دراسته في الأزهر. وعمل حتى نهاية حياته كمعلم بسيط للدين في مدرسة ابن رشد الإعدادية وخطيباً في مسجد السلطان. وبحكم أنه أكثر تعلُّماً من البنا، عزز الحامد نشاطاته من خلال الكتابة المكثفة في القضايا الفقهية، وعمل على توضيح أهمية مبادئ وسمات الشريعة في مجابهة الصعود الكبير للعلمانية. (98)
مع بدايات الخمسينيات، قرر الحامد الانسحاب من عضويته في جماعة الإخوان. بالرغم من تماشيه مع الاستراتيجيات الشعبوية لأستاذه النقشبندي، إلا أنه أصبح فيما بعد الرمز والأب الروحي للجماعة في حماة. التحق العديد من الإخوان بحلقاته الدراسية في مسجد السلطان، وقد مكَّنهم ذلك من استخدامها كساحة للتجنيد. (99) إن المساهمة التي قدمها الحامد في دمج جماعة الإخوان المسلمين في مرحلة ما بعد الاستقلال في مدينة حماة، والنظرة الدينية المركَّبة الجديدة التي جاء بها من عدة اتجاهات دينية، كل ذلك يمكن أن يتلخص في التوصيف الحي الذي قدمه الشيخ سعيد حوى، المنظِّر الأيديولوجي القادم في مقاومة حزب البعث، الذي لم يمل من الاعتراف بتأثره العميق بأستاذه الشيخ محمد الحامد:
لقد شكَّل مدينته بطريقة جعلها تُقبل على جميع الأمور الخيِّرة، ومن هنا أنشأ جيلاً في حماة يقدم نموذجاً حول ما ينبغي أن يكون عليه الناس في مختلف أرجاء العالم الإسلامي. . .. لقد علَّم إخوانه الالتزام بالدين، واحترام العلماء والفقهاء، وأن يتَّبعوا الصوفية مع الالتزام بالكتاب والسنة ومبادئ الشريعة. كما علَّم إخوانه حب حسن البنا، وحب جماعة الإخوان المسلمين، وحب جميع المسلمين. . .. لقد كان مقتنعاً أنه من أجل إيقاف حالة الردة، ينبغي على المسلمين أن يتكاتفوا بالرغم من جميع اختلافاتهم. وبالرغم من كونه صوفياً حنفياً، إلا أنه كان يبدي استعداده دائماً ليضع يده في يد السلفية المتشددين من أجل الحدة من حالة الردة. لقد كانت اهتماماته الأساسية متحورة حول الذكر والعلم والشورى. (100)
عكس التركيب السلفي-الصوفي الخاص بمحمد الحامد تقارباً أوسع بين كبار ملاك الأراضي في سوريا والمهنيين من الطبقة الوسطى، الذين توحدوا مستقبلاً في استغلال الفرص الجديدة التي وفرها التوسع الرأسمالي للاقتصاد. كان لهذا التركيب دور بسيط في مناشدة "الطبقة الوسطى الجديدة" دائمة التطور التي تبنت الأيديولوجيا "الاشتراكية" ضمن سعيها لتجاوز الطبقات المهيمنة. وتحت هذا الشعار، اشتعلت الاحتجاجات الشعبية في الخمسينات والستينات لأقصى حد في المجتمع السوري، خاصة في المناطق الريفية وبين الأقليات غير السنية. كان أول انطلاقة لهذه الحركات في محافظة حماة، حيث حرَّض أكرم الحوراني الفلاحين المسيحيين والإسماعيليين والعلويين ضد كبار ملاك الأراضي في المدينة، وعلى هذه الأسس عمل الحوراني على بناء قاعدة قوية في الجيش، حيث ازداد التمثيل الطائفي والريفي. وفي عام 1953، تحالف مع المثقف الراديكالي الدمشقي ميشيل عفلق وأيضا ًمع صلاح الدين البيطار ليشكِّلوا حزب البعث العربي الاشتراكي (102)
وباصطفافه إلى جانب النخب السنية التقليدية، لم يوافق محمد الحامد على اشتباك تلاميذه مع حزب الحوراني وحسب، بل حثهم أيضاً على الانضمام للجيش، بالرغم من الفائدة القليلة لذلك. (103) كما عارض نزعة السلفيين المتزايدة وقيادة الاخوان المسلمين السورية في تضمين بعض مبادئ الاشتراكية في أيديولوجيتها. يجب أن ينظر لانسحاب الحامد من الجماعة كخطوة رافضة للخلفية التي قامت عليها عملية إعادة تنظيم الجماعة على صيغة الجبهة الإسلامية الاشتراكية عام 1949. كما يمكن أنه قد تمت تنحيته عن قيادة الجماعة في حماة كما حصل مع الشيخ الشعبي محمد شقفة الذي مثَّل الجبهة في البرلمان، أو طالب الفلسفة وعلم الاجتماع عبد الكريم عثمان الذي كتب أثناء دراسته مع السباعي في دمشق سلسلة من المقالات عن الأمن الاجتماعي الإسلامي. (107) برز هذا الانقسام الداخلي في عام 1963 عندما أصدر محمد الحامد تفنيداً مفصَّلاً لكتاب اشتراكية الإسلام مدافعاً عن الملكية الشخصية. (108) وبحكم فشل الحامد في في دمج الطبقات السنية الدنيا ضمن رؤيته الدينية، تحولت جهود الحامد في آخر أعوامه وتحت حكم البعث لاحتواء الجماح الراديكالي للحركة الإسلامية، والتي لم ترفض التصوف فحسب بل ستتوجه نحو مواجهة كارثية مع النظام.

خلاصة
في أواخر عقود القرن العشرين، أصبحت حماة مشهداً للصراع الديني المعروف بين تيارين متعارضين. فمن جهة كان هناك الاتجاه السلفي الإصلاحي الذي برز في أواخر العصر العثماني كرد فعل على تضخم التصوف الشعبي في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، وتبنت السلفية نظرة عقلانية غربية تتلاءم مع أيديولوجيتها القائمة على استعادة الإسلام الأصيل في ظل هيمنة تقاليد الركود العلمي وخرافات التصوف. وكان في الاتجاه الآخر رجال الدين المحافظون الذين كانوا حريصين في المحافظة على التصوف وعلى التراث العلمي الإسلامي لمواجهة التحديات الغربية والسلفية. وتحت حكم الانتداب الفرنسي، كان النقد السلفي للصوفية حاداً، ولكن سلوكهم الاجتماعي كان معتدلاً. في حين قام خصومهم بتدعيم حصونهم لمأسسة التقاليد الإسلامية عن طريق تشكيل بنى مؤسسية من الجمعيات الدينية الشعبية.
خلال تلك العقود كانت هناك توافقات متقطِّعة بين هذين الاتجاهين الدينيين. فخلال فترة الانتداب، تحالف كل من سعيد الجابي زعيم السلفية مع الشعبويين تحت مظلة جمعية الهداية الإسلامية في مقاومتهم للسياسات الفرنسية وكرسوا جهودهم في صيانة التعليم الديني لدى الشباب. كما تعاونوا في الحملات المناهضة للنشاط التبشيري وتحرير المرأة. وعلى مستوى أكثر أهمية، استقى السلفيون – الذين يمتلكون جذوراً داخل التقاليد الصوفية – خلال تلك الحملات بعض الاستراتيجيات الشعبوية. وفي حين استمد خصومهم فكرة الجمعيات الدينية من السلفية، والتي استحدثوها في سوريا في أواخر العصر العثماني. مع ذلك، فان هذه التفاعلات كانت محدودة، في ظل نمو نفور السلفيين من الصوفية، التي دافع الشعبويون عنها.
تم تجاوز الصراع الديني في حماة بعد الاستقلال ضمن الإطار الذي قدَّمت فيه جماعة الإخوان المسلمين تحت وساطة التقليد الصوفي النقشبندي. ومثل السلفية، اعتبرت النقشبندية – خاصة فرعها المجددي الخالدي – نفسها ملتزمة بسنة النبي والصحابة، ولكن انخراطها في شؤون الدولة والمجتمع جعلها موضعاً للشك من قِبَل الأنماط الجديدة من الحركات التي اتسمت بها الأوساط الشعبوية. ومن خلال تجذر التراث النقشبندي في حماة، تمكَّن محمد الحامد من بناء الجسور بين التيارين المتصارعين وتأسيس الفرع المحلي لجماعة الإخوان. وبقيت رؤيته التوفيقية مستمرة إلى حين صعود الاتجاه الإسلامي الراديكالي في ظل حكم البعث.
وفي تلك الفترة، تحدد مسار الصراع الديني في حماة وتجاوز هذا الصراع بدخول عاملين أساسيين، الأول هو تأثير الاتجاهات الموازية في المراكز الحضرية التي تفاعلت معها المدينة، دمشق بشكل أساسي ثم اسطنبول وحلب والقاهرة. والعامل الآخر هو دخول القطاعات السكانية المتزايدة إلى الساحة العامة كنتيجة لانتشار التعليم والطباعة. ومع بروز الصراع الطبقي بعد ذلك خلال فترة الانتداب، ناشدت الأيديولوجيا السلفية في حماة الطبقات الاجتماعية المتدينة، في حين شكل الإسلاميون الشعبويون تحالفاً بين كبار ملاك الأراضي وعامة الناس. يعكس الاتجاه السلفي-الصوفي التوفيقي في فترة ما بعد الاستقلال تحالفاً جديداً بين ملاك الأراضي الذين كانوا خصوماً في السابق وطبقة المهنيين، والذين تعرضت هيمنتهم لتحدٍ متزايد إثر صعود "الطبقة الوسطى الجديدة" من خلال الأيديولوجيا الاشتراكية. وقد توِّجت تعبئة سكان الريف في الكفاح تحت قياد البعث إلى اضعاف النخبة الحضرية السنية بكاملها.
تعرضت الاعتداءات غير المسبوقة التي توجهت للصوفية خلال القرن الماضي للاهتمام في الأدبيات البحثية. (109) كما وثَّقت دراسات التصوف والتحركات الصوفية أنماطاً مختلفة من الطرق التي يستعملها الصوفيون للتكيف مع التغيرات الحديثة المتعلقة بتدخل الدولة، صعود الأصولية، الغرب، وثقافة الطباعة. (119) وكما أظهرت تجربة حماة، فإن الاستجابات لم تنحصر فقط ضمن أطر صوفية روحانية نقية، فقد تحوَّلت الطرق الصوفية هنا إلى جمعيات إسلامية شعبية تحت الضغوطات التي عاشتها خلال أواخر العصر العثماني وفترة الانتداب. وفي حين كان للتقليد الصوفي الاحيائي دوراً أساسياً في تشكيل وتطوير جماعة الإخوان المسلمين في مرحلة ما بعد الاستقلال. وفي مراكز القاهرة ودمشق، أخذت الأسس الصوفية الخاصة للجمعيات الإسلامية تغدو أكثر احتجاباً في فترة ما بين الحربين العالميتين، في ظل توجه هذه الجمعيات بشكل متزايد نحو خطاب معادٍ للصوفية، وازديادها لاحقاً في ظل الأنظمة العلمانية لناصر والبعث، مع صعود سمة الإسلام الراديكالي الذي رفض التصوف كلياً. إن دراسة حالة "هامشية" أقل تأثراً بهذه الأوضاع مثل مدينة حماة لا تساعدنا فحسب على استعادة هذه الإرث الصوفي، بل تثبت أنه من خلال تشكيلة متعددة من التحولات، فان الصوفية بشكل عام – والصوفية الإحيائية على وجه الخصوص – قد بقيت عنصراً أساسياً في تجربة المسلمين الحديثة المتنوعة.

الهوامش:
1) للمزيد حول دور التصوف في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر انظر
J. Spencer Trimingham, The Sufi Orders of Islam (Oxford: Clarendon Press, 1971), 105–31; Fazlur Rahman, Islam, 2nd ed. (Chicago: University of Chicago Press, 1979), 193–211; John O. Voll, Islam: Continuity and Change in the Modern World (Boulder, Colo.: Westview Press, 1982), 33–86. ولمقدمة عامة حول الخلافات المحيطة بها انظر Elizabeth Sirriyeh, Sufis and Anti-Sufis: The Defence, Rethinking and Rejection of Sufism in the Modern World (Richmond, Surrey: Curzon Press, 1999), 1–53.
2) للمزيد حول أصول وتعاليم السلفية انظر
Henri Laoust, “Le R´eformisme orthodoxe des ‘Salafiya’ et les caracte`res ge´ne´raux de son orientation actuelle,” Revue des E´tudes Islamiques 6 (1932): 175–224; Antonino Pellitteri, Il Riformismo Musulmano in Siria (1870–1920) (Naples: Instituto Universitario Orientale,1987); David Dean Commins, Islamic Reform: Politics and Social Change in Late Ottoman Syria (New York: Oxford University Press,
3) انظر
1990).RichardMitchell, The Society of theMuslim Brothers (London: Oxford University Press, 1969); JohannesReissner, Ideologie und Politik der Muslimbr¨uder Syriens von den Wahlen 1947 bis zum Verbot unter Adˇıbaˇs- ˇ Siˇsaklˇı 1952 (Freiburg: Klaus Schwarz Verlag, 1980), 86–96; Philip S. Khoury, Syria and the French Mandate: The Politics of Arab Nationalism (Princeton, N. J.: Princeton University Press, 1987), 607–12; available at https:/www.cambridge.org/core/terms. https://doi.org/10.1017/S002074380505004XDownloaded from https:/www.cambridge.org/core. IP address: 92.253.117.174, on 10 Mar 2017 at 11:28:50, subject to the Cambridge Core terms of use,The Politics of Popular Religion 55 Elizabeth Thompson, Colonial Citizens: Republican Rights, Paternal Privilege, and Gender in French Syriaand Lebanon (New York: Columbia University Press, 2000), 103–10.
4) انظر دراستي
Taste of Modernity: Sufism, Salafiyya, and Arabism in Late Ottoman Damascus (Leiden: E. J. Brill, 2001).
5) للمزيد حول حماة في فترة ما قبل دخول الحداثة انظر:
see the following recently published studies: Dick Douwes, The Ottomans in Syria: A History of Justice and Oppression (London: I. B. Tauris, 2000); James A. Reilly, A Small
Town in Syria: Ottoman Hama in the Eighteenth and Nineteenth Centuries (Bern: Peter Lang, 2002).
6) انظر
Philip S. Khoury, Urban Notables and Arab Nationalism: The Politics of Damascus 1860–1920
(Cambridge: Cambridge University Press, 1983), esp. chap. 2.
7) عن أصول هذه العائلات الأربعة في حماة انظر:
Douwes, Ottomans in Syria, 66–84; Reilly, Small Town in Syria, 26–45, 112–15, 126–30. On their domination after 1860, see Khoury, Mandate, 65; Ministere des Affaires ´ Etrangeres (MAE) (Nantes), Beyrouth 544, “Renseignement sur les villes de Homs et Hama et les r´egions qui en d´ependent,” 10 July 1920.
وللمزيد عن امتداد العائلتين الأوليتين إلى دمشق انظر:
Linda Schatkowski Schilcher, Families in Politics: Damascene Factions and Estates of the 18th and 19th Centuries (Stuttgart: Franz Steiner Verlag, 1985), 136–44, 194–96.
8) انظر
Khoury, Mandate, 409–14; Thompson, Colonial Citizens, 212–17.
9) انظر
Hanna Batatu, Syria’s Peasantry, the Descendants of Its Lesser Rural Notables, and Their Politics(Princeton, N. J.: Princeton University Press, 1999), 124–30; Raymond A. Hinnebusch, Authoritarian Power and State Formation in Ba_thist Syria: Army, Party, and Peasant (Boulder, Colo.: Westview Press, 1990),57–71.
10) انظر
Zaim Khenchelaoui and Thierry Zarcone, “La Famille Jil¯an¯ı de Hama—Syrie (Bayt al-Jil¯an¯ı),” Journal ofthe History of Sufism 1–2 (2000): 61–66; Reilly, Small Town in Syria, 27–28.
ولمداخل عن كبار زعماء عائلات الكيلاني خلال العقود الأخير في العهد العثماني انظر:
Adham al-Jundi, A_lam al-adab wal-fann, 2 vols. (Damascus: Matba_at Majallat Sawt Suriya, 1954–58), 2:38–39; Muhammad Adib Taqi al-Dinal-Hisni, Muntakhabat al-tawarikh li-Dimashq, 2nd ed. (Beirut: Dar al-Afaq al-Jadida, 1979), 923–24. Forthe various Kaylani z ¯awiyas in Hamah, see also Muhammad Kurd _Ali, Khitat al-sham, 6 vols. (Damascus:n.p., 1925–28), 6:156.11On the Dabbaghs, see
11) للمزيد عن الدباغ انظر
Ahmad al-Sabuni, Ta_rikh Hamah (Hamah: al-Matba_a al-Ahliyya, 1332/1914),157–58; Khalil Mardam, A‘yan al-qarn al-thalith ‘ashar fi al-fikr wa-l-siyasa wa-l-ijtima_ (Beirut: Lajnatal-Turath al-Arabi, 1971), 169–70; Hisni, Muntakhabat al-Tawarikh, 923.
12) انظر
See Ruth Roded, “Tradition and Change in Syria During the Last Decades of Ottoman Rule: TheUrban Elite of Damascus, Aleppo, Homs and Hama, 1876–1918” (Ph.D. diss., University of Denver, 1984),268–69.
13) انظر
Butrus Abu-Manneh, “Sultan Abdulhamid II and Shaikh Abulhuda al-Sayyadi,” Middle Eastern Studies,15 (1979): 131–53.
14) انظر
L. Massignon, “La Derni`ere querelle entre Rif¯a_y¯ın et Q¯adiry¯ın,” Revue du Monde Musulman 6 (1908):454–61.
15) انظر
Rashid Rida, “al-Insaf min mazaya al-ashraf,” al-Manar 1 (1898): 641–42.
16) انظر
Abd al-Razzaq al-Bitar, Hilyat al-bashar fi ta_rikh al-qarn al-thalith ‘ashar, 3 vols. (Damascus:Matba_atal-Majma_ al-_Ilmi al-Arabi, 1380–83/1961–63), 1142–43, 1189–90; Jundi, A_lam al-adab wa-l-fann, 2:44–45;Kurd _Ali, Khitat al-sham, 6:157.
17) انظر
Al-Jundi, A_lam al-adab wa-l-fann, 2:38.
18) انظر
See Butrus Abu-Manneh, “The Naqshbandiyya–Mujaddidiyya in the Ottoman Lands in the Early 19thCentury,” Die Welt des Islams 22 (1982): 1–36.
19) للمزيد عن محمد الخاني انظر
Abd al-Majid al-Khani, al-Hada_iq al-wardiyya fi haqa_iq ajilla_al-Naqshbandiyya (Cairo: Dar al-Tiba_a al-Amira, 1308/1890), 262–72, 275.
20) انظر
Abd al-Hamid Tahmaz, al-_Allama al-mujahid al-Shaykh Muhammad al-Hamid (Damascus: Dar al-Qalam, 1391/1971), 10–11, 20; MuhammadMuti_ al-Hafiz and Nizar Abaza, Tarikh _ulamaDimashq fi al-qarnal-rabi_ _ashar al-hijri, 3 vols. (Damascus: Dar al-Fiqr, 1986–91), 3:364.
21) انظر
ItzchakWeismann, “Between Sufi Reformism andModernist Rationalism—A Reappraisal of the Origins of the Salafiyya from the Damascene Angle,” Die Welt des Islams 41 (2001): 206–37.
22) انظر
Al-Sabuni, Ta_rikh Hamah, 160–61; Tahmaz, al-_Allama al-mujahid, 25.
23) انظر
Ibrahim al-Sayyid _Isa al-Misri, al-Jawahir al-lu_lu_iyya, 2 vols. (Damascus: Matba_at Ibn Zaydun, 1352/1933), 2:119–20; Mu_ayyad al-Kaylani, Muhafazat Hamah (Damascus:Wizarat al-Thaqafa wa-l-Irshadal-Qawmi, 1964), 214.
24) انظر
Khayr al-Din al-Zirikli, Al-A_lam—qamus tarajim li-ashhar al-rijal wa-l-nisa_ min al-_Arab wa-lmusta_ribin wa-l-mustashriqin, 10 vols., 2nd ed. (Cairo: n.p., 1954–59), 2:204.
25) انظر
Al-Sabuni, Ta_rikh Hamah, 13–14 (introduction to 2nd ed. by _Abd al-Rahman Khalil); al-Jundi, A_lamal-adab wa-l-fann, 2:46.
26) انظر
Al-Sabuni, Ta_rikh Hamah.
27) عن توفيق الشيشكلي وصالح قنباز انظر
see al-Jundi, A_lam al-adab wa-l-fann, 1:342–43, 1:345–46;Kaylani, Muhafazat Hamah, 63–64. For the Shishaklis (Jijaklis), who were second in Hamah only to the fourleading families, see also Douwes, Ottomans in Syria, 68–69; MAE (Nantes), Bey 544, “Renseignement sur lesvilles de Homs et Hama et les r´egions qui en d´ependent,” 10 July 1920. On Maktab _Anbar, its curriculum, an student life, see Randi Deguilhem-Schoem, “Id´ees franc¸aises et enseignement ottoman: L’´ecole secondaireMaktab ‘Anbar `aDamas,” Revue du Monde Musulman et de la M´editerran´ee 52/53 (1989): 199–206.
28) للمزيد عن حالة الأوقاف البائسة من وجهة نظر الصابوني انظر
see his article reproduced in Ta_rikh Hamah, 25–27.
29) انظر
Ibid., 8, 12–15; al-Jundi, A_lam al-adab wa-l-fann, 2:46–48; Zirikli, al-A_lam, ibid.
30) بالمقارنة مع حوار الأفكار بين جمال الدين القاسمي الناطق باسم السلفية في دمشق
Islamic Reform, chaps. 5 and 6; Weismann, Taste of Modernity, 291–98.31For a review of his various writings, see al-Sabuni, Ta_rikh Hamah, 16–20.
31) لمراجعة كتاباته الواسعة انظر
al-Sabuni, Ta_rikh Hamah, 16–20.
32) انظر
Ahmad al-Sabuni, al-Durus al-jaliyya li-l-shubuhat al-khafiyya (Hamah:Matba_at al-Ikhlas, 1343/1925).
33) انظر
Sirriyeh, Sufis and Anti-Sufis, 102–105.
34) انظر
Al-Sabuni, Al-Durus al-jaliyya, 18, 21–22.
35) انظر
Ibid., 42–48.
36) انظر
Ibid., 38–39; emphasis added.
37) انظر
Thompson, Colonial Citizens, 103.
38) عن حياة وأعمال سعيد الجابي خلال فترة الانتداب انظر
al-Kaylani, Muhafazat Hamah, 214;al-Misri, al-Jawahir al-lu_lu_iyya, 120; _Abd al-Qadir _Ayyash, Mu_jam al-mu_allifiyin al-Suriyin fi al-qarnal-_ishrin (Damascus: Dar al-Fiqr, 1985), 90.
وعن هذا النفي خلال الحرب العالمية الأولى انظر
MAE (Nantes), Bey 960,Information no. 3277, 22 September 1934.
39) انظر
Al-Jundi, A_lam al-adab wa-l-fann, 1:346; MAE (Nantes), Bey 872, “Note sur l’´ecole Dar el Ulm,”9 November 1934.
40) انظر
Al-Kaylani, Muhafazat Hamah, 214.
41) عن دور رجال الدين في ثورة حماة عام 1925 انظر
Ihsan al-Hindi, Kifah al-sha_b al-
42) انظر
Arabi al-Suri 1908–1948 (Damascus: Idarat al-Shu_un al-_Amma wa-l-Tawjih al-Ma_nawi, 1962), 91–92;Khoury, Mandate, 172; N. E. Bou-Nacklie, “Tumult in Syria’s Hama in 1925: The Failure of a Revolt,”Journal of Contemporary History 33 (1998): 285. For an assessment of al-Qawuqji and his activities duringthe early Mandate, see Khayriyya al-Qasimiyya, ed., Mudhakkirat Fawzi al-Qawuqji, 1914–1932 (Beirut,1975), 1:11–74.
43) انظر
Muhammad Sa_id al-Jabi, Al-Naqd wa-l-tazyif, 2nd ed. (Beirut: al-Maktab al-Islami, 1402/1982). The first edition appeared in Hamah in 1928.
44) انظر
Tahmaz, al-_Allama al-mujahid, 194–201; Hisni, Muntanhabat al-tawarikh, 926; Muhammad ibn_Abdallah Al Rashid, Imdad al-fattah bi-asanid wa-muruyyat al-Shaykh _Abd al-Fattah (Riyadh, 1999),297–301.
45) انظر
Isa al-Bayanuni, al-Arab fi al-adab mukhtasar kitab abwab al-rahiq fi adab al-tariq (Aleppo: al-Matba_aal-_Ilmiyya, 1344/1926)
46) انظر
Husayn al-Khatib, Al-Durr al-latif (Tripoli: n.p., 1342/1924). For biographical details on the author, see Muhammad Ahmad Durayniqa, al-Tariqa al-Naqshbandiyya wa-a_lamuha (n.p., 1987), 78.
47) انظر
Al-Sabuni, Al-Durus al-jaliyya, 55–57.
48) انظر
Al-Jabi, al-Naqd wa-l-tazyif, 12. See also ibid., 70, 82, where the r ¯abit.a is defined as idolatrous innovation (bid _a wathaniyya).
49) انظر
ibid., 14, 17–18, 20, 23–24, 30–31, 48–49, 59–60.
50) عن الزهراوي وكتابه
see Commins, Islamic Reform, 55–59.
51) انظر
Al-Jabi, al-Naqd wa-l-tazyif, 34–45.
52) انظر
Ibid., 74.
53) انظر
Ibid., 3–5.
54) انظر
Ibid., 92.
55) انظر
Al-Misri, al-Jawahir al-lu_lu_iyya, 120.
56) للمزيد من تحليل الكتاب وتداعياته انظر
see Thompson, Colonial Citizens, 94–100, 127–40.
57) انظر
Muhammad Sa_id al-Jabi, Kashf al-niqab _an asrar kitab “al-sufur wa-l-hijab” (Hamah: Matba_at al- khlas, 1347/1929).
58) انظر
MAE (Nantes), Bey 954, 13 April 1931.
59) انظر
Al-Kaylani, Muhafazat Hamah, 214.
60) انظر
Khoury, Mandate, 608–9. For the institution of the jam_iyya, see Reissner, Ideologie, 80–85.
61) انظر
Commins, Islamic Reform, 104–107, 118–22.
62) انظر
James L. Gelvin, Divided Loyalties: Nationalism and Mass Politics in Syria at the Close of Empire (Berkeley: University of California Press, 1998), chap. 2.
63) انظر
Reissner, Ideologie, 86–88; ItzchakWeismann, “The Invention of a Populist Islamic Leader: Badr al-Din al-Hasani, the Religious Educational Movement and the Great Syrian Revolt,” Arabica, 50 (2004).
64) انظر
Al-Kaylani, Muhafazat Hamah, 154. On Sa_id al-Na_san, see MAE (Nantes), Bey 587, “Personnalit´esreligieuses Musulmanes,” March and December 1929. Al Rashid, Imdad al-fattah, 368–69.
كتابه المطبوع الوحيد هو كتاب عن شروط الحج وقد نشر وحضِّر أثناء تعيينه المؤقت: انظر
idem, Risala mukhtasara fi manasik al-hajj (Hamah: Matba_at al-Ikhlas, 1341/1922).
استمرت الجمعية في عملها على التعاون مع الكيلاني في الثلاثينيات: انظر
Ahmad Qadrial-Kaylani, Hamah madinat al-nawa _ir (Hamah: Jam_iyyat A_mal al-Birr al-Islamiyya, 1356/1937), frontpage.
65) انظر
Reissner, Ideologie, 88–89.
66) انظر
J. Gaulmier, “Note sur une ´episode poe´tique de la rivalite´ se´culaire entreHoms etHama,” Bulletin d’E´tudes Orientales 2 (1932): 85. On _Abd al-Qadir al-Kaylani, see Khoury, Mandate, 261, 329. 67On the importance of craft corporations in Ottoman Hamah and their affinity with the Sufi orders, see Reilly, Small Town in Syria, 61–62, 75–79.
67) عن أهمية الأصناف الحرفية في حماة في الفترة العثمانية وتقاربها مع الطرق الصوفية انظر:
Reilly, Small Town in Syria, 61–62, 75–79.
68) عن مسجد الشيخ ابراهيم انظر
Khenchelaoui and Zarcone, “La Famille,” 66.
69) انظر
Tahmaz, al-_Allama al-mujahid, 18–19.
70) انظر
J. Gaulmier, “Notes sur le movement syndicaliste a Hama,” Revue des E´tudes Islamiques 6 (1932): 114.
71) انظر
Ibid., 99–100. Khoury, Mandate, 367–71.
72) انظر
Stephen Hemsley Longrigg, Syria and Lebanon Under French Mandate (Beirut: Librairie du Liban, 1958), 190. MAE (Nantes), Bey 1560, 27 April 1931, “Information no. 1624,” and 4 May 1931, “Information no. 1721”; Bey 1983, “Bulletin d’information hebdomadaire no. 20,” 16 May 1931.
73) انظر
MAE (Nantes), Bey 607, “Information no. 3076,” 12 December 1932.
74) انظر
MAE (Nantes), Bey 607, “Requˆete des habitants de Hama,” 25 September 1932; Bey 1989, 17 March 1933; Bey 728, 31 August 1933; MAE (Paris), Syrie-Liban 509, 249-250, 13 December 1932.
75) انظر
Thompson, Colonial Citizens, 206–207.
76) انظر
MAE (Nantes), Bey 587, “Personnalit´es religieuses Musulmanes,” December 1930.
77) للمزيد من التحليل عن التعليم والاحتلال والطبقة في قيادة الجبهة الوطنية والأحزاب المناصرة للفرنسيين انظر:
see Khoury, Mandate, 252; For the 1931–32 elections, see ibid., 365–74.
78) انظر
Longrigg, Syria and Lebanon, 195–97.
79) انظر
MAE (Nantes), Bey 960, “Information no. 1346,” 13 April 1934; al-Kaylani, Hamah madinat al-nawa_ir, 3. For the connection of the festival with the mawlids of the saints in the area, see J. Gaulmier, “P`elerinages populaires a` Hama,” Bulletin d’E´tudes Orientales 1 (1931): 137–38. A vivid description of the festival in Homs at the beginning of the century is given in Frederick Jones Bliss, The Religions of Modern Syria and Palestine (New York: Charles Scribner’s Sons, 1912), 269–72. On Mahmud al-Shuqfa, see George Faris, Man huwa fi Suriya (Damascus: al-Matba_a al-Ahliyya, 1949), 233; Fred de Jong, “Les confr´eries mystiqu musulmanes au Machreq arabe,” in Les Ordres mystiques dans l’Islam, ed. A. Popovic and G. Veinstein (Paris: ´ Editions de EHESS, 1985), 215.
80) انظر
MAE (Nantes), Bey 960, “Information no. 1507,” 27 April 1934.
81) انظر
Khoury, Mandate, 450.
82) انظر
MAE (Nantes), Bey 1989, “Bulletin d’information hebdomadaire no. 24,” 2 June 1933.
83) انظر
MAE (Nantes), Bey 607, “Information no. 2494,” 11 July 1934, and “Controverses religieuses `aHama,” 17 July 1934; Bey 960, “Information no. 3277,” 22 September 1934; MAE (Paris), Syrie-Liban 512, 33–34, 23 July 1934.
84) انظر
MAE (Nantes), Bey 926, 1 and 17 July 1934; Bey 607, 17 July 1934.
85) انظر
MAE (Nantes), Bey 872, “Information no. 2844,” 13 August 1934, “Information no. 2865,” 17 August 1934, and “P´etition `a la soci´et´e des nations,” 9 November 1934.
86) انظر
MAE (Nantes), Bey 872, “Information no. 3314,” 27 September 1934.
87) انظر
Khoury, Mandate, 426, 474.
88) انظر
MAE (Nantes), Bey 960, “Information no. 3277,” 22 September 1934.
89) انظر
Tahmaz, al-_Allama al-mujahid, 18; Faris, Man huwa fi Suriya, 233.
90) انظر
Sa_id al-Jabi, Hidayat al-_asriyin ila mahasin al-din (Hamah: Matabi_ Abi al-Fida_, n.d.).
91) انظر
IshaqMusaHusaini, TheMoslem Brethren: TheGreatest ofModern IslamicMovements (Beirut:Khayat’s, 1956), 75–76; Reissner, Ideologie, 97–101; Thompson, Colonial Citizens, 277.
برزت سلفية السباعي لأول مرة في صراعه ضد احتفال ربيع التصوف في حمص انظر
see Mustafa al-Siba_i, “Rajul faqadnahu: Husni al-Siba_i,” Hadarat al-Islam 2, 5–6 (1961), 106.
92) انظر
Mitchell, Society of the Muslim Brothers, 14.
93) انظر
Ibid., 2–8, 214–16, 322–23.
94) انظر
Umar F. Abd-Allah, The Islamic Struggle in Syria (Berkeley: Mizan Press, 1983), 95.
95) انظر
Jabir Rizq, al-Ikhwan al-Muslimun wa-l-mua_mara _ala Suriya (Cairo: Dar al-I_tisam, 1980), 116–17; Sa_id Hawwa, al-Ijabat (Cairo: Dar al-Salam, 1984), 97–99.
96) المصادر الأساسية عن حياة وأعمال محمد الحامد هي
Tahmaz, al-_Allama al-mujahid, 9–49; and Hadarat al-Islam 10, 3 (1969), an issue dedicated to his memory. See also Itzchak Weismann, “Sa_id Hawwa: The Making of a Radical Muslim Thinker in Modern Syria,” Middle Eastern Studies 29 (1993), 607–11.
97) للمزيد عن بدر الدين حامد
see Sami al-Kayyali, al-Adab al-_Arabi al-mu_asir fi Suriya, 1850–1950, 6th ed. (Cairo: Dar al-Ma_arif, 1968), 316–25; al-Jundi, A_lam al-Adab wa-l-fann 2:54–56.
98) انظر عن محمد الحامد،
Rudud _ala abatil wa-tamhisat li-haqa_iq diniyya (Damascus: Matba_at al-_Ilm, 1385/1965); idem, Majmu_at rasa_il (Hamah: al-Maktaba al-_Arabiyya, 1390/1970).
99) انظر
Abd-Allah, Islamic Struggle, 104.
100) انظر
Sa_id Hawwa, Hadhihi tajribati . . . wa-hadhihi shahadati (Cairo: Maktabat Wahba, 1987), 23, 30, 39;idem, al-Ijabat, 86, 97–98; emphasis added.
101) انظر
Hinnebusch, Authoritarian Power, 49–57.
102) انظر
See esp. Jonathan P. Owen, “Akram al-Hourani: A Study of Syrian Politics, 1943–1954” (Ph.D. diss., Johns Hopkins University, Baltimore, 1992).
103) انظر
Rizq, al-Ikhwan al-Muslimun, 127; Hawwa, Hadhihi tajribati, 27–28, 31.
104) عن إذلال السباعي اتجاه السلفي في أواخر أيامه، انظر القيود المعادية للصوفية في
Mustafa al-Siba_i, “Hawla al-tasawwufwa-l-Sufiyya,” Hadarat al-Islam 1 (1961): 72–73
وقد تكثَّف هذا الميل مع خليفته
_Isam al-_Attar: see Abd-Allah, Islamic Struggle, 102–103.
105) انظر
Reissner, Ideologie, 301–302; J. Salt, “An Islamic Scholar-Activist: Mustafa al-Siba_i and the Islamic Movement in Syria 1945–1954,” Journal of Arabic, Islamic and Near Eastern Studies 3 (1996): 103–15.
106) انظر
Faris, Man huwa fi-Suriya, 233.
107) انظر
SeeMuhammad Dib Salih, “Rajul faqadnahu: _Abd al-Karim _Uthman,” Hadarat al-Islam 13, 5–6 (1972): 117–19.
108) انظر
See Muhammad al-Hamid, Nazarat fi kitab ishtirakiyyat al-Islam (Damascus: Matba_at al-_Ilm, 1382/1963).
وللمزيد من التحليل عن كتاب السباعي وأهميته انظر
Hamid Enayat, Modern Islamic Political Thought (London: Macmillan, 1982), 144–49.
109) للحصول على ملخص عن التحديات المختلفة التي سيواجهها التصوف في العالم المعاصر انظر
Carl W. Ernst, Sufism: An Essential Introduction to the Philosophy and Practice of the Mystical Tradition of Islam (Boston: Shambhala Publications, 1997), chap. 8.
110) انظر على سبيل المثال:
Michael Gilsenan, Saint and Sufi in Modern Egypt: An Essay in the Sociology of Religion (Oxford: Oxford University Press, 1973); Serif Mardin, Religion and Social Change in Modern Turkey: The Case of Bediuzzaman Said Nursi (Albany: State University of New York Press, 1989); Arthur Buehler, Sufi Heirs of the Prophet: The Indian Naqshbandiyya and the Rise of the Mediating Sufi Shaykh) Columbia: University of South Carolina Press, 1998(; Donald B. Cruise O’Brien, The Mourides of Senegal: The Political and Economic Organization of an Islamic Brotherhood Oxford: Clarendon Press, 1971.

المصدر الأصلي للمادة:

 حمزة ياسين
طالب ماجستير في قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، كاتب وباحث مهتم في قضايا الفكر والدين والمجتمع والسياسة، له مقالات وأوراق منشورة في صحف ومجلات إلكترونية.
اسحق وايزمان

بروفيسور الدراسات الإسلامية في جامعة حيفا، يركز في اهتماماته على دراسة تاريخ الحركات الإسلامية والصوفية في الشرق الأوسط وجنوب اسيا. صدرت له عدد من الكتب حول سوريا مثل " مذاق الحداثة: الصوفية والسلفية والعروبة في دمشق أواخر الفترة العثمانية"، " عبد الرحمن الكواكبي: الإصلاح الإسلامي والنهضة العربية".

اترك تعليق*

* إرسال التعليق يعني موافقة القارئ على شروط الاستخدام التالية:

- لهيئة التحرير الحق في اختصار التعليق أو عدم نشره، وهذا الشرط يسري بشكل خاص على التعليقات التي تتضمن إساءة إلى الأشخاص أو تعبيرات عنصرية أو التعليقات غير الموضوعية وتلك التي لا تتعلق بالموضوع المُعلق عليه أو تلك المكتوبة بلهجة عامية أو لغة أجنبية غير اللغة العربية.

- التعليقات المتكوبة بأسماء رمزية أو بأسماء غير حقيقية سوف لا يتم نشرها.

- يرجى عدم وضع أرقام هواتف لأن التعليقات ستكون متاحة على محرك البحث غوغل وغيره من محركات البحث.