الاستقرار السلمي للاجئين السوريين في الضواحي الشرقيّة من بيروت: قراءة أسباب الاستقرار الاجتماعي

21 آذار/مارس 2017
 
ترجمة: يسرى مرعي.

خلاصة:
  منذ أوائل عام 2011، حظيت حوادث العنف القليلة التي تشمل اللاجئين في لبنان بتغطية واسعة. ومع ذلك، ونظراً للأعداد الكبيرة من النازحين، والقرب من المعارك، والضغوط الموجودة مسبقاً في لبنان، يمكن للمرء أن يتوقع حدوث الكثير من الجدالات.
تركّز هذه المقالة على بلدية برج حمّود المكتظة بالسكان، حيث بلغت نسبة اللاجئين السوريين المسجّلين خُمس عدد السكان المحليين ومن دون أن يؤدي ذلك إلى أي حوادث عنف مهمة. وتشرح هذه المقالة، بناء على دراسة إثنوغرافية شاملة، الاستقرار الاجتماعي الذي ساد من خلال تسليط الضوء على آليات التنظيم والرقابة، وعلى إدارة تدفق اللاجئين من قبل الجهات الفاعلة المحليّة، وقدرة اللاجئين أنفسهم في عملية الاستقرار.  
 
   مقدمة(1):
   السماء صافيّة وقد توقف المطر أخيراً. يبدو وكأنه انقطاع صغير في أسبوع طويل من العواصف المدمّرة. ففي عام 2015، سمّى خبراء الأرصاد الجويّة اللبنانيّة العواصف التي ضربت البلاد في كانون الثاني/يناير "زينة"، أما العواصف التي أتت في بداية شباط/فبراير فسُمِّيت "جينا"، و"يوهان" كان اسم العواصف التي أتت في أواخر شباط/فبراير. وقد جعلت هذه التسميات العواصفَ تبدو استثنائية، كما جذبت اهتمام وسائل الإعلام. وبين مرور اثنتين من هذه العواصف، وأمام مدرسة في برج حمود، حدث مشهد لا يلفت النظر بين اللاجئين السوريين الذين يبقون مجهولين في وسائل الإعلام. كانت الأمهات، والآباء والخالات في انتظار أطفالهم. فتح البوّاب سامر (2)، أبواب المدرسة عند الظهيرة، وغمر باحة المدرسة أطفال تتراوح أعمارهم من 11 إلى 15 عاماً. فجأة، يدوي صوت صراخ عبر الباحة: يصرخ صبي يتجادل مع زميلة له بانزعاج. وتصرخ الفتاة بدورها. يتدخّل الأهل فوراً بينما يطلب سامر من الجميع أن يهدؤوا. وبعد دقيقتين تنتهي الحادثة. هذه هي الحياة العادية في شوارع برج حمّود. ثم يعود الأهل إلى حديثهم عن العواصف ويبقى اللاجئون السوريون في خلفية الصورة. استقرار اللاجئين السوريين في ضواحي برج حمّود هو أيضاً سلسلة من تفاعلات عاديّة يوميّة، بعيداً عن الشخصيات الاستثنائية والقصص المُرعِبة المرتبِطة بالأزمة السوريّة.
   تشير التقديرات، منذ بداية عام 2011، إلى وجود 1.5 مليون لاجئ سوري في البلاد (3). وإذ أن تعداد سكان لبنان بلغ 4.4 مليون قبل الأزمة، فهذا ما يجعل نسبة اللاجئين إلى السكّان هي الأعلى حالياً على الكوكب: "وقع عبء الأزمة السوريّة على المجتمعات المضيفة في لبنان بشدّة أكبر مما في أي بلد آخر (4). إذا كان المحللون السياسيون قد جادلوا بلا نهاية لعقود أن لبنان كانت على حافة حرب أهلية (5)، فقد زاد الصراع السوري بشكل لا يمكن إنكاره من إمكانيّة النزاع. إذ أن ذكريات الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاماً، جنباً إلى جنب مع الحضور الدائم للميليشيات، وسهولة الحصول على الأسلحة، والتوترات الطائفية المستمرة، إضافة إلى الضعف المتوطّن في الدولة اللبنانية، كل ذلك يزيد من هذا التهديد. علاوة على ذلك، ونظراً للقرب السياسي والجغرافي للمعارك السورية إلى لبنان، تميل الأزمة بشكل خاص إلى أن تسبّب لا أمان ولا استقرار (6). وإلى أن تنعش غضباً ضد الجيش السوري، الذي احتّل الأراضي اللبنانيّة لثلاثة عقود (1976-2005). في الواقع، أظهر استطلاع للرأي على مستوى الشعب ككل أن اللاجئين في لبنان يُنظر إليهم على أنهم تهديد أمني رئيسي للبلاد (7). والجدير ذكره، أن سجلات رحلات الأعداد الهائلة من اللاجئين عبر العديد من القارات غالباً ما تكشف علاقة بنمو الشبكات الإجرامية وازدياد عدم الأمان داخل البلد المضيف (8). ومما لا شك به أن وصول آلاف اللاجئين السوريين قد أدّى إلى صراعات في كل أنحاء لبنان. وقد غطّت الجرائد المحليّة والعالميّة على نحو واسع حوادث العنف القليلة التي تشمل لاجئين (9). كما أنتجت المنظمات غير الحكومية (NGO) ووكالات الأمم المتحدة تقارير لا تُحصى عن التوترات بين اللاجئين و"المجتمعات المضيفة"(10). في هذا السياق، لفت انتباهي الهدوء الجدير بالملاحظة وقلة الاضطراب والتصادمات في العاصمة بيروت. فبيروت الكبيرة، وهي المدينة الموسومة بعقود من الصراعات المسلّحة والخطوط الأمامية العسكرية (11) تستضيف الآن ما يقارب من 300 ألف لاجئ سوري(12). وتتحرّى هذه المقالة لماذا لم يؤدِ وصول اللاجئين السوريين إلى العاصمة بيروت -ورغم تهديدهم الجلي للاستقرار الاجتماعي في لبنان- إلى أيّ اهتياج أو انتفاضة كبرى.

   الإطار النظري: لماذا برج حمّود؟
   خلال العقود القليلة الماضية، كان من يقود إعادة إعمار بيروت، هم مطورو عقارات نيوليبراليون راغبون في جذب رأس مال أجنبي (13). وبما أن المساحات المُطهّرة في وسط المدينة، المناسبة لمعايير الأمن والرفاه (14)، لم تكن مُصَمّمة لاستضافة فقراء المناطق الحضر، استقر معظم اللاجئين في أحياء الضواحي(15) حيث ارتجلوا مرافق سكنيّة (أقبية، مرائب، الخ)(16). وبرج حمّود الذي تبلغ مساحته بضع كيلومترات مربّعة، والذي يقع في الضواحي الشرقيّة المباشرة لبيروت، هو مكان مناسب لدراسة استقرار اللاجئين السوريين، بما أنه استضاف ما يقارب من 20000 لاجئ منذ عام 2011(17).
   كان يقطن المنطقة 100 ألف ساكن قبل الأزمة، مما يجعل النسبة الحالية للاجئين مقارنة بالسكان المحليين واحد إلى خمسة –وهي الأعلى في العاصمة بيروت وفقاً لآخر تحليل مساحي صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)(18). بينما الأرقام الحقيقية أعلى وذلك وفقاً للمسؤولين المحليين الذين أشاروا إلى أن حوالي 34 ألف لاجئ يعيشون في برج حمود، ليبلغ عدد السكان حوالي 150 ألف شخصاً يجب التعامل معه: "من هؤلاء ال 34 ألف سوري، لا نعرف كم منهم بالضبط يعمل هنا الآن. لكن بيت القصيد هو أنه لديك عدد سكان ضخم، ضخم جداً للتعامل معه"(19). في الحقيقة، في بعض الشوارع، فإن نصف عدد السكان الآن هم من اللاجئين السوريين.
   إن برج حمّود هو وجهة استقرار جذّابة للاجئين السوريين لأنه يجمع بين فرص عمل محتملة في المعامل، والمرائب أو مواقع الإنشاءات القريبة وبين سلع قابلة للأجار وأسعار معقولة. وقد استضاف المحليون، على مدى عقود، عمالاً فقراء من شمال وشرق افريقيا، ومصر، والعراق، وجنوب-شرق آسيا. حتّى أن برج حمود في سبعينيات القرن العشرين، وُصِف بأنه أكثر منطقة لا متجانسة في لبنان (20). وفي المقاهي تحت جسر يريفان، يبلغ ثمن الشيشة 3000 ليرة لبنانية مقارنة بمتوسط يعادل 10000 ليرة لبنانية في بيروت. وعلى بعد عدة أبنية أخرى، تكلّف الإسبرسو 750 ليرة لبنانية في حين أن السعر النموذجي في داخل بيروت هو 1000 ليرة لبنانية. ومن بين ال225 موقع في لبنان الذين حدّدتهم ال(UN) على أنهم ضعفاء (21)، صّنِّفت بلدية برج حمّود على أنها "الأكثر ضعفاً" لأن أكثر من نصف سكانها اللبنانيين والسوريين يعيشون في ظل ظروف اضطرابات ماليّة. وقد سلّطت المنظمات الدولية الضوء تِباعاً على هذه الظروف المعيشية المُنذِرة بالخطر (22)، كما أكّدت هذه المنظمات أيضاً افتقار موظفي البلدية إلى الإعداد وقلة مواردهم المالية.
   في 18 أيار مايو من 2014، انتهت مشادّة بين مجموعتين من الشباب في برج حمّود بإلقاء أحد الرجال لجرة غاز من الطابق الثاني لمبنى سكني، فأصابت أحد المارين في الشارع. وغطّت وسائل الإعلام الدولية واللبنانية الحدث بشكل واسع (23) وبقي برج حمّود تحت الأضواء لمدة يومين. ورغم ذلك، نادراً ما غطّت وكالات الأنباء برج حمّود بعد ذلك عندما عاد كل شيء إلى طبيعته. بقيت هذه الحادثة حدثاً معزولاً إلى حد ما. كما تقع الخلافات والجدالات كل يوم في برج حمّود، لكنها تدور حول قضايا ثانويّة بين الجيران أو جدالات حول أماكن وقوف السيارات. يعلّق حسّان، وهو سوري وصل إلى برج حمّود قبل عامين:
    "أنا لا أعرف التفاصيل. شجارات صغيرة... لا أعرف المشاكل المحدّدة، ولكن هناك خلافات. عندما يكون عملك جيداً، وبوصفك مالك مقهى، إذا أتّى زبون وجلس لثلاث ساعات من أجل اسبرسو واحد، فلن تمانع.... لأن عملك جيد. لكن عندما تكون الأيام قاسيّة وتبدأ النقود بالنقصان، فإنك تقول له؛ اذهب أو أطلب قهوة أخرى"(24).
   ومع ذلك، وبشكل ملفت للنظر، لا تقود هذه الأنواع من الاضطرابات إلى حوادث عنف على نطاق واسع في برج حمّود. ويبدو أن شعوراً عاماً بالأمن يسود بين السكان واللاجئين. كيف يمكن للفرد أن يفسِّر هذا اللاعنف الغريب؟
يسترشد بحثي باهتمام كلاسيكي لمدرسة الإثنوغرافية المجذّرة*. وكما ذكر إرفنغ غوفمان (E. Goffman) في دراسته عن دور الأماكن العامة في عام 1963، "من المعروف مثلاً أن التجمهر يمكن أن ينشأ فجأة من التدفق السلمي لحركة المرور البشري [...] ولكن يبدو أن اهتماماً أقل قد أُعطِي لمسألة البنية التي تملكها هذه العلاقات السلمية في حال لم يكن التشكل الجماهيري هو القضية"(25). لا ينظر هذا المقال في أعمال الشغب والمخاوف، ولكنه معنيّ بالجزء المتبقّي من السلوك الجمعي: "دراسة حركة المرور البشري العاديّة وتنميط الاتصالات الاجتماعية العادية"(26)، عندما لا يوجد تعبئة وحشود. الهدف هو فهم الأعمال الداخلية للنظام الاجتماعي ول "التدفق السلمي لحركة المرور البشري". ومع ذلك، من وجهة نظر أكاديمية، نأيت بنفسي عن المدرسة الاثنوغرافية المجذّرة، بما أنني لم أكن أنوي أن أطوّر نظريات سوسيولوجية جديدة استناداً إلى ملاحظة قضية الدراسة المحلية. بدلاً عن ذلك، تعتبر هذه الأطروحة برج حمّود حالة شاذة في المجموعة الحالية حول أدب الهجرة، الذي يميل إلى تصوير اللاجئين كمضطربين ويركّز على الملامح الاستثنائية المرتبطة بتدفقهم (27). درست الضواحي الشرقية لبيروت من دون رغبة بتمديد النتائج على كل البلد أو صك مفاهيم جديدة (28)، لكن مع الطموح بأن الآليات المُحددة في هذه الضواحي قد تسهم بقراءة أكثر تطوراً لأنماط الاستقرار وحقائق الفقر في المناطق الحضرية في لبنان.
   وهكذا، يبني هذا المقال أيضاً على معطيات الدراسات الحضرية حول الفضاءات العامة والتحضّر في أماكن كوزموبوليتانية (29). وهو يستند غالباً على بيانات نوعية جُمِعت على مدى أشهر من الملاحظة الميدانية، والتطوع في المنظمات المحلية ومقابلات مع ساكنين قدماء، ولاجئين، وقادة مجتمع، واخصائيين اجتماعيين، وشرطة، وموظفي بلدية وموظفي المنظمات الدولية.
   بعد خمس سنوات من بداية الأزمة السورية، يقترح هذا المقال تفسيراً ثلاثياً لحركة المرور البشري العادية في برج حمّود.

   1 المعالجة الفعّالة للتدفق من قبل المجتمع المدني في برج حمّود:
   لا يمكن أن توجد وصفة للتناغم والهدوء. لكن هذا الجزء يذهب إلى ما وراء التفسير الاستشراقي الذي يشير إلى الضيافة اللبنانية الأسطورية (30)، ويؤكّد بدلاً من ذلك، على دور التاريخ المحلّي الخاص بالإضافة الى نواقص المجتمع الدولي.
  • تاريخ طويل من الترحيب: السكان المضيافون والمنظمات المحلية الديناميكية:
عندما وصل أول اللاجئين السوريين إلى برج حمّود، فعّل السكان المتنوعون مع المنظمات المحلية ممارسات ترحيبية قديمة خاصة ببرج حمود. ففي بداية القرن العشرين، كان عدد سكان بيروت أقل من 100000. وعلى حافتها الغربية، كانت توجد مزارع مستنقعات من قصب السكر وأشجار دودة القز. وعلى مدى العقود التالية، حدث التحول الحضري لهذه الأراضي وفقاً للأزمات الدولية القريبة. ففي عام 1921، وصلت الموجات الأولى من اللاجئين السوريين والأرمن، الفارّين من المجازر العثمانية. وأسّسوا بلدية برج حمّود. ثم في عام 1933، التهمت النيران المنطقة الأخرى التي شغلها اللاجئون الأرمن، وهي مخيم الكرنتينا في شمال بيروت، والذي كان يستقبل ما يقارب 10000 لاجئ (31). ونتيجة لذلك، انتقل المزيد من الأرمن إلى برج حمّود. وبعد الحرب العالمية الثانية، جذب الاتحاد السوفيتي العديد منهم، ف"عادوا" إلى أرمينيا السوفيتية تاركين منازلهم فارغة. ولكنها لم تكن شاغرة لمدة طويلة، فخلق إسرائيل في عام 1948 وطرد الفلسطينيين، جلب لاجئين جدد إلى برج حمّود. وبعد استقلال لبنان، في عام 1943، انجذبت النخب التجارية والثقافية من الدول العربية المجاورة إلى منطقة بيروت الداخلية المزدهرة، بينما استقر اللاجئون منخفضو الدخل في الضواحي. كما أجبرت حرب عام 1956 بين العرب واسرائيل اللبنانيين الشيعة الجنوبيين الذين يعيشون قريباً من منطقة الحرب على الفرار، دافعة بالعديد منهم إلى الاستقرار في برج حمّود. وفي ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، استُضيف مرة أخرى في برج حمّود، السوريون والمصريون والعراقيون الفارّون من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية. وجلبت حربا عامي 1967 و1973 بين العرب واسرائيل، لبنانيين جنوبيين إضافيين إلى المنطقة. فأصبحت منطقة برج حمود ثالث أكبر مركز حضري في لبنان، "مستودع لاجئين ومحطة للأفراد الفقراء من كل طائفة في الهلال الخصيب عملياً"(32). واستمر الاجتياحان الإسرائيليان في عامي (1978 و1982) واحتلال جنوب لبنان بين عامي (1978-2000) بدفع اللبنانيين الجنوبيين خارج منازلهم. ومنذ تسعينيات القرن العشرين، انتقل إلى هناك أيضاً أجانب من الفلبين، وسيريلانكا، وبنغلادش، والهند، وإثيوبيا، والصومال، وغانا، والسودان، إلى جانب مجموعات إثنيّة أخرى مثل الأكراد (33). وقد حوّل هؤلاء المهاجرون برج حمّود إلى منطقة تجاريّة ديناميكية ومتنوعّة، وبالتالي، إلى منطقة يمكن أن يستقر الوافدون إليها بسهولة شديدة. والمحلات التي تبيع باقات اتصالات دولية، غالباً ما تعرض الآن مكالمات رخيصة إلى سوريا وتركيا: 3 دقائق ب 1000 ليرة لبنانية.
   فاروج، وهو أرمني مالك متجر وساكن منذ مدة طويلة في برج حمّود، يقول: "نحنا أيضاً كنّا لاجئين!"(34) يعيش فاروج في شقة والدته في حي نور-مرعش، والذي سُمِّي تيمّناً بمدينة مرعش في أرمينيا. عندما بدأ أول اللاجئين من الحرب السوريّة بالوصول خلال صيف عام 2011، تبنّى بعض السكّان دور المُضيفين، بما أنهم يمكن أن يكونوا مرتبطين بالوضع اليائس للوافدين. فتح بعضهم منزله مجاناً؛ أحياناً بسبب وجود صلات مع اللاجئين تسبق الأزمة، وأحياناً انطلاقاً من حسٍ بالالتزام الأخلاقي. أما بعضهم الآخر تذكّر حرب عام 2006 ضد اسرائيل عندما أُجبِر اللبنانيون على إيجاد مأوى في سوريا وبالتالي فقد أرادوا رد الجميل. حافظ، من سكان برج حمّود ويعمل اخصائياً اجتماعياً، أصرّ أن الوضع لم يكن استثنائيّاً، بل مألوفاً نوعاً ما:
   "اختبرنا نفس التجربة خلال اشتباكات عام 2006 مع اسرائيل في الجنوب، إذ ترك حوالي 50 ألف لاجئ موطنهم في الجنوب وأتوا إلى بيروت والضواحي. بالتالي كان لدينا نفس التجربة من قبل"(35).
   نظّم السكّان حملات تبرّع بالملابس والمفروشات للاجئين. خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، كان برج حمّود، وهو في الجزء الشرقي من المدينة، يقع في المعسكر المسيحي. ومع ذلك، كان يُنظر إليه باعتباره ملاذاً آمناً نسبيّاً، إذ أخذ الأرمن موقفاً حياديّاً بين انقسامات المجتمعات المسلمة والمسيحية. وغالباً ما يتذكر السكان المحليون حوادث مساعدة الأرمن للفلسطينيين السنة أو اللبنانيين الشيعة ليصلوا بسلامة إلى الطرف الآخر من المدينة (36): "المكان الوحيد الذي لم يكن فيه مجزرة هو برج حمّود! كان محاطاً بالميليشيات، لذلك رافق الأرمن، تحت حمايتهم، المسلمين إلى بيروت الغربية"(37). هذه الحكاية، وبغض النظر عن دقتها التاريخية، إلا أنها جزء من بنية برج حمود بوصفه مأوى داخل مدينة موسومة بالنزاع. وسواء كانت متوَهّمة أو حقيقية، إلاّ أن هذه الحيادية لعبت دوراً في تقبّل اللاجئين.
   إضافة إلى ذلك، لم تتردّد المجتمعات المحلية في الموافقة على دور المضيف بما أنها كانت قادرة على الاستفادة من ذلك على المستوى الفردي. إذ اعتُبِر اللاجئون مستأجرين محتملين، أو عمّال بأجر رخيص، وزبائن. إذ قررت كثير من محلات البقالة الصغيرة توسيع أنشطتها واشترت آلات اسبريسو. كما أضافت نصف دزينة من كراسي بلاستيكية على الأرصفة وبدأت ببيع القهوة مقابل 500 ليرة لبنانية. وكانت المجتمعات المحلية حريصة على تشغيل قوى عاملة رخيصة: وظّفت محلات خضار وفواكه، وكذلك الكراجات، عمالاً سوريين. وماعدا الأرباح الخام، فإن استضافة اللاجئين ربطت أيضاً السكان المحليين مع الوافدين، كما تذكّرت صوفيا، وهي أرمنية سكنت الحي منذ وقت طويل:
   "ليس مجرد التعايش القسري، إنه مثل تفاعل. نحن نعمل معاً. إنها ليست صداقة. أنا لا أتحدّث عن الزواج المختلط. لكنني أتحدث عن الاحترام. سمعت العديد من الأجانب يقولون أنهم تعلّموا أعمالهم من برج حمّود. أنهم تعلّموا من الأرمن"(38).
   كما لعبت الجمعيات المحلية دوراً رئيسياً في استقبال اللاجئين. إذ كان برج حمّود مأهولاً في الغالب من قبل سكان منخفضي الدخل، فاستضاف شبكة كثيفة من جمعيات الحي، مراكز مجتمعية، مستوصفات، كنائس، مراكز دينية، ونوادي أطفال. وكانت هذه الجمعيات تعمل لسنوات على قضايا البطالة، والتسرب المدرسي، وعمالة الأطفال، والدعارة، وإدمان المخدرات. وبخبرتهم هذه، إضافة إلى التنسيق الفعّال، والاعتماد على عمال مخلصين، فقد لبّوا بشكل فعال احتياجات الوافدين. في البداية، وسّعت الجمعيات المحلية طواعية برامجها الموجودة لتشمل اللاجئين الجدد. وبعد سنوات قليلة من الأزمة، بدأت بتطوير صيغة جديدة لتلبية الاحتياجات الاستثنائية.
   جمعية "دار الأمل"، وهي واحدة من أكثر الجمعيات نشاطاً والتي يستمر المخبرون بذكرها، تقع في الطابق الأول من مبنى أحمر بثلاثة طوابق في قلب حي مكتظ وهو النبعة، الواقع جنوب برج حمّود. وإذ أنني أضعت طريقي، فقد سألت أحدهم عن الاتجاهات: "آه نعم، دار الأمل، سهلة، الجميع يعرفهم.... استمري إلى الأمام ومن ثمّ إلى أول يمين!" تغطي رسومات الأطفال جدران الغرفة الرئيسية في المنظمة غير الحكومية. تشرح نهى، وهي واحدة من الاخصائيين الاجتماعيين الاثنين في دار الأمل: "دائماً ما قمنا بالعديد من الأنشطة الترفيهية والحرف اليدوية، والألعاب، والأغاني.... ولذلك فقد دمجنا الأطفال السوريين فيها". كما أظهرت المنظمات غير الحكومية الصغيرة نوعاً ما، التي يعمل فيها 10 موظفين، تفاعلية مثيرة للإعجاب من خلال التفكير أيضاً بالاحتياجات المحددة للاجئين السوريين وتجهيز برامج مخصصة. ومثل نهى، فإن غالبية موظفي المنظمات المحلية في برج حمّود هم من السكان القدماء، الذين كرّسوا أنفسهم لمهنهم، وقبلوا بمضاعفة عبء عملهم منذ عام 2011 من أجل التعامل مع الاحتياجات على أرض الواقع. وقد دُعِموا في مهامهم من قبل البلديات المحلية التي (على عكس البلديات الأخرى) كانت مُرحِّبة إلى حد ما باللاجئين.

من أنشطة دار الأمل للأيتام
 
يصف هاري، وهو موظف بريطاني في منظمة غير حكومية دولية ناشطة في لبنان (39)، الموقف غير العادي الذي اتخذته بلدية برج حمّود في الأزمة، يقول: "انفتاحه جدير بالملاحظة... (نائب رئيس البلدية) لديه حقاً رؤية للمجتمع: أفكار، ومشاريع. إنه محفّز". بالتأكيد، نائب رئيس بلدية برج حمّود انتقادي للغاية حول الاستجابة الرسمية الحالية للأزمة إذ أن "الكل يتحدث عن <اللاجئين>، يستجدي النقود لهم..... ولكن في آخر اليوم، لا يصل شيء للاجئين إلاّ القليل جداً"(40). وبمجرد وصول اللاجئين، أمّنت البلدية شاحنات إضافية لشركة سولكين وأظهرت تساهلاً تجاه نظام الجمع غير الرسمي الذي بدأ يعمل في بعض الأحياء. وفوق كل شيء، لعبت البلدية دور الميسّر بين الوافدين والجمعيات المحلية. ففي بداية عام 2012، سجل عدد قليل من موظفي البلدية العائلات اللاجئة القادمة إلى مبنى البلدية وملؤوا أربع أوراق كبيرة باسمائهم وحاجاتهم التفصيلية. وفي الوقت ذاته، حسّنت البلدية دعمها للمنظمات غير الحكومية المحلية وشجّعت التعاون فيما بينهم.

   2.1. هدف ملائم للجهات الفاعلة الإنسانية غير المستعدّة:
   قبل الأزمة، جذبت الخصائص غير التقليدية للمنطقة –مثل الوضع الاقتصادي-الاجتماعي المتدني، والكثافة والنسبة العالية من المهاجرين- الجهات المعنية على المستوى العالمي مثل البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (41). تبعاً لذلك، وفي بداية الأزمة السورية، لُوِنّت بلدية برج حمّود باللون الأحمر الدّال على "الأولوية" في خرائط المفوضيّة (42)، تشديداً على كثافة اللاجئين فجذبوا مانحين دوليين يتّبعون توصيات المفوضية (43). وقد تعزّزت الخصائص الإنمائية الجاذبة في برج حمّود في نيسان أبريل 2013 مع إدخال خطة الاستجابة الإقليمية (RRP5) وحرصها على ما يُسمى "المجتمعات المضيفة" والحاجة إلى "تضامن اجتماعي"(44). ومن ثم لُوِّن برج حمّود بدرجة أحمر أغمق (45). وقد أدّى ذلك إلى إطلاق بعض مشاريع حول "منع نشوب النزاعات" في المنطقة. وكذلك، أعاد الممثلون الإنسانيون تأهيل منازل ووزعوا بطّانيات، وفُرش، ومواد تنظيف، وأموال نقدية للاجئين وكذلك للسكان القدماء في برج حمّود.
   إن النواقص العديدة للاستجابة الإنسانية الدولية لأزمة اللاجئين معروفة جيداً في لبنان وتشمل نقص التنسيق بين الممثلين العالميين وارتفاع معدل دوران موظفي المنظمات الدولية (46). وفي برج حمّود، مثله مثل أي مكان آخر، أفسدت التقديرات التقريبية التدخلات الإنسانيّة. وخلال السنوات الأولى من الأزمة بشكل خاص، نفّذت الجهات الدولية العديد من المشاريع الشاملة باهتمام شحيح بالاحتياجات المحليّة (47). ومع ذلك، في برج حمّود، استفاد تطبيق المبادرات الإنسانية من المساعدة الثمينة للبلدية والمنظمات المحلية. وحين سألت نائب مدير منظمة غير حكومية فرنسية رائدة عن كيفية تنفيذهم برنامجهم لإعادة تأهيل المنازل في برج حمّود. كان ردّه بسيطاً: "إذا كنت تعرف أحدهم في البلدية ليساعدك، شخص لديه دافع لمثل هذا النوع من الأمور فإن ذلك يصنع الفرق حقاً"(48). منذ عام 2011، ساهم بعض الأشخاص في سد الفجوة بين المنظمات غير الحكومية الأجنبية وواقع برج حمّود. هؤلاء الأشخاص هم موظفون في البلدية، ولكن أيضاً أعضاء في الكنائس المحلية، والأحزاب السياسية، والنوادي الشبابية، وجماعات أخرى ناشطة اجتماعياً داخل مجتمع برج حمّود. لقد عمِلوا ك "عمّال ارتباط" غير رسميين، قادرين على فهم تطلّعات ومعايير المنظمات غير الحكومية الدولية وتزويدهم بالنصح والشرعية في الميدان. فعلى سبيل المثال، "تيريز" التي تدير جمعية لأطفال الشوارع وتعيش في برج حمّود منذ سنوات، لعبت دور "الدليل" للمنظمات غير الحكومية الدولية التي لا تعرف المنطقة. بالمثل، "الأب ألبرتو"، كاهن محلي إيطالي، أقنع المانحين الأجانب بدعم الاحتياجات المحلية بفضل معرفته بالمنطقة. وهناك أيضاً، "سيروب"، المدير الديناميكي لمركز قره كوزيان للرعاية الصحية. الذي تعلّم على مدى السنوات القليلة الماضية كيفية الاستجابة لطلبات العروض، بالإضافة إلى كيفية كتابة دعوات للحصول على التمويل. وعلى السلالم التي تؤدي إلى مكتبه، يوجد علم صغير لليابان مؤطّر تحت لافتة منقوشة بالكلمات التالية: "تجهيز مركز الرعاية الصحية الأولية لدعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة –برج حمّود- الواحد والثلاثين من تشرين الأول أكتوبر 2014 –اليابان- المنح المقدّمة لمشروع القاعدة الشعبية". وفي مكتبه على الورق المقوى، يوجد لائحة بالمواعيد النهائية واختصارات تحتها خطوط مثل "UNDP" و"UNHCR". صنع سيروب "مذكرة تفاهم" مع المفوضية تنص على أن وكالة الأمم المتحدة ستغطي ما قيمته 75% من تكاليف الخدمات الطبية المقدّمة للاجئين السوريين. وبالتالي فإن أي سوري يحصل على استشارة طبية في قره كوزيان يدفع الآن 2 دولار، وال 6 دولارات المتبقيّة تغطيها الأمم المتحدة.
   وهكذا، ساعد "عمال الارتباط" في تقليص الفجوة بين اللغة الاصطلاحية الدولية وبين الواقع المحلي عند وصول اللاجئين لأول مرة. ينتمي هؤلاء الأشخاص لجنسيات مختلفة، بعضهم لبناني، أرمني أو سوري، بينما بعضهم الآخر أوروربي أو تعود أصوله لأميركا الشمالية. ولأنهم كانوا على دراية بالاحتياجات المحلية وغالباً ما كانوا منتمين لأحزاب سياسية (49)، فقد كانوا قادرين على توفير النصح والشرعية لمقدمي المعونات الدوليين. وعندما سألت كيفورك على ماذا ينطوي عمله في مركز لاجئين افتتحته منظمة غير حكومية دولية في برج حمّود في عام 2015، لم يكن قادراً على إعطائي جواباً واضحاً: "عملياً، أنا مسؤول الاتصال إذا حدث شيء مع المدرسة، وبكل شيء.... عملياً إنه أنا. إضافة فإنني أذهب إلى..... وأنا مسؤول عن ال....."(50) وحتّى إن كان مسمّاه الوظيفي غير واضح، فقد كانت أعمال كيفورك حاسمة في دمج المركز في الحي. وفي الصيف الماضي، عانى المركز من مشاكل مع الجيران بسبب الضجة العالية التي كان الأطفال يصدرونها في الفناء. وعندما اشتكى الجيران وهدّدوا باستدعاء البلدية والشرطة. قضى كيفورك، وهو أرمني ترعرع في برج حمّود، ساعات ديبلوماسية طويلة يتفاوض مع الجيران ويستجدي صبرهم. وكجزأ من ذلك، فقد دعا أولاد الجيران للمشاركة في النشاطات الترفيهية للمركز.

   3.1 ... ومع هذا، فإن برج حمّود ليس جنّة للاجئين:
   مع أزمة اللاجئين السوريين، ومع الأخذ بعين الاعتبار قلة الموارد المتوفرة لمساعدة اللاجئين في المنطقة، فإن تأطير برج حمود بوصفه أولوية للمساعدة الدولية، بالإضافة إلى النسيج الاجتماعي الديناميكي والكثيف في المنطقة، مكّن الاستقرار السلمي للاجئين وسمح بالتماسك الاجتماعي السهل نسبياً. ولكن، لا يجب أن يُصوّر برج حمود بوصفه جنة للاجئين السوريين. فقد تُرجمت عقود من التوترات السياسية والحرب بين لبنان وسوريا إلى عنصرية وتضحية بالأضعف. كما نقلت الصحف والمقولات الشعبية صورة "اللاجئ السوري" على أنه غير متعلم، وعاجز، وعدواني (51). في السادس من كانون الثاني/يناير عام 2015، نشرت صحيفة النهار اللبنانية مقالة رأي تنتقد الوجود السوري في الفضاءات العامة لوسط المدينة (52).
  اتّهم الكاتب السوريين بحرمان شارع الحمراء الرمزي من هويته: "الديموغرافيا تغيّرت في الحمرا، طغى السوريون على المشهد، فيما يظهر اللبنانيون خارج الإطار". قاد الوجود الطويل للعمال السوريين مقترناً مع التدخّل الكبير لنظام الأسد في السياسات المحلية، إلى خوف العديد من اللبنانيين من "سورنة" ثقافة واقتصاد بلدهم (53).
   وفي برج حمود، كما في أماكن أخرى، يُنظر إلى اللاجئين السوريين بوصفهم جمهور غير مرغوب به. ويوجد عدد لا يحصى من حوادث التمييز الاعتيادية في سياقات مختلفة. فلا يقف سائق التكسي للعامل السوري الذي يلوّح له. كما يصرخ مدير المطعم في النادل السوري بدون سبب واضح. في ظهيرة يوم ثلاثاء من آذار/مارس 2014، دخلتُ مطبعة صغيرة في شارع بشارة خوري، وكانت مليئة بالزبائن. كان مالكا المحل يبحثان عن شخص إضافي لمساعدتهم. أخبرتهم بأن صديق لي "علاء" يبحث عن عمل. فسألوا: "هل هو سوري؟ نحن لا نحب السوريين........في النهار هم لطيفون وهادئون. ولكنهم في الليل يقتلون، ويسرقون، ويرتكبون الجرائم، لا يمكنكِ أن تثقي بهم". لقد قالوا ذلك بصوت منخفض لكن الجميع في المطبعة سمع ملاحظاتهم ولم يبدِ أي أحد منهم أي رد فعل على كلامهم. وعندما سألته إن كان قد شهد ذلك شخصياً، أخبرني قصة عن كاهن كان يقود سيارته عائداً إلى الكنيسة فأقلّ عاملاً سورياً في طريقه. فانتهى العامل السوري ب "طعن الكاهن وسرقة كل أمواله". وبينما كان يضع الورق الأبيض في الطابعة، كان يقلّد عملية الطعن ويقول: "لا نريد موظفاً سورياً هنا". يصعب التأكد من صحة هذه الحادثة الدموية لكن قوة التحامل المصاحب لها تحمل عواقب لا يمكن إنكارها على التفاعلات اليومية بين السوريين واللبنانيين.
ولذلك، لا يجعل الترحيب الفوري باللاجئين السوريين من قبل السكان والمنظمات المحلية في برج حمود، المنطقة أرض أحلام للاجئين. فقد ساهم تاريخ طويل من الاحتلال العسكري السوري في لبنان وهجرة العمالة في تصنيع "اللاجئ السوري الشرير"، وهي صورة استُخدِمت بسهولة من قبل الآخرين للتنصّل من المسؤولية واللؤم. في هذا السياق، يتطلب الاستقرار السلمي للاجئين السوريين في برج حمّود مزيداً من التوضيح. يحاول الجزء التالي كسر الصورة النمطية المُضلِلة عن "اللاجئ السوري" من أجل صقل فهمنا لأنماط الاستقرار في "برج حمود".

   2- من هو اللاجئ غير المرغوب به وهل "المجتمعات المضيفة" تستضيف فقط؟ الاستراتيجيات المحلية للتنظيم والمراقبة:
   من أجل تفسير اللاعنف الذي يسود في برج حمود، يجب تقسيم فئة "اللاجئ السوري" إلى تعدد معقد من هويات وقصص. لم يُدمج اللاجئون ككل في النسيج الاجتماعي لبرج حمود. بدلاً من ذلك، طُبقت آليات الترحيب بشكل غير متساو على الوافدين، تبعاً لانتماءات سياسية أو طائفية.

   2-1 "استضافة" السكان المحليين الانتقائية (الأرمن اللبنانيون يستضيفون الأرمن السوريين):
   على الرغم من تصنيف وسائل الإعلام والشعب اللبناني للاجئين السوريين عموماً بوصفهم متماثلين في الشخصية والخلفيّة، إلا أن اللاجئين السوريين هم مجموعة غير متجانسة. فقد يكون اللاجئون طلاباً يافعين في إدارة الأعمال من دمشق، أو عمالاً منخفضي الدخل ومتوسطي العمر من حمص، أو معلمين ثوريين حافلين بالمعاني، سُنة أو علويين، أو مسيحيين أرثودوكس، أو سكان الضواحي السيئة السُمعة في حلب، أو أربيل. من الصعب أن نقدّر بدقة التركيبة الجغرافية، والدينية، والطائفية للسكان السوريين في برج حمّود. فالبيانات المُسجّلة لدى المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إضافة للمعلومات المُقدمة من قبل اللاجئين بأنفسهم، تُظهِرُ أن أكثر من نصف اللاجئين السوريين في برج حمود هم أكراد سوريون. أغلبيتهم من حلب وقلة منهم من القامشلي، وأربيل، ودمشق. البقية هم سُنة وأرمن سوريون، معظمهم من حلب وأربيل. وفي هذا السياق، يجب تقييم الصورة الشعبية للاجئ المحتاج. بلا شك، فإن السوريين الذين يعيشون في برج حمود هم من بين أفقر السكان في المنطقة. لكن هؤلاء السوريون، الذين تمكنوا من الوصول إلى ضواحي بيروت وكانوا قادرين على دفع إيجار في برج حمود، هم أفضل حال من اللاجئين الذين بقوا في شمال بيروت أو في منطقة البقاع، على طول الحدود.
   إن الأصل الجغرافي أو الانتماءات الطائفية لهؤلاء السوريين هي متغيرات حاسمة في استقرارهم في برج حمود. إذ بيّنت الدراسات الأكاديمية السابقة لبرج حمود أن كل جماعة دينية وإثنية تستند على شبكتها الخاصة من أجل الدعم (54). وعلى الرغم من أن برج حمود منطقة كوزموبوليتانية، فإن الجماعات المتمايزة لها مساحات محددة خاصة بها للتجمّع (مراكز مجتمعية، وأحزاب سياسية أو كنائس). وتُترجم هذه الانقسامات إلى تجمعّات مكانية في المدينة: "هل ترين هذه المرأة؟ إذا انعطفت نحو اليمين فهي سورية شيعية، وإذا انعطفت نحو اليسار فهي غالباً ليست كذلك!" يقول أحد سكان برج حمود، في الشارع الرئيسي تحت جسر يريفان. فكل حي أو شارع مرتبط بمجموعة سكانية: مرعش والأجزاء الشمالية الشرقية هي أرمنية مسيحية، النبعة شيعة، الدورة غير متجانسة أبداً فيها الكثير من المجتمعات الآسيوية وشرق أفريقية، الخ. وعندما وصل السوريون إلى برج حمود، كل مجتمع اهتم بلاجئيه "الخاصين به".
   منذ بدايات تسعينيات القرن العشرين، وُظِف شباب سوريون من أعزاز وعفرين (في ضواحي حلب) كعمال موسميين في المصانع المتعددة في برج حمود (55). وفي بداية الحرب في سوريا، رحبوا بعائلاتهم وأصدقائهم. توازن هذه الروابط السابقة صورة الموجات العشوائية للوافدين. كما أنها تُسهم أيضاً في تفسير الهدوء النسبي للعملية. إذ يؤكّد الاخصائيون الاجتماعيون والسكان حقيقة أن وصول زوجات هؤلاء العمّال وأطفالهم الصغار كان له تأثير إيجابي على الأمن العام في الحي. ففي العديد من الأبنية، حلّت الحياة العائلية محل التوترات القديمة التي اعتادت أن تحدث بين السكان والعمال الشباب، وهذا ما وضّحته نهى وهي اخصائية اجتماعية تعمل في النبعة:
   "من قبل كانت العائلات اللبنانية تشتكي من العمال الشباب الأكراد في مبناها، حوالي 10 عمال في نفس الشقة. كان ذلك يخلق مشاكل، تعرفين. ولكن الآن يوجد هناك عائلات. لم يعد الأمر يقتصر على رجال لوحدهم. إذاً فالأمر مختلف نوعاً ما"(56).
   كما لعبت أيضاً الانتماءات الدينية والمجتمعية دوراً بين السكان اللبنانيين المحليين. إذ رأى اللبنانيون الأرمن في الأزمة السورية فرصة لإحياء الهوية الأرمنية لبرج حمود والحفاظ على تأثيرها داخل البلدية. لذلك عندما وصل أول الأرمن السوريين من سوريا بعد 2011، حشدت المؤسسات الأرمنية المحلية طاقة ومصادر إضافية لتقديم الدعم لهم على وجه التحديد، على سبيل المثال، في مراكز الرعاية الصحية الأولية وفي المدارس.
   "نحن سعيدون للغاية لأن كل السوريين الأرمن ينتقلون إلى برج حمود. نحنا خلقنا هذا المكان الجديد، (بلدية برج حمود) كما تعرفين. نريد أن نبقيه للأرمن"(57).
   "تحاول الأحزاب السياسية بجهد للحفاظ على ذلك الجزء الرئيسي (....) شارع أراكس ومرعش وصولاً إلى مدرسة مسروبيان والجسر"(58).
   يمنع الطاشناق، وهو الحزب المهيمن على المشهد السياسي في برج حمود (59)، أصحابَ العقارات من بيع ممتلكاتهم لغير الأرمن. لذلك، كان وصول اللاجئين الأرمن السوريين فرصة للقوميين لتعزيز المجتمع الأرمني. ففتحت النوادي السياسية المحلية أبوابها للاجئين. وقد شجعت الحكومة اللبنانية هذه النزعة، من خلال "الاستعانة بمصادر خارجية" في الخدمات الحيوية (الصحة، والتعليم والإسكان) للقطاع الخاص وعدم تقديم بدائل عامة. وبالتالي أصبحت الهوية الطائفية للاجئين أداة لحل المشاكل والاحتياجات اليومية. وليس الاستعمال الأداتي للانتماءات الطائفية جديداً على برج حمّود (60). إذ يُظهر التدفق الحالي للاجئين أن الهوية الطائفية تبقى أداة يمكن تعبئتها من قبل اللاجئين والمجتمع المضيف.
   في حالة برج حمود، ساعد تسييسُ الأزمة اللاجئين الذين ينسجمون مع حزب سياسي معين على اجتذاب السلع والخدمات. فلا يوجد شيء اسمه مجتمع مضيف واحد بل مجموعة متنوعة من المصالح والاستراتيجيات تجاه اللاجئين. والنموذج المصغر لبرج حمود قد أُسِّس على أنه يمثل "العالم الأكبر المحدود بمكانه ولكنه يتضمن شبكة كثيفة من العلاقات الاجتماعية تمتد أبعد من الموقع المحلي"(61). وفي المقابل، أثار تعدد الانتماءات الطائفية والهويات دعماً متغايراً من المحليين على مدى السنوات الأربع الأخيرة.

   2.2. سيطرة متقطّعة: التطبيق المرن لمنع التجول:
   تمثّل ضيافة السكان المحليين في برج حمود جزءاً فقط من الاستجابة على وصول اللاجئين (62). في تموز يوليو عام 2014، فرضت بلدية برج حمّود، بعد 53 مكان آخر في لبنان، منع تجول على اللاجئين السوريين (63). والهدف واضح: منع غير المرغوب فيهم من التواجد في الفضاءات العامة. إنه يقيّد الحق بالتواجد في الفضاءات العامة المفتوحة غير المقيّدة حيث يصبح مجرد وجود اللاجئ السوري "عملاً غير لائق"(64). وعلى سبيل المثال، ففي بلدية سن الفيل، التي تقع في الضواحي الشرقية مباشرة إلى الجنوب من برج حمود، أسّس رئيس البلدية نظاماً صارماً يستهدف العمال السوريين غير الشرعيين:
   "بدأ رئيس بلدية سن الفيل نظاماً فيه الناس من سوريا... ليس السكان... بل العمّال من سوريا... نعتقلهم مباشرة! أعني مباشرة، مباشرة! نأخذهم بسرعة، نمسكهم. ربما ننذرهم أول مرة. [....] رئيس البلدية يقول أنهم تهديد أو خطر. أنا، لا أعرف، من وجهة نظري لا أعرف. لكن [.....] الأشخاص الذين يأتون هنا، أحياناً يسرقون، ويضربون، ويزعجون، ويخربون. لذلك يجب علينا أن نسيطر على الوضع"(65).
 يمكن للشخص في بلدية سن الفيل أن يرى ليلاً شرطي بين كل أربعة أو خمسة أبنية. أما على بعد بضع كيلومترات في برج حمود، فيختلف تطبيق الأمن في الشوارع. فتنفيذ منع التجول في برج حمود مرن وغير متواصل. وهذه المرونة في تطبيق منع التجول هي عامل آخر في الاستقرار الاجتماعي الذي ساد في برج حمود.
   وفي تموز يوليو 2014، أعلنت بلدية برج حمود تطبيق منع تجول على اللاجئين السوريين. أي أن السوريين لن يتمكنوا من التواجد في الشوارع من السابعة مساءً إلى السابعة صباحاً، وعلى مدى بضع أسابيع. وحُذِّر اللاجئون السوريون عن طريق إعلانات كبيرة معلقة في الخارج. وكانت مشادّة بين مجموعة لاجئين ومجموعة من السكان في حزيران يونيو 2014 هي ما استحثّت تطبيق منع التجول. وعبر منع الوصول فجأة إلى الأماكن العامة لمجموعة سكانية محددة، فقد كان منع التجول، ومازال في أماكن أخرى، ممارسة عنصرية ضد القانون الإنساني، لكن نائب رئيس البلدية أعلن أنه إجراء مؤقت لتلبية الاحتياجات المحلية:
   "لقد تم حثّنا وطُلِب منا تطبيق منع تجول منذ فترة طويلة. لكننا قاومنا لأننا اعتبرنا ذلك لا إنساني وغير صحيح وله نتائج عكسية، ولكن وُجِدت فترة حين كانت التوترات في ذروتها بين المجتمعات المحلية في بعض الأحياء وبعض.. أجزاء من.... الغرباء في برج حمود"(66).

 
 تسلّط تبريراته الضوء على الضغط الذي واجهه من قوى الأمن الداخلي، ومحافظة المتن (67) والسكّان. قُدِّم منع التجول بوصفه الحل الوحيد نظراً لنقص الموارد والمسؤوليات المحدودة للشرطة، وخصوصيات النسيج الحضري في برج حمود: "هناك الكثير من الشوارع الضيقة، يمكنك أن تُغفِل حادثة تقع على بعد أمتار، قد يتطلب 10 أضعاف من أفراد شرطة يعملون في نوبات مستمرة"(68). وخلال المقابلات التي أُجريت في كانون الثاني يناير 2015، أكّد مسؤولو برج حمود أن منع التجول فُرِض لمدة أسبوعين فقط خلال الصيف: "كان طريقة لتهدئة المجتمع قليلاً. ولكنه الآن انتهى"(69). كان إعلان منع التجول علامة أُرسِلت إلى السكان المحليين بشكل واضح: أداة للاتصال.
ووفقاً للعديد من المخبرين، كان منع التجول لا يزال يطبق اعتباراً من أيار مايو 2015. إذ ذكر العمال السوريون والسكان المحليون "منع التجول الذي أجبرهم على العودة للمنزل قبل السادسة مساءً". وعلى مدار البحث، كنت أسأل اللاجئين والسكان السوريين بشكل منهجي إن كانوا يعيشون في ظل منع التجول. وتنوّعت ردود المخبرين بين "نعم"، و"لا"، و"الأمر يعتمد.."، و"لا أعرف". قد تنبع هذه التناقضات من حقيقة أن الميليشيات غير الرسمية تضبط الفضاءات الخارجية أيضاً. وإذ أن شرطة برج حمود أدرجت في صفوفها الأفراد السابقين للميليشيا الأرمنية بعد الحرب الأهلية، فإن الحدود بين الشرطة غير الرسمية والرسمية تكون أحياناً غير واضحة. تشرح رنا، وهي من سكان حي النبعة الذي تقطنه أغلبية شيعية، أن "الفهود" (وهي هيئة محلية) بدأت بحراسة الحي إلى جانب الشرطة: "بدؤوا دوريات يومية لأن الحي كان ينقصه الأمان وبالتالي فقد انخفضت المشاكل الآن، الآن لا يوجد مشاكل"(70). إلا أن مسؤولي البلدية لم يذكروا أبداً الصلة بين البلدية وهذه الميليشيات بشكل مباشر بل يفضلون ذكر رغبتهم بالتفاوض الودي مع مثيري الشغب. فكما قال لي أحد المسؤولين:
   "تحدثنا بود، بشكل مؤدب. بهدوء كبير؛ وجعلنا بعض اللاجئين السوريين يفهمون أننا لن نتساهل مع سلوك كهذا (مشيراً إلى الحادثة التي تسبّبت في منع التجول) وإذا أردتم العيش هنا، وكسب لقمة العيش...فلا يجب أن تزعجوا أي أحد. [....] وعندما فشل بعضهم في فهم الرسالة، أوضحنا ذلك بطرق أُخرى...وبالتالي وصلتهم الرسالة وهدؤوا"(71).
   وبالتالي، يكشف تطبيق منع التجول الغموض الذي يكتنف ضبط الأمن في الفضاءات الخارجية، فليس بالضرورة أن تحفظ قوى الأمن الرسمية النظام فيها كما أنها ليست مُراقبَة في كل الأوقات. وبناء على هذا، لا يلتزم كل السوريين بمنع التجول. يقول أحد العمال السوريين في برج حمود:
   "نعم، حسناً..... لا أستطيع أن أكون في المنزل بعد الثامنة حتى اليوم التالي. إنه صغير جداً. أعيش في غرفة مع 16 شخص. لا يوجد مطبخ، لا حمام. لا أستطيع البقاء في الداخل كل الوقت. ولذلك... أحياناً تُتّبَع القاعدة وأحياناً لا"(72).
   يتبع فرض منع التجول في برج حمود نمطاً مرناً. ويتناقض ذلك مع ممارسات البلديات المجاورة والتوجيهات الصارمة التي تفرضها من أجل ضبط النشاطات والأشخاص العاملين في الفضاء. عندما وصل أول اللاجئين السوريين، فإن بعض الفضاءات العامة في داخل بيروت والتي كانت تحت المراقبة الثابتة لعناصر الأمن منذ إعادة الإعمار (73) باتت أكثر تنظيماً. في بداية صيف 2014، افتُتِحت حديقة الصنائع في وسط بيروت بعد سنوات من التجديد. فنقل السكان المحليون خوفهم من رؤية السوريين يستخدمون الحديقة: "إنهم يفتتحون الحديقة الآن.... تخيّل أن هناك الكثير من السوريين، سوف يأتون ويدمرونها"(74). تخبر لافتة كبيرة عند مدخل الحديقة المستخدمين حول السلوك المطلوب داخل الحديقة (التدخين ممنوع، النزهات ممنوعة، لعب الكرة ممنوع). يُبلَغ الزوار أنهم سيطردون من الحديقة إن لم يلتزموا بالقواعد. الحديقة "تُطَبَّع"(75) لتستبعد غير المرغوب بهم. حتّى في برج حمود، قاد وصول اللاجئين إلى قواعد أكثر صرامة في الحديقة العامة للمنطقة. إذ تشهد البلدية زيادة سريعة في عدد مستخدمي الحديقة، الموجودة تحت الطريق السريع المرتفع (جسر يريفان)، وخوفاً على الأمن، نشرت وكلاء من البلدية عند المدخل. ومع ذلك، فإن هؤلاء العملاء، الجالسين على كراس بلاستيكية عند مدخل الحديقة، يسمحون بالدخول لكل الأطفال والعائلات السورية الذين يرغبون بذلك.
   وبسبب الفرض الرخو لمنع التجول في برج حمود وغياب مراكز التسوق الفخمة، والبارات، والمطاعم الغالية والحراس الذين يرتبطون بها، فيمكن لفقراء الحضر أن يتواجدوا في الفضاءات العامة من دون قيود كثيرة كما هو الحال في أماكن أخرى من بيروت. إذ أن الفضاءات المفتوحة غير مُراقبَة كالتي في وسط بيروت أو في سن الفيل. وقد لاحظ موظفو البلدية، الذين يأسفون أحياناً لهذا التناقض، هذا النقص بالمراقبة:
   "في برج حمود، يختلف السلوك في الشارع. على الأرصفة، وفي الشوارع وأنابيب المياه. يفعل الناس ما يريدون بالمنافع العامة. يأخذون قطع الأرض الفارغة هذه ويحولونها إلى حديقة أو مكب نفايات. سيكون من الأفضل إيلاء المزيد من الاعتبار. هنا، لا تستطيعين انتظار رجال الشرطة لفرض القوانين بصرامة"(76).
   في الواقع ينتهك سكان برج حمود يومياً الفضاء الخارجي من خلال ممارسات متعددة: يستخدم أصحاب المحلات الأرصفة لعرض موادهم للبيع؛ ففي بعض الزوايا، يؤسّس بعض السكان مزارات صغيرة أو يرتبون مجموعة نباتات في أواني بلاستيكية لمنع الناس من رمي النفايات؛ وبعضهم يضع أحواض زهور على الأرصفة لمنع ركن السيارات بينما يستخدم آخرون قضباناً حديدية للحفاظ على مواقف سياراتهم. وبالتالي، فإن فرض منع التجول في برج حمود ممكن أن يكون قد ساهم في الحد من النزاعات الشخصية ومعدّل الجريمة خلال أوقات التوتر الشديد، وبالنتيجة ساهم في طمأنة المجتمع المحلي: "فعلياً، لقد خفّض معدل الجريمة. لأن أغلب الحوادث كانت تحدث ليلاً، وبالتالي فهو يقلل من المتاعب"(77). ونظراً لهذا، لا يستطيع الشخص التغاضي عن تأثير ممارسات اللاجئين الأكثر مرونة. ولا تعني الدرجة الكبيرة من الألفة في برج حمود غياب المعايير. بل تُراقب السلوكيات في برج حمود، رغم أن أساليب التعبير عن معايير كهذه قد تكون أكثر مرونة مما هي عليه في وسط البلد. وقد فتحت الانقطاعات والتهجينات في ضبط الفضاءات العامة (78) فراغات يستطيع من خلالها السكان الهرب من المتطلبات الصارمة للبلدية. إن هذا الضبط المرن للاجئين في برج حمود يسمح لهم بأن يصبحوا سكاناً حضريين: ففي مواجهة مقدمي المساعدات ورجال الشرطة، يمكن أن يطور اللاجئون استراتيجيات وأن يستخدموا القواعد لتحسين استقرارهم.
  1. قدرة "اللاجئين": التحول إلى سكان حضريين عاديين في برج حمود:
   من أجل فهم لماذا لم يؤدِ استقرار اللاجئين إلى أي اضطرابات، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار قدرة الوافدين السوريين. لا تصبح لاجئاً في ضواحي بيروت بين عشية وضحاها. فمن أجل تدبر أمورهم، طوروا مجموعاتهم الخاصة من الأدوات والخبرات. وبعيداً عن صورة اللاجئ السلبي، يتطلّب الطريق ليصبح السوري لاجئاً في ضواحي بيروت، إنجاز سلسلة من الخطوات والإجراءات الإدارية، على سبيل المثال، الذهاب إلى مبنى المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الضواحي الجنوبية لبيروت، الحصول على موعد، وتحديث سلسلة الاستمارات وبطاقات التسجيل. يجادل المقال أنه يمكن تفسير الاستقرار الاجتماعي في برج حمود من خلال حقيقة أن الوافدين يصبحون تدريجياً سكاناً حضريين قادرين ومنخرطين في الحياة العادية، ويصبحون أكثر ألفة مع الحي ويتمكنون من التنقل في المدينة بأمان.

   1.3. البحث عن ملجأ في مدينة الأوهام والمخاوف: ممارسات التعلم الاجتماعي:
   منذ عام 2011، كان السوريون يلتمسون الملجأ في برج حمود. وصلوا مع القليل من ممتلكاتهم والعديد من الأفكار المُسبقة حول بيروت ولبنان. خلّف حسّان وراءه نظاماً سورياً يدعم الجامعات الحكومية، أما الآن فهو مفتون بلبنان النيوليبرالي. كما كان متفاجئاً لرؤية الناس يشربون في الشوارع ولطريقة لبس بعض النساء، مقارناً لهن بنساء تصوّر أنهن عشن في "لاس فيغاس"(79). لم يتواجد معظم اللاجئين السوريين في لبنان أبداً قبل هروبهم واقتصرت معرفتهم عن الحياة اليومية في عاصمة لبنان على الثقافة الشعبية والقصص التي يرويها المعارف السوريون الذين يعودون من بيروت. ومع ذلك وتدريجياً، أصبحوا متآلفين مع المدينة. إذ مكّنت الفضاءات العامة (مثل الشوارع التجارية، والحدائق العامة، ومباني المنظمات غير الحكومية، وباحات المدارس) اللاجئين من اكتساب الألفة مع حيهم. إنهم يتعلمون الأعراف: "أذهب إلى السوق حوالي الساعة السادسة مساءً. إنه أرخص في ذلك الوقت. نحصل على صفقات أرخص"(80). وبعد بضعة أشهر أو سنوات في المنطقة، يتقن اللاجئون، كأي مقيم حضري، فن التسوق في شوارعهم. فهم يعرفون أين يوجد أفضل مكان لشراء خضروات رخيصة وطازجة وأين يمكنهم اللحاق بالحافلات. عندما التقيت هيغ، وهو معماري أرمني نشأ في برج حمود، فسّر لي الفرق بين المطّلعين والغرباء:
   "إن كنتِ من الحي، فأنتِ تعرفين بطريقة ما ماذا يمثّل كل جزء من الحي، كما تعلمين. تتحركين بناءً على الكثير من المعالم التي حولك: الكنائس أو المدارس أو النوادي السياسية... ولكن بالنسبة لغريب، كل شيء متشابه. يمكن لغريب أن يضيع بسهولة. في برج حمود، ليس هناك حد للتمييز بين الكتلة والفراغ ولا حس بالاتجاه. الكثافة عالية جداً"(81).
    يتعلم اللاجئون تدريجياً تحديد موقع معالم مثل المسجد، والجسر، وساحة البلدية، ومركز الشرطة، ومتجر الأسلحة. حتى أنهم يتعلمون كلمات بالإنكليزية، والأرمنية، والفرنسية، يتذكر أحد الاخصائيين الاجتماعيين في المنطقة:
   "كان هناك عائلات سورية لا تعرف أي شيء بالعربية، وهي عائلات كردية. لقد أرادوا تعلم العربية، والآن إنه أمر لا يُصدّقُ! [السيدة] بدأت تتحدث بالعربية!"(82).
  كما لاحظ هذا الاخصائي الاجتماعي أيضاً: "لا يوجد حوار هنا، ينظر الناس فقط إلى بعضهم البعض، إنهم يشتَمّون بعضهم"(83). وكان هذا التعليق بنغمة حزينة. ومع ذلك، يمكن أن يُفسّر كثير من السلم الاجتماعي في برج حمود من خلال هذه الملاحظة المتبادلة. وفيما يلي مُقتطفات من سلسلة محادثات أجريتها مع مالك متجر أرمني. يبيع مفارش وأغطية تحت جسر يريفان. الشارع الكبير المزدحم للغاية دائماً. ويقع متجره بجوار مقهى، حيث يقضي مالك المتجر الأرمني معظم وقته مراقباً نشاطات الشارع:
   "هذان الاثنان، أعتقد أنهما عاشقان. إنهما مثل العصافير. [العمال السوريون] هناك، في هذا المقهى، كل الوقت. يمكنهم أن يبقوا جالسين هناك كل الوقت. مقابل 500 ليرة لبنانية، لا يكلِّفهم ذلك أي شيء. أعتقد أن منازلهم صغيرة فعلاً، ليس لديهم مكان يذهبون إليه، لذا هم يجلسون هناك كل اليوم. ويشربون القهوة. إنهم يدخّنون سجائر رخيصة جداً. انظري إلى هذه السجائر. إنهم يدفعون 500 ليرة لبنانية ويبقون هناك ل 500 ساعة! يعودون من العمل. أسمعهم.... [....] يوجد في هذا الشارع العديد من المقاهي الصغيرة التي تفتح مثل هذا. ذاك، إنه مجرم قديم. لقد كان جزءاً من الميليشيا. ومن ثم دخل السجن. هؤلاء الرجال الذين يجلسون هنا، يعملون في المنطقة الصناعية هناك. اشتعل حريق اليوم فيها وبالتالي فإن 60 رجلاً آخر سيخسرون وظائفهم"(84).
   "لا أعرف لماذا يحبون الجلوس هكذا تحت الشجرة. أحياناً أحلم أن استيقظ لأجد الشجرة قد نُقِلت. وبالتالي لا أجدهم بجوار محلي مرة أخرى. أعتقد أنهم فقط يحبون الجو تحت الشجرة. ويا الله! إنهم يدخنون طوال الوقت. من دون توقف. إنهم يشترون العلب الرخيصة جداً ب 500 ليرة لبنانية. ويلعبون الطاولة. يدخّنون. يلعبون. ويبقون هنا ويتحدّثون لساعات. كنت استمع من قبل. واحد منهم كان يغضب لأن الآخر كان يغش. ومن ثم يقومون بحركات كبيرة بأذرعهم. هكذا"(85).
   "انظري إليه! هو، إنه أرمني سوري. أعرفه قليلاً الآن. إنه مصفف شعر. مصفف شعر جيد، أنا أعرفه الآن. يمكننا أن نتحدث وسوف يعطيكِ سعراً جيداً"(86).
عبر النظر إلى بعضهم، يمارس السكان الحضر في برج حمود، إمّا المقيمون منذ مدة طويلة أو اللاجئون السوريون، ما سمّاه إيليا أندرسون (E.Anderson) "الإثنوغرافية الشعبية"، وفيها، تشجّع الأماكن العامة الخارجية على التعلّم من ال"آخر" عبر إيجاد فضاءات للتفاعلات المتكررة والصغيرة. وتساعد هذه التفاعلات المتكررة على إدراك الآخر. يجادل هذا المقال أن الاستقرار السلمي للاجئين في برج حمود له علاقة بهذه العملية من "الملاحظات عن قرب للآخرين، والتي تتضمن التنصت غير المقصود وماهي في الواقع سوى دراسات غير رسمية للسكان المحليين، التي تخلق صورة ذهنية عن طبيعة الوضع وعن أنواع معينة من الآخرين"(87). كل السكان في برج حمود يؤدون هذه اللحظات من الملاحظات بينما يلاحظون الناس وخلفياتهم، سواء كان السكان الأرمن الكبار في السن أو اللاجئون اليافعون. حتى أن مدبرة منزل برتغالية أخبرتني في أحد المرات أنها "دائماً تستمع إلى الناس بينما تنتظر الحافلة". ونتيجة اثنوغرافيا شعبية كهذه: تعايش أكثر سلاسة بين اللاجئين والسكان الذين يحوّلون "المضيف" غير المعروف و"اللاجئ" غير المرغوب به إلى جار مألوف.

   2.3. التنقل في المدينة المجهولة وإتقان التخفّي في برج حمود:
   النظام العام، كما عرّفه عالم الاجتماع إرفنغ غوفمان (E. Goffman)، يجد جذوره في التفاعلات المباشرة للغرباء في الفضاءات العامة وفي الطريقة التي يتعاملون فيها مع أنفسهم. وهذه الورقة مستوحاة من فرضيته الخصبة، التي تشجع النظر في "تنظيم التفاعلات التي تتم وجهاً لوجه بين أعضاء مجتمع ليسوا متعارفين جيداً"(88). يتقن كل مستخدم للفضاء العام التمييز بين الأفعال المُستحسنة (على سبيل المثال،عبور الشارع بين سيارتين) والأفعال غير الملائمة (كالسير في منتصف الطريق) التي من شأنها جذب الانتباه. كما يدخل كل مستخدم في تدفق معلومات. فمن دون الخوض في محادثة وفقط عبر الوجود المادي للشخص، يستقبل وينقل عابرُ سبيل المعلومات المجسّدة.
   يصبح النظام العام مضموناً عندما يمنح اثنان من المارة في "حضور مشترك"(89) بعضهما البعض إغفالاً مهذّباً** "يعطي أحدهم إلى الآخر ملاحظة بصرية كافية ليُبرهن أن شخصاً يدرك أن الآخر حاضر [....] بينما في اللحظة التالية يسحب أحدهم انتباهه عنه لكي يعبّر أنه لا يشكّل هدفاً لتصميم أو فضول خاص"(90). يقول بشير وهو رسام وساقي بار وأسلوب حياته لا يعجب والديه كثيراً:
   "أعيش في حي الدورة (حي من أحياء برج حمود). أنا أفضّل هناك...الأمر فقط أنه يمكنني الشعور أن....لا أحد يسألني من أنا. وهذا عادة واحد من أوائل الأسئلة التي يسألك إياها الناس في لبنان. إنهم يسألون: من أين أنت؟ يوجد في الدورة العديد من الناس المختلفين. لذلك فأنا أفضل. أنا أشعر أنه يمكنني أن أكون على طبيعتي"(91).
   عندما تكون المدينة عدائية ومجهولة للاجئين السوريين الموصومين بالعار وغير المألوفين، يصبح إخفاء الهوية في المدينة الكبيرة ميزة ثمينة. وفي شوارع وحافلات برج حمود، يساعد التنوع الثري في مظهر الناس على إخفاء هوية الفرد، المختبئ في الحشد (92). فبين مجموعة من النساء الإثيوبيات، والمراهقين الذكور السودانيين والنساء الشيعيات المحجبات، فإن اللاجئين السوريين غير ملحوظين. إنهم محميون بموجب "طبقة غُفلية (إخفاء هوية)"(93). من دون هذه الطبقة الواقية، لن يكون التعايش السلمي لآلاف السكان ممكناً. إذ يستقطب سوق برج حمود مجموعة واسعة من الزبائن من كل أنحاء المدينة، الراغبين بالاستفادة من الأسعار المعقولة أو شراء منتجات إثنية معينة (94). وقد قال المخبرون في كثير من الأوقات: "برج حمود، ستجد كل شيء هنا: سنة، شيعة، مسيحيون، لبنانيون، سوريون، بنغلاديشيون، سيريلانكيون..." ويمنح هذا النسيج الاجتماعي الكثيف وغير المتجانس اللاجئين السوريين "مغلف إخفاء هوية واقي"(95) يجعلهم قادرين على التنقّل واكتساب المهارات الضرورية للانخراط في حياة المدينة. وفي كثير من الأحيان، سألت رجال الشرطة كيف تميزون السوريين في الشوارع من بعيد:
   "أنا أنظر حولي إذا كان هناك شيء خاطئ. إذا بدا شيئ ما غريب، فإنني أسير عبر الحي وأنظر إلى مظهر الجميع، إذا كان شيء ما يحدث. ربما سوري...[..] كل ما يبدو غريباً. أنا أذهب وأرى. كيف هي السلوكيات؟ أذهب قرب المباني. أنا أعرف ما الذي أفعله"(96).
   إن اللاجئين السوريين في برج حمود، ونظراً للاستخدام المتكرّر للفضاء العام والتعلم الاجتماعي، قادرون على أن "يتصرفوا بطريقة مناسبة"(97). إنهم يعرفون كيف لا يجذبون اهتماماً لا مبرر له وكيف يبقون "ضمن روح الوضع" من أجل أن لا يكونوا "زائدين أو خارج الفضاء"(98). أخبرني مرة عامل سوري يعمل بشكل متقطّع في برج حمود منذ أكثر من عشرة أعوام: "يغير السوريون ألوانهم، إنهم مضطرون لذلك. يجب عليهم [تمويه أنفسهم] لكي يتمكنوا من النجاة"(99). في شارع SYX في النبعة، افتتح السوريون معظم متاجر الملابس على مدى السنتين الماضيتين. عندما أسير مع خديجة حول المكان، وهي شيعية لبنانية، تقول لي: "انظري، هذه آخر بقالية لبنانية في الشارع"(100). وهي تدلي بملاحظتها بصوت حيادي وبلا عدائية. هذه هي الحقائق التي أصبحت عادية: "كلهم سوريون. هذا المتجر، وهذا المتجر، وهذا المتجر. سوري، سوري، سوري. كل ذلك الآن سوري. في هذا المبنى، لا يوجد سوى سوريين الآن". ولأنها تعيش في الحي فهي قادرة بلا شك على التعرّف على المباني، كما أنها تعرف القصص وراء المتاجر. ومع ذلك، عند النظر إلى حركة الناس في الشارع، تعترف خديجة أنها غير قادرة على التمييز بين عابري السبيل اللبنانيين والسوريين.

 
في برج حمود، يعيد اللاجئون السوريون التواصل مع الحياة العادية ويكتسبون ألفة مع حيهم الجديد بسبب الفضاءات العامة المتاحة لهم. فهم يشاركون في اثنوغرافية شعبية مع زملائهم السكان ويتعلمون من وعن بعضهم البعض. وهذا يسهم في تخفيف حدة التوتر في العلاقات بين المجموعات السكانية المتنوعة جداً. يُمنح السوريون في برج حمود إغفالاً مهذباً وبالتالي يؤخذون في تدفق علاقات اجتماعية سلمية. فهم يتقنون فن التنقل في شوارع المدينة، محميين عبر إخفاء هوية نسبي.
  
الخلاصة:
   كما أكدّت مقدمة "مراجعة المجتمع المدني" من قبل محرريه قبل سنة مضت، "من غير المسبوق أن يكون لديك بلد من 4 ملايين نسمة يستضيف مليون لاجئ من دون أن يكون على وشك التمزق الاجتماعي أو الحرب"(101). كيف تمكّن اللاجئون السوريون والمجتمعات المضيفة من العيش جنباً إلى جنب، والتواصل والتعاون رغم الضغط الديمغرافي، والصدمات النفسية القديمة، والمظالم القديمة والمحنة الحالية؟ استخدمت هذه الورقة منطقة برج حمود بوصفها الحالة المدروسة للإشارة إلى تفسير متعدد الطيّات. كما أشارت إلى دينامية المجتمعات المحلية، وروابط تاريخية أو دينية محددة بين اللاجئين السوريين وسكان برج حمود، وتنظيم البلدية المتساهل لحركة اللاجئين، وقدرات اللاجئين على التنقل في المدينة. هل يمكن لهذه الحالة المحدّدة من التعايش السلمي أن تفيد اختصاصيي حل النزاعات وصانعي السياسة المهتمين بالاستقرار الاجتماعي؟ بلا شك، لا ينبغي إغفال خصوصيات منطقة برج حمود. ومع ذلك، فإن هذا التدقيق في ضواحي بيروت يؤكّد مجدّداً الحاجة إلى دراسة تشابك الاستراتيجيات الصغيرة للسكان وللاجئين مع السياسات العامة الوطنية والمحلية.
 
حواشي المترجمة:
*النظريّة المجذّرة في الاثنوغرافيا (Grounded Theory): تُصاغ من خلال الجمع والتحليل المنظم للبيانات الخاصة بالظواهر المدروسة، فيبدأ الباحث بدراسة ظاهرة ما سامحاً أو تاركاً كل ما له علاقة بذلك أن يخرج للعيان تلقائياً، فتُبنى النظرية بناءً على تحليل البيانات. فالدراسات التي تستخدم هذه النظرية، تختلف عن النموذج التقليدي حيث يستخدم الباحث إطار نظي موجود مسبقاً، ويقوم بمجرد جمع للبيانات ليرى إن كانت النظرية تنطبق أم لا على الظاهرة المدروسة. وقد قام بتطويرها عالما الاجتماع: برني جلاسير (Barney Glaser) وآنسليم ستراوس (Anslem Strauss). للمزيد من المعلوومات يمكن الإطّلاع على الرابط التالي:
**الإغفال المهذّب (Civil inattention): مفهوم لعالم الاجتماع إرفنغ غوفمان يشير إلى أننا لا نتجاهل الآخرين كلياً لأننا ندرك ونعي وجودهم ولكن لا نقتحم حياتهم وأنماط سلوكهم المعتاد في وضع معين ولا نفرض أنفسنا عليهم، أي أنه يتضمّن الوضع الحريص للجسد في الشارع وفي التجمعات الكبيرة والمناسبات الشعائرية مما يُشير إلى حضور لا يهدّد. فمن خلال اتصال مختصر بالعين عند اقتراب غريب، يعترف الاثنان بوجود بعضهما ويمنعان إمكانية محادثة أو اتصال شخصي أكثر. فالإغفال المهذّب وسيلة لجعل الخصوصية ممكنة وسط الحشد عبر أشكال نأي بالنفس مقبولة ثقافياً.

فهرس المراجع:
*إيليا أندرسون "الستارة أو القبة العالمية" 2004 حوليات الأكاديمية الأميركية للعلوم الاجتماعية والسياسية.
*جون تشارلكرافت "القفص اللامرئي، العمال المهاجرون السوريون في لبنان، ستانفورد 2009.
*عساف دحداح
Beyrouth, entre cosmopolitismes et coexistences”, in « L’art du faible »: Les migrantes non arabes dans le Grand Beyrouth, Beirut, Presses de l’Ifpo, 2012.
*إرفنغ غوفمان، السلوك في الأماكن لعامة، نيويورك 1963.
*سعاد جوزيف "تسييس الطوائف الدينية في برج حمّود" أطروحة دكتوراه، جامعة كولومبيا 1975.
*كوليت بيتونيت "طبقة الوقاية أو اخفاء الهوية" « L’anonymat ou la pellicule protectrice », Le Temps de la réflexion VII (La ville inquiète), Paris, Gallimard, 1987
*ليزا مالكي "ناشيونال جيوغرافيك: تأصيل الشعوب وإضفاء الطابع الاقليمي على الهوية الوطنية بين الباحثين واللاجئين" 1992.
*لوك واكانت "تدقيق الشارع: الفقر والأخلاق وشرك الاثنوغرافيا الحضرية" المجلة الأميركية للسوسيولوجيا المجلد 107 2002.

الهوامش:
  1. يستند هذا المقال على البحث الذي أجريته من أجل أطروحة الماجستير حول السياسات الحضرية والسوسيولوجية: "لاجئون في مدينة نزاعات، استيطان اللاجئين السوريين في بيروت وإنجاز الحياة اليومية"...
  2. تم تغيير كل اسماء المشاركين.
  3. العدد الرسمي للاجئين السوريين في لبنان، المُسجل من قبل UNHCR وصل إلى 1069111 في كانون الأول/ديسمبر من عام 2015، انظر الرابط.
لكن تقدّر الخطة اللبنانية للاستجابة للأزمة 2016-2017 أن هناك 1.5 مليون "نازح سوري يعيش في لبنان". انظر إلى: حكومة لبنان والأمم المتحدة: خطة الاستجابة اللبنانية للأزمة 2016-2017، 15 كانون الأول/ديسمبر 2015.
  1. المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، خطة الاستجابة الاقليمية لسوريا (RRP5) كانون الأول/ديسمبر 2012.
  2. منى علمي، انظر الرابط.
  3. The arrival of refugees has also raised “older” issues of contention, such as the status of Palestinian refugees in Lebanon, In December 2012, the Lebanese Minister of Energy, Gibran Bassil, declared that the borders should be closed to the Syrian refugees because: “It is enough! We have already the Palestinians in Lebanon” See: “el-wazir Bassil Gibran leyssa a’nsuria”, Al-Akhbar, Arabic, 24 December 2012, Link [last accessed 28 January 2016].
  4. أثار وصول اللاجئين قضايا خلاف "أقدم"، مثل وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، صرّح جبران باسيل وزير الطاقة اللبناني في كانون الأول//ديسمبر عام 2012، أنه يجب إغلاق الحدود في وجه اللاجئين السوريين لأن: "ألا يكفينا الفلسطينيين في لبنان" انظر: "الوزير باسيل ليس عنصرياً" الأخبار 24 كانون الول/ديسمبر 2012 انظر الرابط.
  5. Beirut Research and Innovation Center & the Lebanese Center for Studies and Research, Citizen's perceptions of security threats stemming from the Syrian refugee presence in Lebanon, International Alert, February 2015.
  6. Aristide R. Zolberg, Astri Suhrke, and Sergio Aguayo, Escape from violence: Conflict and the refugee crisis in the developing world, New York: Oxford University Press, 1989. Gilbert Damian Loescher and James Milner, Protracted refugee situations, Abingdon, New York: Routledge for the International Institute of Strategic Studies, 2005.
  7. نشرت الصحافة اللبنانية والأجنبية عدة مقالات حول هذا الموضوع، بين عامي 2012 و2014. على سبيل المثال: سامر الحسيني "أعداد النازحين السوريين تتجاوز قدرات البقاع على استيعابهم" جريدة السفير 31 تموز يوليو 2012، انظر الرابط.
ومثال آخر: انظر الرابط، أو الرابط، أو الرابط، أو الرابط.
  1. See: Human Right Watch Lebanon, Rising Violence Targets Syrian Refugees, 30
September 2014.Levant7, Drivers of Instability, Conflict and Radicalization, A snapshot from Akkar, January 2015. World Vision International, Under Pressure, The Impact of the SyrianRefugee Crisis on host communities in Lebanon, July 2013. Search for Common Ground, Dialogue and Local Response Mechanisms to Conflict Between Host Communities And Syrian Refugees in Lebanon, November 2013. Charles Harb & Rim Saab, Social Cohesion and Intergroup Relations: Syrian Refugees and Lebanese Nationals in the Bekaa and Akkar, Save the Children & The American University of Beirut, May 2014.UNHCR, Women Alone. The fight  for survival by Syria’s refugee women, July 2014.
  1. Lebanon Support, The conflict context in Beirut: the social question, mobilisations cycles, and the city’s securitization, Conflict Analysis Report, 2015.
  2. UNHCR registration data and estimates are available on the online data portal, op. cit.
  3. Mona Fawaz, “Neoliberal Urbanity and the Right to the City: A View from Beirut's
Periphery”, Development and Change, n°40, Issue 5, September 2009, pp. 827–852. Eric Verdeil, “Reconstructions manquées à Beyrouth. La poursuite de la guerre par le projet urbain”, Les Annales de la Recherche Urbaine, vol 91, 2001, pp. 65-73.
  1. Mona Fawaz, M. Harb and A. Gharbieh, “Living Beirut's Security Zones: An investigation of the Modalities and Practices of Urban Security”, City & Society, Vol. 24, Issue 2 2012, pp.173-195.
  2. Lebanon Support, Politics of security, discourses of fear and economic fatigue: the conflict dynamics in Matn, Conflict Analysis Digest, August 2015.
  3. M. Christophersen, C. Thorleifsson, Å Tiltnes, Ambivalent Hospitality. Coping Strategies and Local Responses to Syrian Refugees in Lebanon. Fafo AIS, 2013.
17 رسمياً، أشار 19477 لاجئ إلى برج حمود بوصفه محل إقامتهم عند التسجيل في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى آذار مارس 2015. لا تحسب الأرقام اللاجئين الذين غيروا مكان إقامتهم بعد التسجيل (الذين تركوا برج حمود أو انتقلوا إليه) أو السوريين الذين اختاروا عدم التسجيل كلاجئين.
  1. UNHCR, Cadastral Areas Ranked by Vulnerability [Excel file], 30 January 2014.
19 مقابلة الكاتبة مع نائب رئيس بلدية برج حمود شباط فبراير 2015.
  1. Suad Joseph, The politicization of religious sects in Burj-Hammoud, Lebanon, Colombia University, PhD dissertation, 1975.
  2. UNHCR and UNICEF, Reaching the 225 Most Vulnerable Localities in Lebanon, October 2013.
  3. See for instance: World Bank, “Local authorities taking account of the major urban risks, the example of the City of Bourj Hammoud, Lebanon”, Nov. 2005, World Bank Publications.
  4. “Calls to evict Kurds after Bourj Hammoud altercation”, Now Media, English, 18 May 2014, Link [last accessed 29 January 2016]. “Five Syrians involved in Bourj Hammoud clash arrested” National News Agency, English, 18 May 2014, Link [last accessed 29 January 2016]. “Affrontements arméno-kurdes à Bourj Hammoud (Liban)”, Turquie News, English, 26 May 2014 Link [last accessed 29 January 2016].
  5. 24. مقابلة الكاتبة مع أحد السكان أذار مارس 2015.
  6. 25. إرفنغ غوفمان "السلوك في الأماكن العامة".
  7. مصدر سابق.
  8. See: Liisa Malkki, “National Geographic: The Rooting of Peoples and the Territorialization of National Identity among Scholars and Refugees”, Cultural Anthropology, Vol. 7, No. 1 “Space, Identity, and the Politics of Difference”, Feb 1992, pp. 24-44. Michel Agier, "Between war and city: towards an urban anthropology of refugee camps", Ethnography, Vol.3 (3) 2002, pp. 317-341.
28 فيما يتعلق بدور النظرية النقدية في الاثنوغرافيا وإنتاج نظريات جديدة، اتّبعت مقاربة المدرسة المتزامنة للاثنوغرافية العالمية المطورة من قبل (Michael Burawoy) الذي لا يرى في "الحالة المدروسة [...] نموذجاً محتملاً لبعض المبادئ أو القوانين العامة التي تنطبق عبر الفضاء والزمن" (السلطة والمقاومة في العاصمة الحديثة 1991). بدلاً عن ذلك، فإن "أسلوب الحالة الممتدة" (أسلوب الحالة الممتدة، النظرية السوسيولوجية، مجلد 16 العدد 1 آذار 1998)، ينبع من الاعتقاد أن الواقع الجزئي (الصغير) مُشكّل من خلال قوى خارجية للعالم الكبير، والذي بدوره يتشكّل من خلال العالم الصغير. الاثنوغرافي العالمي لا يبحث عن نمط مشترك بين الحالات المختلفة، ولكنه يسلط الضوء على مصادر الاختلاف بين الأوضاع المحلية. فالقوى الخارجية التي تُهيكل (ومُهيكلة من قبل) العالم اليومي، تربط كل حالة. وبالتالي لا تقود الظاهرة الاجتماعية إلى اكتشاف نظرية جديدة تبرز من الميدان. وبالنتيجة، فإنني استكشف المخاطر والفوائد المحتملة من نسج مدارس متعاكسة معاً، متبعة ملاحظة ويليام يوليوس ويلسون أن الرؤى النظرية ليست استقرائية ولا استنتاجية تماماً، بل تمثّل خليطاً من الاثنين (ويليام وينسون "دور النظرية في البحث الاثنوغرافي" 2009)
  1. Georg Simmel, Sociologie. Études sur les formes de la socialisation, Paris, PUF 1999,1908. Jane Jacobs, The death and life of great American cities. New York: Random House, 1961. Don Mitchell, “The End of Public Space? People's Park, Definitions of the Public, and Democracy”, Annals of the Association of American Geographers, 85(1), 1995, pp. 108-133. Richard Sennet, “Reflections on the public realm’’, in G. Bridge and S. Watson (Eds), The City, Blackwell, Oxford. 2003. Colette Petonnet, « L’anonymat ou la pellicule protectrice », Le Temps de la réflexion VII (La ville inquiète), Paris, Gallimard, 1987. Elijah Anderson, "The Cosmopolitan Canopy", Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 595, Sep 2004, pp. 14-31.
30 تأثّر اختيار الحالة المدروسة وتأطير أو صياغة السؤال المدروس بالمعتقدات الضمنية للباحث. ونظراً للحالة البائسة التي يعاني منها عدد لا حصر له من الأسر السورية، فإن سؤال "ما الذي نفع؟" قد يبدو بأسوأ حالاته استفزازاً وبأفضل حالاته سذاجة. أقر بالعدسة المشوهة التي يمكن من خلالها إغراء الباحثين الأوروبيين لفحص المخاطر والرهانات الحالية. وفي الوقت الذي يدّعي فيه الخطاب المهيمن في أوروبا أنهم قد بلغوا الحد الأعظمي من المهاجرين الذي يمكن أن تستوعبه نظم الصحة والاقتصاد والمدن الأوروبية، فإن الحالة اللبنانية غنية بالدروس. وكان لتحاليل (لوك واكانت) تأثير كبير في عملي وبخاصة مقالته النقدية "تدقيق الشارع: الفقر، والأخلاق وشرك الاثنوغرافية الحضرية" (2002)، والتي تحدد الأخطار الرئيسية عندما فحص السوسيولوجيون "شخصيات اجتماعية شائنة": "المخططات الأخلاقية وتوقعات الجمهور"التعليق الخطير للحكم التحليلي". وفي حين حاولت مواجهة الحس السليم، حاول ألا أطوّر وجهة نظر رومنسية حول الموضوع وأن استبدل الصور النمطية حول شخصية اللاجئ السوري أو عنف الحياة الحضرية بتصاوير مثالية أخرى "صادرة من الإطار الرمزي ذاته".
  1. Mona Fawaz & Isabelle Peillen, “The case of Beirut, Lebanon”, in Understanding slums: Case studies for the Global Report in Human Settlements, 41p. 2003.
  2. Joseph, 1975, op. cit.
  3. William Berthomière & Marie-Antoinette Hily, « Décrire les migrations internationales, les expériences de la coprésence », p.67-82, Revue Européenne des migrations internationales, vol. 22-n°2, 2006.
34 مقابلة الكاتبة مع مالك متجر في آذار 2015.
35 مقابلة الكاتية مع اخصائي اجتماعي في شباط 2015.
36 خلال الحرب الأهلية (1975-1990)، جعلت الحدود الحضرية المحصّنة العديد من جوانب حياة المدينة وأنماط التنقل والمجتمعية مشروطة. فالجدران والحواجز التي تقطع الطرق الرئيسية وتمنع تسلل العد، قسمت السكّان واستُخدِمت كأساس للمذابح (Jon Calame & al., Divided Cities Belfast, Beirut, Jerusalem, Mostar, and Nicosia, University of Pennsylvania Press, Philadelphia, 2009). أدى ارتفاع مستوى العنف العشوائي إلى تجانس محلي. إذ هرب سكان بيروت المقيمين في أحياء مختلطة (حيث لم يكن أمنهم مضموناً) منها وتجمّعوا داخل جيوب متجانسة إثنياً وسياسياً ودينياً، مُنتجين بذلك جغرافية حضرية معزولة (S. Saadeh, “Les consequences du sectarisme sur l’espace public de Beyrouth”, Cahiers de la villa Gillet, Vol 15. November « Villes et Religions », 2001, pp. 67-80).
37 مقابلة الكاتبة مع أحد السكان في آذار 2015.
38 مقابلة الكاتبة مع أحد السكان في آذار 2015.
39 مقابلة الكاتبة مع موظفي منظمة غير حكومية في شباط 2015.
40 مقابلة الكاتبة مع نائب رئيس بلدية برج حمود في شباط 2015.
  1. Mona Fawaz, 2003, op. cit.
  2. UNHCR and UNICEF, Reaching the 225 Most Vulnerable Localities in Lebanon, map, October 2013, Link [last accessed 29 January 2016].
  3. UNHCR, 3RP Regional Refugee Resilience Plan 2015 – 2016, Regional Strategic Overview, 2014, Link [last accessed 29 January 2016].
  4. UNHCR, 2012, op. cit.
  5. UNHCR, Lebanese Communities in Focus: Supporting Communities Protecting Refugees, 2014, 116p.
  6. See: Estella Carpi, "The Everyday Experience of Humanitarianism in Akkar Villages", Civil Society Knowledge Center, Lebanon Support, 2014.
47 مقابلة الكاتبة مع نائب مدير منظمة غير حكومية دولية في شباط 2015 إضافة إلى محادثات غير رسمية مع أفراد من ال UN.
48 مقابلة الكاتبة مع نائب مدير منظمة غير حكومية دولية في شباط 2015.
49 تلعب الأحزاب السياسية دوراً مهماً في تأمين خدمات اجتماعية للسكان أو في مراقبة الشوارع. الطاشناق، واحد من الأحزاب القليلة الأرمنية، راسخ بشكل جيد جداً في برج حمّود (مع الاستثناء الملحوظ لشوارع النبعة المُسيطر عليها من قِبل حزب الله).
50 مقابلة الكاتبة مع اخصائي اجتماعي في شباط 2015.
51 انتشرت هذه المعتقدات على الرغم من أن العمال السوريين لم يأتوا من ما يُفترض أنه ريف سوري نائي وبدائي، قُطع من "مؤسسات وقوى الحداثة الرأسمالية". ولا يمكن تفسير موقفهم الثانوي في التسلسل الهرمي للعمالة اللبنانية بما يُسمى "ثقافتهم التقليدية من التخلّف والغباء الريفي". بل، كما أظهرت أبو لغد ومن ثم تشالكرافت، كان العمال السوريون متورطين بالفعل في مدنهم في نظام الطاقة العالمي للإنتاج الرأسمالي. بالتالي، تنبع هجرتهم من الحاجة إلى تجديد واسترجاع وصولهم إلى وسائل إنتاج مُجدية وإلى المجتمع المحلي. (جانيت أبي لغد "الهجرات الأخيرة في العالم العربي" 1985الجامعة الأميركية في القاهرة وجون تشالكرافت "القفص اللامرئي: العمال المهاجرون السوريون في لبنان" 2009 ستانفورد).
  1. الحمرا ما عادت لبنانية... التوسع السوري غيّر هويّتها... حسين حزوري، انظر الرابط.
  2. Chalcraft, 2009, op. cit.
  3. Tristan Khayat, « Borj-Hammoud, de l’espace communautaire à l’espace public croissance d’un quartier commercial », Les Cahiers du Cermoc, « Reconstructions & Réconciliations au Liban, Négociations, lieux publics et renouement du lien social », 1999, pp.175-186. Tristan Khayat, « La rue, espace réservé : voituriers et vigiles dans les nouvelles zones de loisirs à Beyrouth », Geocarrefour, Revue de Géographie de Lyon, « Espace public au Moyen-Orient et dans le monde arabe, Entre urbanisme et pratiques citadines », Vol. 77 (3), 2002, pp.283-288 Assaf Dahdah, « Beyrouth, entre cosmopolitismes et coexistences », Ch.4, in : «L’art du faible » : Les migrantes non arabes dans le Grand Beyrouth, Beirut, Presses de l’Ifpo, 2012.
  4. See: Chalcraft, 2009, op. cit.
  5. مقابلة الكاتبة مع اخصائي اجتماعي شباط 2015.
  6. مقابلة الكاتبة مع أحد السكان كانون الثاني عام 2015.
  7. مقابلة الكاتبة مع مخطّط حضري شباط 2015.
  8. الاتحاد الثوري الأرمني المعروف باسم "الطاشناق" هو حزب سياسي أرمني اشتراكي وقومي تأسّس عام 1890. ويقع مقره الرئيسي في برج حمّود ومن هناك سيطر على المشهد السياسي الأرمني.
  9. See Suad Joseph in 1975, op. cit.
  10. Wacquant, 2002, op. cit. p. 1524.
  11. على الصعيد الوطني، فإن قرار السلطات عدم فتح مخيمات لاجئين لا يجب الخلط بينه وبين إرادة إدماج اللاجئين في المجتمع اللبناني. وإذ ذكرت "خارطة الطريق للبنان" لتشرين الأول 2013 الحاجة إلى مزيد من "التماسك الاجتماعي" بين اللاجئين والمجتمعات المحلية، فإن الاستجابة سرعان ما تحوّلت باتجاه فرض رقابة أشد على القادمين الجدد. في أيلول من عام 2014، لم يظهر "التماسك الاجتماعي" في أي مكان على خرائط الطريق الرسمية، التي بدأت تذكر الآن "الاستقرار الاجتماعي". وبشكل علني، تدين الحكومة اللبنانية منع التجول. ولكن مع ذلك، "من أجل ضمان الحد الأدنى من مستويات الاستقرار" أعلنت الحكومة أنها "ستعزز قدرة القوات المسلحة اللبنانية" (خطة الاستجابة للأزمة اللبنانية 2014).
  12. Maya el-Helou, “Refugees Under Curfew: The War of Lebanese Municipalities Against the Poor”, Legal Agenda, English, 22 December 2014, Link [last accessed 29 January 2016].
  13. As defined by Goffman. See: Goffman, 1963, op. cit. p.10.
  14. مقابلة الكاتبة مع أحد أعضاء الشرطة في آذار 2015.
  15. مقابلة الكاتبة مع نائب رئيس بلدية برج حمّ,د في شباط 2015.
  16. يتبع برج حمّود إدارياً لمحافظة المتن، في منطقة جبل لبنان.
  17. مقابلة الكاتبة مع نائب بلدية برج حمّود شباط 2015.
  18. نفس المصدر السابق.
  19. مقابلة الكاتبة مع أحد سكان حي النبعة آذار 2015.
  20. مقابلة الكاتبة مع موظف بلدية شباط 2015.
  21. مقابلة الكاتبة مع عامل سوري آذار 2015.
  22. Liliane Barakat and Henri Chamussy, « Les espaces publics à Beyrouth », Geocarrefour, Revue de Géographie de Lyon, « Espace public au Moyen-Orient et dans le monde arabe, Entre urbanisme et pratiques citadines », Volume 77(3), 2002, pp. 275 281. Mona Fawaz, 2012, op. cit.
  23. مقابلة الكاتبة مع أحد سكان الصنائع آب 2014.
  24. Don Mitchell, 1995, op. cit.
  25. مقابلة الكاتبة مع أحد موظفي البلدية كانون الثاني 2015.
  26. مقابلة الكاتبة مع وكلاء البلدية آذار 2015.
  27. Le Gallès theorized urban governance and policing as discontinuous and nonlinear processes (in time and space), see: Patrick Le Galès, Urban Governance in Europe: What Is Governed?, in Bridge G. and Watson S. (eds), The New Blackwell Companion to the City. Oxford: Blackwell, 2011.
  28. مقابلة الكاتبة مع لاجئ سوري آذار 2015.
  29. مصدر سابق.
  1. مقابلة الكاتبة مع معماري أرمني شباط 2015.
  2. مقابلة الكاتبة مع اخصائي اجتماعي كانون الثاني 2015.
  3. مصدر سابق.
  4. مقابلة الكاتبة مع مالك متجر شباط 2015.
  5. مصدر سابق.
  6. مصدر سابق.
  7. Anderson, 2004, op.cit. p.22-25.
  8. Goffman, 1963, op. cit. p.9.
  9. بمعنى أن كل منهما يقر بوجود أو حضور الآخر.
  10. Goffman, 1963, op. cit. p.84.
  11. مقابلة الكاتبة مع أحد السكان اللبنانيين في حزيران 2014.
  12. Dahdah on women migrants in Beirut, 2012, op. cit.
  13. Petonnet, 1987, op. cit. p.247.
  14. Arpiné Mangassarian, « Bourj Hammoud : logiques municipales entre aménagement, développement et identité patrimoniale » In: Des banlieues à la ville : Espaces et acteurs de la négociation urbaine, Beyrouth, Presses de l’Ifpo, 2013.
  15. Petonnet, 1987, op. cit. p.247.
  16. Interview by the author with a policeman, March 2015.
  17. Goffman, 1963, op. cit. p.11.
  18. Ibid.
  19. مقابلة الكاتبة مع عامل سوري في آذار 2015.
  20. محادثة بين الكاتبة وأحد السكان في آذار 2015.
  21. Lebanon Support, “Revisiting Inequalities in Lebanon: the case of the "Syrian refugee crisis" and gender dynamics”, Civil Society Review, 1, January 2015, p.8
 


ترجمة: يسرى مرعي
مترجمة من سوريا، تترجم عن اللغتين الإنجليزية والروسية. تركز في ترجماتها على الدراسات التي ترصد علاقة الحداثة بالعمارة في الشرق الأوسط. إضافة إلى الاهتمام بالدراسات حول الإسلام اليومي والاستشراق.
ماريان مادور

درست العلوم السياسية في باريس، حصلت بعدها على شهادة الماجستير في الدراسات الحضرية.

اترك تعليق*

* إرسال التعليق يعني موافقة القارئ على شروط الاستخدام التالية:

- لهيئة التحرير الحق في اختصار التعليق أو عدم نشره، وهذا الشرط يسري بشكل خاص على التعليقات التي تتضمن إساءة إلى الأشخاص أو تعبيرات عنصرية أو التعليقات غير الموضوعية وتلك التي لا تتعلق بالموضوع المُعلق عليه أو تلك المكتوبة بلهجة عامية أو لغة أجنبية غير اللغة العربية.

- التعليقات المتكوبة بأسماء رمزية أو بأسماء غير حقيقية سوف لا يتم نشرها.

- يرجى عدم وضع أرقام هواتف لأن التعليقات ستكون متاحة على محرك البحث غوغل وغيره من محركات البحث.