عودة (الله)

ها هو العالم (المتحضر) اليوم يرعى ويحتضن ويدعم أخطر حكومةٍ في العالم تستمد شرعية دولتها، وليس فقط وجودها كنظام، من فكرة الحق الإلهي (التلمودي)، بالتصريح دون التلميح. وها هي الفلسفة، ومعها العلم، يُعلنان على الملأ الفشل الذريع في الحفاظ على أي بقيةٍ للأخلاق والنظام والقيم أمام ما تمارسه إسرائيل من عربدةٍ سياسية وعسكريةٍ واقتصاديةٍ وثقافية وإعلامية، بدرجةٍ تفقأ أعين الجميع.
قلائل الذين يعلمون بحجم الكارثة المالية العالمية التي ربما أمكنَ تجنُّبُها، حتى الآن على الأقل، خلال يومي العطلة الأسبوعية الماضية. وهي أزمةٌ كان يُمكن لها أن تشتعل في أمريكا صباح الإثنين الفائت، وتمتد إلى جميع أنحاء العالم، كما حصل مع الكارثة المالية العالمية عام 2008. هذا رغم عودة ملامحها إلى الظهور مع الاهتزاز الكبير لبنك "كريديت سويس" السويسري المشهور صباح الأربعاء، ومعه كل البنوك الأوربية ثم الأمريكية في وقتٍ لاحق من اليوم. وما صاحبَ ذلك من انخفاض أسعار النفط وانهيار أسواق الأسهم في أوروبا وأمريكا وآسيا.
“من هنا، فإن محاولة فهم الأحداث، ثم التعامل معها، من خلال إلقاء التبعة حصرياً على حضارةٍ من الحضارتين، لن يؤدي إلا إلى المزيد من الأزمات. بينما يمكن للأحداث أن تصبح، إذا تمّ النظر إليها من تلك الزاوية، فرصةً حقيقيةً نادرة لتجاوز المأزق الحضاري العالمي الذي وصل إلى قمّته في سبتمبر من عام 2001م.”
"الشرّ دائماً متطرّف وليس جذريّاً أبداً. الخير هو الجذريّ والعميق".
حنّة أرندت.
ضربنا مطار الشعيرات العام الماضي بـ 59 صاروخ كروز، لكن الأسد لم يرتدع واستخدم الأسلحة الكيماوية من جديد، فكانت هذه الضربة لإضعاف قدراته الكيميائية. هكذا أجمل وزير الحرب الأمريكي جيمس ماتيس مأرب الولايات المتحدة من ضرب قوات الرئيس السوري بشار الأسد مطلع الأسبوع الجاري.
"باسم الله العلي، آمين. نحن الموقعين أدناه. من الرعايا المخلصين لمولانا صاحب الجلالة الملك جيمس المعظم. بفضل الله ونعمته. سيد بريطانيا العظمى وفرنسا وإيرلندا. حامي حمى الدين والذائد عن حياض الوطن. بعد أن قمنا برحلتنا لتأسيس أول مستعمرة في الأجزاء الشمالية من فرجينيا. تمجيداً لاسمه تعالى. وترويجاً للدين المسيحي. وتعظيماً لملكنا ولبلادنا. نتعهد بموجب هذه الميثاق بالتكافل والتضامن.

ليس ممكناً الحديث عن العالم اليوم - كل العالم - من دون أن نصف التنامي الفظيع للعنف فيه. عنفٌ منفلتٌ تماماً، يغلب عليه طابع الذاتية والتلقائية. بالإمكان أيضاً ملاحظة خاصيّةٍ جديدةٍ لهذا المشهد، إنها عدم التشكل، أو النزوع نحو اللاشكلانية، فهذا العالم لم يعد يتشكلُ بالعنف، ولم تعد حدوده تَرتسم به، بل على العكس من ذلك، فإن العنف يدفعُ العالم إلى الذوبان. ليس هناك امبراطوريات تتشكل ولا حدود جديدة لهذا العالم، الواقع أن العالم فقط يأكل نفسه.

قبل عام من الآن لم يكن الفوز الكاسح للمرشح الجمهوري دونالد ترامب ببطاقة الترشح عن حزبه للرئاسة الأمريكية متوقعاً، فقد غمرت الصّدمة بتصريحاته المتطرفة، بنبرةٍ غير مسبوقة، الرأي العام والتحليلات. وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي لم تتمكن من استشراف الوضع الذي آل إليه المشهد الانتخابي، إلا أن من غير المنصف القول بفشلها لأنها لا تعدو كونها مقياساً مُحدداً بزمن. وهنا يظهر تساؤلٌ مهم: هل يقود الرأي العام السياسات؟ أم أنه يتغير بتغيّرها؟