مِنَ "العالَم": الموقع الإلكتروني، راهناً، إلى "العالَم": المعهد البحثي، في مرحلةٍ قريبةٍ قادمة، تكمن ثيمةٌ أساسية لدى فريق العمل في تأكيد جدل المحلية والعالمية بشكلٍ عام، وفيما يتعلق بالوضع السوري تحديداً. فإذ تتكشف، تدريجياً، مُستتبعات مايجري في سوريا منذ خمس سنوات، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً من جهة، وإقليمياً ودولياً من جهةٍ أخرى، يبدو مسار الثورة السورية، باضطراد، مثالاً صارخاً على كثافة ذلك الجدل المحلي / الدولي بدرجةٍ غير مسبوقة في التاريخ المعاصر على الأقل. ولئن بات التأثيرُ الدولي في المشهد السوري حقيقةً لاتحتاج إلى جدال، فإن المُعطيات تتراكم مشيرةً، بالمقابل، إلى تأثير المشهد السوري نفسه، بمتغيراته وعناصره، في النظام الدولي على عدة مستويات. وهذه ظاهرةٌ تفرض أسئلةً كبيرة وكثيرة في الاتجاهين تبحث عن إجابات.

ولما كانت الثقافة، بأحد معانيها: رؤيةً للحياة والإنسان والكون، تكمن في خلفية الأحداث، تُوجهُها وتتحكم بصيرورتها في نهاية المطاف، بغض النظر عن الدوافع المباشرة بظواهرها الخارجية، فإن موقع "العالم"، والمعهد القادم بنفس الاسم، يفتحان هذا الملف، ومعه المجال، للمثقفين والخبراء والكتاب، للبحث في الإجابات المذكورة من مدخل الثقافة بمعنىً لها آخر يتمثل في النظر والدراسة والتحليل والحوار العلمي.

تلك هي المهمة التي يتصدى لها فريق العمل في "العالم". ورغم جدية المواد المنشورة فيه، على صعيد الصياغة والمضمون، إلا أن الجهد سيكون موصولاً لمغادرة مواقع التنظير البحت، أي التنظير لأجل التنظير، بكل مايمكن أن يحمله من ترفٍ في الأفكار لاتحتمله إكراهات الواقع، وتقعرٍ في الخطاب لايفيد في إيصال مُراد تلك الأفكار بما هو واضحٌ من مفاهيم وصياغات يتحقق معها البلاغ والبيان.

ولايمنعنا هذا العرض من إعادة التأكيد على مركزية الموضوع السوري في اهتمامات "العالم"، موقعاً ومعهداً، بل والتصريح بأن هذا المشروع يهدف للمساهمة في، والدفع إلى، استعادة معنى الثورة كفعلٍ تأسيسي لسوريا وأبنائها على المدى الاستراتيجي. وذلك بالعمل على مستويين. مستوى فهم الواقع السوري الراهن بشكلٍ محترف يستحضر شمول هذا الواقع وتداخل ظواهره، ومستوى تقديم رؤى وبرامج عمل، تدريجياً، في مختلف المجالات.