تنظيم الدولة الإسلامية والقبائل العربية في شرق سورية

22 شباط/فبراير 2017
 
ترجمة: حمزة ياسين

نُشِر هذا النص باللغة الانكليزية في مركز الدراسات السورية التابع لجامعة سانت اندروز في اسكتلندا والذي يُشرف على إدارته البروفيسور ريموند هينبوش، وقد تُرجم في موقع معهد العالم للدراسات بعد أخذ موافقة المركز.

في الكتاب الصادر مؤخراً بعنوان "The Thistle and the Drone: How America’s War on Terror Became a Global War on Tribal Islam" (الشوك والطائرة: كيف أصبحت الحرب الأمريكية على الإرهاب حرباً عالميةً على الإسلام القَبَلي) لكاتبه أكبر أحمد (Ruthven, 2013)، يوضح المؤلف كيف كانت الهوية القبلية عاملاً حاسماً في عملية تجنيد خاطفي الطائرات أثناء أحداث ٩\١١. ويشير إلى أنه " كانت النواة الأساسية لموالي بن لادن هم من القبائل اليمنية التي ينحدر منها،" عشرة منهم جاءوا من قبائل آسر، بالإضافة لغانم وزهران وبني شهر (Ahmed, 2013). وفي سياق النقاش عن التطرف الإسلامي وعلاقته مع الجماعات الأخرى، فإنه عادة ما كان يتم التغاضي عن الجماعات القبَلَية التي تسكن على الحدود بين الدول، هذه الجماعات تربطها علاقات قوية مع الجماعات الإسلامية المقاتلة الأخرى، اذ توفر لهم الحماية والدعم، ويمكن أن يُشاهد ذلك في عدة أماكن مثل أفغانستان والعراق وسورية اليوم.

كانت القاعدة في البداية تتلقى الحماية والدعم من أعضاء القبائل المحليين من قبائل محسود ووزير، الكثير منهم كان جزءاً من جماعة طالبان في البلاد منذ التسعينيات (Gunaratna & Nielsen, 2008). وفي العراق بعد الحرب الأمريكية، كانت القاعدة (دولة العراق الإسلامية)[1] موجودة في الجانب الشرقي من سورية – حيث تحيط الصحراء والقبائل حدود العراق – لحوالي عقد كامل (Abful-Ahad, 2012). ومع بداية الثورة السورية، قامت دولة العراق الإسلامية بإرسال السوريين الجهاديين الذي كانوا في العراق مسبقا، بالإضافة إلى العراقيين الخبراء بحروب العصابات الذين تسللوا إلى داخل الدولة. يتضح من نمط السلوك هذا أن الجماعات التابعة للقاعدة تسعى لملاجئ آمنة في المناطق الحدودية المأهولة بالقبائل المحلية، حيث يعم المزاج اللا مبالي اتجاه الدولة. من الأمثلة على هذه المناطق منطقة وزيرستان في باكستان ومحافظة شبوة في اليمن ومحافظة الأنبار في العراق ومؤخراً السهوب الجافة في سورية.

بحلول شهر آذار ٢٠١٣ تمكن مقاتلو دولة العراق الإسلامية من احتلال مدينة الرقة السورية التي تهيمن عليها القبلية بشكل كبير، وقد نشروا بعد أسابيع قليلة من احتلال المدينة فيديو يظهر ما وصفته مبايعة " عشرات القبائل من مدينة الرقة " (أبو أمل الشمري، ٢٠١٣). ومع إكمال تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام[2] شهر آذار في دير الزور وإحكام سيطرته على مدنها وقُراها، بدأ زعماء القبائل بإصدار بيانات الولاء للدولة الإسلامية، وكانت هذه بداية تقديم الولاء لقبيلة بعد أخرى على طول سهوب سورية.

تسعى هذه المقالة إلى فهم العوامل التي أثرت على العلاقة بين تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والقبائل المحلية في شرقي سورية، وتحاجج المقالة على أن المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة والعدو المشترك (نظام بشار الأسد بشكل أساسي) هي التي تُمكن الجماعة من بناء أسس مشتركة ضمن مجتمع القبائل في سورية، وتنتهي المقالة بخلاصة مفادها أنه مع استمرار مدة سيطرة تنظيم الدولة على الأقاليم السورية من عاصمة التنظيم في الرقة، فإن وجودها سيتعمق ضمن مجتمع القبائل في سورية، وهو ما سيصعِّب جهود الولايات المتحدة في حربها مع التنظيم، لأن التنظيم – ومع تصاعد الضربات الجوية – سيتسرب إلى داخل المناطق المدنية وسيُقتل المزيد من الناس في المجتمعات القبلية.
 
كيف بدأ كل ذلك
 
العنصر المركزي في تشكيل القبيلة هو تأسيس جماعات القرابة، حيث يكون كل فرد في الجماعة مسؤولاً عن جميع الأفراد الآخرين ويطلق على "نشاطات" الجماعة هذه اسم " العمل الجماعي" (Salzman, 2008). يُلزم أفراد الجماعة بالتوحد للدفاع عن أنفسهم عند تعرض الجماعة للهجوم؛ ومع تضرر أو خسارة أفراد من الجماعة، تتوحد الجماعة للحصول على تعويض أو الثأر لهم. عند تطبيق هذه الديناميات على مجتمع القبائل في سورية، سنتمكن من فهم أن حمل القبائل السورية للسلاح ضد النظام السوري يأتي كرد فعل على عنف النظام (Dukhan, 2014). ويتوافق هذا السلوك مع مفهوم الانتقام، والذي يعني الانتقام من جرائم حقيقية أو مُختلقة مورست ضد أحد الأقارب. اذ يترابط أفراد القبائل العربية في سورية من خلال فكرة شرف الانتقام من المُعتدي، وهم في هذه الحالة -القوات الأمنية السورية- يعتبرون كمعادين لأفراد القبيلة.
 
ومع تصاعد وتيرة الأزمة في سورية، تشكَّلت الميليشيات القبلية من الجنود المنشقين الذين تنظموا في أجزاء مختلفة من السهوب السورية التي تشكل ٥٥٪ من أراضي سورية. إن تحركاتهم وولاؤهم لجماعاتهم القرابية وأسلحتهم التي تم شراؤها خلال الحرب الأمريكية على العراق وما لحقها من فوضى، قد مكنتهم من اخراج جيش النظام السوري من العديد من القرى والمدن. من المهم الاستدراك أنه لم تحارب كل القبائل ضد النظام، فقد استمر بعض زعماء القبائل ممن يملكون علاقات قوية مع أجهزة الاستخبارات في سورية على ولاءهم للنظام.[3] في مرحلة لاحقة، تولدت حالة من الندية بين هذه الميليشيات، اذ اختار بعضها الاصطفاف مع التنظيم، في حين فضّلت قبائل أخرى التحالف مع خصوم التنظيم – بما فيهم النظام السوري وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة – سعياً للاستيلاء على المزيد من الحقول النفطية أو كسب مزيد من غنائم الحرب. وبالرغم من التزام تنظيم الدولة الصارم بالشريعة الإسلامية، وهو أمر غير مرحب به من قِبل المجتمع القبلي المعتدل، إلا أن التنظيم استطاع حشد العديد من القبائل للوقوف بجابنه ضد جبهة النصرة، وقد استطاع كلا التنظيمين تشكيل تحالفات مع عدة قبائل خلال الصراع الدائر بينهم على الأراضي السورية، خالقين تحالفات قبلية تصدر مواقف تهديد مستمرة للقبائل المعارضة لها. وبعد احتلال تنظيم الدولة للمركز العصبي  لجبهة النصرة الكائن في منطقة شهيل[4] في مدينة دير الزور، يمكن القول أن التنظيم قد ربح المعركة التي شنتها القبائل ضد جبهة النصرة خلال شهور قليلة عبر البادية السورية. ومن خلال هذه التحالفات الملاءمة بين تنظيم الدولة والقبائل، استطاع التنظيم تعزيز سيطرته الاجتماعية لا عن طريق الإكراه المباشر أو إقصاء القبائل غير المتعاونة وحسب، بل من خلال استعادة الخدمات العامة ومختلف مظاهر الدولة المركزية (Sayigh, 2014).
 
عن العوامل المؤثرة في التحالف الملائم بين تنظيم الدولة وقبائل البادية السورية
 
يمكن تفسير الطبيعة المركَّبة للعلاقة بين القبائل في السورية وتنظيم الدولة من خلال ثلاثة محاججات أساسية. الأولى تؤكد على العوامل العقلانية التي تضبط هذه العلاقة، حيث تتضمن هذه العوامل المنافع الاقتصادية والحماية. وتشير المحاججة الثانية إلى عامل الخوف، والذي يحسن تنظيم الدولة استغلاله بمهارة. وتركز المحاججة الأخيرة على المظلومية، والتي تجعل القبائل تتقبل أو تتحمل تنظيم الدولة في مواجهة عدوٍ مشترك.
 
لفهم المحاججة العقلانية التي تفسر ولاءات بعض القبائل لتنظيم الدولة، ينبغي أن يُؤخذ بعين الاعتبار تطور الأحداث ليس منذ بداية الثورة في سورية فقط، بل قبلها أيضاً. فخلال فترة حكم حافظ الأسد  كانت يتم  توظيف القبائل كأدوات للسيطرة غير المباشرة من خلال  المؤسسات الرسمية والشركات التابعة (Dukhan, 2014)، حيث كان يتم توظيفهم لمراقبة توسع جماعة الإخوان المسلمين في حماة والأكراد في مناطق شمال شرقي البلاد.
 لقد كانت القبائل جزءاً من القوى الشعبية الهائلة التي تشكل دعامة للنظام. لكن بعد انفتاح الاقتصاد على السوق العالمي، تم التخلي عن الأيديولوجية البعثية وانحسر وجود الدولة وخدماتها بين المجتمعات القبلية في الأطراف (Hinnesbusch, 2012). حاول تنظيم الدولة في سورية أن يملأ الفجوة التي خلقها انسحاب الدولة، وقدَّم هيكلاً بديلاً من منظومة المحسوبية والرعاية، ومن المتصوَّر أن تنظيم الدولة تشارك مع القبائل ودعم بعض زعمائها من خلال تزويدهم بفرصة أن يصبحوا مؤثرين في مقابل تقديم الولاء (Salama, 2014). هذا يفسر لماذا قامت الكثير من القبائل التي كانت تدين سابقاً بالولاء للنظام السوري بتحويل ولاءها مقابل القليل من القوة واختيار دعم تنظيم الدولة، وعلاوة على ذلك، فان قدرة تنظيم الدولة الإسلامية على تحصيل تمويل كبير بعد سيطرته على احتياطات هائلة من النفط والغاز في سورية  قد مكنته من تقديم الخدمات والبدء بمشاريع تنموية مثل إصلاح الجسور وتوفير المياه الصالحة للشرب وتأسيس مشاريع الري (Hassan, 2014).  وخلال فترة حكم بشار الأسد، تم تهميش وإفقار قبائل البادية، وقد شاهدوا كيف تم نهب الموارد الطبيعية في منطقتهم من قبل الرئيس ومشاريعه الضخمة وحاشيته، وليس في مصلحة مجتمعاتهم المحلية. وقد استعمل بشار الأسد تدابيره القمعية ضدهم عندما حاولوا الاحتجاج على تلك  السياسات. لقد أجبر طغيان النظام السوري الكثير من القبائل لقبول أن تنظيم الدولة يمكن أن يكون أكثر إنصافاً في توزيع ثرواتهم من بشار الأسد الذي لم يعترف بمطالبهم وأجبرهم على خيار رفع السلاح.
 
يبدو أن القبائل الأخرى التي رفضت التعاون مع تنظيم الدولة قد تم إرهابهم على ذلك، وهذا يحيلنا على المحاججة التي تشير إلى عامل الخوف، والتي تحاول تفسير بعض جوانب العلاقة بين تنظيم الدولة والقبائل، حيث يتم استعمال الخوف كسلاح في الحرب. ضمن هذا الاعتبار، يوضح الدكتور فواز جرجس (٢٠١٤) من كلية لندن للاقتصاد أنه في حين يبدو العنف والوحشية أمران غير منطقيان بالنسبة للأغلبية الواسعة من البشر المتحضرين، إلا أنهما يشكلان خيارات عقلانية وواعية تؤثر  في استمالة مجندين جدد . وبالتأكيد، لقد هدف نشر فيديوهات الأعمال الوحشية مثل قطع الرؤوس أو الصلب لأعضاء من قبيلة الشعيطات التي حاولت التمرد على تنظيم الدولة[5] إلى إظهار قسوة وجبروت التنظيم ونشر الخوف بين صفوف الأعداء، إنها تدعو المجندين بكل ذكاء إلى الاختيار بين الحصان الفائز أو الموت.
 
تُستمد الذريعة الدينية التي تبرر قسوة التنظيم من حد الحرابة، وهو أحد الحدود الإسلامية المعنية بالجريمة المنظمة وقطَّاع الطريق (Legal Reference, 2014)، ويستند هذا الحد على آية من القرآن تسنُّ عقاباً قاسياً على الثائرين الذين يعلنون الحرب ضد الدولة أو على من ينفذ عملية سرقة مسلحة، والعقاب لا يتضمن القتل فقط، بل أيضا الصلب وقطع الأعضاء. ومن خلال تصوير نفسه كدولة، فإن تنظيم الدولة الإسلامية يستخدم الآية ويعتبر كل من يقف في مواجهة أهدافه متآمرين ينبغي التعامل معهم بناءً عليها. ويظهر تنظيم الدولة حماساً كبيراً لنشر هذه الرسالة في كل مكان، ولذلك تجد شبكة الإنترنت مليئة بالصورة والفيديوهات القاسية لعمليات إعدام وصلب تم تنفيذها في أراضي تقع تحت سيطرة التنظيم. وفي سياق النقاش عن أساليب الترهيب، لا يمكن القول أنها مسألة حصرية فقط بالتنظيم ، فعمليات البتر قد استعمالها بشكل كبير في العديد من الحروب الأهلية كما شهدنا في سيريليون على سبيل المثال، ولكن تنظيم الدولة قد برع في نشر رسالة الإرهاب باستخدام وسائل متطورة وتكنولوجيا حديثة، مما جعل أساليبه أكثر تأثيراً.
 
آخر مجموعة من العوامل التي تفسر العلاقة بين تنظيم الدولة والمجتمع القبلي هي سياق الحرب الأهلية والمظالم التي تؤدي لها، هذه المظالم التي تكبدتها القبائل يمكن أن تفسر بشكل جيد ميلها نحو تحمل – أو حتى التعاون مع – تنظيم الدولة، فقد استثمر التنظيم هذه المظالم للحصول على التجنيد وكسب الولاء.
 
لعبت المظالم دوراً مهماً في عملية الترابط بين القبائل خلال الثورة السورية كما قدَّمت الدفع اللازم للحراك العام. يتسائل العديد من الكتاب عن الكيفية التي يترابط فيها المجتمع ويثور ضد حكومة ما، يؤمن بعض الكتَّاب مثل بول كولير (٢٠٠٠) أنه لا بد من وجود دوافع اقتصادية لتدفع الناس كي تكون جزءاً من حراك ثوري، ولا تشكل المظالم بالنسبة لهؤلاء الكتَّاب دافعاً كافياً لحشد الناس للثورة. فتحقيق العدالة والتخلص من الظلم حاجيات عامة تعاني من مشكلة الانتفاع، حيث يمانع الأفراد من التحرك، بالنظر الى التكلفة العالية  للمشاركة في حالة مشاركتهم، ويميلون في المقابل لانتظار الآخرين للتحرك للانتفاع من حركتهم. تعيق هذه المشكلة الحراك السياسي الجماعي في الأنظمة الدكتاتورية حيث تكون كلفة المشاركة في الثورة عالية جداً (كالتعرض للسجن أو القتل حتى). يميل الناس في مثل هذه الظروف للامتناع عن البدء بالثورة لأن الخيار العقلاني للفرد هو أن ينئى المرء بنفسه عن الخطر منتظراً نجاح الحراك ثم جني الثمار. وبناء على ذلك، يحاجج كولير أنه لا بد من وجود منافع اقتصادية لتقنع الناس بالانخراط في حراك ثوري، وإلا لن يتم هذا الحراك.
 
ولكن المجتمع القبلي يقدِّم محاججة مضادة لفكرة كولير من خلال مبدأ القرابة، والذي يشكل صيغة تنظيمية مهيمنة بالنسبة للقبائل، وتحفِّز الأفراد على الاحتشاد للدفاع عن أقاربهم من أعضاء القبيلة، ولقد كانت الروابط بين عائلات البادية السورية مهمةً جداً في تنظيم الاحتجاجات الأولى في المنطقة (Dukhan, 2014).
 
لقد تعمَّد النظام استهداف زعماء المجتمع الذين يظهرون آراءً ضد النظام، وفي حين كان المقصود من ذلك إرهاب المجتمع وإظهار الوجه القاسي من الحكومة، إلا أنها أشعلت نيران المعارضة والمقاومة. أحد أساليب الإذلال المستعملة هي اعتقال زعيم في المجتمع أو أحد رموز المعارضة وإجبارهم على الاعتراف عبر التلفزيون عن جرائمهم المزعومة، أو إجبارهم على إعلان إنشقاقهم عن المعارضة. أحد الأمثلة على هذه الممارسات اعتقال زعيم قبلية البقارة نواف البشير( قبل إعلانه مؤخرا عن مصالحة النظام/ المترجم)، وقد أدى اعتقاله وإذلاله إلى حالة صخب داخل مجتمع القبائل. مع وجود كل هذه المظالم، يمكن أن يجد العديد من زعماء القبائل رد فعلٍ طبيعي في تنظيم الدولة ضد وحشية النظام، أو أقل إذلالاً منه على الأقل. في الواقع، لقد أدت مقابلة مع الشيخ حاتم سليمان، وهو أحد أكثر زعماء القبائل تأثيراً في العراق، إلى الاستخفاف بحجم تنظيم الدولة واعتبار الحكومة العراقية أكثر خطورة (Ali, 2014). ان  تنظيم الدولة الاسلامية والميليشيات المماثلة تبرز في حالة وجود المظالم لأنها تزودهم بالشرعية اللازمة.
 
خلاصات
 
وضعت المقالة بعض العوامل التي تؤثر على العلاقة بين تنظيم الدولة ومجتمع القبائل في سوريا، ويلعب تحديد هذه العوامل دوراً مهماً في توقع نتائج الجهود المبذولة في مجابهة تنظيم الدولة في المنطقة، وهذا الأمر ذو صلة أساسية بتحالف القتال ضد تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا.
 
في البداية، ومع ازدياد محاولات تنظيم الدولة لكسب ود القبائل المحلية، يلعب التنظيم دوراً مشابهاً للنظام الاستبدادي الشعبوي لحافظ الأسد. وفي حين يستعمل التنظيم أساليب سلطوية قمعية تجاه القبائل، إلا أنه يقدم لهم الحاجات الأساسية التي تجعلهم معتمدين عليه باعتباره وكالة موزِّعة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن النظر إلى داعش باعتبارها نتيجة لعملية عزل السنة عن المنطقة، فبحسب حسان (٢٠١٤)، تشعر الأغلبية السنية أنها أقلية في المنطقة: فهي تشعر باستمرار بعدم الأمان والاضطراب والحصار، وأصبح التنظيم في هذا السياق يعبر عن تطلعات العديد من العشائر التي تشارك واقع المظلومية السنية. لذلك يمكن أن تنظر القبائل لتنظيم الدولة وبكل بساطة باعتباره حليفاً لضرورة الحال، وأساسياً للاستجابة للعنف الحكومي الطائفي الذي يُنظر له باعتباره إحتلالاً مدعوم إيرانياً (Harling, 2014).
 
والآن مع التحالف الذي يشن حرباً على تنظيم الدولة والجماعات الإسلامية الأخرى، يبدو أن ذلك سيعزل المجتمع السني أكثر نحو الأطراف وسيزود تنظيم الدولة بالشرعية اللازمة. ومع تجاهل نظام بشار الأسد الذي أشعل الثورة السورية وأدى إلى مقتل آلاف السوريين في سوريا بشكل عام والبادية السورية بشكل خاص، فإن الهجمات الجوية ستدفع السكان المحليين إلى التأكد من لا مبالاة التحالف الدولي تجاه حمايتهم وسلامتهم. إن تحقيق أهداف التحالف المتعلقة بهزيمة تنظيم الدولة لن يعتمد فقط على مهاجمة الأهداف الصحيحة في الوقت الصحيح، بل في مد يد العون للقبائل العربية أيضاً (Tabler, 2014). ومن غير المحتمل أن تتعاون القبائل مع قوات التحالف ضد حكم تنظيم الدولة بسبب تخوُّف هذه القبائل من انتقام النظام.

المراجع:
Abdul-Ahad, G. (2012) Al-Qaida turns tide for rebels in battle for eastern Syria.
The Guardian Available from: Link [Accessed: 29.09.2014].
 
Ahmed, A. (2013): The Thistle and the Drone: How America’s War on Terror Became a
Global War on Tribal Islam.Brookings  institution.
 
Salama,h. (2014) How ISIS changed its game plan in Iraq.[online] July 14 Available
from: Link [Accessed: 29,09, 2014.
 
Salzman,P. (2008). Culture and conflict in middle East. Prome-theus Books.
 
Sayigh, Y. (2014) iSiS: Global Islamic caliphate or islamic mini-State in iraq? Carnegie Middle East. [online] July 24 Available from: Link [Accessed: 29,09, 2014].
 
tabler, A. (2014): Reach out to Arab tribes in Eastern Syria.The New York Times.23 September Available from: Link [Accessed: 29, 09, 2014]
 
أبو أمل الشمري, 2013: Fourteen Tribes in Raqqa swear oath of loyalty to the Islamic State of Iraq and Levant, [video online] Available at: Link [Accessed: 29,09, 2014]
 
الهوامش:

[1]  هناك عدة أسماء مختلفة للجماعة، ففي عام ٢٠١٤ قام زعيم الجماعة أبو مصعب الزرقاوي بمبايعة أسامة بن لادن، وفي ١٣ تشرين الأول ٢٠٠٦ تم الإعلان عن تأسيس دولة العراق الإسلامية.
[2] في نيسان ٢٠١٣، أصدر البغدادي بياناً صوتياً أعلن فيه عن دمج جبهة النصرة ودولة العراق الإسلامية تحت اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام".
[3]  أسس الشيخ محمد الفارس من قبيلة طي كتيبة مقاتلة كجزء من القوات الوطنية (قوات الدفاع الوطني) التي تنتمي لقوات النظام.
[4]  يُعتقد أن مؤسس جبهة النصرة أبو محمد الجولاني قد أتى من هذه القرية. " كتبت هذه المادة قبل ان يكشف أبو محمد الجولاني عن شخصيته الحقيقة  على شاشات التلفاز. وقد كشفت العديد من التقارير بعد هذا الظهور عن مكان ولادة الجولاني (مدينة درعا) والمناطق التي عاش بها قبل التحاقه بالجماعات الجهادية (دمشق / المزة الشرقية).  / المترجم".
[5] يمكن تحصيل القصة الكاملة عن هذا التمرد ضد تنظيم الدولة في موقع Global Post:

  حمزة ياسين
طالب ماجستير في قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، كاتب وباحث مهتم في قضايا الفكر والدين والمجتمع والسياسة، له مقالات وأوراق منشورة في صحف ومجلات إلكترونية.
حيان دخان - سنان حوات


حيان دخان:
باحث سوري، متخصص في دراسة العلاقة بين الدولة والقبائل البدوية في سورية منذ أواخر الفترة العثمانية الى مرحلة الحرب الدائرة اليوم في البلاد.

سنان حوات:
حاصل على ماجستير في إدارة التنمية من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. كتب عدد من المقالات حول سوريا والعراق.

اترك تعليق*

* إرسال التعليق يعني موافقة القارئ على شروط الاستخدام التالية:

- لهيئة التحرير الحق في اختصار التعليق أو عدم نشره، وهذا الشرط يسري بشكل خاص على التعليقات التي تتضمن إساءة إلى الأشخاص أو تعبيرات عنصرية أو التعليقات غير الموضوعية وتلك التي لا تتعلق بالموضوع المُعلق عليه أو تلك المكتوبة بلهجة عامية أو لغة أجنبية غير اللغة العربية.

- التعليقات المتكوبة بأسماء رمزية أو بأسماء غير حقيقية سوف لا يتم نشرها.

- يرجى عدم وضع أرقام هواتف لأن التعليقات ستكون متاحة على محرك البحث غوغل وغيره من محركات البحث.