عن المدينة وأحيائها المعدمة في ثورات العرب الأخيرة: مقترب ما بعد كولونيالي عام

10 آذار/مارس 2017
 
على صعيد اللغة العربية، بإمكان الباحث (الأكاديمي) تسجيل ندرة الأبحاث والمصنفات والدراسات والمونوغرافيات والمقالات (الموضوعة). ذات الصلة بالسوسيولوجيا الحضرية والأنثروبولوجيا الثقافية وجغرافية المدن والتاريخ الاجتماعي والبحوث السكانية والمناهج الوصفية والكمية.
وباقي العلوم الاجتماعية ذات الصلة بموضوع إشكالي في حجم موضوع المدينة العربية. إن "المناهج الدراسية في غالبية الجامعات العربية ما زالت تفتقر إلى مصادر عربية يعوّل عليها في تدريس مادتي تاريخ ونظريات العمارة. ولذا بات من الضروري تكثيف جهود الباحثين للمساهمة في رفع مستوى الأداء الفكري والتصميمي للمعمار العربي"(1). ثم إن "نمط معمار جديد يعني تغيّيراً في المفاهيم كلها"، تبعا للعبارة الشهيرة التي قالها آودن وعلى نحو ما يذكّرنا بها الأنثروبولوجي الأمريكي كليوفرد غيرتز (Clifford Geertz)(2).
 
وفي ضوء هذا المنظور بدا لنا أن نخوض في موضوع لم تُعط له أهمية ملحوظة ضمن سيل الكتابات والحوارات والتحليلات والسجالات التي تعاطت لموضوع الحراك العربي. وهو موضوع أداء المدينة العربية في هذا الحراك. وقبل ذلك، وفي السياق المديني العربي ذاته، فثمة مدن تقليدية (Impériales)، أو عتيقة كما نسمّيها عادة، وبسطوح معلّقة وأفنية داخلية أو جانية لكنها مفتوحة على "سماء الله"، وكذلك بدروب ملتوية ومتعرِّجة وعادة ما تفضي إلى المسجد الأعظم للمدينة العتيقة والمحاط بسوق تجاري وحمام ومدرسة... إلخ. وثمة المدن الحديثة، الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، التي أنشأها الاستعمار وسواء في سياق الاستعمار ذاته أو في سياق ما بعد الاستعمار(3)؛ وذلك كله عن طريق الهندسة المعمارية الحديثة. وفي جميع الأحوال فحال المدينة العربية، وبخاصة المتوسطة والصغيرة، ومن ناحية الهندسة المعمارية والتخطيط الحضري، ومن ناحية التحوّلات المجالية، هي حال مجال مبنيّ ((Espace Bâti ممزّق وحال "تمدين منفلت": أي حال ما يعطّل المدينة عن "عقلنة تملّكها"، وعن أداء وظائفها الأساسية على مستوى الدينامية الحضرية والسيرورة التاريخية ومستلزمات التبادل والتشارك... إلخ.
 
ولعل أهم خلاصات "نظرية الخطاب ما بعد الكولونيالي" (Postcolonialism) أن الاستعمار كان وراء تشكيل "العالم الثالث"، وكان وراء ترسيم خرائطي بموجبه تمّ إحداث حوالي مائة دولة جديدة انفكّت عن الاستعمار في المرحلة ما بعد الاستعمارية بعد 1945، كما يلفت الانتباه إلى ذلك الأكاديمي الأمريكي والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد(4). مثلما كان وراء ترك الديكتاتور العربي يبدع في سياقات ما يصطلح عليه بـ"الاستعمار الداخلي" في تجلياته الميدانية القذرة والجارفة وفي تناغم تامّ مع أشكال من "الاستعمار الذكوري" و"الاستعمار الثقافي" و"الاستعمار الفقهي"..
 
فالمسألة ليست فقط مسألة "استقلال مصادرة" (Confisquée) تبعا لعنوان الكتاب الأخير للزعيم الجزائري فرحات عباس، وهو التعبير الذي لا يكفّ عن ترديده المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا (Benjamin Stora) في أثناء الحديث عن ثورات العالم العربي(5)، وكما أنها ليست فقط  مسألة "استقلال مضحك" كما أشار إلى ذلك إدوارد سعيد في كتابه "تأملات حول المنفى". المسألة هي مسألة "وضعية كولونيالية" (Situation coloniale) تبعا للمفهوم الذي خصّه جورج بالانديير (Georges Balandier) بمقال شهير ما يزال قابلا للتوظيف والترهين لدراسة أحوال شعوب ــ استعمرت من قبل ــ ومن منظور حقلي السوسيولوجيا والإتنولوجيا. والمقال تحت عنوان "الوضعية الكولونيالية: مقترب نظري"، ونشره صاحبه في العدد (XI) من "دفاتر عالمية للسوسيولوجيا" (Cahiers internationaux de Sociologie)، عام 1951.
 
وكانت الحصيلة، الثقيلة والرهيبة، ونتيجة هذا الصنف من الاستقلال، ما بين ثلاثة وما يزيد عن أربعة عقود من الحكم التسلطي والاستبدادي والفولاذي، في كل من مصر وسوريا وليبيا واليمن. أما "تونس زين العابدين"، التي كانت فاتحة الحراك العربي، فلم يكن سجلّها بأقل عن سجّـل الأنظمة السابقة على مستوى ممارسة الاستبداد وإشراك العائلة في "الجنون الرئاسي". وفي جميع هذه البلدان لم يكن من حضور للدولة، كما نظّر لها عبد الله العروي المؤرخ والمفكر وصاحب سلسلة المفاهيم(6). الدولة التي تحمي من الانفجار. ومن الثورات والحروب أيضا. لم تحضر الدولة في علاقتها بالمجتمع، وحتى نتكلم بلغة غرامشي، ولو من موقع "القوة" لكي لا نفكّر أصلا ولو في نتف من"العقد". كان الحاصل هو "نظام" يعلو على الدولة ويمحو المجتمع في الوقت ذاته. والمطلوب حشود مُقادة وجماهير عمياء مصفّقة.
 
وأمّا في ما يخصّ المدينة العربية فقد كان الديكتاتور العربي، المتغطرس، وراء تفتيت "البنية الحضرية الدالة على هوية المدينة"(7)، وكما كان وراء تشييد مدن بدون "بنية" و"هوية". وذلك كلّه بدافع أن يشلّها وبدافع أن يحوّلها إلى مستودع بشري (بالمعنى الأنثروبولوجي للكلمة)، وبدافع أن يجعل منها قاعة انتظار كبيرة بل وسجن كبير مفتوح ولا مرئي ومرئي في الوقت ذاته. فهدم المساجد على رؤوس المصلين من الأبرياء ومنع الناس من أداء صلاة الفجر وتحويل المؤسسات العمومية (وبما فيها ملاعب الرياضة ومدارس التعليم ودور الخيريات) إلى "محتشَد" لتعذيب أطياف ومجموعات من البشر. وحرق المعتقلين وهم أحياء وتصفية المعارضين علنا وحتى وهم على أسرّة العلاج في المستشفيات ومنع أهالي الضحايا حتى من تنظيم جنازات رمزية لهم. والتعامل مع المواطنين كأشياء وليس كعبيد فقط، كل ذلك من إمعان في التعذيب والإذلال، لم يحصل حتى على عهد الاستعمار "القذر" كما ننعته. وعندما نشير إلى هذا المعطيات فإن ذلك لا يفيد، البتة، وسواء على مستوى التضمن أو اللزوم، أيّة نية في مباركة الاستعمار أو أية نية في "نسيان" ما أراقه هذا الأخير من دماء وفي ما تسبب فيه من جروح كولونيالية (Cicatrices Coloniales) ما تزال تلقي بتداعياتها حتى الآن.
 
 ولعل صورة هاته المدينة المظلومة والغارقة في نيران الاستبداد، والتي لا مجال فيها للحد الأدنى من أحلام التقدّم والتغيير والثقافة، هي أول ما برز مع الحراك العربي (المباغت). محافظات ومدن وقرى وميادين وشوارع وأحياء أو أنحاء وبيوت ومقاهٍ لم نكن نعلم عنها أي شيء قبل الحراك. وكان لـ"الإعلام البديل" و"الإعلام الاجتماعي" دورهما الجارف على هذا المستوى. فهذا النوع من الإعلام صار من المستحيل على الجلاد التحكّم فيه ولا حتى ضبط أماكنه كما في السابق مع الإعلام الرسمي والعمومي. ولقد باشر العالم الحراك من أوّله إلى آخره في أكثر من بلد عربي، الحراك في مدن محدّدة وفي ميادين محدّدة وبشعارات وموسيقى وملصقات ووجوه ليست مكرّسة في الأحزاب العربية المنهكة وفي النقابات الموالية(8). فكل ما هو متاح تمّ توظيفه تأكيدا لهوية الثورة ومبدأ الثورة. وتعبيرا عن "غودو الذي سيأتي هذه المرة" إلى أنحاء وأحواز وأحياء ومقاهي، مدن الثورة.
 
وكما يقال، في "علم ظاهرة الحرب" (Polémologie)، كم من حروب وثورات بدأت بتفاصيل صغيرة ولتتطوّر إلى قلب أنساق كبيرة بل وأنظمة بكاملها. وكانت البداية من ولاية سيدي بوزيد من وسط تونس المهمّش والتي لم يكن يسمع عنها أحد. كانت كباقي المدن المهملة والمفتتة أو بالأدق كباقي البؤر الهامشية والمعادية للتعمير (Péri-urbain Anti-urbain) على امتداد العالم العربي. وكان للمواطن البوعزيزي، الذي تلقى تعليمه في مدرسة مكوّنة من حجرة واحدة في قرية سيدي صالح، والذي اضطر للعمل منذ سن العاشرة من عمره حتى يعيل عائلته المتكوّنة من تسعة أفراد، ما أرادته شعوب بأكملها بعد أن بدا لها كما لو أنها "كانت في غفلة من الزمن". فالبوعزيزي هو من سيصعَّد اسم سيدي بوزيد في مخيال العالم العربي وفي ماكينات الإعلام الغربي ككل، وعلى النحو الذي دفع كبريات قنوات العالم جنبا إلى جنبٍ مع كبار رؤساء العالم إلى الحديث عن "البوعزيزي البريء والمظلوم". وكان في مقدّم هؤلاء الرئيس الأمريكي أوباما (وقتذاك).
 
و"سيدي بوزيد مع وقف التنفيذ" هي التي جعلت مدنا أخرى في تونس ذاتها تنتفض، وكان شارع الحبيب بورقيبة هو "برلمان" الشعب التونسي الحقيقي وهو الذي غطى على باقي المدن التونسية. لقد تمّ تفويضه مواصلة الرسالة التي بعث بها المواطن البوعزيزي، رسالة القطيعة مع "الحُكْرَة" (بلغة المغاربيين) ورسالة الحرية والكرامة والتحرّك نحو الديمقراطية ومن خارج أي تنسيق أو اتفاق، وبما في ذلك مع المثقفين لكي لا نشير إلى الأحزاب والنقابات ذات المواصفات السابقة. ولذلك كان أبطال "تونس الثورة" من الناس العاديين من "إنسان اللحظة". وفي مقدّم هؤلاء، أو بالأحرى "أيقونتهم"، البوعزيزي الذي هو رمز لملايين الشباب العربي من الذين يموتون أو ينتحرون بالتقسيط في عشوائيات بائسة بدون تصميم بيئي وأشبه بمقابر عمودية.  
 
وكما كانت الأمكنة المنهكة بدورها من أبطال الثورة شأن أيقونة سيدي بوزيد، التي هي بدورها رمز دال على مدن العالم العربي الخاضعة للاستبداد السياسي الأرعن والظلم الاجتماعي الأبشع. وهناك وبعيدا عن بؤرة سيدي بوزيد وفي المكان الذي يُمَكِّن من تبليغ الرسالة كان المواطن التونسي البسيط أحمد الحفناوي يصرخ، وبعد أن تجرّد من الخوف، وفي قناة الجزيرة، ودون أن يعلم حتى بهويتها(9)، "هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية".. دون أن يدرك أنه هو الآخر يصنع الحدث ويلهب الملايين من المتعطشين للحرية في مدن العالم العربي.
 
والمكان، بدوره، كان يبلّغ رسالته، ذلك أنه كان قلب العاصمة. كان يقوم بدور "العامل المساعد" (Actant Adjuvant) تبعا للمفهوم الذائع في الرطان السيميائي والتواصلي. وما كان للإضراب أن يتواصل، في العاصمة ابتداءً من 03 يناير 2011، وليبلغ أكبر تجمهر في الثاني عشر من الشهر نفسه حيث رفع الشعار ــ الفأس "ارحلْ"، إلا بعد غليان مدن تونسية في الوسط والغرب انخرطت في الثورة من البداية مثل القصرين وقابس وبخاصة صفاقس، ومن قبل الرقاب التي اشتعلت في اليوم التالي مباشرة من حدث البوعزيزي، وبعدها منزل بوزيان ودون تغافل عن الكاف ونيران تالا... وأغلب هذه المدن، التي سقط فيها شهداء، لم يكن المواطن العربي، وقبل ذلك المهتم العربي، على معرفة أوّلية بها عدا مدن تونس المعروفة بفرق كرة القدم (وهي قاعدة تنطبق على العالم العربي). إن كلمة "ارحل" أو "dégage" التي نطقتها الشرطية التونسية، فادية حمدي للمناسبة، وبالفرنسية، وبدافع إهانة البوعزيزي وبعد أن صفعته أمام ما يقرب من خمسين فرد من زملائه من الباعة المتجوّلين في أزقة سيدي بوزيد، ستتصدّر قاموس "تونس الثورة". نحن، وبتعبير كارل ماركس الرائج، بصدد "التاريخ حين يجري بشكل عفن"، لكن على النحو الذي يجعل "الرجال يصنعون تاريخهم".
 
وكانت الجزيرة بدورها، وبعد أن تجرّدت من المهنية والميكانيكية، ومن خلال اعتماد لغة الفايسبوك المشحونة، تردّ على الجلاد الذي لم يرتح لها البتة في المنطقة المغاربية ككل؛ ويُروى أنه هدّد المغرب، ممثلا في ملكه الشاب آنذاك، بالاعتراف بجبهة البوليساريو في حال عدم إقفال مكتب الجزيرة في الرباط. وبالفعل تحقّق جنرال الإقفال.. إما لهذا السبب أو لسبب آخر. أجل كانت الأعداد، المشاركة والمغامرة بأرواحها، غفيرة في تونس الثورة؛ إلا أن الجزيرة كانت تصوّرهم وكأنهم أنهار بشرية أو ملايين، حتى تكون "طرفا" من ناحية الإسهام في آليات التشحيين والتجييش. الأهم صارت نيران الانتفاضة واقعا تاريخيا وبخاصة مع دخول أحياء شعبية ومكتظة بالسكان في تونس العاصمة على خطها مثل حي الانطلاقة وحي الانتفاضة وحي الزهور وباب الجديد وباب الجزيرة. وعلى النحو الذي أفضى إلى حرق مقرات الحزب الحاكم، والأخطر حرق أغلب نقاط مراكز الشرطة في هذه الجهات من العاصمة التي كان يحتمي بها زين العابدين، إلى درجة أن شرطيّا واحدا كان بإمكانه التربّص بوسط العاصمة بأكملها. وهو ما حصل في أحياء أخرى في سائر مدن الثورة، الأحياء أو "الأحواز" كما يسميها التونسيون. ولم يبق من حلّ لضبط المنافذ والمداخل والمخارج، بعد أن تلاشت الفواصل بينها، من غير إطلاق قنابل الغاز المسيّلة للدموع ومن غير إطلاق النار في الهواء. ومع ازدياد القمع كان ازدياد الإصرار على إسقاط النظام.

الشرطة التونسية أثناء محاولتها فض اعتصام المتظاهرين في تونس
 
وبعد عشرة أيام من جنازة المواطن محمد البوعزيزي (04 يناير 2011)، وبعد أن أقدم على إضرام النار في جسمه النحيف يوم الجمعة 17/12/2010 أمام ولاية سيدي بوزيد ــ رمز ما لحق به من ظلم، ودفاعا عن حق التونسيين في الكرامة التي تسبق الخبز، فرَّ من البلاد زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011 لكن ليس إلى فرنسا كما كان يطمح وإنما إلى السعودية. وبعد أن ظلَّ في السلطة لمدة 23 عاما هضم خلاها الجغرافيا أو الشجر والبشر والحجر كما يقال. كان للشارع، إذن، ما أراده نتيجة تأثيره المذهل والمنظم. وكان من اللازم أن يكون لمثل هذا الفرار الذليل، والذي لا يليق عادة بديكتاتور عنيد، وعلى نحو ما باشره العالم العربي والرأي العام العالمي ككل، تأثيره الكبير؛ إذ لأوّل مرة سيتم التأكّد من طبيعة "الأنظمة الهشّة والكارتونية" التي تتستّر على حجمها الطبيعي بالقبضة الحديدية.
 
وكان المواطن التونسي الآخر، و"إنسان اللحظة" بدوره، وهو المحامي والناشط عبد الناصر العويني، وعلى نحو ما نقلت قناة "الجزيرة" صراخه الشهير والهستيري ليلا في شارع الحبيب بورقيبة وبعد خمس دقائق لا أكثر من إذاعة خبر رحيل الديكتاتور: "يا توانسة راكم أحرار... يا توانسة هرب المجرم... تونس حرة... تونس عظيمة"، كان، ومن دون وعي منه، يؤكّد على فكرة "الاستقلال الثاني" لتونس وعلى "المقترب ما بعد الكولونيالي" الذي نصدر عنه في هذا المقال(10).
 
وفي هذا السياق ستتفتّح شهية الشعوب العربية للتحرّر من "الاستعمار الداخلي المتعجرف". وكانت البداية من مصر حيث انخرطت مدن في الحراك وحيث تمّ تسجيل حالات وفاة في الإسكندرية والسويس وأسيوط وبني سويف والعريش... ومدن من هذا النوع قد تبدو مألوفة للمدمنين على السينما المصرية. إجمالا كان المكان دائما هو البطل. وما كانت "ثورة 25 يناير" ستعطي ثمارها القريبة من خارج "ميدان التحرير" الذي غاير باقي شوارع وميادين ومدن مصر، بعد أن جمع أطيافا من المثقفين من العلمانيين والإسلاميين، ومن الناشطين السياسيين والساخطين والمناضلين الافتراضيين، وبعد أن وحّد ما بين الشباب والكهول والنساء والشابات ومع البرهنة للعالم ــ وقبل الديكتاتور ــ على "نظافة المكان" وعلى أناقة "الثورة الناعمة" تبعا للمصطلح الذي تم اجتراحه وقتذاك. ومن وجهة نظر سوسيولوجية، تمكّن هؤلاء من "بنينة الميدان" حيث الفاعلون والأفعال والمعايير والزمن والوعي (العملي) والثقة والخوف وأشكال المأسسة... وغير ذلك من المفاهيم الدالة على "نظرية البنينة" " (Théorie de Structuration)(11).  
 
قدّمت تجربة ميدان التحرير درسا بليغا وشهيا. ولذلك سارع متظاهرون، في البلدان التي سلمت من نيران الثورة، إلى إحداث ميادين تحريرها. وتحقّق ذلك، وبتفاوت، في المغرب والبحرين والأردن والجزائر وعمان. وقد رفعت شعارات ثورية في هذه الميادين، وكان بعضها يدعو إلى إسقاط النظام. واللافت للنظر أن تأثير "متوالية ميدان التحرير" لم يتوقف في العالم العربي فقط، وإنما امتّد إلى شباب إسبانيا حين نصبوا الخيام في "Puerta del sol" ("بوابة الشمس")، وقرَّروا عدم مغادرة الميدان ما لم يتم تحقيق مطالبهم. وهو ما حصل في بريطانيا وإن بشكل آخر. أما في فرنسا، التي لم تسلم من الخوف، فكتبت جريدة "لوموند" ذائعة الصيت (عدد يوم 16 غشت 2011): "حتى الآن، الضواحي هادئة بفرنسا"؛ والعنوان بمفرده جدير بالدلالة على الرعب من "عدوى ثورات العالم العربي".
 
وفي اليوم الذي ضمّ فيه ديكتاتور مصر اسمه إلى ديكتاتور تونس، وعلى وجه التحديد في الجمعة 11 فبراير من العام نفسه، كان الشعب اليمني قد فتح صدره للرصاص في "جمعة الغضب"، في سياق الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت منذ 27 يناير 2011، مطالبا الرئيس أمين صالح، الذي ظل يحكم لمدة 33 سنة، بالتنحي الفوري. وفي بلد يعدّ من أكثر بلدان العالم تسلحا ومن أكثر البلدان المؤهّلة لحرب أهلية... لم يحصل، وفي إطار من متوالية الثورة، أو "القابلية للثورة"، ما حصل في ليبيا. غير أن ذلك لا يعني أن اليمن سلمت من الضحايا الذين قدّر عددهم بألف قتيل.

صورة من مظاهرات مصر
 
إجمالا تطرح الخريطة نفسها في الحال اليمنية وبخاصة من ناحية التحام الشمال والجنوب، وكما قال النائب الجنوبي المعارض علي عشال (وفي دلالة على اللحمة الوطنية بدلا من ورقة القبيلة ومن ثم الحرب الأهلية) (وهو قول لفت الانتباه في حينه): "صنعاء تستنكر ما يحدث في تعز، وتعز تستنكر ما يحدث في عدن، وعدن تستنكر ما يحدث في حضرموت". وكأن لسان حاله ما يسميه كل من الفيلسوفين فيليكس غتاري (F. Guattari) وجيل دولوز (J. Deleuze) بـ"الأرض المتحركة". وكما سجّل في اليمن ــ وعلى غرار مصر ــ "ميدان الحرية" في مدينة تعز، وقبل ذلك "ساحة التغيير" مترامية الأطراف في صنعاء. والساحة الأخيرة في محيطها الذي ضم شوارع المواجهة مثل شارع الرباط وشارع عشرين وشارع عمران وشارع الحصبة وشارع الستين... إلخ. 
 
ولم يتخلـَّف الشعب الليبي، وفي أوّل يوم من انطلاق الثورة (17/02/2011)، وبعد أربعة عقود من الديكتاتورية العمياء، عن رفع الشعار نفسه: شعار إسقاط النظام أو "الشعب يريد إسقاط النظام". وكان من المفهوم أن تنشب الحرب في بلد ديكتاتور في حجم القذافي، الذي ليس من النوع الذي بإمكانه القبول بالتفاوض والتنازل وإعلان نيته في عدم الترشح لولاية قادمة وعدم توريث أحد أبنائه الحكم، كما فعل علي صالح حين أكّد قبيل انطلاقة "جمعة الغضب" المقامة شارع الستين بصنعاء: "لا للتمديد، لا للتوريث، ولا لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء"؛ ممّا جنب هذا الأخير الملاحقة أو أشياء أخرى.
فـ"اللوثيان الليبي" أصرّ على شرب دماء أعدائه في جماجمهم من أوّل شرارة للثورة، وأصرّ على "إحراق المكان" من خلال "عبارته" الشهيرة "دارْ دارْ... بيتْ بيتْ... زنكة زنكة". وقبل ذلك لم يعمل إلا على تثبيت نظام كباقي الأنظمة القبلية والعشائرية التي تستحوذ عليها المليشيات المسلحة الفاشية. واللافت، ومن ناحية موضوع المدينة، هو محافظات ومدن ليبيا المتباعدة التي سيطلع عليه القارئ والمهتم... وفي مقدّمها البيضاء، مدينة الثلوج ورابع مدينة في ليبيا، والتي كانت من أوّل المدن التي تثور ضد القذافي الذي كان انقلابه ــ في عام 1969 ــ السبب في عدم جعلها عاصمة لليبيا. والبيضاء كذلك هي ثاني مدينة بعد بنغازي في المنطقة الشرقية، بنغازي التي لم نكن نعلم عنها أي شيء من ناحية العداء المترسّخ للديكتاتور. ومن كان منـَّا أيضا يسمع عن سِرتْ وبني الوليد ومصراتة وسبها وغريان والزاوية ومنطقة جبل نفوسه (ذات الجذور الأمازيغية) والزنتان ويفرن ونالوت والرجبان... إلخ.
 
والخاتمة بسرت: المدينة القديمة والمهمة التي أعلنها القذافي عاصمة لليبيا في فاتح سبتمبر (2011) دون أن يدرك أنه سيوقّع فيها على آخر ساعتين (في 20 أكتوبر 2011) من عمره فصلتا ما بين لحظة إلقاء القبض عليه ولحظة قتله البشعة على نحو ما يمكن استخلاصه من الوجه المعفـَّر بالدم والتراب والاغتصاب... وصولا إلى طقس السحل في أحد أزقة سرت. وهذا لكي لا تفوتنا الإشارة إلى مكان آخر، بدون هوية، مكان يكمّل سيناريو الانتقام بدوره. فسرت التي هي مسقط الديكتاتور هي أيضا التي قدّمت "الفريسة" لـ"المفترس" أو "المفترسين". أما المكان الثاني فهو إجمالي وختامي، وهو كما قيل في توصيفه، "من المطاط في براد للحوم الماشية". وبدا فيه "ملك الملوك" مجردا من الباروكة والنظارات والحارسات الأمازونيات أيضا... ومن الثقة المفرطة ومن الشقلبات والبهلوانيات... إلخ. بدا "جثة على فرشة وسخة"، وفي مكان بائس، ولا لأيّة وظيفة من غير وظيفة العرض والاستعراء والتشفي وعلى مدار ثلاثة أيام من التواصل العاملي ــ والعلاجي. وأما القبر ففي مكان بلا أبعاد الذي هو الصحراء كما يصفها المفكر عبد الله القصيمي "العاشق لعار التاريخ" كما قيل في توصيفه.
 
وإلى هذه اللحظات، وحتى نستحضر الساحات والميادين، كانت "الساحة الخضراء" في طرابلس، والتي أدمن الديكتاتور على "التنظير الأخضر" فيها لساعات وساعات في اليوم الواحد، قد صارت تحمل اسم "ساحة الشهداء". ومن قبل لم تكن السيطرة على طرابلس بالممكنة إلا بعد السيطرة على أحياء مثل تاجوراء ومنطقة سوق الجمعة.
 
وصفوة القول لم يعمل الديكتاتور على مجرد خلق نظام متيبّس فقط، وعلى مدار مدة زمنية فاقت أربعة عقود، وإنما ــ وهو ما لا نوليه أهمية ــ اجتث منابع الثقافة والإبداع والخيال؛ مما أفضى إلى شعب متصحّر ثقافيا. وهذا ما برّر عدم ارتقاء الثورة الليبية إلى إبداع شعاراتها وموسيقاها وكتاباتها، مقارنة مع تونس ومصر وسوريا. فالجلاد لم يترك أي خيار لضحاياه من غير مواجهته بـ"الحديد". ومن الجلي أن الفكرة الأخيرة تفرض علينا مراعاة "الخصوصية الليبية" حتى لا نخلط بينها وبين خصوصية بلدان الثورة مثل الخصوصية التونسية.  
 
وفي سوريا، وبالنظر لمعطى الجيش المغاير لجيش كل من مصر وتونس الذي مال للشعب إيمانا بمواصلة السياسة دون لجوء إلى المدفع، والمغاير حتى لجيش الطغمة لدى القذافي، كان من الطبيعي أن تختلف الأمور والسيناريوهات... وعلى النحو الذي أدّى إلى تدمير مدن وقرى. فالجيش أداة في يد حزب البعث الحاكم، بل إن الدولة بأكملها هي دولة الحزب الواحد وفقا للمادة الثامنة من دستور 1973 التي تجعل "الحزب القائد للدولة والمجتمع". ومعنى ذلك ليس ترسيم عقائد الحزب وأفكاره ومناهجه... وعبر مؤسسات الدولة ذاتها، وإنما جعل هذه الدولة مهدّدة بالطائفية والمذهبية والجهوية. وأمام هذه الألغام فإن الجيش مندور للقتال في الداخل قبل الخارج.
 
الأهم، في سياق موضوعنا، أنه بعد شهر واحد لا أكثر، وتحديدا في 15 مارس من العام نفسه، انطلق الحراك في سوريا، ورفع المتظاهرون الشعار نفسه (إسقاط النظام). غير أن الوضع في سوريا مغاير جذريا، وكما قال المثقف السوري صبحي حديدي في مقال حول الوضع: "المواطن المتظاهر في ساحات وشوارع سورية يخرج من داره وهو مشروع شهيد" (جريدة "القدس العربي"، 08/08/2011).
 
ومن ناحية موضوعنا تبدو حماة (التي ثارت بدورها) اسما مألوفا بالنظر لما كان قد حصل فيها، عام 1982، من مجزرة رهيبة ذهب ضحيتها ما بين 20 و 30 ألف مواطن سوري بل هناك من يحصي العدد في 40 ألف مواطن. من الجلي أن الأمر رهيب وصعب... ولا صلة له بمنهجية الإطفاء أو الإخماد. ولقد بلغ الأمر، في حال التعاطي مع الثورة، حد استعمال براميل الـ "تي إن تي" التي لا تقلّ فتكا ودمارا عن الأسلحة الكيماوية ذاتها. لكن من كان من خارج سوريا في محيطها المباشر يسمع عن درعا (التي انطلقت منها شرارة الثورة السورية) ودوما (في محافظة دمشق) وبانياس (في محافظة طرطوس) وتلكلخ والرستن وتلبيسة في محافظة حمص بل ومن كان يسمع بحمص نفسها... ومحافظة دير الزور والقامشلي والحسكة ومحافظة إدلب ومدينة جبلة (في محافظة اللاذقية) ومدينة تدمر (أو عروس الصحراء السورية)، وغيرها من المدن السورية وهي تبدع شعاراتها الفاتنة والسلمية.

حي الخالدية في مدينة حمص السورية

على أن المسألة ليست وقفا على المحافظات فقط، وإنما هي وقف على أسماء مدن وبلدات وأنحاء في المحافظة الواحدة مثل مدينة داريا ومدينة الزبداني وبلدة التل والقابون (الحي العريق في شمال شرق العاصمة السورية) وحي المزة... شأن أنحاء مثل حي برزة وركن الدين... وغير ذلك من الأنحاء والمناطق في دمشق وحدها وشأن الحمرا والبيّاضة والنازحين وجب الجندلي والوعر والشمّاس والقرابيص والغوطة وجورة الشيّاح والقصور... في حمص وحدها أيضا. والأمثلة تطول وتطول.
 
إن سؤالا حول ما إذا كانت قد نجحت الثورات أم لم تنجح؟ أو حتى اقترابها من "العتبة"؟ يبدو لي سؤالاً وارداً، إلا أنه لا ينبغي أن نتغافل عن سؤال مزدوج نصوغه كالتالي: فيمَ فشلت فيه الثورات؟ وفيمَ نجحت فيه الثورات؟ ومع ذلك يبدو أن جميع الأسئلة لا يمكن تأطيرها داخل مدى قصير أو حتى متوسط منظور. والدليل على ذلك أن الثورة الفرنسية لم تحقّق أهدافها إلا بعد مائة وعشرين سنة، وقبل ذلك ظل الفرنسيون يناقشون الدستور بعدها لمدة عشر سنوات.
 
ويهمنا من ناحية موضوعنا أن نختم بفكرتين لا أكثر. الفكرة الأولى ذات صلة بالمدينة التي تنتقم لنفسها. ومن هذه الناحية نتصوّر أن ما لم يدركه الديكتاتور العربي أن المدينة لا يمكن التعامل معها كنهد أو في أحسن الأحوال كمزرعة حتى يتمّ إشراك "الطغمة" فيها... وأن عناد الاستبداد ومهما كان محميا بمسدس من ذهب وبجيوش مؤهلة للافتراس... فإن ذلك لا يحميه من التنحّي الذليل والموت الفظيع. ثم إن "الزمن الذي كان يغلق فيه هارون الرشيد أبواب بغداد في وجه من لا يرغب فيهم" قد ولـَّى بأكثر من معنى لكي لا نقول إلى غير رجعة. ومفاد الفكرة الثانية، وفي سياق الثورات العربية، أن الشعوب ملّت من الاستحمار والاستبلاد وملّت من خطابات وبلاغات ومخرجات الإيديولوجيا المتخشبة، وراحت أكثر إلحاحا وتطلعا إلى الثقافة ذاتها. فالثورات كشفت عن تطلع إلى الهوية الثقافية أو البناء الهوياتي القائم على تدبير التعدّدية الثقافية واحترام الأقليات ومراعاة قيم التعايش وحقوق الإنسان، وبخاصة في ظل سياقات متدافعة وضاغطة ومنذرة بحرب أهلية وطائفية ومذهبية في أي وقت من الأوقات. فالثقافة، وعلى نحو ما كشفت عن نفسها ومن خلال جملة من الشعارات والتعابير والخطابات والمرافعات وأنماط من السلوك والتدبير والتدافع والتصرّف، هي التي زحزحت ماكينات الاستبداد. وإذا كان هناك من عنف، من ناحية الثوار وبخاصة من الشباب، فهو "عنف ثوري شرعي" كما دافع عنه فرانز فانون في "معذبو الأرض"(12).
 
وتعميق المزيد من الوعي بهذا البناء الهوياتي الثقافي، وفي إطار من المدينة بمناطقها وأحيائها، هو ما ينبغي التفكير فيه بجدية حتى نرتقي بهذا التفكير إلى مستوى "الرهان التاريخي". أجل إن الثورات والحروب شأن المختصّين وشأن خبراء الإستراتيجيا، غير أنهما "مقولتان تحليليتان" أيضا. ومن هنا المعطى الثقافي في الثورات والحروب الذي هو شأن باحثين من صنف آخر، ومن هنا أهمية المدينة على مستوى "الضخّ الثقافي"؛ ولعل هذا ما جعلنا نفيد من المقترب ما بعد الكولونيالي في التعاطي للموضوع.
 
إحالات:
1 ــ من الورقة المطوّلة لـ"الفكر المعماري العربي في بداية القرن الجديد: الملف الثاني ــ حاضر العمارة بين وهمي النظرية والتاريخ"/ مجلة المستقبل العربي، العدد: 263، كانون الثاني/ يناير 2001، ص93.
2 ــ وردت الفكرة في: كليوفرد غيرتز: مدينة صفرو: تحوّلات/ المغرب: نظرات وأصوات (جماعي)، المتوسطيات، نشر الفينيك، الدار البيضاء، 2000، ص 226.
3 ــ ولعلّ هذا ما دفعنا، في الحال المغربية تعيينا، إلى تأليف كتاب فكري معماري حواري مع الباحث المعماري رشيد الأندلسي حول واحدة من مراجع العالم في مجال الهندسة التعميرية والمدينة الكولونيالية، ويتعلق الأمر بمدينة الدار البيضاء المغربية التي أنشأها الاستعمار، والتي تعكس الآن حال سياق ما بعد الاستعمار. والكتاب تحت عنوان: "الدار البيضاء... الهوية والمعمار  1912 ــ 1960" (منشورات سليكي أخوين، طنجة، 2015).
4 ــ إدوارد سعيد: الثقافة والإمبريالية، ترجمة: كمال أبو ديب، دار الآداب، بيروت، 1997، ص225.
 5 ــ انظر:
- Benjamin Stora, Le 89 arabe, réflexions sur les révolutions en cours, dialogue avec Edwy Plenel, Ed. Stock Paris, 2011.
6 ــ المقصود كتاب عبد الله العروي "مفهوم الدولة" الذي صدر أوّل مرة عام 1981 (المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء). وفي إثر الحراك العربي تمّت العودة إليه بشكل ملحوظ وبخاصة من ناحية مفهوم "الدولة السلطانية".
7 ــ التعبير مستمد من:
Jean-Pierre Paulet: Géographie urbaine, Armand Colin, Paris, 2e édition, 2005, P 330.
8 ــ في هذا السياق ينبغي التشديد على الدور الذي قام به الاتحاد العام التونسي للشغل وسواء على مستوى التأطير أو على مستوى الخروج إلى الشارع.
9 ــ انظر نص الحوار معه في قناة الجزيرة العربية على الموقع التالي:
شاهد على الثورة التونسية، أحمد الحفناوي، ج 2 (31، 08/ 2012). انظر الرابط.
10 ــ بخصوص الأسّس النظرية والمستندات التصوّرية لـ"نظرية الخطاب ما بعد الكولونيالي" انظر: القسم النظري المطوّل من: يحيى بن الوليد: الوعي المحلق ــ إدوارد سعيد وحال العرب، دار رؤيا، القاهرة، 2010، صص25 ــ 122.
11 ــ بخصوص النظرية انظر:
- Anthony Giddens: La constitution de La société – Elément de la théorie de la structuration, trd: Michel Auder, PUF, Paris, 1987.
12 - Franz Fanon, Les Damnés de La terre, Gallimard, 1991, P68.
يحيى بن الوليد

ناقد ثقافي وباحث أكاديمي ، وأستاذ التعليم العالي. حاصل على دبلوم الدراسات العليا (1998) والدكتوراه (2002) في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.من إصداراته: "التراث والقراءة ــ دراسة في الخطاب النقدي عند جابر عصفور" (القاهرة، 1999)، "الخطاب النقدي المعاصر بالمغرب" (القاهرة، 2003)، "الوعي المحلق ــ إدوارد سعيد وحال العرب" (القاهرة، 2010)، "سلطان التراث وفتنة القراءة" (الأردن، 2010)، "صور المثقف" (الرباط، 2013)، "الدار البيضاء... الهوية والمعمار 1912 ــ 1960" (2016) (بالاشتراك مع الباحث المعماري رشيد الأندلسي)، ".

اترك تعليق*

* إرسال التعليق يعني موافقة القارئ على شروط الاستخدام التالية:

- لهيئة التحرير الحق في اختصار التعليق أو عدم نشره، وهذا الشرط يسري بشكل خاص على التعليقات التي تتضمن إساءة إلى الأشخاص أو تعبيرات عنصرية أو التعليقات غير الموضوعية وتلك التي لا تتعلق بالموضوع المُعلق عليه أو تلك المكتوبة بلهجة عامية أو لغة أجنبية غير اللغة العربية.

- التعليقات المتكوبة بأسماء رمزية أو بأسماء غير حقيقية سوف لا يتم نشرها.

- يرجى عدم وضع أرقام هواتف لأن التعليقات ستكون متاحة على محرك البحث غوغل وغيره من محركات البحث.