ماذا نعني بأسلمة الثورة؟

حاججنا في الحلقة الأولى بأنه يمكن شرح استمرار التظاهرات في الأشهر الأولى باستخدام مقاربتي تعميم النجاح وتعميم الفشل؛ وكذلك بأن دور نمطي التدين الشعبي والملتزم كان أكبر في قرار الاستمرار من دورهما في خروج التظاهرات الأولى. لكن ما هو الدور الذي لعبه هذان النمطان وغيرهما بعد الأشهر الخمسة الأولى (أي إلى نهاية آب من 2011)؟ وهل نعني بأسلمة الثورة ازدياد أهمية التدين في تجييش المتظاهرين وفي قرارهم تحدي الرصاص والقمع؟
مقدمة - علم النفس الاجتماعي

المقالات والسجالات السياسية والأيديولوجية التي تستخدم مصطلحات مثل إسلام وثورة وسورية تعطي انطباعاً وكأن الجميع متفقون على معناها. لكنها في الحقيقة مفاهيم ومصطلحات إشكالية ومربكة. من وظائف الدراسة المنهجية أن تفكك هذه المصطلحات المألوفة إلى معانيها المختلفة حسب اختلاف السياق الذي تستخدَم فيه، وأن تعطيها معاني محددة، يمكن من خلالها معالجة قضايا شائكة مثل الإسلام والثورة معالجة منهجية تبدأ بالمفاهيم وتنتهي بالنظرية الشارحة. يضاف إلى ذلك أننا نعاني في المنطقة العربية من قلة الاختصاصات الجامعية في مجالات العلوم النفسية والاجتماعية، وقلة الأبحاث الأكاديمية والمنهجية، وبالتالي فإننا نعاني من ضعف المصطلحات سوآءاً المنحوتة محلياً أو المعربة أو المترجمة.
في ملاحظاتي على الدراسة التي أعدها البروفيسور اسحاق وايزمان تحت عنوان "سعيد حوى والإحياء الإسلامي في سوريا البعث" والتي نشر ترجمتها معهد العالم للدراسات في 24 آب 2017 سأتناول الإشكالية المنهجية في البحث التي استخدمها وايزمان في دراسة "الإطار الأيديولوجي والمفاهيمي" لفكر الشيخ سعيد حوى، من خلال تتبع الجذور وإبراز توظيفه -أي الشيخ سعيد- للمفاهيم الثلاثة الأساسية: الردة والسلفية والربانية، وطريقة معالجته لمفهوم الجهاد في إطار تحليله لدلالة وجود الإحياء الإسلامي في سوريا في فترة البعث.
هذا عمل أشبه بتمرين نظري يروم إلى تقييم المناهج البحثية التي تشتغل على الظاهرة الإسلامية الحركية في المنطقة، وبالتحديد المناهج المُعتمدة في المجال التداولي الأوروبي [الفرنسي بالتحديد].
الصفحة 2 من 6