"سوريا في جحيم القمع": عن بدايات الأفلام الوثائقية في الثورة

13 كانون2/يناير 2017
 
لم يكن أحد يتوقع يوماً ما بأنه من الممكن اندلاع انتفاضة، أو ثورة، أو حتى حركة سلمية معارضة، ضد حكم آل الأسد في سوريا؛ لاسيما بعد تجربة الثمانينيات القاسية المريرة.
لكن عندما اشتعلت الاحتجاجات في تونس، إثر حرق محمد بوعزيزي ـ جان دارك الزيتون ـ نفسه بسبب تعرضه لإهانة امرأة تعمل في جهاز الشرطة، وتحولها إلى ثورة عارمة ضد الرئيس زين العابدين بن علي؛ ومن ثم انتقال موجاتها إلى مصر وليبيا واليمن، أخذ شباب سوريا يترقبون وصولها إلى بلدهم المحتقن بتراكمات عقود الظلم العمياء، والمنهك بالعيش نصف قرن في مملكة الرعب والقمع والتنكيل، والمكتوي بالغضب الراكد في حنايا القلوب المغتصبة مراراً وتكراراً.

وعلى الرغم من أن بشار الأسد قد نفى، في مقابلة له مع صحيفة "وول ستريت جورنال الأميركية" (31 كانون الثاني 2011)، إمكانية تكرار سيناريو تونس ومصر في بلاده، إلا أن المظاهرات انطلقت من درعا في "جمعة الكرامة" (18 آذار 2011)، رداً على اعتقال قوات الأمن لطلاب مدارس كتبوا على جدرانها شعارات مناوئة للنظام، مستلهمين كل ما حدث في "ثورات الربيع العربي": خرجوا إلى الشوارع معترضين على سلوكيات وممارسات السلطات الأمنية، محاولين التظاهر والتجمع والاعتصام سلمياً في ساحات المدن والقرى والبلدات.

لكن ردة فعل قوات الأسد وأجهزته الأمنية كانت أعنف مما تصوروا، فقد اُستخدموا جميع أنواع الأسلحة والذخائر الحية ضد الثوار، ما أدى إلى استشهاد وجرح الكثير منهم، فيما فر الآخرون من أمام فوهات البنادق والرشاشات والدبابات.

في هذه الأثناء تحيّز الإعلام الرسمي السوري بشكل تام لرئيسه وقواته الأمنية والعسكرية، التي منعت وسائل الإعلام المستقلة من دخول البلاد وتغطية فعاليات الثورة، وقامت بالتعتيم على ما يحدث، وصادرت الرأي، وفرضت الرقابة الصارمة، مقدمة روايتها المزورة عن كل شيء. لذلك كان لابد من وجود إعلاميين وسط هذه المعمعة الخرائبية، يستطيعون تصوير وحشية الدم المنفلتة من عقالها، وتوثيق ما تقوم به قوات الأسد من جرائم ومجازر بحق المتظاهرين السلميين؛ وبالتالي يشكلون بديلاً شعبياً ـ غير رسمي ـ يستطيع نقل صوت وصورة الثورة إلى خارج الحدود، وتقديم حقيقتها للعالم دون رتوش..

إذاً لا غرابة في سماع هتاف "كاذب كاذب كاذب.. الإعلام السوري كاذب" منذ انطلاق المظاهرات الأولى؛ وضرب شادي حلوة ـ مراسل "قناة الدنيا" وبوق السلطة الأكثر شهرة ـ بفردة حذاء زرقاء، وهو على الهواء مباشرة، من قبل الثائر الحلبي الحر أبو بشير حايك (1)، احتجاجاً على نفاقه الفاضح ووقاحته السافرة!
 
متلازمة عدسة الموبايل ومواقع التواصل الاجتماعي

كانت المظاهرات وساحات الاعتصام خالية تقريباً من أصحاب الفكر والكتاب والصحفيين، إلا إذا استثنينا بعض الحالات الشجاعة النادرة؛ مما اضطر بعض المتظاهرين الملمين ـ نوعاً ما ـ بتقنيات الهواتف المتحركة (الموبايلات) والكومبيوترات، والمدركين لأهمية سلاح الإعلام في المعركة، القيام بهذا الدور الصعب والخطير.وهكذا، أخذوا يصورون المظاهرات وما يرافقها من أحداث درامية بعدسات أجهزتهم الخليوية الحديثة، ومن ثم ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما موقع اليوتيوب، أو يرسلونه مباشرة ـ عبر السكايب ـ إلى القنوات الفضائية التي وقفت ـ في البداية ـ إلى صف الشعوب، وتبنت ثوراتها الربيعية (الجزيرة، العربية...)، أو بعض القنوات المحلية المعارضة (الأورينت، بردى، سوريا الشعب، سوريا الغد، الجيش الحر، صفا، شذا...)؛ فيما راح بعضهم يظهر كـ "شهود عيان" لنقل ما يحدث في مناطقهم إلى وسائل الإعلام المختلفة، وذلك خلال وقت قصير لا يتعدى ـ أحياناً ـ الدقيقة الواحدة.

لم يكن ظهور أغلب هؤلاء مقنعاً، ما دفع تلك القنوات للبحث عن بدائل تسد هذه الثغرة الواضحة، فوجدت في المعارضين السوريين المغتربين خير بديل، حيث أخذت تستضيفهم ليرافقوا الفيديوهات المرسلة من قبل المواطنين الإعلاميين في الداخل ويعلقوا عليها. غير أن هذا الأمر جعل أغلبهم يبدو كمرافقين للحدث، وليس محللين أو صانعين له أو مؤثرين فيه!

وهكذا أصبحت كاميرات الموبايلات هي من توثق الوقائع وتنقل الصورة في المناطق الثائرة ضد نظام الحكم في سورية، بعدما غابت عدسات الكاميرات العادية عن ساحات التظاهر والاعتصام، بخلاف الثورات العربية الأخرى التي لم يكن لعدسة الموبايل فيها أي دور يذكر. في حين تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى حاضنة أولية لما تصوره تلك العدسات، التي أخذت تشد العالم كله إلى متابعة لحظات ولادتها القيصرية!

قام بهذه المهمة الإعلامية النبيلة وساهم في إنجاح مسارها ثلة من الشباب الثوريين الشجعان، الذين لم يكن معظمهم على صلة بالإعلام قبيل الثورة، بل اكتسبوا مهاراتهم على أرض الواقع وفي ظروف صعبة للغاية، وعملوا على تطوير طرقهم وأساليبهم بصورة تحسنت يوماً بعد يوم.

لقد اضطروا إلى استخدام الموبايلات في عملهم بسبب عدم وجود إمكانية للتصوير بالكاميرات العادية، فقد كانت ممنوعة أصلاً أيام حكم الأسد (الأب والابن) وشكلت خطراً على أصاحبها، واقتصر وجودها على العاملين في وزارة الإعلام أو الإدارة السياسية للجيش والقوات المسلحة. لكن ـ مع ذلك ـ تفاوتت دقة وجودة هذه الفيديوهات، بحسب نوعية الموبايل ومهنية وخبرة صاحبه؛ وبحسب جرأته وقدرته على المغامرة والاستمرار في التصوير رغم كل المخاطر المتوقعة...

شكَّلَ هؤلاء المواطنين الإعلاميين الأوائل، الذين دخلوا مجال العمل الإعلامي نتيجة ظروف الثورة، المرتكز الرئيس للمعلومة في الأراضي السورية، وأصبحوا مصدراً مهمّاً للمواد الخام التي تغذي أغلب وسائل الإعلام العربية والعالمية، بسبب تعذر إرسال مراسليها إلى المناطق الساخنة التي يتواجدون فيها. لكنهم دفعوا ثمناً باهظاً من أجل استمرار رسالتهم وتصوير حقيقة ما جرى وإظهاره للعالم، الذي ربما لم يعرف شيئاً عنها، لولا عدسات موبايلاتهم المتواضعة؛ وبقيت الجرائم التي ارتكبتها قوات الأسد وشبيحته بحق المتظاهرين السلميين طي الكتمان والسرية ـ كما حصل في مدينة حماه وبعض المدن السورية الأخرى أثناء ثمانينيات القرن الماضي!


في النتيجة، اعتقل وقتل الكثير من هؤلاء المواطنين الإعلاميين أثناء عملهم، لذلك قام بعضهم بابتكار طرق خاصة لتفادي المراقبة ودرء الخطر، حيث وضعوا موبايلاتهم داخل أدوات ذات استخدم شخصي يومي ـ أكياس، حقائب، دراجات نارية، سيارات ـ ليستمروا في مهمتهم المستحيلة. كذلك طلبت التنسيقيات من المغتربين السوريين الميسورين تزويدها بأجهزة تصوير صغيرة، يمكن وضعها في الجيب أو الكم أو تحت الزر؛ في حين رد النظام بتبطئة شبكة الانترنت، أو قطعها تماماً على المناطق الثائرة؛ ما دفع بعض الداعمين إلى إرسال أجهزة إنترنت فضائي وهواتف فضائية (Satellite phone) غالية الثمن، يصعب مراقبتها وتعقب إشارتها وملاحقة أصحابها، لاسيما في الأيام المهمة لخروج الناس.

تم تصوير المظاهرات بمثل هذه الأجهزة وتحميلها مباشرة على الإنترنت، ما أثار جنون نظام الأسد، ودفعه لتشكيل مجموعات عمل خاصة (عرفت لاحقاً بـ "الجيش السوري الإلكتروني") مهمتها تعقب الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، واختراق حساباتهم وتهكير صفحاتهم، أو الإساءة إليهم من خلال نشر صور مهينة، أو دس معلومات مسيئة تتهمهم بالتجسس لصالح إسرائيل وأمريكا. وهكذا ضيقوا الخناق كثيراً على الناشطين الإعلاميين، ما جعل بعضهم يتوارى عن الأنظار أو يختبئ في إحدى دول الجوار متوخياً الحيطة والحذر. بعد ذلك بدأت تصل الكاميرات الصغيرة الخفيفة إلى سورية، والتي يمكن حملها باليد الواحدة، والتنقل بها بسهولة، والتصوير في أعقد الظروف وأصعب المواقع.وأذكر أنه كان لدى الإعلامي الشهيد محمود حافظ (أبو شريف) كاميرا خاصة من هذا النوع في بداية الثورة؛ وكانت تتخاطفها الأيادي من كل حدب وصوب، لأنها كانت الوحيدة حينذاك!
ولذلك كان الإنتاج الإعلامي المرئي في الأشهر الأولى قد "بدأ بمقاطع قصيرة يصورها مواطنون من قلب الحدث ويرفعونها إلى شبكة الإنترنت، ولم تمضِ أيام طويلة على بدء الثورة حتى انطلق أول بث مباشر لمظاهرة من القامشلي في 20 أيار 2011، من خلال فريق (سمارت)، الذي يضم ناشطين إعلاميين ولوجستيين يعدون بالمئات، ولم يلبثوا أن توسعوا في عملية البث المباشر، فغطوا تظاهرات بابا عمرو في حمص" (2).
 
من مقاطع الفيديو إلى الأفلام الوثائقية

تميزت الثورة السورية خلال سنواتها الأولى بسلميتها الراقية وبتنظيمها العالي وقدرتها على المناورة والانتشار، حيث "نجحت تغطية الناشطين والصحافيين، نتيجة عملها المتسق، بتحقيق مكاسب عديدة، أهمها كان التفاف الناس حول الثورة، رغم الأدوات البسيطة التي كانت في أيدي صحافيين كانوا قليلي الخبرة.. لكنهم تمكنوا من تحقيق السبق الصحافي ونشر أخبارهم نتيجة اضطرار محطات التلفزةالاعتماد عليهم" (3)؛ ما دفع بشار الأسد للتصريح مضطراً: "لقد تفوقوا علينا في الفضاء لكننا متفوقون على الأرض". ونتيجة لذلك أصبحت "الثورة السورية من أكثر ثورات العالم التي تم توثيق أحداثها بالصورة، لدرجة أن العالم شاهد قتل المدنيين في بث حيّ مباشر. وهي مسألة بقدر قوتها في كشف الفظائع التي ارتكبها النظام والمليشيات المسلحة، إلّا أنها حولت مشهد الموت السوري اليومي إلى مشهد عادي، ولم تعد أرقام القتلى مفزعة" (4).

شكلت هذه الصور ومقاطع الفيديو الأولية المُحمَّلة على مواقع التواصل الاجتماعي، بالرغم من بدائيتها وخاميتها وضعفها، مادة مرجعية مهمة لمخرجي السينما الوثائقية لتكون شهادة حية عما حدث، تزداد قيمتها مع الوقت، لاسيما أنها قدُمت للجمهور بمواقعها وتواريخها وأبطالها الحقيقيين.

من المهم التذكير هنا بأن الفيلم الوثائقي "سوريا في جحيم القمع" قد سلَّطَ الضوء ـ نوعاً ما ـ على الطريقة التي تصور فيها هذه الفيديوهات، وكيفية رفعها على مواقع التواصل الاجتماعي، أو عرضها على شاشات بعض المحطات الفضائية (5).

لكن مع ذلك لم تعرف الأشهر الأولى من الثورة السورية شيئاً عن الأفلام الوثائقية، حيث يُعتبر أغلب ما عرض حينها مجرد مقاطع فيديو قصيرة جداً لا تتجاوز مدتها عدة دقائق؛ وذلك بسبب محدودية التقنيات والتجهيزات الفنية الموجودة، وغياب الخبراء والمختصين بهذا الجانب. تطورت الأمور قليلاً فيما بعد، وأخذت تظهر البروموهات والجولات الميدانية والريبورتاجات التي يمكن اعتبارها خطوات أولية ضرورية باتجاه ظهور الأفلام الوثائقية.
 
"تهريب 23 دقيقة ثورة"

بدأت تتشكل معالم الفيلم الوثائقي وتظهر بواكيره مع تأسيس بعض المؤسسات الإعلامية المدعومة والممولة غالباً من جهات خارجية. إلا أن المصادر والمعلومات والآراء تختلف حول موعد عرض أول فيلم وثائقي عن الثورة السورية؛ فـ "موقع ضوضاء" يذكر أن "مؤسسة الشارع للإعلام والتنمية" استطاعت تصوير أول وثائقي عن الثورة السورية بعنوان "تهريب 23 دقيقة ثورة"، الذي عرض في وسائل إعلام عربية، وفي مهرجانات سينمائية عالمية، مثل: برلين، بروكسل، باريس (6).

دخل صانع الفيلم إلى مدينة حماه مسلحاً بكاميرته، متحدياً عيون القناصين وفوهات البنادق، ليحكي قصة ثورتها. يبدأ الفيلم بالحديث عن معاناة أهلها مع نظام الأسد بسبب مواجهات ثمانينيات القرن الماضي مع قواته. ثم ينتقل ليعرض التحضير للمظاهرات السلمية وخروجها من المناطق الفقيرة المهمشة. وينتهي بإظهار تجمعات المتظاهرين الهائلة في ساحة العاصي، وانقضاض قوى الأمن والجيش لتفريقها، وسقوط أعداد كبيرة من الشهداء أثناء ذلك.

تظهر أغلب المشاهد على خلفية صوت الشهيد إبراهيم القاشوش، خصوصاً أغنيته الخالدة "يلا ارحل يا بشار"؛ وشعارات الثورة الأولى التي رددها الناس بصوت أسطوري رائع: "الشعب يريد إسقاط النظام"، "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد"، "والسوري يرفع ايده".صوِّر الفيلم قبيل اقتحام الجيش لحماه (حزيران ٢٠١١)؛ ومدته 23 دقيقة (7).
في حين يذكر بعض النقاد أن فيلم "حاضنة الشمس" للمخرج عمار البيك "هو أول فيلم عن الثورة السورية يعرض في مهرجان البندقية الدولي، وتم إنتاج هذا الفيلم من قبل المخرج بعد أربعة شهور على بداية الثورة، وعرض فيما بعد بأكثر من ثمانين مهرجان سينمائي دولي حول العالم ليعرّف أن ما يحصل في سورية هو ثورة حقيقية، وحصل الفيلم على جائزة لجنة التحكيم من مهرجان (بوزان الدولي) في كوريا" (8).
 
أنتج هذ الفيلم القصير بتأثير الثورة المصرية، حين كان الناس لا يزالون يعتقدون أنَّ نظام بشار الأسد سيسقط بسرعة مثل نظامي بن علي ومبارك. وصوِّر بإمكانات المخرج الذاتية، مستخدماً أفراد أسرته الصغيرة ـ هو وزوجته وابنته الرضيعة، لذلك يمكن اعتباره تفاعلاً عائلياً مع ما يجري من مظاهرات.


تنفتح العدسة على بطل الفيلم وهو يقف بسرواله القصير على الشرفة، ناظراً إلى كتل الأبنية العالية أمامه. يغيب ليعود وهو يغسل يديه من شيء يشبه الدم، يتضح فيما بعد ـ من خلال غسل الفرشاة ـ أنه دهان أحمر كانت العائلة تكتب فيه لافتاتها.

تنتقل العدسة فجأة إلى غرفة تحوي جهاز تلفاز يبث أحداث الثورة المصرية عبر شاشة "قناة الجزيرة"، وبجانبه سرير تستلقي عليه طفلة صغيرة تقوم أمها بتنظيف مؤخرتها وتغيير "البامبرز"، رامزة إلى الشعوب العربية التي ترغب بتنظيف أوطانها من أنظمتها الاستبداية الوسخة، وتلبسها ثياباً جديدة حمراء ـ لون الثورات؛ بحيث يجري كل ذلك على وقع شعارات أحرار "ميدان التحرير". يظهر البطل من جديد وقد ارتدى سترة حمراء، ووضع طفلته في حمالة على صدره، ليهما بالخروج، وقد تبعتهما الزوجة حاملة لافتة كتب عليها "ارحل.. الحرية لمصر".

تظهر الكاميرا العائلة وهي تتابع تفاصيل حياتها اليومية على إيقاع أخبار المظاهرات في مصر؛ سرعان ما تركز على التلفاز، وهو يبث خبر مقتل حمزة الخطيب، وقد شوهت جثته من آثار التعذيب وقُطع عضوه الذكري؛ كدلالة على سياسة الإخصاء التي يتبعها نظام الأسد ضد فئة الذكور من شعبه. في النهاية تعود الكاميرا إلى حادثة ولادة الطفلة الفعلية في غرفة عمليات المشفى، وصولاً إلى وضعها في الحاضنة، ودورانها حولها، مظهرة فرحها العارم بقدومها الرامز إلى انتصار الثورة ـ الأنثى!

"الفيلم يبدأ بالمطر وينتهي بالغيوم، وتتوقف الصورة على تلك الغيوم الكثيفة التي تحجب المستقبل. وينتهي الفيلم بعد 11 دقيقة يلخص فيها المخرج إحساسه ويعكس رؤيته الأولية ويحاول التفاعل مع الأحداث التي هزت مشاعره، في مصر وسورية، من دون كلام ولا صراخ وانفعالات أو حتى مشاهد مباشرة للعنف، فقد كان اهتمامه منصباً على التأمل ورصد رد الفعل، فالزوجة - الأم تغادر لتنضم إلى زوجها وابنتها في المسيرة التي نعلم - من خارج الفيلم - كيف تم قمعها على أيدي قوات النظام، وهو القمع الذي لم ينجح في وقف الثورة بل زادها اشتعالاً" (9).

يستخدم البيك اللقطات الثابتة في معظم فيلمه، ولا تتحرك الكاميرا إلا في المشهد الأخير، الذي يعود فيه إلى تسجيل ولادة ابنته "شمس"، حيث تصور من عدة زوايا، وتتحرك حركات سريعة؛ لتدل على لحظات الميلاد الصعبة المتوترةالقلقة المرتبكة (10).

أماالوثائقي "على من نطلق الرصاص؟!"،الذي عرضه "تلفزيون أورينت" في 22/11/2011، فيعد أول فيلم أنتجه هذا التلفزيون في سياق أفلامه عن الثورة السورية.

يتناول ظاهرة المنشقين عن جيش النظام، الذين أثبتوا أنهم "حماة الديار" الحقيقيين بعدما قرروا البقاء مع شعبهم الثائر. لقد وضعوا أمام عدة خيارات صعبة حينذاك: إما أن يُقتلوا من قبل رفاقهم بالجيش أو من المرتزقة الإيرانيين لإثبات رواية النظام عن الجماعات الإرهابية المسلحة؛ أو يُقتلوا لرفضهم إطلاق النار على الثائرين السلميين؛ أو يطلقوا النار على أهلهم وأبناء بلدهم. حاول الفيلم إثبات أن انشقاق أول مجند في الحرس الجمهوري وليد القشعمي (30 نيسان 2011) لم يكن مجرد حادثة فردية عابرة، بل تتالت الانشقاقات بعدها وأصبحت ظاهرة عامة!

يحفل الفيلم باللقاء الأول والأخير مع الملازم أول أحمد مصطفى خلف (ابن مدينة الرستن الذي استشهد بعد عرضه بعدة أسابيع)، وهو يشرح كيفية تعرض ضباط وأفراد الجيش للتضليل وغسل الدماغ من خلال منع الاتصال الخارجي، وحجب وسائل الإعلام العربية، والترويج بأنه لا توجد ثورة بل مجرد مجموعات إرهابية وعصابات مسلحة تحاول إقامة إمارات سلفية. لكن في أول تماس لهؤلاء مع المتظاهرين يدركون حقيقتهم السورية المطالبة بالحرية والكرامة. كذلك يعرض لقاءات أخرى مع المجندين إسماعيل المشرطي وخالد عرسان الزعبي. الفيلم قصير مدته 51 :17، ومن سيناريو وإخراج محمد منصور (11).
 
الأفلام الوثائقية القصيرة

ظهرت عدة أفلام وثائقية قصيرة في السنة الأولى للثورة، مثل فيلم "آزادي"، الذي أنتجته أيضاً "مؤسسة الشارع للإعلام والتنمية"، والمؤلف من جزئين. يبدأ الجزء الأول بعرض مظاهرة منقسمة إلى قسمين؛ مما يظهر تشرذم الشارع الكردي منذ البداية. سرعان ما يظهر شخص يتحدث بأنه جرى جدال طويل من أجل تظاهر الجميع معاً، إلا أن هذا الأمر صعب جداً في الوقت الحالي، لكن من الممكن أن يتغير في المستقبل. لكن الملفت للنظر هو وقوف رجال الأمن والشرطة وهم ينظرون ويراقبون المظاهرة دون تدخل أو إطلاق نار!
تنتقل الكاميرا ـ بعد ذلك ـ إلى الغرفة التي كانت بمثابة مكان للتنسيق وتحضير المظاهرات، لتتوقف على وجه عبد السلام عثمان ـ أحد مؤسسي اتحاد تنسيقيات الشباب الكرد،وهو يتحدث عن معاناة الناس وينتقد الديكتاتورية الأسدية، مؤكداً وحدة الشعبين العربي والكردي، لكنه ينوه على خصوصية هذا الأخير. ما يلبث الفيلمأن يعرج على مظاهرة تشييع أول شهيد كردي سوري في الثورة بحي ركن الدين الدمشقي زردشت وانلي، والتي شارك فيها عدد كبير من المتظاهرين، وهم يرددون الأهازيج الشامية الثورية، منادين بوحدة الدم السوري.ثم يعود الرجل المقعد لحديثه على خلفية مشاهد لمدينة القامشلي، لاسيما الأحياء الفقيرة فيها (12). الجزء الثاني هو عبارة عن تتمة صغيرة للجزء الأول، حيث ينقل ـ بداية ـ وقائع مظاهرة جرت في إحدى المدن ذات الأغلبية الكردية (13/7/2011)،ومن ثم يتابع عبد السلام عثمان حديثه (13).

تضمن الفيلم مشاهد حصرية حية مصورة من المظاهرات الموثقة بتواريخ حدوثها، ولم تبث عبر الإعلام أو تحمل على الإنترنت. مدته ٢٢ دقيقة، قام بتصويرها 5 أشخاص في آب 2011 مستخدمين كاميرات صغيرة يسهل إخفاؤها. حاز الفيلم على الجائزة الفضية في مهرجان روتردام، وعرضعلى شاشة تلفزيون "فرانس 24".

هناك أيضاً فيلم "وعر ـ نشيد البقاء" الوثائقي الذي صورته مخرجة سورية بشكل سري في منطقة الوعر بحمص خلال شهر رمضان 2011.

يبدأ الفيلم من مشهد ليلي غير واضح تماماً لحي الإنشاءات الحمصي، حيث يجهز ناشطو الثورة لمظاهرة ضد سلطة بشار الأسد، وتجول جنوده المدججين بالسلاح في الشوارع القريبة لمنع خروجها. لكن المظاهرة خرجت ـ رغم ذلك ـ متحدية رجال الأمن والجيش، ويظهر عبد الباسط الساروت ـ الحارس السابق لمرمى نادي الكرامة الحمصي ومنتخب شباب سورية لكرة القدم ـ محمولاً على الأكتاف، وهو يهتف ويغني.

تركز الكاميرا على ليل حمص وأصوات الساروت، وهي تضيء عتمته الدامسة بأنوار الحرية والكرامة. ثم تنتقل إلى نهارها محمولة على دراجة نارية تمر عبر شوارعها، يرافقها حديث أحد الناشطين عن تاريخ انطلاق الثورة في حمص، وحرق صورة حافظ الأسد فوق مدخل نادي الضباط، ونزول أكثر من 15 ألف متظاهر إلى ساحة الحرية. ما تلبث أن ترجع الكاميرا إلى المظاهرة الليلية وأناشيد الساروت، مندمجة بحديث عدد من المتظاهرين عن خطر الموت الذي يلاحق كل واحد يشارك في المظاهرات، متحولين جميعاً إلى مشاريع شهادة!

عبد الباسط الساروت

ترصد الكاميرا أسفلت الشوارع المليئة بفوارغ الرصاص والقنابل المسيلة للدموع والخراطيش والزجاج المتكسر؛ لتتوقف أخيراً عند عبد الباسط الساروت، ليروي حكاية صوته الثائر ـ سلاحه الأقوى في مواجهة جميع أسلحة الأسد!

تصور الكاميرا أليات الجيش المدرعة وحواجزه داخل مدينة حمص وسور الكلية الحربية والتعزيزات العسكرية القادمة إلى المدينة، مترافقة بحديث النشطاء عن النظام وجرائمه بحق السوريين طوال نصف قرن من سنوات حكمه العجاف.

ترجع الكاميرا إلى ليل حمص ومظاهراتها ودور الساروت المحوري فيها، وتأكيد الناشطين على الاستمرار بالثورة حتى إسقاط النظام. تمر عدسة الكاميرا على الشعارات المكتوبة على جدران بعض الأبنية، ومحاولة أزلام النظام طمسها باللون الأسود، على خلفية أغنية للساروت التي ينهيها وينهي الفيلم بكلمتين: "حرية وبس"!!

يبدو أن صانع الفيلم قد اختار تصويره ليلاً، لأن هذا أفضل لتمويه الكاميرا وأقل خطراً على صاحبها. نوعية المقاطع سيئة نوعاً ما، لكن هذا لا يقلل من أهمية الفيلم الذي "يرمز إلى التعتيم على حقيقة الحوار الدائر بين السلطة والشعب على أرض الواقع، وعلى صراع الصوتين: صوت السلطة/الرصاص، وصوت الشعب/الغناء. وبطل الفيلم المدينة، بأحيائها التي اتخذت أسماؤها دلالات تمزج البطولة بالشجاعة، والحلم بالإرادة: الخالدية، بابا عمرو، باب السباع، الوعر، باب الدريب، ساحة الساعة الجديدة، ساحة الساعة القديمة". مدته 26:25 دقيقة، وصاحبته غير معروفةحتىالآن (14).

استطاعت الصحفية البريطانية راميتا نافاي (ذات الأصول الإيرانية) من دخول العاصمة دمشق كسائحة خلال النصف الأول من شهر أيلول 2011، وتصوير فيلمها "Message to the world from Syrians" (رسالة إلى العالم من السوريين).

جاءت نافاي لتصور وقائع ثورة الشعب السوري ضد أكثر الأنظمة قمعاً وإجراماً، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم أجمع. بدأت جولتها باللقاء مع الناشط أبو خالد الذي يأخذها إلى مظاهرة في ريف دمشق، ومن ثم إلى مراسم تشييع الشهيد أيمن زغلول الذي قُتل على أيدي قوات الأمن السورية في 19 أيلول 2011 بمدينة عربين؛ لتظهر الصحافية وسط جموع المشييعين المحتجين وهم يهتفون: "حرية، حرية، حرية..."؛ ويغنون: "سكابا يا دموع العين سكابا" ويحرقون علم روسيا.

وفي مدينة دوما في الغوطة الشرقية تلتقي مع أبو حازم ـ أحد أعضاء تنسيقية المدينة ـ الذي يوثق انتهكات قوات الأسد وشبيحته، ويجمع الأدلة ضمن أرشيف يخفيه في حديقة منزله. ومن ثم تسافر إلى بلدة مضايا، رغم المخاطر المحدقة في الطريق، لتجتمع بأعضاء "الهيئة العامة لقوى الثورة" ـ محمد ومالك وأبو جعفر ـ الذين ينظمون المظاهرات، ويحملون أخبار الثورة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ في وقت عصيب جاءت فيه تعزيزات عسكرية منأجلاعتقال المطلوبين على خلفية خروجهم بالمظاهرات التي تجري في مضايا.

تزور نافاي أحد المشافي الميدانية السرية التي تعالج الثوار المصابين أثناء المظاهرات. كذلك تخاطر لتقابل المنشقين عن الجيش الأسدي الذين أجبروا على إطلاق النار واقتحام المدن والبيوت. تعود إلى مظاهرات مضايا والشعب الثائر وهو يصرخ بأعلى صوته: "حرية، حرية، حرية..."، "الشعب يريد إسقاط النظام"؛ لينتهي الفيلم الذي يعد بمثابة مغامرة هدفها كشف الحقائق وإزالة اللثام عن الفظائع التي يرتكبها نظام الأسد بحق الثائرين السلميين، مغامرة تستحق أن ترفع لها القبعة احتراماً وتبجيلاً، لأنها تكذّب الروايات التي تسوقها الحكومة السورية حول وجود عصابات مسلحة تقتل المدنيين. بثت "القناة الرابعة" البريطانية الفيلم ضمن برنامج "العالم غير المُخبر عنه"(unreported world) ، وهو فيلم وثائقي قصير مدته 24:10، ومن إنتاج وائل دبوس (15).

يتحدث الفيلم الوثائقي "درعا.. شرارة الثورة" عن قصة شجاعة شعب كانت مخفية عن العالم الخارجي؛ وعن ثورة يتيمة مغدورة؛ وعن جيش تحول إلى أداة بيد الأسد لقمعها بالحديد والنار، لتصبح أكثر الثورات دموية في تاريخ البشرية.

تسير كاميرا الصحفية البريطانية جين كوربن عبر شوارع مدينة درعا، لتدل على أماكن تمركز جنود النظام؛ ما تلبث أن تلتقي بالسائق أبو محمد وهو يحاول إخفاء كاميرا صغيرة في سيارته ليصور فيها فيديوهات مهمة وحساسة لعسكريين يطلقون النار على المتظاهرين؛ فيسقط منهم عدداً كبيراً، بينهم أحد المصورين الشباب!  

تسافر الصحفية إلى تركيا والأردن ولبنان، لتجري مقابلات حصرية مع بعض شهود العيان على الأحداث التي جرت في حوران. تقص حكاية الثورة منذ كتابة الأطفال شعارات مناهضة للنظام على جدران إحدى المدارس؛ وخروج المظاهرات المطالبة بالإفراج عنهم واستشهاد بعض المتظاهرين؛ ومراسم تشييعهم وسط حشود ضخمة؛ وإسقاط تمثال حافظ الأسد؛ وإطلاق النار من قبل قناصة الأسد.

تلتقي بعد ذلك مع الصحفي الأردني سليمان الخالدي ـ مراسل وكالة رويترز ـ الذي استطاع دخول سورية، واعتُقل على إثرها. تعرض الصحفية بعض مقاطع الفيديو الجيدة التي صورها على ما يبدو الخالدي بكاميرا احترافية حديثة تختلف بنوعيتها عن تلك التي صورها النشطاء المحليين.

يوثق الفيلم عملية هجوم الجيش الأسدي على المسجد العمري ـ مركز المظاهرات في درعا ـ من أجل إخراج الثوار المعتصمين داخله. كذلك تعرض مقاطع فيديو صورها الجنود المقتحمين وحملوها على اليوتيوب بعدما استولى عليه. تتوقف قليلاً لتناقش مسألة توريث الحكم لبشار الأسد المرسل من قبل والده للدراسة في لندن ليكون طبيب عيون، لكنه يصبح قاتلاً للشعب السوري!

تلتقي بالناشط عمر المقداد الهارب إلى تركيا خوفاً من الاعتقال والتنكيل، والذي بدوره يعرض عليها فيديو يصور كيفية إطلاق عناصر الجيش الأسدي النار على سيارة إسعاف وقتل طاقمها ومحاولة إسعافه، مشيراً إلى أن هذا الفيديو قد بثته مختلف القنوات العربية والعالمية.

يعود الصحفي الأردني ليتحدث عما شاهده من أشياء مروعة أثناء اعتقاله في أحد الأفرع الأمنية. في حين تلتقي الصحفية مع هلا عبد العزيز التي فقدت والدها، ولم تعلم بذلك إلا من خلال أحد الفيديوهات التي بثت على الإنترنت. تكشف هلا عن رغبتها برفع قضية جنائية ضد بشار الأسد في أحد المحافل الحقوقية الدولية.

تجري الصحفية مقابلة مع وسيم ـ القناص السابق في الجيش الأسدي ـ الذي تحدث دون أن يظهر وجهه بسبب خوفه من التعرف على شخصيته الحقيقية، مكذباً ادعاءات وسائل إعلام النظام التي روجت عن وجود جماعات مسلحة تطلق النار على جنوده، ليصوغ روايته عن الأحداث ويجد مبرراً لاستخدام كل أنواع الأسلحة ضد المتظاهرين.بعد ذلك تلتقي مع العقيد المنشق رياض الأسعد ـ قائد الجيش الحر ـ الذي أصرّ بأن النظام لا يسقط إلا بالقوة!

يتناول الفيلم بعد ذلك عملية فرض الحصار على درعا ومنع التجوال من قبل الجيش، ومحاولته اقتحام المدينة وقصفها بالدبابات والمدفعية، وسقوط عدد كبير من الشهداء بعدما حاول بعض المواطنين من المدن والقرى المجاورة فك الحصار!

في النهاية تلتقي الصحفية مع السيدة نوال الشاري والدة الطفل تامر الذي استشهد تحت التعذيب وشوهت جثته لدرجة أنها لم تعرفه عندما جلبوه لها. ربما كان هذا المشهد أكثر المشاهد مأساوية وتأثيراً بين جميع مشاهد الأفلام الأخرى. رغم مصابها الجلل تؤكد هذه المرأة على استمرار الثورة التي بدأت في درعا، والتي ستنتصر فيها مهما كلف هذا من دماء وأرواح.

من الجدير ذكره أنه عندما عرضت "قناة العربية" هذا الفيلم عام 2011، قام النظام السوري بقطع الكهرباء عن محافظة درعا؛ وذلك لمنع أهالي حوران من مشاهدته. الفيلممن إنتاج "قناة "BBC ودبلجة "قناة العربية"، ومدته 28:32 دقيقة (16).

وفي هذا السياق يمكن التوقف أيضاً عند فيلم "ثورة الفرات.. القوريةوهو فيلم قصير جداً مدته 3 دقائق ونصف الدقيقة، ولا يعرف حتى الآن من صنعه؛ لكنه يظهر كعمل أقرب للبرومو منه إلى الفيلم الوثائقي.يعتبر العمل محاولة متواضعة لتوثيق ثورة مدينة القورية في محافظة دير الزور ضد بشار الأسد، منذ انطلاق المظاهرة الأولى، وقصف المدينة وسقوط أول الشهداء، وتشييعهم بحضور حشود شعبية كبيرة من الناس، وصولاً إلى حرق صور الأسد، حتى تحرير المدينة (17).

الأفلام الوثائقية الطويلة

يعد الفيلم "سوريا في جحيم القمع" من أوائل الأفلام الوثائقية الطويلة التي تقدم عن الثورة السورية؛ فقد تمكنت الصحفية المستقلة صوفيا عمارة من التسلل إلى سورية خلال شهر آب (أول جمعة من شهر رمضان) عام 2011، لتحكي عن كواليس رحلة شديدة الصعوبة، مبينة الأخطار التي تحدق بمن يتجرأ على تصوير مظاهرة، والحيل التي تُتبع للقاء الناشطين.

يبدأ الفيلم من العاصمة دمشق، حيث يرافق الناشط محمد علي صانعة الفيلم إلى إحدى المظاهرات الليلية في حي من أحياء دمشق الثائرة. بعدها يتوقف الفيلم ليأخذ منحى آخر ويصور أسواق دمشق الممتلئة بصور الرئيس ورجال الأمن والشرطة، لاسيما قرب المساجد. تلبي الصحفية دعوة الناشط إلى الفطور، حيث يقول "إنه يصوم ولا يصلي دائماً"، وإن الثورة شعبية سلمية وليست إسلامية مسلحة!

ثم تنتقل الصحفية إلى مدينة الرستن مع منسق الثورة هناك، لتظهر ـ في الطريق ـ قاعدة تمثال حافظ الأسد المدمر، ودبابات الجيش الأسدي وحواجزه في مدخل المدينة.

تتحدث عن أول المنشقين عن الجيش الأسدي ـ الضابط فادي الكسم، الذي ما لبث أن استشهد، لتوثق مراسم دفنه في مقبرة الرستن وسط حشد هائل من المودعين؛ حيث يوجه أحدهم من هناك رسالة باللغة الفرنسية إلى الرئيس ساركوزي، بعدها تظهر أمه المكلومة التي لم تفرح بعد بانشقاقه!

تعرج بعد ذلك على مظاهرة ليلية تشهد حضوراً نسائياً مميزاً؛ ومن ثم تلتقي مع رفاق الشهيد فادي وعددهم ثمانية، بينهم عبد الرزاق طلاس ـ أول ضابط منشق ـ حيث يؤكد المنشقون على مشاركة الإيرانيين وعناصر من حزب الله في قمع المظاهرات ودعم بشار الأسد لمنعه من السقوط.

ومن ثم توجهت الصحفية إلى حمص لتعرض كاميرتها مدخل الأكاديمية العسكرية والمشفى الوطني الذي حولته قوات الأسد إلى معسكر لتعذيب معتقلي الثورة. ومن ثم تتوجه إلى "جامع قباء" وتشهد خروج الناس في مظاهرة، ما إن كبَّر أحدهم!

تتوجه بعد ذلك إلى مدينة حماه ليتسنى لها رؤية مدى وحشية النظام في قصفه لمنازل المدنيين، وإطلاقه الرصاص الحي على المتظاهرين واعتقالاته العشوائية.هناك تكتشف بالعين المجردة وقائع مؤثرة عن حملات التنكيل والقتل التي أرغمت الناس على دفن موتاهم في حدائق خلفية بعد استهداف الجنازات بالرصاص.

ينفي المتظاهرون مشاركة السلفيين والإخوان وتواجدهم في المظاهرات، ويبثون فيديوهات تؤكد أن كل ما تبثه وسائل النظام الإعلامية حول هذا الأمر مجرد دعاية وتشويه لصورة الثوار المدنيين. حتى إن أحد الناشطين يذكر بأن رفاقه وعددهم 30 لا يصلون ولا يصومون.تعود الصحفية إلى دمشق، حيث تظهر عن وجهها، وتحضر مظاهرة صغيرة لعدد من الأطفال وهم ينادون بشعارات الثورة. ينتهي الفيلم بشكر الناس الشجعان الذين أدلوا بشهاداتهم لعدسة كاميرتها، وكل من ساعدها على إنجاز مهمتها الصعبة.

عرض الفيلم على "قناة ارته" الفرنسية عام 2011، ومن ثم عرضته "قناة العربية" مترجماً. مدته الزمنية 53: 46 دقيقة (18).

ويمكن تناول الفيلم الوثائقي "دوار الشمس ـ الرستن" أيضاً، حيث قامت بتصويره إحدى المخرجات السوريات متحدية الحصار والقصف الذي تعرضت له المنطقة من قبل الجيش الأسدي بالدبابات والأسلحة الثقيلة.

تنفتح الشاشة على جنازة أحد الشهداء، ومن ثم تمر عدسة الكاميرا على وجوه نساء في أعمار مختلفة، قد يكن الجدة والأم والزوجة أو الأخت؛ لتتوقف عند الصلاة على روحه، مترافقة بموال حزين كموسيقى تصويرية.

 
تزوم الكاميرا على زهرة عباد الشمس في يوم عاصف بالريح، مما يوحي أن الكاميرا تهتز؛ لكن هذه الزهرة الجميلة ترفض الانكسار للريح،فهي رمز مدينة الرستن الصامدة!

تنطلق الكاميرا المحمولة على دراجة نارية لتتجول بين الأحياء، يرافقها صوت رجل يتحدث عن تاريخ المدينة المجيد وصمودها الأسطوري أمام الغزاة على مر العصور. ثم يتناوب عدد من الناشطين للحديث عن جرائم الأسد التي ارتكبت بحق أهالي المدينة الثائرين دون إظهار لوجوههم. لكن تظهر مشكلة في حديث هؤلاء بسبب التأرجح بين الحديث باللغة العربية الفصحى أو العامية!

بعد ذلك تتوقف الكاميرا لترصد ما يقوله أحد الجنود المنشقين ـ عماد الشيخ خلف ـ عن أسباب انشقاقه، بسبب إجباره على إطلاق النار على المتظاهرين السلميين في درعا، كاشفاً كذب قناة الدنيا التي وصفت المتظاهرين ـ منذ البداية ـ بالمندسين والمخربين والإرهابيين.

ثم تغادر الكاميرا لتصور مظاهرة ليلية حاشدة في الرستن في أيام الثورة الأولى، لأن الناس كانوا يرفعون أعلام سوريا السابقة، والتي أصبحت فيما بعد أعلام الأسد. الملفت في الأمر هو مشاركة أعداد غفيرة من النساء في تلك المظاهرات، مما جعل مشهديتها مميزة وحماسية.

تنتقل الكاميرا لتعرض شعارات الثورة على جدران المدينة، والأضرار الناجمة عن قصف قوات الأسد لها؛ سرعان ما يعود الفيلم لينقل شهادة أحد المنشقين الآخرين ـ رامي فايز العمار ـ والأسباب التي جعلته يهرب من جيش الأسد. في النهاية تتوقف الكاميرا على قطع باذنجان يابس معلقة على حبل، ليعود الموال مرافقاً حركتها والريح تعزف على موسيقى الريح. وفجأة تنزل الكاميرا إلى الأرض لتتابع عدداً من القطط الصغيرة، وهي تلعب تارة، وتنظر بحيرة تارة أخرى.

ضعف الفيلم يتجلى في تزويم الكاميرا الدائم، لكن هذا لا ينقص من الجهد المبذول في محاولة تقديم شيء وثائقي لا بأس به رغم المخاطر وقلة الإمكانات.مدته 25:08، وعرض على "قناة العربية" في آب 2011 (19).

ومن الأفلام الوثائقية الطويلة الأولى يمكن ذكر فيلم "سوريا خارطة الخوف"الذي أنتجته "قناة الجزيرة" الفضائية عام 2011، ويتحدث عن إرهاصات انطلاق الثورة السورية ضد بشار الأسد، والمعالجة الأمنية التي اتبعتها قواته.

يبدأ الفيلم بحديث أم وليد النازحة من سوريا أثناء الثمانينيات وهي تراقب عبر شاشات الفضائيات الأحداث في تونس ومصر، لاسيما بعد "انتصار" الثورتين هناك.الانتظار الطويل تكلل بفرحة كبيرة عندما بدأت المظاهرات المناهضة لبشار الأسد.

يتحدث النازحون إلى المناطق القريبة من الحدود السورية ـ الرمثا في الأردن، وادي خالد في لبنان، إنطاكيا في تركيا ـ عن أسباب الثورة، وعن محاولة النظام إطفاء نار الحرية المتأججة في نفوس المتظاهرين منذ إطلاق النار على أول مظاهرة في درعا البلد، وحتى قتل الطفل حمزة الخطيب وتشويه جثته بشكل افتراسي حيواني، وتجدد المظاهرات من جديد. سرعان ما ينتقل طاقم الفيلم إلى بلدة وادي خالد التي لجأ لها النازحون من مناطق تلكلخ بعد هجوم الجيش الأسدي عليها نتيجة خروج أهاليها ضد نظام بشار الأسد الديكتاتوري، حيث يتحدثون عن الجرائم التي ارتكبت بحقهم ودفعتهم للهروب. بعد ذلك يتوجه إلى المخيمات التي أقيمت على الحدود السورية التركية في إنطاكيا بعد هجوم الجيش الأسدي على منطقة جسر الشغور، لكنه يُمنع من دخول تلك المخيمات. إلا أنه لا يتوقف هنا، بل يذهب إلى القاهرة ليلتقي مع المعارضين هيثم المالح ومحمد أبو زيد، ويوثق خروج مظاهرة أمام السفارة السورية. بعد ذلك يرجع إلى مظاهرات حماه وصوت القاشوش واغتياله واستئصال حنجرته، لأنها صدحت مطالبة بالحرية ورحيل الأسد. ثم يلتقي مع الفنان خاطر ضوا وإصراره على إكمال مشوار القاشوش بعد كسر حاجز الخوف. ثم ينتهي الفيلم بمظاهرة الناشطين السوريين في القاهرة على خلفية أغنية ضوا "كانلي وطن ياناس اسمه سوريا".

الفيلم مزيج من مقاطع صورها طاقم الجزيرة ومقاطع أخرى صورها أناس عاديون في تلك المناطق.الفيلم طويل مدته 57 :51 دقيقة، وهو من سيناريو محمد حربي وإخراج مها شهبه، وإنتاج "قناة الجزيرة" عام 2011 (20).

وهنا يجب الإشارة أيضاً إلى أن أول فيلم وثائقي طويل قد سلط الضوء على الثورة السورية ـ ولو قليلاً ـ هو فيلم "العلويون في سورية" ـ إعداد محمد موسى ـ حيث يذكر في نهايته أن سبب الثورة ضد هذه الطائفة هو ظلمها للشعب وتحكمها بالسلطة لمدة نصف قرن من الزمن (21).
 
تجربة المخرج الشاب باسل شحادة

عندما نتحدث عن أفلام الثورة السورية الوثائقية الأولى، فلابد من التوقف عند إحدى التجارب المميزة في صناعة تلك الأفلام الجديدة، والتي لم يسعفها القدر كثيراً حتى تستمر في الحياة، لتنضج ثمارها وتعطي إنتاجاً طيباً. إنها تجربة مهندس المعلوماتية باسل شحادة، الذي ترك الولايات المتحدة الأميركية بعدما حصل فيها على منحة "فولبرايت" لدراسة الإخراج السينمائي في جامعة سيراكيوز، وعادإلى مدينته دمشق بعد اندلاع الثورة، ليشارك في مظاهراتها السلمية ويغنيها بخبرته التصويرية والإخراجية. ومن ثم توجه إلى مدينة حمص، ليكون جنباً إلى جنب مع عبد الباسط ساروت وفدوى سليمان وخالد أبو صلاح ومحمد المحمد وغيرهم من الأشخاص الذين قادوا الحراك الثوري في بداياته.

باسل شحادة

لم يظهر باسل كثيراً على وسائل الإعلام المحلية والعربية، بل فضل العمل بصمت وهدوء بعيداً عن الأضواء، لكنه قدم خدمات جليلة للثورة السورية من خلال تطوعه مراسلاً وشاهد عيان لعدد من القنوات الإعلامية العالمية، باعتباره يتحدث الإنكليزية بطلاقة. عمل باسل في حمص لفترة قصيرة جداً لم تتجاوز ثلاثة أشهر، قام خلالها بتصوير العديد من المظاهرات السلمية، وبتوثيق اعتداءات قوات الأسد عليها فاضحاً الانتهاكات والفظائع التي ارتكبتها، وبتدريب الإعلاميين المتواجدين هناك على التصوير والمونتاج والإخراج، مثل مصور الفيديو ومخرج التقارير أحمد الأصم المعروف بأحمد أبو إبراهيم، والذي لقي مصرعه برفقته!

كان باسل شحادة متكتماً بخصوص أعماله السينمائية، ومع ذلك ساهم في إنجاز العديد من الأفلام الوثائقية عن الثورة السورية بعد عودته إلى الوطن، منها ما أنهاه قبل استشهاده، مثل: الفيلم الوثائقي "أغاني الحرية ـ ٢٠١١" الذي يعرض مقابلته لعدد من المفكرين والناشطين الأميركيين والسوريين المؤيدين للمقاومة السلمية ضد الأنظمة الديكتاتورية، مظهراً مواقفهم من الحرية والعدالة؛ وكان من أبرزهم المفكر المعروف نعوم تشومسكي.

والفيلم القصير "سأعبر غداًـ ٢٠١٢" الذي يوثق خطر عبور الناس الدائم للشوارع والساحات في مدينة حمص بسبب القناصين الأسديين المنتشرين في بعض أبنية المدينة العالية.

ومنها لم يسعفه الوقت على إنجازها، كفيلم "أمراء النحل" الذي صوره في شباط 2012، والذي يعتبر وثيقة تسجيلية ثانية لا تقل أهمية عن الأولى، تسجل لبدايات الثورة السورية ونشطائها الميدانيين الأوائل وتشكيل التنسيقيات. أكمل المخرج دلير يوسف هذا الفيلم الذي يعيد للذاكرة الفيديوهات الأولى للثورة، حيث يخفي الناشطون وجوههم أمام الكاميرا، ويبدأ بالتسلسل البسيط للحدث، مقدماً عبر وثائق بصرية مهمة، منذ شرارة كتابات أطفالدرعا على الجدران، مروراً بأول تظاهرات دمشق في 15 آذار 2011، وأول تظاهرة جمعة في درعا، موثقًا أول الهتافات وأول الشهداء، وأول الانشقاقات التي أسست الجيش الحر، وأول رصاصات الثوار.

وفيلم "شوارعنا احتفال الحرية ـ ٢٠١٢" الوثائقي (22 دقيقة) الذي عمل عليه في ربيع 2012 من أجل عرضه في الذكرى السنويةالأولى للثورة ضمن "احتفالية الشارع السوري"، لكن ظهور بعض المشاكل التقنية أدت إلى عدم عرضه في تلكالمناسبة.عرض بعد ذلك على "قناة العربية" في الذكرى الثانية للثورة السورية (آذار ٢٠١٣)؛ وهو يلخص عاماً من تاريخها عبر شهادات لناشطين شاركوا وعايشوا لحظات مهمه في تاريخ السنة الأولى منها، بدءاً من مظاهرة الجامع الأموي بدمشق، مروراً بمدن درعا وحمص وحماه والسلميَة (22).

سعى باسل ـ المسيحي السوري ـ جاهداً من أجل إظهار الوجه الوطني المدني الإنساني للثورة؛ وكان من أبرز دعاة السلمية واللاعنف. استشهد إثر قذيفة طالته بتاريخ 28/5/2012 في حي الصفصافة بمنطقة باب السباع في حمص (23).
 
رؤية نقدية لمرحلة البدايات

كان أغلب العاملين في صناعة الأفلام الوثائقية الأولى من الهواة والمغامرين الذين رغبوا بنقل الواقع الذي عاشوه بكل تجلياته ومجرياته بأقل التجهيزات والمعدات، وبإمكانات محدودة جداً، وبغياب البنية التحتية لصناعة الأفلام، أو القدرة على ترويجها وتوفير المال لإنتاجها. لقد حاولوا أن تكون الكاميرا هي الشاهد الحقيقي الوحيد على كل ما جرى، رغم العوائق الكثيرة التي اعترضتهم؛ وأولها خطر الموت المحدق في كل مكان، أو خطر الإصابة أو الاعتداء أو الخطف أو الاعتقال أو التصفية، أو قطع الاتصالات وحظر مواقع التواصل الاجتماعي والسكايب وغيرها؛ لكنهم واجهوا كل ذلك بإصرار منقطع النظير من أجل نقل صور الدماء التي كانت تسيل بالمظاهرات السلمية على يد جنود النظام عبر الكاميرا التي باتت الدليل الوحيد على وجودهم في الحاضر، وجواز سفرهم للعبور إلى المستقبل. عملوا المستحيل من أجل وضع الخطوات الأولى في طريق صناعة سينما وثائقية بديلة. ومع ذلك بقيت الأفلام الوثائقيّة السورية خلال العام الأول في طور التهيئة والتبلور والتجريب.

رغم أن أغلب الأفلام الوثائقية الأولى كانت متشابهة إلى حد ما بأفكارها ومقاصدها وطرق عملها أو صياغة مضامينها أو مستوى إبداعها، إلا أنها كانت ذات تأثير كبير على كل من شاهدها في العالم.في هذا الصدد يقول الصحفي حسين حمزة: "تبرز الوقائع أن الثورة السورية حملت في طياتها ومراحلها ثورة سينما وثائقية وتسجيلية أيضاً وذلك بدخول الإنترنت وكاميرا الهاتف المحمول على صعيد الصورة الموثقة، وقدمت مخرجين من قلب الحدث، خاضوا تجارب فنية وسينمائية مهمة لتوثيق بعض أحداث الثورة" (24).

إذا كان "الفيلم الوثائقي هو جنس سينمائي أو تلفزيوني يعتمد على توثيق وتسجيل وعرض الواقع دون تدخل أو تزييف أو مبالغة"، فإن أفلام الثورة السورية الأولى هي وثائقية بامتياز، إذا قمنا بالتغاضي عن بعض الشروط التقنية والفنية، لأنها رصدت الواقع بدقة تامة، ودون معالجة فنية تسمح بهوامش من التغيير أو التجميل.
 
هوامش ومراجع:
(1) مقابلة خاصة مع أبو بشير حايك الذي ضرب شادي حلوة في منطقة العزيزية وهرب، حلب، 2013.
(1) مؤسسات الإعلام البديل تنتصر بالصورة والكلمة على الرصاص، موقع "ضوضاء"، 7/8/2013.
(3)سالم ناصيف، صحافة الثورة السورية: بدايات نبيلة ولكن، جريدة "المدن الإلكترونية"، 3/5/2014.
(4) مهند صلاحات، سينما الثورة السورية.. منذ أول هتاف، موقع الجزيرة نت،10‏/5‏/2016.
(5) انظر الرابط.
(6) مؤسسات الإعلام البديل تنتصر بالصورة والكلمة على الرصاص، موقع "ضوضاء"، 7/8/2013.
(7) انظر الرابط.
(8) عمر دقاق. عمار البيك: الأسد غير مقدس وآن الأوان لإسقاطه، موقع "الأورينت نت"، 8/2/2013.
(9)أمير العمري، "حاضنة الشمس".. وميلاد ثورة، موقع "الجزيرة الوثائقية"، 8 يناير 2015.
(10) الفيلم غير محمل على موقع اليوتيوب، لكنه موجود كاملاً ضمن برنامج "موجة جديدة"، الذي يقدمه عمر حمارنة على "قناة الأورينت"، ويناقش الفيلم مع ضيوفه السينمائيين والنقاد:انظر الرابط.
(11) انظر الرابط.
(12) الجزء الأول، انظر الرابط.
(13) الجزء الثاني،انظر الرابط.
(14) انظر الرابط.
(15) انظر الرابط.
(16) انظر الرابط.
(17)انظر الرابط.
(18) النسخة المترجمة .. انظر الرابط.
(19) موجود كاملاً على الرابط.
(20)انظر الرابط.
(21) انظر الرابط.
(22)انظرالرابط.
(23) لمزيد من المعلومات عن باسل شحادة راجع: رنا زيد، باسل شحادة الشهيد السوري... كبر عاماً بغيابه، جريدة الحياة، ٢٥ أيار ٢٠١٣؛ أسعد حنا،ثلاث سنوات على استشهاد باسل شحادة شهيد الحب والحرب، موقع "كلنا شركاء"، 28/5/2015؛ مهند صلاحات، سينما الثورة السورية. منذ أول هتاف، موقع "الجزيرة نت"، 10‏/05‏/2016.  
(24) هيثم حسين، الأفلام الوثائقية السورية.. ذاكرة الثورة، موقع "الجزيرة نت"،16‏/09‏/2013.
علي حافظ

كاتب ومخرج أفلام وثائقية يقيم حالياً في ألمانيا.

اترك تعليق*

* إرسال التعليق يعني موافقة القارئ على شروط الاستخدام التالية:

- لهيئة التحرير الحق في اختصار التعليق أو عدم نشره، وهذا الشرط يسري بشكل خاص على التعليقات التي تتضمن إساءة إلى الأشخاص أو تعبيرات عنصرية أو التعليقات غير الموضوعية وتلك التي لا تتعلق بالموضوع المُعلق عليه أو تلك المكتوبة بلهجة عامية أو لغة أجنبية غير اللغة العربية.

- التعليقات المتكوبة بأسماء رمزية أو بأسماء غير حقيقية سوف لا يتم نشرها.

- يرجى عدم وضع أرقام هواتف لأن التعليقات ستكون متاحة على محرك البحث غوغل وغيره من محركات البحث.