مهند الكاطع
باحث متخصص في التاريخ الاجتماعي للجزيرة السورية والمسألة الكردية في سورية.
انطلاقة الثورة السورية 2011
اندلعت الثورة الشعبية السورية السلميّة ضدّ النظام في شهر آذار/ مارس 2011 في خضم الربيع الذي شهدته بعض الدول العربية، وشهدت سورية تفاعلاً سياسياً غير مسبوق منذ وصول البعث إلى السلطة، وسيفرز هذا التفاعل عبر مراحله المتتالية خطابات ورؤى وإرهاصات متعددة، وتبدلات في المواقف السياسية وتطورات على الساحة العسكرية، وتدخلاً إقليمياً ودولياً غير مسبوق على الأراضي السورية.
مقدمة
تتسارع وتيرة الأحداث والمتغيرات في الساحة السورية وبخاصة في منطقة الشمال السوري بكل ما تحمله من أهمية استراتيجية. اذ لم تعد تقتصر القضية على عمليات القتل والتدمير والتهجير، بل أصبحت متعلقة بمستقبل أجيال نشأت في ظروف سمتها القصف والتهجير والنفي والإبعاد، فستة أعوام قاسية كانت كفيلة في وضع الجيل في دوامة الضياع، فضلاً عن جعل الأجيال القادمة على شفيره.
لم تشهد الساحة السورية قبيل سنة 1956 م أي بوادر تنظيمية كردية تحمل تطلعات سياسية ذات توجهات قومية داخل سوريا، وقد اقتصر النشاط القومي الوحيد قبل الاستقلال عن فرنسا على نخبة من اللاجئين السياسيين الأكراد في سوريا، وكان موجها بالأساس لحركة النضال إلى خارج سوريا، كما ترافق مع إنشاء مراكز سياسية وثقافية كردية بارزة في دمشق وبيروت.[1]
في هذه الدراسة يتناول الباحث الجغرافية البشرية للإثنية الكردية في سوريا، من خلال استخدام المنهج الموضوعي في تحليل البيانات المختلفة لسكان المناطق المدروسة، إضافة لفرز القرى و الأحياء و المناطق على أساس التوزع القومي، و جمع البيانات المتعلقة بالاقلية الكردية على مستوى القرية و الناحية ثم المنطقة و المحافظة،