ترجمة: ناصر ضميرية
لتقديم هذا العدد الخاص سأعرض لمحة موجزة عن أبحاث اللاعنف أو المقاومة المدنية. أشرح أصول وتطور الحقل بدءً من جذورها الغاندية، مروراً بفترة أساليب جين شارب العملية، إلى الحالة الراهنة للاختبار التجريبي وتطور نظريات اللاعنف. وأوجز أيضاً النتائج الرئيسية التي توصل إليها الحقل حتى الآن، ولاسيما فيما يتعلق بنتائج الحملات التي قام بها ناشطوا اللاعنف، والنتائج طويلة المدى للحركات الثورية اللاعنفية، والتحولات التكتيكية من اللاعنف إلى العنف وبالعكس.
وسأشير إلى أسئلة بحوث المقاومة المدنية والنتائج التي تكمّل دراسات الحركات الاجتماعية، لأدعو إلى مزيد من الحوار بين هذين المجالين الذين تطورا إلى حد كبير بشكل متواز مع نقاط تقاطع قلية. وأختتم بإلقاء نظرة عامة على الأبحاث في هذا العدد الخاص، مشيرة إلى كيفية مساهمتها في توسيع معرفتنا، وتقديم مساهمات جديدة، وتقديم تأملات تأتي في الوقت المناسب لهذا المجال المزدهر، وخاصة الجوانب النظرية المهملة والمتجاهلة.
عندما نفكر في الحركات الاجتماعية، فغالباً ما نركز على لحظات حية تجسد كفاحاً ما، مثل: الهجوم على مسيرة سلمى خلال الصراع في سبيل الحقوق المدنية الأمريكية، والمواجهة بين نشطاء الديمقراطية الصينية والدبابات في بكين، والناشطون في سبيل الاستقلال الهندي يجتاحون بلا عنف أعمال الملح التي احتكرها البريطانيون في دارسانا، والنشطاء الأوكرانيون يعتصمون بساحة الاستقلال بعد انتخابات مزورة بشكل صارخ. كل الحركات الاجتماعية تستخدم تكتيكات غير عنفية، تتراوح بين المظاهرات، والاعتصامات، والعصيان المدني. أساليب المقاومة هذه ليست من اختراعات القرن العشرين. فعلى سبيل المثال، في طور نشوء الجمهورية الرومانية استخدمت الجماهير الرومانية (أي المواطنون الأحرار الذين لم يكونوا جزءاً من النخبة الحاكمة) تقنيات المقاومة المدنية المختلفة من عام 495 قبل الميلاد إلى عام 409 قبل الميلاد.
شاركوا في الاعتصامات العامة، ورفضوا التجنيد في الجيش أو دفع ضرائب من أجل الحرب، وانسحبوا مراراً من المدينة تاركين النخب تهرول في سبيل تسيير شؤون الحياة في المدينة بأنفسهم. نتيجة لجهودهم المستمرة، فازوا في نهاية المطاف بقدر أكبر من الحريات السياسية والسلطة (2015Howes ). وبالمثل، صاغ المزارعون الإيرلنديون في القرن التاسع عشر مصطلحاً جديداً ] =boycottمقاطعة[ عندما رفضوا قبول إخطارات الإخلاء من قبل النقيب تشارلز بيكوت Charles Boycott. بدلاً من ذلك، أقنعوا موظفي بيكوت العقاريين بعدم رفع تقاريرهم حول العمل. حتى ساعي البريد، والحداد، وعمال الغسيل رفضوا تقديم أي خدمات. وكانت النتائج سريعة: تعفنت محاصيل بيكوت في الحقول، مما تسبب في خسائر مالية كبيرة. غادر المنطقة في نهاية المطاف ولكن تقنية المقاطعة انتشرة في جميع أنحاء إيرلندا (Bartlett 2010).
والآن في القرن الحادي والعشرين، أصبحت هذه التكتيكات هي السائدة. وأصبح استخدام اللاعنف شائعاً جداً لدرجة أنه غدا جزءً مفترضاً من ذخيرة أي حركة أساسية. فلماذا نحتاج إلى تكريس عدد خاص من مجلة Mobilization (الِحراك) لهذا الموضوع إن كان أسلوب اللاعنف جزءً لا يتجزأ مما كنا ندرسه لعقود؟ ينظر العديد من الباحثين في الحركات الاجتماعية إلى مسألة اللاعنف بشكل محدود، على اعتبار أنه ليس أكثر من مجموعة من التكتيكات. وبوصفنا حقلاً معرفياً ]أي البحث في الحركات الاجتماعية[، قمنا بفحص جميع أنواع الأسئلة المتعلقة بالحركات الاجتماعية: ظهورها، وكيف تؤطر القضايا، آثار القمع، ودورات الاحتجاج، وهكذا دواليك، بينما بذلنا اهتماماً بسيطاً إلى الآليات المميزة للنضال اللاعنفي. تجاهلنا إلى حد كبير مسائل أخرى استكشفها الباحثون في مجال اللاعنف أو المقاومة المدنية. تطور هذين المجالين بشكل متواز من نواح كثيرة، مع نقاط قليلة من التقاطع.
ولذلك، فإن قيمة هذا العدد الخاص هي أنه يوفر منتدى لسد هذه المجالات، وتعزيز التقاطع الخصب للأفكار. قد يجد علماء الحركات الاجتماعية أن دراسات المقاومة المدنية أو اللاعنفية لديها رؤى تكميلية تقدمها. على سبيل المثال، في حين أن الكثير من الدراسات الأكاديمية التي تتناول العمل الجماعي ركزت تقليدياً على العوامل الهيكلية التي تؤثر على التعبئة، فإن أدبيات اللاعنف قد ركز بشدة على الاستراتيجيات. في الواقع، حتى وقت قريب، كان هناك القليل من الاهتمام بالاستراتيجية في مجال العمل الجماعي (Jasper 2006; Maney et al 2012) . وعلى العكس من ذلك، فإن أدبيات اللاعنف طورت نظريتها الاستراتيجية على مدى عقود، ولكنها غالباً ما أغفلت العوامل الهيكلية (Schock 2005). مجال آخر تكاملي وهو أن الباحثين في الحركات الاجتماعية قد أكدوا على نهج الحركة، (مثل عمليات التحشيد، بناء الهوية الجماعية، وبناء الإئتلافات، وما إلى ذلك)، في حين قام باحثوا اللاعنف بشكل رئيسي بدراسة النتائج، أي العوامل المؤثرة في تحقيق الحركات لأهدافها أو في عدم تحقيقها. وأخيراً، بدأ باحثوا اللاعنف بمقارنة الحركات العنيفة مع اللاعنفية.
وقد أدى ذلك إلى مجموعة جديدة كاملة من الأسئلة: أي شكل من أشكال النضال هو الأكثر فعالية؟ ما هي العواقب طويلة الأمد المترتبة على استخدام إحدى الاستراتيجيات بدلاً من الأخرى؟ هل يؤثر الدعم الدولي للحركات المسلحة ولغير المسلحة بشكل مختلف؟ لماذا تتحول الحركات أحياناً من اللاعنف إلى العنف وبالعكس؟ ماذا يحدث لحركة غير عنفية عندما يعمل جناح عنيف في الوقت ذاته لتحقيق الأهداف ذاتها؟ لقد أعادت مثل هذه الأسئلة تنشيط مجال دراسات اللاعنف، ولديها الإمكانية لإضافة رؤى جديدة لدراسات العمل الجماعي أيضاً. وعلى ذلك، فحوار أكبر بين المجالين يمكن أن يكون مفيداً لكليهما.
من الواضح إذاً أن أحد أهداف هذا العدد الخاص هو جعل علماء الحركات الاجتماعية أكثر دراية ببحوث المقاومة المدنية. غير أن هذا العدد يسهم إسهاما هاماً آخر، وهو أنه يقيّم الحالة الراهنة للدراسات اللاعنفية/المقاومة المدنية. بما أن الدراسات الميدانية قد ازدهرت في السنوات الأخيرة، منتجة العشرات من الكتب والمقالات الجديدة، فقد حان الوقت الآن لتقدير وتقييم ما إذا كان لا يزال هناك جوانب نظرية وتحليلية لا تزال غير منظورة.
قبل الانتقال إلى مقالات هذا العدد الخاص، أود أن أعرض بإيجاز لدراسات اللاعنف أو المقاومة المدنية. تهدف هذه المادة التمهيدية لتناول ثلاث نقاط:
- وصف تطور الحقل.
- تلخيص نتائجنا التجريبية الرئيسية حتى الآن.
- شرح كيف يمكن للأبحاث في هذا العدد أن تشكل إضافة إلى مجالي دراسات الحركات الاجتماعية ودراسات اللاعنف.
تطور حقل دراسات اللاعنف
بدأت دراسات اللاعنف عندما قاد غاندي حركة لنيل استقلال الهند عن بريطانيا العظمى، ولإنهاء القمع الطبقي، وإقامة اقتصاد وطني مكتف بذاته. هذه الحركة التي استمرت من 1919حتى عام 1948 استحوذت على الاهتمام الدولي لأن غاندي كان أول من استخدم تقنيات المقاومة المدنية لشن حرب في سبيل الاستقلال. وعلاوة على ذلك، نجح في محاربة أمة كانت لديها قوة عسكرية واقتصادية أكبر بكثير. أدى ذلك إلى إصدار عدد من المنشورات التي أوضحت الفلسفة والاستراتيجية الغاندية. كان من أوائل الكتب دراسة كلارنس كيس Clarence Case عام 1923 حول الآليات الأخلاقية والنفسية للمعاناة في الحملات الغاندية. ثم اختار ريتشارد غريغ Richard Gregg هذا الموضوع في كتابه قوة اللاعنف عام 1935.على وجه التحديد، صاغ جريج مصطلح "جيو جيتسو الأخلاقي"[2] لشرح القدرة التحويلية للمعاناة. وقد اُستمد هذا المصطلح من تقنية فنون الدفاع عن النفس التي تعتمد على إعادة توجيه قوة هجمات الخصم بحيث يؤدي إلى أن يفقد المهاجم التوازن االبدني. قال جريج إن المعارضين يفقدون التوازن الأخلاقي إذا كانوا يهاجمون المدنيين الذين يرفضون الانتقام. يعمل المقاومون المدنيون من خلال المعاناة الطوعية في سبيل قضيتهم، ومن دون التعبير عن الكراهية أو الضرب، على إثارة الشعور بالعار في مهاجميهم، والذين لم يعد بإمكانهم تبرير هذه الأعمال القمعية. وفي وقت لاحق، كتب جوان بوندورانت Joan Bondurant، وهو عالم سياسي أمريكي، كتاباً بعنوان غزو العنف (1958)، والذي ترجم الفكر الغاندي إلى النظرية السياسية الغربية. وقد شدد بوندورانت بشكل خاص على مفهوم غاندي لساتياغراها satyagraha، الذي يترجم عادة على أنه "قوة الحقيقة". كما حلل باحثون آخرون جوانب مختلفة من حركة غاندي (انظر: Brown 1972, 1977، Dalton 1993)، ولكن عموماً ظل الحقل على هامش الدراسات الأكاديمية.
بسبب هذا التركيز على غاندي، أكدت الأعمال المبكرة في الدراسات اللاعنفية على الأبعاد الأخلاقية للمقاومة المدنية، بما في ذلك البحث عن الحقيقة وتغيير قلب الخصم. وقد يكون هذا التركيز على الجانب الأخلاقي أحد الأسباب التي جعلت علماء الحركات الاجتماعية لا يولون اهتماماً تاريخياً بهذا المجال. ومع ازدهار بحوث العمل الجماعي في السبعينيات والثمانينيات، أكدت نظريات حشد الموارد والعملية السياسية على العمل الفكري. مع رفض النماذج التي تعلي من جوانب الاعتقاد والعاطفة لدى المشاركين، أكد التحول الجديد في الدراسات على العوامل الهيكلية، والقدرة التنظيمية، وتوافر الموارد التي يجب أخذها بالاعتبار عند نشوء الاحتجاجات. لسوء الحظ، لأن الكثير من البحوث اللاعنفية ركزت على معتقدات غاندي الأخلاقية والدينية، تجاهل العديد من علماء الحركة الاجتماعية أن غاندي كان منظماً واستراتيجياً بارعاً.
ومن المثير للاهتمام أنه في السبعينيات تحولت دراسات اللاعنف بعيداً عن هذا التركيز الأخلاقي نحو نهج عملي كان أكثر توافقاً مع علماء العمل الجماعي، أي ذو توجه عقلاني. هذا التحول حرّضه جين شارب، الذي روّج لشكل عملي من أشكال اللاعنف في كتابه المكون من ثلاثة مجلدات، "سياسة العمل اللاعنفي". وقد أدرك شارب أن أخلاقيات اللاعنفية الغاندية كانت عقبات أمام الكثيرين، فدعا إلى نموذج عملي، واقترح أن استراتيجيات اللاعنف هي ببساطة أكثر فعالية من العنف. وقال إن العنف ليس ضرورياً إذا أدرك المواطنون الأشكال المختلفة للقوة التي يمتلكونها، مثل قدرتهم على رفض التعاون، وسحب مهاراتهم وعملهم، ومواردهم المادية. ومن خلال حجب مصادر القوة هذه بصورة تدريجية ومنهجية، لن تكون الدولة قادرة على العمل. كتب شارب (1990: 9):
"عندما يرفض الناس تعاونهم، ويحجبون المساعدة، ويستمرون في عصيانهم وتحديهم، فإنهم يمنعون عن خصومهم المساعدة البشرية الأساسية والتعاون الذي تحتاجه أي حكومة أو نظام هرمي... الناشطون قد يرفضون إطاعة الأوامر، وقد يوقف العمال العمل مما يؤدي لشلل الاقتصاد. وقد يرفض الموظفون الإداريون تنفيذ التعليمات. وقد يصبح الجنود والشرطة متساهلين في القمع؛ حتى إنهم قد يتمردون. إذا قام الناس والمؤسسات بفعل ذلك بأعداد كافية لفترة طويلة بما فيه الكفاية، فلن يكون للحكومة أو النظام الهرمي أي سلطة... وتكون قوتها قد انحلت".
فكرة شارب بسيطة: اللاعنف له إمكانات ثورية ولكن يجب أن يكون المقاومون المدنيون مدربين تدريباً جيداً وعملياً وموجهاً بشكل استراتيجي كمجموعات عسكرية. وعليهم أن يستخدموا قوتهم لإجبار خصومهم على التغيير دون عنف.
وقد ألهم شارب مجموعة من الباحثين بنشر سرديات وصفية في معظمها عن الحركات اللاعنفية الناجحة لإثبات أن المقاومة المدنية فعّالة في الواقع. وقدم هؤلاء الباحثون خدمة هامة من خلال الكشف عن الحركات التي غالباً ما كان يتم تجاهلها.
غير أن الإتجاه الأكاديمي العام، بما في ذلك الباحثون في الحركات الاجتماعية، لم يأخذوا هذا العمل في كثير من الأحيان بجدية، لأن بعض هذه الأعمال كان يظهر بنغمة تبشيريه تهدف إلى إقناع الآخرين بأن اللاعنف هو شكل فعال من أشكال القتال.
منذ حوالي عقد من الزمان، حدث تحول آخر في دراسات المقاومة المدنية، حدث ابتعاد عن توثيق الحالات الناجحة، وتوجه نحو التطبيق التجريبي لنظريات اللاعنف. وقد برز هذا التوجه عندما بدأ الباحثون بمقارنة الحركات اللاعنفية الناجحة والفاشلة، في محاولة لتحديد العوامل التي أدت ببعضها إلى النصر في حين فشلت حركات أخرى. وعلاوة على ذلك، طرحت إحدى الدراسات السؤال الأساسي: هل العنف أكثر فعالية أم اللاعنف؟ إريكا تشينويث Erica Chenoweth وماريا ستيفان Maria Stephan (2011) جمعتا قاعدة بيانات عن الحركات العنفية والحركات اللاعنفية التي كان لها جميعاً أهداف سياسية قصوى، مثل الإطاحة بالنظام، والإطاحة بقوة احتلال، أو الانفصال عن دولة. وجدتا عموماً، أن 52 % من الحركات اللاعنفية قد حققت أهدافها، مقارنة مع 26 % فقط من الحركات العنفية.
ووجدتا أيضاً أن الحركات اللاعنفية كانت أفضل بكثير في توطيد الديمقراطية وتجنب الحرب الأهلية. نشرت النتائج في كتاب، لماذا المقاومة المدنية: المنطق الاستراتيجي للنزاع اللاعنفي، الذي حظي باهتمام كبير بين علماء الاجتماع، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تركيزهما الصارم على الجانب التجريبي. للمرة الأولى منذ كتاب ويليام غامسون استراتيجية الاحتجاج الاجتماعي، أصبح لدينا دراسة قارنت بشكل واضح آثار التكتيكات والاستراتيجيات المختلفة. وأيضاً فإن هذا الكتاب يأخذنا أبعد من دراسة غامسون William Gamson، حيث إنه أوسع بكثير (يحتوي على 323 حالة مقابل 53 حالة في كتاب غامسون) ولا يخلط عمليات التخريب مع أساليب العنف، وتجنب بعض الارتباك الذي نشأ عن كتاب غامسون. في أعقاب عمل تشنويث وستيفان البارز، كانت هناك زيادة هائلة في المنشورات حول اللاعنف أو المقاومة المدنية في التخصصات الأكاديمية الرئيسية والمطبوعات (على سبيل المثال:
Atack 2012; Bartkowski 2013; Beyerle 2014; Carter 2012; Celestino and Gleditsch 2013; Chabot 2011; Cunningham 2013; Dudouet 2013, 2015; Eddy 2012; Gallo-Cruz 2012; Gould and Moe 2012; Hallward and Norman 2015; Howes 2013; Isaac et al 2012; Maney 2012; May 2015; Nepstad 2011, 2013, 2015; Nepstad and Kurtz 2012; Nikolayenko 2012; Pearlman 2011; Scalmer 2011; Schock 2015a, 2015b; Shellman et al. 2013
ويشير هذا الانفجار في البحوث إلى أن الحقل الفرعي هو حالياً واحد من المجالات الأكثر حيوية للدراسة في عالم السياسة الخلافي.
النتائج التجريبية الرئيسية
في هذه المرحلة الأخيرة التي حركها العمل التجريبي والتحليلي، برزت مجموعة واضحة من المعارف. من بين جميع الموضوعات المتعلقة بالمقاومة اللاعنفية أو المدنية، ما حظي بأكبر قدر من الاهتمام هو نتائج الحراك. هنا، ينقسم البحث إلى فئتين. يتناول الأول العوامل التي تؤثر على تحقيق المقاومون المدنيون لأهدافهم المعلنة؛ أما الثاني فيتناول العواقب طويلة الأمد المترتبة على الصراع إن كان عنفياً أو إن كان لاعنفياً.
النتائج الفورية للحملة
من حيث تحقيق الهدف الفوري للتغيير السياسي، تشير أدبيات الموضوع إلى أن عدة عوامل تحدث فارقاً بالنتيجة:
أولاً: وجدت تشنويث وستيفان (2011) أن حجم الحركة مسألة مهمة: كلما زاد حجم الحركة، كلما زادت فرصة الفوز. لماذا؟ عندما يشارك عدد أكبر من الناس في حملة ما، يكون للحركة نفوذ وتأثير أكبر. على سبيل المثال، عندما يشارك عدد كبير من الناس في إضراب عام، فإنها يمكن أن تقود الدولة أو الأعمال التجارية إلى طريق مسدود. فيما إذا كان من يشارك بالإضراب عدد قليل فإنه يتم طرد هؤلاء العمال واستبدالهم بسهولة. وهناك جانب آخر يتمثل في أن الحركات الكبيرة تميل إلى أن تشمل أشخاصاً من خلفيات اجتماعية واقتصادية وعرقية ودينية متنوعة. وهذا بدوره يعني أن النخب الاقتصادية والعسكرية والسياسية أكثر احتمالاً أن تكون لها بعض العلاقات الشخصية مع المتظاهرين، مما قد يجعلهم أكثر تعاطفاً مع الحركة.
العامل الثاني الهام في تشكيل ناتج حملة اللاعنف هو ما إذا كان هناك إنشقاقات عسكرية أم لا (Chenoweth and Stephan 2011؛ Nepstad 2011). وبحسب تشنويث وستيفان، كانت الحركات اللاعنفية 46 مرة أكثر احتمالاً للفوز عندما تحدث انشقاقات. لماذا؟ عندما ترفض الشرطة القبض على المعارضين أو مهاجمتهم، وعندما لا تكون القوات المسلحة على استعداد للدفاع عن النظام، فإن معظم الحكام المستبدين سيكونون عاجزين عن العمل. لن يكون هناك من ينفذ أوامرهم ولا أحد لحمايتهم. وتزول قدرتهم على الردع أو العقاب، كما هو حال قوتهم. قد يعتقد البعض أن هذا واضح، فقد قال تروتسكي منذ فترة طويلة إن نتيجة النضالات الثورية تتحدد ما إذا كان الجيش لا يزال موالياً للدولة. لكن بيانات تشينويث وستيفان تشير إلى أن هذا ينطبق فقط على الحركات اللاعنفية، انشقاقات قوات الأمن لم يكن لها أي نتيجة احصائية تذكر فيما إذا كانت الحركات المسلحة قادرة على هزيمة الدولة (2011: 23).
طبيعة الأهداف السياسية هي عامل ثالث يؤثر على احتمال النجاح. وقد قارن تشنويث وستيفان (2011) ما يلي:
(أ) جهود مناهضة للأنظمة (تهدف إلى الإطاحة بنظام سياسي محلي قائم)؛
(ب) جهود ضد مستعمر أو من أجل تقرير المصير (بهدف التحرر والاستقلال عن السيطرة الأجنبية)؛ و
(ج) النضال في سبيل الانفصال (التي تهدف إلى الانفصال من أجل إقامة إقليم جديد ومستقل).
ما وجدتاه هو أن التقنيات اللاعنفية ذاتها لا تعمل بفعالية في جميع أنواع الصراعات. وعلى وجه التحديد، كان 60 % من النضالات اللاعنفية ضد الأنظمة ناجحاً، وانتصرت 30 % من نضالات التحرر من الاستعمار، ولكن لم تحقق أي حركة انفصالية غير مسلحة هدفها (2011: 10-7). من غير الواضح لماذا اللاعنف أكثر فعالية في بعض أنواع الحركات السياسية؛ وتجدر الإشارة إلى أن الحركات العنفية قد شهدت أنماطاً مماثلة أيضاً.
رابعاً، إن الحركات الثورية اللاعنفية أقل احتمالاً لتحقيق أهدافها إذا كانت منقسمة داخلياً، أو إذا فشلت في الحفاظ على الانضباط اللاعنفي (Nepstad 2011؛ Pearlman 2011). فعندما يتحول المعارضون المدنيون إلى العدوانية، فإن ذلك يوفر مبرراً للدولة لشن حملة لفرض النظام، حيث تعلن قوات الأمن أن هذه القوة القمعية ضرورية للحد من الفوضى. إضافة لذلك، من المرجح أن يكون المراقبون من طرف ثالث متعاطفين وداعمين للحركات اللاعنفية؛ وبالتالي فإن أي خرق للانضباط اللاعنفي قد يقوض الدعم العام للحركة ومصداقيتها (Hess and Martin 2006؛ Martin 2007).
خامساً، من المرجح أن تكون حملات المقاومة اللاعنفية ناجحة عندما تزيد نفوذها من خلال التنويع التكتيكي (Schock 2005). استخدام تكتيكات مختلفة يعني أن أشكال مختلفة من السلطة المستندة على المواطن يتم سحبها من الدولة، وبالتالي يتم إضعافها على جبهات متعددة. وأيضاً يمكن للتنوع التكتيكي أن يساعد الحركة على الصمود في وجه الفترات القمعية. من خلال التحول من "تكتيكات التركيز"، مثل المظاهرات، إلى "تكتيكات التشتت"، مثل المقاطعة، يمكن للمقاومين أن يظلوا نشطين، مع القليل من الحماية، لأنه من المستحيل تحديد وقمع جميع المشاركين في المقاطعة (Burrowes 1996).
النتائج على المدى الطويل
تظهر هذه الدراسات أن المقاومة اللاعنفية يمكن استخدامها بنجاح لقلب نظام الحكم، ولاسيما الأنظمة الاستبدادية. ومع ذلك، فإن إزالة النظام السياسي السيئ لا يعني أن الحركة قادرة تلقائياً على إقامة شكل جديد أفضل من الحكم، كما لاحظ الكثير من المتشككين. إذن، ما الذي تظهره الأدلة عن النتائج طويلة الأجل عن تغيير النظام من خلال أساليب العنف مقابل أساليب اللاعنف؟ أولاً، وجدت ثلاث دراسات منفصلة أن المقاومة المدنية أوفر حظاً لتعزيز أنظمة ديمقراطية مستدامة مقارنة بنظيراتها العنفية. (Chenoweth and Stephan 2011؛ Johnstad 2010؛ Karatnycky and Ackerman 2005). وجد تشينويث وستيفان أن "احتمال أن تكون الدولة ديمقراطية بعد خمس سنوات من انتهاء الحملة هو 57 % في الحملات اللاعنفية الناجحة، ولكن أقل من 6 % في الحملات العنفية الناجحة" (2011: 213-215).
ووجد جونستاد أن 82.6 % من التحولات السياسية التي وقعت بلا عنف تمكنت من الحفاظ على الديمقراطية، مقارنة مع 52.6 % من التحولات العنفية. وتعزى الاختلافات في هذه الدراسات إلى عينات مختلفة؛ إلا أنها جميعاً تقدم دليلاً على أن التحولات اللاعنفية لديها فرصة أكبر لتأمين ديمقراطيات دائمة ومستقرة. ويرجع ذلك على الأرجح إلى أن مشاركة الحركة يمكن أن تؤدي إلى تنمية المهارات الديمقراطية وتوقع المساءلة الحكومية. كما أن حركات المقاومة اللاعنفية تعزز الاستقرار السياسي لأنها تقلل من فرصة الحرب الأهلية. في دراسة تشنويث وستيفان، 28 % فقط من البلدان التي شهدت انتقالاً غير عنيف شهدت حرباً أهلية في غضون عشر سنوات؛ وعلى النقيض من ذلك، أدت 42 % من التحولات العنفية إلى حرب أهلية لاحقة (2011: 217).
في عينة جونستاد، النتائج كانت صادمة أكثر، ففي الدول التي شهدت تحولات غير عنيفة، 97.5 كانت خالية من الحرب الأهلية، ولكن 50 % فقط من الدول التي شهدت تحولات عنفية كانت كذلك (475: 2010). وتكشف هذه الدراسات أن الأساليب المستخدمة خلال الصراع يمكن أن تشكل بشكل عميق النتائج طويلة الأجل، مما يشكل تحدياً للقول المأثور، "الغاية تبرر الوسيلة".
التحولات التكتيكية من اللاعنف إلى العنف وبالعكس
وهذا مجال آخر للبحث يتعلق بموضوع التحولات التكتيكية. بعض حركات المقاومة المدنية تبدأ باللاعنف ولكن بعد ذلك تتحول إلى العنف. وقد يحدث هذا عن غير قصد، فعلى سبيل المثال، قد تقود حملة القمع المتظاهرين إلى الرد بشكل عنيف بسبب نقص التدريب أو الانضباط أو القيادة القوية (Pearlman 2011). ولكن هناك حالات أخرى يكون فيها القرار متعمداً.
إحدى الدراسات وجدت أن التحول من اللاعنف إلى العنف يمكن أن يكون رداً على القمع الحكومي. في دراستهم لنمور التاميل في سريلانكا وجبهة تحرير مورو الإسلامية في الفلبين، وجد شيلمان، ليفي، ويونغ (2013) أن الحركات أكثر عرضة لاستخدام أساليب العنف عندما يكون القمع الحكومي منخفضاً، ويحتمل أن تلجأ الحركات إلى أساليب غير عنفية عندما يكون قمع الدولة مرتفعاً. لماذا؟ عندما تهاجم الشرطة المتظاهرين بالهروات والكلاب، قد يحتج المتظاهرون بشكل غريزي من خلال رمي الحجارة، على سبيل المثال. ومع ذلك، عندما يتصاعد القمع إلى عمليات الاختطاف والتعذيب وإطلاق النار العشوائي، قد يستخدم الناس أساليب مثل تعطيل العمل، مما يزيد من صعوبة مهمة قوات الدولة باستهدافهم.
وجدت دراسة أخرى أن التحولات التكتيكية قد تكون نتيجة للإحباط من بطء وتيرة التغيير. في دراسته لحركة الحقوق المدنية في إيرلندا الشمالية، وجد غريغوري ماني Gregory Maney (2012) أن النشطاء اعتمدوا الكفاح المسلح للجيش الجمهوري الإيرلندي بسبب "مفارقة الإصلاح"، أي إنهم شعروا بأن النضال اللاعنفي دفع الحكومة البريطانية المسيطرة لتقديم تنازلات، في حين أن بطء تنفيذ تلك الإصلاحات أحبط المقاومة، مما دفعهم إلى الاستنتاج بأن الدولة لم تكن جادة في إحداث تغييرات حقيقية، وإنما مجرد إصلاحات متواضعة. ووجد سانتورو وفتسباتريك Santoro and Fitzpatrick (2015) نمطاً مماثلاً في أواخر الستينيات عندما واجهت حركة الحقوق المدنية الأمريكية "أزمة انتصار".
من المفارقات في هذه الحالات أن نجاحات صغيرة بأسلوب اللاعنف أدت إلى تحول نحو العنف، والذي ظن الناشطون أنه سيحقق نجاحات أكبر. ولكن ما هو الأثر الحقيقي للتحول نحو العنف؟ لا تزال هذه المسألة موضع نقاش. يناقش واسو Wasow (2015) بأن الاحتجاجات السوداء مع حوادث العنف كانت مرتبطة إحصائيا مع انخفاض كبير بنسبة التصويت الديمقراطي خلال الانتخابات الرئاسية 1964 و 1968 و 1972. ساعدت الاحتجاجات السوداء التي ظلت بلا عنف تماماً في زيادة نسبة التصويت الديمقراطي على مستوى الدولة خلال الفترة نفسها. ويخلص إلى أن زيادة الاحتجاج العنيف ولدت رد فعل وقلق متزايد بين البيض فيما يتعلق بالنظام، والتسلسل الهرمي، والسلامة داخل المجموعة. من خلال تحليل السيناريوهات المغايرة، يعتقد واسو أن عدداً أقل من الاحتجاجات العنيفة كان من شأنه أن يؤدي لأن يهزم هوبير همفري Hubert Humphrey ريتشارد نيكسون في الانتخابات الرئاسية عام 1968. وباختصار، في حين أن الحركات قد تكون شعرت بأن التحول نحو العنف من شأنه أن يزيد من مكاسبها، فإن هذا الادعاء مشكوك فيه، في أحسن الأحوال.
دينامية أخرى مثيرة للاهتمام، وهي أن الحركات المسلحة قد تختار أحياناً إلقاء أسلحتها واعتماد استراتيجيات المقاومة المدنية. ما الذي يسبب هذا النوع من التحول التكتيكي؟ يدّعي دودويت Dudouet (2013؛ 2015a) أن التحول قد يكون نتيجة لعوامل الحركة الداخلية. على سبيل المثال، قد يخلص القادة إلى أن الكفاح المسلح لم ينجح، وبالتالي هم على استعداد لمحاولة نهج جديد. قد يدرك القادة أيضاً أنهم أكثر عرضة لتوسيع قاعدة دعمهم إذا كانوا يشاركون في أشكال النضال اللاعنفي. إضافة إلى ذلك، قد يطلب المؤيدون الحاليون تحولاً نحو اللاعنف، لأنهم عادة ما يكونون مؤيدين للمدنيين الذين يعانون أكثر من غيرهم من حملات القمع التي تمارسها الدولة على الأنشطة الثورية. غير أن هذه التحولات التكتيكية قد تكون أيضاً بسبب عوامل خارجية.
فقد تهدد الجماعات الخارجية بحجب الدعم ما لم يتم التعامل مع النزاع بدون عنف. كما أن التحولات السياسية يمكن أن تجعل الصراعات المسلحة أصعب بكثير.
مجالات البحث الأخرى
في حين حظيت قضايا نتائج الحملات اللاعنفية والتحولات التكتيكية بأكبر قدر من الاهتمام، فقد تناول باحثوا المقاومة المدنية مجموعة متنوعة من المسائل الأخرى أيضاً. وتشمل هذه المسائل انتشار التكتيكات والاستراتيجيات والإيديولوجيات غير العنفية في مناطق وحركات أخرى (Chabot 2011; Eddy 2012; Gallo-Cruz 2012; Isaac et al 2012; Scalmer 2011). كما تتضمن أيضاً تحليلاً لتأثير الفاعلين الدوليين على مسار النضال اللاعنفي (Boothe and Smithey 2007; Coy 2011; Dudouet 2015b; Ritter 2015). ودرس آخرون كيف يمكن للهجمات على المقاومين اللاعنفيين أن تؤدي إلى نتائج عكسية، مما يولد مستويات جديدة من الدعم للحملة (Hess and Martin 2006; Martin 2007). وأخيراً، تستكشف العديد من الدراسات كيفية استخدام اللاعنف ضد أهداف ليست متمثلة في الدولة، مثل جماعات الجريمة المنظمة المحلية (Beyerle 2014) أو الأحزاب التي تخوض صراعاً حول لقاحات الأطفال (Martin 2015).
مساهمات هذا العدد
تستند مقالات هذا العدد الخاص على هذا الزخم البحثي، وتعمل على توسعة المباحث المتعلقة بالمقاومة المدنية بعدة طرق هامة. المقال الأول "هل تؤثر التحديات المسلحة المعاصرة على نتائج الحملات الجماعية اللاعنفية؟" يحاول هذا البحث استكشاف تأثير الأجنحة العنفية التي تعمل في نفس الوقت لتحقيق نفس الأهداف التي تسعى جماعات لا عنفية لتحقيقها. وهذا بالطبع ليس موضوعاً جديداً. فقد لاحظ الباحثون لبعض الوقت أن الأجنحة العنفية أو الراديكالية يمكن أن تؤثر إيجابياً على مستوى الدعم الشعبي للحركة اللاعنفية من خلال جعلها تبدو بديلاً أكثر جاذبية أو معقولية مقارنة بنظيراتها المسلحة أو الراديكالية (Haines 1984, 1988; McCammon, Bergner, and Arch 2015). وذهب آخرون إلى أن الجانب العنيف يمكن أن يكون له أثر سلبي من خلال تلويث النضال اللاعنفي.
وقد ينظر كل من الدولة والجمهور إلى المقاومين المدنيين على أنهم إرهابيون، من غير تمييز بين الأجنحة المسلحة وغير المسلحة في النضال، مما يحفز القمع على نطاق واسع، ويؤدي لتشويه سمعة جميع الجماعات المعارضة ( Pearlman 2011; Wasow 2015).
ومع ذلك، كما أشار تشينويث وشوك في بحثهما، فهناك مشاكل مع البحوث السابقة التي تناولت هذا الموضوع. إحدى القضايا هي أن العديد من هذه الدراسات تفشل في الفصل بين آثار الأجنحة العنفية في مقابل آثار الأجنحة الراديكالية. بعبارة أخرى، فإن العديد من الباحثين لا يميزون بين التكتيكات الراديكالية وبين الأهداف أو الإيديولوجيات الراديكالية. تركز مقالة تشينوويث وشوك خاصة على المناهج المستخدمة، أي ما إذا كان فرع يمارس العنف في نفس الوقت لتحقيق نفس الأهداف يضر بحركة غير عنفية. ومسألة أخرى تناولها البحث وهي أن معظم الدراسات المتعلقة بالجوانب الراديكالية قد نتاولت دراسة حالة فردية لحركات الإصلاح الليبرالية في ديمقراطيات راسخة (على سبيل المثال، حركة الحقوق المدنية الأمريكية والحركة النسوية).
يضيف تشينوويث وشوك إلى معارفنا من خلال استخدام بيانات مقارنة لدول مختلفة حول الحركات السياسية المتطرفة، أي الحركات التي تهدف إلى تغيير النظام، وليس الإصلاح. وأخيراً، فشلت الدراسات السابقة في التمييز بين آثار العنف داخل نطاق الحركة (أي قطاعات داخل الحركة التي تتبع أساليب العنف) والعنف خارج نطاق الحركة (أي حركة مسلحة منفصلة تعمل لتحقيق الهدف نفسه). تشنويث وشوك يقدمان تحليلاً قائماً على التجارب الواقعية يصحح هذه المشاكل. كما أنهما يقدمان مساهمة قيمة من خلال النظر في العديد من دراسات الحالة لتحديد الآليات الفاعلة عند وجود الجناح العنيف. ومع ذلك، تكشف بياناتهم أنه ليس من السهل تمييز آثار الجماعات العنفية على النضالات اللاعنفية، وبالتالي فإن النقاش حول ما إذا كان لها تأثير إيجابي أو سلبي هو أبعد ما يكون عن الاكتمال.
بحث آخر في هذا العدد بعنوان "الثورة واللاعنف والانتفاضات العربية" لجورج لوسون الذي يواصل البحث في العوامل التي تشكل نتائج المقاومة المدنية. يؤكد لوسون الأبحاث السابقة من خلال التشديد على أن الدول التي كانت قادرة على السيطرة على أجهزتها القمعية (مثل قوات الأمن) هي التي نجت من الانتفاضات وحافظت على السلطة. وهو يسلط الضوء على السبب الذي جعل بعض الأنظمة معرضة بشكل خاص للانشقاقات، مشيراً إلى أنها "قوية استبدادياً ولكنها ضعيفة في البنية التحتية". وأدى السلوك الاستبدادي إلى جعل حكام مثل الرئيس المصري حسني مبارك عرضة للتحديات من الأسفل، بينما المحاباة المتفاوتة للجيش تجعلهم عرضة الانشقاقات.
بالإضافة إلى تأكيد النتائج السابقة، يقدم بحث لوسون رؤى جديدة حول نتائج حملة المقاومة المدنية. ويؤكد على أهمية التوقيت، مشيراً إلى أن أن انتفاضات الربيع العربي التي جاءت متأخرة كانت في وضع أسوأ لسببين: (أ) إن المقاومين المدنيين يميلون إلى المبالغة في تقدير فرص نجاحهم في الإطاحة بأنظمتهم، استنادا إلى انتصارات الحركات التي انتفضت سابقاً؛ و (ب) تمكن قادة النظام من التعلم من أخطاء المستبدين الذين هُزموا سابقاً. ويلاحظ لوسون أيضاً أن درجة تماسك الحركة يمكن أن تشكل النتائج. ويحلل بشكل خاص اعتماد حركات الربيع العربي على التكنولوجيات الاجتماعية والإعلامية للتوظيف والتعبئة. وقد سهل ذلك المشاركة واسعة النطاق، ولكن المنظمين لم يستخدموا هذه التقنيات لبناء رؤية موحدة لنظام اجتماعي وسياسي بديل.
وقد حد ذلك إلى درجة كبير من قدرتها على تغيير النظام. في الواقع قد يكون من الصعب بناء رؤية موحدة عندما تكون هناك تحالفات متنوعة لها إيديولوجيات وأهداف طويلة الأجل متباينة. ومع ذلك، يخلص لوسون إلى أن نجاح الحركة الثورية اللاعنفية يحتاج إلى تعبئة أعداد كبيرة من المواطنين للإطاحة بالنظام الحالي، ويحتاج إلى رؤية متماسكة داخلياً لتنفيذ نوع جديد من النظام بنجاح. ويجادل قائلا "يجب إيلاء قدر كبير من الاهتمام لتطوير رؤى واستراتيجيات ما بعد الصراع كما هو الحال بالنسبة لبناء حركات المعارضة".
بحثان آخران في هذا العدد الخاص يوسعان معرفتنا بالخيارات التكتيكية. يقول مؤلفوا "اللاعنف سلاح من يملكون الموارد" إن قرار استخدام اللاعنف أو العنف يتشكل إلى حد كبير من خلال أنواع الموارد المتاحة. لاحظ وايت White، فيدوفيتش Vidovic، غونزاليس Gonzalez، وجليديتش Gleditsch، وكونينغهام Cunningham أن المقاومة اللاعنفية تتطلب القدرة على تعبئة أعداد كبيرة من الناس الراغبين في الانخراط في العصيان. في المقابل، المقاومة العنيفة لا تتطلب أعداداً كبيرة. يمكن لمجموعة صغيرة أن تكلف الدولة كثيراً من خلال أعمال العنف المباشرة. وجد وايت والآخرون فيما أسموه "نظرية الموارد للخيار التكتيكي" أن العوامل الهيكلية الاجتماعية، مثل درجة التحضر، وكثافة المجتمع المدني، ومدى الاتصالات الدولية، سوف تؤثر على ما إذا كانت حركة ناشئة ستكون قادرة على تعبئة الجماهير وبالتالي استخدام اللاعنف. فالحركات اللاعنفية هي الأكثر فعالية في المناطق الحضرية، حيث تعتمد الدولة اعتماداً كبيراً على تعاون المواطن لتشغيل أنظمة النقل والاتصالات ومختلف الأعمال التجارية.
ومن ثم، فإن الإضراب العام في مركز حضري سيكون أكثر إضعافاً للنظام من الإضراب في المجتمعات الريفية ذات الاكتفاء الذاتي إلى حد كبير. وعلى العكس من ذلك، تعمل جماعات حرب العصابات عموماً في المناطق الريفية التي يصعب على القوات الحكومية اختراقها ومراقبتها. وبالتالي فحيث يقيم السكان بشكل رئيسي قد يؤثر على الخيارات التكتيكية. وثمة عامل مؤثر آخر هو ما إذا كانت الأمة لديها جماعات إعلامية مستقلة وشبكة كثيفة من المنظمات المدنية. يمكن لمصادر إعلامية مستقلة نشر المعلومات حول الإجراءات اللاعنفية في حين توفر مجموعات المجتمع المدني الروابط الاجتماعية القوية التي تجند المشاركين في حملات المقاومة المدنية. ومن ثم فإن غياب هذه العوامل سيؤدي بالمقاومين نحو الكفاح المسلح. وأخيراً، فإن وايت وزملائه المشاركين يقولون إن الحركات غالباً ما ستكون لا عنفية إذا كانت لديها درجة قوية من الاتصال الدولي. وباختصار، فإن الحركات ستختار اللاعنف إذا اعتقدت أنها تستطيع تعبئة الجماهير؛ وسيختارون أساليب العنف إذا كانوا يعتقدون أن هذه التعبئة الواسعة النطاق مستحيلة بسبب القيود الهيكلية.
البحث الآخر المتعلق بالاختيار التكتيكي هو لـكورت شوك Kurt Schock، الذي يقارن بين اثنين من الحركات اللاعنفية الريفية المتعلقة بالأرض، واحدة في الهند والأخرى في البرازيل. يتساءل شوك لماذا تختار الحركات ذات الأهداف نفسها، مثل إعادة توزيع الأراضي، تكتيكات لاعنفية مختلفة. تكملة لتركيز وايت والآخرون على العوامل الهيكلية، يؤكد شوك على تأثير التاريخ والثقافة على الخيارات التكتيكية. يناقش على وجه الخصوص بأن الحركات سوف تختار التكتيكات التي تعكس إيديولوجيتها وثقافتها. مجموعة حقوق الأرض الهندية (إيكتا باريشاد Ekta Parishad) تعتمد بشكل كبير على المسيرات الطويلة على الأقدام، المعروفة باسم بادياترا padayatra، لأن هذا الأسلوب مشابه لأسلوب الحج الروحي الهندوسي.
وعلاوة على ذلك، لأن (إيكتا باريشاد) هي منظمة غاندية، فقد رأوا أن المسيرات على الأقدام تتفق مع إيديولوجية ساتيغراها، أو قوة الحقيقة، التي تهدف إلى إقناع المعارضين. وقد صممت مسيرات القدم لتوليد تغطية إعلامية من شأنها أن تعرض المظالم، وتدفع الحكومة نحو الحوار والمفاوضات. وعلى النقيض من ذلك، فإن حركة العمال الذين لا يملكون أرضاً في البرازيل Landless Workers’ Movement (MST) ليست غاندية، بل متأثرة بالماركسية وبلاهوت التحرير الذي يؤكد على ضرورة العمل المباشر.
لذلك تستخدم هذه الحركة تكتيكاً مختلفاً، وهو الاعتصام على الأرض التي لهم حق قانوني بها. وعلاوة على ذلك، فإن وضع اليد على الأراضي هو شكل من أشكال المقاومة طويلة الأمد وصيغة من صيغ المقاومة المألوفة ثقافياً في أمريكا اللاتينية. وأخيراً، يقول شوك إن الحركات قد تختار تكتيكات غير عنفية محددة استناداً على آليات التغيير التي يرغبون باستخدامها. الحركة الغاندية تهدف لإحداث تغيير في الخصم، وذلك من خلال التزامها بمبادئ اللاعنف، بينما حركة البرازيل تستعمل الإكراه اللاعنفي لأنها أخذت نهجاً لا عنفياً براغماتياً. يكشف بحث شوك، إضافة إلى بحث وايت والآخرون، أن الخيارات التكتيكية تتأثر بعوامل كثيرة، وليست مسألة ذوق وتفضيلات المقاومين.
البحثان الأخيران يقدمان تقييماً نقدياً لدراسات المقاومة المدنية. في بحث "ديناميكيات المعرفة اللاعنفية"، يوضح بريان مارتن Brian Martin لماذا تم تهميش هذا الحقل داخل الأوساط الأكاديمية، ولماذا لا تزال هناك أفكار خاطئة حول الأبحاث اللاعنفية. هنا يشير إلى الافتراضات الكامنة لكثير من علماء الاجتماع، وهذه قد تشكل انفتاحهم (أو عدم انفتاحهم) على هذا الحقل من الدراسة. ويُسائل أيضا باحثي المقاومة المدنية أنفسهم عن السبب في اقتصار تركيزهم على التحديات اللاعنفية ضد الأنظمة السلطوية. بحصر تركيزهم في هذا المجال الضيق أهمل علماء المقاومة المدنية مواضيع مهمة، مثل الانتقال من الإطاحة اللاعنفية بالأنظمة إلى توطيد نظام سياسي جديد.
وأخیراً، يشير مارتن للأدوار المختلفة التي قد يقوم بها باحثوا اللاعنف. وهو يتحدى التصور العام بأن باحثي اللاعنف يبشّرون بدلاً من أن ينتجوا عملاً أكاديمياً مشروعاً. ويلاحظ أن علماء المقاومة المدنية قاموا بأدوار مختلفة، من مجرد محللين إلى مناصرين ناشطين، بشكل يشبه كثيراً باحثي الحركات الاجتماعية. وباختصار، فإن بحث مارتن يثير التساؤلات حول التحيزات التي قد تكون منعت الأكاديميين من أخذ هذا المجال المزدهر للبحث على محمل الجد.
والمساهمة الأخيرة في هذا العدد بعنوان "تفكيك الرؤية الإستعمارية للمقاومة المدنية"، تتأمل أيضاً بالحالة الراهنة للميدان. وعلى النقيض من مقال مارتن، الذي ينظر في المقام الأول إلى كيفية تأثير أفكار الخارجين عن الحقل على آرائهم في أبحاث اللاعنف، فإن شون شابوت Sean Chabot وستيلان فينتاجين Stellan Vinthagen يتناولان التحيزات الموجودة مسبقاً لدى العاملين من داخل الحقل. ويلاحظ الباحثان أن الكتاب الأمريكيين والأوروبيين سيطروا على الميدان، وأنشأوا "سرداً كبيراً" مهيمناً، ومستبعداً للمنظورات الأخرى. هذا السرد الكبير يفترض أن جميع نضالات المقاومة المدنية تستخدم العمل اللاعنفي العملي على أمل استبدال نظام استبدادي وإنشاء دولة ديمقراطية ليبرالية. ومع ذلك، وكما يشير شابوت وفينتاجن، ليس كل صراعات المقاومة المدنية تشترك في هذه الأهداف أو تتبني أساليب شارب الاستراتيجية.
وعلاوة على ذلك، يلاحظ المؤلفان أن التركيز شبه الحصري على الإطاحة بالمستبدين، دون القيام في الوقت نفسه بالشروع بـ "برنامج بنائي"، يعني أحياناً أن الحركات اللاعنفية تمهد الطريق دون قصد لتجذر النظم النيوليبرالية الإستغلالية الجديدة. ومع ذلك، لا يزال هذا السرد الكبير مستمراً، مما يولد ثلاثة تحيزات رئيسية في الميدان: (1) التركيز على السياسة المثيرة للنزاع أكثر من السياسة البناءة؛ (2) التركيز على العقلانية الاستراتيجية أكثر من الطموحات الأخلاقية؛ و (3) التركيز على تحقيق الأهداف الغربية بالديمقراطية الليبرالية بدلاً من تفكيك الرؤية الغربية لتحرير الإنسان.
واستناداً إلى أفكار غاندي وفرانتز فانون، يظهر المؤلفان أن العديد من الحركات لا تتناسب تماماً مع النهج الغربي للمقاومة المدنية. ومن هنا يدعو شابوت وفينتاجين الباحثين في مجال اللاعنف للاعتراف بالنقاط التي تجاهلوها بسبب ايديولوجياتهم ومبادئهم النظرية، والبدء في تفكيك هذا "السرد الكبير".
الخاتمة:
يقدم هذا العدد الخاص دراسات جديدة مستمدة من التجارب العملية وتأملات نظرية تضيف إلى معرفتنا الحالية لحقل تطوّر على مدى عقود. كما أنه يتيح فرصة للتفكير في أين بدأ الحقل، وكيف تطور بمرور الوقت، وما هي التحيزات التي شكلت مسار البحث. هذا وقت مثير للباحثين في اللاعنف، بالنظر إلى الطاقة الجديدة، والحماس، والاهتمام الذي أثاره مؤخراً هذا الحقل من الدراسة. ولكن مع استمرار تطور الحقل، ينبغي لنا أن نواصل صياغة خطوط جديدة للحوار عبر الحقول الفرعية وأن ننظر بعمق في الافتراضات التي قد نقدمها. من خلال هذا التفكير والحوار يمكن للحقل أن يبقى حياً، ومحفزاً لمجالات جديدة من البحث ولنماذج نظرية جديدة. ببساطة، هذا المجلد يسهم في المرحلة القادمة من البحث عن اللاعنف أو المقاومة المدنية.
المراجع:
Ackerman, Peter and Jack Duvall. 2000. A Force More Powerful: A Century of Nonviolent Conflict. Basingstoke, UK: Palgrave.
Ackerman, Peter, and Christopher Kruegler. 1994. Strategic Nonviolent Conflict: The Dynamics of People Power in the Twentieth Century. Westport, CT: Praeger.
Atack, Ian. 2012. Nonviolence in Political Theory. Edinburgh: Edinburgh University Press.
Bartkowski, Maciej (ed). 2013. Recovering Nonviolent History: Civil Resistance in Liberation Struggles. Boulder, CO: Lynne Rienner.
Beyerle, Shaazke. 2014. Curtailing Corruption: People Power for Accountability and Justice. Boulder, CO: Lynne Rienner.
Bartlett, Thomas. 2010. Ireland: A History. Cambridge: Cambridge University Press.
Bondurant, Joan. 1958. Conquest of Violence: The Gandhian Philosophy of Conflict. Princeton, NJ: Princeton University Press.
Boothe, Ivan, and Lee A. Smithey. 2007. “Privilege, Empowerment and Nonviolent Intervention.” Peace and Change 32(1): 39-61.
Brown, Judith M. 1972. Gandhi’s Rise to Power. Cambridge: Cambridge University Press.
———. 1977. Gandhi and Civil Disobedience: The Mahatma in Indian Politics, 1928-1934. Cambridge: Cambridge University Press.
Burrowes, Robert J. 1996. The Strategy of Nonviolent Defense: A Gandhian Perspective. Albany, NY: SUNY Press.
Case, Clarence. 1923. Nonviolent Coercion: A Study in the Methods of Social Pressure. New York: Century.
Carter, April. 2012. People Power and Political Change: Key Issues and Concepts. New York: Routledge.
Celestino, Mauricio Rivera, and Kristian Skrede Gleditsch. 2013. “Fresh Carnations or All Thorn, No Rose? Nonviolent Campaigns and Transitions in Autocracies.” Journal of Peace Research 50(3): 385-400.
Chabot, Sean. 2011. Transnational Roots of the Civil Rights Movement: African American Explorations of the Gandhian Repertoire. Lanham, MD: Lexington Books.
Chenoweth, Erica, and Maria Stephan. 2011. Why Civil Resistance Works: The Strategic Logic of Nonviolent Conflict. New York: Columbia University Press.
Cooney, Robert and Helen Michalowski. 1977. The Power of the People: Active Nonviolence in the United States. Culver City, CA: Peace Press Inc.
Coy, Patrick. 2011. “The Privilege Problematic in International Nonviolent Accompaniment’s Early Decades.” Journal of Religion, Conflict, and Peace 4(2) [online]
Cunningham, Kathleen Gallagher. 2013. “Understanding Strategic Choice: The Determinants of Civil War and Nonviolent Campaign in Self-Determination Disputes.” Journal of Peace Research 50(3): 291-304.
Dalton, Dennis. 1993. Mahatma Gandhi: Nonviolent Power in Action. New York: Columbia University Press.
Dudouet, Veronique. 2013. “Dynamics and Factors of Transition from Violent to Nonviolent Resistance. Journal of Peace Research 50: 401-413.
———. 2015a. Civil Resistance and Conflict Transformation: Transitions from Armed to Nonviolent Struggle. New York: Routledge.
———. 2015b. “Sources, Functions, and Dilemmas of External Assistance to Civil Resistance Movements.” Pp. 168-199 in Civil Resistance: Comparative Perspectives on Nonviolent Struggle, edited by Kurt Schock. Minneapolis: University of Minnesota Press.
Eddy, Matthew. 2012. “When Your Gandhi is not My Gandhi: Memory Templates and Limited Violence in the Palestinian Human Rights Movement.” Research in Social Movements, Conflict, and Change 34: 185-211.
Gallo-Cruz, Selina. 2012. “Organizing Global Nonviolence: The Growth and Spread of Nonviolent INGOs, 1949-2003.” Research in Social Movements, Conflict, and Change 34: 213-256.
Gould, John, and Edward Moe. 2012. “Beyond Rational Choice: Ideational Assault and the Strategic Use of Frames in Nonviolent Civil Resistance. Research in Social Movements, Conflict, and Change 34: 123-151.
Gregg, Richard. 1935. The Power of Nonviolence. London: George Routledge.
Haines, Herbert H. 1984. “Black Radicalization and the Funding of Civil Rights: 1957-1970.” Social Problems 32 (1): 31-43.
———. 1988. Black Radicals and the Civil Rights Mainstream, 1954-1970. Knoxville: University of Tennessee Press.
Hallward, Maia, and Julie Norman (eds). 2015. Understanding Nonviolence. Cambridge, UK: Polity Press.
Hess, David, and Brian Martin. 2006. “Repression, Backfire, and the Theory of Transformative Events.”
Howes, Dustin Ells. 2013. “The Failure of Pacifism and the Success of Nonviolence.” Perspectives on Politics 11(2): 427-446.
———. 2015. “Defending Freedom with Civil Resistance in the Early Roman Republic.” Pp. 203-226 in Civil Resistance: Comparative Perspectives on Nonviolent Struggle, edited by Kurt Schock. Minneapolis: University of Minnesota Press.
Isaac, Larry, Daniel B. Cornfield, Dennis C. Dickerson, James M. Lawson, and Jonathan S. Coley. 2012. “‘Movement Schools’ and the Dialogical Diffusion of Nonviolent Praxis: Nashville Workshops in the Southern Civil Rights Movement.” Research in Social Movements, Conflict, and Change 34: 155-184.
Jasper, James. 2006. Getting Your Way: Strategic Dilemmas in the Real World. Chicago: University of Chicago Press.
Johnstad, Petter Grahl. 2010. “Nonviolent Democratization: A Sensitivity Analysis of How Transition Mode and Violence Impact the Durability of Democracy.” Peace and Change 35(3): 464-482.
Karatnycky, Adrian and Peter Ackerman. 2005. How Freedom is Won: From Civil Resistance to Durable Democracy. Washington, DC: Freedom House Report.
Lynd, Staughton and Alice Lynd (eds.). 1995. Nonviolence in America: A Documentary History. Maryknoll, NY: Orbis Books.
Maney, Gregory. 2012. “The Paradox of Reform: The Civil Rights Movement in Northern Ireland.” Research in Social Movements, Conflict, and Change 34: 3-26.
Maney, Gregory, Rachel Kutz-Flamenbaum, Deana Rohlinger, and Jeff Goodwin. 2012. Strategies for Social Change. Minneapolis: University of Minnesota Press.
Martin, Brian. 2007. Justice Ignited: The Dynamics of Backfire. Lanham, MD: Rowman & Littlefield.
———. 2015. Nonviolence Unbound. Sparsnäs, Sweden: Irene Publishing.
May, Todd. 2015. Nonviolent Resistance: A Philosophical Introduction. Cambridge, UK: Polity Press.
McAllister, Pam (ed.). 1982. Reweaving the Web of Life: Feminism and Nonviolence. Philadelphia: New Society.
McCammon, Holly J., Erin M. Bergner, and Sandra C. Arch. 2015. “Are You One of Those Women? Within-Movement Conflict, Radical Flank Effects, and Social Movement Political Outcomes.”
McManus, Philip and Gerald Schlabach (eds.). 1991. Relentless Persistence: Nonviolent Action in Latin America. Philadelphia, PA: New Society Publishers.
Nepstad, Sharon Erickson. 2011. Nonviolent Revolutions: Civil Resistance in the Late 20th Century. New York: Oxford University Press.
———. 2013. “Mutiny and Nonviolence in the Arab Spring: Exploring Military Defections and Loyalty in Egypt, Bahrain, and Syria.” Journal of Peace Research 50(3): 337-349.
———. 2015. Nonviolent Struggle: Theories, Strategies, and Dynamics. New York: Oxford University Press.
Nepstad, Sharon Erickson, and Lester Kurtz (eds). 2012. Nonviolent Conflict and Civil Resistance. Oxford, UK: Elsevier Publishing.
Nikolayenko, Olena. 2012. “Tactical Interactions Between Youth Movements and Incumbent Governments in Post-Communist States.” Research in Social Movements, Conflict, and Change 34: 27-61.
Pearlman, Wendy. 2011. Violence, Nonviolence, and the Palestinian National Movement. New York: Cambridge University Press.
Powers, Roger S, William B. Vogele, Christopher Kruegler and Ronald M. McCarthy (eds). 1997. Protest, Power and Change: An Encyclopedia of Nonviolent Action from ACT-Up to Women’s Suffrage. New York: Garland.
Ritter, Daniel. 2015. The Iron Cage of Liberalism: International Politics and Unarmed Revolutions in the Middle East and North Africa. Oxford, UK: Oxford University Press.
Santoro, Wayne and Max Fitzpatrick. 2015. “‘The Ballot or the Bullet’: The Crisis of Victory and the Institutionalization and Radicalization of the Civil Rights Movement.” Mobilization 20 (2).
Scalmer, Sean. 2011. Gandhi in the West: The Mahatama and the Rise of Radical Protest. Cambridge: Cambridge University Press.
Schock, Kurt. 2005. Unarmed Insurrections: People Power Movements in Nondemocracies. Minneapolis: University of Minnesota Press.
———. 2015a. Civil Resistance Today. Cambridge, UK: Polity Press.
———. 2015b. Civil Resistance: Comparative Perspectives on Nonviolent Struggle. Minneapolis: University of Minnesota Press.
Shellman, Stephen M., Brian P. Levey, and Joseph K. Young. 2013. “Shifting Sands: Explaining and Predicting Phase Shifts by Dissident Organizations.” Journal of Peace Research 50(3): 319-336.
Sharp, Gene. 1973. The Politics of Nonviolent Action, Volumes I-III. Boston: Porter Sargent.
_____. 1990. The Role of Power in Nonviolent Struggle. Cambridge, MA: Albert Einstein Institute.
Wasow, Omar. 2015. “Nonviolence, Violence and Voting: Effects of the 1960s Black Protests on White Attitudes and Voting Behavior.” Unpublished paper.
Wehr, Paul, Heidi Burgess, and Guy Burgess (eds.). 1994. Justice Without Violence. Boulder, CO: Lynne Rienner Publishers.
Zunes, Stephen, Lester R. Kurtz, and Sarah Beth Asher (eds.). 1999. Nonviolent Social Movements: A Geographical Perspective. Oxford: Blackwell.
[2] jiu-jitsu هو منهج للدفاع عن النفس تم تطويره في اليابان ويعتمد بشكل أساسي على نقاط قوة ونقاط ضعف الخصم لهزيمته دون استخدام وسائل وأدوات للقتال.
ناصر ضميرية
باحث في الدراسات الإسلامية. جامعة مكجيل، كندا.