ربما لم توجد ثورةٌ واجهت من المشكلات والمعضلات بقدر ما واجهت ثورة السوريين، فهي طويلة جداً بالقياس للثورات المماثلة، أي التي تتوخّى إسقاط نظام سياسي. وهي ثورة مستحيلة لأنها انطلقت من نقطة الصفر تقريباً،
ليس ممكناً الحديث عن العالم اليوم - كل العالم - من دون أن نصف التنامي الفظيع للعنف فيه. عنفٌ منفلتٌ تماماً، يغلب عليه طابع الذاتية والتلقائية. بالإمكان أيضاً ملاحظة خاصيّةٍ جديدةٍ لهذا المشهد، إنها عدم التشكل، أو النزوع نحو اللاشكلانية، فهذا العالم لم يعد يتشكلُ بالعنف، ولم تعد حدوده تَرتسم به، بل على العكس من ذلك، فإن العنف يدفعُ العالم إلى الذوبان. ليس هناك امبراطوريات تتشكل ولا حدود جديدة لهذا العالم، الواقع أن العالم فقط يأكل نفسه.
قامت كثيرٌ من الجهات السياسية خلال السنوات الثلاثة الماضية بالإعلان عن إنشاء العديد من الأحزاب السياسية في سوريا، كان آخرها (حزب الجمهورية)، وسبقه حزب وعد (الحزب الوطني للعدالة والدستور)، وحزب العدالة السوري.
ولدتُ في حارةٍ عشوائية مقابل مقبرة الدحداح بدمشق بناها المهاجرون الألبان القادمون من يوغسلافيا في ثلاثينات القرن الماضي، حيث بنوا فيها "جامع الأرناؤوط" الذي لايزال صامداً وسط التحديث العمراني الذي لحق بتلك المنطقة، وخاصة بعد شقّ "شارع حلب" الذي فصلها عن "شارع بغداد". ومع ذلك، كان لابد من عبور شارع بغداد للوصول إلى الخدمات (التعليم والصحة الخ).