ديناميكيات الثورة السورية والآداء الاحتجاجي: اللاّحركات الاجتماعية والفضاء العمومي المعارض، الجزء الأول
اعتمادا على هذا التمايُز المفاهيمي والاطروحات الجديدة لفهم طبيعة الاحتجاج، تعتمد هذه الدراسة على قراءة آصف بيّات Asef Bayat للحركات الاحتجاجية في دول الربيع العربي، وخاصة منها تلك المتعلقة بما أسماه باللاّحركات الاجتماعية التي تسمح بإمكانية تجاوز الأنا والطائفة والهوية والعرق والمذهب، كما نستعين بمفهوم "الاصلاثورات Refolutions"* لتفكيك الأبعاد السياسية والثقافية للموجة الثانية من الحراك الاحتجاجي.
مقدمة
أثارت الحركات الاحتجاجية التي عاشت على وقعها الدولة السورية، إمكانية التفكير في استئناف المسار الثوري وإعادة تحيين ورفع مطلب اسقاط النظام وتغيير البنية السياسية. حيث تبيّن من خلال سيرورة الاحتجاج ، إمكانية تواصل الموجة الأولى من "الربيع العربي مع توظيف نفس الممارسات الجماعية "[1] .تمكّنت هذه الموجة من الاحتجاج من انتاج حالة ضاغطة، تُشرعن وتفرضُ واقعا جديدا من خلال الفعل الجمعي Collective actions ، كما عملت على تغيير ملامح الواقع السياسي، الذي واجه قضايا مُعقّدة لم تعُد "قابلة للحل بواسطة أدوات الدولة"[2] ببنيتها السياسية وأُطُرها الاجتماعية في حالة 'نظام البعث' في سوريا وطبيعة 'الدولة البريتوريّة' The Praetorian State. في هذا السياق، وظّفت الاحتجاجات "كيانات ورموز وهويات وممارسات […] من أجل إحداث تغييرات في علاقات القوى المُؤسّسية الراسخة"[3] ، مُستفيدة من "فرصة للمراقبة و […]تجنُّب أوجه القصور للثورات التي أتت قبلها"[4]. في سياق استعراض طبيعة النظام وشكل الحكم في سورية، يتمركز الصراع بين مراكز القوى داخل السلطة حول مسألة الحكم عبر توظيف شرعيات 'الممانعة' و'المقاومة' و'التصحيح' وغيرها من دلالات "الدولة الثكنة"[5] وفق هارولد لازويل Harold Lasswell. من جانب آخر، تبدو طبيعة البنية الاجتماعية في سورية مُؤهلة للاحتجاج بحكم ما يُمكن تسميته بنوع من الدُّربة الاحتجاجية أو التعوُّد على الصراع السياسي. حيث يحفظُ التاريخ السياسي للدولة السورية تجارب احتجاجية ودورات من المواجهة ضد النظام الحاكم[6].
ترافقت هذه 'الدُربة' الاحتجاجية مع صراعات عميقة داخل مؤسسة الحكم، مع ترسيخ الزبونية السياسية والولاءات الشخصية، حيث ظهرت صراعات الفاعلين داخل النسق الواحد أثناء الموجة الأولى من الاحتجاج[7] وبموازاة حالة الصراع وتداخل الفاعلين على الأرض. يسمح هذا العرض الاسترجاعي لأهم الأحداث السياسية في سورية بفهم كيفيّة "انتاج أحداث الماضي لأبنية الحاضر" [8] وإعادة انتاج تلك الأحداث ضمن سياق مُختلف بشروط وآليات وكيفيات مُغايرة، تتخلّص من تناقضات الماضي و تُعيد تشكيل الحاضر تحت وقع الاحتجاج الواسع. كما تُثير تفاصيل الاحتجاج، مُفارقات العلاقة بين المؤسسة العسكرية من جانب تحكُّمها في العملية السياسية من جهة وبالتالي توجُّه الاحتجاج نحو الطبقة السياسية التي ترتبط عُضويّا بالجيش، ومن ناحية أخرى، تولّي المؤسسة العسكرية إسقاط أو وضع حد لوجود تلك النخب السياسية في دائرة السلطة. في نفس السياق، نتوقف عند دلالات الاحتجاج داخل البنية الاجتماعية والسياسية للمجتمع السوري. في هذا الإطار، تتقاطع العديد من الأطروحات والمقاربات التي تسعى الى تفسير كيفيّة انتاج وحدوث التغيُّرات السياسية والاجتماعية وسياقاتها ونتائجها. فبين "الفهم المجتمعي المُشترك الذي يمتزج بالعاطفة، وبين الفهم السوسيولوجي الذي يُقدّم افتراضات تفسيريّة تُسمّى نظرية الثورة"، [9] تُثير الاحتجاجات في سورية مجموعة من الفرضيات والقراءات التي تسعى الى فهم ما حصُل ولمحاولة تفسيره، من خلال البحث في طبيعة العلاقات بين الفاعلين من داخل الاحتجاج ومن خارجه، ومدى تأثير تلك العلاقات على سيروة الاحتجاج ضمن البيئة الاحتجاجية التي وجّهت "التعبئة الاجتماعية[…] نحو إدماج أكبر قدر ممكن من المواطنين في العملية السياسية"[10].
إذا كانت الموجة الأولى من الربيع العربي قد وفّرت الإطار الأمبيريقي لاختبار مقاربات الانتقال الديمقراطي، وفحص إمكانية توجيه السياسة "نحو احتواء نمط جديد من الأهداف والاحتياجات وخلق أنماط جديدة من التنظيمات"[11]، فإن الموجة الثانية من الحراك الاحتجاجي، قد تلوّنت بدلالات جديدة بلورت "أرضيّة مُشتركة بين الفاعلين المختلفين، لتكتسب تأييد قطاع كبير من المواطنين"[12]، وخلقت مُواصفاتها المُختلفة ومفاهيمها المُستحدثة وتفسيراتها التي تستجيب لظهور "فاعلين جُدد وصراعات جديدة وصُور مُكوّنة للأنا والجماعات"[13]. لذلك، لم تعُد مُقاربات علم الانتقال الديمقراطي Transitologie La مثل نظرية التحديث Modernzation مع سيمور مارتن ليبست Seymour Martin Lipset [14]أو نظرية الفاعلين السياسيين (استراتيجيات النخب) عند دانكوارت رستو Dankwart Rustow [15]و بارينغتون موور Barrington Moore [16]وكذلك النظرية الهيكلية –البنيوية مع تيدا سكوكبول [17]Theda Skocpol، كافية –نظريّا – لإدراك تلك التحوُّلات والفاعلين من داخلها ومُعطياتها الجديدة وظروف تشكُّل الاحتجاج ومطالبه ومضامينه. لذلك، يُعاد التفكير في موجة الاحتجاج في سورية انطلاقا من مفاهيم وأطروحات تختلف عن تلك التي حاولت مُقاربة الموجة الأولى من احتجاجات 2011.
ترافقت هذه 'الدُربة' الاحتجاجية مع صراعات عميقة داخل مؤسسة الحكم، مع ترسيخ الزبونية السياسية والولاءات الشخصية، حيث ظهرت صراعات الفاعلين داخل النسق الواحد أثناء الموجة الأولى من الاحتجاج[7] وبموازاة حالة الصراع وتداخل الفاعلين على الأرض. يسمح هذا العرض الاسترجاعي لأهم الأحداث السياسية في سورية بفهم كيفيّة "انتاج أحداث الماضي لأبنية الحاضر" [8] وإعادة انتاج تلك الأحداث ضمن سياق مُختلف بشروط وآليات وكيفيات مُغايرة، تتخلّص من تناقضات الماضي و تُعيد تشكيل الحاضر تحت وقع الاحتجاج الواسع. كما تُثير تفاصيل الاحتجاج، مُفارقات العلاقة بين المؤسسة العسكرية من جانب تحكُّمها في العملية السياسية من جهة وبالتالي توجُّه الاحتجاج نحو الطبقة السياسية التي ترتبط عُضويّا بالجيش، ومن ناحية أخرى، تولّي المؤسسة العسكرية إسقاط أو وضع حد لوجود تلك النخب السياسية في دائرة السلطة. في نفس السياق، نتوقف عند دلالات الاحتجاج داخل البنية الاجتماعية والسياسية للمجتمع السوري. في هذا الإطار، تتقاطع العديد من الأطروحات والمقاربات التي تسعى الى تفسير كيفيّة انتاج وحدوث التغيُّرات السياسية والاجتماعية وسياقاتها ونتائجها. فبين "الفهم المجتمعي المُشترك الذي يمتزج بالعاطفة، وبين الفهم السوسيولوجي الذي يُقدّم افتراضات تفسيريّة تُسمّى نظرية الثورة"، [9] تُثير الاحتجاجات في سورية مجموعة من الفرضيات والقراءات التي تسعى الى فهم ما حصُل ولمحاولة تفسيره، من خلال البحث في طبيعة العلاقات بين الفاعلين من داخل الاحتجاج ومن خارجه، ومدى تأثير تلك العلاقات على سيروة الاحتجاج ضمن البيئة الاحتجاجية التي وجّهت "التعبئة الاجتماعية[…] نحو إدماج أكبر قدر ممكن من المواطنين في العملية السياسية"[10].
إذا كانت الموجة الأولى من الربيع العربي قد وفّرت الإطار الأمبيريقي لاختبار مقاربات الانتقال الديمقراطي، وفحص إمكانية توجيه السياسة "نحو احتواء نمط جديد من الأهداف والاحتياجات وخلق أنماط جديدة من التنظيمات"[11]، فإن الموجة الثانية من الحراك الاحتجاجي، قد تلوّنت بدلالات جديدة بلورت "أرضيّة مُشتركة بين الفاعلين المختلفين، لتكتسب تأييد قطاع كبير من المواطنين"[12]، وخلقت مُواصفاتها المُختلفة ومفاهيمها المُستحدثة وتفسيراتها التي تستجيب لظهور "فاعلين جُدد وصراعات جديدة وصُور مُكوّنة للأنا والجماعات"[13]. لذلك، لم تعُد مُقاربات علم الانتقال الديمقراطي Transitologie La مثل نظرية التحديث Modernzation مع سيمور مارتن ليبست Seymour Martin Lipset [14]أو نظرية الفاعلين السياسيين (استراتيجيات النخب) عند دانكوارت رستو Dankwart Rustow [15]و بارينغتون موور Barrington Moore [16]وكذلك النظرية الهيكلية –البنيوية مع تيدا سكوكبول [17]Theda Skocpol، كافية –نظريّا – لإدراك تلك التحوُّلات والفاعلين من داخلها ومُعطياتها الجديدة وظروف تشكُّل الاحتجاج ومطالبه ومضامينه. لذلك، يُعاد التفكير في موجة الاحتجاج في سورية انطلاقا من مفاهيم وأطروحات تختلف عن تلك التي حاولت مُقاربة الموجة الأولى من احتجاجات 2011.
اعتمادا على هذا التمايُز المفاهيمي والاطروحات الجديدة لفهم طبيعة الاحتجاج، تعتمد هذه الدراسة على قراءة آصف بيّات Asef Bayat للحركات الاحتجاجية في دول الربيع العربي، وخاصة منها تلك المتعلقة بما أسماه باللاّحركات الاجتماعية التي تسمح بإمكانية تجاوز الأنا والطائفة والهوية والعرق والمذهب، كما نستعين بمفهوم "الاصلاثورات Refolutions"* لتفكيك الأبعاد السياسية والثقافية للموجة الثانية من الحراك الاحتجاجي. تجاوبا مع نفس آليات التحليل، تعتمد الورقة على مقولات "الزحف الهادئ للمُعتاد" لفهم تناقضات الواقع الاجتماعي والسياسي في الدولة السورية، وبوصفه(الواقع) حافزا على الاحتجاج، ودلالة "اللاّصمت واللاّعنف" باعتبارها السمة التي طبعت موجات الاحتجاج. بالإضافة الى الاستعانة بمداخل تفسيرية مثل نظرية تعبئة الموارد ونظرية التأطير والفرصة السياسية والفضاء العمومي المعارض؛ وذلك لمعالجة الإشكالية التي يطرحها هذا البحث المُتعلّقة بإختبار المفاهيم والأطروحات التي قاربت سياقات الاحتجاج في سورية، واستنطاق أدوارها في فهم الموجة الثانية من الاحتجاجات، وأيضا قُدرة تلك النظريات على الكشف على أسباب وكيفيات ظهورها. وفي جزء آخر، دلالات وحدود المفاهيم الجديدة مثل اللاّحركات الاجتماعية والفضاء العمومي المعارض والزحف الهادئ للمعتاد واللاّصمت واللاّعنف، في عملية اكتشاف الفاعلين من داخل الاحتجاج وطبيعته وما وظّفته هذه الموجة من وسائل وآليات للحشد والتعبئة، وكيفيات اخراج المشهد الاحتجاجي داخل الفضاء العمومي المعارض باعتباره الركح المُحتضن لتلك الموجة الاحتجاجية.
أولا: سوسيولوجيا الحراك الاحتجاجي في سورية
طالبت الثورة السورية بإحداث تغيير سياسي واجتماعي، مع سعى المُحتجين لتأمين المقدمات لطرح الحلول للمسألة السياسية والاجتماعية وإعادة ترتيب العلاقات بين الدولة والمجتمع. واجهت هذه الاحتجاجات نظاما سياسيا مُغلقا وأزمات اقتصادية عميقة وضعت سياسات النظام وايديولوجيته موضع تساؤل[18]، حيث تسبّبت النظام في بروز تصدُّعات بُنيويّة وقيميّة وسياسيّة[19] انعكست على طبيعة العلاقات الاجتماعية من خلال خلق التبايُنات والانقسام الاجتماعي. تُوضح دراسة سيمور مارتن ليبست Seymour Martin Lipset وستين روكان Stein Rokkan [20] تأثير هذه التصدعات وأدوارها في خلق وتعميق الانقسامات والاصطفافات السياسيّة والصراعات التي تُوظّف مُعطى الهوية والطائفة وغيرها من آليات الصراع الاجتماعي. غير أن بنية الموجة الاحتجاجية في سورية بما هي حركة "ارتبطت مطالبها بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية"[21]، قدّمت الأجوبة الواضحة على أسئلة الهوية والطائفة والقبليّة، من خلال الانهماك في "عملية تحرير "[22] كما أسماها آصف بيّات Asef Bayat.
توجّهت "عملية التحرير" في اتجاه تخليص السياسة من التداخل بين الدولة والشخص، أو بين الدولة ومؤسساتها من جهة، وبين النظام الحاكم والمؤسسات الموازية للدولة. في هذا السياق، بلور هذا الحراك "شكلا من أشكال العمل الجماعي المُتضافر […] للدفاع عن مصلحة مشتركة"[23] مع تميُّزه بثلاثة عناصر، تمثّل "العنصر الأول في رفع مطلب مُحدّد ومُنظّم؛ أما العنصر الثاني فشمل الأفعال السياسية التي تتمثّل في تكوين الروابط واللقاءات العامة والتصريحات الإعلامية والمسيرات في الشوارع "[24]. في حين اهتم العنصر الثالث بالتمثيلات العامة المُتعلّقة بجدارة القضية مثل وحدة الحركة وأعداد المُنضمّين لها ومستوى الالتزام بها"[25]. اتجهت الاحتجاجات نحو تفعيل مطلب واضح تلخّص في الدعوة الى اسقاط النظام وضرورة "توفير الشروط الضرورية لتأسيس الممارسة الديمقراطية وتأكيد قيمها وتجديد ممارستها"[26]، من أجل تأمين الانتقال السياسي والتخلُّص من البناء السياسي المُضاد للحرية والذي كان نتاجا للتصدعات البُنيويّة والقيميّة والسياسية التي أنتجها نظام البعث. يُبيّن تقييم السوريين للوضع السياسي في سورية،[27] تدنّي الثقة في الوضع السياسي مما ينعكس على "تآلُف المُكوّنات الاجتماعية حول فكرة الدولة والسياسة"[28]، كما تُؤشر علية الأرقام الواردة في الشكل (1)[29].
توجّهت "عملية التحرير" في اتجاه تخليص السياسة من التداخل بين الدولة والشخص، أو بين الدولة ومؤسساتها من جهة، وبين النظام الحاكم والمؤسسات الموازية للدولة. في هذا السياق، بلور هذا الحراك "شكلا من أشكال العمل الجماعي المُتضافر […] للدفاع عن مصلحة مشتركة"[23] مع تميُّزه بثلاثة عناصر، تمثّل "العنصر الأول في رفع مطلب مُحدّد ومُنظّم؛ أما العنصر الثاني فشمل الأفعال السياسية التي تتمثّل في تكوين الروابط واللقاءات العامة والتصريحات الإعلامية والمسيرات في الشوارع "[24]. في حين اهتم العنصر الثالث بالتمثيلات العامة المُتعلّقة بجدارة القضية مثل وحدة الحركة وأعداد المُنضمّين لها ومستوى الالتزام بها"[25]. اتجهت الاحتجاجات نحو تفعيل مطلب واضح تلخّص في الدعوة الى اسقاط النظام وضرورة "توفير الشروط الضرورية لتأسيس الممارسة الديمقراطية وتأكيد قيمها وتجديد ممارستها"[26]، من أجل تأمين الانتقال السياسي والتخلُّص من البناء السياسي المُضاد للحرية والذي كان نتاجا للتصدعات البُنيويّة والقيميّة والسياسية التي أنتجها نظام البعث. يُبيّن تقييم السوريين للوضع السياسي في سورية،[27] تدنّي الثقة في الوضع السياسي مما ينعكس على "تآلُف المُكوّنات الاجتماعية حول فكرة الدولة والسياسة"[28]، كما تُؤشر علية الأرقام الواردة في الشكل (1)[29].
شكل (1)
تقييم المستجوبين للوضع السياسي في سورية
المصدر: من اعداد الباحث، بالاستناد إلى: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، "المؤشر العربي 2019-2020" في نقاط، (الدوحة: تشرين الأول/ أكتوبر 2020) ، شوهد في 10/6/2023، في: https://shorturl.at/iBH47
أفاد 84% من المستجوبين في سورية بأن الوضع السياسي يُصنّفُ بين سيّئ وسيّئ جدّا بين سنتي 2018 و2019. تدُل هذه الأرقام على أن الاحتجاج في سورية يتغذّى في جزء منه من الوضع السياسي السيّئ و/ أو السيئ جدا. بالنظر الى طبيعة نظام الحكم، تظهر المساحة السياسية لإدارة الشأن العام ضيّقة جدا فيما يهم اشراك النُخب السياسية وعموم المواطنين، رغم مبادرات الإصلاح التي طرحها النظام السياسي في البلدين في مناسبات متعددة، الا أن هذه المبادرات لم تكن سوى استراتيجيات تهدف الى " شراء الوقت" [30]بتعبير فولفغانغ ستريك Wolfgang Streeck، أو شراء السلم الاجتماعي.
تندرج هذه المُناورات ضمن سعى النظام الى استيعاب القوى السياسية والمدنية، كنوع من الترويج لإرادة السلطة في تغذية المشاركة السياسية وفسح المجال للمساهمة في العملية السياسية. غير أن جزء من مطالب الاحتجاج في سورية كشف على واقع يتناقض تماما مع أُطروحات النظام في الجانب المتعلق بالإصلاحات، حيث عبّر المحتجون على أولوية رحيل النظام بوجوهه القديمة. لطاما أثارت هذه المناورات موجة من الرفض الحاد لكيفية ادارة الشأن السياسي وحفّز "الناس على الخروج الى الشارع لرفع مطالب سياسية"[31]، بعد أن حاول النظام السياسي إعادة انتاج نفسه من خلال الاستعانة بما يعتبرهم حلفاء 'الصمود والممانعة'. اهتم المحتجون بمسألة التعبئة الواسعة من أجل الدفاع على "قضية وطن يُراد أخذُه الى غير رجعة"[32]، مع الانتباه الى خطورة الانتماءات الطائفيّة والقبليّة والولاءات الشخصية، ليصطدم النظام السياسي بتعددية ثقافية تبلورت في مسيرات وظّف فيها السوريون كل عناصر الثقافة المشتركة لتُعبّر كل سوريا عن نفسها، فلا توجد ثقافة مرضيّة عنها وثقافة مُهمّشة في نفس الإطار، لم تسمح مناورات الإصلاحات المؤسسيّة والقانونية في خلق نوع من الثقة في الوضع السياسي، حيث فهم السوريون أن النظام يُواصل توظيف الزبونية السياسية وإدارة الصراعات بين أطراف الحكم، ليفرض سيطرة كاملة على مفاصل التسيير السياسي عبر مواصلة تفعيل قوانين تُعزّزُ هيمنته على الدولة والمجتمع والذي واجهته الاحتجاجات بمطالب مُحدّدة ومباشرة تهدف الى " تجريد النظام ممّا تبقّى له من شرعية"[33].
تسبّبت هذه التصدعات السياسية التي أنتجها النظام الحاكم، في فقدان الثقة في الوضع السياسي كما بيّنته الأرقام الواردة في الشكل (1)، وإضعاف المشاركة السياسية الواسعة واجهاض أسباب الانتقال نحو الديمقراطية بسبب محافظة الحكم على طبيعته المُغلقة والتي لم تُحقّق الاستقرار السياسي ولم تسمح ببناء الثقة بين النظام الحاكم والشعب، كما تُبيّن لينا الخطيب Lina Khatib في دراستها: "المشاركة السياسية والتحول الديمقراطي في العالم العربي Political Participation and Democratic Transition in the Arab world "[34]. يُعبّر موقف المستجوبين من الوضع السياسي في سورية على "اعتراض على الضبط الاجتماعي المفروض عليهم من قبل السلطات السياسية"[35]، وبذلك، حاول الاحتجاج فرض المطلب السياسي لمواجهة ما أسماه دانييل بلومبرغ Daniel Blumberg السلطة الهجينة التي "لا تهدف من خلال اصلاحاتها السياسية الى إجراء تحول ديمقراطي حقيقي، بل الى توطيد أركان السلطوية"[36].
يتعلّق العنصر الثاني الذي ميّز الحراك الاحتجاجي في سورية، بالأفعال السياسية التي تتمثّل في تكوين الروابط واللقاءات العامة والتصريحات الإعلامية والمسيرات في الشوارع. فقد وقع توظيف القوّة الاحتجاجية التي استندت الى التذمُّر الواسع من الوضع السياسي، في عملية تعبئة جماعيّة وفعل مُباشر لبلورة ما أسماه جيوفاني سارتوري Giovanni Sartori "بمُستويات الاتفاق العام"[37] والتي تتعلّق بالقيم العُليا للنظام السياسي، والاتفاق حول قواعد الممارسة السياسية وإجراءاتها، والاتفاق بشأن السياسات العامة. تمكّن الاحتجاج في سورية من تضييق المسافة الإيديولوجية بين قوى الاحتجاج، وفسح المجال لروابط ولقاءات ومسيرات على امتداد جغرافيا البلدين. كما انهمك المُحتجون في "إعادة انتاج التوجهات إزاء الذات والآخرين وإزاء مسائل اجتماعية مثل انعدام المساواة و سيطرة الجماعة الحاكمة"[38]، تلخصت في رفع مطالب تحُوم حول تغيير النظام السياسي، وتتكثّف في عبارات "ارحل"، ليضمن الاحتجاج تأييدا واسعا عبّر على وجود "رابط حميم بين إنشاء الهويات والفعل الاجتماعي والسياسي"[39] بنفس القدر والأهمية السوسيوثقافية.
بالعودة الى المطلب الرئيسي للاحتجاجات في سورية، نلاحظ من خلال نتائج المؤشر العربي 2019-2020[40] تأييدا واسعا للاحتجاج يُعبّر على مطلب" إحداث تغييرات مهمة في حياة الفاعلين والمجتمع"[41]، ويضمن انتقال الدولة والمجتمع نحو مسار سياسي جديد يستوعب الاختلاف السياسي والتنوع الثقافي وتلوُّنات الهوية بما هي عنصر اثراء.
عبّرت الثورة السورية على تبلور كفاءة سياسية عند المواطنين. كما كثّفت وفق جون جوست John Host صورة "المواطن القادر على فهم المشهد الإيديولوجي للقضايا والولاءات السياسية"[42]. ساعد هذا الفهم في عملية تكوين روابط ولقاءات عامّة عبر "انضمام الناس العاديين الى النضال الخارق للعادة، عندما مشى سكان العشوائيات في المسيرات ووضع العمال أدواتهم جانبا ورفع المواطنون غير الناشطين سياسيا أصواتهم في الملأ"، حسب توصيف آصف بيّات Asef Bayat[43]. في هذا السياق من التحليل الذي يخص كيفيّة تبلور الأفعال السياسية عند الناس العاديين (من غير النخب السياسية)، يستخدم بيّات مفهوم اللاّحركة non-movement "لكي يجمع خيوط صور النضال وتنوعاته كلها، بحيث يُشير هذا المفهوم الى كل صور النضال اليومي التي تتم بشكل فردي ولكنها تتحوّل الى سلوك جمعي".[44]
تُشير صور النضال اليومي في سورية الى "قُدرة الكتل الجماهيرية على إظهار النموذج المعياري للديمقراطية"[45] التي رسمت ديناميكية إجتماعية تدل على قُدرة اللاّحركات الاجتماعية على "كسر سطوة مؤسسات القوّة المستحكمة في الأنظمة القديمة"[46]. تُشير (اللاّحركات الاجتماعية) إلى "الأفعال الجمعية لفاعلين غير جمعيين يُجسّدون ممارسات مشتركة لأعداد كبيرة من الناس العاديين، الذين تُؤدي أنشطتهم المتشابهة إلى إحداث تغيير اجتماعي كبير حتى وإن لم تكن هذه الممارسات موجهة بإيديولوجيا أو بقيادات معترف بها أو تنظيمات"[47]. وقد تمكّنت هذه اللاّحركات بمعيّة قوى سياسية ومدنية شاركتها الهدف و"الزحف الهادئ"، من تحقيق أجُنداتها الاحتجاجية من خلال مُخرجات الاتفاق على القيم العليا للنظام السياسي والتي تمثّلت في فرض تخلّي رئيس النظام وطرح ضرورة التداول على السلطة والتشاركية. كذلك انهمك المحتجون أو من يُمثّلهم في مرحلة لاحقة، في عملية تشكيل لقواعد ممارسة سياسية جديدة تطرح من فهرس الممارسة السياسية الجديد، ما رسّخه النظام من زبونية وتوظيف للولاءات الشخصية والقبليّة، إضافة الى تقديم أطروحات تتعلق بالسياسات العامة التي تُؤطر الشكل السياسي الجديد للدولة ومؤسساتها.
في نفس السياق، مثّل استعجال مطلب التغيير الناتج عن التذمُر من الوضع السياسي، رافعة لتأييد الاحتجاج ومُبررا للتوجه نحو الفضاء العام من أجل المطالبة بتغيير شروط العملية السياسية وفاعليها. فقد شكّلت "سياسة الشارع شيأ أكبر من مجرد الصراع بين السلطات وبين الجماعات غير الرسمية أو غير المنظمة حول احتكار الفضاء العام."[48] يُقدّم توزُّع الاحتجاج في سورية وامتداده الجغرافي وسياقات تطوره من جانب انضمام المواطنين للاحتجاج، صورة على إعادة تملُّك الفضاء العام الذي تحوّل وفق آصف بيّات Asef Bayat الى "وسيط استطاع من خلاله العابرون […] أن يُؤسسوا لتواصل ضمني عن طريق ادراك مصالحهم ومشاعرهم المشتركة"[49]. عبّرت هذه المصالح والمشاعر المُشتركة عن التمثيلات العامة المُتعلقة بجدارة القضية السياسية موضوع الاحتجاج. من جانب أعداد المُنضمين اليها ومستوى الالتزام بها وتنوُّع التركيبة الاجتماعية للمحتجين.
ضمن هذا الإطار، انطلق الاحتجاج في سورية دون توجيه أو قيادة سياسية مُؤطرة للمطلب السياسي، ثم انظمت قوى مدنية وسياسية منها من تشكّل تنظيميّا أثناء الحراك الاحتجاجي، ومن بينها قوى وفاعلين مُنخرطة في النضال السياسي. شكّلت هذه الحشود السياسيّة- إضافة الى المواطنين العاديين- كُتلة احتجاجية حاولت تأمين التغيير السياسي "بفضل تحالفات سياسية عريضة Grand Oppositional Pact "[50] تميّزت بوحدة المطالب والالتزام بنداءات اسقاط النظام. تشكّلت هذه الكُتلة الاحتجاجية من فاعلين منخرطين في الحراك ("الناس العاديين" بتعبير آصف بيّات Asef Bayat)، وأعضاء في تنظيمات (منخرطين في أحزاب سياسية ومنظمات مدنية)، وبفعل "سياسة الشارع"، تمكّن الاحتجاج من صياغة شكلين من الهوية –وفق تصنيف مانويل كاستلز [51]-Manuel Castells: 'الهوية المقاومة L’identité- résistance'، بما هي نتاج من قبل فاعلين اجتماعيين يتواجدون في وضعية اقصاء وتهميش مع تميُّزها بطبيعة دفاعيّة، و'الهوية المشروع L’identité - Projet’ التي تهم الفاعلين الاجتماعيين الذين يُشيّدون هوية جديدة بناء على مقومات ثقافية تُعيد تعريف وضعيتهم داخل المجتمع. انطلاقا من هذين الشكلين من الهوية، واجه الاحتجاج 'الهوية المُشرعنة L’identité- Légitimante ' التي وظّفها النظام الحاكم في سورية من أجل توسيع هيمنته على المجتمع. ساعدت 'الهوية المقاومة' و'الهوية المشروع' على تشكيل الفاعلين في حلقات الجدال السياسي الذي عبّر على "مقدارا من النشاط الشعبي الذي لا يُستهان به؛ وإصرار الرجال والنساء العاديون والعمال والطلبة والموظفون […] على مهاجمة رأس السلطة مباشرة"[52]. انخرط المحتجون ضمن شبكة علاقات تُحدّدُ الأدوار السياسية والاحتجاجية للمنخرطين في التنظيمات وللناس العاديين المنخرطين في الحراك.
تُشير صور النضال اليومي في سورية الى "قُدرة الكتل الجماهيرية على إظهار النموذج المعياري للديمقراطية"[45] التي رسمت ديناميكية إجتماعية تدل على قُدرة اللاّحركات الاجتماعية على "كسر سطوة مؤسسات القوّة المستحكمة في الأنظمة القديمة"[46]. تُشير (اللاّحركات الاجتماعية) إلى "الأفعال الجمعية لفاعلين غير جمعيين يُجسّدون ممارسات مشتركة لأعداد كبيرة من الناس العاديين، الذين تُؤدي أنشطتهم المتشابهة إلى إحداث تغيير اجتماعي كبير حتى وإن لم تكن هذه الممارسات موجهة بإيديولوجيا أو بقيادات معترف بها أو تنظيمات"[47]. وقد تمكّنت هذه اللاّحركات بمعيّة قوى سياسية ومدنية شاركتها الهدف و"الزحف الهادئ"، من تحقيق أجُنداتها الاحتجاجية من خلال مُخرجات الاتفاق على القيم العليا للنظام السياسي والتي تمثّلت في فرض تخلّي رئيس النظام وطرح ضرورة التداول على السلطة والتشاركية. كذلك انهمك المحتجون أو من يُمثّلهم في مرحلة لاحقة، في عملية تشكيل لقواعد ممارسة سياسية جديدة تطرح من فهرس الممارسة السياسية الجديد، ما رسّخه النظام من زبونية وتوظيف للولاءات الشخصية والقبليّة، إضافة الى تقديم أطروحات تتعلق بالسياسات العامة التي تُؤطر الشكل السياسي الجديد للدولة ومؤسساتها.
في نفس السياق، مثّل استعجال مطلب التغيير الناتج عن التذمُر من الوضع السياسي، رافعة لتأييد الاحتجاج ومُبررا للتوجه نحو الفضاء العام من أجل المطالبة بتغيير شروط العملية السياسية وفاعليها. فقد شكّلت "سياسة الشارع شيأ أكبر من مجرد الصراع بين السلطات وبين الجماعات غير الرسمية أو غير المنظمة حول احتكار الفضاء العام."[48] يُقدّم توزُّع الاحتجاج في سورية وامتداده الجغرافي وسياقات تطوره من جانب انضمام المواطنين للاحتجاج، صورة على إعادة تملُّك الفضاء العام الذي تحوّل وفق آصف بيّات Asef Bayat الى "وسيط استطاع من خلاله العابرون […] أن يُؤسسوا لتواصل ضمني عن طريق ادراك مصالحهم ومشاعرهم المشتركة"[49]. عبّرت هذه المصالح والمشاعر المُشتركة عن التمثيلات العامة المُتعلقة بجدارة القضية السياسية موضوع الاحتجاج. من جانب أعداد المُنضمين اليها ومستوى الالتزام بها وتنوُّع التركيبة الاجتماعية للمحتجين.
ضمن هذا الإطار، انطلق الاحتجاج في سورية دون توجيه أو قيادة سياسية مُؤطرة للمطلب السياسي، ثم انظمت قوى مدنية وسياسية منها من تشكّل تنظيميّا أثناء الحراك الاحتجاجي، ومن بينها قوى وفاعلين مُنخرطة في النضال السياسي. شكّلت هذه الحشود السياسيّة- إضافة الى المواطنين العاديين- كُتلة احتجاجية حاولت تأمين التغيير السياسي "بفضل تحالفات سياسية عريضة Grand Oppositional Pact "[50] تميّزت بوحدة المطالب والالتزام بنداءات اسقاط النظام. تشكّلت هذه الكُتلة الاحتجاجية من فاعلين منخرطين في الحراك ("الناس العاديين" بتعبير آصف بيّات Asef Bayat)، وأعضاء في تنظيمات (منخرطين في أحزاب سياسية ومنظمات مدنية)، وبفعل "سياسة الشارع"، تمكّن الاحتجاج من صياغة شكلين من الهوية –وفق تصنيف مانويل كاستلز [51]-Manuel Castells: 'الهوية المقاومة L’identité- résistance'، بما هي نتاج من قبل فاعلين اجتماعيين يتواجدون في وضعية اقصاء وتهميش مع تميُّزها بطبيعة دفاعيّة، و'الهوية المشروع L’identité - Projet’ التي تهم الفاعلين الاجتماعيين الذين يُشيّدون هوية جديدة بناء على مقومات ثقافية تُعيد تعريف وضعيتهم داخل المجتمع. انطلاقا من هذين الشكلين من الهوية، واجه الاحتجاج 'الهوية المُشرعنة L’identité- Légitimante ' التي وظّفها النظام الحاكم في سورية من أجل توسيع هيمنته على المجتمع. ساعدت 'الهوية المقاومة' و'الهوية المشروع' على تشكيل الفاعلين في حلقات الجدال السياسي الذي عبّر على "مقدارا من النشاط الشعبي الذي لا يُستهان به؛ وإصرار الرجال والنساء العاديون والعمال والطلبة والموظفون […] على مهاجمة رأس السلطة مباشرة"[52]. انخرط المحتجون ضمن شبكة علاقات تُحدّدُ الأدوار السياسية والاحتجاجية للمنخرطين في التنظيمات وللناس العاديين المنخرطين في الحراك.
تمكّن الناس العاديين المنخرطين في الحراك الاحتجاجي في سورية، من خلق فعل احتجاجي تجديدي في مستوى التعبئة وضمان ديمومة الاحتجاج وخلق الروابط فيما بينهم وبين بقيّة المعنيين بالتغيير السياسي. حيث لعب الاستملاك الاجتماعي للمطالب السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، أدوارا هامة في عملية صياغة تحوُّلات في مستوى الهوية والتي اتخذت شكلي 'الهوية المقاومة' و'الهوية المشروع'، اللذان أثّرا على سيرورة الاحتجاج والممارسة الاحتجاجية. أما عن المحتجين المنخرطين في تنظيمات مدنية وسياسية، فقد ساهمت الخبرة أو الدربة السياسية والمدنية في "خلق مراكز نفوذ […] وظهورها كمهد للديمقراطية"[53] إضافة الى ادراك الفرص والتهديدات التي يسمح بها الواقع الاحتجاجي حتى تتبلور الأجوبة حول أسئلة: "ماذا ينبغي عمله؟ ومالذي يجب عدم القيام به؟" [54] ومن ثمّة، سحب المصداقية من النظام الحاكم، وتجريده من 'الهوية المُشرعنة'. انصهرت هذه الأفعال الجمعيّة في ديناميكية احتجاجية لا تزال مستمرة بأشكال وتعبيرات متنوعة، بفضل ما وفّرته من فعل جمعي احتجاجي واجهت به المجتمع البريتوري في سورية، وأيضا من خلال مشهدية الاحتجاج وما وقع حشده في التعبئة وعلاقات القوة.
الهوامش:
[1]يُنظر: آصف بيّات، ثورة دون ثُوّار. كيف نفهم الربيع العربي، ترجمة فكتور سحّاب (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2022).
[2] Clauss Offe, « New Social Movements : Challenging the Boundaries of Institutional Politics », Social Research, Vol. 52, N° .4. 1958, p.819.
[3] Taylor Verta et Nella Van Dyke, The Cultural outcomes of social Movements, (Edition : NED- New edition published by : University of Minnesota Press, 2004), p268.
[4] آصف بيّات، "تغلغل الثورات في الحياة العربية"، حوار مع توغرول فون ميندة، ترجمة يسري مرعي، موقع قنطرة، شوهد في: 26/6/2023، في: https://shorturl.at/lCUX7.
[5] Harold D. Lasswell, Essays on the Garisson State, Edited and with an introduction by Jay Stanley ; with a preface by Irving Louis Horowitz (New Brunswick, NJ : London : Transaction Publishers, 1997), pp.34-44.
[6] من بين أشهر المواجهات والتي لاتزال راسخة في الذاكرة الجماعية، مجزرة حماة التي حصلت في فبراير من عام 1982 حينما أطبق الجيش السوري على مدينة حماة بناءً على أوامر من حافظ الأسد ولمدة 27 يومًا من أجل قمع انتفاضة الإخوان المسلمين ضدّ الحكومة. أنهت المذبحة التي نفذها الجيش السوري بقيادة رفعت الأسد فعليًا الحملة التي بدأت في عام 1976 من قِبل الجماعات الإسلاميّة السنية وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين ضدّ النظام. ذكرت التقارير الدبلوماسية الأولية الواردة من الدول الغربية أن 1000 شخص قد لقوا حتفهم خلال هذه المجزرة؛ بينما اختلفت التقديرات التي صدرت في وقتٍ لاحقٍ إذ قيل إنّ 2000 مواطن سوري قد قُتل خلال الحملة وهو العدد الذي تبنّتهُ عددٌ من وسائل الإعلام الحكوميّة؛ فيما قدّر آخرون وعلى رأسهم روبرت فيسك أن عدد الضحايا قد بلغَ 20,000؛بينما قالت اللجنة السورية لحقوق الإنسان إن حصيلة الضحايا قد تجاوزت الـ 40,000. قُتل خلال العملية أيضًا حوالي 1000 جندي سوري كما دُمّرت أجزاء كبيرة من المدينة القديمة؛ وقد وُصفَ الهجوم بأنه أحد "أكثر الأعمال دموية التي قامت بها حكومة عربية ضد شعبها في التاريخ الحديث للشرق الأوسط".
[7] من بين تجلّيات الصراعات بين أجنحة النظام، نذكر تفجير مقر خلية الازمة في 18 تموز/ يوليو 2012، والذي اسفر عن مقتل كبار الضباط من بينهم: وزير الدفاع السوري، حينها، داود راجحة، ونائبه، وصهر رئيس النظام السوري بشار الأسد، آصف شوكت، ورئيس خلية الأزمة ووزير الدفاع السابق حسن تركماني. وقد تبنى كل من "لواء الإسلام" والجيش السوري الحر التفجير، قبل أن يسحب الجيش الحر التبني لاحقا.
إلا أن اللواء المنشق محمد خلوف، رئيس هيئة الإمداد والتموين في النظام السوري قبل انشقاقه، والمكلف بوزارة الدفاع بالحكومة السورية المؤقتة، اتهم إيران بالتفجير.
إلا أن اللواء المنشق محمد خلوف، رئيس هيئة الإمداد والتموين في النظام السوري قبل انشقاقه، والمكلف بوزارة الدفاع بالحكومة السورية المؤقتة، اتهم إيران بالتفجير.
[8] المولدي قسومي، في مواجهة التاريخ. صدى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة في مسار الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في تونس (تونس: دار محمد علي الحامي، 2021)، ص23.
[9] Pitor Sztompka, The Sociologie of Social Change (Oxford/UK & Cambridge/ USA : Blackwell Publishers, 1993).
[10] Carl Deutsch, « Social Mobilisation and Political Development », American Political Science Review, Vol. 100, N°.4. 1961, p.678-697.
[11] رفيق المصري، الدين والسياسة والديمقراطية (القاهرة: مركز حقوق الانسان، 2007)، ص38.
[12] على الدين هلال، الانتقال الى الديمقراطية. ماذا يستفيد العرب من تجارب الآخرين؟ (الكويت: عالم المعرفة، 2019)، ص135-136.
[13] آلان توران، براديغما جديدة لفهم عالم اليوم، ترجمة جورج سليمان (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية؛ المنظمة العربية للترجمة، 2005)، ص14.
[14] Seymour Martin Lipset, « The Social Requisites of Democracy Revisited », American Sociological Review, Vol. 59, N°. 1. Feb 1994, p. p1-22.
[15] Dankwart A. Rustow, « Transition to Democracy : Toward a Dynamic Model », Comparative Politics, Vol. 2, N°.3. April 1970, p. p337-363.
[16] Barrington Moore, Social Origins of Dictatorship and Democracy : Lord and Peasant in the Making of the Modern World (Boston : Beacon Press, 1966), p.p. 413-453.
[17] The Skocpol, « Brining the State Back in : Strategies of Analysis in Current Research »in : Peter B. Evans, et al. (Eds), Bringing the State Back. In (Cambridge : Cambridge University press, 1985), Intro& Ch. 1 p.p.3-13.
* يستعمل آصف بيّات كلمتين، هما الثورة Revolutionوالاصلاح Reform في جمع بين الكلمتين ليعني بذلك، أن ثورات الربيع العربي كانت في عمومها ثورات إصلاحية. يلتقي آصف بيّات في هذه المقاربة مع أطروحة عزمي بشارة والذي يعتبر أن ثورات الربيع العربي، كانت ثورات إصلاحية في مطالبها وأشكالها ونتائجها. لمزيد من التفاصيل، يُنظر:
- عزمي بشارة، الانتقال الديمقراطي واشكالياته. دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة (الدوحة؛ بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2020).
- آصف بيّات، ثورة دون ثُوّار. كيف نفهم الربيع العربي، ترجمة فكتور سحّاب (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2022)، ص 17-18.
Guillermo A. O’Donnell, Philippe C. Schmitter, & Laurence Whitehead, Transition from Authoritarian Rule. Comparative Perspectives (USA : The Woodrow Wilson International Center for Scholars, 1986).
[19] Stefano Bartolini, « La formation des clivages », Revue international de politique comparée, Vol. 12, N°.1 (2005), p.p.9-34.
[20] Seymour M. Lipset & Stein Rokkan, « Clevage Structures, Party Systems and Voter Alignments : An Introduction », in : Clevage Structures, Party Systems and Voter Alignments : An Introduction (New York : Free press, 1967), pp.1-64.
[21] Camille Goirand, « Penser les mouvements sociaux d’Amérique Latine : Les approches des mobilisations depuis les années 1970 », Revue française de science politique,2010/3(Vol. 60), p.p. 445-465.
[22] آصف بيّات، الحياة سياسة. كيف يُغيّر بسطاء الناس الشرق الأوسط، ترجمة أحمد زايد (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2014)، ص22.
[23] Erick Neveu, Sociologie des mouvements sociaux (Paris : La découverte, 1996), p.9.
[24] بيّات، الحياة سياسة، ص25.
[25] Charles Tilly, Social Movements 1768-2004 (Boulder ; Colo : Paradigm, 2004), p.7.
[26] Pierre Rosanvallon, La contre démocratie. La politique à l’âge de la défiance (Paris : Seuil, 2006), p.118.
[27] المؤشر العربي 2018-2019، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. شوهد في 10/6/2023، في: https://shorturl.at/iBH47
[28] عبد الإله بلقزيز، الدولة والمجتمع: جدليّة التوحيد والانقسام في الاجتماع العربي المعاصر (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2008)، ص13.
[29] المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، "المؤشر العربي 2019-2020" في نقاط، (الدوحة: تشرين الأول/ أكتوبر 2020) ، شوهد في 10/6/2023، في: https://shorturl.at/iBH47.
[30] Wolfgang Streeck, Buying Time : The Delayed Crisis of Democratic Capitalism (London : Verso, 2014).
[31] المرجع نفسه.
[32] المرجع نفسه.
[33] تقدير موقف، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في: 8 كانون الثاني/ جانفي 2019، شوهد في: 11/10/2023، في: https://shorturl.at/uwzMX.
[34] Lina Khatib, « Political Participation and Democratic Transition in the Arab world », Journal of International Law, Vol. 34(2013), p.315-340.
[35] بيّات، الحياة سياسة، ص51.
[36] Daniel Blumberg, « The Trap of Liberalized Democracy », Journal of Democracy, Vol.13, N°.4 (October 2002), pp.56-68.
[37] Giovanni Sartori, The Theory of Democracy Revisited, Part 1 : The Contemporary Debate (Chatham, N.J, Chatham House Publishers, 1987), pp.190-191.
[38] Tajfel. H& Turner.J, « An integrative theory of intergroup conflict », In W.G. Austin & S. Worchel (eds.), The Social Psychology of intergroup relations. Montery, CA : Brooks-Cole.
[39] كريستيان تيليغا، علم النفس السياسي، ترجمة أسامة الغزولي، عالم المعرفة، العدد 436 (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 2016)، ص125.
[40] المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، "المؤشر العربي 2019-2020" في نقاط، مرجع سابق.
[41] آصف بيّات، "الاسلاموية ومابعد الاسلاموية والحركات الاجتماعية"، حوار مع أحمد العوفي، مجلة حكمة، في: 30/11/2017شوهد في: 12/6/2023، في: https://shorturl.at/owGPY.
[42] Jost, J. T., Federico, C.M., & Napier, J.L. (2009), « Political ideology : its structure, functions, and elective affinities », Annual Review of Psychology, 60, 307-33.
[43] آصف بيّات، "الاسلاموية ومابعد الاسلاموية والحركات الاجتماعية"، مرجع سابق.
[44] بيّات، الحياة سياسة، ص9.
[45] تيليغا، علم النفس السياسي، ص43.
[46] آصف بيّات، "الاسلاموية ومابعد الاسلاموية والحركات الاجتماعية"، مرجع سابق.
[47] بيّات، الحياة سياسة، ص44.
[48] المرجع نفسه، ص44.
[49] المرجع نفسه، ص40.
[50] Alfred Stepan, « Paths Toward Redemocratization », In : Guillermo O’Donnell, Philippe C. Schmitter & Laurence Whitehead (eds.), Transitions from Authoritarian Rule : Comparative perspectives (Baltimore/ London : John Hopkins University Press 1986), p.74.
[51] يُنظر:
Manuel Castells, Le pouvoir de l’identité (Paris : Fayard, 1999).
[52] Juan J. Linz, « Transitions to Democracy », The Washington Quarterly, Vol. 3, Issue 3 (42) (1990), p.152.
يُنظرُ أيضا:
Peter Von Doepp, « Political Transition and Civil Society : The Cases of Kenya and Zambia », Studies in Comparative International Development, Vol. 31, n°. 1 (1996), pp.24-47 ; Patricia L. Hipsher, « Democratization and the Decline or Urban Social Movements in Chile and Spain », Comparative Politics, Vol. 28, n° .3 (1996), pp.273-297, and J. Cherry [et al.], « Democratization and Politics in South African Townships », International Journal of Urban and Regional Research 24, n° .4 (2000), pp. 889-905.
[53] غيورغ سورنسن، الديمقراطية والتحول الديمقراطي. السيرورات والمأمول في عالم متغيّر، ترجمة عفاف البطاينة، مراجعة عبد الرحمان عبد القادر شاهين (بيروت: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015)، ص117.
[54] تقرير الديمقراطية والتجديد في العالم العربي: اليونسكو تواكب عمليات التحول الديمقراطي، اجتماع المائدة المستديرة الذي أنعقد في مقر اليونسكو في جوان/ يونيو 2011، شوهد في: 10/6/2023، في: https://shorturl.at/MNQUW.
"الآراء الواردة في المواد المنشورة في موقع معهد العالم للدراسات تُعبِّرُ عن رأي أصحابها، ولا تُعبِّرُ بالضرورة عن آراء المعهد والقائمين عليه"
محمد العربي العياري
باحث بمركز الدراسات المتوسطية والدولية- معهد تونس للسياسة
المقالات والدراسات والأنشطة العلمية:
- مجموعة من المقالات المعنيّة بالانتقال الديمقراطي ومحاولة فهم سياقات التحولات الثقافية والسياسية والاجتماعية منشورة على أعمدة مجلات تونسية وعربية.
- عضو هيئة كُتاب الموقع الإلكتروني "كووة COUUA" للدراسات الفلسفية.
- دراسات منشورة على أعمدة مجلة "تدفقات فلسفية".
- المشاركة في كتاب جماعي حول القراءة الفلسفية لجائحة كورونا بنص معنون ب: كوفيد 19- نحو مانيفستو جديد للعدالة الاجتماعية.
- مجموعة حوارات مترجمة من اللغة الفرنسية إلى العربية (حوارات مع أكسل هونيث/ أوسكار نيغت/ زيجمونت باومان/ ميشال مافيزولي/ شوشانا زوبوف...)، منشورة على أعمدة مجلات "حكمة / الفيصل/ كووة".
- مشارك في العديد من الندوات العلمية والمؤتمرات (كلية العلوم الاجتماعية جامعة وهران 2 / المؤتمر الإقليمي السنوي للمعهد العربي للبحوث والسياسات (نواة) – المملكة المغربية / مؤتمر الفلسفة الدولي من تنظيم الجامعة المُستنصرية في العراق / المؤتمر الدولي: البحث العلمي والمجتمعات العربية. برلين، ألمانيا / الندوة السنوية لدورية "عمران للعلوم الاجتماعية" التي تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات).
- المساهمة في كتاب جماعي مع مجموعة باحثين من ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب وموريتانيا حول: المشاركة السياسية للشباب، السياقات والعقبات. تجارب مُقارنة.
- المساهمة في مشروع بحث عربي (تونس/ المغرب/ الأردن) حول الشباب العربي في أفق 2030.
- المساهمة في كتاب جماعي حول الجيش والانتقال الديمقراطي في العالم العربي، بمشاركة باحثين من تونس/ المغرب/ لبنان/ العراق.
- يصدر لنا كتاب بعنوان: زمن الاحتجاج والسياسة: من فكرة الثورة الى أزمات الانتقال الديمقراطي في تونس.
- المساهمة في المجلد الخامس والمجلد العاشر من موسوعة الفلسفة الفرنسية تحت إشراف الأستاذ مشير باسيل عون.
- المساهمة في مشروع الموسوعة العربية التي يُنجزها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، بمقالات حول يورغن هابرماس، أكسل هونيث ونانسي فريزر وهرتموت روزا.
- بصدد ترجمة كتاب: الثورة المغدورة: دولوز ضد هيغل La révolution trahie: Deleuze contre Hegel
مواد أخرى لـ محمد العربي العياري
اترك تعليق*
* إرسال التعليق يعني موافقة القارئ على شروط الاستخدام التالية:
- لهيئة التحرير الحق في اختصار التعليق أو عدم نشره، وهذا الشرط يسري بشكل خاص على التعليقات التي تتضمن إساءة إلى الأشخاص أو تعبيرات عنصرية أو التعليقات غير الموضوعية وتلك التي لا تتعلق بالموضوع المُعلق عليه أو تلك المكتوبة بلهجة عامية أو لغة أجنبية غير اللغة العربية.
- التعليقات المتكوبة بأسماء رمزية أو بأسماء غير حقيقية سوف لا يتم نشرها.
- يرجى عدم وضع أرقام هواتف لأن التعليقات ستكون متاحة على محرك البحث غوغل وغيره من محركات البحث.