على أعتاب مرحلةٍ جديدة في الثورة السورية (والربيع العربي)
في مشكلات المرحلة الأولى وأخطائها، وفي كيفية تجاوزها
لم يكن السوريون واهمين حين كسروا حاجز الخوف وخرجوا إلى الشوارع منذ اثني عشر عاماً.
كانوا يعلمون أنهم خرجوا مُطالِبينَ بالحرية والكرامة، وكانوا يعلمون جيداً أنهم يواجهون نظاماً همجياً، وأنهم سيقدمون الكثير من التضحيات.
لم يكن ثوار سوريا واهمين حين أطلقوا شرارة الثورة. كانوا يدركون أنهم يعيشون في ظل نظامٍ لا يمكن مقارنته من جهة الوحشية والقمع بنظامي بن علي ومبارك، الذين سقطا خلال أسابيع. كانوا يعرفون أن قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي هي لونٌ من ألوان (الترف) بالنسبة للنظام، وأن استخدامها في نظره هو مجرد مضيعةٍ للوقت لا أكثر ولا أقلّ. رغم كل هذا، حملوا أرواحهم على أكفّهم، وخرجوا بحثاً عن كرامة لم يعد هناك طعمٌ للحياة بعيداً عنها.
لكن ما لم يكن في حسبان السوريين أن ثورتهم تلك كانت تحمل في طياتها خطراً حقيقياً على نظامٍ دولي وإقليمي تحكمه شبكةٌ معقدة من المصالح الأنانية التي تتمحور حول السيطرة والنفوذ والقوة والهيمنة على مختلف المستويات. وهي شبكةٌ تضم أفراداً ومؤسسات ودولاً وتنظيمات، قد يبدو أحياناً أنها مُختلفةٌ ومتصارعة، لكن وجودها، وتحقيقَ مصالحها، كان مضموناً دائماً بمنظومة توازنات مرنة، تُفسح المجال لإظهار الاختلاف والصراع أمام أعين الشعوب وعامة الناس من ناحية، لكنها تسمح، من ناحية ثانية، لمختلف الأطراف بالحفاظ على وجودها ومصالحها تحت سطح (الأخبار) وبعيداً عن عالم الإعلام.
كان الأمرُ أشبه بمعادلةٍ دقيقة هدَّدَت حساباتِها الثورة السورية، وتحديداً بنظام المعاني الذي لم تُظهر الثورة فقط إمكانية وجوده، بل إمكانية اقتباسه وتعميمه.. وهنا يكمن الخطرُ الأكبر..
لهذا تحديداً كان ضرورياً أن يتم (اغتيال) نظام المعاني المذكور، وأن يحصل هذا بشكلٍ ساحق، وبأسرع وقت ممكن، وباستعمال كل الوسائل والأساليب. ذلك أن المسألة أصبحت مسألة وجود بالنسبة للآخرين، ولم تعد حتى مسألةَ حفاظٍ على المصالح.
ثمة تراكمٌ نظري وعلمي يتعلق بالثورات يمكن الاستفادة من معطياته، وهذا مطلوبٌ وواجب، لكن الثورة ليست عمليةً هندسيةً محسوبةَ المقاييس. ولا هي مشروعٌ تجاريٌ أو اقتصادي يمكن تصميمه وتنفيذه وفق خطةٍ موضوعةٍ بإحكام.
هذه ثورة. ولا يوجد (كتالوك) أو (كُتيّب تعليمات) يمكن اتباع خطواته لإنجاحها.
والثورة لا تُشبهُ شيئاً آخر في حياة الناس. إذ لا تسري عليها العادات والأعراف والقوانين التي يتآلفون عليها في أيامهم العادية. وحين نتحدث عن الثورة السورية تحديداً فإننا نحاول ملامسة ظاهرةٍ جديدةٍ كلياً، خاصةً إذا أخذنا بالاعتبار كل ما فيها من خصوصيات سياسية وثقافية واجتماعية وجغرافية.
من هنا، تُصبح الثورة بحاجةٍ إلى وقفاتٍ دوريةٍ وجدّية لمراجعة أحداثها ومساراتها وأدواتها في جميع المجالات.
وما من وقتٍ يبدو أنسبَ لمثل هذه الوقفة الشاملة من هذه المرحلة التي تبدو فيها ملامح مرحلةٍ جديدة من عمر الثورة، مع كل ما يحصل من مظاهرات وفعاليات في السويداء ودرعا والساحل وأرياف حلب وإدلب والرقة ودير الزور، وغيرها.
في هذا السياق تأتي هذه الدعوة، للمثقفين والمفكرين والكُتّاب والنُشطاء، السوريين والعرب، لدراسة وتحليل كل ما يمكن اعتباره وقائعَ وأحداث وممارسات رئيسة تتعلق بالثورة، شهدتها سوريا على امتداد السنوات الماضية، فضلاً عن الهياكل التي تحرَّك السوريون من خلالها، والأفكار التي شكّلَت منطلق تلك الحركة، وأخيراً مواقف الجهات الإقليمية والدولية المختلفة التي لعبت دوراً مؤثراً في مسار الثورة ومآلاتها الراهنة.
ثمة ملاحظةٌ تجدر الإشارة إليها في هذا المقام، تتعلق بطبيعة المادة التحليلية والدراسية التي نحسب أنها ستكون أقربَ لتحقيق المطلوب من هذه الوقفة للمرجعات. فرغم ما نؤكد عليه من ضرورة الجدية الكاملة، على صعيد الصياغة والمضمون، إلا أننا نحرص على أن يكون الجهد موصولاً لمغادرة مواقع التنظير البحت، أي التنظير لأجل التنظير، بكل ما يمكن أن يحمله من ترفٍ في الأفكار لا تحتمله إكراهات الواقع، وتقعر في الخطاب لا يفيد في إيصال مُراد تلك الأفكار بما هو واضحٌ من مفاهيم وصياغات يتحقق معها البلاغ والبيان. فهذا ليس مقام مشاركاتٍ أكاديميةٍ بحتة، على أهميتها في مقامات أخرى. وإنما نتمنى التعاون معنا لتكون عناصر البحث على الشكل التالي:
- التعريف بالظاهرة التي يتم بحثها بشكلٍ أولي عام، وبأهميتها / دورها في فهم صيرورة الثورة السورية.
- عرض التطورات العملية التي تتعلق بالظاهرة مجال البحث من بداية تشكُّلها / ظهورها، مروراً بالمتغيرات التي شهدتها، وصولاً إلى مآلاتها الراهنة. والأفضل أن يكون هذا على شكل معلومات يُرجى توثيقها قدر الإمكان.
- تقديم تحليل يستوعب التطورات العملية المذكورة، ويضعها في إطار تحليلي نظري يساعد على فهم (طبيعتها) و(تأثيرها) بشكلٍ يتجاوز مجرد المعرفة بالمعلومات.
- القيام بعمليات ربط بين الظاهرة مجال البحث وأي ظواهر أو عناصر أخرى موجودة في محاور هذا المشروع، الواردة أدناه، وذلك لمحاولة تفسير كيف تأثَّرت الظاهرة المبحوثة بالعناصر الأخرى وأثَّرَت فيها.
- محاولة تقويم صيرورة الظاهرة في السياق الأكبر للصيرورة العامة للثورة السورية، لمزيدٍ من التوضيح لحجم دورها وأهمية تأثيرها في تلك الصيرورة العامة.
- تقديم توصيات / مقترحات (تفصيلية و/أو عامة) تُوضح مجالات التطوير الممكنة فيما يتعلق بالظاهرة مجال البحث، وذلك لجهة مضمونها أو هيكليتها أو ممارسات أصحاب العلاقة بها. وبحيث ينقلب وجود الظاهرة إلى عاملٍ إيجابي في المرحلة القادمة من صيرورة الثورة.
إضافةً لما سبق، فيما يلي ما يمكن اعتباره شروطاً للنشر:
- من المحبذ أن يكون طول الورقة بين 10-7 صفحات بواقع (250-200) كلمة للصفحة الواحدة. مع وجود المرونة في أن تكون أطول من ذلك في حال كان تغطية الظاهرة بشكلٍ يفيها حقّها يتطلبُ ذلك.
-
ألا تكون المادة منشورةً في أي منبر آخر، وبأي طريقة من طرق النشر المكتوب أو المسموع أو المرئي.
-
أن تكون المادة أصيلةً من إنتاج صاحبها.
-
أن تحتوي المادة على المراجع والمصادر ذات العلاقة حين يقتضي المقام ذلك.
-
أن يتم إرسال صورة لكاتب / كاتبة المادة، مع نبذة مختصرة عن سيرته / سيرتها الذاتية. ومع احترامنا لكل الكتاب المعروفين، إلا أننا نفضل ذلك للتعريف بهم وتقديمهم للمتابعين والقراء بشكلٍ مهنيٍ لائق.
-
أن يتم إرسال المادة على شكل ملف Word، وتكون الطباعة فيه بخط Areal، وبحجم 14.
-
يتم التواصل بخصوص قرار النشر مع كاتب / كاتبة المادة من قبل إدارة التحرير، عبر البريد الإلكتروني حصراً، وخلال مدةٍ زمنية قدرها 10 أيام بعد استلام المادة على الأكثر، وذلك على البريد الإلكتروني الخاص بالموقع.
-
يتم تقديم مكافأة رمزية تتناسب مع الجهد المبذول في العمل على الورقة.
-
تحتفظ إدارة الموقع بالحق في عدم إرسال المكافأة المادية في حال الإخلال بالشروط رقم (9-8) الواردة أعلاه.
-
تكون الأولوية في النشر للمواد التي يتم إرساها مبكراً والموافقة عليها من قبل لجنةٍ من المثقفين السوريين.
-
يمكن للكاتب المساهمة بأكثر من ورقة، وذلك في حال رؤية لجنة النشر بأصالتها وقدرتها على الإضافة.
-
الأفكار الواردة في المواد المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع، بل تعبر عن آراء كتابها.
وفيما يلي محاور مشروع المراجعات التي نأمل أن يتم العمل عليها خلال الأسابيع القادمة:
-
ملامح المرحلة السلمية في الثورة: إيجابياتٌ وبذورٌ مُبكِّرة للمشكلات (نشاطات هيئات العمل السلمي الأولى: لجان التنسيق المحلية / الهيئة العامة للثورة السورية / ..)
-
تأسيس هياكل المعارضة السورية وتطوراتها (ملابسات التأسيس) (المسائل الإدارية والتنظيمية) (المجلس الوطني السوري / الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية / هيئة التفاوض / الهيئة الدستورية / الحكومة المؤقتة)
-
في الممارسات السياسية لهياكل المعارضة السورية (المجلس الوطني السوري / الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية / هيئة التفاوض / الهيئة الدستورية / الحكومة المؤقتة).
-
تحديات معضلة (التمثيل) في هياكل المعارضة السورية.
-
تأثير معضلة (التمويل) في مجريات الثورة السورية.
-
في ملابسات قضية عسكرة الثورة (من الجيش الحر إلى الفصائل "المعتدلة")
-
في ملابسات أسلمة الثورة (البدايات والمآلات، وما بينهما).
-
ملابسات العامل التركي في الثورة.
-
الدور الإيراني في قمع الثورة السورية.
-
الدور الروسي في قمع الثورة السورية.
-
مسارات الدبلوماسية الروسية (آستانا وسوشي).
-
مسار المفاوضات مع النظام السوري في جنيف.
-
ملابسات العمل المدني والتعامل مع المنظمات الدولية.
-
ملابسات العمل الإغاثي والتعامل مع المنظمات الإغاثية الدولية.
-
ملابسات وتحديات العمل الإعلامي ومحاولات إنشاء الإعلام البديل.
-
ملابسات وتحديات مسألة التعليم.
-
في ملابسات وتعقيدات دور رأس المال السوري المؤيد للثورة.
-
في التعامل مع قضية الانشقاقات السياسية والعسكرية.
-
في مسائل اختراق الثورة والخيانات والقضايا الأمنية والاستخباراتية.
-
في ملابسات مسألة التدويل: العوامل والقوى الخارجية، إقليمياً ودولياً. (دور دول الخليج العربي / دور مجموعة أصدقاء سوريا..)
-
ملابسات الدور الأمريكي في مسار الثورة.
-
ملابسات قضية الأقليات (الأكراد / المسيحيين / العلويين / الدروز)
-
في أهلية قيادة الثورة: نُشطاءُ ومثقفون ومعارضون. أين رجال الدولة؟
-
الفلسفة والثقافة بين الحضور والغياب في الثورة.
-
لماذا انطلقت شرارة الثورة أول مرة ابتداءً؟ ولماذا يمكن أن تبدأ مرحلتُها الثانية؟
البريد الإلكتروني الخاص بالموقع: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
رابط تنزيل كتيب المراجعات bit.ly/morajaat
"الآراء الواردة في المواد المنشورة في موقع معهد العالم للدراسات تُعبِّرُ عن رأي أصحابها، ولا تُعبِّرُ بالضرورة عن آراء المعهد والقائمين عليه"
