معركة إدلب: استراتيجيات أطراف الصراع واستبعاد معركة مفتوحة

16 أيلول/سبتمبر 2018
 
مدخل:

تحاول هذه الورقة البحثيّة المصغرة فهم واقع المشهد في إدلب من جوانب عدة تتعلق بتوزيع وانتشار الفصائل المسلحة بشقيها المتشدد والمعتدل، واستعراض مواقف الأطراف الإقليمية والدولية ونقاط الالتقاء أو الافتراق وفق مصالح كل طرف.
وتحاول الورقة وضع تصور لاستراتيجيات كلّ طرف من أطراف الصراع المحلية والإقليمية والدولية وغاياتها وأهدافها من معركة إدلب المحتملة.

تركز الورقة على أنّ النظام السوري اعتمدَ استراتيجية استعادة جميع الأراضي السورية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة في قطاعات خفض التصعيد التي أقرّتها اتفاقيات أستانة برعاية روسيا وإيران كطرفٍ ضامن لقوات النظام، وتركيا كطرف ضامن لفصائل المعارضة.

وتضع الورقة احتمالاتِ شنّ قوات النظام هجوماً برياً واسعاً بعد بدء المعركة عملياً في 4 سبتمبر/ أيلول 2018 بتكثيف القصف الجويّ والبريّ تمهيداً للهجوم البري.

لكن الورقة تصل إلى نتيجة تتلخّص في اقتصار معركة إدلب على المناطق المشمولة بالقطاع الجغرافي الرابع والأخير من اتفاقات أستانة لخفض التصعيد، مع استثناء مركز محافظة إدلب من المعركة لاعتبارات تتعلق بالدور التركيّ والجانب الإنسانيّ الذي يراقب المجتمع الدولي تداعيات المعركة المحتملة على نحو 3.5 مليون نسمة يعيشون في المحافظة.
 
استراتيجيات روسيا والنظام في معركة إدلب:

استعادة كامل الأراضي السوريّة هي الهدف الأهمّ من معركة إدلب المحتملة، وفي المقام الثاني استئصال التنظيمات المدرجة على قائمة الإرهاب في مجلس الأمن الدوليّ.

تتفق الأطراف الدولية والإقليمية على ضرورة القضاء على جميع التنظيمات الإرهابية واستعادة قوات النظام لجميع الأراضي السورية؛ باستثناء الولايات المتحدة التي تبدي تحفظاتٍ على استراتيجيات روسيا والنظام في أسلوب القضاء على الإرهاب، وتوقيت استعادة النظام الأراضي السورية بالكامل.

تبنت قوات النظام وحلفاؤها استراتيجية استعادة كامل الأراضي السورية سواء عبر العمليات العسكرية الواسعة، أو المحدودة التي تنتهي بمُصالحات مناطقيّة مع فصائل المعارضة المسلحة وفق تسويات عبر وسطاء محليين أو إقليميين تفضي إلى تسليم الأسلحة الثقيلة والمناطق وخروج المسلحين إلى شمال سوريا، أو البقاء في مناطقهم لتسوية أوضاعهم الأمنية وإلحاق بعضهم في القوات النظامية للقتال إلى جانبها.

وتتبنى الأمم المتحدة استراتيجيات واضحة في "حق الحكومة السورية بالكفاح لاستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية كجزء من واجبها أمام شعبها"[1].

من بين أهم الأهداف التي تسعى روسيا إلى تحقيقها من خلال معركة إدلب، وتحاول عدم تجنبها، استعادة "الحكومة السورية الشرعية السيطرة على كل أراضيها الوطنية، وأن عليها أن تقوم بذلك"[2].

دأبت روسيا بالتفاوض بشكل مباشر، أو عبر وسطاء، مع بداية العمليات العسكرية لاستعادة قوات النظام السيطرة على المدن والمناطق من المعارضة المسلحة من خلال اتفاقات المصالحة. يمكن لروسيا أن تكرر نجاحاتها السابقة في ثلاثة قطاعات مشمولة باتفاقات أستانة لخفض التصعيد في القطاع الرابع والأخير ضمن محافظة إدلب شمال غربي سوريا.

ساهمت اتفاقيات المصالحة في تحويل محافظة إدلب إلى مركز تجميع مسلّحي الفصائل وعوائلهم الذين تم نقلهم إليها من مناطق القتال في سنوات سابقة منذ معركة القصير في ريف حمص عام 2013.

وتجري روسيا مفاوضات مع بعض الفصائل في إدلب للتوصل إلى اتفاق مصالحة رغم التشديد الذي تفرضه هيئة تحرير الشام على الوسطاء واعتقال عددٍ منهم خلال الفترة السابقة. وتقدر روسيا أعداد الذين "يرغبون بالمصالحة مع النظام بنحو 10 آلاف مسلح" لتجنب سقوط مدنيين؛ حيث "إنّ الحل في درعا والقنيطرة لم يسقط فيه مدنيون عندما ألقى المسلحون سلاحهم"[3].

من غير المستبعد أن يؤدي الهجوم الواسع إلى تخفيف القبضة الأمنية لهيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى التي تلاحق الراغبين بالمصالحات، ومن شأن هذا أن يعطي فرصة أكبر لإلقاء السلاح واستعادة قوات النظام أراضي سيطرة الفصائل التي ينتمي إليها الموقعون على اتفاقيات المصالحة المفترضة.

من بين أهم دوافع معركة إدلب القضاء على الفصائل الجهادية؛ إذ تعهد رئيس هيئة الأركان المسلحة الروسية بالقضاء على "تنظيم جبهة النصرة (جبهة فتح الشام) وأعوانهم في سوريا خلال عام 2018، وأنّ جزءاً من مسلحي الجبهة يتمركزون في مناطق خفض التصعيد"[4].

وهو ما أكدت عليه قيادة قاعدة حميميم الجوية التابعة لوزارة الدفاع الروسية في ريف اللاذقية بأنّ "القوات الروسية ستعمل على القضاء على جبهة النصرة في محافظة إدلب قبل نهاية العام 2018"[5].

وينظر النظام السوريّ وحلفاؤه إلى أنّ محافظة إدلب هي المعقل الأخير لفصائل المعارضة المسلحة، وأنّ ثمة ضرورات تستدعي فتح معركة واسعة في محافظة إدلب لاستئصال الفصائل العاملة هناك بذريعة وجود مجموعات مسلحة وتنظيمات مدرجة على قائمة الإرهاب دوليّاً، مثل جبهة فتح الشام التي تقود هيئة تحرير الشام التشكيل الأكثر نفوذاً في المحافظة إلى جانب الجبهة الوطنية للتحرير المُشكَّلة حديثاً، وفصائل أخرى أقل أهمية خارج التشكيلين.
 
تتلخص الأهداف الروسية من معركة إدلب في تحقيق:

  • وضع حد لهجمات الطائرات دون طيار على قاعدتها الجوية في حميميم والتي تؤكد روسيا على أنها تنطلق من مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة؛
  • سيطرة قوات النظام على جميع الطرق الرئيسة في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها؛
  • دعم الجهود التركية في إقناع التنظيمات "الإرهابية" بالخروج من كامل محافظة إدلب، وهو هدف مشترك للدولتين؛
  • استعادة قوات النظام السيطرة على محافظة إدلب كجزء من الاستراتيجية الروسية في استعادة كامل الأراضي السورية لسيطرة قوات النظام؛
  • إعادة الحركة الآمنة على الطرق السريعة التي تمر عبر محافظة إدلب لتصل حلب، المركز الاقتصادي والتجاري الأهم، بمحافظتي اللاذقية على الساحل السوري والعاصمة دمشق؛

المحور العسكري وحشود قوات النظام:

بعد التدخل العسكري الروسي في سبتمبر/أيلول 2015، وما بعد ذلك من معارك استعادة الأراضي السورية في حلب وريف دمشق ودرعا، بات من المؤكّد أنّ ميزان القوة العسكرية أصبح يميل لصالح قوات النظام والقوات الحليفة.

تشهد البلدات والقرى في ريف إدلب الجنوب الشرقي وريف حماة الشمالي على خطوط التماس بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام في القطاع الرابع المشمول باتفاقية خفض التصعيد هجمات جوية مكثفة بالصواريخ والبراميل المتفجرة بمئات الغارات الجوية نفّذها الطيران الروسي وحالة قصف بالبراميل المتفجرة نفذها الطيران المَروحيّ السوري مع مئات القذائف التي تطلقها المدفعية الثقيلة لقوات النظام.
 
 
ركزت الضربات الجوية على استهداف المستشفيات ومراكز الدفاع المدني ومواقع فصائل المعارضة المسلحة لإضعاف الخطوط الدفاعية؛ تمهيداً لعملية برية واسعة متعددة المحاور تستهدف المناطق المشمولة باتفاقيات خفض التصعيد كمرحلة أولى من معركة إدلب.

يمكن القول إن التصعيد العسكري الذي تشهده مناطق إدلب منذ 4 سبتمبر/ أيلول 2018، يمثل "البداية الفعلية للعملية العسكرية في إدلب"[6] التي تشهد تصعيداً متسارعاً يوماً بعد يوم في عدد الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات الروسية على البلدات المحاذية لخطوط التماس بعد "فشل" قمة طهران في التوصل إلى اتفاق يفضي إلى تجنُّب معركة إدلب.

سيكون النظام عاجزاً عن خوض المعركة دون دعمٍ روسيّ بالقصف الجوي والصاروخي؛ وتتردّد روسيا في المضيّ قدماً في الاستجابة لرغبة النظام في شنّ هجوم واسع على إدلب.

كما إنّ هجوم قوات النظام بدعم روسي دون إعطاء ما يكفي من الوقت للجهد التركيّ في إدلب سيقود العلاقات التركية-الروسية إلى حالة من التوتر لن تكون بعدها روسيا قادرة على إجراء تسوية مع الفصائل دون دور تركي فعال.

لا تزال الاستعدادات لمعركة إدلب لا تشير إلى احتمالات اقتحام مركز مدينة إدلب في المدى المنظور.

سيكون من المحتمل أن تقتصر الحملة العسكرية على محاور القتال في خطوط التماس واستعادة البلدات والمناطق وصولاً إلى مقتربات مركز محافظة إدلب لتامين الطرق السريعة دون اقتحام مركز المدينة.

يضع المخططون العسكريون لقوات النظام والقوات الروسية على قائمة الأولويات العسكرية السيطرة على بعض المناطق الحيوية لضمان أمن قاعدة حميميم الجوية الروسية وقوات النظام والقوات الحليفة.

ومن بين أهم المناطق، السيطرة الكاملة على ريف إدلب الجنوبي لتأمين حماة وأريافها، وفتح الطريق الدولي بين محافظتي حلب وحماة بشكل آمن، إضافة إلى منطقة جسر الشغور ومناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة في ريف اللاذقية لتأمين قاعدة حميميم الروسية.

يمتلك النظام ما يكفي من القوة العسكرية من القوات النظامية والقوات الحليفة المدعومة من إيران لتغطية جبهات القتال المحتملة بعد إن تقلصت الرقعة الجغرافية للقتال في أعقاب سيطرته على ريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية وكامل محافظتي دمشق وريف دمشق، بالإضافة إلى الجبهة الجنوبية الغربية في محافظتيْ درعا والقنيطرة.

عززت قوات النظام قدراتها القتالية في ريف اللاذقية بالقوات الخاصة والجنود والآليات المدرعة والمجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران، إضافةً إلى مقاتلي بعض فصائل المعارضة المسلحة التي وقعت اتفاقات مصالحة مع قوات النظام في درعا وغيرها لإسناد قوات النمر التي يقودها سهيل الحسن.

وشملت التعزيزات بلدات وقرى سلمى وغزالة وجب الأحمر وقمة النبي يونس وغيرها.

قوات سوريا الديمقراطية "قسد" الحليفة للولايات المتحدة والمناهضة للوجود التركي على الأراضي السورية عززت قوات النظام بشكل غير مباشر "بنحو 3 آلاف مقاتل نشرتهم على خطوط التماس بين فصائل المعارضة المسلحة في مناطق كفر حمرة وحريتان والليرمون"[7] المحاذية لمناطق سيطرة المعارضة المسلحة في ريف حلب الغربي، أحد أهم محاور معركة إدلب، في إطار التنسيق بينهما بعد مباحثات عقدها الجانبان في دمشق خلال الأسابيع الماضية لدمج "قسد" في قوات النظام مستقبلاً. 

ولاختبار قدرات المعارضة المسلحة في الدفاع عن مناطق سيطرتها في ريف حلب الغربي مروراً بمحافظة إدلب، وصولاً إلى ريف حماة الشمالي، حشدت قوات النظام واستدعت إلى خطوط التماس هذه المزيد من القوات والآليات المدرعة، إلى جانب الاستهداف المستمر بالقصف الجويّ الروسيّ السوريّ المشترك والمدفعيّة الثقيلة.

من بين أهم مناطق خطوط التماس التي تحشد قوات النظام والقوات الحليفة، ويتوقع أن تشهد عمليات عسكرية:
  • مناطق تلحديا جنوب غربي إدلب؛
  • جبهتا صوران وقمحان للتقدم نحو محور بلدتي اللطامنة وتلحديا التي تتواجد بالقرب منها نقطة مراقبة روسية في مقابل نقطة المراقبة التركية في بلدة صرمان.
 
في مرحلة تالية يمكن أن تشهد العملية العسكرية المرتقبة انفتاحاً أوسع لتشمل:

  • مناطق خان شيخون ومعرة النعمان؛
  • مناطق ريف حلب الغربي في كفر حمرة وحريتان اللتان تتعرضان بشكل مستمر لضربات جوية وقصف بالمدفعية الثقيلة مع حشود برية متواضعة لقوات النظام.
 
يتوقع، وفقاً لقراءة المناطق التي يركز النظام على تعزيز حشوده العسكرية فيها، أن تشن قواته هجومها على إدلب انطلاقاً من المحاور الآتية:

  • محور ريف اللاذقية الشرقيّ؛
  • محور منطقة جورين في ريف حماة الشمالي الشرقي؛
  • محور مطار أبو الضهور في ريف حلب الجنوبي.
 
ويمكن أن تكون الأهداف الرئيسية مع بداية الهجوم البري المناطق الآتية:

  • سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربيّ؛
  • جبل التركمان في ريف اللاذقية الشماليّ؛
  • جسر الشغور في ريف إدلب الشمالي الغربيّ؛

لكن ليس ثمة ما يؤكد أن قوات النظام والقوات الحليفة ستواصل تقدمها لاقتحام مدينة إدلب لاعتبارات تتعلق بالموقف الدوليّ، خاصةً الموقف التركي الذي يفضّل تجنيب المدينة الدمار وتجنيب المدنيين الموت والنزوح مع مواصلة السعي لإخلاء إدلب من التنظيمات "الإرهابية" ونزع السلاح الثقيل من المعارضة المسلحة، وإدارة المحافظة بتوزيع المهام الإدارية والأمنية بين النظام والمعارضة والقوات التركية والشرطة الروسية.
 
خريطة المعارضة المسلحة واستعداداتها:

تشير التقديرات الروسية إلى أن ما لا يقل عن 50 ألف مسلح ينتمون إلى المعارضة المسلحة والفصائل الجهادية يتواجدون في محافظة إدلب.

ويقدر عدد مقاتلي جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) ما بين 6 إلى 10 آلاف مسلح، بينهم من جنسيات أجنبية عربية وغربية.  

إلى جانب تشكيلي هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير، وهما الأكبر، تنتشر في محافظة إدلب فصائل "مستقلة" عنهما، مثل جيش العزة (جيش حر) وآخرين.

وهناك تنظيمات أخرى تدور في فلك تنظيم القاعدة أو ترتبط به تنظيمياً مصنفة بالتتابع على قائمة التنظيمات الإرهابية التي ترفض التسويات السياسية ورعاية الضامن التركي ومجمل اتفاقيات أستانة؛ مثل كتيبة البخاري (الأوزبك) والحزب التركستاني الإسلامي (الايغور) وحراس الدين (تنظيم قاعدة) وفصائل أخرى لمقاتلي القوقاز وغيرهم.

وفي 2 أغسطس/آب 2018، أعادت الجبهة الوطنية للتحرير هيكلة تشكيلها لتعلن عن ائتلاف جديد يحمل الاسم نفسه (الجبهة الوطنية للتحرير) يضم جبهة تحرير سوريا التي تضم في صفوفها حركة أحرار الشام ونور الدين زنكي وألوية صقور الشام وتجمع دمشق، وجيش الأحرار الفاعل بمنطقة إدلب وكان في السابق متحالفا مع هيئة تحرير الشام.

وتتعدى أعداد مقاتليها 40 ألف مسلح ينتشرون في مناطق عدة من محافظة إدلب، منها معرة النعمان وأريحا وبنش وجرجناز وتفتناز والقرى والبلدات المحيطة بها، وريفي حلب الشمالي والغربي، وكذلك في ريف اللاذقية الشمالي.

يمكن للجبهة الوطنية للتحرير التي تقدر أعداد مسلحيها بأكثر من 40 ألف مسلح أن تشكل قوة وازنة في ردع قوات النظام والقوات الحليفة في الهجوم المرتقب على إدلب في ذات الوقت يمكن لها أن تكون قوة متمكنة من مواجهة هيئة تحرير الشام في حال أصرت على عدم حل نفسها ووضع كل من روسيا وإيران هذا شرطا لوقف الهجوم ومنع تعرض إدلب إلى حرب باهظة التكلفة على سكانها والنازحين إليها.

 ومن غير المستبعد أن تشارك فصائل درع الفرات المدعومة من تركيا، والتي تسيطر على معظم شمال محافظة حلب، في "صد أي هجوم عسكري لقوات النظام على محافظة إدلب"[8]؛ وتتألف درع الفرات من أكثر من 25 ألف مقاتل ينتمون إلى عدد من الفصائل التابعة للجيش السوري الحر ويتلقون رواتبهم من الحكومة التركية.
 
المقاتلون الأجانب:

من بين أهم المعضلات التي تواجه المعنيين بتسوية الأزمة الراهنة في إدلب وتجنب تداعياتها المستقبلية، تبرز إلى الواجهة الأعداد الكبيرة من المقاتلين الأجانب (غير السوريين) وكيفية التعامل معهم مستقبلاً.

تحرص معظم دول العالم لضمان عدم عودة المقاتلين الذين يحملون جنسياتها من سوريا؛ ويواجه المقاتلون الأجانب عقوبات تصل إلى الموت إذا عادوا إلى بلدانهم الأصلية.

يشكل المقاتلون في الحزب التركستاني الإسلامي النسبة الأكبر من المقاتلين الأجانب، وينتمي هؤلاء إلى الأقلية المسلمة (الإيغور) في الصين التي استقدمت إلى سوريا المزيد من الجنود بهدف مقاتلتهم ومنع عودتهم إلى موطنهم الأصلي في إقليم "شين جيانغ" بالصين.

تشير تقديرات إلى أن عدد المقاتلين في الحزب التركستاني يتراوح بين 1500 و4000 آلاف يعيشون مع عوائلهم في مناطق سيطرة المعارضة في محيط مدينة جسر الشغور بريف إدلب الجنوبي الغربي؛ وتتعرض هذه المناطق للقصف بمختلف أنواعه بشكل مستمر.

يمكن لمقاتلي الحزب التركستاني بان يكونوا رأس حربة المعارضة في التصدي للهجوم على محافظة إدلب؛ وهؤلاء هم الأقرب إلى هيئة تحرير الشام من غيرها، ويمتلكون خبرات قتالية مشهود لهم بها ولهم مكانة معتبرة لدى الفصائل في إدلب.

والى جانب مقاتلي الحزب التركستاني، هناك كتيبة البخاري (الأوزبك) وكتيبة التوحيد والجهاد وغيرها من المجموعات القتالية الأخرى التي تتشكل من مقاتلين قدموا إلى سوريا من أوزبكستان أو من دول أخرى مثل أفغانستان حيث كانوا يقاتلون إلى جانب تنظيم القاعدة في باكستان وأفغانستان.

أما جند الشام وأجناد القوقاز، فتتشكلا من مقاتلين من جمهورية الشيشان، معظمهم شاركوا في القتال ضد الاتحاد السوفيتي السابق قبل تفكيكه؛ ولا يعرف عن التشكيلين، رغم إن أعدادهم لا تصل إلى ألف مقاتل، أي تدخل في الخلافات والقتال بين الفصائل في سوريا.

في أي إعادة هيكلة للفصائل المصنفة على قائمة الإرهاب استجابة لضغوط محلية وإقليمية لتجنب معركة إدلب، فان المقاتلين الأجانب سوف لن يكونوا جزءاً من التشكيلات الجديدة بعد إعادة هيكلتها.

قد يجد المقاتلون الأجانب أمامهم خيارات محدودة تدفعهم للقتال حتى النهاية.

ومن المرجح أن يعيد المقاتلون الأجانب الذين يتم استبعادهم من الفصائل التي ينتمون إليها تنظيم أنفسهم في فصيل جديد أو أكثر، أو انضمامهم إلى فصائل أخرى يعتقد أنها ترتبط بتنظيم القاعدة مثل حراس الدين (معظمهم من جنسيات عربية) وكتائب البخاري (أوزبك) والحزب التركستاني الإسلامي (إيغور).
 
توزيع مناطق سيطرة الفصائل في إدلب:

تفرض هيئة تحرير الشام سيطرتها على نحو 60 بالمائة من محافظة إدلب؛ وتتقاسم السيطرة عليها مع فصائل أخرى أهمها "الجبهة الوطنية للتحرير" التي تشكلت في 29 أيار/مايو 2018 من نحو 25 ألف مقاتل من فيلق الشام وجيش إدلب الحر وجيش النصر وثمانية فصائل أخرى مدعومة من تركيا.

تتوزع مناطق السيطرة والنفوذ بشكل عام في المناطق المحررة بين الجبهة الوطنية للتحرير وهيئة تحرير الشام، إضافة إلى فصائل مستقلة أصغر حجما وأكثر "تشددا" من هيئة تحرير الشام، مثل حراس الدين الذي يضم بقايا مقاتلي جند الأقصى، ومجموعات انشقت مؤخرا عن الهيئة، إضافة إلى الحزب التركستاني الإسلامي وفصائل صغيرة محسوبة على تنظيم القاعدة.

تنتشر مناطق سيطرة ونفوذ هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها في مناطق وسط إدلب وعلى محور ريف حلب الغربي مروراً بريف إدلب الشمالي، ومن خان شيخون ومعرة النعمان ومناطق أخرى في ريف إدلب الجنوبي إلى معقلها الرئيس في مدينة إدلب.

ويسيطر مقاتلو أحرار الشام ضمن الجبهة الوطنية للتحرير على جزء من معرة النعمان.

تتشارك السيطرة على ريف إدلب الشمالي خليط من حركة أحرار الشام ومقاتلي فصائل أخرى تمركزت في المنطقة بعد عقدها مصالحات مع قوات النظام في مناطق الزبداني ودرعا ودوما والرستن التابعة لريف حمص؛ ويتواجد مقاتلو تلك الفصائل أيضا في مناطق سرمدا وبلدتي كفريا والفوعة بعد إخراج سكانها منهما.

ويسيطر الحزب التركستاني الإسلامي على مناطق سهل الغاب في محافظة إدلب وجسر الشغور ومناطق أخرى من ريف إدلب الشمالي الغربي في دركوش التي تبعد 28 كيلومتراً إلى الشمال من بلدة جسر الشغور، وكذلك في سهل الروج وريف اللاذقية الشمالي الشرقي، والحزب قريب من هيئة تحرير الشام وكذلك من تركيا؛ ويتركز ثقلهم العسكري في منطقة جبل السماق وبعض القرى في إدلب.

أما ألوية صقور الشام فتسيطر على مناطق جبل الزاوية في ريف إدلب الشمالي الغربيّ.
 
موقف أطراف أستانة من معركة إدلب:

تتفق الدول الثلاث المعنية بمسار الأستانة، الراعي الروسي والضامنين تركيا وإيران، على إخلاء محافظة إدلب من التنظيمات المدرجة على قائمة الإرهاب؛ وهي مهمة الطرف التركي الضامن لفصائل المعارضة المسلحة في اتفاقات أستانة.

يمكن التفاهم بين الدول الثلاث على علاقة تشاركية متوازنة في إحلال السلام وفرض الامن في المحافظة للحفاظ على أرواح المدنيين وتجنيب المدينة سياسة الأرض المحروقة ضمن تسوية شاملة تحفظ مصالح جميع الأطراف المحلية والإقليمية.

من غير المستبعد أن يؤدي الهجوم الشامل على محافظة إدلب إلى تقويض اتفاقيات أستانة.

حذرت تركيا من أن أي هجوم على إدلب "سيقوض كافة الجهود السياسية سواء في جنيف أو في أستانة"[9] ويعرض العلاقات التركية الروسية للخطر.

يمكن لأطراف أستانة، وهم المعنيون مباشرة بتطورات ما يجري في إدلب، عمل ما يكفي لتجنب حدوث معركة مفتوحة على كل الاحتمالات في إدلب.

ومع أن الخيارات المتاحة أمام أطراف اتفاقيات أستانة محدودة، وإمكانية تطبيق معظم الحلول التي تبدو عمليا إمكانية معقدة، لكن في كل الأحوال لا يمكن تفادي تداعيات معركة إدلب إلا من خلال:

  • إنهاء هجمات الطائرات دون طيار على قاعدة حميميم الجوية الروسية
  • إخلاء كامل محافظة إدلب من التنظيمات المصنفة على قائمة الإرهاب
  • ضمان امن الطرق السريعة التي تمر عبر مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة عن طريق اتفاقية ملزمة للمعارضة بضمانات تركية في مقابل فتح الطرق التجارية بين تركيا ومناطق سيطرة المعارضة لضمان انسيابية السلع والبضائع من هذه المناطق واليها لتنشيط حركة التجارة
  • وقف القصف الجوي والبري من قبل الطيران الروسية والقوة الصاروخية ومدفعية النظام وطيرانه الحربي
  • تأجيل البت في موضوع عودة محافظة إدلب والمناطق المشمولة بالقطاع الرابع من مناطق خفض التصعيد إلى سيطرة النظام لتظل بمثابة الملاذ الآمن للمسلحين وعوائلهم إلى حين التوصل إلى تسوية سياسية شاملة وفق مسار مفاوضات جنيف.
  • إلزام الجانب الروسي الراعي لاتفاقيات أستانة بالتدخل لدى إيران، أو لدى النظام مباشرة، لوضع خطط استعادة محافظة إدلب خارج الاستراتيجيات العسكرية لقوات النظام، وتأجليها إلى مفاوضات التسوية النهائية.

سيكون على أطراف اتفاق أستانة تكثيف المشاورات للتوصل إلى حلول توافقية لتحييد الفصائل المتشددة والفصل بينها وبين الفصائل المعتدلة لتجنيب محافظة إدلب سياسة الأرض المحروقة التي تبدو نتيجة منطقية مقارنة بمعارك استعادة الزبداني ودوما والأحياء الشرقية من مدينة حلب ومدن أخرى شهدت معارك مفتوحة.
 
 
ويمكن لأطراف أستانة الاتفاق على تسوية تؤدي إلى:

  • إنهاء هجمات الطائرات بدون طيار على قاعدة حميميم الجوية الروسية في ريف اللاذقية.
  • تعليق هجوم إدلب إلى فترة زمنية تعطي تركيا ما يكفي من الوقت لإنهاء تواجد الفصائل الجهادية "المتشددة" في محافظة إدلب.
 
الموقف الأمريكي من معركة إدلب:

تعتقد الولايات المتحدة أن إدلب باتت "أكبر ملاذ آمن لتنظيم القاعدة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وتعد حصناً للتنظيم الذي يقوده ايمن الظواهري" على الرغم من فك ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة عندما غيرت اسمها إلى جبهة فتح الشام، ثم عادت وشكلت مع فصائل جهادية أخرى هيئة تحرير الشام"[10].

وتتفق الولايات المتحدة مع الدول الأخرى في اتفاقيات أستانة على القضاء على التنظيمات الإرهابية في المحافظة مع خلافات واضحة حول أساليب تحقيق ذلك مع روسيا وإيران اللتين تشددان على استخدام القوة العسكرية للقضاء على التنظيمات الإرهابية واستعادة النظام السيطرة على المحافظة.

ومع أن الولايات المتحدة أبدت اهتماما بمعركة إدلب، وحذرت في بيان مشترك مع بريطانيا وفرنسا من استخدام قوات النظام للأسلحة الكيميائية، وانهم سوف يردون "دون تردد" بشكل فوري، إلا أنّ الاستراتيجيات الأمريكية في سوريا ترتكز على القضاء الكامل على تنظيم الدولة ومنع ظهوره ثانية، والتصدي للنفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة قبل سحب جنودها البالغ عددهم الفي جندي من سوريا.

وتعمل الولايات المتحدة على عرقة جهود اتفاقيات أستانة التي تلعب فيها دوراً ثانياً والدفع باتجاه مسار جنيف الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، وتعتقد روسيا أن الولايات المتحدة "تهدف إلى التأثير على نتائج محادثات أستانة بالذات من خلال فرض عقوبات على الدول الثلاث المعنية بها، روسيا وتركيا وإيران.

وتشدد على "وجوب وقف الهجوم على إدلب لان أي حملة عسكرية تعد تصعيدا خطيرا للنزاع الذي ينذر بعواقب وخيمة" بعد أن "بدأت العملية العسكرية بالفعل رغم خطورتها والتحذيرات الواضحة من قبل الرئيس الأمريكي"[11].
 
الموقف التركي من معركة إدلب:

تسعى تركيا لانتزاع اعتراف دولي بشرعية تواجدها العسكري المؤقت على الأراضي السورية لحماية حدودها وأمن مدنها الحدودية والداخل التركي في مقابل التعاون والتنسيق مع روسيا وإيران، في إخلاء كامل محافظة إدلب من التنظيمات الموصوفة بانها تنظيمات إرهابية وسحب السلاح الثقيل من الفصائل "المعتدلة" من خلال مصالحة بين طرفي الحرب تفضي إلى عودة مؤسسات الدولة السورية إلى المحافظة وإدارة المعابر الحدودية.

وإلى جانب أن تركيا معنية بالحفاظ على أرواح المدنيين ومنع الأسباب التي تؤدي إلى نزوحهم من محافظة إدلب إلى حدودها الجنوبية، فإنها مهتمة بشكل أكبر باستمرار سيطرة فصائل درع الفرات على مناطق سيطرتها الحالية لتحجيم قدرات "قسد" في استعادة السيطرة على مناطق عفرين ومناطق أخرى على الشريط الحدودي سبق أن خسرتها لصالح تلك الفصائل.

تعارض تركيا أي عملية عسكرية شاملة تستهدف محافظة إدلب، كما تعارض سياسة فرض الأمر الواقع التي تتبناها روسيا والنظام السوري لبدء عملية عسكرية واسعة في سياق الحرب على التنظيمات الإرهابية.

وترى أن الميزات الجيوسياسية التي تتمتع بها محافظة إدلب تعطيها أهمية خاصة للأمن القومي التركي في المنظور الاستراتيجي يدفعها للتحرك في حال بدأت العملية البرية على المحافظة.

ركزت تركيا في القمة الثلاثية بطهران على ضرورة الاستجابة لعقد هدنة مؤقتة بين المعارضة المسلحة وكل من روسيا وقوات النظام، وإتاحة المزيد من الوقت أمام الجهود التركية لتفكيك بنية التنظيمات المصنفة على قوائم الإرهاب في مجلس الامن الدولي، مثل هيئة تحرير الشام وحراس الدين والحزب التركستاني الإسلامي ومجموعات أخرى مرتبطة بشكل ما بتنظيم القاعدة.

لكن ليس من المتوقع أن تنجح المساعي التركية في منع عملية إدلب طالما لا تزال هيئة تحرير الشام تصر على عدم حل نفسها، وتتمسك بالدفاع عن محافظة إدلب ومواجهة أي هجوم لقوات النظام والقوات الحليفة.

تتفق روسيا والولايات المتحدة على ضرورة القضاء على الفصائل "المتشددة" مع تباين وجهتي نظريهما في تحقيق مثل هذا الهدف الذي لا تختلف معهما كل من إيران وتركيا التي تؤكد على ضرورة التعاون مع روسيا والأطراف الأخرى "لكشف الإرهابيين والقضاء عليهم" بعد "الفصل بين الإرهابيين والمعتدلين"[12]؛ وترى الولايات المتحدة "أن هناك سبلاً متعددة لاستهداف الإرهابيين بفعالية دون وقوع كارثة إنسانية"[13].

بمرسوم رئاسي في 29 أغسطس/آب 2018، أدرجت تركيا هيئة تحرير الشام على قائمة الإرهاب بـ "الأسماء الأخرى المستخدمة من جانب جبهة النصرة الفرع السابق لتنظيم القاعدة في سوريا"[14]؛ وتنظيم القاعدة نفسه مصنّف على انه "إرهابي" لدى الحكومة التركية.

وترفض تركيا السماح لقوات النظام بشن حملة عسكرية على إدلب حيث "هناك ملايين المدنيين الذين لا يوجد للنازحين منهم من المدينة أي مخرج من ملاحقة قوات النظام سوى تركيا"[15].

وتبذل جهودا متواصلة في "الحفاظ على الوضع الراهن في إدلب ضمن مناطق خفض التصعيد، وتجنب وقوع مآسي إنسانية فيها" من خلال "التركيز على المسار السياسي لوقف الهجمات الجوية"[16] المستمرة بشكل مكثف منذ 4 سبتمبر/أيلول 2018.
 
 
عززت تركيا بشكل متواصل وجودها العسكري بمزيد من الجنود والآليات والمدفعية في ولاية انطاكية على حدودها الجنوبية مع محافظة إدلب ونقاط المراقبة التابعة لها مناطق خفض التصعيد؛ كما أن روسيا استقدمت المزيد من القطع البحرية إلى الساحل السوري والمياه الدولية في شرق البحر الأبيض المتوسط كأكبر حشد بحري منذ الحرب الأهلية في سوريا.

يمكن للتعزيزات التركية أن تساهم في:

  • رفع معنويات مقاتلي المعارضة المسلحة
  • تردد القوات النظامية من شن هجوم واسع على مدينة إدلب التي يقطنها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة بسبب انتشار الجنود الأتراك
  • منع تدفق النازحين بأعداد غير مسبوقة باتجاه الحدود التركية خارج قدرة تركيا على استيعابهم وتامين مستلزمات وجودهم على أراضيها
 
تخشى تركيا من تدفق كبير للنازحين المحتمل خروجهم من محافظة إدلب ومناطق الاشتباكات ضمن خطوط التماس الراهنة باتجاه الحدود التركية، أو إلى داخلها ومن ثم إلى دول الاتحاد الأوربي وهو ما تتخوف منه هذه الدول التي تتدارس مع روسيا خطة لإعادة اللاجئين لديها إلى سوريا.

ولا تبدو الحكومة التركية مستعدة لاستيعاب المزيد من اللاجئين على أراضيها وتحمل أعباء إضافية لمئات آلاف اللاجئين الجدد (800 ألف لاجئ وفق الأمم المتحدة) يضافون إلى أكثر من 3.2 مليون لاجئ سوري على الأراضي التركية.

كما إن موجات النزوح الواسعة من مناطق سيطرة التنظيمات الموصوفة بالإرهاب يمكن أن تعطي فرصة لتسلل أعداد منهم سيشكلون مستقبلاً تهديداً للأمن التركي الداخلي.
 
النتائج:

قبل أيام من قمة طهران في 7 سبتمبر/أيلول 2018 والأيام اللاحقة أصبحت معركة إدلب عنوانا لتحركات دبلوماسية على مختلف المنصات الدولية والمباحثات بين مسؤولي البلدان المعنية بتطورات المعركة المحتملة.
 
تبدو الحلول التوافقية بين الأطراف الإقليمية المعنية بالصراع السوري، وتحديدا معركة إدلب، غير قابلة للتطبيق على ارض الواقع ما لم تحدث متغيرات جوهرية في تحالفات الأطراف المحلية مع الأطراف الإقليمية وتقديم تنازلات من قبل جميع الأطراف. 

في حال نفذ النظام استراتيجياته المعلنة بالهجوم على إدلب لاستئصال التنظيمات المصنفة إرهابيا، واستعادة ما تبقى من أراضي خارج سيطرته، فان مثل هذا الهجوم الواسع "قد" يكون من الصعب وقفه قبل تحقيق قوات النظام أهدافها عن طريق القوة العسكرية إلاّ في حالة التوصل إلى تفاهمات تركية روسية إيرانية قد تشارك فيها الولايات المتحدة بشكل ما تفضي لوقف القتال مقابل تدخل تركي فعال مع فصائل المعارضة المسلحة الحليفة لها والفصائل المعتدلة الأخرى للتعامل مع التنظيمات المصنفة على قائمة الإرهاب.  

هناك ثمة شكوك في توقع معركة مفتوحة لاقتحام إدلب لاعتبارات تتعلق بـ:

  • خشية قوات النظام والقوات الحليفة لإيران من الدخول في اشتباكات مباشرة تتكبد فيها خسائر كبيرة في ظل واقع معاناة تلك القوات من عدم القدرة على التجنيد والحشد بما يكفي لتعويض الخسائر المتوقعة.
  • الرغبة الروسية في الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع تركيا التي تعارض بشدة أي هجوم واسع على محافظة إدلب مع عدم ممانعتها في شن هجمات محدودة لأهداف منتقاة تعود للتنظيمات المصنفة على قائمة الإرهاب، ومنها هيئة تحرير الشام.

الهوامش:


[1] مندوب روسيا الأممي: نحو 50 ألف إرهابي ينشطون في إدلب، قناة العالم، 7 سبتمبر/أيلول 2018  
[2] القمة الثلاثية حول سوريا: روسيا وإيران وتركيا ستتعامل مع الوضع في إدلب "بروح من التعاون" (بيان مشترك)، فرانس 24، 7 سبتمبر/أيلول 2018
[3] سوريا ترى أن منطقة خفض التصعيد في إدلب سقطت والجيش يعزز انتشاره بتلول الصفا، ريحان نيوز، 9 سبتمبر/أيلول 2018
[4] الأركان الروسية: القضاء على "النصرة" في 2018 تماما، قناة العالم، 27 ديسمبر/كانون الأول 2017
 http://cutt.us/AYJDA
[5] حميميم: سيتم القضاء على “جبهة النصرة” في إدلب قبل نهاية العام الجاري، جريدة الحقيقة، 28 أبريل/نيسان 2018
https://goo.gl/2qYoMN
[6] هايلي: نطالب دمشق بوقف الهجوم الكارثي على إدلب، روسيا اليوم، 7 سبتمبر/أيلول 2018
http://cutt.us/3rc1o/
[7] أنباء عن تنسيق بين سوريا الديمقراطية والنظام لاقتحام إدلب، الدستور المصرية، 11 أغسطس/آب 2018
[8] مع اقتراب المعركة: «درع الفرات» ترغب في الدفاع عن إدلب، صحيفة القدس العربي، 1 سبتمبر/أيلول 2018
[9] متحدث الرئاسة التركية: الهجوم على إدلب يقوض مساري جنيف وأستانة، وكالة الأناضول، 8 سبتمبر/أيلول 2018  
[10] بريت ماكغورك يؤكد أن إدلب أكبر ملاذ آمن للقاعدة منذ هجمات أيلول، العرب اليوم، 28 يوليو/تموز 2017  
[11] هايلي: نطالب بوقف الهجوم على إدلب الجمعة، قناة العالم، 7 سبتمبر/أيلول 2018
[12] تركيا: نسعى لحل مع روسيا لمسألة إدلب ويجب فصل الإرهابيين عن “المعتدلين”، قناة المنار، 3 أغسطس/آب 2018
[13] هايلي: نطالب بوقف الهجوم على إدلب الجمعة، قناة العالم، 7 سبتمبر/أيلول 2018
[14] تركيا تضع "هيئة تحرير الشام" في قائمة "الإرهاب"، شبكة رووداو الإعلامية، 1 سبتمبر/أيلول 2018
[15] ياسين أقطاي: تركيا لن تسمح للأسد بشنّ هجوم على إدلب، يني شفق العربية، 15 أغسطس/آب 2018
[16] جاويش أوغلو: ينبغي الحفاظ على منطقة خفض التوتر في إدلب، وكالة الأناضول، 8 سبتمبر/أيلول 2018  
رائد الحامد

باحث ومحلل سياسي عراقي. سبق أن عمل رئيساً لوحدة البحوث والدراسات في مركز بغداد للبحوث الاستراتيجية، وبعد ذلك كرئيس تحرير مجلة "نوافذ الثقافية" وعمل أيضا كمستشار في مجموعة الازمات الدولية. ساهم بتأليف كتاب بعنوان "الاحتلال الامريكي للعراق المشهد الاخير" الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية عام 2007.

اترك تعليق*

* إرسال التعليق يعني موافقة القارئ على شروط الاستخدام التالية:

- لهيئة التحرير الحق في اختصار التعليق أو عدم نشره، وهذا الشرط يسري بشكل خاص على التعليقات التي تتضمن إساءة إلى الأشخاص أو تعبيرات عنصرية أو التعليقات غير الموضوعية وتلك التي لا تتعلق بالموضوع المُعلق عليه أو تلك المكتوبة بلهجة عامية أو لغة أجنبية غير اللغة العربية.

- التعليقات المتكوبة بأسماء رمزية أو بأسماء غير حقيقية سوف لا يتم نشرها.

- يرجى عدم وضع أرقام هواتف لأن التعليقات ستكون متاحة على محرك البحث غوغل وغيره من محركات البحث.