Print this page

الإسلاموية الجديدة في ما بعد الربيع العربي

29 حزيران/يونيو 2018
 
ترجمة: حمزة ياسين

[هذه هي المادّة السادسة من ملف ينشره معهد العالم عن الإسلامويّة بعد الربيع العربيّ. للاطلاع على المادة الأولى هنا، والثانية هنا، والثالثة هنا، والرابعة هنا، والخامسة هنا].
ملخص: كشف الربيع العربي عن صعود الإسلاميين وموجة من الحركات الإسلامية عبر المنطقة. تخضع الأجندة الإسلامية للنقاش على قضايا تتعلق بالتزامهم بالديمقراطية والتعددية والحرية الفردية. يرتبط بذلك فهم تطور تعريفهم للإسلاموية وكيف ينظر اللاعبين لأنفسهم. تقدم المقالة خلفية مختصرة لوصف وتعريف الإسلاموية الحديثة. تم وصف ملامح الأحزاب السياسية الإسلامية. توفر المقالة تعريفاً للإسلاموية الجديدة تعكس معظم الاتجاهات الحديثة، بما فيها هذه السمات الرئيسية/ التدين غير التقليدي، والتدرجية، وتحديث الإسلام، والوطنية، والعلاقات البراغماتية مع الغرب.
 
يعد بروز الإسلاميين والأحزاب الإسلامية السياسية أحد المعالم الواضحة للثورات العربية في عام 2011. فمع بداية هذه الثورات السياسية المؤثرة في المنطقة، كان معظم الإسلاميين إما في السجن أو في المنفى في الغرب أو يعملون بالخفاء. يقول بعض الباحثين أنه في حين لم تقم التنظيمات والميليشيات الإسلامية بإشعال الثورات، أو حتى المشاركة في الثورتين التونسية والمصرية، إلا أنهم "اختطفوا" الربيع العربي للوصول إلى السلطة (Bradley 2012, Cavatorta 2012a). إن الجدل القائم حول دور وأجندة الإسلاميين العرب، بالإضافة لدورهم في هذه الثورات قد أشعل نقاشاً طويلاً حول الإسلاموية ومدى التزامها بالديمقراطية والتعددية والحريات الفردية.
 
بالرغم من عدم قيام الإسلاميين بإشعال الثورات الشعبية الكبيرة،
 
إلا أن مقاومتهم للحكام المستبدين والتي طالت لعقود جعلت الناس ينظرون إليهم مثل حكومات الظل. حيث كان يتضمن التصويت للإسلاميين قطيعة واضحة مع الماضي السقيم وقناعة (يراد اختبارها) بقدرتهم على جلب الوظائف الجيدة والاستقرار الاقتصادي والشفافية والشمولية. (Gerges 2013, p. 390)
 
بالإضافة إلى ذلك، وضع التطور الدراماتيكي للثورات منذ بدايات عام 2013 الجماعات الإسلامية في جبهة الحياة السياسية العربية، وإعادة العامل الإرهابي إلى دائرة الحسبان، ونماذج الانقلاب العسكرية المختلفة، والحاجة الملحة لمراجعة الإسلام المعتدل ومدى التزامه بالتعددية والديمقراطية. كما جلب الحاجة لتفحص شامل للفرص المتسارعة لبروز الجماعات الإرهابية مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة التابعة للقاعدة، والتي تمكنت من الاستفادة من الثورة السورية في عام 2012.
 
تتناول هذه الدراسة فقط ما يدعى بالجانب المعتدل من الإسلاموية، والتي تتألف بشكل رئيسي من أفرع جماعة الإخوان المسلمين المصرية حول العالم العربي، وبأسمائها المختلفة. وضعت هذه التيارات الإسلامية السائدة خلافاً على مدى التزامها بالديمقراطية والتعددية، بالرغم من النجاحات الديمقراطية النسبية في تونس والمغرب، خلال وبعد إخراج الرئيس المصري السابق محمد مرسي في عام 2013. شابت الاتهامات بالحكم السلطوي فترة حكم مرسي التي دامت لعام واحد، مما أدى لاحتجاجات شعبية هائلة وتعبيرات معادية لجماعة الإخوان المسلمين وتغيير كامل للنظام (Wolf 2014).

وفي أثناء ذلك، كانت تجربة حركة النهضة في تونس مختلفة جداً، وذلك مع فوز الحزب في انتخابات حرة وتشكيل حكومة ائتلاف مع حزبين علمانيين. وفي ظل تمرد على النمط المصري وضغط علماني، قامت حركة النهضة بإرادتها بتسليم السلطة لحكومة مؤقتة في أواخر عام 2013 مترقبة للانتخابات العامة في 2014. كما نجح الإسلاميون في المغرب في ممارسة التعددية وتشكيل حكومة على النمط الائتلافي. وتعززت مكانة حزب العدالة والتنمية التركي في السلطة بعد انتخابات عام 2013 واحتجاجات منتزه غيزي، ووصول الزعيم التاريخي رجب طيب إردوغان ليصبح أول رئيس تركي منتخب بشكل مباشر.
 
 
إن الإسلاموية ظاهرة واسعة ومتنوعة تتضمن العديد من القناعات والاتجاهات. لكن تركز هذه الورقة على الإسلاموية كحركة معتدلة، كما تم رصدها من التاريخ والواقع المعاصر، مع تفحص سماتها ومدى التزامها بالديمقراطية والتعددية. يتضمن النقاش تكهنات بالسيناريوهات المتوقعة للإسلاموية في المستقبل القريب.
 
ما هي الإسلاموية؟
 
يعد الإسلام السياسي ظاهرة حديثة نسبياً ضمن المجتمعات الإسلامية حول العالم. لم تكن كلمتي الإسلاموية وإسلامي في السياق السياسي مستخدمتين بين المجتمعات العربية والإسلامية إلى حين بداية القرن العشرين، وهي الفترة ذاتها التي سقطت فيها "آخر خلافة" تحت حكم الإمبراطورية العثمانية في عام 1924.
 
نشر العالم العقائدي المسلم المشهور خلال القرن التاسع، أبو الحسن الأشعري (874-936) كتابه المؤثر "مقالات الإسلاميين"، والذي يتضمن مجموعة من الروايات المتنوعة من العلماء المسلمين. لكن لا توجد علاقة قريبة بين الإسلاموية الحديثة وعلم العقائد أو حتى الفقه الإسلامي أو "الشريعة". إنها ظاهرة أيديولوجية تطمح للبروز لكن عبر النظر إلى الشريعة كجزء من النظام السياسي الطوباوي. تمتلك الإسلاموية طموحات اجتماعية بالإضافة للسياسية، بحيث تهدف لإدخال الإسلام بهذه الطريقة في السياسة والشؤون الدولية والاقتصاد والقوانين المدنية والدستورية.

يبدو أن التعريف الأدق لذلك هو ما ذكره أيوب، والذي وصف الإسلاموية بـ "شكل من تحويل الإسلام إلى أداء من قبل الأفراد والجماعات والمؤسسات التي تبغي أهدافاً سياسية" (2008, p. 2). وفي النهاية، يعد الإسلام السياسي أيديولوجيا سياسية معاصرة، بدلاً من كونها ديناً أو طائفة دينية أو عقيدة.
 
إن شعار جماعة الإخوان المسلمين المصرية المشهور: "الإسلام هو الحل"، يشير إلى كون الإسلاموية حركة اجتماعية سياسية في المقام الأول. لكن الإسلاموية، كما يشير غريغ بارتون،
 
]تغطي[ طيفاً واسعاً من القناعات، في الطرف الأقصى الأول يوجد أولئك الذين يكادون يفضلون أن يحصل الإسلام على اعتراف ملائم في الحياة الوطنية فيما يتعلق بالرموز الوطنية. وفي الطرف الأقصى الأخر نجد أولئك الذين أن يحققوا التغيير الجذري للمجتمع والسياسة، أياً كانت الوسائل، والتحول إلى ثيوقراطية مطلقة. (Ayoob 2008, p. 2).
 
لكن نمو التطرف الإسلامي وما يسمى بالإرهاب الإسلامي قد جعل الحركات الإسلامية مرادفةً للقاعدة وأشباهها من الجماعات الدولية (Cavatorta 2012a, Roy 2012a).
 
أظهرت الانتخابات التونسية والمصرية في عام 2011 أنه ما من حزب إسلامي واحد يمكن له ادعاء احتكار تعبير معين عن "الإسلام" في الفضاء السياسي (Roy 2012d) إن التطرف الإسلامي، بالاقتباس من دالاكورا Dalacoura (2007)،
 
يشكل عنصراً واحداً فقط ضمن صورة أوسع وأكثر تعقيداً. لقد تقدمت معظم الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط لخطوات نحو الاعتدال و، بشكل أكثر تحديداً، نحو إدماج مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية داخل خطابهم الأيديولوجي (p. x)
 
إن جذور الإسلام السياسي قديمة قدم الإسلام نفسه. ففي الأيام والشهور التي تلت وفاة النبي محمد، برزت العديد من الجماعات الإسلامية. وبالرغم من عدم دعوتهم جميعاً للإسلام كحل جاهز لمشاكلهم الاجتماعية أو الصراعات السياسية الناشئة، إلا أن الإسلاميين قد بروز إلى الساحة العامة كأحزاب سياسية أو علماء أو تجمعات طائفية تدعى المذهب (سني، شيعي، علوي، إلخ). كان أكثر العلماء والسلطات المعتبرة في الساحة هم علماء العقائد، المتخصصون في الجدل والخطاب، والذين يُعرفون بعلماء الكلام. الكلام هو الفلسفة الإسلامية التي تسعى للوصول للمبادئ العقدية عبر الجدل.
 
As Euben (2006) explains, Muslim political theorists
وكما يوضح إيوبن Euben (2006)، فإن المنظرين السياسيين المسلمين
 
كانوا ينخرطون في سلسلة من الجدالات ضمن التقليد الإسلامي حول طبيعة السلطة السياسية على سبيل المثال، والعلاقة بين العقل والكشف المعرفي، وأنسب الطريق ليكون الفرد مسلماً (p. 298)
 
لم يناقش الفلاسفة الإسلاميون المواضيع العقدية فقط، مثل الكتب المقدسة، والأنبياء والرسل، وكيفية إثبات وجود الله وسيادته، بل دخلوا أيضاً في أكثر القضايا السياسية جدلية في الصميم.
 
منذ المراحل المبكرة لدولة المسلمين، كان عادةً ما يتم توظيف العلماء والنخبة الفكرية من قبل الحكام المتدينين وغير المتدينين على السواء لتبرير والتلاعب والتأثير على المجتمعات المسلمة فيما يتعلق باختراقاتهم للنصوص المقدسة وتغطية أفعالهم غير المشروعة. وخلال الـ 12 قرناً، لم يتطور بالكاد العدد الهائل من الجدالات إلى علم سياسة إسلامي مستقل، كما لم يمضوا أبعد من ذلك نحو تطوير أدوات لتحديد وحماية الحقوق السياسية والمدنية الشخصية والحريات العامة أو مشاركة السلطة.

وفي الواقع، فإن التصور الحديث عن إعادة زرع الإسلام في الحياة العامة واعتبار السياسة كجزء أصيل من الدين قد تطور مع مفكري القرن التاسع عشر والقرن العشرين الذين كانوا مدفوعين بتحدي التواصل المباشر مع القرب. من أبرز هؤلاء المفكرين جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا، مؤسس المجلة الفكرية المشهورة المنار. وكان حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، يعمل مع رضا وكان متأثراً جداً بآرائه الإصلاحية.
 
إن تصورات الأفغاني وعبده الإصلاحية عن الإسلام الحقيقي كدين عقلاني ينبغي أن يُنظر لها ضمن تقليد طويل من التجديد والإصلاح في التاريخ الإسلامي الفكري والفقهي على مدى القرون (Euben 2006, p. 301). فالتركيز الخاص لدى العلماء المسلمين على العقيدة والآراء والتنظيم الإسلامي السياسي قد استمر بالتوازي مع الدول الإسلامية الناشئة وحتى سقوط الإمبراطورية العثمانية وتأسيس دولة تركيا الحديثة العلمانية على يد مصطفى كمال أتاتورك (1881-1938) في عام 1923.

بعد ذلك بعام، ألغى أتاتورك الخلافة العثمانية، والتي مثلت صدمة كبيرة للإسلاميين حول العالم (Al-Rahim 2011). ومع إلغاء الخلافة في عام 1924، تم الفصل بين الإسلام والدولة بشكل رسمي. كاستجابة لذلك، تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر في عام 1928، وبعد أربعة سنوات، استولى الوهابيون على السلطة في الرياض (Elhadj 2012).
 
جماعة الإخوان المسلمين
 
بدأت الإسلاموية الحديثة كجماعة حول عام 1928 عندما، بالاقتباس من رايت Wright (2012a)،
 
حشد معلم مدرسة ذو إثنين وعشرين عاماً ستة عمالٍ ساخطين من شركة قناة السويس المصرية. كانت بالأصل حركة اجتماعية ودينية لكن جماعة حسن البنا الصغير نمت لتصبح جماعة الإخوان المسلمين. (p. 4)
 
كرَّس مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا (1906-1949)، تعاليمه لمواجهة واقع سقوط آخر خلافة، هادفاً لتأسيس دولة إسلامية عابرة للحدود. كانت الإسلاموية في هذه المرحلة المبكرة، أي خلال حياة البنا، مباشرِةً وبسيطة وبدت كمقابل للعلمانية. إن جماعة الإخوان المسلمين هي أول حركة إسلامية معروفة في العالم العربي، وهي تنظيم مؤسس بشكل فريد تمكن من الانتشار في أكثر من 80 دولة منذ نشوئها. ودعت لدور أكبر للإسلام في الحياة العامة والخاصة، وذلك في مقابل دعوة أتاتورك لتبني مبدأ علمانية الدولة في تركيا.
 
وضعت آراء حسن البنا عن أسلمة الدولة والحياة العامة أيديولوجية مطلقة عن الإسلام باعتباره الحل الوحيد للضعف السياسي والتخلف والإمبريالية والصراع العربي الإسرائيلي. أصبحت الجماعة نشطة في فلسطين في الثلاثينيات، أي بعد سنوات قليلة من تأسيسها، حيث قامت بتزويد الأسلحة وتدريب المقاتلين لمقاومة الاحتلال البريطاني وغزو المستوطنين اليهود الصهاينة (Hessler 2012). رفض البنا ذات نفسه استخدام العنف في الصراع السياسي ضمن المجتمع المصري، وذلك بالرغم من واقع أنه خلال الثمانين سنة القادمة، تم اتهام جماعة الإخوان من قبل الحكام المصريين باستخدام العنف أو الإرهاب المدفوع سياسياً.
 
جعلت جماعة الإخوان الإسلام كأيديولوجيا حديثة، وقامت بتسييس الإيمان الإسلامي، مختارةً عدم إضافة التدين إلى حياة أبناءها، على عكس الجماعات الدينية الإحيائية التقليدية (Roy 2013). هذا يتعارض مع التوجه الشرعي النقي عند العلماء (الفقهاء المسلمين والعلماء الدينيون) الذين يعتبرون تطبيق الشريعة المعيار الوحيدة لأي دولة إسلامية. يعتقد العلماء بأنه ينبغي على الدولة الإسلامية أن تمتلك القدرة على تطبيق الشريعة من أعلى لأسفل، أو إعادة أسلمة المجتمع على طريق الإسلام.

ويُدَّعى أن إعادة الأسلمة هي واجب على من هو موجود في السلطة (Roy 2013). ضمن جماعة الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية المشابهة، ثمة شعور منتشر بأن سبب مرض "المجتمع" ينبعث بالدرجة الأولى من الخيانة الداخلية، بدلاً من الاستبداد بالقوة من الخارج (Abdo 2000, p. 8).
 
إن الفكر الإسلامي في أواخر القرن التاسع عشر ومنذ الأربعينات وخلال السبعينات قد ركز على أفكار مقاومة للإمبريالية وهموم اجتماعية واقتصادية، في حين ركز الفكر الإسلامي والدعوات الإسلامية بعد السبعينات على القيم الأسرية، والشؤون الداخلية للدولة، والأعراف الجنسية التقليدية، والتحول الديمقراطية والأصالة الثقافية (Abdo 2000, Stepan 2012, Roy 2013).

وعلاوة على ذلك، كانت شعارات ثورة عام 2011 من الشباب ما بعد الإسلامي غير المسيس أو كوادر الإسلاموية الجديدة فارغةً من الشعارات المعارضة للغرب والمعارضة لأمريكا، وركزت في معظمها على كلمة واحدة: ارحل، ورددوا "الشعب يريد إسقاط النظام". انتشر شعار 2011 في شوارع تونس، والتي كانت في الواقع تلفظ مثل الكلمة الفرنسية الغريبة dégage، وحتى ميدان التحرير في المصري، وصولاً إلى اليمن وباقي الدول العربية.
 
لقد كافحت جماعة الإخوان دائماً للمشاركة في الحياة السياسية ودخلت في سباق الانتخابات. وبالرغم من اتهامات جمال عبد الناصر لخطة انقلاب خلال منتصف الستينات، والتي يتم التأكد منها وقد أنكرتها جماعة الإخوان، وبالرغم من التعذيب الكبير الذي تعرض له مساجين الجماعة، وعلى عكس الجماعات المنشقة عن الإخوان مثل الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي؛ لم تنخرط جماعة الإخوان مطلقاً في ثورات مسلحة. "سبعون عاماً من الحياة السياسية الحذرة لا تؤهل بالكاد أي جماعة لتكون ثورية" (Roy 2013).
 
لكن التنظيم الذي نشر أفرعه على أكثر من 80 دولة قد فشل في الضغط على الحكومات حول العالم، على عكس ما قد يتوقعه المرء من تنظيم عابر للحدود يمتلك مئات الملايين من الأعضاء، سواءً أكانوا نشاطين أو مجرد متعاطفين. لا تمتلك الجماعة تصميماً جيو استراتيجي جيد، كما يصف روا Roy (2013). لكن لم يتوقف التنظيم إطلاقاً عن خطابها العامة عن التضامن مع والانتماء للأمة الإسلامية، أي المجتمع المسلم حول العالم.
 
أحد أبرز الأيديولوجيين الإسلاميين المعاصرين، الباكستاني من أصل هندي أبو الأعلى المودودي (1903-1979)، صاغ المفاهيم الأيديولوجية الرئيسية لجماعة الإخوان. كان منظوره للإسلام سياسياً بشكل جوهري (Ayoob 2008). وكما يؤكد أيوب Ayoob (2008)،
 
لقد وافق المودودي على السياسة فقط باعتبارها مركبة مشروعة لنشر الوحي الإسلامي وباعتبارها الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الروحانية الإسلامية، فهي مكان يمكن فيه ربط التقوى الدينية بالنشاط السياسي، وتنقية الروح مع التحرر السياسي، والخلاص مع الطوبى. (p. 67)
 
كان المودودي أول مفكر إسلامي معاصر يكتب عن الدولة الإسلامية في سياق أيديولوجي حديث. كتب البنا عن الدولة الإسلامية قبل المودودي، لكن كانت كتاباته عبارة عن خطابات وخطب ورسائل بشكل رئيسي وليست بحثاً أكاديمياً. كان تصور المودودي عن الدولة الإسلامية ثمرةً عن الحداثة وبالتالي جعله بعيداً عن الفكر السياسي الكلاسيكي في بدايات الإسلام. إن انفجار أعمال الشغب العرقية والدينية في موطنه، شبه القارة الهندية، عقب خروج الاستعمار، قد أدى لتشكيل دول هندوسية وإسلامية متفرقة في عام 1948.

كان لدى الأخيرة، والتي أصبحت تعرف بباكستان، تأثيرٌ كبير على المودودي وألهمته الالتزام بالمفهوم الجديد عن السيادة الحديثة للدولة الوطنية، والتي قد تبدو للوهلة الأولى متناقضة مع مفهوم الأمة الكونية. وفي الواقع، كان يهدف المودودي ربط مفهوم "الدولة" بالحاكمية (السيادة الإلهية)، والتي تؤدي في النهاية إلى احتكام المسلمين للشريعة على طريق الله (Ayoob 2008).
 
أحد أبرز المفكرين أصحاب الكاريزما في حركة الإخوان المسلمين هو سيد قطب، والذي يقال أنه المسؤول عن الجهادية المصرية والجماعات السلفية، والتي انتشرت في السبعينات. تم الحكم بالإعدام على سيد قطب في قضاء عسكري، وتم إعدامه في 29 أغسطس 1966 في ظل نظام جمال عبد الناصر.
 
حصل تطور جوهري للإسلاموية خلال السنوات العشرين الأخيرة، وقد أدت في بعض الأوقات لوجود رسائل وأجندات متناقضة. حصلت الإسلاموية على شعبية أكبر خلال السبعينات والثمانينات، خاصة بعد اغتيال الرئيس المصري أنور السادات في 6 أكتوبر من عام 1981. وبعد ذلك بفترة، تحولت الأنظار نحو أفغانستان ونضال المجاهدين الأفغان والانتصارات المرتبطة بها ضد السوفييت. وخلال ذلك، تم إبعاد إسلاميي أفريقيا الشمالية في الجزائر من الوصول للسلطة، وذلك عندما تم طرد الجبهة الإسلامية لإنقاذ في عام 1992 في انقلاب عسكري، وذلك عقب فوز الإسلاميين في أول انتخابات حرة من الاستقلال في عام 1962.

دخلت الجزائر في حرب أهلية استمرت لعقد من الزمان، والتي قتل فيها أكثر من 200000 مدني. وبالاقتباس من Roy، كانت النتيجة الدموية لأول انتخابات ديمقراطية في العالم العربي تأثيراً واسعاً على حسابات الجماعات الإسلامية عبر المنطقة" (Roy 2012c, p. 11).
 
وخلال العشرين سنة التي تلت ذلك، أصبح المسلمون العاديون منزعجون من إراقة الدماء الذي سببها التطرف العنيف. كما أدى حجم القتل والدمار الذي خلَّفه التطرف الإسلامي قد ولد في صحوته أيضاً مصالح مختلفة بالنسبة للتسليح والجهاد (Roy 2012c).
 
وكنتيجة لفشل جماعة الإخوان في تحقيق تجاح ملحوظ في أي مكان تقريباً من العالم العربي، بدأ يخرج صوت جيل جديد يندد ببعض التصورات الأيديولوجية القديمة. إن الندية القائمة بين الأجيال القديمة والشابة تنعكس في التغيرات الداخلية الحاصلة ضمن تيار الإسلاموية. فالجيل الشاب، على عكس الحرس القديم الذي يستمر في السيطرة على المراتب العليا وصناعة القرار، كان متحمساً أكثر للتعددية وتبني التصورات الليبرالية مثل الديمقراطية وتداول السلطة.
 
إن الجانب الرئيسي في التطور السياسي والثقافي لجماعة الإخوان هو التوجه نحو ما سموه بـ"الدولة المدنية"، والتي تدمج المثال الطوباوي عن الشريعة بنظام ديمقراطي يفترض أن يحمي مجموعة واسعة من الحريات المدنية (Tudoroiu 2011). فخطاب حركة الإخوان المسلمين عن الديمقراطية خلال بداية الألفية، والتي كان
 
يتم مواجهتها بقمع الأنظمة السلطوية العنيف، قد حوَّل الديمقراطية البرلمانية، والحريات السياسية الكاملة ونهاية جميع القوانين الاستثنائية إلى دوافع مركزية لرسالتها وحملاتها. بل أصبحت الحركة حتى أكبر وأكثر القوى تأثيراً في الحركة المناصرة للديمقراطية التي عاشت لفترة قصيرة بين 2004-2006 (Tudoroiu 2011, p. 384).
 
لكن هذا التحول الجوهري كان نتيجة لنقاش جدلي معقد وقد لمس في معظمه المفاهيم السياسية والاستراتيجية، بدلاً من إحداث تغيير حقيقي في الأيديولوجيا. وعلاوة على ذلك، تخشى مجموعات حقوق الإنسان من قيام الحكومة التي تسيطر عليها جماعة الإخوان من فرض قيود اجتماعية وسياسية صارمة على النساء والمسيحيين الأقباط. أشعلت مشاهد من أداء الرئيس مرسي هذه المخاوف وأثارت العلمانيين والليبراليين والمسيحيين الذين فشلوا في الحصول على حصة في الكعكة، أو إيجاد أرضية مشتركة مع جماعة الإخوان وأجندتها.
 
 
ما بعد الإسلاموية والإسلاموية الجديدة
 
لقد بات يُستخدم مصطلح الإسلاموية الجديدة بشكل واسع في العشرين سنة الأخيرة على الصعيد الإعلامي، ثم من قبل الأكاديميين من مختلف المؤسسات، وذلك لوصف ظاهرة الإسلام السياسي. استخدم أكاديميون من أمثال Khalifa (2012) وIbahrine (2012)  و Boubekeurو Roy (2012) هذا المصطلح من دون تعريفه، لكن يبدو أنهم عنوا به ما يعرف بالإسلاموية المعتدلة والتي ترتبط في معظمها بحركات الإخوان المسلمين، وقد تمتد إلى حزب العدالة والتنمية التركي.
 
يشير مارك ليفاين إلى هذا الارتباك الاصطلاحي في الفقرة التالية:
 
إن ما يجعل الأشخاص والأوضاع التي وجدها بـ "الجديدة" أو "ما بعد" أو "ما وراء" الحدود التقليدية لما يصفه الباحثون بـ "الإسلاموية" (أي النشاط السياسي أو الاجتماعي القائم على أسس دينية) هي أنها تعمل على إعادة تعريف للإسلام ونشاط المسلم بحيث لا يكون منبع سلوك أو اعتقاد معين لتشريع إسلامي أو منظور عقدي أرثوذكسي هو المعيار الرئيسي للحكم على ما إذا كان "إسلامياً" بالشكل المناسب أم لا (Boubekeur and Roy 2012, p. 206).
 
قام روبين رايت، مؤلف كتاب "الإسلاميون قادمون: من هم على الحقيقة" (2012b)، باستخدام تعبير "الإسلاموية الجديدة" لوصف الأعضاء المعتدلين من جماعة الإخوان وأفرعها، مثل حزب النهضة التونسي وحزب الحرية والعدالة المغربي ]حزب العدالة والتنمية – المترجم[، والتي تحظى بسمعة كونها متقدمة وبراغماتية وتتعطش لغايات الشريعة بدلاً من تطبيقها الحرفي. في هذا الصدد، يمكن وصف الإسلاموية الجديدة، بكلمات روبين رايت، بالتالي:
 
أكثر مرونة ]من الأشكال التقليدية الأخرى من الإسلاموية[، خبيرة وناضجة في منظورها السياسي. ترتبط الشريعة بالنسبة لهم بالقيم والحضارة والسياق السياسي. تسعى الإسلاموية الجديدة للغايات النهائية للشريعة لكن من دون ربط كل موقف بنص ديني محدد. ويعتقدون بأن الإسلام ديناميكي ولا يضع قوانين ومعتقدات ثابتة، بل هو نظام إيماني عضوي يمكن أن يتكيف مع أو يعيش مع الأزمات. يمكن أن تكون الإسلاموية الجديدة تقدمية بل وليبرالية في بعض الأمور. تثق الإسلاموية الجديدة بالباحثين الإصلاحيين (2012b, p. 9).
 
يضع رايت الإسلاموية السنية في ثلاثة فئات: تشير الفئة الأولى إلى الإسلاموية الكلاسيكية، والتي تتضمن بشكل رئيسي السلفيين وبعض المفكرين شديدي الكلاسيكية من جماعة الإخوان مثل سيد قطب، وتشير الفئة الثانية إلى الإسلاموية الجديدة الموصوفة آنفاً، والفئة الثالثة هي ما بعد الإسلاموية، والتي "تلتزم بفصل الدين عن الخطاب السياسي، بالرغم من عدم فصلها للقيم عن السياسة" (Wright 2012a).
 
بناء على تصنيف رايت، لن تحتفي ما بعد الإسلاموية بالعلمانية الكلاسيكية، لكنهم لن يروجوا للشريعة. قد يكونون هم كأفراد مسلمين وأتقياء ويلقون اعتباراً للقيم والأخلاق بأن تكون محورية في الحياة السياسية. يشير رايت إلى حزب العدالة والتنمية التركي كمثال مناسب على ما بعد الإسلاموية (Wright 2012b). لكن تصنيف رايت يقدم فقط توصيفاً لقيم الإسلاموية الجديدة وبعض نشاطاتها، بدلاً من تقديم تعريف علمي أو منهجية لتفريقها عن الأنماط الأخرى من الإسلاموية.
 
وفي ورقة حديثة، يستخدم روا Roy (2012c) كلمة "الإسلاموية الجديدة" ليصف هذه الأحزاب الإسلامية القديمة التي تواجه مرحلة جديدة من التحولات، من فقدان المشروعية في ظل الأنظمة القديمة، إلى السلطة، مشيراً إلى التغيرات الهائلة في الأيديولوجيا والسياسات اليومية. وبحسب روا:
 
إن الإسلاموية الجديدة ستقوم بشكل متزايد بمزج الحداثة التكنوقراطية وقيم الحوار. لا يمكن للحركات التي دخلت التيار السياسي أن تدير ظهورها عن الحياة السياسية متعددة الأحزاب خوفاً من إبعاد فئة كبيرة من الناخبين الذين يريدون الاستقرار والسلام، وليس الثورة (2012c, p. 18).
 
يستخدم كافاتورتا Cavatorta (2012a) مصطلح "الإسلاموية الجديدة" بشكل مختصر لوصف التدين الجديد المرتبط بالثورات العربية وصلتها التلقائية بمأسسة الإسلام السياسي. ويبدو أنه يعني به ما دعاه بيات Bayat (2007) بما بعد الإسلاموية.
 
ضمن السياق ذاته، لاحظ جرجس Gerges (2013) أن الأحزاب الإسلامية تتحرك ببطء بعيداً عن أجندتها التقليدية الداعية لتأسيس دولة إسلامية سلطوية وفرض القوانين الإسلامية، "وتتوجه نحو اهتمام جديد يتمركز على بناء ‘إسلام مدني’ ينفذ في المجتمع ويتقبل التعددية السياسية". أصبحت الأحزاب الإسلامية بشكل متزايد أحزاباً "خدمية" مشغولة بتقديم خدمات اجتماعية ومنافع محلية عامة. ويضيف جرجس:
 
إن النموذج التركي، بتدينه القروي البرجوازي الذي يمثل نقطة ارتكاز لنمط من الروابط مع طبقات رجال الأعمال وليبرالية السوق، تعمل أيضاً كشيء يذكِّر بأن الإسلام والرأسمالية تدعم بعضها وتتكامل مع بعضها  (2013, p. 391).
 
لاحظ بيات Bayat (1996) بروز الشباب الإيراني الحديث في أواسط التسعينات الذي اجتمع حول الرئيس الإصلاحي محمد ختامي، وأطلق عليهم اسم ما بعد الإسلاميين. وقام لاحقاً بتحديث المصطلح ليتضمن الفصائل المنشقة عن جماعة الإخوان في مصر مثل حزب الوسط، والتي حاولت خلال أواخر التسعينات نيل الشرعية، ثم حركة كفاية لأيمن النور خلال بداية الألفية. يعرف بيات Bayat (1996) ما بعد الإسلاموية بـ
 
الحالة التي تصبح فيها، الدعوات والطاقات والرموز وموارد الشرعية لدى الإسلامية منهكة، وذلك بعد فترة من التجربة، حتى ضمن داعميها الذين كانوا متحمسين لها ذات مرة. بهذه الطريقة، ليست ما بعد الإسلاموية معارضة لما هو إسلامي، بل تعكس ميلاً نحو دين معلمن (p. 45).
 
يتشابه تعريف بيات مع تعريف روا Roy (2011a).
 
بعد خمسة عشر سنة، شدد بيات Bayat (2011) على أن ما بعد الإسلاموية لا تعني معارضة ما هو إسلامي ولا تعني العلمانية، فأي حركة ما بعد إسلاموية لا تتمسك بالدين بشكل كبير وحسب بل تركز أيضاً على حقوق المدنيين. إنها تطمح لمجتمع تقي ضمن دولة ديمقراطية.
 
يصف بيات Bayat (2011) احتجاجات شباب إيران الحديثة بأنهم ذات الأشخاص الذين ملئوا شارع بورقيبة أمام مبنى وزارة الداخلية التونسي في 14 يناير 2011، وبأنهم ذات الأشخاص الذين تظاهروا بالملايين في ميدان التحرير مما أدى للإطاحة بالدكتاتور المصري حسنى مبارك. من ضمن نقاط التشابه بين هذه المجموعات هو فهم الطبيعة الحيوية لمواقع التواصل الاجتماعي في نشاطهم السياسي وممارستهم للإسلام. بهذه الصورة، تكون ثورات عام 2011 قد تفوقت على الحركات الإسلامية المنظمة السابقة وتزعمت الطريق (Bayat 2011).
 
إن التغيرات التي أدت لما بعد الإسلاموية في العشرين سنة الماضية بحسب روا Roy (2011a)، "لا تعني أن الإسلاميين قد اختفوا، لكن الطوبى التي قدموها لم تحجب الوقائع الاجتماعية والسياسية وحتى الجيو-استراتيجية" (n.p.). وعلاوة على ذلك، برزت ما بعد الإسلاموية كإطار عمل تحظى فيه السياسات الإسلامية بفرصة لأن تكون أكثر شمولاً. يمكن للمسلمين أن يبقوا مسلمين أتقيات ويحافظون في نفس الوقت على حرص لتشكيل دولة ديمقراطية (Bayat 2011).
 
خلال أواخر التسعينات وبداية الألفية، تجادل النقاد على مفهوم ما بعد الإسلاموية الخاص ببيات، معتبرين أن ما تغير ليس هو الإسلام السياسي (أي ممارسة السياسة ضمن إطار إسلامي) بل نسخة ثورية بالتحديد عنها فقط.
 
من جهة أخرى، حاجج إسموسيتو وبيرغات Esposito and Burgat (2003) أن
 
إن إعادة تأكيد الإسلام في الحياة السياسية للمسلمين يتحدى افتراضات وتوقعات نظرية التحديث والتنمية التي تنبأت بأن التحديث يتطلب مجتمعاً تقدمياً معلمناً ومغرَّباً. وبالتالي، سائل الكثيرون ما إذا كان الإسلام متلائماً مع الحداثة والديمقراطية والمجتمعات المدنية والتعددية (p. 3).
 
في هذا السياق، اقترح إسموسيتو وبيرغات أن ما بعد الإسلاميين هم يعيدون أسلمة مجتمعاتهم والعالم، وليس عبر نقض الأسلمة أو العلمنة، كما قدم بيات وروا في مفهومهم عن ما بعد الإسلاموية.
 
علاوة على ذلك، في كتابه "وجهاً لوجه مع الإسلام السياسي" ( Face to face with political Islam) (2003)، اختلف فرانسيوس بورغات مع زميلاه أوليفيه روا وجيليس كيبيل فيما يتعلق بفشل الإسلام السياسي ومفهوم ما بعد الإسلاموية. نظر بورغات إلى "فشل الإسلام السياسي" بطريقة تجعله سباقاً لفكرة انحسار الإسلاموية مقابل ورا Roy (1994)، والحجر المؤسس لمفهوم "ما بعد الإسلاموية". فبحسب بورغات، بالنسبة لأتباع فرضية ما بعد الإسلاموية، إن فشل أو "انفصال" الإسلاموية هي نتيجة رئيسية لعدم تمكن العديد من الحركات من هزيمة الأنظمة الدكتاتورية (Burgat 2003, p. 180).

يبدو أن الخبراء الفرنسيين في الإسلام السياسي قد تأثروا بتعرضهم بالأحداث المحيطة بهزيمة جبهة الإنقاذ في الجزائر في التسعينات. يؤكد أوليفيه روا على قارئ كتابه "فشل الإسلام السياسي" (1994) The failure of political Islam أن "الوصول للسلطة لحركات مثل جبهة الإنقاذ سيظهر فقط مدى الخواء في وهم "الدولة الإسلامية"" (p. 27).
 
لكن ربما كان روا سيصل إلى خلاصة مختلفة إذا راجع فكرته عن صحوة الربيع العربي. بالرغم من أن الجماعات الإسلامية لم تكن رائدة هذه الثورات، خاصة في تونس ومصر، بل كان هؤلاء هم أفراد من ما بعد الإسلاموية (Bayat 2011, Roy 2011b, 2012b).
 
إن إصرار روا على فشل الإسلام السياسي بعد الثورات العربية قد تم التنبؤ به بناء على معياره في عام 1994 عن عدم تطبيق الشريعة، بدلاً من الاستحواذ الفعلي على السلطة السياسي (Roy 2012d).
 
يمضي بورغات Burgat (2003) أكثر من ذلك لينتقد مروجي "ما بعد الإسلاموية"، مبيناً أن عمليات إعادة الأسلمة والتحديث ليست حصرية بشكل مشترك:
 
لا تنبع المشكلة من اعتراف ما بعد الإسلاموية بالحداثة بقدر ما هي من الطبيعة المتأخرة لهذا الاعتراف: فقد كانت هذه الحداثة ظاهرة منذ مدة طويلة، حتى لو كانت مُنكرة عن عمد وبشكل صريح عن خطاب الفاعلين السياسيين المعنيين (p. 221).
 
أعطى بورغات أمثلة عن وجود عدد قليل جداً من الباحثين الأكاديميين مثل إسباسيتو وفولر وبليندر وإنتيلس الذي يدعمون هذا التصور (p. 221).
 
ضمن السياق التونسي، على سبيل المثال، فإن التدين الجديد وتبني الحداثة قبل الثورة (بينما كان معظم زعماء النهضة والداعمين إما في المنفى أو السجن) قد أثر في الطريقة التي أعادت فيها حركة النهضة تأسيس نفسها وسلوكها وتغيرها، إلى حد ما، خلال إعادة إحياءها في تونس بعد يناير 2011 (Cavatorta 2012a).
 
تصنف النهضة كـ"ما بعد إسلاموية" ضمن داعميها ومرشحيها وناخبيها، وذلك بحسب توصيفات روا وبيات. استنتج زعماء النهضة أن أحداث ثورة الياسمين التي أطاحت ببن علي، بالرغم من أنها لم تولد من حركة منظمة، أثبتت أنهم إذا لم يلحقوا بتوجهات المحتجين، كانوا سيبقون في القاع إلى الأبد. (هذا لا يعني قول أن زعماء وداعمي النهضة لم يشاركوا بالاحتجاجات كأفراد، بل هم شاركوا فعلياً). سعت النهضة لقلب الصيغة القديمة لـ"الإخوان" إلى حزب سياسي حديث حقاً:
 
سعياً منهم لحشد جمهور ناخبين أوسع من المسلمين المتدينين، وإعادة صياغة المعايير الدينية إلى قيم محافظة أكثر اتساعاً (العائلة، الملكية، أخلاقيات العمل، الثقة) وتبني توجه نيوليبرالي نحو الاقتصاد، وتبني نظام دستوري وبرلمانية وانتخابات نظامية (Roy 2011a, n.p.).
 
قدم الحزب التركي الحاكم حزب العدالة والتنمية وبشكل مشابه مثالاً مهماً حول كيفية فشل الإسلاموية في الحكومة في أواسط التسعينات قد أدت إلى إعادة التفكير فيها، والتي أدت في النهاية لتقديم سلسلة من النجاحات الانتخابية لحزب العدالة والتنمية (Cavatorta 2012a). من الملحوظ هنا هو حقيقة أن حزب العدالة والتنمية وإسلاميي النهضة لم يضحوا بالخطاب التقليدي ضمن حركة أو حزب.

وبدلاً من ذلك، صنعت الجماعات ككل هذه التعديلات، والتي صححت أخطائهم السابقة وغيرت أولوياتهم من فرض الشريعة إلى الديمقراطية والدولة الوطنية. إنهم ذات الأفراد المنتمين لذات الأحزاب الإسلامية، لكن مع مصالح ناشئة، في حقبة مع قوانين وقيود جديدة. إنهم ليسوا ما بعد إسلاميين، إنهم إسلاميون برؤية جديدة للعالم.
 
إن الإسلاموية الجديدة استراتيجية تكتيكية أكثر من كونها أيديولوجيا جديدة. فبالرغم من احتواءها على بعض التحولات الأيديولوجية، إلا أن التغيرات ليست في الأسس. تبقى الإسلاموية الجديدة مؤمنة اتجاه حلم خلق دولة مبنية على الشريعة، مثل الإسلاميين القدامى.

لكن، قد يرسم هذا بعض الالتباس، كما كان يميل الإسلاميون الجديد مثل إردوغان والغنوشي لتبديد فكرة أنهم يسعون في النهاية إلى تأسيس دولة إسلامية. في الحقيقة، يفضل الإسلاميون الجدد التركيز على الاستراتيجية بدلاً من الأهداف الواضحة، معتمدين على توجه تدريجي، يتطلب الصبر والتنازلات والسرية في بعض الأحيان، وليس الشعارات الفضفاضة والبروبوغندا العاطفية. يؤكد زعماء حزب العدالة والتنمية بشكل خاص على أنهم ليسوا إسلاميين، وأنهم علمانيون متحمسون ولا يمتلكون أي نية لتطبيق قانون الشريعة.
 
لن يمضي الغنوشي ليروج للعلمانية، أو إسقاط قوانين الشريعة من أجندة النهضة. لكنه اعترف بأن العلمانية يمكن أن تكون جزءاً من الإسلام كوسيلة للفصل بين السلطات (Ghanouchi 2013, pers. comm., April). حيث قام سابقاً بجلب تعاطف النخب العلمانية التونسية وفاجئهم في محاضرة قدمها في مركز أبحاث في 2 مارس 2012 مشيراً إلى هذه المواضيع (Ghanouchi 2012, p. 15).
 
في عام 2012، اعتبر أولفيه روا أن الموجة الجديدة من الإسلاميين الذين أتوا بعد الربيع العربي هم معتدلين ومتلائمين مع الديمقراطية. بل خطا أبعد من ذلك ليناقض نظرياته السابقة عبر استنتاج التالي:
 
منذ بداية الثورات العربي في أواخر عام 2012، أصبح الإسلام السياسي والديمقراطية مترابطان. فقد عفا الزمان عن النقاش حول ما إذا كانا متلائمين. فلم يعد الآن أن يعيش الطرفان من دون الآخر (Roy 2012b, n.p.).
 
 
حوَّل هذا التصور الأخير كل إسلامي إلى ما بعد إسلامي أصبح متوافقاً مع الديمقراطية وجعله بمثابة معيار، معبراً عن أن الإسلاموية والإسلاميين لم يفشلوا تماماً، بحكم إعادة النظر ومراجعة براديغماتها القديمة. لكننا نميز إسلاميي ما بعد الربيع العربي هؤلاء عن الإسلاميين التقليديين عبر تصنيفهم كإسلاميين جدد.
 
نظراً للثورات العربية الأخيرة، لم يعد سؤال توافق الإسلام مع الديمقراطية مركز الجدال الأيديولوجي، بالرغم من أن بعض الزعماء الإسلاميين الهامشيين وأتباعهم يشكون بمثل هذا التوافق. إن ما لاحظه بيات Bayat (1996) هو بروز شكل جديد من التدين، والذي يبدو أكثر تناغماً مع روح الديمقراطية. وعلاوة على ذلك، لاحظ روا أن بعض المفكرين الإسلاميين المعتدلين الذين يعيشون في المنفى خلال العشرين سنة الماضية، مثل راشد الغنوشي، الشريك المؤسس لحزب النهضة التونسي، قد وصلوا إلى نتيجة قبل حوالي العشرين سنة من الربيع العربي أن الديمقراطية كانت أداة أفضل لقتال الديكتاتوريات مقابل الدعوة للجهاد أو الشريعة (Roy 2012b). فقد أصر الغنوشي على هذا منذ تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي في يونيو من عام 1981:
 
لقد تبنينا التوجهات الديمقراطية بشكل كامل وأعلنا في ذلك اليوم أننا حركة ديمقراطية. وبعد ذلك، قمنا بمراجعة الكثير من المفاهيم، على رأسها السيادة، باعتبارها نابعة من الشعب وليس من الله. بدأنا التمييز بين الإسلام كمرجعية ومصدر للسلطة. إن الإسلام ليس مصدراً للسلطة لأي أحد! فالشعب هو الجهة الوحيدة الذي يؤيد السلطة ويعطيها الشرعية (Ghanouchi, interview, April 2013).
 
سمات الإسلاموية الجديدة
 
سيكون من العدل القول أن ظاهرة الإسلاموية الجديدة قد بدأت خلال فترة التسعينات مع الزعيم الإسلامي السوداني حسن الترابي، الذي أثر على زعماء وناشطين آخرين من جماعة الإخوان في المنطقة، بما فيهم راشد الغنوشي نفسه (Ghannouchi 2011). وبالإضافة إلى ذلك، جعلت تجارب "الحكم الإسلامي" السابقة (ما عدا الانقلاب السوداني الذي قاده سراً الإسلاميان عمر بشير وحسن الترابي) نظراءهم الأتراك يؤسسون أول سلطة إسلامية علمانية حديثة مشتركة.

دخل حزب الرفاه، الذي يتزعمه أبو إسلاميو تركية الحديثة، نجم الدين أربكان (1926-2011)، في ائتلاف في عام 1996 مع حزب الطريق القويم بزعامة تانسو تشيلر والذي استمر لعام واحد قبل أن قيام الجيش التركي والنخبة العلمانية بتحطيم حزب الرفاه. قادت الصدمة والفشل السياسي الطريق أمام زعيم أكثر شباباً، وهو رجب طيب إردوغان، محافظ مدينة إسطنبول الناجح، لمراجعة منهجيات الائتلاف وشق طريق النسخة التركية من الإسلاموية الجديدة.
 
إن زعيماً إسلامياً شاباً محترفاً وبراغماتياً مثل رئيس الوزراء إردوغان قد صنع متاهة لغوية. فقد رفض إردوغان أن يوصف بإسلامي أو إسلامي جديد. وفضَّل بدلاً من ذلك أن يدعى بعلماني جديد ودعا لعلمانية جديدة لا تتعارض مع الإسلام (Kuru 2013). أنكر حزب العدالة والتنمية أن يكون حزباً إسلاميا أو إسلامياً جديداً، بالرغم من روابط إردوغان القوية مع حركات الإخوان المسلمين في العالم العربي، ودعمه لقضاياهم وتقديمه للدعم اللوجستي والأكاديمي والاتفاقات الاقتصادية والتجارية مع الحكومات المنتخبة حديثاً منذ الثورات العربية، خاصة في تونس ومصر. لكن مفهوم العلمانية
 
يتنوع بشكل كبير، بحكم أنه في عام 2008 تم تعريف حزب العدالة والتنمية من قبل غالبية المحاكم الدستورية التركية بكونه "معادٍ للعلمانية" ولم يتزحزح عن هذا الوصف كثيراً (Kuru 2013, pp. 1–10)
 
في حين يصعب مقارنة حزب النهضة التونسي مع حزب العدالة والتنمية نظراً للاختلافات والتجارب التاريخية في الصراع الحالي بين الإسلاموية والعلمانية (Torelli 2012)، إلا أن زعماء مثل راشد الغنوشي يعتقد بأن حركة النهضة ستسلك طريق حزب العدالة والتنمية وستحقق ذات النجاح. لقد حوَّل زعماء جماعة الإخوان العرب مثل الغنوشي ويوسف القرضاوي وسليم العوا بشكل تدريجي تعريفات الحزب عن الدولة والمواطنة والأمة الإسلامية والمشاركة السياسية في العشرين سنة الأخير.

سيكون هذا التحول في الأيديولوجيا ضرورياً لإدخال الحزب مع التدين الشبابي الجديد، وهم أدوات التغيير في الثورتين التونسية والمصرية، وتشجيعهم على الالتحاق أو التصويت للحزب في أول انتخابات حرة لهم. من هنا شاركت القوات المسماة بما بعد الإسلامية هذه الأحزاب المجددة بعد الثورات العربية بحسب بياتBayat (2011)  وروا Roy (2011b).
 
في مقالة حديثة، استخدم روا كلمة "الإسلاميون الجدد" لوصف هذه الأحزاب الإسلامية بالتحديد التي تمر في مرحلة من التحولات، من اللا مشروعية في ظل الأنظمة القديمة، والتغيرات الهائلة والملحوظة في الأيديولوجية والحياة السياسية اليومية. يمكن أن ينطبق مصطلح "ما بعد الإسلاموية" على الطلاب الشباب والرجال والنساء العاطلين عن العمل الجدد الذين لم يلتحقوا مطلقاً بالإسلاموية التقليدية أو يقرأوا أدبياتها، لكنهم في نفس الوقت متدينون وملتزمون دينياً وواثقون بـ"وضعيتهم الإسلامية" مثل أي إسلامي آخر. يمكن أن يشير تعبير "إسلامي مستقل" إلى ما بعد الإسلاموي الذي يمارس نشاطاً إسلامياً اجتماعياً، لكنه يبقى خارج الأحزاب والتنظيمات السياسية.
 
كما هو الحال في تركيا مع حزب العدالة والتنمية منذ بداية الألفية، وحركة النهضة في تونس، وحزب العدالة والتنمية ]حزب الحرية والعدالة – المترجم[ في مصر والمغرب، سمحت التطورات الجديدة والاستراتيجيات البراغماتية للإسلاميين الجدد من الحصول على نتائج كاسحة في كل عملية انتخابية منذ الثورات العربية لعامي 2011 و2012 (Khalifa 2012).
 
بناء على ذلك، يمكن أن نجمع سمات الإسلاموية الجديدة في الاتجاهات الستة الرئيسية التالية: تجديد التدين، والتدرجية، والتحديث، وإعادة تعريف الوطنية، وتحسين العلاقات مع الغرب، والاعتدال.
 
(1) إضافة أشكال جديدة من التدين: تنعكس هذه في الممارسات الدينية اليومية الخاصة والعامة لدى الإسلاميين، نظراً لثورات الإعلام والاتصال، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتلفزيون، وموجة عالمية من الثورة وحركات "احتلوا الشارع" حول العالم. مثل هذه الممارسات الجديدة تتجلى في العلمنة المتزايدة في الحياة الخاصة والسياق الاجتماعي كما لاحظ بيات Bayat (1996) في أواسط التسعينات.
 
(2) التدرج في الأسلمة: بينما يعتقد روا وبيات أن ميل ما بعد الإسلاموية نحو العلمنة هو خيار استراتيجي وحر في نفس الوقت، يفترض الباحث أن علمانية الإسلامي الجديد هي مجرد واقع فعلي والتدليل عليها هو أمر تكتيكي فقط. هذا السلوك الاجتماعي السياسي، والذي يسميه توريلي Torelli (2012, p. 76) بنزع التطرف (de-radicalization)، ينبغي أن يفهم ضمن السياق التاريخي للإسلاموية الجديدة وصراعات الإسلاميين الجدد نحو أهدافهم. تدخل هذه الخطوة في التبني الرسمي وغير الرسمي لفكرة التظاهر بالعلمانية على شاكلة حزب العدالة والتنمية التركي.
 
إن طبيعة هذا الحزب الجديد من الأحزاب السياسية يركز على الكم بدلاً من النوع فيما يخص درجة تدين أفراده. من غير المفاجئ إذاً أن حركة النهضة في تونس، وحزب الحرية والعدالة في مصر، وحزب العدالة والتنمية في المغرب، وحزب العدالة والتنمية في تركيا قد فتحوا أبواب العضوية لأي مواطن بغض النظر عن دينهم وممارستهم الدينية. ضمن هذه القوانين الجديدة، إن اليهود والمسيحيين التونسيين والمصريين لديهم حرية الالتحاق بهذه الأحزاب. لم تكن هذه هي الحال في ظل إجراءات جماعة الإخوان القديمة.
 
بشكل مشابه، كما لحظ الرحيم، Al-Rahim (2011)، إن ظاهرة الإسلاموية الجديدة هذه قد أدت إلى بيئة أصبحنا فيها "نمتلك إسلاماً سياسياً من غير إسلام"، مضيفاً إلى أنه في هذه الإسلاموية الجديدة، لا توجد "حملة ]صريحة[ باسم الإسلام" بشكل واضح. يظهر مثال حزب العدالة والتنمية التركي حملة اجتماعية محافظة فعالة، تتمسك بالأخلاق والفضيلة (الإسلامية) العامة، بينما تقاتل الفساد المنظم المرتبط بشكل واسع بالحزب السياسي الكمالي يسار الوسط الأقدم في تركيا (حزب الشعب الجمهوري).
 
من جوانب أخرى، يميز كورو Kuru (2013) بين نوعين من علمانية الدولة:
 
(أ) العلمانية الصلبة، والتي تتطلب من الدولة لعب دورٍ نشطٍ في استبعاد الدين من المجال العام، وجعله شأناً خاصاً. تتضمن الدول الذي تحتفي بهذا الشكل من العلمانية فرنسا وتركيا (ما قبل حكم حزب العدالة والتنمية) والمكسيك وتونس حتى اللحظة.
 
(ب) العلمانية السلبية: والتي تتطلب من الدولة تبني دورٍ سلبي استيعاب الحضور العمومي للدين. وهذا هو البراديغم المسيطر في الولايات المتحدة وهولندا والسنيغال ودول أخرى.
 
مضى حزب العدالة والتنمية التركي نصف خطوة ضمن هدفه النهائي نحو الأسلمة الكاملة، وقد نجح، بمساعدة كبير من حركة غولن، في تحريك تركيا نحو العلمانية السلبية عبر هزيمة العلمانية الصلبة في الانتخابات خلال السنوات العشر الماضية، وجعلهم يتراجعون إلى المجتمع المدني والإعلام والبيروقراطية. إن ما كان يدافع عنه إردوغان في زيارات عام 2011 إلى تونس وليبيا ومصر هو العلمانية السلبية وليس الصلبة.
 
مضت حركة النهضة التونسي كثيراً لدرجة موافقتها بعدم تضمين الشريعة كمصدر رئيسي لجميع القوانين في الدستور التونسي فيما بعد الثورة. لا تبدو هذه الخطوة كميل نحو العلمانية السلبية، بل خطوة تكتيكية تفرضها قيود المناخ السياسي. في 15 نوفمبر من عام 2011، في عشية فوز حركة النهضة في الاقتراع، وبينما كانت تفاوض الأحزاب العلمانية الأخرى لتشكيل حكومة ائتلافية، وصف أمين عام حركة النهضة حمادي الجبالي، الذي أصبح رئيس الوزراء الجديد لاحقاً، الحكومة الجديدة بالخلافة الإسلامية السادسة. أدت زلة اللسان هذه إلى قيام حزب التكتل الليبرالي لتعليق مشاركته في الحكومة الجديدة، لكن وصلوا لتوافق لاحقاً بعد أن وعدوا بالحصول على مواقع حكومية قوية (Chilton 2013).
 
تم نقاش هذه الخيارات السياسية بشكل واسع آخر أدبيات النخب الأيديولوجية لجماعة الإخوان مثل أعمال القرضاوي والغنوشي (Ghannouchi 2011)، وحققت نتائج مذهلة ضمن الإطار الأيديولوجي لفكرة التدرجية والمصلحة الإسلامية العامة المعروفة باللغة العربي باسم "المصلحة المرسلة"، أعلن طارق رمضان، وهو أيديولوجي وأكاديمي إسلامي غربي، أن "ما هو نافع للعالم ينبغي أن يكون نافعاً بالنسبة للإسلام، وهو ما طالح للعالم ينبغي ألا يعود معتبراً كشيء صالح بالنسبة للإسلام" (Boubekeur and Roy 2012, Ramadan 2012).

من الناحية العقدية، هذا التفكير الجديد في التدرجية، وتقبل القيم السياسية الغربية من ديمقراطية وليبرالية وحقوق إنسان إلخ.، تمتلك جذوراً عميقة في أعمال بعض أعظم الفلاسفة الفقهاء في الإسلام، مثل أبو حامد الغزالي (1058-1111)، وابن القيم الجوزي (1292-1350)، وتقي الدين ابن تيمية (1263-1328)، والإمام الشاطبي (؟-1388). حيث اتفقوا جميعاً على أنه أينما كانت المصلحة النافعة والإيجابية، فهناك يكون دين الله الصحيح.
 
تعني التدرجية التغيير الذي يحدث أو ينبغي أن يحدث بخطوات صغيرة. وفي السياسة، يعتقد التدرجي بأن التغيرات الصغيرة أفضل من التغيرات العاجلة. إن الذين يسمون بالأصوليين الجدد، بحسب روا Roy (2011a, 2012d)، لا يقتنعون بالتدرجية ويفضلون تحقيق الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي التقي بشكل فوري. معظم هذه القوى يرون خطوات الإسلاموية الجديدة في التدرجية كضعف سياسي، وتنازل محرَّم، بل قد يدعون أيديولوجيين مثل القرضاوي والغنوشي بـ"الكفار"، كما هم السلفيون خلال العشرين سنة الماضية.
 
(3) تحديث الإسلام: يعني التحديث في هذا السياق أعلى مستويات التقبل لأدوات الحداثة ومعظم مفاهيمها، كما لاحظ معظم الباحثين في نقاشاتهم عن ظاهرة ما بعد الإسلاموية (Bayat 1996, Esposito and Burgat 2003, Roy 2011b, Cavatorta 2012b). بينما لا يعني التحديث بالضرورة التغريب أو التنمية الاقتصادي أو التكنولوجية، سيحاجج الإسلاميون الجدد أن الإسلام يتلاءم مع المنجزات العلمية الحديثة، والتقنيات الحديثة بالإضافة لمعظم قيم الديمقراطية والتعددية التي انتشرت في الغرب.
 
قد يكون بيات Bayat (1996) محقاً عندما جمع ما بعد الإسلاموية تعبير دبلوماسي إيراني عام 1995: "ليست لدينا مشكلة في هدم المساجد من أجل بناء الطرق السريعة". في الواقع، حافظت الإٍسلاموية التقليدية لدى جماعة الإخوان على طموحها نحو التحديث، بالرغم من ترددها اتجاه القيم الغربية كالديمقراطية وحقوق الإنسان حتى بداية التسعينات. حينذاك برز الإسلاميون الجدد مع تبنيهم "المثير للجدل" للديمقراطية والدولة الوطنية وحق المرأة في الحكم وإدانة العنف والإرهاب.
 
ركز بيات وروا بشكل كبير على استخدام الشباب العرب لشبكات التواصل الاجتماعية والإعلام، والاعتصامات والمظاهرات، واستخدام اللغات الأجنبية، واستهلاك البضائع الغربية الحديثة مثل بناطيل الجينز وسلاسل مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية باعتبار كل ذلك ظاهرةً خاصة بما بعد الإسلاميين (بالرغم من روا ينسب هذا الممارسات لما يسميهم بالأصوليين الجدد أيضاً). إن الحقيقة الجلية هي أن جميع الإسلاميين الحديثين تقريباً يستخدمون أدوات حديثة، أو تغريبية كبديل، لدرجات عديدة. وحتى كوادر السلفية الجهادية وحزب التحرير، الذين لا يزالون يعتقدون بحرمة الديمقراطية وأداة الهيمنة الغربية الشريرة، يعرفون الحاسوب ووسائل التواصل الاجتماعي، والخبراء في أواخر العلامات التجارية الغربية للعديد من المنتجات.
 
بالنظر إلى فشل الإسلاموية القديمة في فترة الثمانينات والتسعينات والفشل الحالة لدولة "الجمهورية الإسلامية" الإيرانية، يشك بعض المراقبين بمدى تلاؤم الديمقراطية مع الإسلام في المقام الأول. وافترض أحد الصحفيين "موت العلمانية التونسية" عقب نجاح حركة النهضة في الانتخابات في أكتوبر 2011 (Bradley 2012, p. 17).
 
لكن إذا نجح الإسلاميون الجدد العرب في السير وراء حزب العدالة والتنمية التركي خطوة بخطة، فقد يتمكنون من تحديث بلادهم بنفس طريقة إخوانهم الأتراك (Cavatorta 2012a).
 
(4) الإسلاموية الوطنية: إن الجماعات الجهادية الدولية المتفرعة عن القاعدة، وأتباع وأنصار حزب التحرير يسعون لهدم الدولة الوطنية وإعادة تأسيس خلافة عالمية موحدة للأمة كافة. ركز حسن البنا بشكل واضح على الوحدة الإسلامية والدولة الإسلامية وشجع على نمو أفرع جماعة الإخوان في الدول المجاورة، بما فيهم سوريا وليبيا ولبنان والسودان خلال فترة حياته. وقد تحدث الأيديولوجيون الذين جاءوا بعده، مثل سيد قطب وأبو الأعلى المودودي، بصراحة عن المجتمع الإسلامي الدولي وعن دولة إسلامية تتجاوز الحدود العرقية والإثنية.
 
ركزت الإسلاموية الجديدة، من جهة أخرى، على ما حققته ضمن اتفاقية سايكس بيكو بين القوى الاستعمارية الكبرى في نهاية الحرب العالمية الأولى قبل 90 سنة مضت (Al-Rahim 2011). يميل الإسلاميون الجدد إلى التركيز على سياسات الدولة، لكنهم يطلقون في بعض الأحيان تصريحات أو مواقف ثائرة على الأحداث التي يمر بها العرب والمسلمين، والقضايا المشتعلة، مثل الحروب العراقية، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والقمع والاعتقالات التي يتعرض لها زملاؤهم الإسلاميون بين الفينة والأخرى في مختلف الدول العربية.
 
يرفض بعض الإسلاميون الجدد اعتبار تحويل الأمة إلى دولة إسلامية واحدة عابرة للحدود. حيث لا تقبل أحزابها انضمام أعضاء من دول أخرى كما تتوجه أهدافهم السياسية والاقتصادية حصرياً في الدولة الوطنية التي يعيشون فيها.
 
(5) العلاقات البراغماتية مع الغرب، يرغب الإسلاميون الجدد بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة وأوروبا. بعد سقوط بن علي ومبارك، التقت حركة النهضة وزعماء جماعة الإخوان بمسؤولين أمريكيين وأوروبيين لمناقشة العلاقات المستقبلية. وذهب بعض زعماء حركة النهضة إلى واشنطن في بدايات عام 2011 لـ"التفاوض" مع نظراءهم الأمريكيين فيما يتعلق بمستقبل الحكم في تونس. بشكل عام، حافظ سياسيو جماعة الإخوان بإدانة مستمرة للإرهاب واستهداف المدنيين بالرغم من انتقادهم للحروب الأمريكية على العراق وأفغانستان، والتي يعتبرونها كانتهاكات.
 
يتمتع زعماء آخرون للإسلاموية الجديدة، مثل إردوغان وحزب العدالة والتنمية التركي بعلاقات تشاركية مع الولايات المتحدة ودول حلف الناتو، بحكم أن وجود تركيا كعضو نشط واستراتيجي في حلف الناتو. يرغب إردوغان بشدة بإدخال تركيا للاتحاد الأوروبي، بالرغم من الرفض المستمر من قبل جيرانه الأوروبيين، والذي يزعم أنه بسبب الطبيعة الدينية والعرقية للبلاد.
 
إن التسريبات والمقابلات المسربة عن وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً تبدو أنها تشير إلى أن الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة في العالم عربي هي العمل بقرب مع الإسلاميين الجدد، ودعمهم في السلطة لاستبدال الحلفاء السلطويين القدامى، والاستمرار في قتال الجهاديين الذين يعتبرون تهديداً للولايات المتحدة من 9/11 (Elmaazi 2012).
 
عن هذا الميل البراغماتي تحديداً، أشار جرجس Gerges (2013):
 
تظهر الأدلة المتزايدة أن التوازن بين القوى الاجتماعية ضمن الإسلاميين قد اتجهت نحو البراغماتية. إنه تحول جيلي يفضل التكنوقراطيين والمهنيين، مثل المهندسين وأطباء الأسنان والأطباء والمحامين والمعلمين، المنفتحين والإصلاحيين، غير المهوسين بالدوغمائيات والهوية والحروب الثقافية، ويبدون استعداداً أكبر لبناء تحالفات حكومية مع خصوم أيديولوجيين، سواءً أكانوا غير مسلمين أو ليبراليين أو علمانيين. فعلى سبيل المثال، فضلت حركة النهضة في تونس تشكيل تحالفات مع ليبراليين ويساريين، وليس مع سلفيين متشددين. (p. 392)
 
 (6) الاعتدال: طورت حركات الإسلاميين الجدد مثل حركة النهضة وروجت لنفسها كحركات معتدلة ومتسامحة منذ البداية. وعلاوة على ذلك، عندما صعدت حركة النهضة للسلطة بعد انتخابات أكتوبر 2011، ارتفع صوت نغمة الاعتدال بشكل رسمي. بدا الحزب في بعض الأوقات مهووساً بصورته كمعتدل. ومن جهة أخرى، فشلت جماعة الإخوان المصرية، والرئيس السابق مرسي بشكل خاص، في الترويج لصورة مشابهة، بالرغم من نجاحاتهم في الانتخابات الديمقراطية العادلة، ووضعيتهم كضحايا للانقلاب العسكري المأساوي الذي أدى لموت مئات المدنيين واعتقال آلاف آخرين منذ يوليو 2013.
 
ضمن سياق الإسلاميين الجدد التونسيين المعتدلين، لاحظ مراقبون من أمثال كافاتورتا وميرون Cavatorta and Merone (2013) أن التدابير الأمنية القاسية والقمع قد فتم فرضه على التونسيين لعقود، حيث دفع اللاعبين السياسيين والإسلاميين لإيجاد بدائل والقيام بتنازلات على الطريق. وبالإضافة إلى ذلك، إن الرفض الذي واجهوه
 
جعل من الممكن والضروري بالنسبة لحركة لنهضة إعادة توضيح كيف يمكن للإسلام السياسي المساهمة في مسار تطوير البلاد. من هذا التوضيح ينبع تقبل الخطاب المهيمن للديمقراطية والليبرالية واقتصاد السوق والذي لم يكن للحكومة أن تتمكن من دون من إيجاد مساحة في تونس (Cavatorta and Merone 2013, p. 859).
 
إن الاعتدال طريق طويل للإسلاميين، وعليهم أن يظهروا إخلاصهم والتزامهم بالديمقراطية والتعددية والتداول المؤسسي للسلطة. عندما سُئل عما إذا كان الإسلام في حاجة للعلمانية، قدم الغنوشي إجابات مبهمة مثل:
 
لم يصمد الإسلام لفترة طويلة بسبب تأثير الدول بل بسبب التقبل الكبير الذي يتمتع به عند أتباعه، وفي الواقع كانت الدولة عادةً عبئاً على الدين. ... ]ينبغي[ للدين أن يكون متحرراً بشكل كامل من الدولة والسياسة، سيحمل هذا أيضاً بعض المخاطر بحيث يمكن أن تخرج الأمور عن السيطرة ويتعرض التناغم الاجتماعي للخطر. وبالتالي فإن طريقة فعل ذلك هي إيجاد توازن يضمن حرية الناس وحقوقهم، لأن الدين هنا ليقوم بذلك تحديداً. ولتحقيق هذا التوازن، نحتاج العودة لقضية التمييز بين الدين والسياسة وتعديل المقاييس حول ما هو ثابت في الدين وما هو متغير (Ghanouchi 2012, pp. 13–14).
 
تُظهر تصريحات الغنوشي أن النهضة أصبح يُدفع بضرورات السياسة، والتي تسمح لتأويلات أوسع للعقيدة. وبالإضافة إلى ذلك، يعتمد التغيير المستمر للموقف على ضرورة وحسابات المعادلات التي تقع ضمن مقاصد الشريعة. مثل هذه المرونة هي السمة الرئيسية للإسلاموية الجديدة، خاصة بعد الربيع العربي.
 
أظهرت الحكومة التي تتزعمها النهضة في تونس (من ديسمبر 2011 وحتى يناير 2014) أكبر قدر من الاحترام لهذا الاتفاق التاريخي ونحو مبدأ التسامح. كانت مساهمة حركة النهضة في مجلس نواب الشعب هي 42 امرأة، وهي نسبة أكبر من جميع الأحزاب العلمانية مجتمعة. إن زعماء حركة النهضة قد "أعادوا التأكيد على المواطنين التونسيين بأنها لن تتدخل في حياتهم الشخصية ... وأنها ستحترم حقوق الإنسان الأساسية الخاصة بهم (Crowder et al. 2014, p. 123). مع هذه الضمانات تأتي التوترات بين السلفيين وحركة النهضة، بناءً على الاعتقاد بأن محاولات حركة النهضة لأن ينظر لها كحزب إسلامي "معتدل" قد أدى لتنازلات غير ملائمة فيما يتعلق بالعقيدة الدينية.
 
تُظهر المقارنة بين حركة النهضة وجماعة الإخوان المصرية حركة النهضة كذكية سياسية، خاصة فيما يتعلق بالإسلاميين الجدد "الهجينين". كان الرئيس مرسي في مكتب الرئاسة لعام واحد تقريباً قبل أن أطاح الجيش به. وعندما كان في الرئاسة، أعلن عن شكل جدلي من الانقلاب الدستوري، والذي أظهر ميل مرسي وجماعة الإخوان نحو السلطوية ورفض التعاون مع المعارضة، لتجعله يتقاسم الإدارة وحده مع المعارضة والسياسيين من خارج جماعة الإخوان (Duran 2013).
 
 
تعريف جديد للإسلاموية الجديدة
 
من النقاش الأول، نستنتج أن أتباع الإسلاموية الجديدة قد عدلوا وطوروا مثل هذه المفاهيم والأولويات والأجندات الخاصة بالسياسات الإسلامية كاستجابة للسؤال الملح، "أين حصل الخطأ؟" كانت القوة الدافعة هي لذلك هي إصلاح الفشل السابق في تطبيق الشريعة على الدولة وأسلمة المجتمع. مع غياب تعريف ملائم، يقترح المؤلف التعريف التالي للإسلاموية الجديدة:
 
إن الإسلاموية الجديدة هي اتجاه برز ضمن تيار حركة الإخوان المسلمين وأفرعها المناصرة للديمقراطية في العالم الإسلامي، والتي تستخدم مجموعة ليبرالية من المفاهيم، لغايات تكتيكية أو استراتيجية، بينما تسعى لذات الأهداف التقليدية للحركة الإسلامية.
 
الخلاصة
 
يشكك بعض النقاد في أن جماعة الإخوان تتغير من الناحية النظرية أو تتبنى الديمقراطية أو تتمثل أي نسخة جديدة أو معتدلة من الإسلاموية، أو أنها تراجع الأصولية الإسلامية. أخد المؤلف الأمريكي جون برادلي خطوة أبعد من ذلك مشيراً إلى أن الإسلاميين قد سرقوا الربيع العربي (Bradley 2012, p. 2).
 
سيبذل الغرب جهده لمراقبة انتشار الديمقراطية العربية في السنوات القادمة. وبالحكم بالنسبة للانقلاب العسكري الأخير على محمد مرسي في مصر والعنف المستمر في سوريا والاستقرار النسبي في الحكومة التونسية الجديدة، الشيء الوحيد الذي يمكن أن يُحسب هو أنه، وبالرغم من الغضب الهائل في أنظمة الشرق الأوسط السلطوية وأمل الربيع العربي، اختلف الأحزاب الإسلامية وما من مستقبل يمكن ضمانه.

بالرغم من حنين الغالبية الظاهري للديمقراطية وادعاءات الأحزاب الإسلامية بالتلاؤم مع الديمقراطية، فإن الوقت هو الكفيل فقط بشكل الأثر طويل المدى للإسلاموية الجديدة على المشهد السياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى المجتمع بشكل عام في هذا الجزء من العالم.
 
بلا شك، إن ادعاء الإسلامي الجديد بوجود تلاؤم بين الإسلام والديمقراطية يبقى موضوعاً للنقاش وانتظار اختباره في السنوات القادمة، لكن النية من وراء ذلك على الأقل تبدو مناصرة للديمقراطية وضد استخدام العنف في تحقيق التغيير السياسي.
 
إن تدابير الحكومة التركية المثيرة للجدل في التعامل مع المعارضة العلمانية في احتجاجات منتزه غيزي عام 2013، والفضائح الوزارية ورفض جماعة الإخوان لتقاسم السلطة مع عناصر أخرى من المشهد السياسي المصري تشكك باستعداد بعض أحزاب جماعة الإخوان للاتجاه نحو دمقرطة وتعددية داخلية وخارجية، ولن تشير إلى اتجاهات الإسلامي الجديد. وبدلاً من ذلك، إن الإسلاموية الجديدة هي ميل وحالة ذهنية تستخدم للتعامل مع المفاهيم الحديثة والليبرالية التي تواجه العالم العربي والإسلامي.

إن الأحزاب التي نجحت حتى الآن في تقبل المفاهيم السياسية مثل تقاسم السلطة والتعددية والالتزام بالديمقراطية ستنجم ضمن هذا التصنيف. بقدر صعوبة ما سيقال، فإن الأحزاب التي تُظهر عدم التقبل هذا، بما فيها جماعة الإخوان المصرية، عرابة الإسلاموية المعتدلة عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم الإسلامي، ستُستبعد من هذا التصنيف.
 
شكر وعرفان
 
أنا ممتن للمراجعين المجهولين لاقتراحاتهم المفيدة، والتي حسن من جودة هذا العمل.
 
المراجع
 
Abdo, G., 2000. No God but God: Egypt and the triumph of Islam. Oxford: Oxford University Press.
Al-Rahim, A.H., 2011. Whither political Islam and the ‘Arab Spring’? The Hedgehog Review, 13 (3), 8–22.
Ayoob, M., 2008. The many faces of political Islam: religion and politics in the Muslim world. Ann Arbor:
The University of Michigan Press.
Bayat, A., 1996. The coming of a post-Islamist society. Critique: Critical Middle East Studies, 5 (9), 43–52.
Bayat, A., 2007. Making Islam democratic: social movements and the post-Islamic turn. Redwood City, CA:
Stanford University Press.
Bayat, A., 2011. The post-Islamist revolutions, Foreign Affairs. Available from: Link [accessed 14 October 2014].
Boubekeur, A. and Roy, O., 2012. Whatever happened to the Islamists? Salafis, heavy metal Muslims and the lure of consumerist Islam. New York: Columbia University Press.
Bradley, J.R., 2012. After the Arab Spring: how Islamists hijacked the Middle East revolts. Basingstoke: Palgrave Macmillan.
Burgat, F., 2003. Face to face with political Islam. London and New York: I.B. Tauris & Co.
Cavatorta, F., 2012a. The success of ‘renaissance’ in Tunisia and the complexity of Tunisian Islamism. Paper presented at The International Political Science Association Conference, Madrid, Spain.
Cavatorta, F., 2012b. The war on terror and the transformation of political Islam. Religion Compass, 6 (3), 185–194. Cavatorta, F. and Merone, F., 2013. Moderation through exclusion? The journey of Tunisian Ennahda from fundamentalist to conservative party. Religiously Oriented Parties and Democratization, 20 (5), 857–875.
Chilton, C., 2013. Tunisia, The Islamists Are Coming. Available from: Link [accessed 14 October 2014].
Crowder, G., Griffiths, M., and Hasan, M., 2014. Islam, Islamism, and post-Islamism: rediscovering politics after the war on terror. Australian Journal of Politics and History, 60 (1), 110–124.
Dalacoura, K., 2007. Islam, liberalism and human rights. London/New York: I.B.Tauris.
Duran, B., 2013. The Fall of Ikhwan and the Future of Ennahda. Available from: Link [accessed 7 June 2014].
Elhadj, E., 2012. The Arab Spring and the prospects for genuine religious and political reforms. Middle East Review of International Affairs, 16 (3). Available from: Link.
Elmaazi, A., 2012. Political Islam: from the trenches to parliamentary benches, Tripoli Post. Available from: Link [accessed 14 October 2014].
Esposito, J.L. and Burgat, F., 2003. Modernizing Islam: religion in the public sphere in the Middle East and Europe. London: C. Hurst and Co.
Euben, R.L., 2006. The Oxford handbook of political theory. London: Oxford University Press.
Gerges, F.A., 2013. The Islamist movement: from Islamic state to civil Islam? Political Science Quarterly, 128 (3), 389–426.
Ghannouchi, R., 2011. [in [Arabic]] [From the experience of the Islamic movement in Tunisia]. Tunis: Dar al-Mojtahed.
الغنوشي، ر.، 2011. من تجربة الحركة الإسلامية في تونس. تونس: دار المجتهد.
Ghanouchi, R., 2012. Secularism and the relation of religion to the state from the perspective of Al-Nahdha Movement. Lecture at Center for the Study of Islam and Democracy, Tunis, Tunisia.
الغنوشي، ر.، 2012. العلمانية وعلاقة الدين بالدولة من منظور حركة النهضة. محاضرة في مركز دراسة الإسلام والديمقراطية، تونس، تونس.
Hessler, P., 2012. Arab summer: a reporter at large. The New Yorker, 18 June, New York.
Ibahrine, M., 2012. New media and neo-Islamism: new media’s impact on the political culture in the Islamic world. Saarbrücken: AV Akademikerverlag. Khalifa, S., 2012. The neo-Islamists, Foreign Policy. Available from: Link [accessed 14 October 2014].
Kuru, A.T., 2013. Muslim politics without an “Islamic state”: can Turkey’s Justice and Development Party be a model for Arab Islamists? Policy Briefing. Doha: Brookings Doha Center.
Ramadan, T., 2012. The Arab awakening: Islam and the new Middle East. London: Allen Lane.
Roy, O., 1994. The failure of political Islam. Cambridge, MA: Harvard University Press.
Roy, O., 2010. Holy ignorance: when religion and culture part ways. New York: Columbia University Press.
Roy, O., 2011a. The paradoxes of the re-Islamisation of Muslim societies, 10 years after september 11. Available from: Link [accessed 14 October 2014].
Roy, O., 2011b. This is not an Islamic revolution, New Statesman. Available from: Link [accessed 15 February 2011].
Roy, O., 2012a. Interview with Olivier Roy, author of globalized Islam: the search for a new ummah. Columbia University Press. Available from: Link [accessed 14 October 2014].
Roy, O., 2012b. Islam: the democracy dilemma, The Islamists Are Coming. Available from: Link [accessed 14 October 2014].
Roy, O., 2012c. The new Islamists: how the most extreme adherents of radical Islam are getting with the times, Foreign Policy. Available from: Link [accessed 14 October 2014].
Roy, O., 2012d. The transformation of the Arab world. Journal of Democracy, 23 (3), 5–18.
Roy, O., 2013. There will be no Islamist revolution. Journal of Democracy, 24 (1), 14–19.
Stepan, A., 2012. Tunisia’s transition and the twin tolerations. Journal of Democracy, 23 (2), 89–103.
Torelli, S.M., 2012. The AKP model and Tunisia’s Al-Nahda: from convergence to competition? Insight Turkey, 14 (3), 65–83.
Tudoroiu, T., 2011. Assessing Middle Eastern trajectories: Egypt after Mubarak. Contemporary Politics, 17(4), 373–391.
Wolf, A., 2014. Can secular parties lead the New Tunisia? Carnegie Endowment for International Peace. Available from: Link [accessed 14 October 2014].
Wright, R., 2012a. Don’t fear all Islamists, fear Salafis, The New York Times, 29 August. Available from: Link [accessed 29 August 2012].
Wright, R., 2012b. The Islamists are coming: who they really are. Washington, DC: Woodrow Wilson Center Press.

حمزة ياسين
طالب ماجستير في قسم علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، كاتب وباحث مهتم في قضايا الفكر والدين والمجتمع والسياسة، له مقالات وأوراق منشورة في صحف ومجلات إلكترونية.
طارق تشامخي

يعمل حالياً كطالب ماجستير في جامعة مردوخ، أستراليا. عمل سابقاً كصحفي لحوالي العقدين بين الشرق الأوسط وأستراليا، متخصص في الإسلاموية والشؤون الإسلامية وجغرافيتها السياسية.

ذات صلة