ما السياسيّ في الإسلام؟ الله والدولة واللامبالاة السياسيّة في تجربة جماعة الإخوان المسلمين

13 حزيران/يونيو 2018
 
[هذه هي المادة الثانية من ملف ينشره موقع العالم عن "الإسلامويّة بعد الربيع العربيّ"، والذي يستمرّ نشره لأسابيع قادمة. للاطلاع على المادة الأولى هنا]
يجري تحديد ماهية الإنسان وهويته منذ ظهور الفلسفة اليونانية من خلال قدرته على التفكير، بل لا يكتسب وجوده سوى من الفكر. لذلك طالما اعتُبر أتباع أي حركة "جماهيرية" مجرد مجموعة من مسُتلبي الإرادة الذين تعرضوا لعمليات طويلة من "غسيل المخ" عن طريق وسائل الدعاية والحشد التي يمارسها القادة أصحاب الفكر الشيطانيّ. لكن، إن كان من الممكن تفسير الولاء المطلق الذي يسم جماهير الحركات الشمولية إذا ارتكبت جماعاتهم أكبر الحماقات من خلال فكرة التقليد والطاعة العمياء، فكيف يمكننا أن نفسر ألا يرفّ لهؤلاء الأتباع جفنٌ إن طالهم ومصالحهم بلاء جماعاتهم وطوامها؟ حتى إن فُصلوا منها رُغماً عن إرادتهم وتم تشويه سمعتهم؟ غير أن الأمر أبعد من أن يكون محض مهارة شيطانية من جانب القادة، أو حماقة صبيانية من جانب الجماهير.

تُشير المنظرة السياسيّة الألمانية حنا أرندت إلى أنّ الحركات الشمولية تكون ممكنة أنّى توفرت الجماهير التي انكشفت فيها شهية لا تقاوم للتنظيم السياسي لسبب أو لآخر[1]. إن الشمولية، بهذا المفهوم، تناقض مفهوم السياسة ذاته؛ فالعمل السياسي يقوده وعي العاملين داخل الأحزاب بمصالحهم وخياراتهم، أما الجموع التي تنضوي تحت لواء حركة توتاليتارية فلا يوحّدها وعيها بصالحها المشرك، ولا تملك ذلك المنطق الطبقيّ أو الحزبيّ أو الوطنيّ الذي يُعبَّر عنه بالسعي إلى أهداف مضبوطة ومحدودة وقابلة للتحقق.

ليس ثمة معادلة سحريّة تمكننا من تلمّس معالم هوية المنتمين لجماعة سياسية ما، خاصّة إذا كانت جماعة بحجم جماعة الإخوان المسلمين، وبما نعمت به من عمر مديد، وثبات تنظيميّ في مواجهة كافة طرق الدولة والأنظمة في الملاحقة والتضييق والاعتقال والاغتيال، بل وحتى ثباتها بالرغم من فشلها الخاص؛ مما يطرح أسئلة من نوعية:

لماذا لا تتفكّك جماعة الإخوان المسلمين أمام كل هذه الملاحقات الأمنيّة؟ ولماذا لم تكن تجربة الانشقاق عن الجماعة تجربة إيجابيّة في أي وقت من الأوقات؟ ولماذا لم يتولَّ مُنشقون قيادةَ الجماعة في أيّ مرحلة؟ لماذا ينبري أفراد الجماعة في تبرير غير متناه لقرارات قادتهم، حتى وإن جاءت تلك القرارات على حساب مصالحهم الشخصية، وعلى حساب ما يدعون إليه، ولم يشاركوا في اتخاذها؟ لماذا لا تتبنى الجماعة فكراً سياسياً نظرياً واضحاً؟ ما سبب ضعف علاقتها بالثقافة وإصدار الكتب والدوريات واحتضان المثقفين والمنظرين السياسيين؟ ما سبب كل هذه الثقة والجزم والولاء الذي يميز المنتمين لهذا التنظيم؟ لماذا تبدو الجماعة انتهازيّة في تصرفاتها السياسيّة إن كنا لا نعلم من أفرادها سوى التقوى وحسن الخلق على المستوى الشخصيّ؟ لماذا نجحت التجارب الإسلامية في النضال ضدّ الاستعمار وبائت بالفشل في بلاء الحكم؟
 
لقد طُرحت هذه الأسئلة، وغيرها الكثير، مراراً وتكراراً خلال السنوات الأخيرة، خاصة بعد فشل تجربة جماعة الإخوان المسلمين في حكم مصر عام 2013، وبعد الأداء السياسي المزري للجماعة في الأحداث التالية على ثورات العالم العربي في عام 2011. عادةً ما تنقسم طرق الإجابة على هذه الأسئلة إلى شقين؛ يذهب الأول إلى أن مفتاح الإجابة هنا هو أيديولوجيا الجماعة السياسية، ويصفها من باب تحصيل الحاصل، بالبرجماتية أو الشمولية أو الأصولية أو الديماغوجية، وقل ما شئت من تلك الأوصاف.

فهي أولاً جماعة لديها رؤية سلطويّة صلبة للعالم، وعادة ما تحاول التحليلات التي تستهدف دراسة تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، وفكرها، وتراثها الحركيّ، أن تصنفها كأعداء للحداثة تارة، أو كضحايا للحداثة تارة[2]، أو كمجموعة من حسني النية المخدوعين في تجربة الحداثة الغربية وأنها جماعة حداثية لا تعي مخاطر الحداثة ومهالكها، ولا تعي ما في الإسلام من فضائل بشكل كافٍ، كما يرى وائل حلاق في كتابه الدولة المستحيلة. وثانياً، هذه الجماعة عبارة عن جسد واحد، لا فرق فيه بين القادة والأتباع، ولا اختلاف بين مراحله التاريخية. وتذهب الطريقة الثانية إلى أن لب الإشكال راجع إلى التضاد بين "الدين" والسياسية الحديثة علمانيّة الطابع.
 
 
هذه التحليلات عموماً تنطلق من رؤية واضحة لحركة الإخوان المسلمين على أنّها حركة إسلاميّة ذات محتوى أيديولوجيّ. لكن، بشكل عام، يمكن تلمس معالم هوية جماعة سياسية ما من خلال عاملين، أولهما: سلوكها في أعدائها، وثانيهما: سلوكها في اضطراباتها الداخليّة، والخلافات التي تعصف ببنيانها التنظيميّ، وما يتكون عبر عملية الصراع الخارجي الداخلي تلك من رهانات ورغبات وأحاسيس وتفضيلات لا ينفصل فيها العامل التاريخي عن العامل الفكريّ.
 
تعني الحياة داخل إطار سياسيّ حديث كالدولة،

أولاً: الفصل بين العام والخاص عبر التقنين، وتحوذ الدولة سلطة تحديد ما يمكن أن يكون عاماً وما يمكن أن كون خاصاً. فعلى سبيل المثال، وُلدَ في مرحلة استقدام التقليد القانونيّ الغربيّ إلى العالم العربي المفهوم الجديد لـ"الأسرة" وما يرتبط بها من تشريعات "خاصة". وُولدَت أيضاً مفاهيم مثل السيادة والأمن العام والسلم العموميّ والمصلحة القومية،

وثانياً: تتضمن تجربة العيش في دولة حديثة أن تمتد قدرات الدولة التنظيمية لتشمل كافة نطاقات الحياة الاجتماعيّة، وفصلها، وترسيم حدودها المنطقية. فالدولة، مثلاً، وهو مبدأ انتقل من القانون الدولي بالأساس، هي من تحدد نطاق سيادتها وأولوياتها ومصالحها السيادية، ولها في سبيل ذلك أن تصادر وتنزع وتراقب وتعاقب على كل ما يخالف محددات تلك السيادة باسم مصالحها العليا. أما الإسلام، عبر تاريخه التشريعي الممتد لقرون طويلة، فلم يعرف التفريق بين العام الخاص[3]،

لذلك كانت أغلب الأطروحات الإصلاحيّة الإسلاميّة في نهاية القرن التاسع عشر إلى النصف الأول من القرن العشرين أطروحاتٍ قانونيّةً بالأساس، وقادها فقهاءٌ قانونيون على دراية واسعة بالفقه الإسلاميّ مثل محمد قدري باشا وعبد الرازق السنهوري، بل كانت النخبة القانونية هي عماد الحركة الوطنية في مصر حتى ثورة يوليو. اما تجربة الإسلام السياسي، لأسباب سيأتي ذكرها، فلم تتبع هذا المنزع، وتطلعت إلى تكوين دولة تقود مشروعاً اجتماعياً ذا نزعة أخلاقيّة، بل ورفضت صراحة فكرة التفريق بين العام والخاص[4].
 
مع نهاية النظام الطبقيّ القديم بعد ثورة يوليو، بدأت فكرة العمل السياسي الحزبي ذاتها بالخفوت. فقبل الثورة، كان النضال من أجل الاستقلال الوطني هو الفكرة الرئيسة التي يستمد منها العمل الحزبي تعريفه لذاته، لكن عندما حصلت القوى الوطنية على دولة مستقلة يقودها الجيش، وبدأت الدولة في مشروع سياسيّ واقتصاديّ واجتماعيّ واسع أدى إلى تغير البينة الطبقية السابقة عليه، أصبحت الدولة هي الفاعل الرئيس في المجال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي على السواء.

فبدلاً من أن تكون الدولة جهازاً سياسياً وإدارياً يقوده فاعلٌ اجتماعيٌّ بعد صراع سياسي ما، حازت الدولة على طاقات سيادية وتنظيمية كبرى في الاقتصاد عبر مشروع الرأسماليّة الوطنيّة والقطاع العام، وفي السياسة عبر إلغاء التجربة الحزبية وتأسيس دولة الحزب الواحد، وفي الاجتماع عبر تفكيك النظام الطبقيّ القديم ورعاية نشوء طبقات جديدة؛ وهو الأمر الذي أدى إلى توسع غير مسبوق في الطبقة الوسطى المدينيّة وتحولها إلى "زبون" لدى الدولة؛ الشيء الذي وُصف بالصفقة "الفاوستيّة" أي معادلة تخلي المجتمع عن السياسة في مقابل قدر ما متفق عليه بشكل ضمني من الرعاية الاجتماعيّة في حدها الأدنى[5].

ومن ثمّ، جاء مشروع دولة يوليو على حساب قدرات الطبقات الاجتماعية الجديدة في ممارسة السياسة، بل ورغبتها في ممارسة السياسة. لذلك، لا يخطئ من يقول إن السياسة في العالم العربي سابقة على الاجتماع.
 
 
على وقع ذلك، بدأت فكرة العمل السياسيّ المدفوع بالسعي إلى المصالح الوطنيّة او الحزبيّة أو الطبقيّة بالذبول، وانصرف نظر الفاعلين السياسيين في مصر إلى التطلّع إلى قيادة الجهاز الإداري للدولة وتسلم زمام قيادة هذا الجهاز التنظيميّ الجبار كُلّي القُدرة الذي بدا على أنه قادرٌ على تحقيق كل شيء، من تحقيق العدالة الاجتماعية إلى إنهاء حياة الخصوم السياسيين أو اعتقالهم.

لذلك، لم يكن غريباً أن تنحصر تجربة جماعة الإخوان المسلمين السياسية في الرغبة في الوصول إلى قيادة الدولة، وهي أكبر حركة سياسية من الطبقة الوسطى المصريّة، لا سيما أن الطبقات الوسطى عموماً لا تميل إلى فهم مجريات العمل السياسي إلا من خلال جهاز الدولة، وهذا ما لاحظه الفيلسوف الإيطالي أنطونيو جرامشي في حالة إيطاليا، والمنظر الهندي إعجاز أحمد في حالة الهند، ونزيه أيوبي في الحالة العربية[6].
 
لقد مرت فكرة العمل السياسي في جماعة الإخوان المسلمين بمرحلتين، تمتد أولاهما منذ لحظة التأسيس في عام 1928 على يد حسن البنا، مروراً باغتيال البنا عام 1948 إلى التحالف مع النظام الناصريّ بعد ثورة يوليو إلى الأزمة المريرة التي مرت بها الجماعة على يد عبد الناصر، وحتى الخروج من السجون في عهد أنور السادات.

وتمتد المرحلة الثانية من عصر السادات إلى يوم الناس هذا. استعاضت سرديّة الإسلام السياسي عن تقسيم عام/ خاص بسردية أخرى مستمدة من التراث الإسلاميّ؛ فالسياسة في التراث السياسيّ الإسلاميّ تعني "التدبير"، وطبيعة هذا السرد تقسم العالم إلى خير وشر واضحين، وإلى إيمان وكفر وكأساس لعلاقة الإنسان بالعالم وبالآخرين وبالله.


لقد كانت فكرة حسن البنا عن الدولة وعن علاقة الإسلام بالدولة فكرة غامضة، نتيجة لأن السرديّة الإسلامويّة التي تبناها البنا لا تلتقي مع التقليد القانونيّ الغربيّ الحديث[7] في معيار التفرقة المذكور آنفاً، لذلك عندما عرّف البنا الإسلام رآه على أنه: "نظام شامل، يتناول مظاهر الحياة جميعاً. فهو: دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة، سواء بسواء"[8].

لم يرتض البنا، إذاً، أن يكون الإسلام مجرد قانون تسير على هداه الدولة في التشريع كما فعل سابقوه من المصلحين القانونيين، بل هو على الأرجح "رؤية –للعالم" وهذه الرؤية لا تتضمن برنامجاً سياسياً مفصلاً، بل مجموعة من الغايات الكبرى، التي قد يتوصل إليها بالعمل السياسي. لذلك ليس من الغريب أن تكون أداة الدولة الصاعدة هي الطموح الوحيد الذي قد يؤدي إلى الوصول إلى أهداف مثل الشمول والتجانس السياسيّ المطلق، ورفض التعدد الحزبي.

لقد رأى حسن البنا أن السبب الكامن وراء جميع مآسي "الأمة" هو تشتتها[9]، ولذلك رفض البنا كافة أشكال التعدد الحزبي؛ مُعولاً في العمل السياسي الإصلاحي على "وحدة الصف" المتمثلة في الدولة كممثل سياسي للأمة. فيقول البنا:" إنها [الأحزاب] سيئة هذا الوطن الكبرى وأساس فساده الاجتماعيّ الذي نصطلي بناره"، ويدعو إلى: "حل الأحزاب وتجمُّع قوى الأمة في حزب واحد يعمل لاستكمال استقلالها وحيرتها ويضع أصول الإصلاح الداخلي العام"[10]. ويقول في موضع آخر:" [إن الأمة] لن ينقذها إلا أن تنحل هذه الأحزاب كلها، وتتألف هيئة وطنية عاملة تقود الأمة إلى الفوز وفق تعاليم القرآن" وأن "الإسلام هو دين الوحدة في كل شيء"[11].
 
 
لا يصاغ كل ذلك، مع وضع تجربة الخلافة والطموح الأمميّ نصب الأعين، في برامج سياسيّة أو حزبيّة أو أهداف مرحلية او حتى حرباً مفتوحة، ومن ثم تتحدد الأهداف بشكل لحظي مبنيّ على القرارات التشاورية التي لا يحدوها سوى المصلحة الآنيّة كما يراها قادة الجماعة، وبما يتناسب مع طبيعة مكونها الاجتماعيّ، بشرط عدم الانسياق إلى صدام مفتوح عنيف قد يضعف من قوة الدولة التي تسعى معارضتها، بالرغم من الخلاف، إلى وراثتها كما هي.

ومن اللافت للنظر، أن هذا الموقف من الدولة قد اجتاح العالم بأسره بعد انتهاء عصر الثورات البرجوازيّة، وبعد أن اكتشفت القوى الثورية كالتي قادت الثورة الألمانية عام 1848 أن أملها في قيادة القوى البرجوازية للثورة وتمثيلها لمطالب طبقات العمال أمام الدولة كان أملاً خيالياً. إذ سرعان ما تحالفت هذه القوى مع السلطة بمجرد ضمانها لمصالحها، لذلك يقول المنظر الدستوري بينجامين كونستان، في محاضرة ألقاها عام 1872: "إن المتحزّبين، مهما صفت نواياهم، يكرهون دائماً أن يحدوا من سيادة سلطة الدولة. إنهم ينظرون لأنفسهم كورثة لها، ويصونون ملكيتهم المقبلة، حتى عندما تكون في أيدي أعدائهم"[12].
 
يلاحظ حسام تمّام أن جماعة الإخوان قد بنت جهازها التنظيميّ في هذه الفترة واضعة مثال بيروقراطية الدولة المصرية نصب أعينها، سواء في مرحلة البنا أو في مرحلة خليفته حسن الهضيبيّ؛ وذلك في كافة التقسيمات الإداريّة التي تصل إلى حد التماهي مع تقسيمات الدولة الإدارية، من حيث المواقع والأماكن والمسؤوليات[13].

يصل هذا الأمر أقصى مداه إذا ما تنولنا تصورات المنضمين للجماعة أنفسهم عن العمل السياسي، وهو تصور لا يتجاوز العمل من داخل الجهاز الإداريّ للدولة، لدرجة أن المنشقين عن الجماعة الذين يفترض أنهم قد انشقوا على إثْر خلاف تنظيمي أو فكريّ، لم يكن لهم طموح سياسي سوى العمل الإصلاحي من خلال جهاز الدولة، وتولى الكثير منهم في مرحلة الدولة الناصرية وظائف رسمية في الدولة بعد الخروج من الجماعة، مثل الشيخ السيد سابق وأحمد حسن الباقوري وعبد العزيز كامل ونجيب جويفل[14].
 
على هذا النحو، يمكن وصف تصور جماعة عن السياسة في هذه المرحلة على أنّه تصور "دولتي"[15] إصلاحيّ، يهدف إلى السيطرة على الدولة، ويجافي العمل السياسيّ بالمنطق الحزبيّ أو الطبقيّ؛ الأمر الذي دفع بعض الدارسين إلى وصف علاقة الإسلام بالسياسة عموماً، كما تصورها حالة الحركات السياسية الإسلامية، بـ"العدمية"[16]. يمكن القول إنّ هذه الحالة، الموصوفة بالعدميّة، وسيأتي نقاش هذه الفكرة في موضع متقدم، لم تصل ذروتها إلى في المرحلة التالية من تجربة جماعة الإخوان المسلمين في نهاية عقد السبعينيات، مروراً بمرحلة حكم حسني مبارك.
 
لقد مرت الجماعة قبل هذه المرحلة بأزمة طاحنة لم تكن تنقصها بعد ما عانته على يد عبد الناصر بداية من عام 1954، ثم الأزمة الداخليّة الطاحنة التي خاضها المرشد الثاني حسن الهضيبي مع التنظيم الخاص والقطبيين داخل سجون عبد الناصر،

والتحول الكبير الذي امتد تأثيره إلى كلّ الأفكار الإسلامية السياسية في العالم أجمع مع نشر سيد قطب لكتابه معالم في الطريق في العام 1964، وهو آخر ما نُشر في حياته من أعماله، وهو أكثر كتبه راديكالية ووضوحاً وتعبيراً عن آخر قناعاته، ويظهر فيه واحداً من أكثر مفاهيم قطب ذيوعاً وإثارة للجدل وهو مفهوم "الجاهليّة" الذي لا يقصد به قطب الإشارة إلى زمان محدد كما درجت الأدبيات الإسلاميّة السابقة عليه؛ أي: الزمان السابق على مرحلة النبوة،

بل يقصد به قطب دلالة على: "كل المجتمعات أياً كان الزمان او المكان؛ التي يجمعها عد التحاكم إلى الشرائع والقيم والعقيدة الإسلامية، أي إن الجاهلية والإسلام نقيضان لا يتقاطعان"[17].
 
لكن تأثير أفكار قطب، كما تُفهم بشكلها الراديكاليّ التكفيريّ الذي تبنى حمل السلاح وتكفير الدولة والمجتمع، لم يدم داخل جماعة الإخوان المسلمين إلا عبر تأوليه بشكل يتناسب مع طبيعة تصورات التكوينات الاجتماعية السائدة في الجماعة، خاصة مع نشر كتاب دعاة لا قضاة الذي نُسب للهضيبي رداً على أفكار سيد قطب بالأساس[18].

نتج عن هذا الصراع الداخلي من جهة، ومحنة الجماعة على يد عبد الناصر من جهة أخرى، ميلاد خط جديد داخل جماعة الإخوان المسلمين يولي لبقاء الجماعة التنظيميّ وتماسكها الأهمية القصوى، كضمان وحيد للبقاء، ولا يولي كثير عناية للتأسيس الفكري أو العمل السياسيّ، حتى إن الجماعة لم تمارس العمل السياسي من هذه الفترة إلى منتصف الثمانينيّات، وعلى استحياء عبر التحالف مع حزب الوفد عام 1984 ومع حزب العمل عام 1987. لدرجة أنّه لا يمكن الحديث عن تجربة انشقاق واحدة في الجماعة خلال السبعينيّات والثمانينيّات إلا مع انشقاق الشيخ فتح الله السعيد احتجاجاً على موافقة الجماعة على مد فترة حكم حسني مبارك، وانشقاق أبو العلا ماضي مؤسس حزب الوسط في منتصف التسعينيّات[19].
 
 
وصلت فكرة تقديس البقاء التنظيميّ إلى درجة دفعت المرشد عمر التلمساني إلى القول: "ما من أحد قد تمرد على المرشد العام اعتداداً بمكانته إلا كان مصيره النبذ والإبعاد"[20]، واعتُبرت فكرة الاختلاف الداخليّ أمراً سلبياً على إطلاقه وفي كل حالاته، فهو في أوقات التمدد والنصر شغلاً للجماعة عن أهدافها الكُبرى، وفي أوقات المحن والتضييق قلة مروءة ورِقّة في الدين، واعتُبر كتاب دعاة لا قضاة "محنة" لرجال الإخوان حسب توصيف محمد الصروري: " فمن صدّق بما فيه بقي في الجامعة، ومن اعترض عليه ُقصي منها، وفصل الهضيبي بالفعل تسعة وعشرين عضواً ممن كانوا معه في سجن أبي زعبل ليتحول الانشقاق الفكريّ إلى انشقاق تنظيميّ"[21].

لم يعنٍ فكر قطب بالنسبة إلى الجماعة إلا ما استمدته منه من انكماش على ذاتها وتخوف من الانفتاح والاستعلاء بالإيمان والاعتقاد في خلو العالم من الإسلام وفكرة "العُصبة المؤمنة"، عبر تأويل أفكار قطب ورفض فكرة استخدام العنف وحمل السلاح وتكفير المجتمع، بشكل يتماشى مع الأيديولوجيا الجديدة التي وضعها الهضيبي. ويروي محمد قطب، أخو سيد قطب، أن أعضاء مكتب الإرشاد قد أرسلوا عبد الرؤوف أبو الوفا إلى سيد قطب ليبلغه انزعاجهم من أفكاره حول تكفير المجتمع، فأوضح له سيد ان أفكاره قد فُهِمت خطأً وأنه "لم يقصد تكفير المُجتمع".

وقد قبلَ الهضيبي منه هذا، وتبنته الجماعة كتفسير رسمي لأفكار قطب حتى الآن[22]. لكن بقي تأثير كبير لقطب على أفكار الجماعة، وتصورها عن العمل السياسي، خاصة فكرة نفي وجود "الأمة" الإسلاميّة في هذا العصر، بالرغم من إمكانية تحقيق قيم الإسلام في الأفراد والتزامهم الشخصي بتعاليمه، إلا أن الإسلام قد انقطع وجوده وتاريخه[23] -كحالة اجتماعية- منذ عهد الخلفاء الراشدين، وأن مقولة "الإصلاح" مستحيلة لاستحالة تقاطع تاريخ الإسلام مع تاريخ "الجاهلية"[24].

ويقول قطب في موضع آخر: "نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم ... حتى إنّ كثيراً مما نحسبه ثقافة إسلاميّة وتفكيراً إسلامياً وفلسفة إسلامية هو كذلك من صنع الجاهلية"[25].
 
تمثل مرحلة تأثير أفكار سيد قطب على الجماعة أكثر مراحل اللامبالاة السياسيّة وضوحاً. لقد رأى قطب أن كل الموضوعات التي تشغل الناس في عصره، وكل ما يمكن وصفه بالسياسيّ من الموضوعات ليس أمراً هاماً أو موضوعاً للخلاف أو هدفاً يتغيّاه "العمل الإسلامي"، فيقول : "هدف الإسلام لم يكن يوماً تحقيق القوميّة العربيّة ولا العدالة الاجتماعيّة ولا سيادة الأخلاق، ولو كان الأمر كذلك لحققه الله في طرفة عين، ولكن الهدف هو إقامة مجتمع الإسلام الذي تطبق فيه أحكام القرآن تطبيقاً حفياً وأول هذه الأحكام أن يكون الحكم نفسه لله وليس لأيّ بشر أو جماعة من البشر وأن أي حاكم إنسان، بل أي مسؤول إنسان غنما ينازع الله سلطانه، بل إن الشعب نفسه لا يملك حكم نفسه، لأن الله هو الذي خلق الشعوب وهو الذي يحكمها بنفسه"[26].
 
 
في فترة السادات، ومع خروج جماعة الإخوان من السجون، وإبرام معاهدة كامب ديفيد، والسعي إلى تنفيذ برنامج الانفتاح الاقتصاديّ والذي جرى من خلال سلسلة من التدخلات التنظيميّة على إثر انهيار النظام الناصري الذي كان نتاجاً معقداً لكل التناقضات الفكرية الطبقية الداخلية في تجربة السعي إلى نظام اشتراكي، والصراعات السياسية الخارجية المتمثلة في هزيمة يونيو 1967، بالإضافة إلى تحول الظروف العالمية للرأسمالية.

شهدت هذه الفترة تفكيكاً غير مسبوق لمؤسسات المعنى الدى جموع الناس التي لم يعد يجمعها وعي طبقي نظراً لترهل الطبقات المستمر منذ أواخر الخمسينيّات، ولا وعي سياسيّ حزبي بعد أن يئست من فكرة العمل السياسيّ داخل الأحزاب التي بدت على أنها مجرد لعبة لتغيير المواقع، وأن كافة الأفكار السياسية غير قابلة للتحقق، مع انهيار حلم القومية العربية، وحالة التردي الطبقي والحزبي، وتراجع دور النخب السياسية والمدينية في العمل السياسي، بل واليأس من المشاعر الوطنية الجارفة التي ميزت المرحلة الناصرية؛ إذ احتكرت الدولة التحدث باسم الأمة بعد حرب أكتوبر 1973، وغيرت مفاهيم العداوة والصداقة بعد إبرام معاهدة كامب ديفيد.
 
في هذه الفترة توسعت جماعة الإخوان المسلمين بشكل غير مسبوق في كافة محافظات مصر على حساب كافة الجماعات الإسلامية الأخرى، وهو الأمر الذي دفع بعض المحللين لوصف تلك المرحلة من حياة الجماعة بـ"الترييف" والتخلي عن تراثها المديني الإصلاحي[27]، وعادة ما يُفسّر هذا التوسع بأسباب سياسية، لا سيما المساحة التي منحها أنور السادات لجماعة الإخوان، واستخدامه لهم لمنافسه أعدائه من الشيوعيين والناصريين.

لكن هذه الطريقة لا تولي أيّ عناية لتلك الجموع التي انضمت للجماعة، ولتشكل رغباتها وأحاسيسها وطبيعتها الاجتماعية. مرة ثانية، إن هذه الموجات الواسعة من الانضمام لحركة شمولية تكون ممكنة انّى توفرت الجموع التي انكشفت فيها فجأة شهيّة الانتظام السياسيّ لسبب أو لآخر، خاصة مع تنامي المشاعر الدينية بعد النكسة ومع تجربة الانفتاح.
 
إن ما ميز المشاعر الدينية الجارفة التي تنامت في هذه الفترة لدى قطاعات عريضة من المصريين هو أنها اجتذبت إليها أنصاراً من هذه الجمهرة من الناس غير المبالين بالعمل السياسي، والذي نادراً ما يشاركون في أي فعل سياسي، ولا ينتمون لأي تصنيف، والذين كانوا موضع رفض من الأفكار السياسية الأخرى نظراً لاعتبارهم غاية في قلة الوعي[28] والبلادة.

إن الامتثال للأوامر والبقاء ضمن تنظيم من هذا النوع لا يعتمد على الاختبار التجريبي للصدق، أو التأكد من النجاح، أو على المُحاجة العقلانية المقنعة؛ إذ يبدو أن تماهي العضو مع الحركة، بشكل ما يفقده ملكة التفكير، ويؤمنه من معاناة الاختيار التي تعد بالنسبة إليه مُعادلاً لوطأة التعذيب والتعذيب وخشية التيه بين الأفكار المتضاربة، وهي الرحلة التي سيتوجب عليه أن يخوض غمارها فرداً، بعد أن تفكك المؤسسات التي اعتاد أن يستمد منها معنى حياته، وبعد تغير طبيعة العالم من حوله.

لذلك، ينبري الكثير من أفراد جماعة الإخوان المسلمين الذين أتوا من هذه التكوينات الاجتماعية في تبرير لا متناهٍ لأفعال قادتهم السياسية، لأنهم بالأساس غير مُبالين بما يُقال في نقدها بعد أن وفرت لهم هذا الملجأ من عالم يموج كبحر لُجّي، يبدو أن السياسة، وأصحاب النظريات السياسية والتوجهات الثقافية المعقدة غير قادرين على انتشاله من مأزقه.

وترتبط هذه اللامبالاة السياسية بفكرة أن الرؤية الدينية للعالم، التي تُعرّف الإنسان بحسب موقفه من الله، كمؤمن أو كافر، وخاصة الرؤية السياسية الإسلاميّة التي رفضت، كما سبق القول، التقسيم الحديث بين العام الخاص، لم تتمكن في هذه الفترة من تحصيل معنى لمجريات الأحداث عبر ثنائية الخير والشر الإيمان والكفر. يشرح المفكر السوري يا سين الحاج صالح فكرة "العدمية الإسلاميّة" قائلاً: "على أنه إذا كانت العدميّة الغربيّة، العدميّة الوجوديّة بخاصة، مقترنة بشحّ المعنى وانعدام الغاية من الوجود، فإنه يمكن تمييز ضرب من عدميّة إسلامية خاصة، مقترنة بالأحرى بفيض المعنى.

وفي حين أن جذر العدمية الغربية هو موت الله، وأن أكثر فروعها تعي ذاتها عوداً إلى نبي الإله الميت، نيتشه، فإن أصل عدمية فيض المعنى الإسلاميّة المعاصرة هو فرط وجود الله وقدرته وحضوره الكليّ. الله هو الموجود الوحيد الحقّ، لا حَكَم إلا هو، وفقاً لما كان رأي الخوارج، مجسدي أحد النماذج الباكرة للعدميّة الإسلاميّة. وأمام إطلاق الله، سيتضاءل الإنسان إلى ما لا نهاية، ما يضفي قيمة نسبية جداً على حياته، ويجعلها قابلة للحذف والإلغاء والإعدام. الله حي، الموت ميت. ومعه الحياة"[29].
 
إلا أنّ حضور "الله" الموصوف في هذه الفقرة، لا يتم إلا في الغايات الكُبرى المأمولة، التي قد تتحقق عبر أهداف سياسيّة، لكنها لا تمتّ للسياسة بصلة. فإذا كانت غاية الإسلام، كما يشرحها قطب في العبارة المنقولة آنفاً، هي تعبيد الناس لله، وإذا كان الإسلام في هذه الفكرة لا يولي عناية تُذكر لكافة الموضوعات السياسية، فلا داعي لإيلاء كثير عناية بما سيتم بإجراءات السياسة والقرارات والتنظيمات الإداريّة وعقد التحالفات وقضايا الشعب، التي ستكتسب حتماً صفة "الصغائر" طالما أنها في مجموعها تُمثل رحلة لا تنتهي سوى بحالة من الكمال الإنسانيّ. وبما أنّ طبائع الأمور تُشير على استحالة تحقق هذا الكمال، مما يعني أنّ تلك "الرحلة" ستطول مدتها إلى ما لا نهاية، فإن اللا مبالاة السياسيّة الموصوفة هنا ليست نابعة من "فرط وجود الله وقدرته وحضوره الكليّ" بل من غيابه.
 
إن الاطمئنان لوجود غاية كُبرى للتاريخ، ولخيرية الأخوة الأتقياء أصحاب النوايا الحسنة يوفر لقواعد الجماعة ألّا يتكبدوا عناء التدخل في مجريات القرارات التنظيمية وعمليات وضع القواعد واتخاذ المواقف السياسيّة الخاصة بعقد التحالفات أو نبذ بعض الأعضاء؛ فهذه الأمور ستبدو كأحداث هامشيّة في مسار تاريخ الجماعة التي تسعى لأهداف، تُمثل في ذاتها، غايات عليا للتاريخ الإنسانيّ. وهذا ما يفسر القيمة العليا، والاستخدام الدائم للمقولة التي نقلها حسن البنا عن أستاذه محمد رشيد رضا: "نتعاون فيما اتفقنا فيها، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه".

الهوامش:

[1] حنا أرندت، أسس التوتاليتارية (بيروت: دار الساقي، ط2) ص 33.
[2] عبد المجيد الشرفي، لبنات (بيروت: دار المدار الإسلامي).
[3] حامد عبد الله ربيع، مدخل إلى دراسة التراث السياسي الإسلامي (القاهرة: دار الشروق الدولية) ج2، ص15.
[4] نفس المرجع السابق.
[5] Omnia al shakry, Egypt's Three Revolutions: The Force of History behind this Popular Uprising, In: Bassam Haddad, Rosie Bsheer, Ziad Abu-Rish. Eds, Dawn of the Arab Uprisings: End of An Old Order? (Pluto Press, 2012).
[6] لمزيد من التفصيل حول دور الطبقات الوسطى في صنع السياسة يُراجع: اختراع الأمم: عناصر نظرية سوسيولوجية في علاقة الأنماط الثقافية بنشأة الدول القومية الحديثة، في: اختراع الأمم: الدولة القومية الحديثة في شرطها الاجتماعي، تحرير مصطفى عبد الظاهر (بيروت: مركز نماء للدراسات والأبحاث) ص 14 وما بعدها.
[7] لمزيد من التفصيل حول القانون الغربي كـ "تقليد" يُراجع:
John Henry Merryman, Rogelio Pérez-Perdomo, The Civil Law Tradition: An Introduction to the Legal Systems of Europe and Latin America (Stanford University Press. 2007).
[8] الأصل الأول من الأصول العشرين.
[9] وليد عبد الناصر، التيارات الإسلامية في مصر ومواقفها تجاه الخارج، دار الشروق، ص 105.
[10] منقول عن: سعود المولى، الإخوان وسيد قطب، دار المشرق، القاهرة، 2017، ص 91.
[11] منقول من: عمرو الشوبكي، تطور الخطاب الفكري والسياسي لدى الإخوان المسلمين/الدعوة والسياسة: الإشكاليات والتحديثات، في: الحركات الإسلامية في الوطن العربي، المجلد الأول، إشراف عبد الغني عماد، مركز دراسات الوحدة العربية، ص 324.
[12] لمزيد من التفصيل يُراجع: برتراند ديجوفينيل، في السلطة: التاريخ الطبيعي لنموها، ترجمة فاطمة الجيوشي (دمشق: وزارة الثقافة السورية) ص24.
[13] حسام تمام، الإخوان المسلمين: سنوات ما قبل الثورة (القاهرة: دار الشروق) ص34.
[14] يُراجع، حسام تمام، المصدر سابق، ص 40.
[15] لمزيد من التفصيل، يُراجع:
مصطفى عبد الظاهر، ميلاد الدولتية الإسلامية: الحركات الإسلامية في زمن الهزيمة، في: في تشريح الهزيمة: حرب يونيو 1967 بعد خمسين عاماً، تحرير خالد منصور.
[16] يُراجع: ياسين الحاج صالح، أساطير الآخرين: نقد الإسلام المعاصر ونقد نقده (بيروت: دار الساقي) ص143.
[17] وليام شيبارد، خرافة التقدم في فكر سيد قطب، ترجمة عبد الرحمن أبو ذكري، ج1، انظر الرابط.
[18] لمزيد من التفصيل؛ يُراجع: سعود المولى، الإخوان وسيد قطب (بيروت: دار المشرق، 2017) ص 127.
[19] أحمد سالم، اختلاف الإسلاميين (بيروت: مركز نماء للدراسات والأبحاث) ص 467.
[20] وارد في: اختلاف الإسلاميين، المرجع سابق، ص 453.
[21] المرجع السابق، ص471.
[22] نفسه ص 469. ولمزيد من التفصيل حول تلقي الاخوان لأفكار سيد قطب وتأويلاته؛ يُراجع: معتز الخطيب، العنف المُستباح: الشريعة في مواجهة الأمة والدولة، تقديم طارق البشري (بيروت: دار المشرق، 2017) ص92 وما بعدها.
[23] يُراجع: حميد بوزارسلان، قراءة في تاريخ العنف في الشرق الأوسط، ترجمة هدى مقنص (بيروت: المنظمة العربية للترجمة) ص168، هامش 19.
[24] سيد قطب، معالم في الطريق (القاهرة: دار الشروق، 1973) ص8.
[25] المعالم، مرجع سابق، ص 18.
[26] نفسه، 105-106.
[27] حسام تمام، مرجع سابق، ص 71.
[28] يُذكر هنا ان المثقفين في العالم العربي قد نهجوا طريقة قاسية في إلقاء اللوم على المجتمع، وظهرت بعد ذلك أعمال كثيرة معبرة عن أن "الناس" او "المجتمع العربي" أو "العقل العربي" أو "التقليد" هو سبب تأخر العرب وهزيمتهم اما خصومهم، لما يؤمنوا به من أساطير.
[29] أساطير الآخرين، مرجع سابق.
مصطفى عبد الظاهر

باحث ومترجم مصري، متخصص بالقانون، وتتوزع اهتماماته بين العلوم الاجتماعية والدراسات ما بعد الكولونيالية ودراسات الشرق الأوسط وتاريخه. نشرت له العديد من الدراسات والأبحاث والمقالات في مراكز أبحاث عربية منها مركز نماء للدراسات والأبحاث، ومنتدى العلاقات العربية والدولية، وجدلية، ومؤسسة مؤمنون بلا حدود، وينصب اهتمامه في هذه الفترة، وما يقوم به من بحث وترجمة وتحرير وإشراف، على دراسة ظاهرة "القومية" بأبعادها النظرية والاجتماعية والتاريخية والفلسفية.

مواد أخرى لـ مصطفى عبد الظاهر

اترك تعليق*

* إرسال التعليق يعني موافقة القارئ على شروط الاستخدام التالية:

- لهيئة التحرير الحق في اختصار التعليق أو عدم نشره، وهذا الشرط يسري بشكل خاص على التعليقات التي تتضمن إساءة إلى الأشخاص أو تعبيرات عنصرية أو التعليقات غير الموضوعية وتلك التي لا تتعلق بالموضوع المُعلق عليه أو تلك المكتوبة بلهجة عامية أو لغة أجنبية غير اللغة العربية.

- التعليقات المتكوبة بأسماء رمزية أو بأسماء غير حقيقية سوف لا يتم نشرها.

- يرجى عدم وضع أرقام هواتف لأن التعليقات ستكون متاحة على محرك البحث غوغل وغيره من محركات البحث.