صعود وسقوط التنمية العربية: قراءة في أطروحات علي القادري

03 حزيران/يونيو 2018
 
1 – مقدمة: السؤال التاريخيّ

يتوقف تقدم أيّ أمة على إدراكها للسؤال التاريخي أو التحدي الأساسي الذي تواجهه في مرحلة ما من وجودها، هذا السؤال التاريخي قد يستطيل دهراً، وقد لا يتجاوز الفرد عمراً، فلهذا قانونيات نعجز عن اختزالها في مقال واحد.
المهم أن هذه الأمة المنكوبة هى مِن مَن استطالت أسئلتها التاريخية وتحدياتها القومية، فلا يزال سؤالها من سبعين عاماً رابضاً بلا جواب، كيف تجتاز حالة التخلف وتبني نهضتها الحضارية؟ أو بصيغة أكثر علمية كيف، تجتاز "التخلّف الهيكلي" الذي ورثته عن استعمارها؟ هذا التخلّف الذي لا يمكن اختزاله في مجرد "تأخر تاريخي"، كما يستسهل ليبراليونا السذج وصفه.

فالعجيب أن هؤلاء الليبرالين مدّعي التطور ومواكبة العصر، هم الأكثر أصولية وسلفية في تصوّراتهم عن العالم، وفيما يقدّمون من إجابات للأسئلة المحورية تاريخياًً، بل والأخطر في صياغاتهم حتى للمشكلات نفسها، فقضية التخلّف التي تمثّل السؤال التاريخي الأساس للعرب منذ قرن على الأقل، لا يقدمون لها من صياغات سوى ما يوافق، بل تقريباً ما لا يخرج عن، ما قدمته الدعاية الرأسمالية في الخمسينات والستينات من صياغات له كمجرد تأخر تاريخي ونقص كمّي في الموارد، سيعالجه الزمن وكرم الغرب، المشروط طبعاً بالسير على الطريق الغربي، شبراً بشبر وذراعاً بذراع.

وهكذا يدعمون بأريحيةٍ مطلقةٍ ودون تحفّظ برامج المنظمات الدولية للبرلة الساقطة علينا من سماء الغرب كلوح محفوظ، لا مراجعة له ولا تعديل عليه. فلا أوضاع خاصة تستحق الدراسة العينية، ولا هياكل تاريخية واجبة البحث التفصيلي، فقط كتاب وصايا واحد صالح لكل زمان ومكان، رغم كل ادعاءاتهم عن العلمية ورفض الأصولية ونقدهم للأصوليين الأكثر إخلاصاً على الأقل لمفاهيمهم ودعاواهم.

ولسنا هنا بسبيل النبش عن النوايا، فما يعنينا هو مناقشة السؤال التاريخي للأمة العربية، وكيف كانت إجاباته ونتائجها.
 
2 – التخلّف الهيكلي : أسئلة قديمة بأجوبة قديمة !

يمكن للقارئ المُطلع على الأدبيات الاقتصادية والسياسية لخمسينيات القرن الماضي، أن يتبيّن بسهولة أن ثورات الاستقلال الوطني، أو الانقلابات العسكرية كما يحلو لليبراليين والأصوليين وصفها على سبيل الوصم، لم تكن نبتاً شيطانياً، أو مصادفةً ألقاها القدر في طريقنا، فبغض النظر عما اعترى تطبيقاتها من قصورات، فإن برامجها وسياساتها الأساسية كانت تطوراً طبيعياً لاجتهادات وأطروحات سبقتها، في محاولات واقعية لمقاربة الواقع العربي العيني، مُستقلةً عن الأطروحات الغربية الأيديولوجية المُوجهة مُسبقاً بتوجهات ومصالح رأس المال الدولي،

حتى أن نموذجها الأساس، "مراحل النمو لروستو"، لم يكن سوى طرح طوّره المؤرخ الاقتصادي الأمريكي والت ويتمان روستو بإيعاز من المخابرات الأمريكية؛ كنموذج نقيض للمراحلية الماركسية الستالينية، يعطي تفاؤلاً بتطور في إطار الرأسمالية، تنحصر مشكلته الأساس في نقص الاستثمار والتقنية، اللذيّن يمكن توفيرهما بجذب رأس المال الأجنبي، أو الاستثمار الأجنبي المباشر الذي كان لوقت طويل أكثر موضوعات البحث شعبية في أوساط باحثي الاقتصاد التقليديين أو الموظفين كما أحب أن أسمّيهم.

المهم أنه لأجل أي مناقشة جادة لمعضلة التنمية، فلابد من البدء بإجابة السؤال السابق عليها مباشرةً، وهو تحديد جوهر الإشكالية التي تحاول التنمية "كإجابة تاريخية" حلّها، أي ما هو تعريف التخلّف، هل هو "تأخر تاريخي" حلّه اللحاق بالغرب بنمطه ومنطقه، على ما قالت النظريات التي سارت على نهج مراحل روستو، أم "تخلّف هيكلي"، نتج عن اختلال الهياكل الاقتصادية الاجتماعية بسبب الاستتباع الاستعماري؛ ما يجعل حلّه ابتداع نمطنا الخاص انطلاقاً من واقعنا نفسه في إطار من التحرر من التبعية وتغيير "هيكل التخلّف" نفسه، على ما حاولت ثورات التحرر الوطني إنجازه جزئياً ويشكل مُشوه في مراحلها الأولى الموؤدة.

الحق أننا أمام أسئلة قديمة بإجابات قديمة، فكل ما سبق جرى النقاش حوله آلاف المرات وسكب أطنان من الحبر حوله؛ ما يجعل من الصعب جداً -وهنا الإنجاز- أن يأتي على القادري، الباحث الرئيسي بجامعة سنغافورة الوطنية والباحث الزائر بقسم التنمية الدولية بمدرسة لندن للاقتصاد، والمتخصص في قضايا التنمية بالشرق الأوسط والعالم الثالث، بالكثير من الجديد الأصيل في كتابيه "التنمية العربية المُحتجزة" و"تفكيك الاشتراكية العربية"، الجاري إصدار ترجمتنا العربية قريباً لهما عن مركز دراسات الوحدة العربية بلبنان، كذا ما يجعل مساهمته الأبرز في الحقيقة هى إعادة مركّزة قضية التنمية العربية في قلب الجدل العربي، بعدها حيّدتها الأطروحات النيوليبرالية والصراعات الطائفية عملياً،

كذا إعادة التأكيد على محورية العامل الخارجي، في مواجهة حملات مسعورة من الداخل والخارج، تزعم عجزاً عربياً إسلامياً "ثقافوياً" عن النهوض والتطور؛ بما يجعل الحل التبعية الكاملة للغرب بالسير على خطاه سيرنا ورا الضبّ، كما يقول الحديث النبوي الشريف.
 
3 – النبت المُشوّه : صعود وسقوط الاشتراكية العربية

يُورد القادري في ملحق الفصل الأول من كتابه "تفكيك الاشتراكية العربية" أرقاماً مُختارة على سبيل المقارنة بين المرحلتين الأساسيتين في التاريخ العربي الحديث، مرحلة الاشتراكية العربية (1960-1979م)، ومرحلة الليبرالية الانفتاحية ((1980-2011م)-...)، وتحديداً في الدول التي طبّقت تلك الاشتراكية بالطبع، خصوصاً مصر وسوريا والعراق، التي خصص لكل منها فصلاً مُستقلاً فيما بعد.

ونجد في هذه الأرقام اتجاهاً واحداً بعنوان واحد نفهمه ضمناً عبر الفترتين، هو "التراجع الكبير"، إذ تراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في سوريا والعراق ومصر من (7.1% و 10% و 5.5%) إلى (4 % و 4.9% و 4.3%) على التوالي، ومعه تراجع معدل نمو حصة الفرد من ذلك الناتج في البلدان الثلاثة من (3.8 % و 6.8% و 3.5%) إلى (1.2% و 2.1% و 2.3%) على التوالي كذلك، وفي خلفية المعدلين تراجع لمعدل نمو إنتاجية العامل من (4.5% و 8.6% و 3.3%) إلى (0.5% و 1.2% و 2.2%)، فيما زادت متوسطات معدلات التضخم من حوالي 5% للدول الثلاثة إلى 13% في مصر و 26% في العراق و 15% في سوريا، وارتفعت معدلات البطالة من (4.2% و 5.2%) إلى (10.9% و 13.2%) في سوريا ومصر على التوالي،

كذا ارتفع متوسط خدمة الدين العام كنسبة من الدخل القومي من (2% و 3%) إلى 4% لكلٍ من البلدين؛ بما يظهر تفاوتاً مُعتبراً -وهائلاً أحياناً- في كافة المؤشرات الأساسية لصالح فترة الاشتراكية العربية في الأداء الاقتصادي الكلي، خلافاً للأساطير الشائعة في الإعلام الرسمي في هذا الشأن.

ورغم أهمية هذه الأرقام، لم يعط القادري الجانب الكيفي الاهتمام الكافي، خصوصاً على المستوى الاقتصادي التحتي، مُنشغلاً أكثر كتابه بالمستوى السياسي، الذي على أهميته، لكنه لا يعطي تفسيراً لجانب هام من النقاش لم يأخذ حقه، وهو المُتعلق بدوافع تبنّي هذه السياسات، الأمر الذي تلافاه جزئياًً فيما يتعلق بدوافع التخلّي عنها، رغم انشغاله فيها أيضاً بالجانب السياسي أكثر من اللازم!

وربما كان هذا مُبرراً بطبيعة المدخل النظري "الاقتصاد-سياسي" الذي يتبنّاه القادري، في مواجهة الهيمنة الفجة للتيار الرسمي المُتمحور حول اقتصاد بحت وهمي لا وجود له في الواقع، وهو ما نختلف معه فيه لما في ذلك الاقتصاد من بعض المُكونات التحليلية الوجهية، حتى لو اختلفنا مع كيفية تطبيقها وصياغة نتائجها.

وربما لهذا لم يطرح القادري نظرية في التخلف، والتي تمثّل المدخل الضروري لأي طرح في التنمية؛ فعلى أساس الأول يتحدد الثاني، وهو ما كان يمكن أن يمثل مدخلاً لفهم أسباب اتجاه النخب العسكرية الحاكمة بعد ثورات الاستقلال الوطني إلى تلك السياسات (بل وصعود النخب العسكرية نفسها!)، خصوصاً من حيث كونها سياسات فرضت نفسها في ظل عجز الرأسماليات المحلية عن إنجاز المهمة الهيكلية الأولى لتجاوز التخلف، وهى "التصنيع في إطار من استقلال السوق المحلية"، وكيف كانت الاشتراكية العربية هى الغلاف النظري والدعائي لهذه الضرورة،

والذي يتضح على أساسه أن شعار "حتمية الحل الاشتراكي" الناصري، لم يكن في الواقع سوى "حتمية التصنيع المستقل" الذي لم يكن مُمكناً إنجازه، سوى بتدخل الدولة وحماية السوق المحلية بما يستتبعانه من سياسات ضرورية على كافة المحاور الاخرى.

ولعل هذا ما يفسّر فوقية تلك "الاشتراكية"، التي أتت بلا اشتراكيين ولا تنظيمات شعبية، وهو التوجّه الذي دعمه بلاشك فشل الستالينية في إنجاز ذات الهدف؛ كونها كانت في الحقيقة "التجربة النموذج" للتنمية المُستقلة المُعجلة في إطار استقلال وطني مُحاصر، لدولة مُتخلفة صناعياً، يمثل التصنيع والتطور المادي مهمتها الأولى، ولو بغلاف اشتراكي.


وربما كان هذا المدخل ليساعد بشكل أكبر في تفسير تحوّل تلك الدول عن تلك الاشتراكية سريعاً، بعدما عجز ذلك الغلاف الاشتراكي في إطاره السياسي المُشوه والسوسيواقتصادي المتناقض والعاجز عن إنجاز مهمته الأساسية، مُتمثلةً في التصنيع المُعجل.

فقط ركّز القادري على مزايا تلك السياسات في مواجهة السياسات النيوليبرالية نبية الخراب في الوطن العربي، كما لو كان الأمر مجرد اختيار "نظري" لمجموعة من المثقفين أو السياسيين الوطنيين المشغولين بهموم الأمة، لا بُنى ومصالح اجتماعية تراكبت في لحظة ما لتصيغ هذه السياسات في لحظة تاريخية معينة، ولتدفع مع تغيّرها للتخلي عنها من ذات النخب التي اختارتها في لحظة أخرى؛ لأسباب تتعلق بالعجز البنيوي لتلك النخب نفسها، ولما حاولته من "اشتراكية عربية" تعاني من اختلالات واختناقات بنيوية بسبب بنية تلك النخب نفسها وطبيعة مصالحها الأصيلة والمُستجدة؛ بما أعجزها عن التقدم، وجعلها سهلة الاغتيال عند أول صدمة.

وحيث لا حاجة في هذه العُجالة لإغراق القاريء في التفاصيل والأرقام، سأكتفي بالإشارة إلى اختلالين بارزين في تلك الاشتراكية العربية في مصر كمثال، أحدهما على صعيد هيكل الاستهلاك والآخر على صعيد هيكل الإنتاج.

فأما الأول فهو الاختلال الفنّي، مُتمثلاً في النزوع التصنيعي-الاستهلاكي السابق لأوانه، أي الإنتاج السابق لأوانه - بالنسبة لمستوى تطور القوى الإنتاجية ومستوى الدخل القومي - للسلع المُعمرة، كالسيارات الخاصة والثلاجات والغسالات الكهربائية وغيرها، أو منطق "من الإبرة للصاروخ"، في مجتمع كان أكثر من نصفه يسير حافياًً قبل أقل من عقدين فقط! ولا يمكن اعتبار هذا من الانجازات، رغم كونه يمثل طموحاً طيباً؛ لأنه يخالف منطق وإمكانات الواقع (الاتحاد السوفييتي الدولة العظمى لم يدخل تلك السلع سلة الاستهلاك العامة سوى بعد نصف قرن تقريباً من التطور الخارق!)، فهى تمثل استهلاكاً يفوق إمكانات القوى الإنتاجية والفضاء السوقي المحلّي؛

ما يضعف إمكانات التطور الصناعي لاحقاً؛ كونه يزيد من تشوّه العلاقة بين هيكل الاستهلاك وهيكل الإنتاج (وفي هذه النقطة يمتلك الأصوليون بعض الحق دون وعي في تقديسهم للهوية كونها تمثل حماية مؤقتة لهيكل الاستهلاك!)؛ ما يضعف النمو المتوازن المنتظم والمطرد بين الصناعة والسوق؛ كما يعزز استتباع الاثنين للخارج، خلافاً للهدف الأساس.

فيما يتمثّل الاختلال الثاني الذي يمثّل الوجه الاجتماعي له، في تمرّكز الطبقة الوسطى حضرياً وريفياً في قاعدة النظام الاجتماعية، ما يفسر سياسياً واجتماعياً الاختلال الأول نفسه؛ فهذه الطبقة نفسها هى التي تتعجل الاستهلاك الرخيص نسبياً لتلك السلع المُعمرة، والتي كان النظام يستهدف استرضاءها بمنطق اجتذابها للاشتراكية! أو هكذا قيل! لا عجب أن خدم الإصلاح الزراعي كبار ومتوسطي الملاك الزراعيين في الريف، وأن نمت بيروقراطيتها الإدارية (حجماً ودخلاً) بشكل أسرع من نمو العمالة المُنتجة في اقتصاد ناشيء يُفترض كونه يسعى للتصنيع!

وهكذا زادت وظائف البيروقراطية العامة خلال فترة الستينات التي ُيفترض أنها كانت فترة تحوّل اشتراكي بنسبة 70% مقابل زيادة 20% فقط في العمالة الإنتاجية، حيث تجاوزت معدلات التضخم البيروقراطي معدلات نمو السكان والعمالة والإنتاج (مؤمن كمال الشافعي، الدولة والطبقة الوسطى في مصر..تحليل سوسيولوي لدور الدولة في إدارة الصراع الاجتماعي، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2011م، ص 304، 305)؛ ما مثّل هدراً وفاقداً اقتصادياً هائلاً بالنسبة لاقتصاد صاعد، حصّلت تلك الطبقة مكاسبه، ناهيك عن الآثار الهيكلية والكيفية السلبية طويلة الأجل.

لا عجب أن تدهور هذا التصنيع سريعاً، وأن بدأت أزماته قبل حتى استكمال خطته الخمسية الأولى، على كل نجاحها غير المسبوق محلياً، فما كاد يحلّ عام 1964م، حتى بدأت اختلالات الهيكل تعبّر عن نفسها في تدهور معدلات النمو وعجز في خطط الاستثمار واختناقات عديدة في الاقتصاد؛ ما أدى للتراجع عن التخطيط (الذي كان يُؤمل أن يصبح شاملاً!)، والاكتفاء بأشباه خطط سنوية.

وبينما استمر النمط وتعمّقت استهدافاته الاجتماعية وأنماطه استهلاكه، وتخلّف الهيكل الإنتاجي عن ملاحقتها، كانت تتكوّن شبكات مصالح وفوائض مالية في أيدي تلك الفئات الاجتماعية العُليا والمتوسطة، وأصبحت العلاقات ذات (الشبهة) الاشتراكية قيّداً عليها (تربّحاً واستهلاكاً)؛ فكان لابد من تغييرها لاحقاً، لتأتي الهزيمة وانقلاب مايو 71 لينقلا كامل القوة إلى أيدي تلك الشبكات، التي كانت أكثر اتساقاً مع طبيعة النظام واختلالاته منذ نشأته؛ لتنهي الادعاءات الاشتراكية، وتتخلّى نهائياً عن أي محاولة للاستقلال الاقتصادي المُتمحور حول البناء الصناعي، مُكتفيةّ بمشاركة رأس المال المركزي في المكاسب، تحت قيادة رأس المال التجاري المحلي.

فكانت هذه هى الحدود التاريخية والآفاق اللاشتراكية لـ "الاشتراكية" العربية؛ فاشتراكية عدم الانحياز لأي شيء حتى لنفسها! لم تكن تاريخياً سوى ظاهرة/مناورة ستالينية عارضة، انتهت إمكاناتها مع انسحاب غطاء الأمن السوفييتي، الذي وفّر هامش مناورة مؤقت للبرجوازيات المحلية الضعيفة في العالم الثالث للحصول على بعض الاستقلال الذي انتهى سريعاً؛ فعادت تلك البرجوازيات لأحجامها الطبيعة وجحورها التابعة، ولعلّ هذه هى إحدى أهم النقاط التي قدّمها القادري، وبنى عليها كثيراً من استنتاجاته، وهى أن "الأمن شرط للسيادة، والسيادة شرط للتنمية"؛ ومادامت البرجوازية المحلية عاجزة عن تحقيقهما؛

فستتخلّى سريعاً عن أي مشروع استقلالي نهضوي لصالح تأمين مكاسبها الآمنة والسريعة تحت جناح رأس المال المركزية ورعايته؛ ما يقود للنتيجة التالية، وهى أن شرط التنمية المُستقلة هو ارتباطها بمصالح المُستفيدين منها، والاكثر تضرراً من التبعية؛ فيصبح "أمن التنمية هو سيادة الطبقة العاملة على مواردها"، وهو ما لم تحققه سلطويات الاستقلال البيروقراطية العسكرية بحكم أصولها الاجتماعية وطبيعتها وتركيبتها البرجوازية الكامنة (وهذا ما لم يناقشه القادري بما فيه الكفاية ربما لكونه ليس موضوعه)؛ فكان فيه مقتلها.
 
4 – صعود النفط : السياق العالمي للبرلة المرتدة

أدى غياب هذه السيادة مع الجذور الكامنة للرسملة التابعة (بالاختلال بين المُكون الاستهلاكي والإنتاجي في التكوين الرأسمالي ورديفه على مستوى الفضاء السوقي)، إلى تمهيد الأرض مع الحصار العسكري وانسحاب الغطاء السوفييتي والاختناقات العينية والمالية في الاقتصاد المصري بعد حرب أكتوبر، إلى تمهيد الأرض لارتدادة الثورة المُضادة، وبدء أول برنامج نيوليبرالي قبل أن يُعرف بهذا الاسم عالمياً.

وقد هيأ الإطار الدولي سهولة ذلك التحوّل، فمع صعود النفط، اختلت موازين القوى الإقليمية لصالح معسكر "النفط والثروة" على حساب معسكر "الماء والثورة"، ولم يكن هذا مُنفصلاً عن التحولات العالمية والصراعات بين الأقطاب الرأسمالية نفسها، مع تراجع التهديد السوفييتي.

فمع تراكم الدولارات بأوربا بشكل أضعف الثقة بها، ومع استعادة أوربا لقدراتها بعد عقدين من النمو السريع بعد الحرب العالمية الثانية، تنامت رغبة الأوربيين في تأمين احتياطاتهم واستعادة مكانتهم الدولية وعدم دفع أثمان الهيمنة الأمريكية، خصوصاً في صورة هيمنة الدولار كعملة دولية، ما تجسّد في مطالبة الزعيم الفرنسي ديجول بالعودة لنظام الذهب "الذي لا يغيّر طباعه ولا قومية له"؛ والتي أدت لتزايد استبدال الذهب بالدولار المعمول به وفقاً لاتفاق بريتون وودز؛ ما أدى لاستنزاف أرصدة أميركا من الذهب بشدة في فترة وجيزة، لتتوقف أميركا عن التزامها بتحويل الدولار لذهب بشكل غير رسمي، حتى أعلن نيكسون التوقّف رسمياً عن هذا النظام عام 1971م.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد دفعت أميركا بأسعار فائدتها بشكل كبير لتجذب الاستثمارات لدعم الدولار والاقتصاد الأمريكي على حساب عملات واقتصادات المراكز الرأسمالية الأخرى، كذا بدأت في سياق التضخم المتصاعد وتزايد الفوائض المالية في فتح باب الإقراض لدول العالم الثالث لإغراقها في شباك المديونية الدولارية؛ لتعزيز وضع الأخير وتعزيز الهيمنة على تلك الدول.
فيما على المستوى السياسي، يرى كاتب السطور -كفرضية لها وجاهتها= أن أميركا قد قامت أيضاً بعملية سياسية-استخباراتية لتدعيم وضعيتها ووضعية دولارها المأزوم، وهى العملية التي أنتجت البترودولار، والتي أصابت عدداً من العصافير بحجرِ واحد كما يقول المثل المصري الشهير.


فكانت هذه العملية هى الحركة المزدوجة للسادات وفيصل، بعملية التحريك الغامضة الشهيرة بحرب أكتوبر 73، التي كانت بدفع من كيسنجر نفسه للسادات لتحريك الموقف مع الإسرائيليين، والتي تدفقت بعدها مباشرةً الأموال والاستثمارات العربية والغربية في رضا غريب ومثير للريبة من حليف العدو -وحلفائه المُؤتمرين بأمره- الذي يُفترض أننا لم نكن قد أعلنا بعد عن نوايا السلام معه!.

فيما كان الجناح الآخر للعملية هو رفع أسعار البترول بقفزات هائلة بسبب المقاطعة العربية المزعومة التي تشير بعض الأطروحات لكونها كانت بأوامر أمريكية لفيصل، ما يرى الكاتب وجاهته من منظور المصلحة الأمريكية المباشرة في مثل هذا القرار قد تبدو معه أميركا خاسرة ظاهرياً كغيرها من الدول المستهلكة للنفط، فيما الواقع أن القرار قد أفادها إستراتيجياً؛ كونه مثّل الإطار السياسي لإعادة هيكلة سوق الطاقة عالمياً؛

برفعه لتكاليف الطاقة على جميع القوى الرأسمالية الأخرى، ومن ثم إضعاف نموها الاقتصادي وخفض قدرتها على منافسة الموقع الامريكي الإمبراطوري، وبما يصل لدرجة تركيع دول العالم الثالث ودفعها للمديونية على ما سبق ذكره، كذا وهو ما لا يقل أهميةً، زيادة حاجة كافة دول العالم للدولار، دونما خسارة على الولايات المتحدة من هذا الجانب؛ كونها تطبع الدولار، لا تشتريه بصادرات كغيرها من دول العالم! وهكذا استفادت أميركا إضعاف منافسيها اقتصادياً وكسر أرجل العالم الثالث وتعزيز موقع دولارها بزيادة الحاجة إليه لشراء النفط المربوط به، من خلال الخليج العربي الذي يمثّل أحد أهم مصادره عالمياً.

لكنّ أثراً آخراً على المستوى السياسي، كان هو إعادة هيكلة تحالفات وموازين المنطقة، بسحب مصر من المواجهة مع إسرائيل من جهة لإضعاف معسكر المواجهة معها، ومن جهة أخرى تعزيز قوة معسكر الثروة الموالي لها في الخليج العربي بالثروة الهائلة التي حطّت على رأسه فجأة؛ وذلك في سياق عالمي تراجعت فيه القوة السوفييتية؛ لتعزز أمريكا هيمنتها على المنطقة بإضعاف مناوئيها وتعزيز قوة حلفاءها؛ لتستكمل بذلك حلقات الهيمنة الإمبراطورية من خلال "ثنائية النفط-الدولار" في منطقة الشرق الأوسط المحورية إستراتيجياً كذلك!

وهكذا كان السياق الدولي مواتياً لإعادة الرأسمالية الكلاسيكية وتفريغ الأسواق المحلية لصالح رأس المال الدولي وتابعه من رأسمال محلي، خصوصاً في شكله التجاري الطفيلي؛ وذلك من جهة بتعزز الهيمنة الأمريكية وتراجع الغطاء السوفييتي سياسياً، وبتضخم المديونية العالمية للعالم الثالث عموماً وركوع العالم الثالث للمنظمات الدولية ذات التوجّه الرأسمالي الفج من جهة ثانية، وبالطبع بضعف الأساس المحلي للاشتراكية العربية وهيكل الاستهلاك-التصنيع الوطني على ما سبق ذكره من جهة ثالثة.
 
5 –  ما لا تحققه النيوليبرالية تحققه الحرب والطائفية: العراق وليبيا وسوريا واليمن

لكن كل ما سبق لم يكن كافياً، فجرعة تمديد الهيمنة التي أخذتها أميركا بعد عملية أكتوبر 73 سرعان ما استنفدت طاقتها؛ كونها ضد التاريخ المُتمثل في صعود القوى المناوئة لاستقرار الإمبراطورية بالمنطق الأمريكي؛ فكان لابد وأن تعيد أميركا الكرّة، تارةً بالقفازات الناعمة من منظمات دولية تفرض العقوبات على القوى الناشزة كالعراق وإيران، وصندوق وبنك دوليان يفرضان برامج لبرلة تخرّب الاقتصادات المحلية وتفرّغ أسواقها لرأس المال الأجنبي والتجاري، وتارةً أخرى بالقبضات الخشنة من عمليّات عسكرية وصلت للغزو والاحتلال العسكري المباشر لإعادة المتمردين للحظيرة كضرب ليبيا والعراق لاحقاً، وتارةً ثالثة مع تراجع قوتها وعجزها عن التدخل العسكري الفج، ببث سموم الطائفية عبر الحركة الوهابية بإسلامها السياسي، والتي تسلّمت زمام رعايتها من الراعي المؤسس بريطانيا التي كانت عظمى.

وهنا تظهر المساهمة الأساسية للقادري في تأكيده على الدور الاقتصادي للحرب والطائفية في تدمير التنمية العربية؛ لتعزيز قوة رأس المال العالمي، وتعميق هيمنة أميركا على المنطقة العربية بمحوريتها ضمن مصفوفة الهيمنة العالمية، حيث أكّد أن دفع الحروب وبث الطائفية في المنطقة، لا يتعلقان بمجرد الأهداف الكلاسيكية البسيطة المتعلقة بنهب الموارد بالمعنى المباشر، فهو يؤكد عن حق أن موارد المنطقة العربية بخلاف النفط، موارد محدودة القيمة، خصوصاً مع ضعف ومحدودية اقتصاداتها عموماً، بل إن أهدافها تتسع لنطاق أوسع ذي أبعاد عالمية، فكرتها الأساسية هى "إعادة هيكلة القيمة عالمياً"؛ فالسيطرة على قطاعات من سوق الموارد، سواء مادية أو بشرية، تسهم في هيكلة عرضها؛ ومن ثم التأثير على أسعارها بما فيه مصلحة رأس المال عالمياً.


وتحقق الحرب هذا الهدف بتحطيم الأمن والسيادة الوطنيين بالتحطيم المباشر للدولة الوطنية والسيطرة على هياكلها القومية وتدمير وجودها البشري المادي نفسه إذا لزم الأمر، فيما تستكمل الطائفية المسيرة أو تمهّد لها أحياناً بتفكيك أساسهما الاجتماعي مُتمثلاً في الطبقة العاملة على أسس هوياتية دينية وقبلية...إلخ؛ بما يضعف وعيها الطبقي وتضامنها الاجتماعي على أساس مصالحها الواعية؛ ليلتقي الطرفان السياسي المباشر من أمن وسيادة حطمتهما الحرب، والسياسي غير المباشر من تفكك اجتماعي دمرته الطائفية، ليحققا ما لم تحققه النيوليبرالية المباشرة، أو ليمهّدا لها أحياناً أخرى.
 
6 – تساؤلات نظرية ومفاهيمية:

وقبل أن نختم هذه العُجالة، نطرح عدداً من التساؤلات النظرية والمفاهيمية، بعضها من باب الرغبة في تدقيق بعض المفاهيم الإشكالية التي لم تُحسم بعد في الفكر النظري عموماً والواقع العربي خصوصاً، وبعضها يدخل في باب الطمع في توسيع نطاق التحليل كطمعنا من القادري في مزيدِ من التفصيل فيما ذكرناه من نقاط.

أولاً : يتحدث القادري عن طبقة عاملة عربية بدرجة عالية من الثقة، وهى مسألة لا تزال قيد البحث، فهل ينطبق على كل الشغّيلة العرب وصف "البروليتاريا" بمعناه العلمي الكلاسيكي، في ظل رأسماليات طرفية بعضها سميّناه رأسماليات على سبيل التجاوز، وما هى سوى تشكيلات اجتماعية متخلفة، ذات تمفّصل تجاري تابع مع رأسماليات المراكز، وفي ظل انحراف هيكلي، يتمثل في ضعف القطاع الصناعي وتأخر القطاع الزراعي تقنياً واجتماعياً، مع تضخم سرطاني في الخدمات الهامشية في القطاع غير الرسمي بالأخص، ألم يكن من الأسلم الاحتياط من هكذا وصف؟

يقول القادري احترازاً لهذا النقد أن الطبقة محكومة بالعلاقة أكثر مما هى محكومة بتعريفها نفسه، مُستنداً لماركس في قوله أن الطبقات الاجتماعية لا يمكن أن توجد خارج العلاقات الاجتماعية التي تربطها ببعضها البعض؛ فتحليل هذه الطبقات يجب أن يبدأ من هذه العلاقات؛ حيث تعتمد ماهية الطبقة وفعلها على كيف تموضعت ضمن شبكة العلاقات مع الطبقات الأخرى.

وفي هذا القول بعض من الحق، لكنه يتجاهل أن العلاقات الاجتماعية نفسها، وفي قلبها علاقات الإنتاج، ترتبط بشكل وثيق بقوى إنتاج؛ بحيث أن أي اختلال في هذه العلاقة لا يسمح بالتطور السليم للتشكيل الاجتماعي؛ ومن ثم باستكمال علاقاته الاجتماعية لتجسّداتها المختلفة، بما فيها الطبقات الاجتماعية؛ فاختلال العلاقة بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج (وهذا في تصوّرنا جوهر مفهوم التخلّف الهيكلي)، هو الأساس السوسيوتاريخي للتخلّف على كافة الأصعدة الأخرى، اجتماعياً (من تشوّه للطبقات) واقتصادياً (من انحراف هيكلي) وسياسياً (من تدهور مؤسسي) وثقافياً (من تشظّي قيمي نقلي عن الماضي الذي لم يمت وعن الخارج المُنتهك للبنية المحلية)؛

فلا يمكن الثقة بهذا القدر في مفهوم طبقة عاملة بروليتارية عربية، بل إن هذا التخلّف في التكوين قد يكون بذاته الأرضية المُفسّرة لجانب مهم من تشظّيات هذه الطبقة، أو بعبارة أخرى سهولة انتهاك وحدتها بالطائفية التي لا يمكن على هذا الأساس اختزالها في مجرد تآمر سياسي إمبريالي!

ثانياً : في تحليل القادري -غير المعني بالتصنيفات القيمية- يكاد الإسلام السياسي أن يكون مجرد مؤامرة إمبريالية من الوجهة العملية، وهو ما يمثل إشكالية أخرى في الجدل السياسي العربي، فلا يمكن حسم مثل هذا الطرح وتعميمه على مُجمل التيار الإسلامي بهذه البساطة لمجرد غلبة الوهابية المدعومة بفجاجة واضحة للأعمى، فإنكار أي بعد سوسيوتاريخي في غلبة الأصولية الدينية لا يساعد في فهم الظاهرة ولا يعين على التعاطي الصحيح معها؛

فللأصولية رافد تاريخي مُتضمن في حالة التخلف الهيكلي ذاتها التي لم تحقق تحولاً رأسمالياً، ينجز تغيّرا في العقلية العامة في المجتمع؛ فغلبت الثقافة الزراعية مع عدم تحقق التحوّل الصناعي، وقيم القرية المُشوّهة بالرسملة الرثة مع التحضّر المُشوّه للرأسماليات الطرفية!، كما أن لهذه الأصولية رافد من الحاضر، كونها ظاهرة عالمية صاعدة كأثر جانبي للعولمة وانتهاك الهويات المحلية، مثلها مثل صعود الميول الفاشية في المراكز الرأسمالية ذاتها، ما يمثّل جناحا النيوليبرالية اجتماعياً!

ثالثاً : قدم القادري مساهمةً هامة بإعادة التأكيد على العامل الخارجي في التخلّف العربي، مع ربطه بمرتكز محلي ضمن علاقة التمفصّل (التي كنا نطمع فيها في مزيد من التحليل)، بتأكيدهِ على مسألة غلبة رأس المال التجاري كعلاقة مهيمنة في التشيكل الاجتماعي العربي، تؤسس لتخلّفه على قول ماركس "حيثما بقي رأس المال التجاري سائداً؛ وُجدت شروط التخلّف"، وهى مساهمة أخرى هامة تسحق الأطروحات الليبرالية المُسطحة الغائبة عن الوعي الاجتماعي والغارقة في أوهام السوق الحرة، في سياق رأسماليات طرفية غير مُستقلة، أسواقها مجرد حلقات اعتمادية غير مُكتملة لتوريد المواد الأوّلية وتصريف السلع المُصنعة.

ورغم ميل كاتب السطور للتأكيد بدرجة أكبر على دور العامل الداخلي في التخلّف، باعتباره العامل الأكثر تأثيراً في الواقع الحاضر، بعد التأسيس الأوّلي لواقعه تاريخياً من خلال العامل الخارجي (وباعتبارهما وحدة جدلية في الواقع)، الذي فصم العلاقة بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج، مُنتجاً التخلف الهيكلي، إلا أنه يرى أهمية مرحلية لإعادة التأكيد على هذا العامل الخارجي على مستوى الـ "خطاب"، في مواجهة الخطاب الليبرالي-الإمبريالي المُنحط، دائم التأكيد على "جوّانية" تخلفنا العربي، كما لو كان تخلّفا جينياً أو ثقافياً في الأطروحات الأكثر لياقة!
 
7 – خاتمة : الاجابة التاريخية بالتنمية الاشتراكية

لا يمكن في عجالة كهذه بالطبع معالجة عملين بهذه الأهمية العملية والكثافة الفكرية، لهذا ركزَنا على تناول الخطوط الأساسية لأطروحة القادري في كتابيه عن التنمية المُحتجزة والاشتراكية العربية، واللذيّن يعبران بعنوانيهما عن الوحدة التي لا انفصام لها بينهما؛ فـ "لا تنمية مُستقلة بلا اشتراكية عربية، ولا اشتراكية عالمية بلا تنمية عربية"؛ فالتنمية المُتحررة من هيمنة المركز الرأسمالي لا يمكن تحقيقها سوى بأمن وسيادة وطنيين لسياسات اشتراكية مُستقلة، تحميهما الطبقة العاملة ذات المصلحة في هذه التنمية وتلك السياسات، ولا اشتراكية عالمية بلا نهوض تنموي للمنطقة العربية واستقلالها عن الإمبراطورية الأمريكية؛ ومن ثم تحطيهما للحلقة الرئيسية في شبكة هيمنتها العالمية!
مجدي عبد الهادي

باحث مصري في الاقتصاد السياسي والعلوم الاجتماعيّة. يشارك في الدوريات العلميّة المختصة بهذين الحقلين، بالإضافة إلى إسهاماته الترجمية، ويصدر له قريباً ترجمة كتب علي القادري إلى العربيّة.

اترك تعليق*

* إرسال التعليق يعني موافقة القارئ على شروط الاستخدام التالية:

- لهيئة التحرير الحق في اختصار التعليق أو عدم نشره، وهذا الشرط يسري بشكل خاص على التعليقات التي تتضمن إساءة إلى الأشخاص أو تعبيرات عنصرية أو التعليقات غير الموضوعية وتلك التي لا تتعلق بالموضوع المُعلق عليه أو تلك المكتوبة بلهجة عامية أو لغة أجنبية غير اللغة العربية.

- التعليقات المتكوبة بأسماء رمزية أو بأسماء غير حقيقية سوف لا يتم نشرها.

- يرجى عدم وضع أرقام هواتف لأن التعليقات ستكون متاحة على محرك البحث غوغل وغيره من محركات البحث.