لم تشهد الساحة السورية قبيل سنة 1956 م أي بوادر تنظيمية كردية تحمل تطلعات سياسية ذات توجهات قومية داخل سوريا، وقد اقتصر النشاط القومي الوحيد قبل الاستقلال عن فرنسا على نخبة من اللاجئين السياسيين الأكراد في سوريا، وكان موجها بالأساس لحركة النضال إلى خارج سوريا، كما ترافق مع إنشاء مراكز سياسية وثقافية كردية بارزة في دمشق وبيروت.[1]
تُشكّل الفوضى الحاصلة في سوريا أحد أبرز عناصر استدامة الأزمة فيها، وتلك الفوضى مسؤولة، بدرجة أو اخرى، عن تأخر الحسم وإطالة الصراع. كما أنها تقف وجه عثرة في إمكانية التوصل إلى تسويات بين الأطراف المتصارعة، وذلك لسيطرة التفكير الفوضوي وانعدام التقديرات السليمة التي من شأنها تحديد الفرص والمخاطر وترتيب الأولويات.
من الطبيعي أن تسود حالة من الإحباط في أوساط المعارضة السورية السياسية والعسكرية والمدنية، ولدى معظم السوريين الذين يتوقون للتخلص من النظام، نتيجة هشاشة موقف العالم مما يجري في حلب، أي تجاه محاولات تدميرها وتشريد سكانها وتخريب عمرانها، لكن هذا الإحباط يتفاقم كثيراً مع ملاحظة التشرذم في صفوف فصائل المعارضة المسلحة، بل وتقاتلها مع بعضها، بدلاً من التركيز على مواجهة النظام؛ وهو أمر غريب بل ومريب حقاً!