تُجمع أغلب أدبيات تسوية المنازعات أن المصالحة الوطنية هي تعبير عن مرحلة يصل فيها إدراك الأطراف المتصارعة إلى إستحالة فوزها في الصراع عبر اسلوب العنف وحده، وتلجأ تالياً إلى تسويات وسطية تحقق من خلالها بعض أهدافها وتعترف للطرف الأخر ببعض أهدافه، مقابل خروجها من دائرة الإستنزاف العبثي وتقليص المخاطر الوجودية على بيئتها.
بين نهاية العام 2016 وبداية 2017، حدثت جملة من التطورات المتسارعة، غيّرت واقع المعارضة السورية، وعلاقة الفصائل المسلحة ببعضها، على وقع هزيمة حلب، ومؤتمر أستانة.
تحاول الورقة الإجابة على تساؤلات تتعلق بتداخل رؤية الأطراف الإقليمية والدولية للصراع السوري الذي تجلت صورته الأوضح في معارك حلب الأخيرة التي افضت إلى توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين المعارضة السورية المسلحة وقوات النظام السوري برعاية تركية روسية ضامنة لطرفي الصراع.
تتذكر أمي الذين غادروا، نازحين ولاجئين، فتبكي أحياناً عندما يغلبها صبرها، وتقول "مثل ما إحنا يجوز نموت وما يكون إلنا قبر، اللي طلعم رح يموتون غريبين، ويجوز ما يلاقون اللي يدفنهم. الله أعلم ما عاد نشوفهم، ولا يشوفونا".