Print this page

المصنع: لمحة عن اقتصاد الحرب في سوريا

11 أيار 2018
 
ترجمة : باسل وطفة

عقب سقوط الرقة في تشرين الأول/أكتوبر 2017 في يد المقاتلين العرب والأكراد المدعومين من الولايات المتحدة، دخلت الجماعة المتطرفة المعروفة باسم الدولة الإسلامية طورَ الانهيار في النهاية. غير أن ثمن هذا النصر كان خراب مدينة الرقّة على غرار قسم كبير من الشمال السوري.(1)
على الأقل، ثمة أداة واحدة من أدوات الإعمار في المتناول. يقع أحد أكبر وأحدث مصانع الإسمنت في الشرق الأوسط بأسره على بعد ساعة ونصف بالسيارة من مدينة الرقة، وقد افتتحته شركة الإعمار العملاقة متعددة الجنسيات لافارج LafargeHolcim قبل الحرب بأقلّ من عام. ولو قُيض لإنتاجه أن يستمر، لكان موقع هذا المصنع مثالياً للمساعدة في إعادة إعمار المدن التي دمرها القصف كالرقة وحلب. قد يكون المصنع أحد الركائز الأساسية لمستقبل سوريا بدرجة كبيرة، إلا أن ماضيه لا يحظى بسمعة طيبة مع ذلك.

 في كانون الأول/ديسمبر 2017، اتهم المحققون الفرنسيون الرئيس التنفيذي لشركة لافارج بتمويل الإرهاب على ضوء علمهم بتقارير تفيد بأن شركة لافارج (القديمة قبل الاندماج)(2) دفعت ملايين الدولارات لمجموعات سورية مسلحة ومنها الدولة الإسلامية المصنفة كمجموعة إرهابية.(3) أما كيف انتهى الأمر بأن تتلقى أكثر الجماعات المكروهة عالمياً دفعات مالية (كما يُزعم) من أكبر شركة لإنتاج الإسمنت في العالم فذلك شأن حقيق بالإهتمام، ليس لأنه يلقي الضوء على دور المال في إذكاء نار الصراع وحسب، بل لما فيه من دروس عن اقتصاد الحرب في سوريا؛ عن منظومة شبكات ضخمة من الاستثمار الانتهازي غير المشروع حيث يغدو الأعداء شركاء في الأعمال التجارية أيضاً.

حظي هذا العمل في جزء منه بدعم منحة بحثية قدمتها مؤسسة هاري فرانك غوغنهايم Harry Frank Guggenheim، ودعم شركة كارنيجي في نيويورك أيضاً. وهو يستند إلى مقابلات مع خبراء سوريين ودوليين، دبلوماسيين، مقاتلين، وناس عاديين على صلة بعمليات لافارج في سوريا، إضافة إلى طيف واسع من المصادر المكتوبة بالعربية، الإنكليزية، الفرنسية، والنرويجية بما فيها كتابات صحفية ذات صلة، تقارير الشركة، سير ذاتية، ووسائط التواصل الإجتماعي. لا تشذّ لافارج في سلوكها، الذي هو قيد التحقيق في فرنسا الآن وقد يؤول إلى إدانات جنائية، عن سائر الشركات العاملة في سياق الحرب الأهلية السورية، أو في أي منطقة تشهد حرباً ربما.(4)

في ظل الحاجة إلى  معاينة التفاهمات الانتهازية، الصفقات المريبة، وتمرير الأموال من تحت الطاولة للمجرمين ومرتكبي العنف بهدف إبقاء مصنع لافارج قيد التشغيل، سيكون من الصعب تجنب الآخرين التواقين إلى التأثير في المشهد السياسي- الإقتصادي المتشظي لسوريا. وحقيقة أن نظام الرئيس بشار الأسد هو المسيطر الآن بصورة واضحة، وأن سوريا متجّهة نحو مرحلة إعادة الإعمار فيما يبدو إنما يزيد المعضلة تفاقماً.(5) لن ينتهي القتال عمّا قريب ويبقى البلد منقسماً بالتوازي مع تحكّم أطراف مسلحة متنافسة  بمناطق عدّة في الأطراف، وأكثرها أهمية المنطقة الشمالية ذات الهيمنة الكوردية والمدعومة من الولايات المتحدة.

وطالما بقيت هذه الإنقسامات قائمة، يتحتم على الجهات العاملة في الشؤون الإنسانية والتجارية أيضاً العمل في ظل اثنين من هذه الأنظمة المتنافسة على الأقل، والتفاوض من أجل تسهيل العبور مع الفاعلين العسكريين الذي يستغلون القطاع الصناعي، التجارة، والعمليات الإغاثية بصورة غير قانونية. في خضم الحرب، ظهرت طبقة جديدة من سماسرة الصراع لتسهيل الاتصالات العابرة للحواجز بين الأطراف المنفصلة، ورغم أنهم يتحدرون من خلفيات ومناطق مختلفة، يحتفظ معظم أولئك السماسرة بصلات قوية مع حكومة الأسد. ومع بدء تدفق الأموال المخصصة لإعادة الإعمار، فإن تجنب الاعتماد على هؤلاء الوسطاء وتجار الحرب الأثرياء المرتبطين بالنظام -ملوك الاقتصاد السوري الجدد الذين تتعاظم سلطتهم باطرّاد مع تقدّم الجيش السوري- هو أمرٌ أقرب إلى المستحيل.
 
 
الفساد في سوريا قبل 2011
 
لم تكن مزاولة الأعمال في سوريا طريقة جيدة على الإطلاق لتفادي التورط في منزلقات غير قانونية وغير أخلاقية. استحقّت خمسون عاماً من حكم حافظ الأسد الذي تولى السلطة عام 1970 ومن ثمّ ابنه الذي خلفه عام 2000 بجدارة صفة النظام الاستبدادي، ونظام استغلال النفوذ والجشَع إضافة إلى ذلك.(6) كان الارتباط بأثرياء المستثمرين إحدى الطرائق التي اتبعتها النخبة الحاكمة لشفط الأموال من المشاريع الخاصة.

وكانت الشركات الأجنبية الطامحة إلى دخول السوق السوري ملزمة بالعمل مع شريك محلي، وغالباً بصورة صلات ودّية مع القلة الحاكمة أو مع وكيل من المؤسسة العسكرية، حيث تتمثل مساهمة هؤلاء في الأعمال في دفع الرشاوى لذوي الصلة، وترهيب المنافسين الشرسين. عكست بعض هذه الشخصيات نهج الرئيس الخاص في الحكم المتأتي عن توريث السلطة، كحال أبناء قادة حزب البعث الهرِم وكبار الضباط، وقد أطلق السوريون على هؤلاء الرجال تسمية تنطوي على الرهبة والاشمئزاز في آن: ’’أولاد السلطة‘‘(7) وكان أكثرهم شهرة رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري. معتمداً على تشكيلة لا حصر لها من الأخوة، أبناء العمومة والأصدقاء في الجهاز الحكومي، حظي رامي مخلوف بسمعة رديئة على خلفية استعماله سطوة الدولة البوليسية بهدف قطع الطريق على المنافسة الشرعية.

علاوة على بقائه ’’رمزاً للفساد لفترة طويلة‘‘، راكم مخلوف ثروة خرافية عن طريق إمبراطورية تجارية’’ امتدت إلى جميع قطاعات الإقتصاد السوري تقريباً بحلول العام 2005‘‘. لم يكن الصعود السريع لشخصيات مقربة من النظام مثل مخلوف في رأي كثيرين مجرد مسألة كسب شخصي لا يخضع للرقابة، بل اعتبروا أن الأمر يتجاوز ذلك لكونه وسيلة النخبة الحاكمة لمجاراة الإصلاح الإقتصادي بما يضمن بقاء وسائل الإنتاج بيد العائلة سواء كانت تدار من قبل الدولة أو مملوكة للقطاع الخاص.(8)

حينما التقيته في إحدى مقاهي دمشق عام 2008، قال لي المعتقل السياسي اليساري السابق رياض الترك هامساً: ’’إن أبناء الحكام يتحولون إلى طغاة أثرياء‘‘، مصرّاً على أن دفعَ الأسد لعجلة الإقتصاد السوري باتجاه اللبرلة ليس إلا وسيلة لوضع الممتلكات العامة في جيوب أصدقائه وأقربائه: ‘‘إنهم يحتكرون الاقتصاد بدلاً من الحكومة، و من خلال الاقتصاد يمكنهم الإستحواذ على الحكومة عندئذ. وقد اعتادوا فيما مضى على احتكار الحكومة واستغلالها بهدف الإثراء، وباسم الإشتراكية سرقوا القطاع العام. لقد تغيّر المظهر بينما بقي الجوهر على حاله.‘‘(9)
 
المصنع

في هذا النظام الاقتصادي تحديداً، شقّت شركة لافارج Lafarge الفرنسية العملاقة لصناعة الإسمنت طريقها عبر استحواذها على منافستها المصرية أوراسكوم للإسمنت Orascom بقيمة 12.8مليار دولار.(10) كانت تلك خطوة جريئة، وبالنظر إلى الأزمة المالية العالمية التي ضربت الأسواق عقب ذلك مباشرة، تساءل كثيرون عما إذا كانت هذه الصفقة خطأً فادحاً ربما، إلا أن لافارج بدت عازمةً على استعادة ما أنفقته وأكثر من خلال اختراق أسواق جديدة في الشرق الأوسط، وكانت سوريا على رأس القائمة. قبل أن تشتريها لافارج، وقعت أوراسكوم للإسمنت صفقة مع شركة ماس السوريّة لبناء واحد من أوائل مصانع الإسمنت الخاصة في البلد قرب مدينة الرقة في شمال سوريا. ومع استحواذ لافارج على أوارسكوم المصرية، ورثت أيضاً مشروع الأخيرة المشترك مع شركة ماس ليتمخض ذلك عن مشروع جديد تحت مسمى لافارج سوريا للإسمنت (LCS).(11)
 
 
حينئذ أضحت لافارج سوريا مسؤولة عن أكبر استثمار أجنبي في سوريا خارج قطاع النفط بقيمة 680 مليون دولار، أي ما يفوق عشر ميزانية الدولة في ذلك الوقت.(12) وكانت استطاعته الإنتاجية المقدرة بثلاثة ملايين طن في السنة أعلى كثيراً من استطاعة مصانع الإسمنت الستة المملوكة للدولة، والتي لم تتمكن مجتمعةً من تزويد القطاع العام المترهل والهرم للدولة البعثية إلا ب 5.3 مليون طن وهو ما يقل كثيراً عن طلب السوق.(13)

كانت صفقة كبيرة من جميع الجوانب. لم يعطِ  اختيار جَلبية كموقع لمصنع لافارج سوريا للإسمنت أي دلالة على الخطط الكبرى المُعدّة لمستقبله، وحيث لم يكن وجوده محسوساً بالنسبة للمحيط الخارجي بسبب حركة المرور المزدحمة على طول الطريق السريع M4 الواصل بين الجهتين الشرقية والغربية، بدا وكأنه معزول تماماً. كانت خراب عاشق أقرب منطقة مأهولة، وهي قرية كردية فقيرة تقع على جانب الطريق M4 وكان حوالي نصف سكانها البالغ تعدادهم 700 نسمة موظفين في المصنع. يستذكر جاكوب ويرنس Jacob Waerness ، وهو نرويجي عمل مديراً للمخاطر في المصنع بين عامي 2011 و 2013، قائلاً:’’ المنطقة شديدة العزلة.

عندما تقود سيارتك شرقاً من منبج وتعبر الفرات، ثمة بقعة أرض خضراء، وكلما أوغلت في السير شرقاً يغدو المشهد الطبيعي أكثر وعورة وقحطاً في أشهر الصيف على الأقل. يهطل القليل من المطر والثلج أحياناً في الشتاء، وتكتسي الأرض بغطاء نباتي أخضر في الربيع حيث ترعى قطعان الماشية في التلال. يقع المصنع في هذه المنطقة الصخرية الجافة التي تتناثر فيها قرى صغيرة معظمها كوردية.‘‘(14)
تتبع جلبية رسمياً لمحافظة حلب، وفي حقيقة الأمر، ليس لهذه البقعة المعزولة الصخرية والخضراء كبير صلة بالعاصمة الإقتصادية ذات الثلاثة ملايين نسمة الواقعة غربها. من الناحية العملية، كانت جلبية جزءاً من الجزيرة السورية وهي إقليم يضم خليطاً إثنياً ريفياً من البدو العرب، الكورد، والمسيحيين السريان يمتد عبر سوريا والعراق على طول نهري دجلة والفرات. رغم أن آبار النفط، السدود الكهرومائية، وحقول القمح الموجودة في الجزيرة تشكل معاً دعائم الاقتصاد السوري، اعتبرت المنطقة على الدوام منطقة نائية راكدة في نظر العاصمة دمشق، الأمر الذي أثار استياء السكان المحليين من جميع الانتماءات الإثنية والدينية. تقول الخبيرة البارزة في شؤون المنطقة من المعهد الفرنسي للشرق الأدنى مريم عباس:’’ كان انعدام التصنيع في الجزيرة وتركّز الصناعات في حلب موضع شجب المثقفين الرقاويين ( أبناء مدينة الرقة) بدءاً من العقد التسعيني في القرن الماضي‘‘.(15)

بدا أن وصول لافارج سوريا للإسمنت خطوة نحو تغيير هذا الواقع، وكان ملائماً تماماً لرؤية بشار الأسد حول كيفية تحويل سوريا عن النظام الاشتراكي وإرساء قاعدة اقتصادية جديدة. قبل ثلاثة أعوام من ذلك، دشّن حزب البعث انتقال سورية إلى ’’اقتصاد السوق الاجتماعي‘‘، مانحاً نائب رئيس مجلس الوزراء عبدالله الدردري سلطات واسعة بما يمكنه من استثمار خطة الدولة الخمسية 2006-2010  كذراع ضاربة بهدف تحرير العملية الإصلاحية. وتضمنت جهود الدردري القطع مع عقود طويلة من احتكار الدولة لقطاع الإسمنت.(16) مع إدراكه للحرب المستعرة في العراق المجاور، طرح الدردري استثمارات عامة في مدن الجزيرة كالرقة، حيث أمل أن تصبح الأخيرة ’’قاعدة خلفية لإعادة إعمار العراق‘‘.(17) فضلاً عن ذلك، أسفر تحسن العلاقات مع تركيا عن نمو التجارة العابرة للحدود التي سرّع وتيرتها اتفافية رئيسية للتجارة الحرة عام 2007. وبينما استعد شمال سوريا لطفرة عقارية، بدا الأفق المستقبلي للأعمال مشرقاً و جني المكاسب من تجارة الإسمنت أمرٌ لا ريب فيه.
 
صداقة طيبة
 
إذا كان الهدف جني المكاسب، فلا بدّ من السيطرة التامة على مجريات الأمور. ولهذا الغرض اتجهت لافارج إلى شريكها المحلي الجديد: شركة ماس. كواحدة من التكتلات الاقتصادية السورية ذات المصالح الاستثمارية المتنوعة والشهيّة المفتوحة دائماً للتوسع، بدا أن ماس مناسبة للدور المطلوب تماماً، والأكثر صلة بالموضوع، أنها كانت أيضاً الذراع الاقتصادية لفراس طلاس(18).
 
 وُلد فراس طلاس، أحد نماذج أولاد السلطة المشهورين، في عائلة عسكرية في مدينة الرستن بالقرب من حمص عام 1960. بعد اثني عشر عاماً تخللها أربعة انقلابات، عُيّن والده مصطفى وزيراً للدفاع بعد أن ساعد صديقه القديم حافظ الأسد بالاستيلاء على السلطة عام 1970. رغم إبقاء مصطفى طلاس على رأس عمله لمدة اثنين وثلاثين سنة، بيد أن منصبه بدأ يتخذ ’’ طبيعة احتفالية رمزية‘‘ على نحو متزايد فعلاً مع نهاية سبعينيات القرن الماضي.(19) لكن حتى مع افتقاره لنفوذ سياسي يناسب نياشينه المذهّبة، حظي طلاس بفضل صداقته القديمة التي امتدت عقوداً مع الرئيس بحصانة حمَته من المنافسين فضلاً عن السلطة القضائية. وبدأت الأقاويل حول ارتكابات مالية وشخصية بالانتشار.

مثّل مصطفى طلاس بالنسبة للمعارضة أسوءَ جوانب الحكم البعثي: انعدام الكفاءة، الفساد، الوحشية، واحتقار مشوب بالتهكّم للديمقراطية. ومما ذكره وزير الدفاع السابق لصحفي ألماني عام 2005 وهو يبتسم:’’ لقد استخدمنا الأسلحة للاستيلاء على السلطة ونريد الاحتفاظ بها. ومن أراد السلطة فعليه أن يأخذها منّا بقوة السلاح.‘‘(20) ارتقى عدد من أقارب مصطفى طلاس إلى مناصب قيادية في الجيش لاسيما ابنه مناف الذي أصبح عميداً في الحرس الجمهوري.(21) بيد أن ابنه الأكبر فراس اختار لنفسه مساراً مختلفاً، فقرر أن يخوض تجربته في مجال الأعمال. لم تكن سوريا في أواسط ثمانينيات القرن الماضي بلداً يمكن فيه إدارة شركة بسهولة، لكن فراس طلاس أظهر موهبة فطرية على مايبدو في كسب المناقصات العامة الصادرة عن وزارة الدفاع. كان من ضمن ما حازه فراس طلاس احتكارُ مبيعات اللحوم للجيش السوري البالغ تعداده ثلاثمئة ألف.(22)

مع ما أوتيت من حظّ ، سرعان ما نمت ماس إلى تكتل اقتصادي واسع شملت أعماله التصنيع، استيراد الأغذية، توزيع المنتجات الزراعية، تحميص البنّ، إنتاج الألبان، الفاكهة المعلّبة، العقارات، وخرق العقوبات على العراق لحينٍ من الزمن. (23) يقول جهاد يازجي محرر صحيفة سيريا ريبورت The Syria Report المختصة في شؤون الاقتصاد السوري أن طلاس ’’ كحال العديد من رجال الأعمال السوريين الذين يتمتعون بعلاقات قوية، كان يستفيد من علاقاته لتطوير أعماله وإثراء نفسه‘‘. لم يكن له صلة خاصة برامي مخلوف، وسعى إلى تلميع صورته من خلال رعاية مشاريع المجتمع المدني والظهور بمظهر راعي الفنون أيضاً كما يقول يازجي، ومن الواضح أنه ’’يدين بثروته كلها لمنصب والده‘‘.(24) وجود شخص كفراس طلاس في مجلس إدارة لافارج سوريا للإسمنت حملَ إشارة إلى تعاون الحكومة السورية ودعمها للشركة؛ إذ رأت أن واحداً من خاصتها يشارك بماله في سبيل إنجاحها.

سرعان ما تحرّكت فرنسا بدورها لدعم المشروع. فبعد سنوات من العزلة والصراع حول لبنان والعراق، رغب الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي بإعادة إحياء علاقات بلاده مع سوريا، وقد دعا الأسد في 14 تموز/يوليو 2008 إلى الاستعراض العسكري في ذكرى العيد الوطني الفرنسي (يوم الباستيل) في باريس وكسر الطوق عن الرئيس السوري الذي كان منبوذاً من قبل الغرب حينها.(25) أفلح الأسد في ردّ الجميل، حيث كوفئ ساركوزي عند وصوله إلى دمشق بعد ثلاثة أشهر من ذلك بثلاثة عقود لصالح شركة توتال الفرنسية للنفط.(26) بحلول العام 2010، كرّم السفير الفرنسي المعيّن حديثاً في دمشق إيريك شيفالير Eric Chevallier لافارج سوريا للإسمنت خلال عشاء احتفالي في فندق الفورسينز. وفي احتفالات يوم الباستيل من تلك السنة، دعا فراس طلاس أغنياء سوريا وشخصياتها البارزة إلى حفل أقيم في قلعة دمشق الأثرية حيث اجتمع سوريون ومغتربون فرنسيون معاً يرتدون قمصاناً T-Shirt كتب عليها’’ أحبّ دمشق‘‘ و ’’ أحبّ باريس‘‘.(28)
 
بداية الإنتاج
 
على بعد 400 كم شمالاً، اتسع مصنع جلبية إلى مجمّع مهيب مؤلف من صوامع، أبراج، صواري، سيور ناقلة، وتظهر أعلى أبنيته على ارتفاع 130 م فوق الأرض المنبسطة حوله. تحيط أربعة كيلومترات من الجدارن الإسمنتية بالموقع، حتى أن لافارج سوريا تعاقدت مع مقاولين صينيين لبناء وتشغيل محطة الطاقة الكهربائية الخاصة بها والتي تعتمد على الفحم كوقود. بدأ مصنع جلبية بطرح إنتاجه من الإسمنت في أيار/مايو 2010(29). كان حدثاً عظيماً لكلّ من له صلة بالموضوع، ودعي الصحفيون للقيام بجولة في المصنع برفقة الرئيس التنفيذي للافارج برونو لافون Bruno Lafont، فراس طلاس، والسفير الفرنسي إريك شيفالير. شكل رأس المال الخاص، اشتراك النخبة السورية، ودعم الحكومة الفرنسية معاً ثالوثاً جعل مصنع جلبية أمراً ممكناً ومثمراً.(30)
 
 
جرت عملية بيع الإسمنت وفق قاعدة تجارية تسمى ’’ البيع بشرط التسليم في موقع المصنع ’’ex works‘‘، ويعني ذلك أن لافارج سوريا توفّر الإسمنت الصّرف (غير المعبّأ) الجاهز للتحميل في مستودعات جلبية، ولا تتحمل مسؤولية نقله، توزيعه لاحقاً، أو مبيعاته في المستقبل، و يقوم الزبائن بتحميل المنتج مستخدمين سياراتهم وسائقيهم. كانت الشركات العقارية أكبر المشترين مع شبكات توزيع انتشرت في عدة مدن، إضافة إلى البيع للزبائن الصغار والمستقلين. بعبارة أخرى، شهد الطريق M4 حركة مرورية مكتظة. وحين يعمل المصنع بكامل استطاعته، كان يطرح اسمنتاً يكفي لتعبئة 160 شاحنة كبيرة يومياً، أي ما يزن 8000 طن وتبلغ قيمة مبيعه حوالي 500,000 دولار أمريكي.

اجتذبت جلبية مشترين من عموم شمال سوريا، وسرعان ما توفّرت أكياس اسمنت زنة 50 كغ تحمل علامة لافارج في أسواق منبج، حلب، الحسكة، القامشلي، كوباني، الرقة، وفي مناطق أبعد أحياناً.(31) المثير للدهشة أن المصنع لم يحقق الكثير للسكان المحليين فوق ذلك، فقد باعت عدة عائلات في خراب عاشق أراضٍ للافارج سوريا، لكن المصنع وظّف عدداً قليلاً من القرويين كحرّاس أو عمال نظافة أو في وظائف لا تتطلب المؤهلات. انعكست مبادئ لافارج سوريا وحاجتها إلى الموظفين المتعلمين في هيكليتها الإدارية التي سيطر عليها مصريون وسوريون من المدن الكبرى الواقعة في الأجزاء الغربية والوسطى من البلد، بينما ينحدر معظم الموظفين المحليين من الأغلبية العربية في الرقة، منبج، وعين عيسى.(32) ترتبط حقيقة أن معظم موظفي لافارج سوريا كانواً عرباً من المدن الكبرى في منطقة تسودها قرى كردية فقيرة بالتوتر الإثني الذي يجيش في النفوس على امتداد الشمال السوري.

منذ وصوله إلى السلطة عام 1963، فرض حزب البعث حظراً على اللغة والثقافة الكوردية، ورفض منح الجنسية لعدد كبير من الكورد، وأبدى تحيّزاً شرساً للعرب في المناطق المختلطة واعتقل كلّ من احتج على ذلك.(33) ليس مفاجئاً إذن أن ينساق عدد كبير من الكورد السوريين المعزولين تماماً عن حكومتهم إلى نزعة قومية كوردية ممثلة بعدد من الأحزاب السياسية السرية المتنافسة. حاز النهج التحريضي المتواضع لهذه الأحزاب على اهتمام قلة من الناس، بيد أن الحال سيتبدل في المدى القريب.
 
الانزلاق إلى الصراع
 
لم تكد لافارج تفتتح مصنعها حتى انفرط عقد البلاد. اندلعت الاحتجاجات في آذار/مارس 2011 ضد أربعة عقود من حكم عائلة الأسد في جنوب سوريا، وبعد سنة كان الآلاف في عداد القتلى واحتدم القتال في أرجاء البلد. في آب/أغسطس 2011 طالبت الولايات المتحدة والتحالف الأوروبي بتنحي الأسد.(35) وتحت تأثير فرنسا والمملكة المتحدة، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ’’غير مسبوقة‘‘ على سوريا تضمنت حظراً على النفط مع حلول خريف العام 2011.(36) خفضت عدة شركات أوروبية مستوى حضورها في سوريا أو انسحبت تماماً بما في ذلك توتال الفرنسية التي علقت عملياتها في سورية استجابة للعقوبات النفطية المفروضة.(37) كان خيار لافارج مغايراً. فمنذ بداية الاحتجاجات حتى أوائل العام 2012، بقيت لافارج سوريا في مأمن من الاضطراب الذي حلّ بالأجزاء الأخرى من سوريا. كان ثمّة مخاوف من التعثر بالتقييدات المالية الأمريكية والأوروبية، إلا أن العقوبات لم تستهدف أعمال الإسمنت.(38) كما لم تحث الحكومةُ السورية لافارج على المغادرة بل على العكس، فقد أرادت بقاء المصنع لرغبتها العارمة في إشاعة مناخ من الحياة الطبيعية وحرصها على استمرار تدفق المدفوعات الضريبية من الشركة.

إثر الأضرار التي ألحقتها بها الأزمة المالية العالمية عام 2008 و ما أنفقته في مصنع جلبية، كان مديرو لافارج التنفيذيون متلهفين لحصاد غلال ما زرعوه في سوريا.(39) ومن جانب آخر، كان المدراء التنفيذيون والموظفون في لافارج سوريا عازمين على التعامل مع الوضع والمضي قدماً.(40) مع أن ملكية لافارج سوريا تعود لفرنسا، غير أنها شركة سورية في واقع الحال، وقد انتاب موظفيها الخوف من إمكانية تعرضهم للقتل. كان زملاؤهم المغتربون قادرين على مغادرة سورية بينما ليس بمقدورهم المضي إلى أي مكان. كانت أياماً مشحونة بالريبة والقلق، لكن مع توافر حوافز الربح المعتادة، أبدى المدراء المحليون إحساساً صادقاً بالمسؤولية اتجاه موظفيهم.(41)

بناء على صيغة تفاهم، أمرت الشركة الأمّ Lafarge لافارج سورية LCS بتوظيف جاكوب ويرنس كمديرٍ للمخاطر، وقد أُرسل ويرنس إلى سورية للعمل لدى المدير الإداري مارك كاستل Marc Castel المقيم في دمشق. وصلَ ضابط المخابرات السابق النرويجي الأصل والذي يتحدث العربية جاكوب ويرنس إلى سوريا في أيلول/سبتمبر 2011، واستأجر شقة في دمشق أول الأمر ثم انتقل للإقامة في المصنع نفسه لاحقاً. على مدى العامين التاليين، أمضى النرويجي أيامه منشعلاً بأمر معوقات الأمان والنقل، بينما أمضى الموظفون الآخرون وقتاً طويلاً للاقتناع بقراءته المتشائمة للأوضاع. كانت سوريا بمعظمها تنزلق إلى الحرب في تلك الفترة. كتب ويرنس لاحقاً أن الأمر كان أشبه بالأمثولة القديمة كيف تسلق ضفدعاً: سخّن الماء ببطء شديد، ولن يدرك الضفدع ما يحدث حتى يأخذ به الوهن الشديد ولن يكون قادراً حينها على القفز خارج القِدر.(42)
 
صعود قوى جديدة
 
في تموز/يوليو 2012، تسرب العنف إلى أرجاء الشمال السوري واستعرت حرب شعواء في محيط حلب. استولى المتمردون المدعومون من قطر وتركيا على الأحياء الشرقية من المدينة مجبرين الجيش السوري على الانسحاب من الأنحاء الشمالية الشرقية ذات الأغلبية الكوردية بهدف حماية المدن الرئيسية. حيث يخلي الجيش مواقعه في المناطق الكوردية، تصبح السلطة بيد وحدات الحماية الكوردية، وهي تنظيم عقائدي على درجة كبيرة من الانضباط وممثّل لحزب العمال الكردستاني( ب ك ك ) وهذا الأخير هو حزب يساري يشنّ حرباً في سبيل الحقوق الكوردية منذ أواخر سبيعينيات القرن الماضي في تركيا. حتى نهاية العقد التسعيني من القرن الماضي، كان ال ب ك ك حليفاً للمخابرات السورية لكن التقارب السياسي-الاقتصادي مع تركياً في سنوات الألفية الجديدة أدى إلى سلسلة من الحملات الشرسة ضد المتعاطفين مع ال ب ك ك في سوريا.(43)  ويبدو أن الحزب استعاد علاقته مع النظام إلى حدّ ما في 2011 ردّاً على الموقف التركي المناهض للأسد رغم إنكار بعض ممثلي المجموعات المتحيزة لل ب ك ك .(44)

يستذكر جاكوب ويرنس: ’’من أسبوع لآخر، اختفى النظام تماماً من المنطقة المحيطة بالمصنع، وتوجب على الشرطة المحلية تسليم أسحلتها وإغلاق مراكزها ثم تولى الكورد السيطرة. لقد حدث الأمر بسلاسة بالغة، ولا أعتقد أن رصاصة واحدة أُطلقت خلال ذلك.‘‘ (45) في المدن المجاورة ذات الأغلبية العربية كمنبج، ملأت الفراغ الحاصل جماعات عدة معظمها مزيج من هوية مسلمة سنيّة وثيمات وطنية سورية. وعلى الرغم من أن عدداً من أفرادها ينسب نفسه إلى الجيش السوري الحر – مصطلح عمومي ارتبط بفصائل غير جهادية تتلقى تمويلها من السوريين في الداخل – إلا أنهم افتقدوا البنية الهرمية العسكرية المتعارف عليها في أدائهم.

’’ الجيش السوري الحرّ هو تسمية، لذا فنحن الجيش السوري الحر، وكل من يحمل السلاح الآن يسمى مقاتلاً في الجيش السوري الحر‘‘. هذا ما ذكره عبد القادر صالح؛ إسلامي تدعمه قطر ورئيس لواء التوحيد، وقد كان أقوى الشخصيات المتمردة في شمال سوريا منتصف العام 2012.(46) بسبب الافتقار لقيادة مركزية فعالة ولوسائل التنسيق، انزلقت منبج وبقية المناطق ذات الأغلبية العربية إلى حالة من الفوضى حيث دخل عدد كبير من الفصائل المسلحة الصغيرة، المجالس الثورية، ومحاكم الشريعة في منافسة بين بعضها بعضاً حول استقطاب الأضواء، التجنيد، والموارد.(47) وقد خلق هذا المناخ الفوضوي تربة خصبة استفادت منها جماعات جهادية متشددة أيديولوجياً صغيرة لكنها منضبطة لتوسع نفوذها.(48) في ذلك الوقت تعاظم قلق لافارج سوريا نتيجة الجرائم المرتكبة. مع وجود عصابات مسلحة مبهمة الولاءات تجوب أرجاء الريف الشمالي، أضحى السفر على الطرقات محفوفاً بالمخاطر أكثر فأكثر خاصة في الليل. كانت هذه مشكلة بالنسبة للعاملين في جلبية الذين يضطرون إلى السفر جيئة وذهاباً بين المصنع ومنازلهم، وإلى الذهاب إلى الجزء الذي يحكمه النظام من حلب لقبض رواتبهم من البنوك المحلية هناك.

فضلاً عن ذلك، بدأ الضرر يلحق بالعمليات اليومية حيث اعتمدت المبيعات على عشرات الشاحنات القادرة على الوصول بأمان لتحميل الإسمنت والتي يحمل سائقوها كميات كبيرة من المال بعض الأحيان. تزايدت مخاوف مدراء لافارج سوريا أيضاً جراء احتمال تعرض جلبية نفسها للهجوم بالنظر إلى ما شاع من أخبار عن قيام مقاتلي المعارضة بنهب المصانع والمصالح التجارية في حلب. مما ذكره لي أحد رجال الأعمال السوريين عام 2013 قوله :’’ شاع الاعتقاد بأنه كي تكون رجل أعمال ناجح في سوريا، فمن المرجح أن تكون وثيق الصلة بالحكومة. عندما وصل المتمردون إلى المنطقة الصناعية في حلب على سبيل المثال، جرى الهجوم والنهب كيفما اتفق فقد اعتبر المتمردون أن طبقة رجال الأعمال والنظام وجهان لعملة واحدة.‘‘(49) للمفارقة، يبدو أن هذه المخاطر قد عززت تصميم لافارج على البقاء في سوريا. في حال التخلي عن جلبية، فمن المؤكد إلى حد بعيد أن تستولي الجماعات المسلحة على المصنع وتنهبه وتتحارب من أجل المغانم ربما، وبذلك يتلاشى أي أمل بأن يلبي المصنع طلب السوق في عمليات إعادة الإعمار بعد الحرب.

ينتهي ويرنس إلى القول :’’ لقد أرادوا إبقاء المصنع مضاءً بهدف حمايته‘‘.(50) في النصف الأخير من 2012، لم يبدُ ذلك مهمّة مستحيلة. إذ كانت وحدات الحماية الكوردية قوة حسنة الانضباط وظهر أن قادتها قادرون على حماية المصنع، وامتلكت هذه الجماعة من القوة ما يكفي لإبعاد المنافسين. وطالما خفضت الحركة على طريق السفر، سيكون الوضع محتملاً على الأرجح. بدلاً من التسليم والانسحاب، آثرت لافارج اللجوء مجدداً إلى التسوية والاستيعاب. ففي حين انسحب معظم الطاقم الإداري في منطقة يعفور خارج دمشق إلى القاهرة إلى جانب الموظفين المصريين، انتقل ويرنس وعدد من السوريين إلى جلبية.(51) وفي كانون الأول/ديسمبر 2012، أُخبر ويرنس أن ضباطاً مسلحين من المخابرات السورية جاؤوا إلى المكاتب في يعفور بحثاً عنه، فقرر عند هذه النقطة عدم العودة إلى دمشق. (52)  
 
’’ابقِ أعداءك قريباً منك‘‘
 
كان وجود جاكوب ويرنس النرويجي، الأشقر الوحيد، والغريب عن المكان أيضاً في هذه الفوضى المتصاعدة شمال سوريا ضرباً من الجنون، لكنه يصرّ على حقيقة أنه شعر بالأمان خلف جدران المصنع. ومن مسكنه الجديد في مصنع لافارج سوريا، باشر خطة للتواصل مع المجموعات المسلحة في منطقة حلب- الرقة بهدف فتح قنوات مع الأشخاص المؤثرين سواء كانوا  مصدر تهديد أو قادرين على تقديم المساعدة. كانت قوات الحماية الكوردية التي سيطرت على المنطقة المحيطة بالمصنع في رأس القائمة طبعاً. بحسب ويرنس؛ بعد الاتصال مع شريك فراس طلاس المقيم في دمشق الذي يبدو أنه تحركّ بسرعة لاستثمار شهرة المصنع، أعرب قادة وحدات الحماية الكوردية عن رغبتهم في بقاء الشركة واستمرار الإنتاج، حيث سيكون مصنع الإسمنت ميزة إضافية ممتازة لإقليمهم المستقل مستقبلاً.

رغم ذلك، تعامل القادة العسكريون مع المعضلات بأسلوبهم الخاص ولم تكن العلاقة طيبة أبداً بينهم وبين لافارج سوريا وموظفيها. يقول ويرنس:’’ لقد ضمنت وحدات الحماية الكوردية الأمان لكنها مارست علينا ضغوطاً لا تحتمل. فعلى سبيل المثال، كان بمقدورها دفع السكان المحليين لإغلاق الطريق الواصل إلى المصنع وإيقاف جميع العمليات فيه، أو تذكّرنا( من باب التهديد) بأن وحدات الحماية الكوردية هي من تضمن سلامتنا وأن عدم دعمنا لها قد يعرض المصنع للهجوم.‘‘(53) كان مسؤولون من وحدات الحماية الكوردية يزورون المصنع بعض الأحيان طلباً للدعم أو يجدون طرقاً أخرى لشفط الموارد منه. وفي إحدى المرات خرج الأمر عن السيطرة حيث تمت السرقة بقوة السلاح بعد خلع الأبواب وتصويب الأسلحة على الموظفين. يذكر ويرنس:’’ كان لدينا في المصنع حوالي 20 شاحنة سرقها الكورد كلها. وقد أخبرونا أنهم يستطيعون الإفادة منها بصورة أفضل مما نفعل، وربما يعيدون إلينا بعضاً منها إن كنا مستعدين للحوار بشأنها، غير أن المفاوضات لم تخلص إلى شئ وتوجّب علينا الدفع في النهاية.‘‘(54)

كانت العلاقات مع المتمردين العرب أقل توتراً في العادة إذ أنهم أكثر بعداً وفرصهم أقلّ في الضغط على لافارج سوريا، إلا أن جميع ضروب التفاعل مع المتمردين كانت محفوفة بالمخاطر أيضاً. خلافاً لوحدات الحماية الكوردية، لم تخضع الميليشيات العربية لقيادة مركزية تسيطر على العناصر المتطرفة والمجرمة، فضلاً عن تقلب العلاقات بين القادة المحليين بصورة غير متوقعة. يقول ويرنس:’’ في منبج التي يبلغ عدد سكانها مئة ألف، كان هناك عشرون مجموعة مختلفة من الجيش السوري الحر أواخر العام 2012. وإذا انتقلتَ إلى بلدة مجاورة، ستلتقي بجموعة تحمل الاسم نفسه لكنها تحت قيادة مختلفة تماماً. وعليه فإن صورة الجيش السوري الحر أكثر تعقيداً بأشواط.‘‘(55)

ما زاد الطين بلة، بحسب ويرنس، هو الأخبار التي انتشرت بسرعة في المنطقة عن قيام لارفارج سوريا بدفع المال لوحدات الحماية الكوردية لقاء حماية مصنعها الأمر الذي أثار غضب وعداء بعض المتمردين ممن يعتبرون المجموعة الكوردية عدواً، بينما سال لعاب البعض الآخر للحصول على حصة من الكعكة.
 
التعامل مع الخاطفين
 
واجهت لافارج سوريا أول حالة خطف في آب/أغسطس 2012 عندما اختطفت مجموعة مسلحة موظفاً سابقاً من أحد المقاهي في منبج للاعتقاد بأنه لايزال يعمل في الشركة على ما يبدو. وقد زعم الخاطفون أنهم يمثلون الجيش السوري الحر ولفقوا رواية غريبة حول استضافة لافارج لقناصين إيرانيين. كان هدفهم المال دون ريب وقد دفع ذوو الضحية الفدية لهم في نهاية المطاف.(56) بعد شهرين من ذلك، أُوقفت سيارة نقل تُقلّ تسعة من موظفي لافارج من الساحل السوري على جانب طريق الرقة- كوباني، وقد شارك في العملية عدة مجموعات تنسب نفسها للجيش السوري الحر في العملية. يستذكر ويرنس:’’ أراد الخاطفون في ذلك إطلاق سراح أحد المعتقلين، وقد أخبرناهم أننا غير قادرين على فعل شئ بهذا الصدد.

كان بعض الركاب من العلويين، وقد رأوا في ذلك جانباً سياسياً أو استغلوه بالأحرى كحجة يستندون إليها، لكني أعتقد من الناحية العملية أن الأمر برمته متعلق بالمال والنفوذ.‘‘(59) مع أن دفع الفديات لم يكن جزءاً من سياسة الشركة، قررت لافارج الخروج عن هذا المبدأ عندما أصبحت حياة الكثيرين على المحك. وتم التوصل إلى صفقة بقيمة 25 مليون ليرة سورية (220,000 دولار) بعد توسط شخص بارز في الجيش السوري الحر من منبج يتمتع بشبكة علاقات جيدة، والذي – كما علم ويرنس لاحقاً وراعَه الأمر- تحايل لرفع قيمة المبلغ ثم أخذ ثلثه وفرّ سراً إلى تركيا بعد ذلك.(60) يستذكر ويرنس تلك الواقعة بعد خمس سنوات حيث قاد سيارته إلى مكان الاجتماع برفقة عدد من حرس المتمردين محملاً بثلاثين كغ من المال السائل المكدس في أكياس بلاستيكية:’’ تمت مبادلة الرّكاب المخطوفين بالمال منتصف الليل في الصحراء، ثم ظهر الخاطفون بعد انتظار طويل بزيّهم العسكري وهم يرتدون عصابات سوداء ويلوحون بالأسلحة الثقيلة.

لقد كان وضعاً يبعث على التوتر وكان هناك جمع غفير من الرجال المسلحين، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الشخصية المحضة، فالأمر -كما هو الحال دائماً في سوريا- لطيف للغاية. حافظت على نبرة ودية في محادثاتي حتى مع أشد الخاطفين سوءاً، حيث تصافحنا وتبادلنا بعض الأحاديث.‘‘(61) كان الوضع غريباً وخطراً  لكنه كان جزءاً من الحالة الاقتصادية الجديدة. بعد وقوعهم في مرمى جماعات مسلحة مبهمة، أصبح موظفو لافارج بحاجة إلى تجنب المنافسات الداخلية شديدة التعقيد في حركة التمرد. لم يكن ثمة توقع لما ستؤول إليه الحال لاخقاً،ووسط ظروف تتسم بهذه السيولة كان الرهان الأكثر أماناً هو ألا تعادي أحداً. يقول ويرنس: ’’ حتى لو لم تعجبني أفعال الناس حيالنا، كنت مضطراً للمحافظة على الصداقة لأنك بحاجة لإبقاء أعدائك على مقربة منك في مكان كسوريا.‘‘(62)
 
تغيّر السيد طلاس
 
مع بدء تواصله مع المتمردين السوريين أوائل خريف 2012، اتكل ويرنس بشدة على فراس طلاس الذي كان قد تحوّل من رجل أعمال متعاون مع النظام إلى واحد من أبرز منظمي المعارضة. رغم الغموض الذي يلف التفاصيل الدقيقة لهذا التحول، إلا أن فراس وشقيقه مناف أخذا بالابتعاد عن الأسد أواسط العام 2011.(63)  ويبدو أن الحملات العسكرية التي قام بها الجيش على مدينة الرستن التي يعود إليها أصل العائلة جعلت الخلاف شخصياً وشديداً، ومع نهاية العام 2011، كان عدد كبير من الضباط الرستناوية ( نسبة إلى الرستن) يخططون للإنشقاق عن الجيش.(64) بدأ مناف بمقاطعة الاجتماعات الأمنية في مكاتبه التابعة للحرس الجمهوري في دمشق، بينما كان فراس، الذي شاع أنه في موقف صعب حينها، يوزع وقته بين دبي وباريس ودمشق. في تموز/يوليو 2012، انشق مناف طلاس بشكل مفاجئ وانتقل مع عائلته إلى باريس حيث يقيم أبوه وبقية أفراد العائلة.(66) وعندئذ أعلن فراس دعمه للإنتفاضة على طول الخط وأنه سيسخر ثروته لتمويل التمرّد.(67)

وخلافاً لنجليه، حافظ كبير العائلة مصطفى طلاس على هدوء مريب خلال الانتفاضة وتوفي في باريس في حزيران/يونيو 2017 عن 85 عاماً.(68) حافظت السلطات السورية فيما يبدو على بعض الصلات مع فراس طلاس أول الأمر أملاً في أن يغير موقفه ربما، لكنها انتقلت في النهاية إلى محاكمته غيابياً ومصادرة أملاكه بما فيها شركة ماس.(69) إثر معرفتها بذلك، يبدو أن لافارج قد فكرت بالاتفاق مع طلاس نفسه وقررت مواصلة العلاقة.(70) ولعل الحكومة السورية قد قررت من جانبها النظر إلى المسألة من جانب آخر نظراً لرغبتها في بقاء المصنع مفتوحاً بحيث تستمر لافارج بدفع الضرائب لدمشق.(71)  بعد الانفصال عن الأسد، حوّل فراس طلاس اهتمامه إلى عقد الصفقات بين المتمردين المناوئين للأسد معتمداً أسلوب دفع الرشاوى على غرار ما كان يفعله مع ضباط الأسد. يقول ويرنس:’’ تصرف فراس بصورة مستقلة إلى حد بعيد. كان يتابع شأنه السياسي الخاص، لكن تولد فهمٌ عام مفاده أن فراس بحكم اتصالاته مع تلك الفصائل المتمردة قادرٌ أيضاً على جعل مسيرة المصنع أكثر يسراً.‘‘(72) ورغم شكوك المدراء التنفيذيين في لافارج حيال إمكانية التعويل على فراس كممثل للمعارضة، إلا أن خياراتهم كانت محدودة بطبيعة الحال.(73)

ومما يستذكره فريدريك جوليبوا Frédéric Jolibois الذي خلف برونو بيشو Bruno Pescheaux رئيساً للافارج سوريا في 2014:’’ كان طلاس مصدر معلوماتنا الوحيد‘‘.(74) حسب رواية ويرنس؛ اتخذت تدخلات فراس طلاس ثلاثة أشكال: (1) المساعدة في التفاوض حول الصفقات المتعلقة بالمواد الأولية،(2) تسهيل عمل ويرنس من خلال ربطه مع قادة المتمردين،(3) دفع الأموال للجماعات المسلحة لحماية المصنع كي يضمن ابتعادهم عن المصنع وحركة النقل. وتؤكد معاينة السجل العام للشركة صحة هذه الرواية. في العام 2012، وقعت لافارج سوريا اتفاقاً مع المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية التابعة للدولة في دمشق لشراء الرماد البركاني المعروف بالبوزولانا Pozzolana من مقلع يقع شرق الرقة.

تعطلت الخطة عندما هاجم متمردون مناوؤون للأسد مدينة الرقة وسيطروا عليه تماماً في آذار/مارس 2013.(75) مع تعرض الإنتاج للخطر، تحمل فراس طلاس المسؤولية مستخدماً قواه المالية والمقنعة لعقد ترتيبات جديدة. بعد عدة أشهر، وافق حكام الرقة الجدد من المتمردين على استمرار عمليات التسليم بعد حصولهم على ما طلبوه كما هو مفترض.(76) فضلاً عن ذلك، دعا طلاس ويرنس والمدير الإداري للافارج سوريا مارك كاسل إلى ’’ اجتماع عاجل‘‘ مع مجموعة من قادة المتمردين في فندق توكان Tuğcan في غازي عينتاب/ تركيا في أيلول/سبتمبر 2012. يقول ويرنس بعد خمس سنوات من ذلك:’’ لا يمكنني تذكر أسماء تلك المجموعات التي تحدثنا معها بالضبط. لكنهم حملوا تسمية قريبة إلى نسور البادية وأسماء كثيرة من هذا القبيل‘‘.(77) حضر ممثلون عن خمسة فصائل في الاجتماع.(78)، وقد أطلعهم ويرنس على حال المصنع وأعرب عن رغبة لافارج سوريا في البقاء بعيداً عن الحرب ومتابعة تصنيع الإسمنت.

أومأ القادة بالموافقة وعلى الفور تقدم بعضهم بخطط تتعلق بحماية المصنع تتضمنت قيام لافارج سوريا برعاية فصائلهم. وظفت لافارج بين الحين والآخر متمردين من منبج وجرابلس كحرس مسلحين أو دفعت لهم مالاً لقاء تهريب موظفين ومقاولين عبر الحدود التركية، إلا أن الشركة لم ترد تمويل الجماعات المسلحة مباشرة(79). لم يكن في ذلك مشكلة، إذ أن المتمردين كانوا يحصلون على المال من فراس طلاس في جميع الأحوال.(80) أوضح الرئيس التنفيذي الأعلى للافارج سوريا برونو بيشو للمحقق الفرنسي قائلاً:’’ لا شكّ بأن شريكنا المحلي السيد طلاس قد تباحث مع فصائل المتمردين ودفع لهم بعض المال بما يحقق الأمان لموظفينا‘‘.(81)
 
 
 وبحسب رواية بيشو الذي ترأس لافارج سوريا حتى صيف العام 2014؛ كانت الشركة تدفع ما بين 80,000 و 100,000 دولار شهرياً لطلاس بناء على فهمها بأنه سيقوم بتمرير هذه الأموال إلى الجماعات المسلحة النافذة محلياً.(82) يبدو أن وحدات الحماية الكوردية حازت الحصة الأكبر، إلا أن الأموال وصلت أيضاً إلى جماعات مسلحة مختلفة من الجيش السوري الحر. الأكثر إثارة للجدل كان أن الأموال آلت في النهاية إلى القوى الصاعدة في الرقة: جبهة النصرة (التابعة للقاعدة) والدولة الإسلامية.(83) يذكر ويرنس أنه لم يكن ثمة شك لدى الشركة في ما يجري، ومما يورده ويرنس في مذكراته التي تكشف تفاصيل خاصة عن الفترة التي قضاها في المصنع: ’’لم يكن خافياً أن جماعة إرهابية تسيطر على المقلع وبقية المدينة منذ بداية صيف العام 2013، ولهذا كان من الأهمية بمكان تنظيم العلاقة عن طريق وسطاء طلاس، لأن افتضاح أمر من هذا القبيل يضع لافارج سوريا في دائرة الشبهات، لكننا ساهمنا في الحقيقة من خلال طلاس في اقتصاد الدولة الإسلامية.‘‘(84)

كانت جبهة النصرة والدولة الإسلامية ممثلتان في كيان واحد أول الأمر لكنهما انفصلتا في نيسان/أبريل 2013. وقد تشاركت الجماعتان آنذاك السيطرة على الرقة إلى جانب جماعات أخرى غير معروفة التبعية مثل جماعة أحرار الشام الإسلامية وألوية أحفاد الرسول التي تنسب نفسها للجيش السوري الحر.(85) خلال صيف العام 2013، بدأت الدولة الإسلامية بمضايقة الجماعات المنافسة ومهاجمتها، وتحقيق السيطرة شيئاً فشيئاً(86)، وفي كانون الثاني/يناير 2014 سحقت بعنف ما تبقى من المعارضة وسيطرت على المدينة تماماً.(87) تشير وثائق تمخضت عن تحقيق داخلي أمرت به الشركة الأم LafargeHolcim أن ما يقدر ب 15,3 مليون دولار قد دُفعت من قبل لافارج سوريا لوسطاء المتمردين، المزودين، أو الجماعات المسلحة إبان وجود الشركة في سوريا.(88) بحسب هذه الوثائق التي لا يمكن تأكيد مصداقيتها بشكل مستقل، تضمن المبلغ المذكور مالاً دفع لفراس طلاس وشركة ماس (4,15 مليون)، إضافة إلى ’’ مدفوعات أمنية‘‘ مُررت من خلال طلاس (5,38 مليون)، ومدفوعات إلى وسطاء ومزودين مختلفين للمواد الأولية بما في ذلك تجار مقيمون في الرقة يبيعون الرماد البوزولانكي تحت إشراف ورقابة الدولة الإسلامية.(89)

بالنسبة ’’لمدفوعات طلاس الأمنية‘‘ للمجموعات المسلحة، فلا بد أن الحصة المخصصة لكل مجموعة كانت تتغير مع الوقت، وقد زعم بيشو أن الدولة الإسلامية كانت تتلقى في مرحلة معينة 20,000 دولار شهرياً كمبلغ مقطوع.(90) ومن باب المقارنة، كان متوسط الراتب الشهري الذي يتلقاه المقاتل في صفوف المعارضة في المناطق المجاورة بين 100 أو 200 دولار شهرياً، وتختلف التقارير بهذا الخصوص بدرجة كبيرة.(91)
 
تغيير الحرس
 
قرر ويرنس فعلاً أوائل 2013 عدم تجديد عقده المنتهي في أيلول/سبتمبر (عقد لمدة سنتين). ويزعم أن مخاوفه تزايدت ليس فيما يخص سلامته وحسب – حيث كان مضطراً حينها إلى تمضية جزء كبير من وقته في تركيا، وللاختباء في مقعد سيارته الخلفي عند المرور عبر نقاط التفتيش التابعة للجهاديين خلال سفره إلى المصنع – ولكن فيما يخص الوضع بالعموم. بدت لافارج سوريا ’’كسفينة تغرق‘‘ لم يكن لها أن تنجو من تطفل وعنف المجموعات المسلحة.(92)  سرعان ما تحول تأثير التطرف الذي تنشره الرقّة إلى معضلة كبيرة بعد سيطرة المتمردين هناك في آذار/مارس 2013، وقد دعي ويرنس مراراً للقاء ممثلين عن الدولة الإسلامية لكنه رفض. في آب/أغسطس 2013، تسلّم أمر اعتقال موقعاً من المسؤول الأمني للدولة الإسلامية في الرقة، والذي صرّح بأن ويرنس ومارك كاسل مطلوبان بتهمة التعاون مع حكومة الأسد التي استمرت لافارج سوريا بدفع الضرائب لها. المفارقة هنا، أن ويرنس كان مطلوباً من المخابرات السورية أيضاً.(94)

يحكي ويرنس عن قيامه بإخطار رؤسائه في باريس بأن الوضع أضحى لا يطاق في الرقة بعد سيطرة الإسلاميين عليها، لكنه أحبط جراء رفضهم اتخاذ أي إجراء. في تشرين الأول/أكتوبر 2013، مضى تحت حراسة معارفه في وحدات الحماية الكوردية وواحدة من المجموعات المتمردة من منبج إلى نقطة العبور في جرابلس التي كانت تخضع كحال أجزاء كثيرة من الشمال السوري لسيطرة الدولة الإسلامية ومتمردين آخرين. بعد خروجه بأمان، انتقل للعمل في لافارج أوروبا ثم استقال أخيراً ونشر مذكراته عن فترة عمله في المصنع.(95) خلف ويرنس أحمد جَلودي كمدير للمخاطر في جلبية، والأخير أردني كان لويرنس دور في اختياره وتدريبه. تشير إيميلات الشركة التي سُربت إلى الصحف الفرنسية والسورية إلى أن لافارج سوريا أواخر 2013 وخلال 2014، وتحت إشراف جلودي، كانت على اتصال منتظم بالدولة الإسلامية ذات الحضور القوي في المنطقة آنذاك.

وتفيد الوثائق المسربة بأن جلودي دخل في مفاوضات روتينية مع قادة الدولة الإسلامية بالنيابة عن لافارج سوريا و كان ’’يتنقل على الدوام بين غازي عينتاب، الرقة، منبج، والمصنع‘‘ كما أخبر موظف سابق صحيفة اللوموند.(96) ومع توغّل لافارج أكثر في النفق المظلم لاقتصاد الحرب السورية، ضعفت علاقة فراس طلاس بالشركة أو أصبحت أكثر التباساً على الأقل. رغم قيام السلطات السورية بالحجز القضائي على ماس في 2012-2013، بقي فراس طلاس في المجلس الإداري للافارج سوريا حتى بداية 2014، ثم غادر’’ لأسباب لا صلة لها بلافارج‘‘ وفق ما ذكره المتحدث باسم الشركة.(97) في آب/أغسطس 2014، أعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية أن ماس انتقلت رسمياً إلى ملكية الدولة، مما يعني أن حكومة الأسد تسيطر الآن على حصة ال 1,33 بالمئة في لافارج سوريا.(98) ويبدو أن أقنية الدفع المالية المتنوعة لفراس طلاس قد جفت في تموز/يوليو و آب/أغسطس. يوحي التوقيت بأن لافارج سوريا استجابت ببساطة لقرار الوزارة السورية وأخرجت فراس طلاس من الشركة. ولكن ذلك ليس صحيحاً بالضرورة لأن سبباً رئيسياً آخر كان وراء إيقاف الدفع لطلاس في ذلك الوقت: في أيلول/سبتمبر 2014 توقف الإنتاج في جلبية.
 
 
نهاية مصنع جلبية
 
خلال العامين 2011 و 2012، حافظ مصنع جلبية على معدل إنتاج عال رغم الصراع المتنامي. تراجعت وتيرة الإنتاج عام 2013 بسبب نقص المواد الأولية، الصيانة، والخبرة، بينما تأثرت المبيعات سلباً بالإسمنت التركي الذي تهربه جماعات المتمردين عبر الحدود. وبحلول 2014، كان المصنع يعمل بشق الأنفس بالتوازي مع الخسائر المادية التي تتكبدها لافارج سوريا مع استمرار التشغيل.(99) مع ذلك، كان مجلس إدارة لافارج في باريس مصمماً على إبقاء المصنع قيد التشغيل. بدا أن في ذلك توجه نحو تبديد مزيد من الأموال، إلا أن الشركة في تلك المرحلة وضعت مستقبل سوريا ما بعد الحرب نصب عينيها بكل تأكيد.

يقول الاقتصادي السوري جهاد مقدسي: ’’كان مصنع لافارج للإسمنت أكبر مشروع استثماري خاص في سوريا خارج قطاع النفط لذلك كان رهانها كبيراً في حقيقة الأمر، وبالنظر إلى مقدرتها الإنتاجية العالية، فقد كانت في الموقع الملائم للاستفادة من عمليات إعادة الإعمار المرتقبة، وعليك أن تتخيل كم كان مهماً حماية المصنع بالنسبة لها.‘‘(100) إذا كان هذا هو المخطط، فهو لم يفلح. إذ حذت لافارج حذو أولئك المعارضين العلمانيين الذين حاولوا امتطاء الوحش الجهادي لكنه سرعان ما انقلب عليهم وكذلك كان الحال مع لافارج. عام 2014، استولت الدولة الإسلامية على مناطق شاسعة من العراق وسوريا بما فيها الرقة ومنبج اللتان سيطر عليهما المتمردون.(101)

وتعاظمت قوة الجماعة أكثر بعد احتلالها الموصل، تكريت، تل أعفر، سنجار ومدن أخرى في العراق.(102) في آب/أغسطس، تدفقت قوات الجهاديين من الرقة للاستيلاء على قاعدة للجيش السوري في عين عيسى حيث أطاحت على الفور بآخر معاقل الحكومة في المنطقة القريبة من سدّ الطبقة. وفي هذه الواقعة أُعدم عشرات الجنود بوحشية أمام الكاميرا  وحُزّت الأعناق وقطعت الرؤوس.(103)

مع نهاية الصيف، واصل مقاتلو وحدات الحماية الكوردية فقط التصدي بصورة مجدية للتيار الجهادي فقطعوا طريق عبور مقاتلي الدولة الإسلامية إلى الحدود التركية من موقعهم الحصين في كوباني.(104) أصبحت جلبية عرضة للخطر أكثر فأكثر، بينما استمر مندوبو لافارج سوريا بمساومة الجهاديين حول حماية الموظفين، تصريحات المرور، والمواد الأولية. إلا أن الأمر انتهى مع تحرك الدولة الإسلامية لسحق وحدات الحماية الكوردية. وفي أواسط أيلول/سبتمبر اندفع الجهاديون مجدداً باتجاه الشمال من الرقة مكتسحين القرى الكوردية حيث نزح عشرات الآلاف من المدنيين نحو تركيا.(105) ثم فرّ من بقي من موظفي لافارج سوريا مذعورين إثر وصول الجهاديين في 19 سبتمبر/أيلول.(106) أظهرت الفيديوهات الدعائية التي نشرتها الدولة الإسلامية مجموعةً من المقاتلين يقودون سياراتهم في الممرات الطويلة بين مباني المصنع الخاوية والموحشة، والتي لم يمس معظمها أي ضرر، وسحابة دخانية سوداء تتصاعد فوق المصنع.(107) وهكذا انتهى الأمر، مع فقدانها الحق في حماية المصنع وصيانته أصدرت الشركة أمراً بإيقاف عمليات لافارج سوريا.(108)
 
من مصنع إسمنت إلى معسكر تدريب
 
بعد استيلائها على المصنع، حاولت الدولة الإسلامية إعادة تشغيله وإغراء المدراء السابقين بالعودة.(109) لكنها لم تفلح  وبدا واضحاً أن المصنع في حالة ركود تام بينما كانت الدولة في صراع مع قوة عسكرية كوردية صغيرة في كوباني حيث قلبت الضربات الجوية الأمريكية الأوضاع بدءاً من أيلول/سبتمبر 2014.(110)
 
 
 أثبت تضافر المقاتلين الكورد على الأرض والقوة الجوية الأمريكية فعالية كبيرة أمام الجهاديين، وفي شباط/فبراير 2015 تقدمت وحدات الحماية الكوردية منطلقة من كوباني.(111) لم يطل الأمر بالكورد حتى بلغوا جلبية، وأظهرت الفيديوهات الدعائية لوحدات الحماية الكوردية مقاتلين شبان يتقدمون مهرولين خلال الأرض العشبية نحو المصنع، حيث صعدوا السلالم واقتحموا الغرف التي كان يحتلها أعداؤهم الجهاديون. أخبرني أحد المتطوعين في وحدات الحماية الكوردية والذي مرّ في جلبية بعد عدة أشهر أن بعض المباني في مصنع لافارج قد تضررت خلال الهجوم وأن عمليات الإصلاح جارية الآن.(112)

تحركت وحدات الحماية الكوردية وحلفاؤها للاستيلاء على سد تشرين في كانون الأول/ديسمبر 2015، ثم سقطت منبج بعد حصار وقتال عنيف في آب/أغسطس 2016 وبدأ الخناق يضيق حول الرقة مع هجوم الجيش السوري المدعوم من روسيا وإيران على معاقل الدولة الإسلامية إلى الجنوب الأقصى. في تشرين الأول/أكتوبر 2017، طُرد الجهاديون من الرقة وأخذت ’’خلافتهم‘‘ بالانهيار.(113) بعد ضمّه بأمان إلى إقليم مستقل تسيطر عليه وحدات الحماية الكوردية ويسمى الاتحاد الديمقراطي لشمال سوريا، يبدو أن مصنع لافارج قد نجا من الحرب ماديّاً على الأقل ولم يعد في مرمى الهجمات الخطرة. وبدلاً من الإسمنت، ينتج المصنع اليوم مقاتلي حرب عصابات. في مرحلة معينة من العام 2015، حُوّل إلى قاعدة للقوات الخاصة الأمريكية، البريطانية، والفرنسية.(114) رغم منع الصحفيين من دخول المنطقة، تظهر صور الأقمار الاصطناعية حوامات عسكرية وطائرات أوسبري Osprey تصطف على امتداد أرض المصنع، وأطلعتني مصادر في المنطقة أن جلبية أصبح معسكراً لتدريب المقاتلين العرب والكورد المدعومين من أمريكا.(115)
 
التحقيق الفرنسي
 
فجرت الصحيفة السورية المعارضة زمان الوصل في شباط/فبراير 2016 قصة مدفوعات لافارج المالية المزعومة للدولة الإسلامية بعد تلقيها عدة إيميلات مسربة من مصادر غير معروفة.(116) وبعد عدة أشهر، تناولت صحيفة اللوموند الفرنسية القصة والتي آثارت بدورها غضب الدولة التي لا تزال في حالة حداد على ضحاياها الذين سقطوا جراء عدة هجمات للدولة الإسلامية.(117) وفي وقت لاحق من ذلك العام، حرّك ناشطون في حقوق الإنسان وموظفون سابقون في لافارج سورية دعاوى قانونية ضد لافارج.(118) وفق مضمون الدعاوى والتقارير الصحفية، اتُّهمت الشركة بتمويل الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، انتهاك عقوبات الاتحاد الأوروبي عبر شرائها للنفط السوري، وتعريض حياة موظفيها للخطر حيث أخفقت في ترتيب إجلائهم بصورة منتظمة.(119) باشرت السلطات الفرنسية إجراء التحقيق في تشرين الأول/أكتوبر 2016.

رغم رفض الشركة الأم LafargeHolcim الاقرار بأي جرائم مخالفة للقانون، إلا أن الشركة تبدي أسفها علناً الآن حول قيامها ’’ بأخطاء فادحة من الناحية القانونية‘‘، وتقول لافارج سورية بأنه كان عليها إغلاق مصنعها قبل وقت طويل.(120) في نيسان/أبريل استقال إيريك أولسون Eric Olsen الرئيس التنفيذي للشركة الأم الفرنسية- الأمريكية قائلاً أنه ’’رغم عدم تورطه أبداً ‘‘ في الشأن السوري، فهو يأمل أن يعيد ذلك ’’السكينة لشركة لم تزل تتكشف عن مخالفات قانونية على مدى أشهر بسبب هذه القضية‘‘.(121) لم تصب هذه الخطة نجاحاً يذكر على أية حال.

في أيلول/سبتمبر 2017، سافر ثلاثة موظفين سابقين في لافارج سورية إلى باريس للإدلاء بشهادتهم، مؤكدين على أن رشاوى دفعت الدولة الإسلامية.(122) وفي تشرين الأول/أكتوبر، أشارت وسائل الإعلام السورية والعربية إلى اعتقال فراس طلاس في الإمارات العربية المتحدة ويرجح أن الأمر على صلة بالتحقيق الجاري مع لافارج، وفي الشهر التالي، داهمت الشرطة مكاتب الشركة الأم في باريس وبروكسل.(123) بعد ذلك، في كانون الأول/ديسمبر 2017، بدأت السلطات الفرنسية التحقيق مع عدد من كبار الموظفين الحاليين والسابقين في لافارج ومنهم الرئيس التنفيذي للافارج برنو لافون وخليفته إيريك أولسن إضافة إلى برونو بيشو وفريدريك جوليبوا رئيسا لافارج سورية.(124)

رغم تردده في مناقشة تفاصيل القضية، أخبرني بيت ويردر Beat Werder مسؤول العلاقات الإعلامية في الشركة الأم أن الشركة تأسف لما حدث في سورية :’’ أعتقد أن انتهاكات صغيرة للقانون أفضت إلى أخرى وسرعان ما تدهورت الأمور أكثر. هكذا نرى المسألة، ونحن نشجب ما حدث ونأسف له.‘‘(125) فوق ذلك، من الأهمية بمكان فهم أن مصائب لافارج السورية لم تكن أمراً خارجاً عن المألوف على الإطلاق. فحيث خضعت للتهديدات وحاولت استرضاء جميع الأطراف، تصرفت لافارج على شاكلة معظم الشركات السورية فيما يبدو، وبعيداً عن مسألة الخطأ والصواب، تزودنا هذه المسألة الشائنة بنظرة كاشفة على الواقع القاتم لاقتصاد الحرب السورية.
 
اقتصاد الحرب السورية
 
في خضم الحرب الجارية، لم تختفي سياسة التحيّز والابتزاز المالي التي ميزت الاقتصاد السوري ما قبل 2011. بل يظهر أن الصراع قد جعل نخبة رجال الأعمال السوريين أكثر احتيالاً وتغطرساً، وترك الناس العاديين نهباً للاستغلال والقنوط بدرجة أكبر.(126) تغيّرت البنى القديمة وتناغمت مع الشبكات الجديدة للإثراء غير المشروع، حيث مدّت أذرعها بين قوات المتمردين المدعومين من الخارج، الجهاديين، والكورد. في ظل أوليغارشية العنف هذه، دخل اللاعبون التجاريون في منافسة أكثر علانية وشراسة مما كان عليه الحال في الفترة السابقة للعام 2011 حيث كانت الأعمال التجارية تجري في كنف الدولة البوليسية. يقول سامر عبود وهو بروفيسور مساعد في جامعة أكارديا وضع تقريراً حول اقتصاد الحرب السورية لصالح Century Foundaion:’’ كانت تلك الشبكات التي رسمت معالم اقتصاديات الحرب دليلاً على الانقسامات المناطقية للصراع المسلح نفسه. إنها في رأيي شبكات تقوم كلها على العنف، ورغم أن الأشخاص المفصليين ليسوا جميعاً فاعلين عنفيين إلا أنهم جزء من السياق العنفي للصراع.‘‘(128)

ومع القتال والقتل الدائر بين المتمردين السوريين، القوميين الكورد، والموالين للأسد، تبقى المقايضات التجارية جارية. برز جيش حقيقي من المنظمين السياسيين، رواد الأعمال، والمهربين خلقوا نسيجاً جامعاً يربط بين أجزاء هذه الدولة المتشظية، ويحولها إلى منظومة واحدة يدبّ الفساد في عروقها دون حساب. ويضيف عبود الذي ألف كتاباً جديداً عن الحرب السورية أيضاً:’’ إن ما يربط بين الأطراف المتقاتلة هم أولئك السماسرة والوسطاء الذين تبنّوا موقفاً حيادياً حيال مختلف الأطراف بهدف تسهيل الصفقات المالية والتجارية فيما بينهم.‘‘(129) في بعض الحالات، لم يكن هذا أكثر من سوق قائم على العرض والطلب في مناخ تجاري يخضع لضوابط القوة العسكرية وليس للقانون والبيروقراطية. الجدير بالذكر أن عدداً  كبيراً من تجار الحرب الأكثر نجاحاً في سورية ليسوا من أهل الحرب المتمرسين، بل من زمرة مدراء الشركات.
 
رجال الأعمال الذي تحوّلوا إلى وسطاء
 
رغم وجود العديد من تجار الحرب هؤلاء،(130) إلا أن أكثرهم شهرة ربما شخص يدير قضايا سياسية ملتبسة تخص سورية ألا وهو جورج حسواني؛ رجل الأعمال المقيم في دمشق ذو الصلات القوية مع الدائرة المحيطة بالأسد ومع المصالح الاقتصادية في روسيا. يشاع أن حسواني وشركته Hesco ( رغم إنكارهم ذلك) أمضوا سنوات في ترتيب صفقات تضمن استمرار تدفق الغاز والنفط من شرق سورية إلى محطات الطاقة التي تديرها الدولة والواقعة أقصى الغرب، ولا تختلف تلك الصفقات عمّا اتبعته لافارج سورية، لكنها اتخذت صيغة أكثر صراحة وعلى مستوى أكبر. ذكرت تقارير في العام 2015 أن حسواني يدفع للدولة الإسلامية حوالي 50,000 دولار شهرياً لضمان الوصول إلى محطة الغاز قرب الرقة حتى مع استمرار القتال بين الجيش والجهاديين على مقربة من الموقع.(131)

وفق ما قاله أحد مالكي شركات الطاقة السورية لصحيفة الفايننشال تايمز :’’ اعتبروها مناورة تكتيكية لتوسيع النفوذ. إنها كتلك المفاوضات التي كانت تجري مع المافيا في شيكاغو خلال العشرينات من القرن الماضي. أنت تقتل وتقاتل للسيطرة على الصفقة، لكن الصفقة لا تُحسم.‘‘(132) في 2015، فرضت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي عقوبات على حسواني بسبب اتفاقياته مع الدولة الإسلامية.(133) كما أشار مسؤولون أوروبيون غير مرة إلى تجارة النفط شرق سورية كدليل على علاقات الأسد التجارية مع من صُنفوا إرهابيين وفق الأمم المتحدة.(134) كان ذلك صحيحاً، لكنهم آثروا إغفال جزء هام من السياق؛ وهو أن المتمردين المدعومين من قبلهم وحلفاءهم الكورد كذلك قد عقدوا صفقات مع الدولة الإسلامية كذلك.(135)

هل يبدو أي من هذا عملاً مخزياً؟ تتحدد الإجابة وفق مقدرة المرء على تجاهل ما هو واضح: الكل في سورية بحاجة إلى النفط، وعلى مدى عام أو اثنين، سيطرت الدولة الإسلامية على معظم النفط في سورية. تضمنت قائمة المشترين بالنتيجة نظام الأسد، وحدات الحماية الكوردية، جبهة النصرة، كل فصائل المتمردين والإسلاميين، وحتى صانع الإسمنت الفرنسي كما يبدو. الجميع دون استثناء. قد يكون ذلك في نظر البعض مؤامرة كبرى أو مجموعة تدير بنشاط أعمال هذا السوق من وراء الكواليس ببساطة. لكن وفق طرح أكثر واقعية؛ هذه هي ربما سيرورة العمل الاقتصادي في أي منطقة حرب حيث تسيطر الفصائل المتنافسة على موارد ترتبط ببعضها بعضاً.



معضلة إعادة الإعمار
 
هدمت السنوات السبع الماضية من الحرب الأهلية اقتصاد سورية، دمرت مدنها وخلقت معاناة إنسانية مهولة. يقدّر عدد القتلى بمئات الآلاف، فضلاً عن أن حوالي ربع السكان فرّوا إلى الخارج حيث يوجد 5,5 مليون لاجئ سوري في دول الجوار، ومليون في أوروبا. كما يعتقد أن ستة ملايين في عداد النازحين داخل الحدود السورية. دمرت الحرب مدناً رئيسية كدمشق، حلب، حمص، الرقة جزئياً ودخل الاقتصاد في حالة فوضى عارمة. ويحتاج ثلثا السكان الذين ما زالوا داخل سورية إلى الدعم الخارجي لتدبير شؤون حياتهم.(136)

لا نهاية للصراع في الأمد القريب، وقد تبقى سورية بلداً مقسّماً إلى أجل غير مسمى ربما. وحيث لم يعد نظام بشار الأسد في مواجهة تهديد حقيقي سواء من المتمردين السنة العرب المدعومين من الخارج أو من الجهاديين المستقلين كالدولة الإسلامية، وأصبحت الحرب الشاملة بين قوات الأسد والكورد مسألة بعيدة الاحتمال نظراً للاتفاقيات الروسية-الأمريكية حول وقف الصراع، يبدو أن الأمور آخذة في التحسن. وإذ اطمأنت الحكومة السورية لبقائها، فهي تعمل جاهدة على إقناع العالم بأن الوقت قد حان لإعادة بناء سورية عبر برنامج إعادة الإعمار الذي تقوده الأمم المتحدة.(137) تشير التقديرات الدولية إلى أن تكلفة إعادة إعمار سورية تقارب 200 مليار دولار، مما يعني أنه يستحيل على دمشق الاضطلاع بهذه المهمة الضخمة بنفسها، سيما وأن ميزانية الدولة السورية للعام 2018 قدرت بحوالي 7 مليارات دولار.(138) تشكل مدينة حمص المعيار الأكثر وضوحاً لحجم المشكلة، وهي ثالث أكبر المدن السورية التي بقيت تحت سيطرة المتمردين جزئياً منذ أواخر 2011 وحتى بداية العام 2014.(139)

بعد أربع سنوات، كان ينبغي أن تعتبر المناطق المستعادة نماذج لمقدرة الأسد على إعادة إعمار البلد بمعونة الاستثمارات الخاصة، الروس، الإيرانيين، والصينيين، لكنها أظهرت بدلاً عن ذلك العجز الاقتصادي في المعسكر الداعم للأسد. وبغض النظر عن الترميم الرمزي للنصب الدينية والمعالم الثقافية في المدينة، لا تزال المناطق التي خضعت للمتمردين فيما مضى خراباً غير مأهول.(140) لإعادة بناء سورية وتوفير حتى أكثر الظروف بدائية بما يسمح بعودة اللاجئين يحتاج الأسد مساعدة الأمم المتحدة، ولأن حلفاؤه معروفون تقليدياً بدعمهم الشحيح، أو فقرهم أو الاثنين معاً، ينبغي الحصول على الدعم المالي لبرنامج إعادة إعمار جدير بالثقة من دول غنية بالتأكيد كالولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، النرويج، سويسرا، اليابان، كندا، والدول العربية النفطية ومعظمها معارض لحكم الأسد. ورغم أن ما يسمى بمجموعة أصدقاء سوريا قد يأست من إسقاط الرئيس السوري، فهي التزمت بدلاً عن ذلك استراتيجية العزلة الاقتصادية المشروطة، محاولة استغلال تخفيف العقوبات وإعادة الإعمار كوسيلة لإقناع الأسد بالتنحي، الأمر الذي لن يقدم عليه طبعاً لكن تبقى هذه السياسة سارية بكل الأحوال، ودافعها الرسمي التزام بتغيير النظام في سورية  على المدى البعيد.(141)

مع ذلك، تتوق العديد من هذه الدول لفعل شئ ما، سواء لأسباب إنسانية أو لإيقاف تدفق اللاجئين من سورية. إن حل ’’الطريق الثالث‘‘ الناشئ هو لإبقاء الضغط السياسي على حكومة دمشق المركزية، وتوجيه أموال إعادة الإعمار إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد. أكبر هذه المناطق، والوحيدة التي يمكن التعويل عليها تماماً ربما، هي شمال شرق سورية الخاضعة لوحدات الحماية الكوردية. حيث وتستفيد هذه المنطقة من خوف الدول الغربية من عودة الدولة الإسلامية إلى الحياة وسط مئات الآلاف من المدنيين السنة العرب اليائسين في المنطقة ممن شردهم القتال والمستائين من الحكم الكوردي غالباً. لا ريب أن شمال شرق سورية يتطلب برنامج إعادة إعمار من أجل التعافي، وفي حين لم يلحق ضرر كبير بأجزاء من الأرياف وبعض المدن الكوردية الرئيسية مثل القامشلي، نال مدناً أخرى مثل كوباني، منبج، والرقة دمارٌ فعلي خلال القصف الأمريكي الذي رافق حملة وحدات الحماية الكوردية لطرد الدولة الإسلامية.

أجبر حوالي نصف مليون إنسان على ترك منازلهم في الرقة ومحيطها بين تشرين الثاني/نوفمبر 2016 وأيلول/سبتمبر 2017 وقد عاد عدد قليل منهم. أخبرني مسؤول كوردي عبر الهاتف من عين عيسى في تشرين الأول/أكتوبر:’’ خلفت مئة وخمسة وثلاثون يوماً من القتال دماراً هائلاً في المدينة‘‘، وأضاف محذراً من الألغام الأرضية غير المتفجرة التي تملأ المنطقة:’’ لا يمكننا أن ندع الناس يعودون إلى الرقة لأنها ذلك خطير.‘‘(142) وحتى اليوم، لا يزال كثير من سكان المدينة مبعثرين في مخيمات بائسة على امتداد الريف الشمالي.(143) من ناحية المقدرة المؤسسية وموارد إعادة الإعمار، تبقى وحدات الحماية الكوردية وحلفاءها أسوأ حالاً بكثير من الحكومة السورية، لكن خلافاً للأسد، أمضى الكورد الأعوام الأخيرة في نسج علاقات مع أكثر دول العالم ثراءً. فقد أعلنت الولايات المتحدة أنها ستبقى في الإقليم الكوردي السوري في المستقبل المنظور لحمايته من تركيا والحكومة السورية على السواء.

ويشير مسؤولون أمريكيون إلى ضرورة الاستمرار في كبح الدولة الإسلامية، لكنهم يعربون عن أملهم أيضاً في رفع فاعلية النفط، المياه، والزراعة في شمال سورية بغية إقناع الأسد بالتنحي وحلفائه الإيرانيين بالانسحاب من سورية. هذه سياسة خيالية، لكن يبدو أنها السياسة المتبعة حالياً. تزويد شمال شرق سورية بنظام اقتصادي فعال وحوكمة لائقة أمرٌ جوهري في أي استراتيجية من هذا القبيل. ومالم تتعافى المنطقة، وتقدم خدمات حكومية وتخلق فرص عمل، لا يمكن التعويل عليها كمانع يحول دون تجدد الاضطرابات، ناهيك عن تمتعها بالقوة الكافية لإجراء المقايضات مع حكومة سورية المركزية فيما يتعلق بالموارد.

في هذه المرحلة، تتعثر الإدارة الأمريكية الحالية بموانعها الأيديولوجية الخاصة. حيث أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة لقطع الدعم الخارجي ورفض ’’ بناء- الدولة‘‘، وثمة رغبة ضعيفة داخل إدارته في التزام مفتوح حيال بناء كوردستان السورية ناهيك عما يؤدي إليه ذلك من احتكاك مع تركيا. وعندما طرح الاستراتيجية الأمريكية الجديدة حول سورية خلال خطابه في جامعة ستانفورد أواسط كانون الثاني/يناير من هذه السنة، قال وزير الخارجية رِكس تيلرسون بناء على ذلك أن دعم الولايات المتحدة سيقتصر على توفير مال يلزم لتحقيق’’للإستقرار‘‘ ولن تمضي أبعد من ذلك في دعم ’’إعادة الإعمار‘‘.(144) ويعني ذلك أن الدبلوماسيين الأمريكيين و عمال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID سينتشرون في سورية للمساعدة في تأمين الحاجات القصيرة الأجل والنواحي المتعلقة بالأمن مثل التدريب وتوفير التجهيزات الخاصة بنزع الألغام، إزالة الركام، الطاقة الكهربائية، تنظيف المياه، والنهوض بقوى الأمن الداخلي ودوريات الحدود.(145)

ستتضمن إعادة الإعمار، التي لن تدعمها الولايات المتحدة، إعادة بناء الرقة والمدن الأخرى، تنظيم عودة شاملة للمدنيين المهجرين، إطلاق نظام اقتصادي محلي وفعال، خلق وظائف، ودعم أجهزة حكومية موثوقة ودائمة. أضاف تيلرسون أن قيام الآخرين بما تمتنع عنه الولايات المتحدة أمر مرحب به حيث قال أنه ’’يشجع المساعدة الدولية لإعادة بناء المناطق التي حررها التحالف الدولي وشركاؤه المحليين من الدولة الإسلامية‘‘. يبدو ذلك محاولة للحصول على الدعم من الدول الأوروبية وغيرها ربما، حيث أحضر مسؤولون أمريكيون في تشرين الأول/أكتوبر وزيراً سعودياً إلى عين عيسى لمناقشة احتياجات إعادة الإعمار.(146) بعبارة أخرى، ستجري على الأقل بعض عمليات إعادة الإعمار في شمال شرق سورية بمعزل عن حكومة الأسد، وسواء اقتصرت على مساعي أولية للغاية أو تحولت إلى برنامج إعادة إعمار متطور تماماً، فحاجتها إلى كميات كبيرة من الإسمنت هو أمر مؤكد.
 
عودة إلى جلبية؟
 
ينفي المتحدث باسم الشركة الأم LafargeHolcim وجود خطط للعودة إلى جلبية. وقد ذكر لي مسؤول العلاقات الإعلامية للشركة بيت ويردر في مقابلة هاتفية :’’ المصنع مغلق ولا نية لدينا في إعادة افتتاحه. أعتقد أنه لا زال ملكاً لنا نظرياً لكنه لم يعد مدرجاً في سجلاتنا وقد شُطب من الجداول المحاسبية بالمحصلة.‘‘(147) لعل ذلك هو الموقف الحالي للافارج الأم، لكن من غير المرجح أن تتخلى الشركة تماماً على ممتلكاتها في سورية. بغض النظر عن استيلاء حكومة الولايات المتحدة عليه، يبدو أن مصنع جلبية تعرض لأضرار هيكلية طفيفة وحسب(148)، ويمكن إعادة تشغيله بسرعة عن طريق بعض الإصلاحات وإعادة تنظيم القوة العاملة.
 

 
 الوضع الأمني في منطقة جلبية حالياً أفضل من أي مرحلة منذ العام 2011، كما خضعت المنطقة بين الرقة، منبج، وكوباني بكاملها لسيطرة وحدات الحماية الكوردية وحلفائها من العرب والسريان المحليين الذين أعلنوا أنفسهم جيشاً خاصاً بالاتحاد الديمقراطي لشمال سورية.(149) يتحول هذا الكيان السياسي غير المعترف به دولياً إلى واقع أكثر فأكثر، ويبقى تحت رقابة ما يعرف في السياق السوري بالقوة التي لا تقهر: سلاح الجو الأمريكي. لا شك أن قوى منافسة أخرى توجد في المحيط القريب: الجيش السوري المتمتع بحماية القوة الجوية الروسية والذي عزز سيطرته في حلب وجنوب الرقة. فضلاً عن ذلك، يوجد جنود أتراك ضمن المتمردين العرب والتركمان غرب الفرات، في مثلث يمتد من جرابلس إلى الباب وعزاز شمال حلب، وهم يخوضون حرباً الآن ضد وحدات الحماية الكوردية في منطقة عفرين شمال غرب حلب.

بيد أنه ليس بإمكان نظام الأسد ولا تركيا والمتمردين التابعين لها اختراق وحدات الحماية الكوردية للاستيلاء على جلبية إلا إذا قررت الولايات المتحدة السماح بذلك. في هذه المرحلة، يتمتع الاتحاد الديمقراطي لشمال سورية بما يكفي من قوة لتوفير شبكات نقل آمنة على الأرض من جلبية إلى معظم الأسواق ذات الصلة وإلى مصادر المواد الأولية. ويوجد طريق مفتوح إلى مقلع البوزولانا خارج الرقة، سد الطبقة، عدد من حقول النفط السورية الرئيسية، الحدود العراقية، وإلى القامشلي حيث توجد حركة نقل جوي منتظمة باتجاه دمشق. يمكن أن يصل الإسمنت إلى منبج، كوباني، الرقة، الحسكة، رأس العين، عامودا، والقامشلي دون عبور الأراضي الخاضعة لمناوئي وحدات الحماية الكوردية. من المرجح أن عودة جلبية إلى العمل هو من دواعي سرور القادة الكورد، فإعادة تشغيل المصنع من شأنها تعزيز الاقتصاد المحلي وتحسين فرص إعادة الإعمار جذرياً تحت سيطرة وحدات الحماية الكوردية في مدن كمنبج، كوباني، والرقة.

ويمكنها أن تمنح الاتحاد الديمقراطي نفوذاً اقتصادياً هو بأمس الحاجة له في مواجهة الحكومة المركزية، ويمكن للكورد بالطبع اغتنام فرصة فرض رسوم وضرائب مربحة كما في الأيام الخوالي.(150) بعد كل هذا، لا يبدو أن السلطات المدعومة من وحدات الحماية الكوردية قادرة على إدارة المصنع بنفسها حتى لو جددت شركة لافارج الأم استثمارها في المنطقة. إذ يقوم الاتحاد الديمقراطي على أساس قانوني هش نظراً لعدم حصوله على اعتراف دولي ( ولا حتى من الولايات المتحدة الدولة الراعية له) فضلاً عن محدودية إمكانياته الإدارية والمؤسسية. وفي حقيقة الأمر، يبقى شمال سورية الخاضع للكورد معتمداً على حكومة الأسد التي لا تزال تسيطر على جزء كبير من الجهاز البيروقراطي في الشمال الشرقي.

حتى مع السيطرة الشاملة لوحدات الحماية الكوردية، يستمر موظفو الدولة في إدارة الجهاز الحكومي، المعاشات، والتعويضات، كما أن لهم دوراً، إلى جانب الفاعلين الموالين للنظام، في القطاع التعليمي، الصحة، السفر جوّاً، الخدمات المالية، واستخراج النفط والغاز (الشريان الحيوي لوحدات الحماية الكوردية). وعلى الأرجح، سيحتاج المصنع أيضاً بالحد الأدنى إلى بعض الموارد التي ينبغي جلبها من الساحل أو مناطق أخرى تحت سيطرة الجيش، مما يعطي دمشق يداً طولى في التأثير على عملية تشغيله. بعبارة أخرى، كي يُعاد تشغيل المصنع تحت سيطرة وحدات الحماية الكوردية، يجب أن يتم ذلك حتماً بموافقة حكومة الأسد و/أو حلفائها من التجار وحصولها على حصة كافية. ليس بالضرورة أن تمانع دمشق في ذلك، كما أن للأسد مصلحة في إنعاش الإقتصاد وإعادة إطلاق تجارة الإسمنت في الشمال، سيما وأن ذلك يساعده في إعادة بناء حلب. وإذا كان لصفقة مع الكورد حول جلبية أن تعيد تدفق أموال الضرائب من لافارج سورية إلى خزينة الدولة، وتتيح لحكومته فتح الأبواب مجدداً لشركة متعددة الجنسيات في سورية، فذلك أفضل بكثير.

سيرغب الرئيس السوري أيضاً في ترتيب صفقاته مع الإقليم الكوردي بحرص شديد، كيما يجد حلّاً وسطاً بين تعزيز سلطات الإقليم بصورة مفرطة من جهة والسماح له بالتوغل في عزلته تحت الوصاية الأمريكية من جهة أخرى. لعل اشتراك المؤسسات الحكومية ورجال الأعمال الموالين باستمرار في الصناعة الاستراتيجية لإقليم كردستان سورية هو أفضل ضمانة له كي يحتفظ بنفوذ طويل الأمد ويحبط النزعة الانفصالية. ثمة احتمال آخر، وهو أن تقرر الولايات المتحدة استخدام قوتها العسكرية والاقتصادية لمساعدة وحدات الحماية الكوردية في الانفصال عن دمشق. يدرك المسؤولون الأمريكيون جيداً  كما يبدو الدور الذي يمكن أن يلعبه مصنع جلبية في إعادة الإعمار، ويمكن للأمريكيين حتماً، لو رغبوا بذلك فعلاً، حشد الخبرات الضرورية، الدعم المالي، الموارد، والدعم اللوجستي لإبعاد الأسد وحلفائه عن عمل المصنع.

من شأن تدخلات كهذه في الاقتصاد المحلي أن تساعد في تطور استقلال الاتحاد الديمقراطي عن دمشق، فضلاً عن أنها تتلائم تماماً مع استراتيجية الولايات المتحدة الهادفة إلى إضعاف الأسد عبر وسائل إقتصادية. لكنها تتعارض من جانب آخر مع تردد الولايات المتحدة المشار إليه بخصوص ’’بناء-الدولة‘‘، ناهيك عن أن أي محاولة للخوض عميقاً في الاقتصاد الكوردي ستثير احتجاجات تركية مع مساع لتعطيلها أيضاً. يبقى موقع لافارج الأم في مجموعة هذه السيناريوهات قيد النظر. وسواء أدينت بتمويل الإرهاب أم لا، فإن الشركة السويسرية- الفرنسية تحتفظ بنسبة 98,67 بالمئة من ملكية لافارج سورية ومن مصنع جلبية بالمحصلة. أما حصة ال 1,33 بالمئة التي كانت مملوكة مسبقاً لفراس طلاس فقد صودرت من قبل الحكومة السورية. لا تبدو الشركة الأم LafargeHolcim متعجلة لإثارة بؤرة المشاكل المعقدة تلك، إنما يرجح أن تنتظر الشركة غالباً لترى مسار تطور الأوضاع قبل أن تقرر من هي الجهة الشرعية في شمال شرق سورية.
 

 
تدمير، فساد، إعادة إعمار
 
تمظهر الفساد في سورية قبل 2011 عبر شراكة ذات طابع سياسي بين الدولة والشركات، ثم تفاقم الأمر في حقبة بشار الأسد حيث تكونت عصبة محصّنة من رجال المال في القطاع الخاص مرتبطين بالنظام. وخلال الحرب تحول الفساد إلى وحش متعدد الرؤوس من اللاعبين العسكريين الذين يديرون شبكاتهم التجارية وعملياتهم الاحتيالية الخاصة للحصول على عوائد مالية. أسفرت الحاجة المستمرة للتجارة وغيرها من المبادلات عبر الجبهات العسكرية عن تشكل بيئة ملائمة لتجار الحرب والوسطاء الذين مارسوا دور الوساطة بين الأطراف المتحاربة. لأحدنا أن يجادل فيما إذا كان استمرار لافارج في العمل ضمن هذا المناخ أمراً مقبولاً من الناحية الأخلاقية أم لا. فمن ناحية، ضخت الشركة مالاً في منظومة اقتصادية غير قانونية ودفعت أموالاً لجماعات مسلحة، ومن ناحية أخرى؛ كان السوريون العاديون بحاجة الإسمنت لمختلف الأغراض المشروعة والمحمودة- كيف يمكن بغير ذلك إعادة بناء المشافي المقصو فة؟ - وكانت تلك هي الوسيلة الوحيد لمواصلة الإنتاج.

في كلتا الحالتين، يستحيل مواصلة العمل في جلبية بما يتطابق مع المتطلبات القانونية التي تعمل وفقها الشركة الأوروبية. وتكابد لافارج الآن نتائج محاولتها تجنب هذا التناقض الأساسي. مآزق مشابهة يواجهها عدد هائل من الفاعلين التجاريين في سورية، فضلاً عن المنظمات الإنسانية التي تحتاج إلى عبور خطوط المواجهة للوصول إلى المدنيين العزّل. ويصر الجميع على متابعة نتائج التحقيقات الفرنسية في سبيل معرفة ما يمكن اتباعه لتنظيم علاقاتهم الخاصة وسط الفاعلين المسلحين والوسطاء الاقتصاديين في سورية. تحظى هذه القضايا بأهمية إضافية نظراً لأن فاعلين خارجيين يجرون الآن مباحثات حول كيفية إنفاق أموال إعادة الإعمار في سوريا. ومن شأن تدفق أموال الدعم الخارجي إلى بلد لا يزال مقسماً أن تحدث تغييراً أكبر في العلاقات الاقتصادية التي تكونت خلال الحرب، وربما تعزز في المقام الأول دور أولئك الوسطاء المرتبطين بالنظام والذين يمتلكون مفاتيح العمليات التجارية الخاصة العابرة للحدود. إذا كان صناع السياسة الأمريكيون والأوروبيون عازمين على الاستثمار في الاتحاد الديمقراطي لشمال سورية مع تدعيم الأسد لسيطرته على معظم ما تبقى من سورية، سينتهي الحال بسورية بلداً مقسماً بصورة غير رسمية في المستقبل المنظور.

وسيكون لكل إقليم سوري استقلاله السياسي عن الآخر بدرجة أو بأخرى، لكن تبقى هذه الأقاليم متصلة من خلال بقايا الروابط المؤسسية والشبكات التجارية غير الرسمية التي تعود بمعظمها إلى دمشق. سيضمن ذلك لتجار الحرب أعمالاً جيدة على مدى سنوات تالية، معززاً قوتهم في مواجهة الحكومة المركزية ومؤسساتها، بينما، وهنا المفارقة، يساعد الأسد في المحافظة على مستوى من التأثير في القيادة الكوردية. إن مستقبل الشمال السوري على المدى البعيد مبهم بدرجة كبيرة. وإذا واصلت المصالح المحلية والدولية اندفاعها باتجاه إعادة الإعمار، فقد تحظى تلك البقعة الصغيرة من الأرض الخضراء في جلبية بالأهمية من جديد.

حتى مع تحول المدن في محيطه إلى خراب، ها هو ينتصب هناك مجللاً بالصمت دون أن تصبه الحرب بأضرار تذكر. إنه صرح تذكاري لسطوة المال: مصنع لافارج العملاق للإسمنت ينتظر الآن تسوية جديدة عابرة لخطوط النار.
 
تم هذا العمل بدعم جزئي من منحة بحثية قدمتها مؤسسة The Harry Frank Guggenheim، ومؤسسة كارنيجي- نيويورك.
 
المراجع
 
1- أخبرتني ليندا توم، مسؤولة مقيمة في دمشق تعمل مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، في تشرين الأول/أكتوبر أن أكثر من أربعة أخماس مدينة الرقة أصبحت غير مأهولة. للمزيد انظر:
Aron Lund, “The Islamic State Is Collapsing, but Raqqa Is in Ruins,” The Century Foundation, October 18, 2017, Link; Aron Lund, “Winter is coming: Who will rebuild Raqqa?” IRIN News, October 23, 2017.
2-  اندمجت شركة Lafarge الفرنسية مع شركة Holcim السويسرية عام 2015 لتولد الشركة الأم LafargeHolcim. انظر:
Holcim and Lafarge complete merger and create LafargeHolcim, a new leader in the building materials industry,” Lafarge, October 7, 2015, Link.
3- “Top Lafarge executives, including former CEO, indicted on terror financing charges,” France 24, December 9, 2018, Link.
4-Liz Alderman, “Lafarge Scandal Points to Difficulty for Businesses in War Zones,” New York Times, April 24, 2017, Link.
5-Aron Lund, “Rebuilding Syria’s rubble as the cannons roar,” IRIN News, March 8, 2017, Link.
6- صنفت منظمة الشفافية الدولية سوريا بين أكثر دول العالم العربي فساداً في 2010. تحتل سورية المركز 127 في القائمة مع لبنان والبلدان العربية التي صنفت بالأسوء كانت : موريتانيا (143)، اليمن وليبيا (146)، السودان (172)، والعراق(175). وكان ثلاث منها تعيش صراعاً عنيفاً و أخرى عانت كارثة من نوع مختلف: حكم القذافي القائم منذ خمسين عاماً. للاطلاع على التقرير الكامل:
“Corruption Perceptions Index 2010,” Transparency International, 2010, Link..
7- أو ’’أبناء السلطة‘‘ حسب ترجمة سلوى اسماعيل:
“Changing Social Structure, Shifting Alliances and Authoritarianism in Syria,” in Fred Lawson (ed.), Demystifying Syria (London: Saqi Books, 2009).
8- بسام حداد، شبكات الأعمال في سورية :
Business Networks in Syria: The Political Economy of Authoritarian Resilience (Palo Alto, CA: Stanford University Press, 2012), p. 76.
في الفترة السابقة للحرب، كان رامي مخلوف موضع بغض الناس العاديين على نطاق واسع في سورية، ورأت الولايات المتحدة في فرض العقوبات عليه وسيلة لكسب قلوب السوريين وعقولهم. انظر مثلاً:
“Maximizing the impact of Rami’s designation,” U.S. diplomatic cable released by Wikileaks, 08DAMASCUS70_a, January 31,2008., Link.
9- مقابلة الكاتب مع رياض الترك، دمشق، كانون الثاني/يناير 2008.
10-“Lafarge to Buy Orascom Cement for $12.8 Billion,” Reuters/CNBC, December 10, 2007, Link.
11- أسست أوراسكوم وماس في الأصل شركة سميت الشركة السورية للإسمنت (SSC) لبناء المصنع. على أن يعود الجزء الأكبر من ملكيتها لأوراسكوم للإسمنت مع نسبة صغرى (25 بالمئة) تركت لماس. وعندما تقدمت لافارج، غُير الاسم إلى لافارج سورية للإسمنت (LCS). تقلصت حصة ماس مع استمرار لافارج بضخ المزيد من المال في المشروع. ومع دخول المصنع مرحلة الإنتاج، احتفظت ماس بنسبة 1,33 بالمئة من ملكية لافارج سورية. انظر:
“shuraka baina mas al-souriya wa-orascom al-masriyya li-iqamat masnaa lil-isment,” Syrian Days, May 3, 2007, LinkThe U.S. Geological Survey Minerals Yearbook—2009, U.S. Geological SurveyLink; “Lafarge Cement-Syria Starts Ops, To Hit Full Capacity ’11 -Report,” Zawiya, October 16, 2010, available at LinkThe U.S. Geological Survey Minerals Yearbook—2011, U.S. Geological Survey, Link; Ralph Atkins, Erika Solomon, and Michael Stothard, “LafargeHolcim’s reputation at risk over alleged links with Isis,” Financial Times, March 19, 2017, Link.
12- الموقع الإلكتروني للافارج سورية للإسمنت:
(lafarge.com.sy) as captured on July 2, 2013, by the Wayback Machine, Link.
13-The U.S. Geological Survey Minerals Yearbook—2008, U.S. Geological Survey,, 2010, Link
كان العمل جارياً بإنشاء مصنع مماثل في حجمه ( البادية للإسمنت) من قبل مستثمرين سعوديين وأوروبيين بالقرب من دمشق بهدف تأمين إمدادات ثابتة من الإسمنت لجنوب سورية، بينما تتكفل لافارج سورية بشمالها. حيث يصعب نقل الإسمنت وسعر مبيع الكيلو الواحد قليل، الأمر الذي يقلص معدل المبيعات عملياً. الهدف من قيام المصنعين معاً كان مضاعفة استطاعة إنتاج الإسمنت في سورية بما يحقق الاكتفاء الذاتي حتى في حالة ارتفاع الطلب.
14- مقابلة هاتفية للكاتب مع جاكوب ويرنس. كانون الأول/ديسمبر 2017.
15- إيميل إلى الكاتب من مريم عباس. كانون الأول/ديسمبر 2017.
16- اتخذ القرار بالسماح بالاستثمار في قطاع الإسمنت عام 2004، ومنحت أولى الرخص في 2005.
إيميل إلى الكاتب من جهاد اليازجي. كانون الثاني/يناير 2018.
17-Myriam Ababsa, Raqqa: territoires et pratiques sociales d’une ville syrienne (Beirut: IFPO, 2009), p. 155. Available for free online at Link.
18- حاول الكاتب الاتصال مع فراس طلاس عدة مراد لكنه لم يحصل على رد.
19- حنا بطاطو: فلاحو سورية:
Hanna Batatu, Syria’s Peasantry, the Descendants of Its Lesser Rural Notables, and Their Politics (Princeton, NJ: Princeton University Press, 1999), p. 226-227.
20-Susanne Koelbl, “A 101 Course in Mideast Dictatorships,” Der Spiegel, February 21, 2005, Link.
21- هناك أيضاً ابن أخيه الجنرال طلال طلاس الذي بقي موالياً للحكومة وعين في 2012 نائباً لوزير الدفاع، ولفيف من الضباط الشباب ذوي الرتب الأدنى مثل المقدم  بشار طلاس والملازم أول محمد طلاس، والملازم الأول عبد الرزاق طلاس. وقد انشقوا جميعاً عن الجيش في 2011-2012 للانضمام إلى التمرد.
22-Salwa Ismail, “Changing Social Structure, Shifting Alliances and Authoritarianism in Syria,” in Fred Lawson (ed.), Demystifying Syria (London: Saqi Books, 2009), p. 19; “The story behind the defection of Syrian general Manaf Tlas,” Al-Arabiya, July 9, 2012, Link.
23-“The Procurement of Conventional Military Goods in Breach of UN Sanctions,” Report by the Special Advisor to the Director of Central Intelligence on Iraq’s Weapons of Mass Destruction, U.S. Central Intelligence Agency, September 2004, Link.
في 2010، صنف فراس طلاس الشركات التالية كجزء من مجموعة ماس الاقتصادية: ’’ شركة الصقر للصناعات الغذائية، شركة الأكرم المحدود للصناعات المعدنية، شركة الفجر لتحميص وإنتاج البن، شركة الجبل الأخضر للكونسروة، شركة ماس للهندسة والمقاولات، شركة أوراس للمقاولات الصناعية، شركة ماس للتصنيع المعدني، الشركة السورية لمعالجة اللحوم، الشركة السورية- الفنلندية لمنتجات الأجبان، شركة الجولان لصناعة اللحوم، شركة ماس للتسويق، المجموعة التجارية‘‘. المصدر:
www.firastlass.com as captured by www.archive.org on March 9, 2010.
24- إيميل للكاتب من جهاد اليازجي، كانون الأول/ديسمبر 2017. انظر:
Stephen Glain, “The Syria Report Survives as Independent Publication,” The New York Times, December 19, 2012, LinkThe Syria Report can be accessed on Link.
تسمية ماس هي اختصار ل : من أجل سوريا. سوقت الشركة نفسها باعتبارها أكبر من مجرد مشروع لجني الأرباح، في محاولة للظهور بمظهر الرافعة الوطنية لتطور الاقتصاد السوري ضد المصالح الأجنبية البغيضة. نجد توصيفاً لفراس طلاس على موقعه الرسمي باعتباره ’’ راعي الفنون [المعروف] بدعمه لحرية الفكر، وعضواً بارزاً في الأنتلجنسيا السورية.
25- فرنسا تدعو قادة العالم للقاء في يوم الباستيل :
AP/The Independent, July 14, 2008, Link.
26- وقعت توتال ثلاثة اتفاقية في مجال النفظ والغاز  في 4 أيلول/سبتمبر 2008:
Link; “Sarkozy’s visit yields victory for French oil company,” 08DAMASCUS646_a, Cable from the U.S. Embassy in Damascus dated September 15, 2008, released via Wikileaks, Link.
27- بنك عودة ولافارج سوريا للإسمنت يحتفلان بنجاح إبرام صفقة التسهيلات المالية لمشروع لافارج سوريا للإسمنت. انظر:
Bank Audi, January 13, 2010, Link.
28-Christian Chesnot and Georges Malbrunot, Les Chemins de Damas: Le dossier noir de la relation franco-syrienne (Paris: Éditions Robert Laffont, 2014), p. 227.
29- مقابلة هاتفية للكاتب مع بيت ويردر مسؤول العلاقات الإعلامية في LafargeHolcim. كانون الأول/ديسمبر 2017.
30- انظر ما كتبه فادي علوش ل Syria Steps، 14 تشرين الأول/أكتوبر 2010. متوفر على: الرابط.
31-Jacob Wærness, Risikosjef i Syria: På jobb mellom regime, opprørere og IS (Oslo: Pax, 2016), p. 53f; Wærness, interview, 2017. (Risikosjef i Syria is Wærness’s memoir about his experiences: see endnote 89.) 
وفرت مصانع أخرى الإسمنت لمناطق أخرى في سوريا، كما ذكرنا في الهامش 13، ومنها البادية للإسمنت الذي أنشاه مستثمرون سعوديون، إيطاليون، وسوريون في نفس فترة إنشاء لافارج سوريا تقريباً. يقع مصنع البادية للإسمنت شمال شرق دمشق بالقرب من الضّمير، وقد حافظ على الإنتاج طوال الحرب رغم أنه عانى ضربات موجعة من الدولة الإسلامية في 2016. وهو يبيع الإسمنت لدمشق، وجنوب ووسط سوريا إضافة إلى الساحل. انظر التقرير السنوي للبادية للإسمنت عام 2016 : الرابط.
32-Jacob Wærness, Risikosjef i Syria: På jobb mellom regime, opprørere og IS (Oslo: Pax, 2016).
33- إجراءات تمييزية مثل منع الاحتفالات بالنيروز والحرمان من حق المواطنة للعديد من الكورد سرعان ما أبطلت أوائل 2011. لاقى هذا التغيير ترحيب عدد كبير من الكرد لكن بعد مضي نصف قرن من الزمن لم يكن ذلك ليبدو تغييراً موثوقاً. حول قمع الكرد والقوانين المجحفة بحقهم انظر:
Harriet Montgomery, The Kurds of Syria. An existence denied (Berlin: Europäisches Zentrum für Kurdische Studien, 2005), and Jordi Tejel, Syria’s Kurds: History, politics and society (Abingdon, UK: Routledge, 2009).
34- في كتابه حول مصنع جلبية، يشير مدير المخاطر السابق في لافارج سوريا جاكوب ويرنس إلى وجود تعصب ضد الكورد وعدم رغبة في التعاطي مع السكان المحليين بين المدارء العرب للافارج سورية. ويذكر أيضاً أن الكورد في المنطقة كانوا مسيّسين بكثافة أواخر 2011/ أوائل 2012. وبحسب توقعات ويرنس، كان ثلث الكورد تقريباً منحازين إلى حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وثلث آخر انحاز إلى المجلس الوطني الكوردي (الذي انحاز آنذاك على نحو ما إلى القائد الكوردي العراقي مسعود برزاني، لكنه برز في النهاية كوكيل بصورة أكثر وضوحاً). أما الثلث الباقي فلم يقرر أو لم يكن مستعداً للكشف عن وجهة نظره. كما يشير ويرنس إلى تنافس الأحزاب الكوردية مع بعضها ولجوئها إلى التجنيد بوسائل فظة وقسرية. انظر: Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 58-60. المثير للاهتمام هو أن معظم الكورد في سورية من المسلمين السنّة، غير أن سكان بعض القرى الأيزيدية شديدة الفقر في المنطقة القريبة من جلبية التحقوا بالحزب الشيوعي (إيميل من مريم عباس إلى الكاتب، كانون الثاني/يناير 2017).
35-Aron Lund, “How Assad’s Enemies Gave Up on the Syrian Opposition,” The Century Foundation, October 17, 2017, Link.
36-Clara Portela, “The EU’s Sanctions against Syria: Conflict Management by Other Means,” Security Policy Brief No. 38, Egmont Royal Institute for International Relations, September 2012, Link.
37-Eric Watkins, “Total exits Syria following tightened EU sanctions,” Oil & Gas Journal, December 7, 2011, Link.
38- ’’ رغبنا في مواصلة تشغيل المصنع طالما لم ننتهك العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة.‘‘ هذا ما يقوله جاكوب ويرنس الذي بدأ عمله كمدير للمخاطر في أيلول/سبتمبر 2011 ، وقام برحلات مكوكية بين دمشق وجلبية. ويضيف:’’ كانوا ينشرون لائحة العقوبات بانتظام، وقد قرأناها ووجدنا أننا لم نكسر أياً من هذه العقوبات. (مقابلة مع ويرنس عام 2017). 
39- يحاجج ويرنس قائلاً:’’ لا أعتقد أننا أدركنا أهمية التجارة في مرحلة ما بعد الصراع أول الأمر لأننا لم نعرف حينها أن دماراً كهذا سيحدث. لقد علمنا بالأحرى أننا إن أخلينا المصنع، فسوف يُدمر، ينهب، يفكك، ويستخدم كقاعدة من قبل المعارضة وهلم جرّا.‘‘ مقابلة مع ويرنس، 2017.
40- مقابلة مع ويرنس، 2017.
41-  يذكر أن الموظفين في 2012 حاولوا أن يخفوا عن مدراء المصنع تعرضهم للإيقاف والاستجواب عند نقاط التفتيش التابعة للمتمردين أثناء قدومهم إلى العمل، مخافة أن تأمر لافارج بالانسحاب في حال بدا أن الوضع غير آمن تماماً. ويرنس : Risikosjef i Syria, 2016, p. 88f..
42- Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 211.
43- حول العلاقة السورية مع حزب العمال الكوردستاني، انظر:
Montgomery, The Kurds of Syria, 2005, p. 130ff. استهدفت السياسة القمعية للدولة داعمي حزب العمال بصورة مفرطة خلال الفترة الممتدة بين 2000-2010، بما يتجاوز دورهم المتوقع كأكبر تنظيم كوردي في سورية. تكون المشهد السياسي الكوردي قبل 2011 من 16 حزباً سياسياً، لكن ثلثي قضايا الإدانة بممارسة النشاط السياسي غير القانوني شملت مؤيدين لحزب العمال الكوردستاني.
 “Human-rights violations since 2009,” KurdWatch, February 14, 2012, Link.
44-  في عدة مقابلات للكاتب مع ممثلين عن الحزب في 2011،2012، و 2013 -  بمن فيهم صالح مسلم محمد الذي كان حينها رئيس الحزب- أنكر حزب الإتحاد الديمقراطي بشدة توصله إلى أي تفاهم مع الحكومة السورية.
45- مقابلة مع ويرنس 2017.
46- مقابلة عبد القادر صالح مع أحمد زيدان في برنامج لقاء اليوم على قناة الجزيرة. 11 آب/أغسطس 2012.
47-Yasser Munif, “Participatory Democracy and Micropolitics in Manbij: An Unthinkable Revolution,” The Century Foundation, February 21, 2017, Link.
48-Aron Lund, “Syrian Jihadism,” UI Brief No. 13, Swedish Institute for International Affairs, September 14, 2012, available at Link.
49- مقابلة للكاتب مع رجل أعمال سوري مغترب من حلب عام 2013.
50- مقابلة مع ويرنس 2017.
51- كان معظم موظفي لافارج الأجانب، البالغ عددهم حوالي 130، مصريين وظفتهم أوراسكوم للإسمنت. أواسط 2012، أثار الوضع الأمني قلق كثير منهم ورغبوا في الرحيل. كما نقل معظم الطاقم الإداري عملياته إلى القاهرة بعد صيف العام 2012. رفض مقاول صيني وظفته لافارج سورية التعاون وحاول المماطلة في المغادرة بقدر ما أمكنه ذلك، خشية أن يخسر عقد عمله إن غادر سورية. وكان الإخلاء الأخير حدثاً غريباً، حيث وظف ويرنس أحد قادة المتمردين وتمكن معه من تهريب آخر العمال الصينيين (وعددهم سبعة عشر) على طول الطريق حتى المكتب الحدودي في جرابلس التي يسيطر عليها المتمردون وهناك تحدثوا مع جماعة من حرس الحدود التركي المرتبك وتمكنوا من إقناعهم. مقابلة مع ويرنس 2017،
Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 155
52- Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 172. بحسب سجلات الحكومة السورية المزعومة والتي سربت إلى صحيفة زمان الوصل المعارضة، أدرج ويرنس ضمن قائمة تضم خمسة وسبعين نرويجياً مطلوبين للاعتقال.
Kristian Elster, Christine Svendsen, and Mohammed Alayoubi, “Jacob (39) står på Assads arrestliste,” Norwegian Public Radio, June 28, 2016, Link.
53- مقابلة مع ويرنس 2017.
54- مقابلة مع ويرنس 2017.
55- مقابلة مع ويرنس 2017.
56- أطلقت الجماعة في البداية على نفسها اسم صقور الصحراء لكنها ادّعت لاحقاً أنها جزء من تحالف أكبر للجيش الحر عُرف بلواء الحق. Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 106ff.. توجد صورة طبق الأصل عن رسالة الفدية المرسلة من لواء الحق في كتاب ويرنس.(الصفحة 14).
57- حسب ويرنس، تضمنت مجموعات الجيش الحر المشاركة في الخطف لواء القعقاع ( بقيادة رجل اسمه أبو النور) و مقره جرابلس أو منبج، بعض المجموعات المقيمة في منبج: لواء اليرموك ( بقيادة أبو خالد البكاري)، كتيبة النعمان، وكتيبة أبي أيوب الأنصاري، إضافة بعض الأعضاء من مجلس منبج الثوري. استخدمت جماعات آخرى لا صلة لها بعملية الخطف ولا بالجماعات المذكورة الأسماء نفسها أيضاً.
Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 106ff, 143..
58- يذكر ويرنس في كتابه أن أحد الموظفين المخطوفين كان ابن أخ الزوجة الأولى لنائب وزير الدفاع آصف شوكت الذي قُتل في دمشق قبل عدة أشهر. وتزوج آصف شوكت بشرى الأسد الأخت الكبرى لبشار الأسد بعدها وكانت سبب صعوده في الجيش بعد زواجهما عام 1994. لم يكن للزوجة الأولى المنفصلة منذ زمن طويل أي نفوذ في النظام، الأمر الذي تقبله المتمردون في النهاية.
Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 130..
59- مقابلة مع ويرنس 2017.
60- حسب رواية الفايننشال تايمز، دفعت لافارج سورية 220,000 يورو لتحرير الرهائن، ويشير ويرنس إلى مبلغ قدره 25 مليون ليرة سورية إلى من تعاقدت معه لافارج للتفاوض حول الخاطفين (محمد المنبجي من الجيش السوري الحر للمجلس العسكري في منبج) والذي سرق منها 9 ملايين. رفض المتحدث باسم لافارج التعليق على موضوع الفدية متعذراً بأسباب أمنية.
Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 125ff; Ralph Atkins, Erika Solomon, and Michael Stothard, “LafargeHolcim’s reputation at risk over alleged links with Isis,” Financial Times, March 19, 2017 Link; Wærness, interview, 2017; Author’s interview with Beat Werder, head of media relations at LafargeHolcim, phone, December 2017.
61- كل الاقتباسات من مقابلة الكاتب مع ويرنس، للمزيد حول الاجتماع مع الخاطفين انظر:
Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 14ff, 136ff. According to Wærness (p. 220). ثلاثة عشر من عمال لافارج سورية أو آخرين على صلة بالمعمل تعرضوا للخطف بين آب/أغسطس 2012 وأيلول/سبتمبر 2013.
62- مقابلة مع ويرنس 2017.
63- مقابلة للكاتب مع مصدر زورده بمعلومات حول شؤون عائلة طلاس. 2016.
64- مقابلة للكاتب مع أحد المنشقين الرستناويين عن الجيش. ستوكهولم 2016.
65- ذكر أن مناف طلاس احتج على بعض تكتيكات القوات الحكومية، معتبراً أنها تعسف غير مبرر وتأتي بنتائج معاكسة. خلال عمله كقائد للواء 104 في الحرس الجمهوري المتمركز في دمشق، حاول ترتيب مفاوضات مع المتظاهرين والزعماء الدينيين في المناطق التي كُلف بالتعامل معها وهي دوما ومناطق أخرى في محيط العاصمة ولكن ليس الرستن. ويبدو أن أحس بتجاهل الأسد له وقد غضب حين سمح الرئيس لقادة آخرين باقتحام ’’مدينته‘‘ وعطل المحادثات إثر اعتقاله مفاوضي المعارضة. أواخر 2011 وبداية 2012، جرى تحييد مناف لصالح نائب قائد اللواء العقيد عصام زهر الدين التي تولى قيادة الوحدة رسمياً بعد انشقاق طلاس.
66- ’’انشقاق عميد مقرب من الأسد‘‘. موقع الجزيرة. 6 تموز/يوليو 2012. الرابط.
67- محمد نصار:’’ رجل الأعمال فراس طلاس: 45 ضابطاً من عائلتي انشقوا عن النظام.. ووالدي حزين وصامت‘‘:
al-Sharq al-Awsat, July 13, 2012, Link; Ruth Sherlock, “One of Syria’s richest men to help fund a rebel army,” Daily Telegraph, September 27, 2012, Link.
68- ’’ وزير الدفاع المخضرم طلاس يرحل في باريس عن 85 عاماً‘‘:
Reuters, June 27, 2017, Link.
69- ’’ بالأسماء: الحجز على أموال رجال وسيدات أعمال سوريين بتهم تمويل الإرهاب‘‘:
  al-Iqtisadi, November 3, 2012, Link
في 2013، ذكر أن محكمة مكافحة الإرهاب أمرت بمصادرة شركة ماس وحكم على فراس طلاس بالإعدام غيابياً.’’ محكمة الإرهاب في سورية تصدر أحكاماً بإعدام نائب الرئيس السوري الأسبق ونجل وزير الدفاع السوري الأسبق.‘‘:
DamPress, June 15, 2013, Link.
70- أخبرني مسؤول العلاقات الإعلامية في الشركة الأم بيت ويردِر أن طلاس بقي في مجلس إدارة لافارج سورية حتى بداية العام 2014 (إيميل في كانون الثاني/يناير 2018). وقد تلقت ماس مدفوعات مالية وفقاً للتحقيق الداخلي الذي أمرت لافارج بإجرائه.
71- رأت الحكومة في المصنع مورداً للدخل المنتظم (الضرائب والرسوم)، وركيزةً استراتيجية للمستقبل، لاسيما لإعادة الإعمار بعد الحرب. كما أن الاحتفاظ بشركة أوروبية كبرى في سورية أمر مفيد للحكومة، ويذكر ويرنس أن الحكومة السورية حرصت على حماية المصنع ’’كوسيلة للمحافظة على العلاقة بفرنسا رغم انقطاع جميع القنوات الدبلوماسية.‘‘ ” Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p, 85. .
72- مقابلة مع ويرنس 2017.
73- يقول ويرنس الذي اعتمد على طلاس لبناء صلات مع الجماعات المتمردة في شمال سورية:’’ كان المتمردون على استعداد للعمل مع فراس طلاس لأسباب اقتصادية في معظم الحالات. لم يتمتع بقدر كبير من السلطة السياسية، كما لم تكن سمعته بين المتمردين طيبة جداً. فقد اعتبروه انتهازياً، وكان ولاؤهم مقروناً بما يدفعه لهم من أموال. مقابلة مع ويرنس 2017.
74-Renaud Lecadre, “Firas Tlass, «partenaire local» de Lafarge en Syrie,” Libération, December 14, 2017, Link.
75- يورد التقرير السنوي للمؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية، والمتاح على موقعها الإلكتروني، قائمة من ثلاث صفقات مع لافارج في 2012. تتعلق الأولى، التي تم التوصل إليها في 4 كانون الثاني/يناير2012، بأمر شراء ل 650,000 طن من الرماد البركاني بقيمة 216,5 مليون ليرة سورية ( ما يعادل 3 مليون دولار حينها) من مقلع المناخر شرق الرقة. التقرير السنوي 2013 ليس متاحاً على الموقع. بينما يظهر مقلع المناخر في التقرير السنوي2014 كموقع خامل. انظر: الرابط.
76- مقابلة مع ويرنس 2017.
77- مقابلة مع ويرنس 2017.
78- وفقاً لويرنس: Risikosjef i Syria, 2016, p. 116ff. حضر الاجتماع الفصائل التالية: مجلس منبج الثوري ممثلاً بمحمد المنبجي- مجلس حلب السياسي ممثلاً بسعد الوفائي – المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر (كوكبة من فصائل الجيش الحر المدعومة خارجياً) ممثلاً بلؤي المقداد – لواء الفاتح ممثلاً بنور الهلال أبو بكر- ولواء صقور الشهبا بقيادة محمد طلاس ابن أخ فراس. حسب قول ويرنس؛ أحسّ هو وزملاؤه في لافارج أن هذه الفصائل تنتمي إلى الجيش السوري الحر، وكانت على صلة بالحكومات الأمريكية، البريطانية، والفرنسية، وبدا له أن العمل معهم يخلو من المخاطر (من ناحية العقوبات على الأقل). رفضت الشركة عروضاً للاجتماع مع جماعات صُنفت إرهابية. ’’ سألني مندوب من الدولة الإسلامية عبر وساطة إن كان لدي رغبة في مقابلتهم صيف العام 2013، لكنا شعرنا بأن ذلك لن يكون صائباً.‘‘ مقابلة مع ويرنس 2017.
79- ’’ لم يكن دفع المال مباشرة لتلك الجماعات جزءاً من سياستنا على الإطلاق. لم أعط مالاً لأي جماعة من المتمردين، باستثناء فدية دفعتها لتحرير الموظفين التسعة المختطفين، ولقاء بضعة خدمات محددة مثل تأمين المرافقة المسلحة لحماية حركة المواصلات. في تلك الحالات، وقّعنا اتفاقيات وسلمنا الأموال بناء على إيصالات. وكان هؤلاء من مجموعات المتمردين المعتدلة من منبج أو جرابلس‘‘. مقابلة مع ويرنس 2017.
80- مقابلة مع ويرنس:
Soren Seelow, “Lafarge en Syrie : trois cadres du cimentier mis en examen,” Le Monde, December 1, 2017, Link.
81-Soren Seelow, “Lafarge en Syrie : trois cadres du cimentier mis en examen,” Le Monde, December 1, 2017, Link.
82-“Les dessous du pacte entre Lafarge et Daech en Syrie,” Capital, October 6, 2017, Link.
83- تشكلت جبهة النصرة، جماعة سلفية جهادية سورية، أواخر العام 2011 وأعلنت عن نفسها رسمياً في كانون الثاني/يناير 2012. في البداية، كانت تنظيم مواجهة لجماعة جهادية عرفت آنذاك بالدولة الإسلامية للعراق، وعملت كشريك محلي للقاعدة في العراق. بعد تصاعد التوتر بين القيادتين السورية والعراقية، سعت الدولة الإسلامية للعراق للاستحواذ على جبهة النصرة تماماً في نيسان/أبريل 2013 حيث أعلنت عن دمج عابر للحدود فيما عرف باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام (ISIL). أدى ذلك إلى تدهور الصراع مع الداعمين الدوليين والسوريين للقاعدة الذين رفضوا قبول الاندماج وأيدوا الفصيل المتبقي من النصرة في سورية فقط. دخلت الجماعتان في صراع علني منذ بداية 2014. وبعد استيلائها على الموصل والمناطق الأخرى صيف العام 2014، أعلنت الدولة الإسلامية في العراق والشام نفسها خلافةً واختصرت اسمها للدولة الإسلامية. غيرت جبهة النصرة تسميتها إلى فتح الشام في 2016 ثم إلى تحرير الشام في 2017 معلنة قطع صلاتها بالقاعدة.
84- Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 188. On p. 226. يكتب ويرنس أيضاً :’’ تمت هذه التحويلات بمعرفة لافارج سورية. لم يكن واضحاً في بداية 2013 من هي الجهة التي يتواصل معها الوسطاء في الرقة، ثم تبين لاحقاً في صيف ذلك العام أنها كانت الدولة الإسلامية.‘‘
85- مقابلة الكاتب مع ابراهيم الإدلبي مدير المكتب الإعلامي لألوية أحفاد الرسول عبر السكايب، حزيران/يونيو 2013. للمزيد حول الجماعات التي استولت على الرقة انظر:
The Raqqa Story: Rebel Structure, Planning, and Possible War Crimes,” Syria Comment, April 4, 2013, Link.
86-Alison Tahmizian Meuse, “In Raqqa, Islamist Rebels Form a New Regime,” News Deeply, August 16, 2013, Link.
87-“Islamists execute up to 100 rivals as Raqqa falls from control of Western-backed rebels,” Reuters/The Telegraph, January 13, 2014, Link.
88- جزء كبير من المال كان معدّاً على الأرجح كمدفوعات للمواد الأولية والخدمات الأخرى ذات الصلة، مع تخصيص جزء من المجموع الكلي لصالح الجماعات المسلحة مباشرة. وفقاً للصحيفة الفرنسية الساخرة Le Canard enchaîné ، خلص التحقيق الداخلي في لافارج إلى أن لافارج سورية دفعت ما مجموعه 5,56 مليون دولار لجماعات مسلحة سورية بين تموز/يوليو 2012 و أيلول/سبتمبر 2014، وصل منها إلى الدولة الإسلامية 509,694 دولار. ليس واضحاً بالنسبة لي كيف يمكن مطابقة هذه الأرقام مع الأرقام الواردة في التحقيق الداخلي، ولعلها ترتبط بموجودات أخرى.
Yannick Vely, “Le groupe Lafarge aurait versé plus de 500 000 dollars à l’Etat islamique,” Paris Match, November 23, 2017, Link.
89- على سبيل المثال، أوردت تقارير أن أحمد جمال ومحمد الطويل، اللذين يعتقد أنهما من موردي النفك والبوزولانا في الرقة من خلال صلتهما بالدولة الإسلامية، بدءا بتلقي مدفوعات مالية في تشرين الأول/ أكتوبر و تشرين الثاني/نوفمبر 2013. بلغت مدفوعات لافارج سورية لهذين الرجلين حوالي 2,5 مليون دولار على امتداد السنة التالية. يبدو أن رجل أعمال سوري-كندي هو عمرو طالب شارك في هذه الترتيبات، فقد أدرج اسمه في الوثائق التي تمخضت عن التحقيق الداخلي باعتباره ’’ مستشاراً سابقاً للافارج سورية ووسيط لدى الدولة الإسلامية معترفٌ به‘‘ وقد تلقى ما يفوق 220,000 دولار من لافارج سورية.
90-“Les dessous du pacte entre Lafarge et Daech en Syrie,” Capital, October 6, 2017, Link.
91- كان الراتب الأساسي الذي تدفعه الولايات المتحدة وحلفاؤها لفصائل الجيش السوري الحر 150 دولار للفرد شهرياً ويزيد على ذلك للقادة. تلقى المقاتلون الذين يحاربون الدولة الإسلامية وتدعمهم الولايات المتحدة ما بين 250-400 دولار شهرياً في 2015. ويذكر أن المقاتلين في صفوف الدولة الإسلامية كانوا يتلقون الرواتب الأعلى غالباً حيث يتحدث تقرير عن راتب شهري بين 400-600 دولار للمقاتل شهريا في 2014. تشير وثائق داخلية للدولة الإسلامية جمعها أيمن التميمي، وهو خبير في النظام البيروقراطي للجماعة، إلى تدني الرواتب بشكل ملحوظ في 2015 و 2016 ( 50 دولار شهرياً) ويضاف إلى هذا الراتب الأساسي مخصصات العائلة.
Mariam Karouny, “In northeast Syria, Islamic State builds a government,” Reuters, September 3, 2014, Link; David Alexander, “U.S. military pays Syrian rebels up to $400 per month: Pentagon,” June 22, 2015, Link; Aymenn Jawad al-Tamimi, “Specimen 14U: Salary scheme table for the Al-Bara’ bin Malek Battalion members,” Archive of Islamic State Administrative Documents (cont.), January 11, 2016, Link; Aymenn Jawad al-Tamimi, “A Caliphate under Strain: The Documentary Evidence,” CTC Sentinel, April 22, 2016, Link; Erika Solomon, “The rise and fall of a US-backed rebel commander in Syria,” Financial Times, February 9, 2017, Link. See also Aron Lund, “A Fistful of Dollars: The Dwindling Value of Syrian State Salaries,” The Century Foundation, May 13, 2016, Link.
92- Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 232..
93-
Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 172; Camilla Botilsrud Sagen, “Norske Jacob (38) er ettersøkt av IS,” Norwegian Television Channel 2, September 8, 2016, Link.
94-
Kristian Elster, Christine Svendsen, and Mohammed Alayoubi, “Jacob (39) står på Assads arrestliste,” Norwegian Public Radio, June 28, 2016, Link.
95- مضى ويرنس، المقيم في زيورخ حالياً، للعمل كمستشار في تطوير الأعمال ومخاطر أمن البلد في الشرق الأوسط وشمال إفريقية. ونشر كتابه عن سورية في آب/أغسطس 2016:
Risikosjef i Syria: På jobb mellom regime, opprørere og IS(“Risk Manager in Syria: Working between the Regime, the Rebels, and the IS”.
96- ذكرت مصادر زمان الوصل أن ’’ العلاقة بين لافارج سورية ومختلف الجماعات المسلحة في محيط المصنع قديمة، وأن من أرسى هذه العلاقة هو مدير المخاطر النرويجي جاكوب. بينما رسّخ مدير المخاطر الجديد (خليفةجاكوب) أحمد الذين عُين في 2013 العلاقة مع تنظيم الدولة الإسلامية. إيثار عبد الحق:’’ بالمستندات والشهادات..’ زمان الوصل تفتح ملف علاقة أكبر شركة للإسمنت  في العالم بتنظيم الدولة‘:
” Zaman al-Wasl, February 18, 2016, Link. See also Le Monde, which draws on the same set of documents: “Comment le cimentier Lafarge a travaillé avec l’Etat islamique en Syrie,” Le Monde, June 21, 2016, Link.
97- كان عضواً في مجلس إدارة الشركة في سورية، وكانت أسهمه حوالي 1 بالمئة. وقد ترك المجلس بداية 2014. هكذا أخبرني مسؤول العلاقات الإعلامية بيت ويردر، وأضاف أن طلاس ’’ لم يعد يملك أية أسهم، وليس له علاقة بنا‘‘. مقابلة مع ويردر 2017.
98- ’’الحكومة السورية تصادر ملكية فراس طلاس في معمل لافارج‘‘:
al-Iqtisadi, August 21, 2014, Link.
99-  مع تغير الأحوال التي أصبحت أشبه ببراري الغرب كما تعلم حيث سيط المتمردون على المعابر الحدودية، بدأنا نرى قدوم الإسمنت من تركيا. كان استيراد الإسمنت إلى سورية مخالفاً للقانون فيما مضى – ولا يزال كما أظن- الأمر الذي مكّن المنتجين المحليين من احتكار السوق المحلي. مع مرور الوقت، اكتشف المتمردون أن سعر مبيع الإسمنت منخفض للغاية في جنوب تركيا حيث امتلكت المصانع المحلية فائضاً في الإنتاجية، فشرعوا في استيراد الإسمنت من تركيا. كانت الشاحنات التركية أول الأمر تعمل وفق الدفع الآجل مما جعل العمل أكثر ربحاً، وفي المقابل، كان السائقون يملؤون شاحناتهم بالكيروسين المدعوم في سورية ليبيعوه بسعر أعلى عند عودتهم إلى تركيا. شكل استيراد الإسمنت ضغطاً على الأسعار وقلص هوامش ربحنا مع ارتفاع كلفة الإنتاج. لم تكن مواصلة تشغيل المصنع عملاً مربحاً مطلقاً، بل كان الهدف تقليص الخسائر وحماية المنشأة من التدمير.‘‘ مقابلة مع ويرنس 2017.
100- يازجي: إيميل إلى الكاتب، 2017.
101-ISIL recaptures Raqqa from Syria’s rebels,” Al Jazeera, January 14, 2014, Link; Yasser Munif, “Participatory Democracy and Micropolitics in Manbij: An Unthinkable Revolution,” The Century Foundation, February 21, 2017, Link.
102-Aron Lund, “Who Are the Soldiers of the Islamic State?” Carnegie Endowment for International Peace, October 24, 2014, Link.
103-David Doyle, “Islamic State video shows Assad army base massacre,” Channel 4 News, September 9, 2014, Link.
104-Battle for Kobane: Key events,” BBC, June 25, 2015, Link.
105-Chris Johnston, “Turkey opens border to 45,000 Kurds fleeing Isis militants in Syria,” The Guardian, September 21, 2014, Link.
106-Ralph Atkins, Erika Solomon, and Michael Stothard, “LafargeHolcim’s reputation at risk over alleged links with Isis,” Financial Times, March 19, 2017, Link.
107- ’’تحرير معمل الشلبية [كذا]‘‘ فيديو دعائي أصدرته ولاية الرقة في الدولة الإسلامية. يشير ويرنس إلى أن خزان وقود أحرق خلال الهجوم على يد وحدات الحماية الكوردية غالباً.
Waerness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 244. .
108-“Lafarge evacuates Syrian plant on security grounds,” Reuters, September 25, 2014, Link.
109- Wærness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 243. 
110- “Battle for Kobane: Key events,” BBC, June 25, 2015, Link.
111-Aron Lund, “Why the Victory in Kobane Matters,” Carnegie Endowment for International Peace, February 13, 2015, Link.
112- مقابلة للكاتب مع جيسبر سودر Jesper Söder ، مقاتل سويدي تطوع للقتال مع وحدات الحماية الكوردية آنذاك. كانون الثاني/يناير 2018.
113-Aron Lund, “Taking the October Dam: Syria’s Kurds Keep Hitting the Islamic State,” Carnegie Endowment for International Peace, December 28, 2015, Link; Aron Lund, “Manbij: A Dress Rehearsal for Raqqa?,” Carnegie Endowment for International Peace, August 10, 2016, Link; Aron Lund, “The Islamic State Is Collapsing, but Raqqa Is in Ruins,” The Century Foundation, October 18, 2017, Link.
114-Benjamin Barthe, Allan Kaval, and Madjid Zerrouky, “L’usine Lafarge en Syrie est devenue une base des forces spéciales occidentales,” Le Monde, June 21, 2016, Link.
115- تحرير سوري على تويتر : الرابط. مقابلة للكاتب مع مصادر مجهولة.
116- إيثار عبد الحق :الرابط.
117-“Comment le cimentier Lafarge a travaillé avec l’Etat islamique en Syrie,” Le Monde, June 21, 2016, Link.
118-“French company Lafarge sued for Financing ISIS and Complicity in War Crimes and Crimes Against Humanity in Syria,” Sherpa, November 15, 2016, Link.
119-Jean-Yves Guérin and Bertille Bayart, “LafargeHolcim dans la tourmente de ses anciennes affaires syriennes,” Le Figaro, December 3, 2017, Link.
120-“Of course, it is easy to say with hindsight,” LafargeHolcim chairman Beat Hess told Le Figaro in early December, “but [the company] certainly took too long to withdraw from Syria. All of this should have been avoided.” Bertille Bayart and Jean-Yves Guérin, “Beat Hess: «Il y a eu des erreurs inacceptables que LafargeHolcim regrette et condamne»,” Le Figaro, December 3, 2017, Link. See also company statements on this subject: “Précisions de LafargeHolcim sur ses opérations en Syrie,” Lafarge, November 16, 2016, Link; “Réponse de LafargeHolcim à l’enquête sur la Syrie,” Lafarge, March 2, 2017, Link.
121-Bertille Bayart, “Le patron de LafargeHolcim quitte le groupe,” Le Figaro, April 24, 2017, Link; John Revill and Oliver Hirt, “CEO to go after LafargeHolcim admits paying Syrian groups,” Reuters, April 24, 2017, Link.
122-“France’s Lafarge paid Daesh to continue operating in Syria, former employees say,” AFP/Daily Sabah, September 22, 2017, Link.
123- ’’ الإمارات تعتقل فراس طلاس على خلفية قضية لافارج‘‘ : الرابط
عبد الرزاق النبهان’’ أنباء عن اعتقال الإمارات نجل وزير الدفاع السوري السابق‘‘. القدس العربي: .الرابط;
توقيف فراس طلاس في الإمارات : اشتباه بتمويل الإرهاب‘‘. صحيفة المدن 20 تشرين الأول/أكتوبر 2017.
“Police search Lafarge headquarters as part of Syria investigation,” RFI, November 14, 2017, Link.
زعم مصدر سوري (في مقابلة مع الكاتب، شباط/فبراير 2017) أن متاعب فراس القانونية قد تكون مرتبطة بأعماله في الإمارات العربية المتحدة، أو ربما بأعماله في لافارج في الوقت نفسه. لم يمكن الحصول على تعقيب من فراس طلاس خلال إعداد هذا التقرير باعتباره رهن الاعتقال منذ تشرين الأول/أكتوبر 2017.
124- ذكرت تقارير أن موظفي لافارج الإداريين الخاضعين للتحقيق هم : برونو بيشوا الرئيس التنفيذي للافارج سورية بين 2008-2014، فريدريك جوليبوا الرئيس التنفيذي للافارج سورية لفترة وجيزة عام 2014، جان-كلود فيلارد مدير أمن لافارج المقيم في باريس، برونو لافون الرئيس التنفيذي للشركة الأم بين 2007-2015، كريستيان هيراول نائب الرئيس التنفيذي السابق، وإيريك أولسون الرئيس التنفيذي للشركة الأم LafargeHolcim 2015-2017.
Soren Seelow, “Lafarge en Syrie : trois cadres du cimentier mis en examen,” Le Monde, December 1, 2017, Link; “Lafarge en Syrie : deux responsables, dont l’ex-PDG Bruno Lafont, mis en examen,” AFP/Libération, December 8, 2017, Link; David Keohane, “Ex-LafargeHolcim CEO under investigation in Syria terrorist financing probe,” Financial Times, December 8, 2017, Link.
125- مقابلة مع ويردر 2017.
126-Nour Samaha, “The Black Market Kings of Damascus,” The Atlantic, October 3, 2016, Link; Nour Samaha, “Elites, War Profiteers Take Aim at Syria’s Economic Future,” Syria Deeply, September 18, 2017, Link.
127-Samer Abboud, “The Economics of War and Peace in Syria: Stratification and Factionalization in the Business Community,” The Century Foundation, January 31, 2017, Link.
128- إيميل إلى الكاتب من سامر عبود، كانون الثاني/ديسمبر 2017.
129- Samer N. Abboud, Syria (Cambridge, UK: Polity, 2015).
130- على سبيل المثال، أوردت تقارير أن النائب عن حلب وتاجر الحبوب حسام القطرجي أصبح لاعباً رئيسياً في تجارة القمح بين شرق سورية وغربها الذي يسيطر عليه الأسد، حيث بقيت السلطات طرفاً مشاركاً في سوق الحبوب من خلال الضوابط والأسعار المدعومة من الدولة. ويقال أن رجل أعمال من دمشق هو محي الدين منفوش راكم ثروة خلال الحرب عبر لعب دور الوسيط في صفقات تجارية بين القادة العسكريين  والمتمردين في منطقة الغوطة مستغلاً ارتفاع الأسعار الذي تسبب به حصار النظام.
Michael Georgy and Maha El Dahan, “How a businessman struck a deal with Islamic State to help Assad feed Syrians,” Reuters, October 11, 2017, Link; Aron Lund, “Into the Tunnels: The Rise and Fall of Syria’s Rebel Enclave in the Eastern Ghouta,” The Century Foundation, December 21, 2016, Link; Aron Lund, “The man-made disaster in Syria’s Eastern Ghouta,” IRIN News, December 19, 2017, Link.
131-“EU accuses Syrian man of buying IS oil for govt; he denies charge,” Reuters, March 8, 2015, Link; Erika Solomon, “Isis Inc: Syria’s ‘mafia-style’ gas deals with jihadis,” Financial Times, October 15, 2015, Link.
132-Erika Solomon, “Isis Inc: Syria’s ‘mafia-style’ gas deals with jihadis,” Financial Times, October 15, 2015 Link.
133- ’’ تفرض وزارة الخزانة عقوبات على الشبكات التي تقدم الدعم للحكومة السورية بما في ذلك تسهيل شراء الحكومة السورية للنفط من الدولة الإسلامية‘‘. وزارة الخزانة الأمريكية 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2015:
Link; David Blair, “Oil middleman between Syria and Isil is new target for EU sanctions,” Daily Telegraph, March 7, 2015, Link. The EU later annulled some, but not all, sanctions on Heswani. See Maya Lester, “Syrian sanctions on George Haswani annulled,” European Sanctions, March 22, 2017, Link.
134- تنطوي العقوبات المفروضة على حسواني على ’’إشارة إلى أن حرب الأسد على الدولة الإسلامية مصطنعة وأنه يدعمهم مالياً‘‘ وفق ما زعمه وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في آذار/مارس 2015:
“UK welcomes new EU Syria sanctions listings,” U.K. Foreign and Commonwealth Office, March 7, 2015, Link. “They sell oil. He buys oil. They are symbiotic, not real enemies in this,” said U.S. Secretary of State John Kerry in November 2015, referring to the Islamic State and Assad. “Press Availability with Russian Foreign Minister Sergey Lavrov and UN Special Envoy Staffan de Mistura,” U.S. Department of State, November 14, 2015, Link.
135- في مثال بين عدة أمثلة، تفاوض المتمردون المدعومين من تركيا والغرب في منطقة حلب-إدلب مع الدولة الإسلامية التي تسيطر على حقول النفط في شرق سورية لإبرام ِاتفاق شبه دائم حول مبادلة النفط مقابل الغذاء، وقد بقي هذا الاتفاق سارياً لعدة سنوات. في 2016، أخرجت وحدات الحماية الكوردية الفصائل الصديقة لأنقرة خارج هذا الاتفاق بالقوة، وفرضت نفسها كوسيط بين جماعتين من المتمردين العرب الموالين لتركيا في إدلب وشمال حلب، وفرضت ضرائب على نفط الدولة الإسلامية والطعام الذي يورده المتمردون. انظر:
Noura Hourani and Orion Wilcox, “YPG blocks trucks transporting fuel into rebel-held northwest, creating shortage,” Syria Direct, May 19, 2016, Link; Mohamed al-Haj Ali et al, “New north Aleppo route ends fuel crisis, bypasses Azaz rebels,” Syria Direct, May 26, 2016, Link.
136-“Humanitarian Needs Overview 2018,” United Nations/OCHA, November 2017, Link. On the Syrian diaspora and how it relates to its homeland, see Lily Hindy and Sima Ghaddar, “A ’Nation in Pieces’: Views from Syrians in Exile,” The Century Foundation, November 30, 2017, Link.
137-Aron Lund, “Rebuilding Syria’s rubble as the cannons roar,” IRIN News, March 8, 2017, Link.
138- Omer Karasapan, “Rebuilding or redefining Syria?,” Brookings Instituttion, February 13, 2017, Link; “President Assad issues law on 2018 state budget set at SYP 3,187 billion,” Syrian Arab News Agency, December 10, 2017, Link.
139- حوصر المتمردون في مدينة حمص القديمة حتى عام 2014، وكانوا قد سيطروا على مناطق أخرى فيما مضى مثل منطقة بابا عمرو. بقي حي الوعر غربي حمص بيد المتمردين حتى بعد الاستيلاء على حمص الخالصة ولم يستعده النظام حتى 2017.
140-Dahlia Nehme, “Syrian city’s rebel districts still in ruins years after Assad victory,” Reuters, August 18, 2017, Link; Bassem Mroue, “Nearly 4 years on, much of Syrian rebel ‘capital’ abandoned,” Associated Press, January 17, 2018, Link.
141-Aron Lund, “How Assad’s Enemies Gave Up on the Syrian Opposition,” The Century Foundation, October 17, 2017, Link.
142- مقابلة هاتفية للكاتب مع بروار محمد علي، مسؤول إعلامي لقوات سورية الديمقراطية . أكتوبر 2017.
143-“Humanitarian Needs Overview 2018,” United Nations/OCHA, November 2017, Link; Aron Lund, “The Islamic State Is Collapsing, but Raqqa Is in Ruins,” The Century Foundation, October 18, 2017, Link; Aron Lund, “Winter is coming: Who will rebuild Raqqa?” IRIN News, October 23, 2017, Link; “Displaced Syrians survive war but face battle against cold,” AFP/The National, December 26, 2017, Link.
144-Rex W. Tillerson, “Remarks on the Way Forward for the United States Regarding Syria,” U.S. Department of State, January 17, 2018, Link.
145-“Press Gaggle with Secretary Mattis,” U.S. Department of Defense, December 29, 2017, Link; Joanne Stocker, “Coalition retraining 15,000 veteran SDF fighters to serve as Syrian border force,” Defense Post, January 13, 2018, Link.
146-“Saudi minister visits north Syria for Raqqa talks,” Reuters, October 19, 2017, Link.
147- مقابلة للكاتب مع ويردر، 2017.
148- في تقريرها السنوي الأخير قبل اندماجها مع Holcim في تموز/يوليو 2015، قالت لافارج أن الموقع تعرض ’’لأضرار طفيفة‘‘ وحسب. أعلنت الشركة عن ’’التزامها بإعادة إطلاق عملياتها حين يسمح الوضع لها بذلك‘‘. التقرير بالإنكليزية: انظر الرابط
وفقاً لويرنس :’’ لا يبدوأن ضرراً لحق بخط الإنتاج في المصنع، إنما لحق الضرر الأكبر بمحطة الطاقة وخزان وقود ضخم نشبت فيه النار عندما تحركت الدولة الإسلامية غرباً [ في أيلول/سبتمبر 2014]، ويعتقد أن وحدات الحماية الكوردية أحرقته لحرمان الدولة الإسلامية منه‘‘.Waerness, Risikosjef i Syria, 2016, p. 244..
149- منذ العام 2015، عملت وحدات الحماية الكوردية رسمياً كفصيل فرعي لقوات سورية الديمقراطية، وهو تحالف يضم فصائل عربية وسريانية. من الناحية العملية، تحتفظ شبكات حزب العمال الكوردستاني السوري –التي تضم وحدات الحماية الكوردية، وحدات حماية المرأة، حزب الاتحاد الديمقراطي، حركة المجتمع الديمقراطي، بسيطرة تامة على السياسية المحلية داخل ما يسمى الإتحاد الديمقراطي لشمال سورية الذي يتطابق إلى حد ما بعيد مع المنطقة المعروفة بغرف كوردستان Rojava. لتجنب الإلتباس، تجنبت الخوص في هذا البحر الواسع من المختصرات والمؤسسات المتداخلة، فاعتمدت مصطلحات مبسطة مثل ’’وحدات الحماية الكوردية وحلفاءها‘‘ أو ’’الكورد‘‘.
150- لم يستجب المتحدث باسم قوات سورية الديمقراطية، التحالف المدعوم من الولايات المتحدة والذي تعمل وحدات الحماية الكوردية من خلاله، للاتصالات والرسائل للحصول على تعليق منه.  


باسل وطفة
صيدلاني ومترجم سوري. ترجم العديد من المقالات التي تتعلق بالشأن السوري من الإنكليزية إلى العربية وبالعكس. من الكتب التي ترجمها : ما بعد الاستشراق- المعرفة والسلطة في زمن الإرهاب، لحميد دباشي. أرض جوفاء: الهندسة المعمارية للاحتلال الإسرائيلي. إضافة إلى كتابين آخرين سيصدران قريباً.
أرون لوند

Aron Lund كاتب سويدي يكتب في شؤون الشرق الأوسط. عضو مشارك في Century Foundation، نشر عدة كتب وتقارير حول السياسة السورية.

ذات صلة