Print this page

التدمير الجاري: الثورة، والقمع والتخطيط للحرب في سوريا (2011 وما بعد)

24 تشرين1/أكتوير 2017
 
ترجمة: يسرى مرعي.
 
تُرجمت ونُشرت هذه المادة بعد أخذ موافقة كاتبتها.
وكانت المادة الأصلية قد نشرت على الرابط التالي: ingentaconnect.com
 
بدأ النزاع الداخلي والذي اجتاح سوريا منذ آذار/مارس من عام 2011 بحشد سلمي وشعبي ينادي بالحرية والكرامة. وفي عام 2014، وبعد ثلاث سنوات قمع شديد من قبل النظام وعسكرة جزء من المعارضة، تدمّرت أجزاء واسعة من البلد. ويشكك مدى التدمير الحضري بسوريا في دور الممتلكات المادية في النزاع المسلّح.
ففي الواقع، ووفقاً للقانون الدولي الإنساني، فإنه لا يمكن استهداف "الأعيان المدنية" في غياب أعيان عسكرية محدّدة ومعرّفة بوضوح. أمّا في سوريا، فإن استخدام التدمير كأداة من أدوات الحرب موثق بصورة واضحة وجيدة. وبعبارة أخرى، وكما يحاول هذا المقال أن يُدلِّل، فانه في الكثير من النواحي، يبدو أن التدمير الحضري أكثر من مجرد أثر جانبي للمواجهة المسلحة. واستناداً إلى تحليل مطّلع مكانياً، يهدف المقال إلى توثيق التدمير الحضري وإلى تقديم أدلة تحليلية فيما يتعلق بمكانة هذا التدمير في حرب النظام. ولتحقيق ذلك، تقدم هذه الدراسة مجال التدمير الحضري، والسياقات المكانية والتاريخية الذي يجري فيها، ويليه تصنيف لأربعة أنواع من التدمير الحضري على أساس أنماط مكانية مختلفة. ويبين تصنيف الأنماط المكانية المختلفة للتدمير، أن التدمير ليس مجرد نتيجة من نتائج الحرب ولكنه مركزي في استراتيجية النظام.
 
بدأ النزاع الذي اجتاح سوريا منذ عام 2011 بحشد سلمي وشعبي ينادي بالحرية والكرامة، ومن ثم بدأ بالمطالبة بسقوط النظام عندما وُجِه بالقمع الشديد (Majed 2014). والانتفاضة، التي بدأت في المدينة الجنوبية "درعا"، امتدّت بشكل سريع لتشمل معظم الأراضي السورية، لا سيما في المدن، الكبيرة والصغيرة منها. وفي عام 2014، وبعد ثلاث سنوات من القمع الشديد من قبل النظام وعسكرة جزء من المعارضة، أصبحت البلد مدمّرة. كما تبرز الخسائر البشرية للأزمة السورية بانتظام في عناوين الصُحف: ففي نيسان/أبريل من عام 2014، فمن بين عدد سكان يساوي 21 مليون، أُعلِن عن 150 ألف قتيل(1) –وثُلثهم من المدنيين- و17 ألف شخص مفقود، وأكثر من نصف مليون جريح، و6.5 مليون نازح داخلياً، 2.7 مليون لاجئ خارج سوريا(2). كما تشير هذه الأرقام المرعبة إلى نطاق التدمير المادي للبيئة المبنية. وعلى وجه الخصوص، حُوِّلت أحياء حضرية بأكملها إلى أنقاض، وسُوِّيت مدنٌ بالأرض.

يثير مجال التدمير الحضري في سوريا مجموعتين من الأسئلة. الأولى، من وجهة نظر مستقبلية، وستكون في صميم المعادلة الإنسانية والاقتصادية والسياسية التي ستُحلُّ في سوريا ما بعد النزاع، وترتبط بمسألة إعادة توطين ملايين النازحين واللاجئين. وكنتيجة، وكما تعلمنا من نزاعات أخرى دارت داخل الدولة مؤخراً (في لبنان مثلاً (Verdeil 2001) أو كوسوفو (Herscher 2007)) فإن مسألة "إعادة الإعمار" برمتها مُدرجة بالفعل في التدمير الجاري. أما الثانية، فيتناول مجالُ التدمير مسألةَ الممتلكات المادية في نزاع مسلح. والواقع أنه وفقاً للقانون الدولي الإنساني(3)، فإنه لا يمكن استهداف "الأعيان المدنية" في غياب أعيان عسكرية محدّدة ومعرّفة بوضوح. أما في سوريا، فإن استخدام التدمير كأداة من أدوات الحرب موثّق بصورة واضحة وجيدة. وبعبارة أخرى، وكما سيحاول هذا المقال أن يُدلِّل، في الكثير من النواحي يبدو أن التدمير الحضري أكثر من مجرد أثر جانبي للمواجهة المسلحة.

في سياق الحرب، يتناول التدمير الحضري بالتالي المزيد من الأسئلة النظرية حول خصوصيات العنف الحضري، وكما أشار محرر هذا العدد الخاص: هل يمكننا تعريف العنف الحضري في حد ذاته؟ كيف سيُحدّد؟ إن أهمية التدمير الحضري في النزاعات الأخيرة (لبنان 1975-1990، والبوسنة 1992-1996، وفلسطين خلال الانتفاضة الثانية التي بدأت عام 2000، وقطاع غزة في كانون الأول/ديسمبر 2008/كانون الثاني/يناير 2009، وفي صيف عام 2014) وصعود الحرب على الإرهاب التي أعقبت أحداث 11 أيلول/سبتمبر الإرهابية في نيويورك، قد قادت إلى فهم جديد للمدن بوصفها مواقع جديدة للعنف السياسي في حروب حقبة ما بعد الحرب الباردة (Graham 2004a). لقد جُسِّد التدمير الحضري جزئياً في مفهوم قتل المدينة (Urbicide)، والذي يُفهم على أنه "قتل المدن" (Graham, 2004b). فهو يشير إلى تدمير المدن بوصفه هدفاً بحد ذاته، ك “تشكيل معيّن للعنف الهادف حيث التمدّن هو الغاية الاستراتيجية للعنف" (Campbell et al. 2007).

إن مفهوم "قتل المدينة" مفيد للتفكير بالأهمية المادية بشكل شامل في الحرب المعاصرة (Coward 2009)، ولتحديد المواقع الملموسة للعنف السياسي. وإضافة إلى ذلك، وفق سارة فريغونيز (2009)، يساعد "قتل المدينة" على "إلقاء الضوء على طيف من درجات مختلفة يتشكّل بها الفضاء الحضري من خلال العنف السياسي" في سياقات مختلفة. على أية حال، في هذا الميدان، ينطوي المستقبل على صعوبتين أساسيتين عند التوسع في مسألة العنف الحضري. تتمثل الصعوبة الأولى في تأطير العنف بشكل أساسي من حيث التعمّد، لفهمه على أنه علاقة خطية وسببية (حتى لو لم تُحقّق): من مشروع إلى تعريف هدف ما، وإلى نتيجته المُحتملة. أما الصعوبة الثانية فتتمثل في فصل المناطق الحضرية والعنف بطريقة ما، باقتراح أن العنف هو عملية تطبّق على المناطق الحضرية، من الخارج. وتُعتبر المناطق الحضرية في هذا الصدد مجرد خشبة مسرح يطبّق عليها الفاعلون قصديتهم، أي كيان منفصل عن بقية المجتمع، الذي تتناقض نوعيته المحدّدة (التحضّر) مع "الخارج"، وتدمّر من الخارج.

وعلى الرغم من أن هذا البحث يتناول مخاوف نظرية كهذه وهو مكتوب بينما لا تزال الحرب مستعرّة، فهو يقدّم العناصر الأولى لبرنامج بحثي حول "المدن، والثورة، والحرب في سوريا". وهو يهدف لتوثيق التدمير الحضري وعرض دلائل تحليلية متعلقة بمكانة التدمير في حرب النظام. وللقيام بذلك، يُقدّم هذا البحث مجال التدمير الحضري، والسياقات المكانية والتاريخية التي يجري فيها، ويليه تصنيف لأربعة أنواع من التدمير الحضري على أساس أنماط مكانية مختلفة. كما يركّز هذا المقال على التدمير الذي يقوم به النظام السوري، والذي فاق من دون مقارنة ما قامت به المعارضة المسلحة.

ومن قبيل المفارقة فإن المصادر حول التدمير المادي هي على حد سواء نادرة ووفيرة: فصور القصف والمباني المنهارة تتدفق من سوريا كل يوم، ولكن لا يتوفر مسح للبلد. لذلك فإنه من الصعب تقييم المدى الكامل للتدمير الحضري. على أية حال، يجري بحث بعض نواحي تدمير البيئة المادية من أجل توثيق التفجيرات والقصف العشوائي للمناطق المدنية، وهي واحدة من خصوصيات هذا النزاع (مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، هيومن رايتس ووتش)، لتقييم الاحتياجات الإنسانية ضمن البلد (يونيسيف)، أو لإعداد المستقبل (فريق أونروا المعني بإعادة إعمار سوريا). واستناداً إلى معرفة شخصية وعلمية بسوريا، فقد كُتب هذا البحث من دون إمكانية الوصول المباشر إلى سوريا، بسبب قيود أمنية واضحة. ويعتمد على مصادر مفتوحة (صحف، وتقارير من منظمات غير حكومية ومنظمات دولية، ومقالات علمية، وكتب)، وعلى مصادر من سوريا جمعتها شبكات الناشطين (تقارير وفيديوهات وما إلى ذلك)، وعلى توصيفات مباشرة من داخل سوريا، من معارف تركوا سوريا في وقت كتابة هذا المقال، أو الذين ما زالوا هناك.
 
تدمير البيئة المبنية في سوريا:

تشكّل أحداث التدمير والعنف الحضري جزءاً من التاريخ السوري. فمن الحوادث القريبة إلينا، قصف حماة، المدينة الكبيرة في وسط سوريا في شباط/فبراير 1982، بأمر من الرئيس حافظ الأسد لكسر تمرد الإخوان المسلمين، وقتل ما يقدّر ب10000 إلى 30000 نسمة وتدمير مساحات شاسعة في المدينة (Lefevre 2013). لكن النزاع الحالي في سوريا يفوق حماة على جميع الأصعدة.

وفي أوائل عام 2013، اعتُبِر ما يُقارب من ثلاثة ملايين مبنى إما متضرّر أو مُدمَّر (Save the children, 2013)، وهو رقم يستمر في التصاعد منذ ذلك الحين. وتتحمل المباني السكنية القسط الأكبر من التدمير، إضافة إلى البنى التحتية المدنية: ففي عام 2013، تضرّر أو تدمّر ما نسبته 60 بالمئة من المشافي و38 بالمئة من مرافق الرعاية الصحية الأولية، وما يقدّر ب 18 بالمئة من المدارس (4,072) (UNICEF 2014)، إضافة إلى المخابز(4)، والمساجد، والكنائس، والمناطق التجارية والمعامل وما إلى ذلك.

إن التوزيع المكاني للتدمير ليس متجانساً في أنحاء البلد. فهو غالباً ما يجري في أماكن المواجهة بين قوات النظام والمجموعات المعارضة، وفي المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة. وعلى المستوى الوطني، فإن تحليل منطقة أصل اللاجئين السوريين يساعد على إدراك كل من جغرافية النزاع وجغرافية التدمير الشديد: 75 بالمئة من اللاجئين في لبنان (مليون واحد في نيسان/أبريل 2014) هم من أربع محافظات فقط(5) (حمص، وحلب، ودمشق وإدلب)، وفي الأردن (700 ألف لاجئ)(6)، 50 بالمئة منهم من درعا المجاورة، تليها نسبة من دمشق وحلب، وفي تركيا حوالي 80 بالمئة من اللاجئين الذين ينحدرون من شمال سوريا، وبشكل رئيسي من مناطق إدلب، واللاذقية، وإعزاز، وحلب ومنطقتها الجنوبية. وعلى نطاق محلي أكثر، فإن التناقضات أكثر حدة: فبعض المدن دُمّرت بشكل كامل تقريباً (مثل القصير في الجنوب الغربي من حمص، قرب الحدود اللبنانية). وأفاد مسح شمل 8000 عميل من برنامج التمويل الصغير في الأونروا أنه في حزيران/يونيو 2013، تضرّرت أكثر من نصف منازلهم في دمشق وحلب (55.7 بالمئة)، و14 بالمئة منها تدمّرت بشكل كامل (UNRWA 2014).

في النزاعات المسلحة، يكون التدمير (بشكل جلي) نتيجةً للمواجهة المادية بين الجماعات المتعارضة، ومصير الجبهات أن تتحول إلى أراض محايدة، لا سيما عندما تجري المواجهة في بيئة مبنية. فتستخدم المباني بوصفها ملاجئ، أو أبراج مراقبة، أو معاقل استراتيجية للقناصين، أو لشن هجمات، وما إلى ذلك. وعلى أية حال، تتجاوز أهمية التدمير المادي في بعض مدن سوريا أنواع الجبهات: تُدمّر مباني وأحياء بأكملها كما يظهر على سبيل المثال في صور حمص (الشكل 1).

إن حجم تدمير البيئة المبنية يرتبط أولاً بالاستخدام الهائل للقصف من قبل قوات النظام منذ بداية القمع. كما نجم بعض التدمير أيضاً عن قذائف الهاون والصواريخ التي أطلقتها المجموعات المعارضة. ولكن على أية حال لا يمكن مقارنتها بقوة الضربات الجويّة طويلة المدى التي في أيادي جيش النظام. فقد وثّقت المنظمة غير الحكومية التي تتخذ بريطانيا مقراً لها "مكافحة العنف المسلّح" 12 نوعاً من الأسلحة الأكثر استخداماً في سوريا. وتؤكّد أن قصف الطيران والهليكوبتر، إضافة إلى أنواع القذائف الأكبر، هي فقط في أيادي قوات النظام(7). وقصف المدن هو نتيجة ضربات من الدبابات والمدفعية الأرضية؛ ونتيجة القصف الجوي بالطائرات المقاتلة، وطائرات الهليكوبتر، ولا سيما منذ صيف عام 2012، نتيجة استخدام قنابل تقليدية وغير تقليدية كذلك(8): ليس فقط قنابل كيميائية، بل أيضاً قنابل عنقودية، أو براميل متفجرة (براميل زيت كبيرة، أو اسطوانات غاز، أو خزانات مياه، تزن أكثر من نصف طن، ومملوءة بالمتفجرات، وخردة المعادن أو مواد كيميائية) تُسقط من طائرات الهليكوبتر(9)؛ ونتيجة استخدام قذائف أرض-أرض طويلة المدى (أنواع سكود) على المدن الشمالية منذ نهاية عام 2012.
 

دمار مبنى في حمص. المصدر (CC-BY-SA)
 

دمار منطقة بابا عمرو. المصدر (CC BO YASSER)
الشكل (1)
 
كثافة القصف هي سمة أخرى من سمات النزاع السوري. إذ أنه فقط في شباط/فبراير من عام 2013، قُصفت 150 إلى 400 منطقة كل يوم، وفقط في 4 أيام منها كان القصف لأقل من 250 منطقة (10). وكما يدلي بشهادته رجل من دير الزور (مدينة على الفرات، شمال شرق سوريا): هناك قصف في كل وقت ولكنه أحياناً لا يُحتمل. وخلال أسبوع ال 23 من أيار/مايو (2013) كان قاس بلا هوادة. فقد تطلق بطاريات 12 صاروخاً بتتابع سريع. واستمرت على تلك الوتيرة لأسبوعين؛ كان من المستحيل الخروج حتى من أجل الحصول على الخبز(11).

حللت المنظمة غير الحكومية الدولية هيومن رايتس ووتش صورة قمر اصطناعي لحي بابا عمرو، في مدينة حمص، الذي تعرض لحملة قصف مكثّفة في شباط/فبراير من عام 2012، وهي صورة توضح هذه الكثافة. إذ تُظهِر الصورة، التي أُخذت في 25 شباط/فبراير من عام 2012، أنه في غضون ثلاثة أسابيع، دُمّر 640 مبنى في الحي أو تعرّض لضرر واضح (رغم أنه قد يكون هناك أكثر من ذلك ولكنه غير مرئي على صور الأقمار الاصطناعية)، ويمكن مشاهدة ما لا يقل عن 950 حفرة في المساحات المفتوحة(12).
 
سوريا الحضريّة في قلب الانتفاضة:
 
يعكس حجم التدمير الحضري في سوريا حقيقة أنه في بداية القرن الواحد والعشرين، تحضّر معظم السكان السوريين، متبعين الاتجاهات العالمية(13). وقد ازداد النمو الحضري منذ استقلال البلد وتسارع على مدى العقود الأربعة الماضية. لقد غذّته الهجرات الريفية والنمو الطبيعي، وفي الآونة الأخيرة الهجرات الداخلية المهمة(14).

وقد استفادت دمشق وحلب من ديناميات التحضر، إذ استقطبت تجمعاتها ما يقارب من 8 ملايين نسمة في عام 2011(15)، أي أكثر من ثلث سكان سوريا. وحتى عام 2011، كان تجمع دمشق عبارة عن عاصمة ب 5 ملايين نسمة تتميز بنسيج حضري مستمر ذو كثافات عالية (حتى في المناطق النائية عن المركز) بما فيها الضواحي، أو القرى السابقة أو المدن التي تضم عشرات الآلاف من السكان (دوما، وداريا وجرمانا وغيرها). كما غذّى التحضّر أيضاً النمو السريع للمدن الصغيرة والمتوسطة، ولا سيما تلك التي تقع ضمن منطقة جذب لأقطاب حضرية أكبر (Ababsa et al. 2007).

وفي سوريا المتحضّرة هذه، بدأت الانتفاضة السورية منذ آذار/مارس 2011 وما بعد، منتشرة من المدن الصغيرة إلى الضواحي الأفقر، ومن قرى متاخمة للمدن إلى المناطق الداخلية للمدينة (Vignal 2012). وقد كان للمظاهرات والحشود جذور قوية في البيئات المحلية. ففي درعا، حيث بدأت الانتفاضة في عام 2011(*)، أظهر رينود ليندرز (Reinoud Leenders) وستيف هيدمان (Steve Heydemann) (2012) (تُرجمت على موقع العالم للدراسات/ المحرر) أن المناطق حيث جرت المظاهرات والنشاطات تضمّنت "السمات السياسية والاجتماعية التي سمحت مجتمعة بفعل جمعي وحشد شعبي مبكرين قائمين على المظالم والتطلعات". وكما يذكّرنا ماثيو راي (Matthieu Rey) (2013)، يلعب "الحي" دوراً مركزياً في الثورات الحضرية في التاريخ السوري المعاصر. وهو يشير إلى أنه (وإلى اليوم) شبكات التضامن والانتماءات الأولية هي إلى حد كبير جزأ لا يتجزأ من هذا النطاق المحلي، على الرغم من أنها تتصل بالخارج. وهو يُظهِر على سبيل المثال أن مدينة إدلب (الشمال الغربي) دخلت الانتفاضة في صيف عام 2011 عندما قصفت سفينة تابعة للبحرية حي الرمل الجنوبي في اللاذقية (على ساحل البحر الأبيض المتوسط) في 14 آب/أغسطس، وهي منطقة يقطنها أحفاد مهاجرين من إدلب، وقد كانت الشبكات لا تزال نشطة فيها.

ومنذ آذار/مارس من عام 2011 وما بعد، ستكون الأحياء هي الأماكن التي سيتظاهر الناس فيها، لا سيما (لكن ليس حصراً) أيام الجمعة (وهي أيام عطلة رسمية في سوريا)(16). فالحي هو المكان حيث ينظّم الناشطون أعمالهم، كما يتبيّن على سبيل المثال من انتشار لجان التنسيق المحلية في البلد. وهو المكان حيث ستخطط شبكات التضامن العديدة، التي توفّر مأوى ودعماً ومعونة إنسانية للجيران المحتاجين أو للسوريين النازحين داخلياً، لعملها (Vignal, 2014a). وهنا هو المكان حيث بدأت عسكرة المعارضة، بالرجال المحليين الذين حملوا السلاح لحماية أحيائهم من قمع النظام –بالتوازي ولكن ليس مرتبطاً بالضرورة مع تشكيل الجيش السوري الحر في تموز/يوليو من عام 2011 (Kodmani and Legrand 2013). ويفسّر الطابع المحلي للانتفاضة، الذي ترسخ بعمق في الشبكات المُحكمة للمجتمع الحضري السوري، الصعوبة التي يواجهها النظام في التنبؤ بمجريات الأحداث، بينما تنتشر المظاهرات من مكان إلى آخر.

لذلك، فإن تشريح الانتفاضة ينعكس في تشريح القمع. فمنذ بداية النزاع، شملت السيطرة على الاحتجاجات، من وجهة نظر النظام، السيطرة الضرورية على الفضاء. وفي البيئة الحضرية، يُترجم ذلك إلى قمع المظاهرات بوسائل التدخل المسلّح؛ من قبل الجيش، أو الأجهزة الأمنية، أو الميليشيات (التي تُعرف بالشبيحة)، بالقصف من الدبابات (درعا في نيسان/أبريل أيار/مايو 2011) أو سفن حربية (اللاذقية آب/أغسطس 2011)، أو نشر القناصة على أسطح المباني (حمص وحماة ربيع عام 2011) وما إلى ذلك. كما تعمل السيطرة من خلال فرض القيود على تنقّل السكان. فقد ارتفع عدد نقاط التفتيش ارتفاعاً كبيراً وفي غضون أشهر قليلة أصبحت هذه النقاط سمة مألوفة في المدن السورية. وتضاعفت حملات الاعتقال (Yazbek 2012). وأشار مسؤولو النظام إلى المتظاهرين (ومن ثم إلى المعارضة المسلحة) بوصفهم أعداء "أجانب" و"إرهابيين" يهددون البلد، لتبرير الاجراءات القمعية المتخذة ضدهم، فضلاً عن الأعمال العسكرية ضد معاقلهم الاقليمية. فالتدمير بوصفه نتيجة، ولكن أيضاً التدمير بوصفه أداة حرب أمران متلازمان في سوريا.

التدمير وحروب العصابات الحضرية:

في سوريا، يسم عدم التماثل المواقع النسبية للفريقين الأساسين، في جهة يعارضون جيشاً نظامياً، طاقته البشرية منظّمة ومدربة، ويعتمد على إمدادات منتظمة من الأسلحة، أما على الجهة الأخرى، شبكة هشة من مجموعات مسلحة، تفتقر إلى التنسيق، غير مدرّبة، وتتوق إلى تسلح ومعدات مناسبة (O’Bagy 2013a). ففي الواقع تنبع المعارضة المسلحة من عدد لا يحصى من الحركات المحلية التي تتصدى للعنف الناجم عن قمع مظاهرات عام 2011. ومقاتلوها (بغالبية عظمى) هم رجال محليون يعملون في أحيائهم الخاصة.

وبالتالي تُترجم هذه العملية المعينة التي تتم "من أسفل لأعلى" لتكوين المعارضة المسلحة إلى تضاعف مواقع الحرب. ومن هذا المنطلق، حرب المعارضة السورية هي إلى حد كبير حرب عصابات تدور رحاها في مواقع متعددة أو (على نحو أدق) فهي مئات من أعمال حرب العصابات التي تجري من شمال إلى جنوب البلد. فمثلاً في عام 2013 قدّر يزيد صايغ أنه "منذ منتصف عام 2012 إن لم يكن قبل ذلك، كان (النظام) يقاتل في 80-100 موقع في أي يوم من الأيام، غالباً على قوس من 360 درجة ومن دون جبهات واضحة".

وقد استفاد مقاتلو المعارضة من هذا الوضع. كما في كل أعمال حرب العصابات، إذ لديهم معرفة بالمكان ويعتمدون إلى حد ما على شبكات دعم في السكان المحليين. كما توفّر البيئة المبنية مأوى، يسهل حمايته ويسمح لهم بتحويل نوع القتال الذي يتّبعونه (مقاتلون مشاة وأسلحة خفيفة) إلى ميّزة. وعلى النقيض من ذلك، فإن الجيش النظامي مكبّل أكثر في الوسط الحضري، سواء من وجهة نظر تقنية (المناطق الحضرية أقل تكيّفاً مع مناورة الدبابات وما إلى ذلك) أو من وجهة نظر استراتيجية (قد يكون السكان داعمين لمقاتلي حرب العصابات). وفي عام 2011، كان الجيش السوري بشكل خاص غير مستعد لهذا النوع من الحروب (Sayigh 2013). إضافة إلى ذلك، فإن قتال العديد من حروب العصابات الحضرية في مواقع متعددة استنزف قوات النظام في الفضاء وكذلك في الزمن. ففي عام 2013 على سبيل المثال، كان على قوات النظام أن تعتمد على "العتاد الجوي لإعادة إمداد القوات المحاصرة في مراكزها في حلب وإدلب بسبب افتقارها إلى خطوط لوجستية برية تربط هذه المراكز. (وكانت قوات النظام) قلّصت تواجدها العسكري إلى دمشق وحمص من أجل تأمين خطوط إمداداها بينما نازع الثوار على حمص" (Nassief 2014).

ومن الناحية الكلاسيكية، تنطوي المواجهة الحضرية على تدمير البيئة المبنية. والضرر هو نتيجة مباشرة للقتال (المباني، والشوارع، والبنية التحتية، وتحويل مبنى إلى مأوى أو مركز استراتيجي وما إلى ذلك). ويمكن أيضاً تنفيذ التدمير لخدمة غرض عسكري، كما على سبيل المثال في تسوية المباني المحيطة بمكان أو مبنى معين بالأرض (ثكنات عسكرية، مشفى، مبنى حكومي وغيرهم) من أجل تأمينها أو الدفاع عنها. وعادة ما يتركز هذا النوع من التدمير في مناطق الجبهات، مما يخلق أراض محايدة، تزخر بالأنقاض ومحاطة بمباني متضررة. يصف جان بيير فيلو (2013) جميع السمات الكلاسيكية لمنطقة الجبهة حين يروي تجربته في حي صلاح الدين في صيف عام 2013، والذي يقع (منذ هجوم المعارضة المسلحة في صيف عام 2012) على "الجبهة الشرقية" للجبهة التي تقسم المدينة بين الشرق (المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة) والغرب (المناطق الخاضعة لسيطرة النظام). إذ أن الحي الذي كان يوماً ما مركزياً ومأهولاً بسكان الطبقة الوسطى، قد أُخلِي من سكانه وحُوِّل إلى منطقة أشباح من مباني محطمة، وشوارع أعيد تسميتها "شوارع الجنة"، حيث يكون المرء تحت تهديد مميت بالتعرض لإطلاق نار من قناصة الفريق المعاكس.

على أية حال، في سوريا، غالباً ما تتداخل خطوط الفصل وقد تختلف الجبهات محلياً. فليس هناك نوع قياسي من التدمير يقتصر على مناطق الجبهات. إضافة إلى ذلك، من أجل التحايل على الصعوبات التكتيكية في محاربة مجموعات مسلحة معارضة حضرية متعددة في ذات الوقت، لجأ النظام إلى تكتيكات جديدة يلعب فيها التدمير دوراً محورياً.

التدمير والتكتيكات العسكرية:

منذ عام 2012، استنزفت (بشكل متزامن) مدة النزاع والطاقة البشرية المحدودة والجبهات المتعددة الواجب التمسّك بها بشكل شديد قوات النظام وأثّرت على قدرتها لتحقيق مكاسب عسكرية واقليمية حقيقية.

لذلك كيّف جيش النظام تدريبه العسكري مع الحرب الحضرية، بمساعدة خبرة حليفتيه إيران وروسيا (Sayigh 2013). كما اعتمد بشكل متزايد على مشاركة ميليشيات أكثر ملاءمة للقتال في حروب حضرية، فأصبح حزب الله اللبناني الفاعل الرئيسي بشكل خاص في مكاسبه العسكرية منذ عام 2013 (Sullivan 2014). وعلى أرض الواقع، وُضِعت استراتيجية عسكرية جديدة، تهدف إلى استعادة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. إذ تُطوّق المنطقة، ومن ثم تقصف من دون هوادة. فيغادر السكّان، ويُجبر مقاتلو المعارضة على الانسحاب. فتدخل قوات النظام (الجيش، الميليشيات، والقوات الخاصة) المنطقة، وتطهّرها من أي مقاومة مُحتملة، ومن ثم تحتفظ بها. تسمح هذه الاستراتيجية للنظام بالاستفادة القصوى من مزاياه العسكرية (قدرته على القصف والتفجير من بعد، وهيمنته الحصرية على السماء، ومخزونه من مختلف أنواع القنابل) لبسط نفوذه على أرض العدو. وبالتالي فهذا يخفّف من صعوبات قتال حروب عصابات حضرية وحروب محلية متعددة.

منذ عام 2013، استُخدِم هذا التكتيك في معظم عمليات "الاستعادة" في سوريا (Nassief 2014). فعلى سبيل المثال، تجلّى ذلك في معركة القصير في ربيع عام 2013. والقصير هي مدينة تقع في جنوب حمص وتشرف على البوابة بين دمشق والمدن المينائية على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وقد استعادها النظام بعد أسابيع من حملة قصف مكثّف بالقنابل في نيسان/أبريل أيار/مايو من عام 2013. دُمِّرت أجزاء كبيرة من المدينة. وهرب السكّان، واضّطرت قوات المعارضة التي قُطِعت عن خطوط إمدادها، وضعفت نتيجة القصف المكثّف بالقنابل وخروج السكان (إن لم يتعرضوا للقتل) إلى الانسحاب. وقد أخذت قوات النظام المدينة في مطلع حزيران/يونيو (رغم أن البلدة الحدودية التي سكنها يوماً 30 ألف شخص كانت قد تحوّلت إلى ما لا يزيد عن مجرد ركام من الأنقاض الخالية). وقد استُخدِمت نفس التكتيكات في مدن منطقة القلمون، في الشمال الغربي لدمشق، خلال شتاء 2013/2014.

بالتأمّل في السوابق التاريخية، تعرض هذه العمليات جميع عناصر تكتيك الأرض المحروقة، والتي تُعرّف بأنها تدمير كل شيء يمكن أن يكون ذا فائدة أو مساعداً للعدو. وتعريف ما يشكّل "مساعدة للعدو" هو طبعاً واسع بقدر ما يمكن أن يكون، ويتوقف على تنوع تصور وحكم الأطراف المتحاربة. ففي حالة القصير، وكما في العديد من الأمثلة الأخرى في سوريا، يبدو أن النسيج الحضري يندرج ضمن هذه الفئة.
 
التدمير والقمع:

منذ عام 2012، تكثّف النزاع المسلح. وبات يأخذ المزيد من الأرواح بينما تتضاعف حملات القصف والضرب بالقنابل على كل أنحاء سوريا. ويترافق هذا التكثيف مع استخدام تكتيكات الأرض المحروقة، في سياق العمليات العسكرية، كما في القصير. على أية حال، تحدث عمليات القصف في سياقات لا تتصل بعمليات عسكرية مباشرة.

وفي الواقع، فإن تحليل التدمير الناجم عن حملات القصف يعرض في هذا الصدد نمطاً مكانياً جديراً بالملاحظة. فيتسم أولاً بحقيقة أن معظم التدمير يحدث بعيداً عن الجبهات. وثانياً، مواقع التدمير متعددة (التأثيرات على المباني أو الحفر في المناطق المفتوحة)، وقريبة من بعضها، مثل السجادة، وتغطي مساحة واسعة من البيئة المبنية، كما يظهر في مثال بابا عمرو في حمص. ولا يدعم هذا التوزيع المكاني مقولة التدمير المتصل بالقتال، المركّز أكثر بشكل مكاني (نوع الجبهة). وثالثاً، كل المناطق المتأثّرة بالتدمير تشترك بأنها معاقل لانتفاضة عام 2011 و/أو تسيطر عليها القوات المعارضة.

تعطي حملات القصف بالقنابل على حلب منذ عام 2012 إحساساً واضحاً بهذا النمط المكاني للتدمير، كما يتّضح من خريطة مواقع التدمير الرئيسية التي حددتها هيومن رايتس ووتش بين ال 31 من تشرين الأول/أكتوبر 2013 وال 20 من شباط/فبراير 2014 (Human Rights Watch, 2014a) (الشكل 2). وتؤيد هذه الخريطة نتائج مماثلة لأبحاث حول حملات القصف في حلب منذ أيلول/سبتمبر 2012 حتى آذار/مارس 2013 (أجرى البحث الجمعية الأميركية لتقدّم العلوم AAAS)(17). إذ يبين بحث AAAS التوزيع المكاني نفسه لتأثيرات القصف (بعيداً عن الجبهات، ومنتشرة بشكل كبير). إضافة إلى ذلك، يخلص البحث إلى أن 99 بالمئة من هذا التدمير جرى في مناطق مصنّفة على أنها إما متنازع عليها، أو تحت سيطرة الثوار، أو غير معروفة، في حين لم يكن هناك سوى ست فقط من أصل 713 كانت تقع في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
 
الشكل (2): المواقع الرئيسية للدمار في حلب (31 تشرين الأول/أكتوبر 2013 إلى 20 شباط/فبراير 2014)
المصدر: هيومن رايتس ووتش 2014a
 
ويشير التوزيع المفرد لمواقع التدمير في الأحياء المدنية، بعيداً عن مناطق القتال وخارج نطاق المدفعية، إلى أنه (التدمير) نتيجة لتكنولوجيات حرب محدّدة: القصف إما بالقذائف أو عن طريق الجو. ولهذه التكنولوجيات دقّة محدودة، وبالتالي فإن تأثيرها على بيئة مبنية لا يمكن أن يكون إلا ملحوظاً، كما هو موضّح في صور تدمير إعزاز، وهي بلدة تبعد 30 كم عن شمال حلب(18).
   وفي سوريا، تتطابق أيضاً الممارسة الشائعة المتمثلة في إسقاط القذائف من طائرات الهليكوبتر مع الخراب المادي الكبير. بالإضافة إلى ذلك، تُسقط القنابل "من ارتفاع يجعل الاستهداف الدقيق مستحيل" (UNOHR 2013 p93). وفي حلب، بين تشرين الثاني/نوفمبر 2013 وشباط/فبراير 2014، فإن "غالبية المواقع المحدّدة (الشكل 2) فيها بصمات أضرار تتسق بشدة مع انفجار البراميل المتفجرة" (HRW 2014a).
 
 
 
الشكل (3): آثار ما بعد القصف الجوي من قبل قوات النظام على إعزاز 2012.
المصدر: (CC PD-MARK)
 
كما يثير النمطُ المكاني للتدمير على مناطق حضرية واسعة من أحياء مدنية، بعيداً عن مناطق القتال، من دون هدف عسكري مباشر، سؤالَ مكانة التدمير في سياسات الحرب التي يتبعها النظام. قد تكون بالفعل ترمي إلى تحويل سكان المناطق المستهدفة ضد مجموعات المعارضة المسلحة الناشطة محلياً، أو قد يُنظر إليها على أنها انتقام لدعمها المُفترض للمعارضة؛ وقد يكون كذلك بمثابة تحذير لسكان المناطق الخاضعة للنظام(19). وعلى أية حال فإنه يؤيد تشخيص القصف "العشوائي" للمناطق المأهولة بالسكان (وهو غير مشروع بموجب القانون الدولي الإنساني) كما أفادت "لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية" التابعة للأمم المتحدة (2013،2014) والتي وثّقت انتهاكات للقوانين الدولية الإنسانية وجرائم حرب(20).


التدمير و"التخطيط للحرب":

منذ بداية النزاع المسلّح، وثّق الناشطون في سوريا إضافة إلى المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية، العديدَ من حوادث "تجريف الأرض" لأحياء بأكملها سواء الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة أو المناصرين للانتفاضة (لجان التنسيق المحلية، 2012). يقدم الجدول (1) موجزاً عن سبع حوادث عمليات تجريف أشرف عليها النظام السوري وموثّقة من قبل هيومن رايتس ووتش (تحاليل أقمار صناعية في فترات زمنية مختلفة ومقابلات)(21). جرت كل العمليات في أحياء جميعها عبارة عن تطورات غير قانونية أو عشوائية مخالفة.

وفي هذه الحالات السبع، فإن التدمير محدّد تحديداً واضحاً على الرغم من اتّساع المساحات. ويحدث التدمير إما بعد حملة قصف: تنتقل الحفارات والجرافات بعدئذ إلى المكان وتزيل الأنقاض (الحالات 5 و6 و7)؛ أو تقوم الجرافات والحفارات التي تسوّي المنطقة بالأرض بالتدمير (الحالتان 6 و7). وإذا لزم الأمر، تُستخدم متفجرات متحكّم فيها لتدمير المباني الأكبر (بعضها يصل إلى ارتفاع 8 طوابق) (الحالات 1 و2 و3 و4). وتشرف قوات النظام (قوات الأمن والجيش) على العملية.

التجريف هو غالباً جزء من عملية عسكرية. يرمي إلى تحييد المناطق التي وقعت تحت سيطرة المعارضة المسلّحة خلال محاولة "معركة دمشق" في صيف عام 2012 (الحالتان 1 و3) و/أو التي تقع قرب الجبهة (1). كما يساعد التجريف في السيطرة على تحركات مقاتلي المعارضة بإزالة محاور التنقل الرئيسية (الحالتان 1 و6)، والطرق المؤدية إلى معاقل المعارضة (الحالة 3)، ومداخل مناطق مركزية (الحالات 1 و3 و6 و7). كما يعمل على حماية الأصول الاستراتيجية للنظام: مطار المزة العسكري (مقر المخابرات الجوية، وهي واحدة من أربع قوات أمن سورية أساسية، الحالة 4)؛ ومشفى تشرين في برزة (الحالة 3)؛ ومطار دمشق الدولي (الحالة 5).

على أية حال، تلجأ هذه الاستراتيجية أيضاً إلى حملات ترهيب لا لبس فيها. وكما شرحت امرأة تعيش في منطقة مجاورة لوادي الجوز في حماة (الحالة 6) أنه:

"بعد الهدم أتى الجيش إلى حيّنا، معلناً عبر مكبرات الصوت أنه سيهدم منطقتنا كما هدم وادي الجوز ومشاع الأربعين إن أُطلِقت رصاصة واحدة من هنا". (هيومان رايتس ووتش. 2014b p17).

وفي هذا الصدد، فإن التفاوت بين الاستخدام القانوني للتدمير في الحرب (أسباب أمنية طويلة المدى، وأغراض عسكرية) والمدى الفعلي للعمليات السبع (145 هيكتار سُويِّت بالأرض، آلاف المباني، وعشرات آلاف المنازل) بالاقتران مع إهمال حقوق ورغبات السكان (مدة إنذار غير كافية، غياب آلية تعويض وما إلى ذلك)، يشير إلى أن عمليات التجريف تلك غير قانونية فيما يخص القانون الدولي الإنساني.
 
جدول (1): ملخص سبع عمليات "تجريف" قامت بها قوات النظام في سوريا.
 
 المصدر هيومن رايتس ووتش 2014a
 
ومن المثير للاهتمام، أن من بين الأسباب المختلفة المُقدّمة من قبل السلطات لتسويغ التجريف، يستطيع المرء أن يجد ذكراً للوائح التخطيط الحضري (الحالات 3 و4 و5 و6 و7) و/أو مشاريع إعادة تنمية (الحالتان 4 و7). وقد تبدو حجة كهذه إما سوريالية أو ساخرة في سياق الحرب، ولا سيما أن عمليات التجريف مرتبطة بالنزاع. على أية حال، فإنه يتناغم مع حقيقة أنه في عام 2012، عُزِّز الإطار التنظيمي على الأحياء المخالفة/غير القانونية، خاصة من خلال مرسومين: المرسوم رقم 40 الصادر بتاريخ 20 أيار/مايو من عام 2012، والذي يأمر بهدم كل المباني غير المرخّصة في أحياء المخالفات؛ والمرسوم رقم 66 الصادر بتاريخ 18 أيلول/سبتمبر من عام 2012، والذي يقدّم لبرامج إعادة تنمية وإزالة الأحياء الفقيرة في منطقتين من جنوب العاصمة دمشق(22). والمرسوم الثاني هذا هو ما يشير إليه المسؤولون في حالة أعمال التدمير التي تجري حول مطار المزة (الحالة 4).

إن الاستعانة بمراسيم التخطيط لعام 2012 لتسويغ تجريف الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة يمكن قراءته بوصفه استخدام براغماتي للوائح التخطيط، من أجل متابعة عمليات هدم غير قانونية ذات صلة بالقمع "بشكل قانوني". والواقع أنه إذا كان التجريف يمتثل لقانون الحرب، الذي يجيز باستخدام محدود ومسوّغ للتدمير، فلن يكون هناك حاجة للجوء إلى لوائح التخطيط الحضري لتبريره. كما يمكن التشكيك في توقيت إصدار هذه المراسيم التقنية أيضاً، بما أن موضوع تنظيمها قد يبدو ثانوياً في أوقات الثورة والنزاع المسلح. فقد صدرت هذه المراسيم بعد أسابيع قليلة فقط من معكرة حمص (شباط/فبراير 2012)، ومعركة حلب، ومحاولة معركة دمشق (صيف عام 2012). ولا يمكن للمرء استبعاد أن مرونة الروتين الإداري قد تفسّر إصدار المراسيم، أياً كانت الظروف. وعلى أية حال، من المرجح أن إصدارهم في ذلك الوقت قد خدم هدفاً واحداً: لتوفير حماية قانونية لمواصلة التدمير غير المشروع المتعلّق بالحرب.

وتذكّرنا فاليري كلير (2014) (في دراسة ترجمت أيضاً على موقع العالم للدراسات/ المحرر) أنه في سوريا، لم تكن مسألة الأحياء المخالفة/غير الرسمية جديدة عند إصدار المراسيم. وقد اكتسبت أهمية في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (في أعوام ال 2000). كما نوقِش خياران أساسيان: التنظيم والارتقاء من جهة؛ أو التجديد الحضري (أي الهدم وإعادة الإعمار) من جهة أخرى. وقبل الانتفاضة، لم يكن القرار قد اتُّخِذ بعد. ووفقاً لكلير، يبدو أنه منذ ذلك الحين، مالت سلطات دمشق لصالح الخيار الثاني، أي خيار التجديد الحضري. ولا ترتكز افتراضات كلير فقط على صدور المرسومين، بل على حقيقة أن مخططات التجديد لعدد معيّن من الأحياء المخالفة شبه المركزية في دمشق، والتي صُمِّمت في نهاية العقد الأول من القرن العشرين (أواخر أعوام ال 2000) (المعروفة ب "الدراسات التفصيلية")، قد أعيد إطلاقها.

وجرى النقاش حول التعامل مع الأحياء غير الرسمية في النصف الثاني من أعوام ال 2000 في سياق تحديث اللوائح والإطار المؤسساتي الذي يحكم العقارات السورية (Clerc and Hurault 2010). وتطوّرت عندما بدأ المستثمرون في تحويل مشاريع تطوير العقارات في سوريا. وفي دمشق، بشكل خاص، تكاثرت بشكل كبير إعلانات "المشاريع الضخمة" (Vignal 2014b). على أية حال، كانت واحدة من العقبات للمستثمرين المحتملين ندرة الأراضي المتوفرة في المواقع المركزية أو شبه المركزية. ولذلك، نبع الاهتمام بمشاريع "التجديد" الحضري جزئياً من الإمكانيات التي تمثّلها العديد من الأحياء المخالفة، التي تقع في أماكن ملائمة. وستوفر هذه المشاريع الإطار القانوني لإتاحة أراض للاستثمار الخاص.

وبعد بضع سنوات، وفي غمار الحرب، لم يعد يبدو الاستثمار في العقارات وتطوير المشاريع الحضرية أولوية. وعلى أية حال، تقدّم أوقات الحرب المضطربة الكثير من الفرص أيضاً، كما يمكن أن نستشف من خلال إصدار المرسومين حول أحياء المخالفات لعام 2012، أو من خلال إعادة إطلاق الدراسات التفصيلية. ومن بين المناطق التي دُرِست من أجل إعادة التنمية في الدراسات التفصيلية هي المناطق التي تنطوي على امكانات كبيرة لمشاريع عقارية. وهذه هي على سبيل المثال حالة جوبر (شمال غرب دمشق، وتقع على الطرق السريعة الرئيسية). كانت حياً مؤيداً للمعارضة في عام 2011، وكانت على الجبهة منذ عام 2013، وبالتالي دُمّرت المنطقة بشكل كبير في عام 2014، مقدّمة بذلك سبلاً محتملة لإعادة التنمية في المستقبل. وجرت عمليات التجريف، الموثّقة من قبل هيومن رايتس ووتش، في أحياء غير قانونية ذات إمكانيات مماثلة لاستثمارات عقارية: فعلى سبيل المثال، تقع مشاع الأربعين بشكل مثالي على الطريق السريع الرابط بين حمص وحلب، وعلى مقربة من مجمع فلل سكني غني (الحالة 7). وفي القابون، تقع المنطقة المجرَّفة قرب الطريق السريع، في شمال شرق وسط دمشق مباشرة (الحالة 1). ووفقاً للمعماريين الدمشقيين، فقد كانت العديد من الرسومات لإعمار مجمعات شقق راقية على الحافة الجنوبية لمطار المزة العسكري (الحالة 4) قد وُضِعت بالفعل (منطقة كفرسوسة).

كما تتيح أوقات الحرب في سوريا الفرصة لاستخدام الوضع العسكري لتمويه أو لتعزيز مصالح أخرى. إذ أن تأمين الأراضي الحضرية القيِّمة هو فرصة تعلّم النظام السوري أن يقدرها بالفعل منذ أعوام ال 2000، عندما روّج العقارات بوصفها أداة للتطوير الاقتصادي، ومستفيداً بشكل مباشر من مؤيديه السياسيين (Vignal 2014b). وقد يكون التدمير والنزوح الجماعي للسكان، جنباً إلى جنب مع تفريغ الأحياء الحضرية، قد وفّر واحدة من هذه الفرص. وعمليات التسوية بالأرض هي جزء من مجموعة من عناصر متلاقية توحي بأن التدمير يُستخدم كأداة "تخطيط للحرب" كذلك. ويجد منطق التدمير والإعمار، الذي استكشفه والتر بنيامين في السياق الباريسي، والذي تجلّى في البحث حول بريشتينا في كوسوفو (Herscher 2007)، أو ديلي في تيمور الشرقية (Philipott 2007)، يجد تجسيداً جديداً في سوريا.

الخلاصة:

وفي الحرب بين النظام السوري والجماعات المسلحة المعارضة، يشكّك التدمير الشامل للنسيج الحضري في سوريا في دور التدمير بوصفه نوعاً محدداً من العنف السياسي. وفي النزاع الحالي، فإن التدمير مؤطر من خلال مكانه غير المتناسب واستخدامه في الحرب.

أولاً، قوات النظام هي الطرف المتحارب الوحيد الذي يملك قوة عسكرية ليدمّر، وهي تستخدمها بلا هوادة؛
ثانياً، المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة هي الأكثر تأثُّراً بالتدمير؛
ثالثاً، النسيج الحضري مستهدف بشكل واسع.

لذلك، يُظهِرُ تصنيف الأنماط المكانية المختلفة للتدمير أن التدمير ليس نتيجة حرب فحسب ولكنه محوري لاستراتيجية النظام. فهو سلاح عسكري في مواجهة معارضي النظام، وهذا ما ظهر من خلال تكتيكات الأرض المحروقة. وكما يشير القصف العشوائي الذي يحدث في المدن، فهو محوري لمزيج القمع والانتقام أيضاً. وأخيراً، فهو محوري للحفاظ على الدولة المستندة إلى العميل: فتحرير المواقع الحضرية المركزية من سكّانها ومبانيها، يوفّر موارد سياسية واقتصادية جديدة محتملة لازمة لتغذية ولاءات وشبكات عملائها. وفي هذا الصدد، فإن مكانة التدمير في حرب النظام ترقى إلى استراتيجية "حرب شاملة"، والتي تعرّف باشتراك جميع الموارد المتاحة في الحرب، وباستخدام كل الوسائل المتوافرة.

وفي سوريا، من الواضح أن التدمير أداة موظّفة على نطاق واسع للسعي لتحقيق أهداف قمعية وعسكرية. على أية حال، يلقي نطاق التدمير وطريقة تطبيقه ضوءاً جديداً على التدمير نفسه. وفي الواقع، من الواضح أن استراتيجية النظام لا ترمي إلى صون البلد ومواطنيه: فعلى النقيض من ذلك، يوحي اللجوء إلى القصف الجماعي للمدن بعمى رهيب تجاه المستقبل فيما يخص الرفاه الجمعي. وإن كان بإمكان جماعة صغيرة سعيدة أن تكسب من التدمير، في السعي لتحقيق مصالح شخصية، فإن الأصول البشرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلد، على أية حال، ستتهدم وسيستغرق الأمر عقود لإعادتهم سوية، إن تحقق ذلك مطلقاً (Yazigi 2014). وفي وقت كتابة ورقتي، لا يبدو النظام في وضع تحقيق أي مكاسب عسكرية حاسمة، والمعارضة المسلحة ضعيفة ولكنها تقاوم، والمناطق الشرقية من البلاد تخضع لسيطرة الجهاديين التابعين لتنظيم داعش سابقاً، وقد يستمر النزاع لسنوات (ما لم تحدث تغييرات هيكلية). وحتى على افتراض أن النظام سجّل نصراً عسكرياً، يبدو من الصعب التنبؤ كيف يمكن لذلك أن يرسي أي أسبقية دائمة في البلد: يبدو من الصعب رؤية كيف يمكن أن يكسب السلام. لذلك فإن تغذية دوامة العنف هي في منفعته المباشرة. ومن المفارقات أنه في هذا التكوين السياسي الخاص، يغذّي التدميرُ بقاءَ النظام.

هوامش المترجمة:

*أول مظاهرة انطلقت في دمشق قبل درعا بثلاثة أيام أي في 15 شباط 2011 وإن كانت صغيرة وقصيرة إلا أن لها دلالاتها الكبيرة وخاصة أنها جرت في قلب العاصمة دمشق المليئة بالفروع الأمنية والمشبعة خوفاً منذ عقود.
 
ملاحظات:
  1. وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، استشهدت به صحيفة اللوموند ( ا نيسان/أبريل 2014، ‘Syrie: un bilan de « 150 000 morts » depuis troisans’ ) من بينهم حوالي 70 ألف مواطن في نيسان/أبريل 2014 (المصدر: مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، انظر الرابط).
  2. وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
  3. حول القانون الدولي الإنساني العرفي انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الرابط.
  4. وثقت منظمة الأمم لمتحدة لحقوق الإنسان العديد من التفجيرات للمخابز وصفوف المنتظرين أمامها، على سبيل المثال في حلب في صيف عام 2012: مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (5 شباط/فبراير 2013)، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية A/HRC/22/5
  5. المحافظة هي أكبر وحدة إدارية في سوريا، وعددها 14 محافظة. منطقة دمشق مقسّمة بين مدينة دمشق، التي تغطي مركز التكتّل، وتحيط بها محافظة ريف دمشق: هنا، أضيفت أعدادهم إلى فئة واحدة.
  6. لا تتوفر المعلومات حول منطقة منشأ اللاجئين إلا للاجئين في هذين البلدين (المصدر: انظر الرابط.)
  7. المصدر: انظر الرابط.
  8. المصدر: هيومن رايتس ووتش (11 نيسان/أبريل 2013) "موت من السماء".
  9. قدرت المنظمة السورية غير الحكومية "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في آذار/مارس 2014 أن 5375 برميل استُخدِم من قبل القوات الحكومية، فقتلت 6493 فرد (97% منهم مدنيون)، ودمرت 5840 مبنى إذ أن البراميل المتفجرة تستهدف المناطق السكنية بشكل أساسي (المصدر: انظر الرابط)
  10. المصدر: تقارير يومية لمركز التواصل والأبحاث الاستراتيجية: تجميعات وحسابات من المؤلفة.
  11. دوناتيلا روفيرا (2013) مدينة دير الزور المقسّمة هي صورة مصغرة عن نزاع سوريا المرير. منظمة العفو الدولية، 12 أيلول/سبتمبر. متوافرة على: الرابط.
  12. هيومن رايتس ووتش (2 آذار/مارس 2012) "سوريا: صور جديدة للقمر الصناعي تُظهِر القصف في حمص"، انظر الرابط.
  13. على أية حال، الاحصاءات السورية الرسمية لا تشملهم بسبب التعريفات المحدودة جداً للحضري: في عام 2010، فقط 53% من مجموع السكان صنفوا رسمياً بوصفهم حضريين.
  14. في الأعوام التي تلت ال 2000، ما يقدّر بنحو مليون ساكن من الجزيرة (المنطقة الزراعية الشمالية الشرقية)، الذين فروا من آثار الجفاف(القحط) الشديد، اتخذوا من المدن الجنوبية في البلد ملجأ لهم.
  15. المصدر: حسابات المؤلفة استناداً إلى بيانات المكتب المركزي للاحصاء (المكتب المركزي للإحصاء، دمشق، 2011).
  16. سُجِّل رقم قياسي بلغ 939 مظاهرة متزامنة في 1 حزيران/يونيو 2012 (فينيال 2012).
  17. درس مشروع حقوق الإنسان والجغرافية المكانية التابع للرابطة الأميركية للنهوض بالعلم AAAS صور أقمار صناعية لحلب (أيلول/سبتمبر 2012-2013) (تحليل صور الأقمار الصناعية لتوثيق النزاع الحضري: حلب، سوريا).
  18. نشرت هيومن رايتس ووتش عدة مقالات وتقارير حول الضربات الصاروخية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سوريا. انظر على سبيل المثال "سوريا: صواريخ بالستية تقتل مدنيين بينهم الكثير من الأطفال" 5 آب/أغسطس 2013.
  19. فعلى سبيل المثال يُعترف به صراحة بوصفه جزء من الحرب في حالة حملة الحصار، التي دعاها الضباط السوريون بأنفسهم بأنها "حملة تجويع حتى الركوع". المصدر: رويترز "تحليل: التجويع تكتيك حربي في سوريا" الأربعاء 30 تشرين الأول/أكتوبر 2013. انظر أيضاً منظمة العفو الدولية (2014) ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (2014).
  20. وُثِّقت جرائم حرب أخرى، مثل حصار المدن والأحياء أو استخدام أسلحة غير تقليدية (من البراميل المتفجرة إلى الأسلحة الكيميائية).
  21. وتفيد منظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أيضاً عن تدمير الأحياء كما ورد في تقرير عام 2013 للجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية. انظر على سبيل المثال صفحة 120 عن أحياء التضامن والقابون في دمشق.
  22. الجانب الجنوبي الشرقي من المزة، وكفرسوسة، وقنوات بساتين وداريا والقدم.
المراجع:

  Ababsa, M., Roussel, C. and Al-Dbiyat, M. (2007) Le territoire syrien entre intégration nationale et métropolisation renforcée, in Beaudoin, D. et al. (eds.) La Syrie au present. Arles: Actes Sud/Sindbad.
  Amnesty International (2014) Squeezing the Life Out of Yarmouk. War Crimes against Besieged Cities. Available at: Link.
  Campbell, D., Graham, G. and Monk, D.B. (2007) Introduction to urbicide: the killing of cities?
Theory and Event, 10(2).
  Clerc, V. (2014) Informal sett lements in the Syrian conflict: urban planning as a weapon. Built
Environment, 40(1), pp. 34–51.
  Clerc, V. and Hurault, A. (2010) Property investments and prestige projects in Damascus: urban and town planning metamorphosis. Built Environment, 36(2), pp. 162–175.
  Coward, M. (2009) Urbicide, The Politics of Urban Destruction. London: Routledge.
  Filiu, J.-P. (2013) Je vous écris d’Alep. Paris: Denoël.
  Fregonese, S. (2009) The urbicide of Beirut? Geopolitics and the built environment in the Lebanese civil war (1975–1976). Political Geography, 28, pp. 309–318.
  Graham, S. (2004a) Cities as strategic sites: place annihilation and urban geopolitics, Graham, S. (ed.) Cities, War and Terrorism: Towards an Urban Geopolitics. Oxford: Blackwell, pp. 31–54.
 Graham, S. (2004b) Constructing urbicude by bulldozer in the occupied territories, Graham, S. (ed.) Cities, War and Terrorism: Towards an Urban Geopolitics. Oxford: Blackwell, pp.192–213.
  Herscher, A. (2007) Urbicide, urbanism, and urban destruction in Kosovo. Theory and Event, 10(2).
  Human Rights Watch (2014a) Syria: Unlawful Air Attacks Terrorize Aleppo. New York: Human
Rights Watch. Available at : Link.
  Human Rights Watch (2014b) Razed to the Ground. Syria’s Unlawful Neighborhood Demolitions in 2012–2013. Available at: Link.
  Kodmani, B. and Legrand, F. (2013) Empowering the Democratic Resistance in Syria. Beirut/Paris: Arab Reform Initiative. Available at: Link.
  Leenders, R. and Heydemann, S. (2012) Popular mobilization in Syria: opportunity and threat,
and the social networks of the early risers. Mediterranean Politics, 17(2), pp. 139–159.
  Lefevre, R. (2013) Ashes of Hama. The Muslim Brotherhood in Syria. London: Hurst.
Local Coordination Committ ees (2012) Punitive House Demolition in Syrian Cities. 10 September. Available at: Link.
  Majed, Z. (2014) Syrie, La révolution orpheline. Arles: Actes Sud/Sinbad.
  Nassief, I. (2014) The Campaign for Homs and Aleppo. The Assad Regime’s Strategy in 2012. Middle East Security Report. Washington DC: Institute for the Study of War. Available at: Link.
  O’Bagy, E. (2013a) The Free Syrian Army. Middle East Security Report, no. 9. Washington DC:
Institute for the Study of War.
  Philipott , S. (2007) Another go at life: Dili, East Timor. Theory and Event, 10(2).
  Rey, M. (2013) La révolte des quartiers: territorialisation plutôt que confesionalisation, in Burgat, F. and Paoli, B. (eds.) Pas de printemps pour la Syrie. Paris: La Découverte, pp. 84–91.
 Save the Children (2013) Children Under Fire: The Impact of Two Years of Confl ict in Syria. London: Save the Children. Available at: Link.
 Sayigh, Y. (2013) Syria’s Strategic Balance at a Tipping Point. Riad El Solh, Lebanon: Carnegie
Middle East Centre. Available at: Link.
 Simon, P. (2007) Another go at life: Dili, East Timor. Theory and Event, 10(2).
 Sullivan, M. (2014) Hezbollah in Syria. Middle East Security Report, no 19. Washington DC: Institute for the Study of War. Available at: Link.
 UNICEF (2014) Under Siege. The Devastating Impact on Children of Three Years of Confl ict in Syria. New York: UNICEF. Available at: Link.
 UNOHR (2013) Report of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, A/HRC/22/59. Available at: Link.
 UNOHR (2014) Report of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, A/HRC/25/65. Available at: Link.
 UNRWA (2014) Socioeconomic and Damage Assessment Report: UNRWA Microfi nance clients in Syria. East Jerusalem: UNRWA. Available at: Link.
 Verdeil, E. (2001) Reconstructions manquées à Beyrouth. La poursuite de la guerre par la projet urbain. Annales de la recherche urbaine, No.91, pp. 84–93.
 Vignal, L. (2012) Syria: anatomy of a Revolution, in Books and Ideas. Available at: Link.
 Vignal, L. (2014a) La révolution ‘par le bas’:l’engagement révolutionnaire en Syrie, in Camau, M. and Vairel, F. (eds.) Soulèvements populaires et recompositions politiques dans le Monde arabe. Montreal: Presses Universitaires de Montréal.
 Vignal, L. (2014b) Dubai on Barada? The making of ‘globalised Damascus’ in times of urban crisis, in Bromber, K., Krawietz , B., Steiner, C. and  Wippel, S. (eds.) Under Construction. Logics of Urbanism in the Gulf Region. Farnham: Ashgate.
 Yazigi, J. (2014) Syria’s War Economy. Policy Brief. London: European Council on Foreign Relations. Available at: Link.
 Yazbek, S. (2012) A Woman in the Crossfire: Diaries of the Syrian Revolution. London: Haus Publishing.

يسرى مرعي
مترجمة من سوريا، تترجم عن اللغتين الإنجليزية والروسية. تركز في ترجماتها على الدراسات التي ترصد علاقة الحداثة بالعمارة في الشرق الأوسط. إضافة إلى الاهتمام بالدراسات حول الإسلام اليومي والاستشراق.
ليلى فينيال

بروفيسور مساعد في الجغرافية البشرية في جامعة رين 2 الفرنسية. ترتكز أبحاثها في الشرق الأوسط. وتتمحور خبرتها حول ثلاثة مواضيع أساسية: المجتمعات الحضرية شرق الأوسطية في العولمة: الشبكات، والفضاءات والجهات الفاعلة عبر الوطنية في هذه المنطقة؛ ومنذ بضعة أعوام، تعمل (في فرنسا وفي جامعة اوكسفورد "مركز دراسات اللاجئين" على حد سواء) على التحولات الاجتماعية والمكانية لسوريا خلال النزاع، وسوريا هو البلد الذي كانت تعمل فيه منذ الدكتوراه. تتضمن منشوراتها الأحدث "الشرق الأوسط عبر الوطني. الأماكن والناس والحدود" (2017 أبينغدون/نيويورك: روتليدج؛ "الحدود المتغيرة والمناطق الحدودية في سوريا في زمن النزاع"، انترناشيونال افيرز، 93:4 (2017) 809-827؛ إضافة إلى أبحاث بالفرنسية.

ذات صلة