في هذا السياق تأتي هذه الدعوة، للمثقفين والمفكرين والكُتّاب والنُشطاء، السوريين والعرب، لدراسة وتحليل كل ما يمكن اعتباره وقائعَ وأحداث وممارسات رئيسة تتعلق بالثورة، شهدتها سوريا على امتداد السنوات الماضية، فضلاً عن الهياكل التي تحرَّك السوريون من خلالها، والأفكار التي شكّلَت منطلق تلك الحركة، وأخيراً مواقف الجهات الإقليمية والدولية المختلفة التي لعبت دوراً مؤثراً في مسار الثورة ومآلاتها الراهنة.
مدخل:
تحاول هذه الورقة البحثيّة المصغرة فهم واقع المشهد في إدلب من جوانب عدة تتعلق بتوزيع وانتشار الفصائل المسلحة بشقيها المتشدد والمعتدل، واستعراض مواقف الأطراف الإقليمية والدولية ونقاط الالتقاء أو الافتراق وفق مصالح كل طرف.
انطلاقة الثورة السورية 2011
اندلعت الثورة الشعبية السورية السلميّة ضدّ النظام في شهر آذار/ مارس 2011 في خضم الربيع الذي شهدته بعض الدول العربية، وشهدت سورية تفاعلاً سياسياً غير مسبوق منذ وصول البعث إلى السلطة، وسيفرز هذا التفاعل عبر مراحله المتتالية خطابات ورؤى وإرهاصات متعددة، وتبدلات في المواقف السياسية وتطورات على الساحة العسكرية، وتدخلاً إقليمياً ودولياً غير مسبوق على الأراضي السورية.
يختتم الكاتب الأمريكي (Joe Woodward) صاحب كتاب "أمور صغيرة: عام في الكتابة" مقالة ماتعة حول أدب الحرب، بعبارة ذات دلالة بارزة حول دوافع الكتابة عن الحرب بقوله: "يستمر الكاتب في الكتابة عن الحرب لإيجاد نقطة لا يمكن التراجع عنها، والقراء يستمرون في القراءة عن الحرب للسبب نفسه، دون أن يكون مُستغرباً ألا يتم التوصل إلى هدف. ورغم ذلك يناضل الكاتب كي يخبرنا بالحكاية الحقيقية، وتشكيل آراء حقيقية حولها، وفهم شيء يصعب فهمه"[1].